الحمدُ لله الذي حبَّبَ إليَّ الإسلامَ والسُّنةَ والهُدى قال تعالى (وَلَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) وبغَّضَ إليَّ الضَّلالةَ والبدعَ والرَّدى، وكرَّهَ إليَّ الكُفرَ والفسوقَ والعصيانَ والهوى قال تعالى بعد الاية السابقة (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ۚ ) الحجرات
وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله الذي تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا
و ممن زاع عن هذه الطريق فرقة الأشاعرة التي عمّت عقائدها البلاد كلها و في هذه الرسالة أوْرد عقائد هذه الفرقة المارقة و بيَان مجانبتها للصراط المستقيم الذي عليه الرعيل الأول من المسلمين وبيان أن الأشاعرة جهمية والجهمية كفار غير مسلمين و ليسوا من أهل القبلة أنّ ما وقعوا فيه من مكفرات لم يختلف أحد من أهل السنة في تكفير فاعلها وقائلها ومن هذه المُخالفات
اعْتِقَادِهم أنّ القراَن عِبَارَةٌ على كلام الله أيْ كَلامٌ نَفْسِي
الأشاعرة وإن قالوا في الظاهر: إن القرآن كلام الله، فهم يقصدون بذلك الكلام النفسي الذي هو عبارة عن كلام الله تعالى، وهو ليس بحرف ولا صوت، وهذا القول الذي لا وجود له في الحقيقة، وهو عين كلام الجهمية النافين لكلام الله تعالى، وإنما الفرق أن الجهمية صرَّحوا بذلك، والأشاعرة أخفوا ذلك
قال الآمدي (أشعري ) (وَأما مَا قيل من أَن الْقُرْآن معْجزَة الرَّسُول فَيمْتَنع أَن يكون قَدِيما فتهويل لَا حَاصِل لَهُ فَإنَّا مجمعون على أَن الْقُرْآن الحقيقى لَيْسَ بمعجزة الرَّسُول وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَمر وَرَاءه وَهُوَ أَن ذَلِك الْقُرْآن الحقيقى مَاذَا هُوَ فَنحْن نقُول إِنَّه الْمَعْنى الْقَائِم بِالنَّفسِ والخصم يَقُول إِنَّه حُرُوف وأصوات أوجدها الله تَعَالَى وَعند وجودهَا انعدمت وَانْقَضَت وَأَن مَا أَتَى بِهِ الرَّسُول وَمَا نتلوه نَحن لَيْسَ هُوَ ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ مِثَال لَهُ على نَحْو قراءتنا لشعر المتنبى وامرئ الْقَيْس فَإِنَّهُ لَيْسَ مَا يجرى على ألسنتنا هُوَ كَلَام امْرِئ الْقَيْس وَإِنَّمَا هُوَ مثله فَمن الْوَجْه الَّذِي لزمنا القَوْل بمخالفة الْإِجْمَاع هُوَ أَيْضا لَازم لَهُم ) غاية المرام ص107
هنا يصرح بأن القرآن ليس معجزاً وهذه زندقة صرفة ، وهذا يبين لك أن من قال عنهم بأنهم يقولون ليس في المصحف قرآن لم يكذب
قال البيجوري القبوري الاشعري ( ومذهب أهل السنة - ويعني بهم الأشاعرة - أن القرآن بمعنى الكلام النفسي ليس بمخلوق، وأما القرآن بمعنى اللفظ الذي نقرؤه فهو مخلوق، لكن يمتنع أن يقال القرآن مخلوق ويراد به اللفظ الذي نقرؤه إلا في مقام التعليم لأنه ربما أوهم أن القرآن بمعنى كلامه تعالى مخلوق. أي الكلام النفسي ) شرح جوهرة التوحيد عند البيت : ونره القرآن أفي كلامه ... عن الحدوث وأحذر انتقامه
قال ابن الجوزي (لم يختلف الناس حتى جاء علي بن إسماعيل الاشعري فقال مرة بقول المعتزلة ثم عنّ له فادعى أن الكلام صفة قائمة بالنفس فأوجبت دعواه هذه أن ما عندنا مخلوق ) كتاب صيد الخاطر 1811 و 1833 وهو ما حكاه الشهرستاني عن الأشعري في الفصل في الملل والنحل 1/123
قال أبو عبد الله القحطاني (أَشَعَرْتُمُ يَا أَشْعَرِيَّةُ أَنَّنِي *** طُوفَانُ بَحْرٍ أَيُّمَا طُوفَانِ
أَنَ هَمُّكُمْ أَنَ غَمُّكُمْ أَنَ سُقْمُكُمْ *** أَنَ سُمُّكُمْ في السِّرِّ وَالإِعْلاَنِ
أَذْهَبْتُمُ نُورَ الْقُرَانِ وَحُسْنَهُ *** مِنْ كُلِّ قَلْبٍ وَالِهٍ لَهْفَانِ
فَوَحَقِّ جَبَّارٍ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى *** مِنْ غَيْرِ تَمْثِيلٍ كَقَوْلِ الْجَانِي ) نونيته
وهذا مخالف لمُعتقد أهل السنّة و الجماعة
معلوم أن القران و ألفاظنا به واحدة لا فرق بينهما
قال تعالى (هُو الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ) آل عمران
قال تعالى (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ) التوبة
قال اللالكائي (فَإِنَّ أَبَا إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيَّ حَدَّثَنِي قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ يَقُولُ : اللَّفْظِيَّةُ جَهْمِيَّةٌ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ : ( حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ) مِمَّنْ يَسْمَعُ ؟ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال تعالى (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) الكهف
قال الترمدي (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، أنبا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ وَيَقُولُ : أَلا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي ) السنن
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ ، فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ ، فَقُلْتُ : وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ، لَكِنِّي سَكَتُّ ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي ، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ، قَالَ : إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ) كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ
فقراءة العباد للقرآن لا تسمى ( كلام الناس ) حتى يقال أنها مخلوقة ، بل القرآن كلام الله وفعل العبد مخلوق
جاء في سؤالات أبي داود (ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ لَهُ اللَّفْظِيَّةُ إِنَّمَا يَدُورُونَ عَلَى كَلَامِ جَهْمٍ، يَزْعُمُونَ أَنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا جَاءَ بِشَيْءٍ مَخْلُوقٍ، يَعْنِي: لِأَنَّ مَخْلُوقٌ جَاءَ بِهِ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) 1753
تسمية من قال بهذا القول بأنّه جهمي
قال أبو حاتم الرازى ( من كلام جهم بن صفوان، وحسين الكرابيسي, وداود بن علي: أن لفظهم بالقرآن مخلوق، وأن القرآن المنزل على نبينا صلى الله عليه وسلم مما جاء به جبريل الأمين حكاية القرآن، فجهمهم أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل، وتابعه على تجهيمهم علماء الأمصار طرّاً أجمعون، لا خلاف بين أهل الأثر في ذلك ) رواه أبو القاسم التيمي في الحجة في بيان المحجة 2/ 192
قال ابن خزيمة ( و قالت المعتزلة : السور و الايات مخلوقة وهي قران مُعجِز
و قال الأشعري : القران الكريم كلام الله عز و جل و السوَّر و الايات ليست بكلام الله سبحانه و انّما هي عبارة عنه وهي مخلوقة
فوافقهم في القول بخلقها، وزاد عليهم بأنها ليست قرآنًا، ولا كلام الله سبحانه . فإن زعموا أنهم يُقرُّون بأنها قرآن: قيل لهم: إنما يُقرُّون بذلك على وجه المجاز، فإن من مذهبهم أن القرآن غير مخلوق، وأن الحروف مخلوقة، والسور حروف بالاتفاق، من أنكر ذلك لم يخاطب وإذا كانت حروفًا مخلوقة لم يجز أن يكون قرآنًا غير مخلوق )رسالته الى أهل زبيد ص 137
قال عبد الله ابن الامام أحمد (سَأَلْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ: التِّلَاوَةُ مَخْلُوقَةٌ وَأَلْفَاظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقَةٌ وَالْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ؟ وَمَا تَرَى فِي مُجَانَبَتِهِ؟ وَهَلْ يُسَمَّى مُبْتَدِعًا؟ فَقَالَ: هَذَا يُجَانَبُ وَهُوَ قَوْلُ الْمُبْتَدِعِ، وَهَذَا كَلَامُ الْجَهْمِيَّةِ لَيْسَ الْقُرْآنُ بِمَخْلُوقٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {هُو الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آل عمران: 7] فَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ
سَأَلْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ قُلْتُ: إِنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: هُمْ جَهْمِيَّةٌ وَهُمْ أَشَرُّ مِمَّنْ يَقِفُ , هَذَا قَوْلُ جَهْمٍ، وَعَظَّمَ الْأَمْرَ عِنْدَهُ فِي هَذَا، وَقَالَ: هَذَا كَلَامُ جَهْمٍ
سَمِعْتُ أَبِيَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ: مَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيُّ ) السنة
قال أبو إسماعيل الهروي ( و قالوا أولئك ( يعني الجهمية ) ليس له كلام، إنما خلق كلامًا
وهؤلاء يقولون: تكلم مرَّة، فهو متكلم به منذ تكلم، لم ينقطع الكلام، ولا يوجد كلامه في موضع ليس هو به .. ثم قالوا: ليس له صوت ولا حرف
فقالوا: هذا حكاية عبَّر بها عن القرآن، والله تكلم مرَّة، ولا يتكلم بعد ذلك، ثم قالوا غير مخلوق، ومن قال: مخلوق كافر. وهذا من فخوخهم يصطادون به قلوب عوام أهل السُّنة، وإنما اعتقادهم : (القرآن غير موجود)؛ لفظته الجهمية الذكور بمرَّة، والأشعرية الإناث بعشر مرات ) ذم الكلام و أهله ج 5 ص 136
تكفير اللفظية و من قال القران شيئين
قال أبو عبد الله بن بطة ( وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ صِنْفًا مِنَ الْجَهْمِيَّةِ اعْتَقَدُوا بِمَكْرِ قُلُوبِهِمْ ، وَخُبْثِ آرَائِهِمْ ، وَقَبِيحِ أَهْوَائِهِمْ أَنَّ القُرْآنَ مَخْلُوقٌ ، فَكَنُّوا عَنْ ذَلِكَ بِبِدْعَةٍ اخْتَرَعُوهَا تَمْوِيهًا وَبَهْرَجَةً عَلَى الْعَامَةِ ، لِيَخْفَى كُفْرُهُمْ ، وَيُسْتَغْمَضَ إِلْحَادُهُمْ عَلَى مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وَضَعُفَتْ نَحِيزَتُهُ ، فَقَالُوا : إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَقَالَهُ ، فَهُوَ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَهَذَا الَّذِي نَتْلُوهُ وَنَقْرَؤُهُ بِأَلْسِنَتِنَا ، وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا لَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ كَلامُ اللَّهِ ، هَذَا حِكَايَةٌ لِذَلِكَ ، فَمَا نَقْرَؤُهُ نَحْنُ حِكَايَةٌ لِذَلِكَ الْقُرْآنِ بِأَلْفَاظِنَا نَحْنُ ، وَأَلْفَاظُنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ ، فَدَقَّقُوا فِي كُفْرِهِمْ ، وَاحْتَالُوا لإِدْخَالِ الْكُفْرِ عَلَى الْعَامَةِ بِأَغْمَضِ مَسْلَكٍ ، وَأَدَقِّ مَذْهَبٍ ، وَأَخْفَى وَجْهٍ ، فَلَمْ يَخْفَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ عَلَى جَهَابِذَةِ الْعُلَمَاءِ وَالنُّقَّادِ الْعُقَلاءِ حَتَّى بَهْرَجُوا مَا دَلَسُوا ، وَكَشَفُوا الْقِنَاعَ عَنْ قَبِيحِ مَا سَتَرُوهُ ، فَظَهَرَ لِلْخَاصَةِ وَالْعَامَةِ كُفْرُهُمْ وَإِلْحَادُهُمْ ، وَكَانَ الَّذِي فَطِنَ لِذَلِكَ وَعَرِفَ مَوْضِعَ الْقَبِيحِ مِنْهُ الشَّيْخُ الصَّالِحُ ، وَالإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَاقِلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَكَانَ بَيَانُ كُفْرِهِمْ بَيِّنًا وَاضِحًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ كَذَّبُهُمُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ بِحَمْدِ اللَّهِ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ سورة التوبة آية 6 ، وَلَمْ يَقُلْ : حَتَّى يَسْمَعَ حِكَايَةَ كَلامِ اللَّهِ
وَقَالَ تَعَالَى : وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا سورة الأعراف آية 204 ، فَأَخْبَرَ أَنَّ السَّامِعَ إِنَّمَا يَسْمَعُ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَقُلْ إِلَى حِكَايَةِ الْقُرْآنِ
وَقَالَ تَعَالَى : وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا سورة الإسراء آية 45
وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ سورة الأحقاف آية 29
وَقَالَ تَعَالَى : قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا { 1 } يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ سورة الجن آية 1-22 ، وَلَمْ يَقُلْ : إِنَّا سَمِعْنَا حِكَايَةَ قُرْآنٍ عَجَبٍ
وَقَالَ تَعَالَى : فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ سورة المزمل آية 20
وَقَالَ تَعَالَى : وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْءَانِ وَحْدَهُ سورة الإسراء آية 46
وَقَالَ تَعَالَى : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ سورة الإسراء آية 82 ، وَلَمْ يَقُلْ : مِنْ حِكَايَةِ الْقُرْآنِ
وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، مَنْ تَدَبَّرَهُ عَرَفَهُ
وَجَاءَ فِي سُنَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلامُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ مَا يُوَافِقُ الْقُرْآنَ وَيُضَاهِيهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ قُرَيْشًا مَنَعَتْنِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلامَ رَبِّي " ،وَلَمْ يَقُلْ : حِكَايَةَ كَلامِ رَبِّي
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ " ، وَلَمْ يَقُلْ : مَنْ تَعَلَّمَ حِكَايَةَ الْقُرْآنِ
وَقَالَ : مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَلَّقَةِ ، إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ تَرَكَهَا ذَهَبَتْ
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةً أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ { 77 } فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ { 78 } لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ { 79 } تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الواقعة آية 777-80 ، فَنَهَى أَنْ يَمَسَّ الْمُصْحَفَ إِلا طَاهِرٌ ، لِأَنَّهُ كَلامُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَكُلُّ ذَلِكَ يُسَمِّيهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قُرْآنًا ، وَيُسَمِّيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرْآنًا وَلا يَقُولُ : حِكَايَةُ الْقُرْآنِ ، وَلا حِكَايَةُ كِتَابِ اللَّهِ ، وَلا حِكَايَةُ كَلامِ اللَّهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ ، فَلا تَخْلِطُوا بِهِ غَيْرَهُ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا : تَعَلَّمُوا كِتَابَ اللَّهِ وَاتْلُوهُ ، فَإِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، فَهَذَا وَنَحْوُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ ، وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَدُلُّ الْعُقَلاءَ عَلَى كَذِبِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ احْتَالُوا وَدَقَّقُوا فِي قَوْلِهِمْ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ
وَلَقَدْ جَاءَتِ الآثَارُ عَنِ الأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ ، وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ اللَّهُ هُدَاةً لِلْمُسْتَرْشِدِينَ ، وَأَنَسًا لِقُلُوبِ الْعُقَلاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ مِنْ إِعْظَامِ الْقُرْآنِ وَإِكْرَامِهِ مِمَّا فِيهِ دَلالَةٌ عَلَى أَنَّ مَا يَقْرَؤُهُ النَّاسُ وَيَتْلُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَاسْتَوْدَعَهُ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ ، وَالرَّقَّ الْمَنْشُورَ ، حَيْثُ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : بَلْ هُوَ قُرْءَانٌ مَجِيدٌ { 21 } فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ سورة البروج آية 21-22 ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ { 2 } فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ سورة الطور آية 2-3 ) الابانة الكبرى 5/317
قال محمد بن عبد الواحد المقدسي الضياء (أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ سُكَيْنَةَ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ ، أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِئَ ، أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ ، مِنْ لَفْظِهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَفِيرٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ شَيْئَيْنَ ، أَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ حِكَايَةٌ ، فَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ ، هَذَا الْقُرْآنُ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ ، عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا يُغَيَّرُ ، وَلَا يُبَدَّلُ ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ سورة الإسراء آية 88 ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْيَوْمَ ، ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، أَوْ صَلَّى وَقَرَأَ الْقُرْآنَ ، أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ ، لَمْ يَحْنِثْ ، لَا يُقَاسُ بِكَلَامِ اللَّهِ شَيْءٌ ، الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ ، مِنْهُ بَدَأَ ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ ، لَيْسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ ، مَخْلُوقٌ ، وَلَا صِفَاتُهُ ، وَلَا أَسْمَاؤُهُ ، وَلَا عِلْمُهُ ) اختصاص القرآن بعوده إلى الرحيم الرحمن
قال ابن قدامة (هذا القرآن الذي أجمع عليه المسلمون، وكفر به الكافرون، وزعمت المعتزلة أنه مخلوق، وأقرَّ الأشعري أنهم مخطِئون، ثم عاد فقال: هو مخلوق، وليس بقرآن فزاد عليهم ولا خِلاف بين المسلمين أجمعين أن من جحد آية أو كلمة مُتفقًا عليها، أو حرفًا مُتفقًا عليه أنه كافر .. والأشعري يجحده كله، ويقول: ليس شيء منه قرآنًا، وإنما هو كلام جبريل .. ومدار القوم على القول بخلق القرآن ووفاق المعتزلة؛ ولكن أحبوا أن لا يُعلمَ بهم فارتكبوا مكابرة العيان، وجحد الحقائق، ومخالفة الإجماع، ونبذ الكتاب والسُّنة وراء ظهورهم، والقول بشيء لم يقله قبلهم مسلمٌ ولا كافر ... وهذا حال هؤلاء القوم لا محالة، فهم زنادقة بغير شكٍّ، فإنه لا شكَّ في أنهم يُظهرون تعظيم المصاحف إيهامًا أن فيها القرآن، ويعتقدون في الباطن أنه ليس فيها إلَّا الورق والمداد، ويُظهرون تعظيم القرآن .. ويعتقدون أنه من تأليف جبريل وعبارته،ويُظهرون أن موسى سمع كلام الله من الله، ثم يقولون: ليس بصوت ) حكاية المناظرة في القرآن ص 32
قال ابن الحنبلي ( واعلم يا أخي – وفقنا الله وإياك - أن الأشاعرة يسلكون في إبطال القرآن مسلك الباطنية في الإلحاد والزندقة ) الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة ج 2 ص 684
قال عبد الوهاب ابن الحنبلي ( ثم ذكروا العبارة والحكاية ، ما جاء به شرع ولا نطق به سلف من الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين فكيف يحل لمسلم أن يقول مثل هذا ...فقد خالفت الأشاعرة ببدعتهم نص الكتاب وصريح السنة ، وأدلة المعقول وإجماع أهل الملل من اليهود والنصارى ، والزيادة على كفار قريش في تكذيب القرآن ) الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة ج 2 ص 480 و 481
قال حرب الكرماني (والقرآن كلام اللَّه ، تكلم به ، ليس بمخلوق ، ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو جهمي كافر ، ومن زعم أن القرآن كلام اللَّه ووقف ، ولم يقل : ليس بمخلوق ، فهو أخبث من قول الأول ، ومن زعم أن ألفاظنا به وتلاوتنا له مخلوقة والقرآن كلام اللَّه ، فهو جهمي ، ومن لم يكفر هؤلاء القوم كلهم فهو مثلهم ) كتاب السنة
و قال اللالكائي (سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة ) كتاب السنة 2/43
قال ابن منده ( و ليتق الله امرؤ وليعتبر بمن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته، وكيف خرج من الدنيا مهجورًا مذمومًا مطرودًا من المجالس والبلدان؛ لإعتقاده القبيح وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل:الكرابيسى، والشواط، وابن كُلًّاب، وابن الأشعرى وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه فى دين الله عز وجل ) ذم الكلام و أهله للهروي ج4 ص 424
فحتّى ابْنُ حَزْم الجهْمي نَقَلَ الاتِِّفَاق عَلى تَكْفِيرِ من يقول انّ القران شيئَيْن
قال ابن حزم الجهمي ( وَقَالَت أَيْضا هَذِه الطَّائِفَة المنتمية إِلَى الأشعرية أَن كَلَام الله تَعَالَى عز وَجل لم ينزل بِهِ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام على قلب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَإِنَّمَا نزل عَلَيْهِ بِشَيْء آخر هُوَ عبارَة عَن كَلَام الله تَعَالَى وَأَن الَّذِي نَقْرَأ فِي الْمَصَاحِف وَيكْتب فِيهَا لَيْسَ شَيْء مِنْهَا كَلَام الله وَأَن كَلَام الله تَعَالَى الَّذِي لم يكن ثمَّ كَانَ وَلَا يحل لأحد أَن يَقُول إِنَّمَا قُلْنَا إِن الله تَعَالَى لَا يزايل الْبَارِي وَلَا يقوم بِغَيْرِهِ وَلَا يحل فِي الْأَمَاكِن وَلَا ينْتَقل وَلَا هُوَ حُرُوف موصلة وَلَا بعضه خير من بعض وَلَا أفضل وَلَا أعظم من بعض وَقَالُوا لم يزل الله تَعَالَى قَائِلا لِجَهَنَّم {هَل امْتَلَأت} وقائلاً للْكفَّار {اخسؤوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون} وَلم يزل تَعَالَى قَائِلا لكل مَا أَرَادَ تكوينه كن
قَالَ أَبُو مُحَمَّد وَهَذَا كفر مُجَرّد بِلَا تَأْوِيل وَذَلِكَ أننا نسألهم عَن الْقُرْآن أهوَ كَلَام الله أم لَا فَإِن قَالَ لَيْسَ هُوَ كَلَام الله كفرُوا بِإِجْمَاع الْأمة وَإِن قَالُوا بل هُوَ كَلَام الله سألناهم عَن الْقُرْآن أهوَ الَّذِي يُتْلَى فِي الْمَسَاجِد وَيكْتب فِي الْمَصَاحِف ويحفظ فِي الصُّدُور أم لَا فَإِن قَالُوا لَا كفرُوا بِإِجْمَاع الْأمة وَإِن قَالُوا نعم تركُوا قَوْلهم الْفَاسِد وقروا أَن كَلَام الله تَعَالَى فِي الْمَصَاحِف ومسموع من الْقُرَّاء ومحفوظ فِي الصُّدُور كَمَا يَقُول جَمِيع أهل الْإِسْلَام ) كتابه الفصل في الملل والنحل
الأشَاعِـرة ينْفُون الحَرْفَ وَ الصَّوْتَ فِي كلام الله تَعَالى
قال الباقلاني (ولا يجوز أن يطلق على كلامه شيء من أمارات الحدث من حرف وصوت ) الانصاف
و قال البيهقي ( و الباري جل ثناؤه ليس بذي مخارج، وكلامه ليست بحرف ولا صوت ) الأسماء و الصفات ج 2 ص 28 و 29
و قال الجويني ( فان الكلام عند أهل الحق معنى قائم بالنفس ليس بحرف ولا صوت ) الارشاد ص 124
و قال القرطبي ( كلامه تعالى ليس بحرف ولا صوت كما هو مُبرهن عليه في موضعه ) المفهم في شرح مسلم ج6 صص181
و قال ابن حجر ( و اذا ثبت ذكر الصوت بهذه الأحاديث الصحيحة وجب الإيمان به، ثم إما التفويض، وإما التأويل ) فتح الباري ج 13 ص 458
و قال البيجوري في صفة كلام الله عز و جل (صفة أزلية قائمة بذاته تعالى ليس بحرف ولا صوت ) شرح الجوهرة
قال القرطبي (ولا خلاف بين أهل السنة ( يقصد الأشاعرة )، في أن موسى سمع كلام الله الذي لا يشبه كلام البشر الذي ليس بصوت ولا حرف، ولو سمعه بالحرف والصوت لما صحت خصوصية الفضيلة لموسى بذلك؛ إذ قد سمع كلامه تعالى بواسطة الحرف والصوت المشرك، كما قال تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}، واستيفاء الكلام على هذه المسألة سؤالاً وجواباً في علم الكلام ) المفهم ج1 ص 433
قال ابن عساكر (قالت المعتزلة: كلام الله مخلوق مخترع مبتدع وقالت الحشوية المجسمة: الحروف المقطعة والأجسام التي يكتب عليها والألوان التي يكتب بها وما بين الدفتين كلها قديمة أزلية، فسلك رضي الله عنه ( يقصد الاشعري ) طريقة بينهما فقال : القرآن كلام الله قديم غير مغير ولا مخلوق ولا حادث ولا مبتدع فأما الحروف المقطعة والأجسام والألوان والأصوات والمحدودات وكل ما في العالم من المكيفات مخلوق مبتدع مخترع )تبيين كذب المفترى
فهذا كلام أئمهم المتبوعين قد وافقوا فيه المعتزلة
قال السجري (قالت المعتزلة: لا يجوز أن توصف ذات الله بالكلام، ولا كلام إلَّا ما هو حرف وصوت
وقال الأشعري: يجب وصف ذاته سبحانه بالكلام، وليس ذلك بحرفٍ ولا صوت، فنفى ما نفته المعتزلة، وأثبت ما لا يُعقل، فهو مُظهرٌ خلافهم، موافق لهم في الأصل ) رسالته إلى أهل زبيد ص 137
و هذا مخالف لعقيدة أهل السنة و الجماعة
قال تعالى (وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ) طه
قال ابن تيمية (أَنَّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ تَكْلِيمِ مُوسَى وَسَمْعِ مُوسَى لِكَلَامِ اللَّهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَلَّمَهُ بِصَوْتِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ إلَّا الصَّوْتُ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ عَنْ مُوسَى: (فاستمع لما يوحى ) ) مجموع الفتاوى ج6 ص 531
قال تعالى (يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النمل
و قال تعالى (يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَٰذَا ۖ إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ) هود
قال ابن تيمية (وَالنِّدَاءُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ هُوَ صَوْتٌ رَفِيعٌ؛ لَا يُطْلَقُ النِّدَاءُ عَلَى مَا لَيْسَ بِصَوْتِ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا ) مجمو الفتاوى ج 6 ص 351
قال تعالى (وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى ، ثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ ، عَنْ أَبِي عِصْمَةَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قَالَ: مُشَافَهَةً ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
و قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ ، نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا سورة النساء آية 164 ، قَالَ : مُشَافَهَةً مِرَارًا ) السنة
قال الدارمي (قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الْيَمَانِ ، قُلْتُ : أُخْبِرُكُمْ شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ جُزْءُ بْنُ جَابِرٍ الْخَثْعَمِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ كَعْبَ الأَحْبَارِ ، يَقُولُ : لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى بِالأَلْسِنَةِ كُلِّهَا قَبْلَ لِسَانِهِ ، طَفِقَ مُوسَى يَقُولُ : أَيْ رَبِّ ، مَا أَفْقَهُ هَذَا ، حَتَّى كَلَّمَهُ آخِرَ الأَلْسِنَةِ بِلِسَانِهِ بِمِثْلِ صَوْتِهِ ، يَعْنِي بِمِثْلِ لِسَانِ مُوسَى ، وَبِمِثْلِ صَوْتِ مُوسَى ) الرد على الجهمية
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا ) بَاب تَحَاجَّ آدَمُ وَمُوسَى عِنْدَ اللَّهِ
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، عَنْ شُعْبَةَ . ح وحَدَّثَنَاه ابْنُ الْمُثَنَّى ، وَابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ عِنْدَ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ ، قَالَ : " فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام ، فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ ، أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ ، فَقَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ ، مُعَافَاتَهُ ، وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ ، أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ ، فَقَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ ، مُعَافَاتَهُ ، وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ ، ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ ، أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ ، فَقَالَ : أَسْأَلُ اللَّهَ ، مُعَافَاتَهُ ، وَمَغْفِرَتَهُ ، وَإِنَّ أُمَّتِي لَا تُطِيقُ ذَلِكَ ، ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ ، أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، فَأَيُّمَا حَرْفٍ قَرَءُوا عَلَيْهِ ، فَقَدْ أَصَابُوا ) كِتَاب صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا
و قال مسلم أيضا (حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ وَأَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنْفِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنْ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ ) باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة
و قال الترمدي (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى قَال سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ قَال سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ ) السنن
قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، نا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَا شَبَّهْتَ صَوْتَ رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ كَلَّمَكَ مِنْ هَذَا الْخَلْقِ؟ قَالَ: شَبَّهْتُ صَوْتَهُ بِصَوْتِ الرَّعْدِ حِينَ لَا يَتَرَجَّعُ
حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْوَحْي سَمِعَ صَوْتَهُ أَهْلُ السَّمَاءِ فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالَ سَكَنَ عَنْ قُلُوبِهِمْ نَادَى أَهْلُ السَّمَاءِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَقَّ قَالَ كَذَا وَكَذَا ) السنة
و قال البخاري (وإنَّ الله عزَّ وجلَّ ينادي بصوتٍ يسمعه من بَعُد كما يسمعه من قَرُب، فليس هذا لغير الله جل ذكره، وفي هذا (يعني: حديث عبد الله بن أنيس ذكره بعد كلامه هذا) دليل أنَّ صوت الله لا يشبه أصوات الخلق؛ لأنَّ صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب، وأنَّ الملائكة يصعقون من صوته؛ فإذا تنادى الملائكة؛ لم يصعقوا ) خلق أفعال العِباد ص 149
قال أبو بكر الخلال: (أخبرني علي بن عيسى أنَّ حنبلاً حدثهم؛ قال: قلت لأبي عبد الله: الله يكلم عبده يوم القيامة؟قال: نعم؛ فمن يقضـي بين الخلائق إلا الله عزَّ وجلَّ؟! يكلم عبده ويسأله، الله متكلم، لم يزل الله متكلماً؛ يأمر بما يشاء، ويحكــم بما يشاء، وليس له عدل ولا مثل، كيف شاء وأين شاء) المسائل و الرسائل المرويّة عن الامام أحمد 1/288
قال أبو عبد الله القحطاني في كلامه عن الأشاعرة
أزعمتُمُ أن القرانَ عِبارةٌ *** فهُما كما تحكُون قُرآنان )
وَحَدِيثُهُ الْقُرْآنُ وَهْوَ كَلاَمُهُ *** صَوْتٌ وَحَرْفٌ لَيْسَ يَفْتَرِقَانِ ) نونيته
و قد كفرهم أئمة السنة بقولهم هذا
قال عبد الله ابن الامام أحمد (سَأَلْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ قَوْمٍ، يَقُولُونَ: لَمَّا كَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى لَمْ يَتَكَلَّمْ بِصَوْتٍ فَقَالَ أَبِي: بَلَى إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ تَكَلَّمَ بِصَوْتٍ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ نَرْوِيهَا كَمَا جَاءَتْ
وَقَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سُمِعَ لَهُ صَوْتٌ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ قَالَ أَبِي: وَهَذَا الْجَهْمِيَّةُ تُنْكِرُهُ وَقَالَ أَبِي: هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ يُرِيدُونَ أَنْ يُمَوِّهُوا عَلَى النَّاسِ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَهُوَ كَافِرٌ، أَلَا إِنَّا نَرْوِي هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كَمَا جَاءَتْ
سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ، يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَغْضَبُ وَلَا يَرْضَى - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ - فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ عَلَى بِئْرٍ وَاقِفًا فَأَلْقُوهُ فِيهَا بِهَذَا أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ تَعَالَى ) السنة
قال البخاري (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: شَهِدْتُ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْقَسْرِيَّ بِوَاسِطَ فِي يَوْمِ أَضْحًى، وَقَالَ: ارْجِعُوا فَضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْكُمْ، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ، زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا، وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، تَعَالَى اللَّهُ عُلُوًّا كَبِيرًا عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَذبَحَهُ. ) خلق أفعال العِباد
قال الخلال (وأنبأنا أبو بكر المروزي : سمعت أبا عبد الله وقيل له : إن عبد الوهاب قد تكلم وقال : من زعم أن الله كلم موسى بلا صوت فهو جهمي عدو الله وعدو الإسلام ، فتبسم أبو عبد الله وقال ما أحسن ما قال ، عافاه الله) درء تعارض العقل والنقل ج 2 ص 39
قال الاجري ( من ادعى أنه مسلم ثم زعم ان الله لم يكلم موسى فقد كفر، يستتاب فإن تاب وإلَّا قتل ) الشريعة
قال ابن بطة العكبري ( فَمَنْ أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى كَلامًا بِصَوْتٍ تَسْمَعُهُ الأُذُنَانِ ، وَتَعِيهِ الْقُلُوبُ ، لا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا ، لا تُرْجُمَانَ وَلا رَسُولَ ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَجَحَدَ بِالْقُرْآنِ ، وَعَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ ، فَإِنْ تَابَ وَرَجَعَ عَنْ مَقَالَتِهِ ، وَإِلا ضَرَبَ عُنُقَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ الإِمَامُ وَصَحَّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذِهِ مَقَالَتُهُ ، فَفَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هِجْرَانُهُ وَقَطِيعَتُهُ ، فَلا يُكَلِّمُونَهُ ، وَلا يُعَامِلُونَهُ ، وَلا يَعُودُونَهُ إِذَا مَرِضَ ، وَلا يَشْهَدُونَهُ إِذَا مَاتَ ، وَلا يُصَلَّى خَلْفَهُ ، وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَعَادَ الصَّلاةَ ، وَلا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَلا يُزَوَّجُ ، وَإِنْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا أَنْ يَتُوبَ ) الابانة الكبر 6/31
قال البربهاري ( والإيمان بأن الله تبارك وتعالى هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه؛ لا من غيره؛ فمن قال غير هذا فقد كفر) شرح السنة 73
ِحَصْر الأشَاعـرة للايمَان فِي المَعْرِفَة و التَّصْدِيق
قال أبو الحسن الأشعري ( الإيمان التصديق بالله ) اللمع ص75
قال البغدادي: (فقال أبو الحسن الأشعري: إن الإيمان هو التصديق لله ولرسله صلى الله عليهم وسلم في أخبارهم، ولا يكون هذا التصديق إلا بمعرفته. والكفر عنده هو التكذيب، وإلى هذا القول ذهب ابن الراوندي والحسين بن الفضل البجلي ) أصول الدين للبغدادي ص247
قال الصاوي ( أشعري ) (لأن المختار عند أهل السنة أن الأعمال الصالحة شرط كمال للإيمان ) شرح الصاوي على الجوهرة ص 132
قال الجويني (والمرضي عندنا أن حقيقة الإيمان التصديق بالله تعالى , فالمؤمن بالله من صدقه, ثم التصديق على التحقيق كلام النفس , ولكن لايثبت إلا مع العلم ) الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد ص397
قال الباقلاني ( وأن يعلم أن الإيمان بالله عزَّ و وجل هو التصديق بالقلب ) الإنصاف صص33
قال ابن تيمية ( و القاضي أبو بكر الباقلاني نصر قول جهم في مسألة الايمان متابعة لأبي الحسن الاشعري و كذلك أكثر أًصحابه ) مجموع الفتاوى ج 7 ص 119
قال ابو بطين (مذهب الأشاعرة: أن الإيمان مجرد التصديق، ولا يدخلون فيه أعمال الجوارح. قالوا: وإن سميت الأعمال في الأحاديث إيمانا، فعلى المجاز لا الحقيقة. ومذهب أهل السنة والجماعة: أن الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. وقد كفر جماعة من العلماء من أخرج العمل عن الإيمان ) الدرر السنية في الاجوبة النجدية ج 1 ص 364
و هذا مُخالف لما يعتقده أهل الاسلام في الايمان فقد اتفق المسلمون أنّ الايمان اعتقاد بالقول و قول باللسان و عمل بالجوارج
الأدلة على أن الإيمان تصديق بالقلب
قوله تعالى (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) الحجرات
وقوله تعالى (كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ) المجادلة
وقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ) المائدة
من الأدلة على أن الإيمان إقرار باللسان
قوله تعالى (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا) البقرة
وقوله تعالى (وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ ) العنكبوت
من الأدلة على أن الإيمان عمل بالجوارح
قال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) البقرة أي صلاتكم و الصلاة أفعال كالركوع و القيّام
قال بن أبي حاتم ( حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شَرِيكٌ، وَحُدَيْجٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: مَاتَ قَوْمٌ كَانُوا يصلون نحو بيت المقدس فقالوا: فَكَيْفَ بِأَصْحَابِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَل وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ. قَالَ: صَلاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسَِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال أبو القاسم اللالكائي (أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : نَا مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ : ثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ : عَنِ الْبَرَاءِ فِي قَوْلِهِ : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) قَالَ : صَلَاتَكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ
أَخْبَرَنَا كُوهِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ - يَعْنِي أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَكَّارٍ الْقُرَشِيَّ - قَالَ : ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي زَكَرِيَّا ، يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ ، وَلَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال الامام مالك بن أنس ( وَ انّي لأُذكّر بِقَوْلِهِ تَعَالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) يَعْنِي صَلاتَكُم الى البَيْتِ المُقَدّسِ . مَا قَالَت المُرْجِئَةُ أنّ الصَّلاةَ لَيْسَت مِنَ الايمَانِ وَقَد سَمَّاهَا اللهُ الايمَانَ ) الجامع لابن عبد الحكم 165
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ ) باب من قال إن الإيمان هو العمل
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ ، بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ) باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان
قال ابن رجب الحنبلي (فأشار إلى أن خصال الإيمان منها قول باللسان، ومنها ما هو عمل بالجوارح ومنها ما هو قائم بالقلب، ولم يزد في شيء من هذه الروايات على هذه الخصال ) فتح البارى لابن رجب
قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ ، قَالَ : كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ ، فَقَالَ : إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَنِ الْوَفْدُ أَوْ مَنِ الْقَوْمُ ، قَالُوا : رَبِيعَةُ ، فَقَالَ : مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ أَوْ بِالْوَفْدِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَدَامَى ، قَالُوا : إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ ، وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ ، فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ ، أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ ، قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ . قَالَ شُعْبَةُ : رُبَّمَا قَالَ النَّقِيرِ ، وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرِ ، قَالَ : احْفَظُوهُ وَأَخْبِرُوهُ مَنْ وَرَاءَكُمْ ) باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم
قال الاجري (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمُرَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ : ' لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ' ، قَالَ : يَعْنِي الرَّجُلُ : لَيْسَ عَنِ الْبِرِّ سَأَلْتُكَ ، قَالَ أَبُو ذَرٍّ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلْهُ كَمَا سَأَلْتَنِي ؟ فَقَرَأَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَأْتُ عَلَيْكَ فَأَبَى أَنْ يَرْضَى كَمَا أَبَيْتَ أَنْ تَرْضَى ، فَقَالَ : ادْنُ مِنِّي ، فَدَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ : الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَعْمَلُ حَسَنَةً فَتَسُرُّهُ وَيَرْجُو ثَوَابِهَا ، وَإِنْ عَمِلَ سَيِّئَةً تَسُؤُهُ وَيَخَافُ عَاقِبَتَهَ ) الشريعة 257
قال اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة (أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : أنا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، قَالَ : نا أَبُو مُوسَى هَارُونُ بْنُ مَسْعُودٍ الدَّهَّانُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ : نا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُزَكُّوا أَنْفُسَهُمْ ، لَا يَجُوزُ عَمَلٌ إِلَّا بِإِيمَانٍ ، وَلَا إِيمَانٌ إِلَّا بِعَمَلٍ ، فَإِنْ قَالَ : مَنْ إِمَامُكَ فِي هَذَا ؟ فَقُلْ : سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ) بَابُ جُمَّاعِ الْكَلَامِ فِي الْإِيمَانِ
قال بن بطة (حَدَّثَنَا ابْنُ سُلَيْمَانَ ، وَابْنُ الصَّوَّافِ ، قَالا : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ : كَانَ الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ : لا يَسْتَقِيمُ قَوْلٌ إِلا بِعَمَلٍ ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ إِلا بِنِيَّةٍ ، وَلا يَسْتَقِيمُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ إِلا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ ) بَابُ مَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ
قال الشافعي رحمه الله (وَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ مِن بَعْدِهِم مِّمَّنْ أَدْرَكْنَاهُمْ : أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ، لَّا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِّنَ الثَّلَاثَةِ إِلَّا بِالْآخَرِ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي ج 5 ص 139
تسمية من حصر الايمان في القلب بأنّه جهميٌ
قال البخاري ( الرَّافِضَةُ شَرٌّ مِنِ الْقَدَرِيَّةِ، وَالْحَرورِيَّةُ شَرٌّ مِنهُمَا، وَالْجَهْمِيَّةُ شَرُّ هَذِهِ الأَصْنَافِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، وَيقولُونَ: لَمْ يُكَلِّمْ، وَيقولُونَ: الإِيمَانُ بِالْقَلْبِ) خلق أفعال العباد
قال السجزي ( ويقولون ( يعني الأشاعرة ) : الإِيمان: التصديق وعلى أصلهم أن من صدق بقلبه ولم ينطق بلسانه فهو مؤمن لأمرين
أحدهما: أن أصل الإيمان عندهم المعرفة كما قال جهم
والثاني: أن الكلام معنى في النفس فهو إذا صدق بقلبه فقد تكلم على أصلهم به ) الرد على من أنكر الحرف والصوت صص273
تكفير السلف لمن حصر الايمان في القلب
قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَرَّاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَأَلْتُ أَحْمَدَ ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُرْجِئَةُ ،فَقُلْتُ لَهْ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَقَالَ : الْمُرْجِئَةُ لا تَقُولُ هَذَا ، بَلِ الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ بِهَذَا ، الْمُرْجِئَةُ تَقُولُ : حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ ، وَتَعْمَلَ جَوَارِحُهُ ، وَالْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ : إِذَا عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ جَوَارِحُهُ ، وَهَذَا كُفْرُ إِبْلِيسَ ، قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ ، فَقَالَ : رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ، قُلْتُ : فَالْمُرْجِئَةُ لِمِ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ وَهَذَا قَوْلُهُمْ ؟ قَالَ : الْبَلاءُ ) السنة
قال ابن نصر المروزي ( قد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا ، وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط بعد شهادة الله على قلوب من سماهم كافرين بأنهم عارفون فضادوا خبر الله ، وسموا الجاحد بلسانه العارف بقلبه مؤمنا ، وأقرت المرجئة إلا هذه الفرقة أن الإقرار من الإيمان وليس هو منه عمل القلب ) تعظيم قدر الصلاة ج 2 ص 324
فحتى المرجئة القدماء كفروا من يقول بأن الايمان هو المعرفة فقط
قال أبو عبيد السلام ابن سلام (ثم حدثت فرقة ثالثة شذت عن الطائفتين جميعا ليست من أهل العلم ولا الدين، فقالوا: الإيمان معرفة بالقلوب بالله وحده وإن لم يكن هناك قول ولا عمل ... وزعمت هذه الفرقة أن الله رضى عنهم بالمعرفة ! ولو كان أمر الله ودينه على ما يقول هؤلاء ما عرف الإسلام من الجاهلية، ولا فرقت الملل بعضها من بعض، إذ كان يرضى منهم بالدعوى على قلوبهم، غير إظهار الإقرار بما جاءت به النبوة، والبراءة مما سواها، وخلع الأنداد والآلهة بالألسنة بعد القلوب، ولو كان هذا يكون مؤمنا ثم شهد رجل بلسانه أن الله ثاني اثنين كما يقول المجوس والزنادقة، أو ثالث ثلاثة كقول النصارى، وصلى للصليب، وعبد النيران بعد أن يكون قلبه على المعرفة بالله لكان يلزم قائل هذه المقالة أن يجعله مؤمنا مستكملا الإيمان كإيمان الملائكة والنبيين ! فهل يلفظ بهذا أحد يعرف الله أو مؤمن له بكتاب أو رسول ؟وهذا عندنا كفر لن يبلغه إبليس فمن دونه من الكفار قط) كتاب الايمان - باب من جعل الإيمان المعرفة بالقلب وإن لم يكن عمل
قال البخاري (قَالَ وَكِيعٌ: أحدروا هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةُ [هَؤُلَاءِ] الْجَهْمِيَّةُ، وَالْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، وَالْمَرِّيسِيُّ جَهْمِيٌّ، وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ كَفَرُوا، قَالُوا: يَكْفِيكَ الْمَعْرِفَةُ، وَهَذَا كُفْرٌ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا فِعْلٍ، وَهَذَا بِدْعَةٌ، فَمَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنزَلَ الله عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يُسْتَتَابُ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ) خلق أفعال العباد
قال ابن تيمية ( بَلْ قَدْ كَفَّرَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَوَكِيعٌ وَغَيْرُهُمَا مَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي نَصَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ. وَهُوَ عِنْدَهُمْ شَرٌّ مِنْ قَوْلِ الْمُرْجِئَ ) مجموع الفتاوى ج 7 ص 120
فحتّى ابْنُ حَزْم الجهْمي نَقَلَ الاتِِّفَاق عَلى تَكْفِيرِ صَاحِبُ هَذا القَوْلِ
قال ابن حزم الجهمي( لم يجز لأحد أَن يَقُول فِي الْكَافِر الْمُصدق بِقَلْبِه وَلسَانه بِأَن الله تَعَالَى حق والمصدق بِقَلْبِه أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أَنه مُؤمن وَلَا أَن فِيهِ إِيمَانًا أصلا إِلَّا حَتَّى يَأْتِي بِمَا نقل الله تَعَالَى إِلَيْهِ اسْم الْإِيمَان من التَّصْدِيق بِقَلْبِه وَلسَانه بِأَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَأَن كل مَا جَاءَ بِهِ حق وَأَنه بَرِيء من كل دين غير دينه ثمَّ يتمادى بِإِقْرَارِهِ على مَا لَا يتم إِيمَان إِلَّا بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَتَّى يَمُوت لَكنا نقُول أَن فِي الْكَافِر تَصْدِيقًا بِاللَّه تَعَالَى هُوَ بِهِ مُصدق بِاللَّه تَعَالَى وَلَيْسَ بذلك مُؤمنا وَلَا فِيهِ إِيمَان كَمَا أمرنَا الله تَعَالَى لَا كَمَا أَمر جهم والأشعري
قَالَ أَبُو مُحَمَّد فَبَطل هَذَا القَوْل الْمُتَّفق على تَكْفِير قَائِله وَقد نَص على تكفيرهم أَبُو عبيد الْقَاسِم فِي كِتَابه الْمَعْرُوف برسالة الْإِيمَان ) الفصل في الملل والنحل ج 3 صص115
الأشاعِـرة يَحصِرُونَ الكُفر في التَّكْذيب
قال الإيجي ( أشعري ) (المقصد الثالث: في الكفر: وهو خلاف الإيمان، فهو عندنا عدم تصديق الرسول في بعض ما علم مجيئه به ضرورة. فإن قيل: فشادُّ الزنار ولابس الغيار بالاختيار لا يكون كافرا؟ قلنا: جعلنا الشيء علامة للتكذيب، فحكمنا عليه بذلك ) المواقف ص 388
قال أبو بكر الباقلاني (باب القول في معنى الكفر: إن قال قائل: وما الكفر عندكم؟ قيل له: ضد الإيمان، وهو الجهل بالله عز وجل، والتكذيب به، الساتر لقلب الإنسان عن العلم به، فهو كالمغطي للقلب عن معرفة الحق... وقد يكون الكفر بمعنى التكذيب والجحد والإنكار، ومنه قولهم: كفرني حقي أي جحدني ) تمهيد الاوائل : ص 392-394
و هذا مخالف لما يعتقده أهل الاسلام من أن الكفر قد يكون بالقلب تكذيبا و بالقول و بالفعل و قد يكون بالترك
الادلة على أنّ الكفر قد يكون بالقلب
قال تعالى (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) الانعام
قال تعالى (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) محمد
قال تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) النمل
الادلة أنّ الكفر قد يكون بالقول
قال تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) التوبة
قال تعالى (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) الكهف
قال تعالى (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون
قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْني ابْنَ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) باب حفظ اللسان
قال ابو القاسم اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّاسَ مُنْذُ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا يَقُولُونَ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا الْبَتَّةَ . قُلْتُ : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ امْرَأَتَهُ مُسْلِمَةٌ ، وَمُسْلِمَةٌ لَا تَكُونُ تَحْتَ كَافِرٍ
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِيمَنْ ، يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : كَافِرٌ زِنْدِيقٌ , اقْتُلُوهُ . قَالَ : إِنَّمَا أَحْكِي كَلامًا سَمِعْتُهُ . قَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ ، إِنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
الادلة على أن الكفر قد يكون بالفعل
قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ) النساء
قال محمد بن مفلح المقدسي (نَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ (أي احمد بن حنبل ) أَمْرَ هَذَا الْكَافِرِ ( بَابَكَ ) لَعَنَهُ اللَّهُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ ، سَبْيُ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فَوَقَعُوا عَلَيْهِنَّ فَحَمَلْنَ ، فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ ، كَذَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا يُحَارِبُنَا وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ أَيُّ شَيْءٍ حُكْمُهُ ؟ إذَا كَانَ هَكَذَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الِارْتِدَادِ ) فروع الفقه الحنبلي ج 10 ص 185
قال تعالى (قُلْ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الانعام
فمن ذبح أو صلى لغير الله فهو مشرك
قال البربهاري (ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله عز و جل أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه و سلم أو يصلي لغير الله أو يذبح لغير الله وإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام ) شرح السنة 32
قال تعالى (لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) فصلت
قال بن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) الْآيَةَ ، يَعْنِي عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ ، أَوْحَى إِلَى أَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ فَقَالَ لَهُمْ : خَاصِمُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْمَيْتَةِ فَقُولُوا : أَمَّا مَا ذَبَحْتُمْ وَقَتَلْتُمْ فَتَأْكُلُونَ ، وَأَمَّا مَا قَتَلَ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُونَ ، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَتَّبِعُونَ أَمْرَ اللَّهِ ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ : ( وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) ، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُهُ كَانَ شِرْكٌ قَطُّ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : أَنْ يَدْعُوَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ، أَوْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، أَوْ يُسَمِّيَ الذَّبَائِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن
قال تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل
و معلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد القلب ، لأن ذلك لا يكره الرجل عليه، وهو قد استثنى من أُكره فعُلم أنه سبحانه أدار الكفر بالقول أو بالعمل
قال تعالى (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) النساء
قال بن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثِنَا حَمَّادٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِهِ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ قَالَ: هُوَ الْكَافِرُ، ثُمَّ قَرَأَ وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال الإمام إسحاق بن رهويه( وَمِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِهِ وَحَكَمُوا عَلَيْهِ كَمَا حَكَمُوا عَلَى الْجَاحِدِ فَالْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمِمَّا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا، وَيَقُولُ: قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَرَّمٌ فَهُوَ كَافِرٌ ) تعظيم قدر الصلاة للمروزي
و قد يكون بالترك
قال الاجري في الشريعة (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، قَالَ : السُّنَّةُ سُنَّتَانِ : سُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَرِيضَةٌ ، وَتَرْكُهَا كُفْرٌ وَسُنَّةٌ الأَخْذُ بِهَا فَضِيلَةٌ ، وَتَرْكُهَا إِلَى غَيْرِ حَرَجٍ) باب التحذير من طوائف تعارض سنن النبي عليه الصلاة والسلام بكتاب الله عز وجل
ومثله ترك الصلاة
قال تعالى ( فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ وَلَٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ) القيامة
فترك الصلاة كفر تولي
قال تعالى ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الروم
قال الإمام ابن بطة العكبري ( وإقام الصلاة هو العمل ، وهو الدين الذي أرسل به المرسلين ، وأمر به المؤمنين ، فما ظنكم رحمكم الله بمن يقول : إن الصلاة ليست من الإيمان والله عز وجل يقول : ( مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِين ) فجعـل الله من تــرك الصلاة مشركا خارجا من الإيمان ، لأن هذا الخطاب للمؤمنين تحذير لهم أن يتركوا الصلاة ، فيخرجوا من الإيمان ، ويكونوا كالمشركين . وقال عز وجل : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) فقال : من آمن بالله واليوم الآخر ، وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، فلم يفرق بين الإيمان وبين الصلاة والزكاة ، فمن لم يؤمن لم تنفعه الصلاة ، ومن لم يصل لم ينفعه الإيمان) الابانة 1258
قال الدارقطني في سننه (حَدَّثَنَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ ) باب التشديد في ترك الصلاة وكفر من تركها والنهي عن قتل فاعلها
قال المروزي ( عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: لا إِسْلامَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ قِيلَ لِشَرِيكٍ: عَلَى الْمِنْبَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ ) تعظيم قدر الصلاة
قال اللالكائي ( قال ابن المديني وتركُ الصلاة كُفرٌ، ليس شيءٌ من الأعمال تركهُ كُفرٌ إلا الصلاة، من تركها فهو كافر، وقد حلَّ قتلهُ ) السنة
الأشَاعِـرَة يَحْصِرُون التَّوْحِيد في الرّبوبيّة و القُدْرَة عَلى الخَلْق
قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (قال أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري: إذا كان الخالق على الحقيقة هو الباري تعالى لا يشاركه في الخلق غيره فأخص وصفه تعالى هو: القدرة على الاختراع. قال: وهذا هو تفسير اسمه تعالى الله ) الملل و النحل 1/93
قال ابن تيمية (ولكن أهل الكلام الذي ظنوا أن التوحيد هو مجرد توحيد الربوبية، فهو التصديق بأن الله وحده خالق الأشياء، اعتقدوا أن الإله بمعنى الآله: اسم فاعل، وأن الإلهية هي القدرة على الاختراع، كما يقول الأشعري وغيره، ممن يجعلون أخص وصف الإله القدرة على الاختراع ) درء تعارض العقل والنقل ج 9 ص 377
قال محمد ابن عبد الوهاب (والمتكلمون ممن يدعي الإسلام، لكن أضلهم الله عن معرفة الإله، فذكر عن الأشعري، ومن تبعه: أنه القادر، وأن الألوهية هي القدرة ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج 1 ص 110
ثم آل أمرهم الى أن جعلوا الشرك في الاقوال و الافعال غير مخرج من الملة ، فالعبادة لا تكون عبادة عندهم إلا مع اعتقاد الربوبية واعتقاد النفع والضر في المعبود ، فأنكروا أن يكون الدعاء والنذر والذبح من العبادة
قال محمد بن عبد المجيد الفاسي القبوري ( فالعبادة شرعا غاية التذلل والخضوع لمن يعتقد له الخاضع بعض صفات الربوبية كما ينبني عنه مواقع استعمالها في الشرع، فغاية الخضوع لا تكون عبادة بمجرّدها بل حتى تكون على وجه خاص وهو اعتقاد الخاضع ثبوت صفة من صفات الربوبية للمخضوع له ) الردّ على بعض المبتدعة من الطائفة الوهابية
وقال القضاعي الأشعري ( فإنّ كل ما يدلّ على التعظيم لا يكون من العبادة إلا إذا اقترن به اعتقاد الربوبية ... إنّ الدعاء بمعنى النداء إذا كان لمن لا يعتقده ربا فليس من العبادة في شيء ، وإن اعتقد ربوبيته واستقلاله بالنفع والضرّ أو شفاعته عند الله بغير إذن الله فهو عبادة لذلك المدعو) كتاب البراهين الساطعة
فالشرك عند الأشاعرة هو اعتقاد النفع والضر والتأثير في غير الله من الخلق، أو بمعنى أوضح ، الشرك هو اعتقاد الربوبية لغير الله ونسبتها للمخلوق ، وإليكم النقولات في ذلك
قال محمد علوي المالكي ( أشعري ) معرفا الشرك (واستحقاق العبادة لغير الله، وأما مجرد النداء من غير اعتقاد شيء من ذلك فلا ضرر فيه ) مفاهيم يجب ان تُصحّح ص 24-25--95
و قال أيضا (إنه لا يكفر المستغيث إلا إذا اعتقد الخلق والإيجاد لغير الله ) نفس المصدر
قال السمهودي الأشعري ( اعلم أن الاستغاثة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم وبجاهه وبركته من فعل الأنبياء وسائر السلف الصالح ) كتاب وفاء الوفاء بأخبار المصطفى
الرّد
كان كفار قريش مؤمنون بأن الله خالق الكون
قال الله عز وجل ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) العنكبوت
وقال جل وعلا ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) لقمان
وقال عز وجل ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) الزخرف
قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَلَئِنْ سَأَلْتَ يَا مُحَمَّدُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمِكَ : مَنْ خَلَقَهُمْ ؟ لَيَقُولُنَّ : اللَّهُ خَلَقَنَا . ( فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) فَأَيُّ وَجْهٍ يُصْرَفُونَ عَنْ عِبَادَةِ الَّذِي خَلَقَهُمْ ، وَيُحْرَمُونَ إِصَابَةَ الْحَقِّ فِي عِبَادَتِهِ ) جامع البيان في تأويل القرآن
و لكنّهم لما صرفوا أنواعا من العبادة لغير الله تعالى رغم أنّ نيّتهم التقرب الى الله
قال تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) الزمر
و طلب الشفاعة قال تعالى (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ) يونس
لم يقبل الله منهم ايمانهم بربوبيته بل وصفهم بالكافرين
قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) الكافرون
قال تعالى (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) الزمر
قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ) ابراهيم
قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ ، قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرٍو ، قَالَ : سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : هُمْ وَاللَّهِ أَهْلُ مَكَّةَ ( الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) ) جامع البيان في تأويل القرآن
قال البيهقي في دلائل النبوة (أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَحَقٌّ مَا تَقُولُ قُرَيْشٌ يَا مُحَمَّدُ مِنْ تَرْكِكَ آلِهَتَنَا ، وَتَسْفِيهِكَ عُقُولَنَا وَتَكْفِيرِكَ آبَاءَنَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَلَى ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَنَبِيُّهُ ، بَعَثَنِي لأُبَلِّغَ رِسَالَتَهُ وَأَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ بِالْحَقِّ ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَلْحَقُّ ، أَدْعُوكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَلا تَعْبُدْ غَيْرَهُ ، وَالْمُوَالاةَ عَلَى طَاعَتِهِ " ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَلَمْ يُقِرَّ وَلَمْ يُنْكِرْ ، فَأَسْلَمَ وَكَفَرَ بِالأَصْنَامِ ، وَخَلَعَ الأَنْدَادَ وَآمَنَ بِحَقِّ الإِسْلامِ ، وَرَجَعَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ مُصَدِّقٌ ) بَابُ : مَنْ تَفَقَّهَ وَأَسْلَمَ مِنَ الصَّحَابَةِ
و كان الرسل علهيم السلام يطالبون المشركين بعبادة الله وحده مُحتجّّين عليهم باعترافهم بأن الله ربُّ كل شيئ
قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة
قال تعالى (وَإِلَهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) البقرة
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، ثَنَا شِبْلٌ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهٌ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ: كَيْفَ يَتَّسِعُ النَّاسَ إِلَهٌ وَاحِدٌ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ إِلَى قَوْلِهِ: لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فَبِهَذَا تَعْلَمُونَ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ إِلَهُ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال ابن جرير الطبري (وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ ، أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ نَبَّهَ عِبَادَهُ عَلَى الدَّلَالَةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَتَفَرُّدِهِ بِالْأُلُوهِيَّةِ ، دُونَ كُلِّ مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ )جامع البيان في تأويل القرآن المعروف
قال تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) مريم
قال تعالى (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ) الفرقان
فثبت أن حدّ التوحيد عند الأشاعرة هو ما كان عليه سلفهم من المُشركين الأوائل
ّاِنكَار الأشَاعَـرِة للعُلُو
قال النووي (أشعري ) (قوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَيْنَ اللَّهُ ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ قَالَ : مَنْ أَنَا؟ قَالَتْ : أَنْت رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ) هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أحَادِيثِ الصِّفَاتِ ، وَفِيهَا مَذْهَبَانِ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمَا مَرَّاتٍ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ . أَحَدُهُمَا : الْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ خَوْضٍ فِي مَعْنَاهُ ، مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَتَنْزِيهِهِ عَنْ سِمَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ . وَالثَّانِي تَأْوِيلُهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ ، فَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ : كَانَ الْمُرَادُ امْتِحَانَهَا ، هَلْ هِيَ مُوَحِّدَةٌ تُقِرُّ بِأَنَّ الْخَالِقَ الْمُدَبِّرَ الْفَعَّالَ هُوَ اللَّهُ وَحْدَهُ ، وَهُوَ الَّذِي إِذَا دَعَاهُ الدَّاعِي اسْتَقْبَلَ السَّمَاءَ كَمَا إِذَا صَلَّى الْمُصَلِّي اسْتَقْبَلَ الْكَعْبَةَ ؟ وَلَيْسَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَصِرٌ فِي السَّمَاءِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ مُنْحَصِرًا فِي جِهَةِ الْكَعْبَةِ ، بَلْ ذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاءَ قِبْلَةُ الدَّاعِينَ ، كَمَا أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ الْمُصَلِّينَ ) شرحه لصحيح مسلم - بَاب تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ
و قال كذلك (ثُمَّ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْأَشِعَّةِ وَلَا مُقَابَلَةُ الْمَرْئِيِّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ ، لَكِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي رُؤْيَةِ بَعْضِنَا بَعْضًا بِوُجُودِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ ، وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ الْجَلِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِثْبَاتُ جِهَةٍ - تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ - بَلْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ لَا فِي جِهَةٍ كَمَا يَعْلَمُونَهُ لَا فِي جِهَةٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) شرحه لصحيح مسلم - بَاب فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَفِي قَوْلِهِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ
قال البيهقي ( ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ إِلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَعَلَ فِي الْعَرْشِ فِعْلًا سَمَّاهُ اسْتِوَاءً، كَمَا فَعَلَ فِي غَيْرِهِ فِعْلًا سَمَّاهُ رِزْقًا أَوْ نِعْمَةً أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَفْعَالِهِ. ثُمَّ لَمْ يُكَيِّفِ الِاسْتِوَاءَ إِلَّا أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَالتَّرَاخِي إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَفْعَالِ، وَأَفْعَالُ اللَّهِ تَعَالَى تُوجَدُ بِلَا مُبَاشَرَةٍ مِنْهُ إِيَّاهَا وَلَا حَرَكَةٍ ) الأسماء والصفات
وقال ابن حجر العسقلاني ( (استوى على العرش) هو من المتشابه الذي يفوض علمه إلي الله تعالى .. وليس العرش بموضع استقرار لله ) فتح الباري ج 1 ص 136
قال الباجي في تأويل قول الجارية "في السماء" ( لعلها تريد وصفه بالعلو، وبذلك يوصف كل شيء من شأنه العلو، فيقال: مكان فلان في السماء، بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه ) المنتقى شرح موطأ مال لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي 8/320
بل يكفرون من يخالفهم في هذا
قال الشيخ عبد الغنى النابلسي (من اعتقد أن الله ملأ السموات و الأرض أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر وإن زعم أنه مسلم ) كتاب الفتح الرباني ص 124
و لا يقبلون اسلام الكافر حتى يقول أنّ الله في كل مكان و ليس في السماء
قال ابن حجر العسسقلاني (وَلَوْ قَالَ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى التَّجْسِيمِ مِنَ الْيَهُودِ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا كَذَلِكَ ، إِلَّا إِنْ كَانَ عَامِّيًّا لَا يَفْقَهُ مَعْنَى التَّجْسِيمِ فَيُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْ ادْعُوا اللَّهَ أَوْ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى
قال ابن حجر العسقلاني في حديث : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ فَقَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ إِنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ فَلَا يَبْزُقَنَّ أَحَدُكُمْ قِبَلَ قِبْلَتِهِ وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمَيْهِ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَقَالَ أَوْ يَفْعَلُ هَكَذَا (وَفِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ بِذَاتِهِ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري
فهذا عقيدتهم التي هم مجمعون عليها
قال عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي ( وأجمعوا على أنه لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان ) الفَرق بين الفِرق ص 333
قال أبو المعالي الجويني عبد الملك ( مذهب أهل الحق قاطبة أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن الحيز والتخصص بالجهات ) الإرشاد ص 58
بل وصل بهم الأمر أن الصقوا هذه العقيدة الفاسدة بالسلف
قال شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي ( واعلم أن القَرافي وغيرَه حكوا عن الشافعي و مالك و أحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك ) كتاب المنهاج القويم شرح على المقدمة الحضرمية ص 224
بل ينسبون هذا للصحابة كما نقلو عن الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه ( من زعم ان الله فى شىء او على شىء او من شىء فقد اشرك )الرسالة القشيرية ص 6
قال عبد القاهر البغدادي الأشعري وهو ينفي العلو ( وَقد قَالَ امير الْمُؤمنِينَ على رَضِي الله عَنهُ ان الله تَعَالَى خلق الْعَرْش اظهارا لقدرته لَا مَكَانا لذاته وَقَالَ ايضا قد كَانَ وَلَا مَكَان وَهُوَ الْآن على مَا كَانَ ) كتابه الفرق بين الفرق صص321
قال ابو بطين (والأشعرية لا يثبتون علو الرب فوق سماواته واستواءه على عرشه ويسمون من أثبت صفة العلو والاستواء على العرش مجسما مشبها، وهذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة؛ فإنهم يثبتون صفة العلو، والاستواء، كما أخبر الله -سبحانه- بذلك عن نفسه، ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تكييف ولا تعطيل ) الدرر السنية في الاجوبة النجدية ج 1 ص 364
و ما هدفهم الاّ نشر أنه ليس في السماء احد قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ ، قَالا : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ : وَذُكِرَ ، هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةُ ، قَالَ : إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ
حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ دَلُّوَيْهِ، سَمِعْتُ يَحْيَىَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْوَاسِطِيَّ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبَّادَ بْنَ الْعَوَّامِ، يَقُولُ: كَلَّمْتُ بِشْرَ الْمَرِيسِيَّ وَأَصْحَابَ بِشْرٍ فَرَأَيْتُ آخِرَ كَلَامِهِمْ يَنْتَهِي أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ شَيْءٌ ) السنة
قولهم أن الله في كل مكان هو عين التعطيل
قال اللالكائي (قَالَ : وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ ، يَقُولُ : عَلَامَةُ جَهْمٍ وَأَصْحَابِهِ دَعْوَاهُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَمَاعَةِ ، وَمَا أُولِعُوا بِهِ مِنَ الْكَذِبِ ، إِنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ بَلْ هُمُ الْمُعَطِّلَةُ وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ : هُمُ الْمُشَبِّهَةُ لَاحْتَمَلَ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ بِكَمَالِهِ فِي أَسْفَلِ الْأَرَضِينَ وَأَعْلَى السَّمَاوَاتِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ وَلَزِمَهُمُ الْكُفْرُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
لا فرق بيْن قول الجهمية و قول الأشاعرة
قال الهروي (أولئك (الجهمية ) قالوا قبح الله مقالتهم إن الله موجود بكل مكان
وهؤلاء (الأشاعرة) يقولون ليس هو في مكان ولا يوصف بأين وقد قال المبلغ عن الله لجارية معاوية بن الحكم أين الله وقالوا هو من فوق كما هو من تحت لا يدري أين هو ولا يوصف بمكان وليس هو في السماء وليس هو في الأرض وأنكروا أي الجهة والحد ) ذم الكلام و أهله ج55 ص 135
فقول الأشاعرة هو نفس كلام الجهم ابن صفوان
قال اللالكائي (قَالَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ : ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ السَّرَخْسِيَّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْبَلْخِيَّ ، يَعْنِي خَلَفَ بْنَ سُلَيْمَانَ ، بِفَرْغَانَةَ قَالَ : كَانَ جَهْمٌ عَلَى مَعْبَرِ تِرْمِذَ ، وَكَانَ رَجُلًا كُوفِيَّ الْأَصْلِ ، فَصِيحَ اللِّسَانِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ ، وَلَا مُجَالَسَةٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ ، كَانَ تَكَلَّمَ كَلَامَ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَكَلَّمَهُ السُّمَنِيَّةُ فَقَالُوا لَهُ : صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ ، فَدَخَلَ الْبَيْتَ لَا يَخْرُجُ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَيَّامٍ
فَقَالَ : هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ
قَالَ أَبُو مُعَاذٍ : كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ عَلَى عَرْشِهِ وَكَمَا وَصَفَ نَفْسَه ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قول الأشاعرة خلاف ما يعتقده أهل السنة من أن الله في السماء على عرشه و علمه في كل مكان
قال حرب الكرماني (وخلق سبع سماوات بعضها فوق بعض ، وسبع أرضين بعضها أسفل من بعض ، بين الأرض العليا والسماء الدنيا مسيرة خمس مائة عام ، وبين كل سماء إلى سماء مسيرة خمس مائة عام ، والماء فوق السماء العليا السابعة ، وعرش الرحمن عَزَّ وَجَلَّ فوق الماء . والله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى العرش ، والكرسي موضع قدمه ، وهو يعلم ما فِي السماوات والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى ، وما فِي قعر البحار ومنبت كل شعرة وشجرة ، وكل زرع وكل نبات ، ومسقط كل ورقة ، وعدد كل كلمة ، وعدد الحصى والرمل والتراب ، ومثاقيل الجبال ، وأعمال العباد وآثارهم وكلامهم وأنفاسهم ، ويعلم كل شيء ، لا يخفى عليه من ذلك شيء ، وهو عَلَى العرش فوق السماء السابعة ، ودونه حجب من نور ونار وظلمة ، وما هو أعلم به فإن احتج مبتدع ومخالف بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ سورة ق آية 16 وبقوله : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ سورة الحديد آية 4 وبقوله : مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ سورة المجادلة آية 7 إلى قوله هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا سورة المجادلة آية 7 ونحو هذا من متشابه القرآن . فقيل : إنما يعني بذلك العلم ، لأن اللَّه تعالى عَلَى العرش فوق السماء السابعة العليا ، ويعلم ذلك كله ، وهو بائن من خلقه ، لا يخلو من علمه مكان ) كتاب السنة
الدليل على علوِّ الله تعالى
قال تعالى (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ) البقرة
قال تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) الأعلى
قال تعالى (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل
قال تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ال عمران
قال تعالى (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة
يَعْرُجُ لغة أي يصعد قال ابن منظور (فِي التَّنْزِيلِ : تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ، أَيْ : تَصْعَدُ ) لسان العرب
قال تعالى (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) فاطر
الدليل أن الله في السماء على عرشه
قال تعالى (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ) الملك
قال ابن جرير الطبري (( أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ) وَهُوَ اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القرآن
قال البخاري (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ يَشْكُو فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ قَالَ أَنَسٌ لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا لَكَتَمَ هَذِهِ قَالَ فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ ) باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم
قال مسلم (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا قَالَ فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَزَيْدِ الْخَيْلِ وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً... ) باب ذكر الخوارج وصفاتهم
قال مسلم (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهَا فَتَأْبَى عَلَيْهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ سَاخِطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنْهَا ) باب تحريم امتناعها من فراش زوجها
قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، قَالَ : نا حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يُحَدِّثُ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : إِنِّي لَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جُهِدَتِ الأَنْعَامُ ، وَجَاعَ الْعِيَالُ ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ ، وَهَلَكَتِ الأَنْعَامُ ، فَاسْتَسْقِ لَنَا ، فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ " ؟ وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ ، وَقَالَ : وَيْحَكَ إِنَّهُ لا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ ، وَيْحَكَ إِنَّهُ لَفَوْقَ سَمَاوَاتِهِ ، وَهُوَ عَلَى عَرْشِهِ ، وَإِنَّهُ لَهَكَذَا مِثْلُ الْقُبَّةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ ، وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ أَطِيطَ الرَّحْلِ بِالرَّاكِبِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْدَلِيُّ قَالَ : نا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ ، قال : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ :اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ ) الشريعة
قال ابو سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ ، قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِدٌ ، وَأَنَا فِي الأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ ) الرد على الجهمية
و هو سبحانه على عرشه
قال تعالى (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ) الاعراف
قال تعالى (الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ ) طه
قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ) الرعد
قال البخاري (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ) باب ما جاء في قول الله تعالى وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه
و الاستواء هو الجلوس و الاستقرار في العلو و و الارتفاع هذا معلوم عند العرب
قال تعالى (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَىٰ ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) الزخرف
قال تعالى (فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) المؤمنون
قال ابن خزيمة ({الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَخَبَّرَنَا: أَنَّ رُكْبَانَ الدَّوَابِّ يَسْتَوُونَ عَلَى ظُهُورِهَا، وَقَالَ فِي ذِكْرِ سَفِينَةِ نُوحٍ: {وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود: 444] ، أَفَيَلْزَمُ - ذَوِي الْحِجَا - عِنْدَ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ أَنَّ مَنْ ثَبَّتَ لِلَّهِ مَا يُثَبِّتُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الآية أَنْ يَكُونَ مُشَبِّهًا خَالِقَهُ بِخَلْقِهِ، حَاشَا اللَّهَ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَشْبِيهًا كَمَا ادَّعَوْا لِجَهْلِهِمْ بِالْعِلْمِ ) كتاب التوحيد ص 61
قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ، يَقُولُ: " الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلَا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ. ثُمَّ تَلَا: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَهَلْ يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ إِلَّا بِجُلُوسٍ؟ ) كتاب السنة
قال البخاري في صحيحه (بَاب وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ارْتَفَعَ فَسَوَّاهُنَّ خَلَقَهُنَّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ اسْتَوَى عَلَا عَلَى الْعَرْشِ ) كتاب التوحيد - باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم
قال اللالكائي (وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، ثَنَا ابْنُ شِيرَوَيْهِ ، ثَنَا إِسْحَاقُ ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ يَقُولُونَ : ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) قَالَ : عَلَى الْعَرْشِ ( اسْتَوَى : ارْتَفَعَ ) ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ( وهو الذي ورد عن الصحابة، والتابعين من المفسرين وغيرهم، في معنى قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ إن معنى استوى: استقر، وارتفع، وعلا، وكلها بمعنى واحد؛ لا ينكر هذا إلا جهمي زنديق، يحكم على الله وعلى أسمائه وصفاته بالتعطيل، قاتلهم الله أنى يؤفكون ) الدرر السنية و في الاجوبة النجدية ج 3 ص 215
ولا يلزم من هذا تشبيه الله بخلقه
قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى
قال تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) الاخلاص
قَالَ أبو القاسمِ اللالكائيُّ ( وجدتُ بخطِّ الدارقطنيِّ عنْ إسحاقَ الكاذي قَالَ: سمعتُ أبا العبَّاسِ ثعلبَ يقولُ: استوى: أقبلَ عَلَيهِ وإنْ لَمْ يكن معوَّجًا. {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: 29] أقبلَ. و{اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] عَلاَ. واستوى وجهه: اتَّصلَ. واستوى القمرُ: امتلأَ. واستوى زيدٌ وعمرو: تشابها فِي فعلهما وإنْ لَمْ تتشابه شخوصهما. هَذَا الَّذِي نعرفُ منْ كلامِ العرب ) كتابِ السنَّةِ
بل كان كفّار قريش يؤمنون بأن الله على عرشه
قال تعالى (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ ) المؤمنون
بل كل أهل الاديان يثبتون أن الله في السماء على عرشه غير هؤلاء الجهمية و من تبعهم من الأشاعرة
قال البخاري (قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ : الْجَهْمِيَّةُ أَشَرُّ قَوْلا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، وَأَهْلُ الأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ ، وَقَالُوا هُمْ : لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ ) خلق أفعال العباد
بل حتى الحيوَان يعلم أن الله في السماء
قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ زَيْدٍ الْعَمِّيِّ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ قَالَ : خَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَسْتَسْقِي بِالنَّاسِ فَمَرَّ عَلَى نَمْلَةٍ مُسْتَلْقِيَةٍ عَلَى قَفَاهَا رَافِعَةٍ قَوَائِمَهَا إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ تَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ رِزْقِكَ فَإِمَّا أَنْ تَسْقِيَنَا أَوْ تُهْلِكَنَا قَالَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنَّاسِ ارْجِعُوا فَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ ) المسند
الدليل على أن علم الله وسع السماوات و الأرض
قال تعالى (قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) الانبياء
قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا الساعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْعَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) سبأ
قال تعالى (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) الطلاق
قال اللالكائي (رَوَى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْبَغْدَادِيُّ ، أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَقُدْرَتُهُ وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ ؟ . قَالَ : نَعَمْ ، عَلَى الْعَرْشِ وَعِلْمُهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ ، قَالَ : ثَنَا نُوحُ بْنُ ( مَيْمُونٍ ) ، قَالَ : ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ) قَالَ : هُوَ عَلَى الْعَرْشِ وَلَنْ يَخْلُوَ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِهِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال ابن القيّم (وَهَذَا كِتَابُ اللَّهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَامَّةُ كَلَامِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكَلَامُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ مَمْلُوءٌ بِمَا هُوَ نَصٌّ أَوْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ ) اجتماع الجيوش الإسلامية ج 1 ص 97
و كان السلف جميعهم يثبتون علو الله على خلقه و أنه على عرشه
قال البخاري (وَقَالَ ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ صَدَقَةَ ، سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ ، يَقُولُ : " لَوْ سُئِلْتُ أَيْنَ اللَّهُ ؟ لَقُلْتُ فِي السَّمَاءِ ، فَإِنْ قَالَ فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ السَّمَاءِ ؟ لَقُلْتُ : عَلَى الْمَاءِ ، فَإِنْ قَالَ : فَأَيْنَ كَانَ عَرْشُهُ قَبْلَ الْمَاءِ ؟ لَقُلْتُ : لا أَعْلَمُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ سورة البقرة آية 255 يَعْنِي إِلا بِمَا بَيَّنَ) خلق أفعال العباد
قال اللالكائي (اعْتِقَادُ أَبِي زُرْعَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، وَأَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ الْمُنْذِرِ الرَّازِيَّيْنِ ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِمَّنْ نَقَلَ عَنْهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْمُقْرِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبَشٍ الْمُقْرِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ ، وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ ؟
فَقَالَا : أَدْرَكْنَا الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ حِجَازًا وَعِرَاقًا وَشَامًا وَيَمَنًا فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمُ : وَأَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا كَيْفٍ ، أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ، ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قَالَ ابْنُ بَطَّةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ ( بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - عَلَى عَرْشِهِ ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِخَلْقِهِ ، أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِه ) الابانة الكبرى
بل كان السلف يجعلون نفي العلو من الغلو في التجهم
قال البخاري (حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ مُوسَى الأَشْيَبَ، وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ فَنَالَ مِنْهُمْ، ثُمَّ قَالَ: أُدْخِلَ رَأْسٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الزَّنَادِقَةِ يُقَالُ لَهُ شَمْعَلَةُ عَلَى الْمَهْدِيِّ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى أَصْحَابِكَ، فَقَالَ: أَصْحَابِي أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: صِنْفَانِ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الْقِبْلَةَ، الْجَهْمِيَّة وَالْقَدَرِيَّةُ؛ الْجَهْمِيُّ إِذَا غَلَا قَالَ: لَيْسَ ثَمَّ شَيْءٌ، وَأَشَارَ الأَشْيَبُ إِلَى السَّمَاءِ، وَالْقَدَرِيُّ إِذَا غَلَا قَالَ: هُمَا اثْنَانِ خَالِقُ شَرٍّ وَخَالِقُ خَيْرٍ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَصَلَبَهُ
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَا نَقُولُ كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ إِنَّهُ فِي الأَرْضِ هَهُنَا، بَلْ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
قَالَ سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ: الْجَهْمِيَّةُ شَرّ قَوْلًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَدِ اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَأَهْلُ الأَدْيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ، وَقَالُوا هُمْ: لَيْسَ عَلَى الْعَرْشِ شَيْءٌ ) خلق أفعال العباد
قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا شَاذُّ بْنُ يَحْيَى ، سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، وَقِيلَ لَهُ : مَنِ الْجَهْمِيَّةُ ؟ فَقَالَ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّحْمَنَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى عَلَى خِلافِ مَا يَقِرُّ فِي قُلُوبِ الْعَامَّةِ فَهُوَ جَهْمِيُّ ) السنة
تكفير السلف لمن خالف
قال البخاري (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ عَلَى عَرْشِهِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ زَعَمَ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمَ مُوسَى فَهُوَ كَافِرٌ ) خلق أفعال العبادِ
قال ابو بكر الخلال ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ، يَقُولُ: " الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، وَلَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ، وَلَا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ. ثُمَّ تَلَا: {طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2] إِلَى قَوْلِهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، وَهَلْ يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ إِلَّا بِجُلُوسٍ؟ ) كتاب السنة
قال ابن بطة العكبريّ شيخ ( أجمع المسلمون من الصّحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أنّ الله - تبارك وتعالى - على عرشه فوق سمواته بائن من خلقه وعلمه محيط بجميع خلقه ، ولا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلوليّة وهم قوم زاغت قلوبهم واستهوتهم الشياطين فمرقوا من الدّين وقالوا : إنّ الله ذاته لا يخلو منه مكان) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية 3/136
قال عثمان بن سعيد الدارمي (ناظرني رجل ببغداد منافحا عن هؤلاء الجهمية , فقال لي : بأية حجة تكفرون هؤلاء الجهمية , وقد نهي عن إكفار أهل القبلة ؟ بكتاب ناطق تكفرونهم , أم بأثر أم بإجماع ؟ فقلت : ما الجهمية عندنا من أهل القبلة , وما نكفرهم إلا بكتاب مسطور وأثر مأثور , وكفر مشهور وَنُكَفِّرُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ لا يَدْرُونَ أَيْنَ اللَّهُ ، وَلا يَصِفُونَهُ بِأَيْنَ ، وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَيْنَ ، فَقَالَ : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى سورة طه آية 5 ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ سورة الأنعام آية 188 ، وَ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا سورة آل عمران آية 55 ، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ سورة النحل آية 50 ، أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ سورة الملك آية 16 ، وَنَحْوُ هَذَا ، فَهَذَا كُلُّهُ وَصْفٌ بِأَيْنَ . وَوَصَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيْنَ ، فَقَالَ لِلأَمَةِ السَّوْدَاءِ : أَيْنَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ " ، وَالْجَهْمِيَّةُ تَكْفُرُ بِهِ ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ وَاضِحِ كُفْرِهِمْ ، وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ يَنْطِقُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ، أَوْ بَعْضُهُمْ ، وَلَكِنْ يُكَابِرُونَ وَيُغَالِطُونَ الضُّعَفَاءَ ) بَابُ الاحْتِجَاجِ فِي إِكْفَارِ الْجَهْمِيَّةِ
قال أبو نصر السجزي (وَأَئِمَّتُنَا - كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عيينة وَحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، وفضيل بْنِ عِيَاضٍ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ راهويه - مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِذَاتِهِ فَوْقَ الْعَرْشِ وَأَنَّ عِلْمَهُ بِكُلِّ مَكَانٍ وَأَنَّهُ يُرَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْأَبْصَارِ فَوْقَ الْعَرْشِ وَأَنَّهُ يَنْزِلُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَأَنَّهُ يَغْضَبُ وَيَرْضَى وَيَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ فَمَنْ خَالَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْهُمْ بَرِيءٌ وَهُمْ مِنْهُ بَرَاءٌ )من مجموع فتاوى ابن تيمية ج 3 ص 2622 - كتاب مجمل اعتقاد السلف .
وقال ابن خزيمة : ( من لم يقل إن الله في السماء على العرش استوى فهو كافر بربه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقيت جيفته على مزبلة .. ) ذم الكلام 534, معرفة علوم الحديث 125
نفْي الأشَاعِـرة للمَكَان لله عز وجل
قال الرازي (وَالْمُشَبِّهَةُ يَتَمَسَّكُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي إِثْبَاتِ المكان لله تعالى وأنه في المساء، وَقَدْ دَلَّلْنَا فِي الْمَوَاضِعِ الْكَثِيرَةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ عَلَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ تَعَالَى فِي الْمَكَانِ فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ/ عَلَى التَّأْوِيلِ ) التفسير الكبير او مفاتيح الغيب
قال البيهقي (استدل بعض أصحابنا (الأشاعرة ) في نفي المكان عنه تعالى بقول النبي صلى الله عليه وسلم :"أنت الظاهر فليس فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء" وإذا لم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان ) الأسماء و الصفات
أما أهل السنة فقد أثبتوا المكان لله عز و جل
قال ابو داود (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمَسْعُودِيُّ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، فَقَالَ لَهَا : أَيْنَ اللَّهُ ؟ ، فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ بِأُصْبُعِهَا ، فَقَالَ لَهَا : فَمَنْ أَنَا ؟ ، فَأَشَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى السَّمَاءِ ، يَعْنِي أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَقَالَ : أَعْتِقْهَا ، فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ ) السنن
قال الدارمي ( وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أين الله ؟ » تكذيب لقول من يقول : هو في كل مكان ، لا يوصف ب « أين » ، لأن شيئا لا يخلو منه مكان يستحيل أن يقال : « أين هو ؟ » ، ولا يقال : « أين » إلا لمن هو في مكان يخلو منه مكان ) الرد على الجهمية صص25
روى البيهقي (حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ دَرَّاجٍ ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الشَّيْطَانَ ، قَالَ : وَعِزَّتِكَ لا أَبْرَحُ أُغْوِي عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ . قَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَارْتَفَاعِ مَكَانِي لا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي ) و كذلك في مسند الامام أحمد
قال الصابوني (عن أبي مسلم الأغر قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يمهل حتى إذا كان ثلث الليل هبط إلى هذه السماء، ثم أمر بأبواب السماء ففتحت، فقال: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من مضطر أكشف عنه ضره؟ هل من مستغيث أغيثه؟ فلا يزال ذلك مكانه حتى يطلع الفجر في كل ليلة من الدنيا ) شرح عقيدة السلف
قال الامام احمد في مسنده و كذلك البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " يُحْشَرُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيَهْتَمُّونَ لِذَلِكَ ، فَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا عَلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا ، فَيَأْتُونَ آدَمَ ، فَيَقُولُونَ : أَنْتَ أَبُونَا ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ : أَكْلَهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا ، وَلَكِنْ ائْتُوا نُوحًا أَوَّلَ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، قَالَ : فَيَأْتُونَ نُوحًا ، فَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ : سُؤَالَهُ اللَّهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، وَلَكِنْ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ ، فَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ : ثَلَاثَ كَذِبَاتٍ كَذَبَهُنَّ : قَوْلَهُ : إِنِّي سَقِيمٌ سورة الصافات آية 89 ، وَقَوْلَهُ : بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا سورة الأنبياء آية 63 ، وَأَتَى عَلَى جَبَّارٍ مُتْرَفٍ ، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ ، فَقَالَ : أَخْبِرِيهِ أَنِّي أَخُوكِ ، فَإِنِّي مُخْبِرُهُ أَنَّكِ أُخْتِي ، وَلَكِنْ ائْتُوا مُوسَى ، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ تَكْلِيمًا ، وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ ، وقَالَ : فَيَأْتُونَ مُوسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ : قَتْلَهُ الرَّجُلَ ، وَلَكِنْ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ ، وَكَلِمَةَ اللَّهِ وَرُوحَهُ ، فَيَأْتُونَ عِيسَى ، فَيَقُولُ : لَسْتُ هُنَاكُمْ ، وَلَكِنْ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَا تَأَخَّرَ . قَالَ : فَيَأْتُونِي ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فِي دَارِهِ ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ، ثُمَّ يَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ مُحَمَّدُ ، وَقُلْ تُسْمَعْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، وَسَلْ تُعْطَ . فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ، ثُمَّ أَشْفَعُ ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُهُمْ فَأُدْخِلُهُمْ في الْجَنَّةَ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ، ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّانِيَةَ ، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ، ثُمَّ يَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ مُحَمَّدُ ، وَقُلْ تُسْمَعْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، وَسَلْ تُعْطَ ، قَالَ : فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ، ثُمَّ أَشْفَعُ ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُهُمْ ، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ، قَالَ هَمَّامٌ : وَأَيْضًا سَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ . قَالَ : ثُمَّ أَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي الثَّالِثَةَ ، فَإِذَا رَأَيْتُهُ وَقَعْتُ سَاجِدًا ، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي ، ثُمَّ يَقُولُ : ارْفَعْ مُحَمَّدُ ، وَقُلْ تُسْمَعْ ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ ، وَسَلْ تُعْطَ . فَأَرْفَعُ رَأْسِي ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِثَنَاءٍ وَتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ ، ثُمَّ أَشْفَعُ ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا ، فَأُخْرِجُ ، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ، قَالَ هَمَّامٌ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ ، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ ، فَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ " ، أَيْ : وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُلُودُ ، ثُمَّ تَلَا قَتَادَةُ : عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا سورة الإسراء آية 79 ، قَالَ : هُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
الصحابة رضي الله عنهم
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلَّاهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جِبْرِيلُ قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مَعِيَ مُحَمَّدٌ قَالَ وَقَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ لَا يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الْأُولَى مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظْ اسْمَهُ وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلَامِ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَى رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ ثُمَّ عَلَا بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ فَعَلَا بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لَا تَسْتَطِيعُ هَذَا فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلَا يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّارُ يَا مُحَمَّدُ قَالَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ قَالَ إِنَّهُ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَالَ فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتَ فَقَالَ خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا قَالَ مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ قَالَ فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ ) كتاب التوحيد
قال الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : ثَنَا حَرْمَلَةُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ ، أَقْبَلَ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ قَالَ : فَيُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، قَالَ الْقُرَظِيُّ : وَهَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ( سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) ؟ فَيَقُولُ : سَلُونِي ، فَيَقُولُونَ : مَاذَا نَسْأَلُكَ ، أَيْ رَبِّ؟ قَالَ : بَلْ سَلُونِي قَالُوا : نَسْأَلُكَ أَيْ رَبِّ رِضَاكَ قَالَ : رِضَائِي أَحلَّكُمْ دَارَ كَرَامَتِي ، قَالُوا : يَا رَبِّ وَمَا الَّذِي نَسْأَلُكَ! فَوَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ ، وَارْتِفَاعِ مَكَانِكَ ، لَوْ قَسَّمْتَ عَلَيْنَا رِزْقَ الثَّقَلَيْنِ لَأَطْعَمْنَاهُمْ ، وَلَأَسْقَيْنَاهُمْ ، وَلَأَلْبَسْنَاهُمْ وَلَأَخْدَمْنَاهُمْ ، لَا يَنْقُصُنَا ذَلِكَ شَيْئًا قَالَ : إِنَّ لَدَيَّ مَزِيدًا قَالَ : فَيَفْعَلُ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِمْ فِي دَرَجَتِهِمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ فِي مَجْلِسِهِ قَالَ : ثُمَّ تَأْتِيهِمُ التُّحَفُ مِنَ اللَّهِ تَحْمِلُهَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ ) تفسير قوله تعالى : سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ
قال ابن بطة (حدثني أبو القاسم حفص بن عمر الأردبيلي، حدثنا أبو حاتم الرازي , حدثنا سليمان بن حرب، قال : سأل بشر بن السري حماد بن زيد فقال : يا أبا إسماعيل، الحديث الذي جاء "ينزل اللّه إلى سماء الدنيا " أيتحول من مكان إلى مكان ؟ فسكت حماد بن زيد , ثم قال : هو في مكانه يقرب من خلقه كيف شاء ) الابانة الكبرى
قال بن بطة ( لكنا نقول : إن ربنا تعالى في أرفع الأماكن ، وأعلى عليين ، قد استوى على عرشه فوق سماواته ، وعلمه محيط بجميع خلقه ، يعلم ما نأى كما يعلم ما دنا ، ويعلم ما بطن كما يعلم ما ظهر كما وصف نفسه تعالى ) الابانة الكبرى 1/141
قال الدارمي (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، ثنا مُوسَى أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ مَوَالِي عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، قَالَ : وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : خَطَبَ عَلِيٌّ النَّاسَ الْخُطْبَةَ الَّتِي لَمْ يَخْطُبْ بَعْدَهَا ، فَقَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي دَنَا فِي عُلُوِّهِ ، وَنَاءَ فِي دُنُوِّهِ ، لا يَبْلُغُ شَيْءٌ مَكَانَهُ ، وَلا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَرَادَهُ ) الرد على الجهمية
تسميّة من ينفي المكان بأنه جهمي كافر
قال البخاري (وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : إِذَا قَالَ لَكَ جَهْمِيٌّ : أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ ، فَقُلْ : أَنَا أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) خلق أفعال العِباد صص61
قال حرب الكرماني في عقيدته التي نقل عليها إجماع أهل الحديث في عصره ( والجهمية أعداء الله: وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق وأن الله لم يكلم موسى، وأن الله لا يتكلم، ولا يرى، ولا يعرف لله مكان، وليس لله عرش، ولا كرسي وكلام كثير أكره حكايته، وهم كفار زنادقة أعداء الله فاحذروهم ) كتاب السنة
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (وكيف يهتدي بشر للتوحيد وهو لا يعرف مكان واحده ) الرد على الجهمية ص 4
قال أبو محمد محمود بن أبي القاسم الدشتي ( فمن مذهب أصحاب الحديث الذين هم أهل السنة وأئمةُ المسلمين وعلماءُ بيانٍ يعتقدون ويشهدون: أن من قال "ليس لله تعالى حدٌّ " يعني بذلك: أن الله في كل مكان، أو ليس هو على العرش استوى كما تقرر في قلوب العامة، .. أو ليس لله جهة، ولا له مكانٌ؛ فقد ارتد عن دين الإسلام، ولحق بالمشركين ) إثبات الحد لله وبأنه قاعد وجلس على عرشه
ّانكار الأشَاعِـرة للحَد
قال أبو عبد الله القرطبي (لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له، وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق، وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} وقوله عليه السلام للجارية: "أين الله"؟ قالت: في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم) كتاب التذكار في أفضل الأذكار
قال ابن تيمية (أما الأول فهو قول من يقول: هو فوق العرش، وليس له حد، ولا مقدار، ولا هو جسم؛ كما يقول ذلك كثير من الصفاتية؛ من الكلابية، وأئمة الأشعرية، وقدمائهم ومن وافقهم من الفقهاء والطوائف الأربعة، وغيرهم، وأهل الحديث والصوفية، وغير هؤلاء، وهم أمم لا يحصيهم إلا الله. ومن هؤلاء: أبو حاتم ابن حبان، وأبو سليمان الخطابي البستيان ) بيان تلبيس الجهمية ج 3 ص 725
و هذا مُخالف لمعتقد اهل السنة
معنى الحد
قال ابن منظور (الْحَدُّ : الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَوْ لِئَلَّا يَتَعَدَّى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ) لسان العرب
قال ابن فارس (فَالْحَدُّ : الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ ) معجم المقاييس
قال ابو سعيد الدارمي (لِأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ ، إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ وَصِفَةٌ ، وَأَنَّ لَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ ، وَلَا غَايَةٌ ، وَلَا صِفَةٌ فَالشَّيْءُ أَبَدًا مَوْصُوفٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا شَيْءٌ يُوصَفُ بِلَا حَدٍّ ، وَلَا غَايَةٍ ، وَقَوْلُكَ : لَا حَدَّ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا شَيْءٌ ) نقضه على المريسي - باب في الحد والعرش
و قد وصف سبحانه نفسه بالشيئ
قال تعالى (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ ) الانعام
قال تعالى(كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص
قال تعالى (أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) الانعام
قال البخاري في صحيحه (بَاب قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ شَيْئًا وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ أَمَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ قَالَ نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا لِسُوَرٍ سَمَّاهَا ) باب قل أي شيء أكبر شهادة قل الله
والقرآن كلام الله ، وهو صفةٌ من صفاته ، والقول في الصفة كالقول في الذات
قال أبو سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، أَنَّهُ سُئِلَ : بِمَ نَعْرِفُ رَبَّنَا ؟ قَالَ : " بِأَنَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ ، فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ عَلَى الْعَرْشِ ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ " قَالَ : قُلْتُ : بِحَدٍّ ؟ قَالَ : " فَبِأَيِّ شَيْءٍ ؟
. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْحُجَّةُ لِقَوْلِ ابْنِ الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ سورة الزمر آية 75 ، فَلِمَاذَا يَحُفُّونَ حَوْلَ الْعَرْشِ إِلا لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَوْقَهُ ، لَوْ كَانَ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَحَفُّوا بِالأَمْكِنَةِ كُلِّهَا ، لا بِالْعَرْشِ دُونَهَا ، فَفِي هَذَا بَيَانٌ بَيِّنٌ لِلْحَدِّ ، وَأَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ ، وَالْمَلائِكَةَ حَوْلَهُ حَافُّونَ يُسَبِّحُونَهُ وَيُقَدِّسُونَهُ ، وَيَحْمِلُ عَرْشَهُ بَعْضُهُمْ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ سورة غافر آية 7 ) الرد على الجهمية
و قال الخلال (أخبرنا الحسن بن صالح العطار حدثنا هارون بن يعقوب الهاشمي سمعت أبي يعقوب بن العباس قال كنا عند أبي عبد الله قال فسألناه عن قول ابن المبارك قيل له كيف نعرف ربنا قال في السماء السابعة على عرشه بحد فقال أحمد هكذا على العرش استوى بحد فقلنا له ما معنى قول ابن المبارك بحد قال لا أعرفه ولكن لهذا شواهد من القرآن في خمسة مواضع إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ [فاطر 10] أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء [الملك 16] وتَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ [المعارج 4] وهو على العرش وعلمه مع كل شيء ) السنة
قال حرب الكرماني (سألتُ إسحاق بن إبراهيم قلت: قول الله تبارك وتعالى: {مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ} كيف تقول فيه؟ قال: حيث ما كنت هو أقرب إليك من حبل الوريد، وهو بائن من خلقه قلت لإسحاق: العرش بحد؟ قال: نعم بحد، وذكر عن ابن المبارك قال: هو على عرشه بئن من خلقه بحد ) مسائله.
اتفاق المسلمين على اثبات الحد لله عز وجل
قال أبو سعد الدارمي (وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ، وَحَدُّوهُ بِذَلِكَ إِلَّا الْمَرِيسِيَّ الضَّالَّ وَأَصْحَابَهُ ، حَتَّى الصِّبْيَانُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ قَدْ عَرَفُوهُ بِذَلِكَ ) الرد على الجهمية
قال ابو سعيد الدارمي (لِأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ ، إِلَّا وَلَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ وَصِفَةٌ ، وَأَنَّ لَا شَيْءٌ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ ، وَلَا غَايَةٌ ، وَلَا صِفَةٌ فَالشَّيْءُ أَبَدًا مَوْصُوفٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا شَيْءٌ يُوصَفُ بِلَا حَدٍّ ، وَلَا غَايَةٍ ، وَقَوْلُكَ : لَا حَدَّ لَهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا شَيْءٌ ) نقضه على المريسي - باب في الحد والعرش
حكم من انكر الحد
فمراد الجهمية من نفي الحد هو نفي حقيقة العلو لله تبارك وتعالى و لأجل هذا قال ابو سعيد الدارمي (وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ وَلَا نِهَايَةٌ. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي بنى عَلَيْهِ جهم ضَلَالَاتِهِ وَاشْتَقَّ مِنْهَا أُغْلُوطَاتِهِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ سَبَقَ جَهْمًا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ وَاللَّهُ تَعَالَى لَهُ حَدٌّ لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَوَهَّمَ لِحَدِّهِ غَايَةً فِي نَفْسِهِ ، وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالْحَدِّ وَبِكُلِّ عِلْمِ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ ... فَمَنِ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ ، فَقَدْ رَدَّ الْقُرْآنَ ، وَادَّعَى أَنَّهُ لَا شَيْءٌ ، لِأَنَّ اللَّهَ حَدَّ مَكَانَهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ ، فَقَالَ : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى سورة طه آية 5 ، أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ سورة الملك آية 16 ، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ سورة النحل آية 50 ، وَ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ سورة آل عمران آية 55 ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ سورة فاطر آية 10 " فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ شَوَاهِدُ وَدَلَائِلُ عَلَى الْحَدِّ وَمَنْ لَا يَعْتَرِفُ بِهِ ، فَقَدْ كَفَرَ بِتَنْزِيلِ اللَّهِ وَجَحَدَ آيَاتِ اللَّهِ ) نقضه على المريسي - باب في الحد والعرش
قال ابو القاسم التيمي (حَدَّ كُلِّ شَيْءٍ مَوْضِعُ بَيْنُونَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ
فَإِنْ كَانَ غَرَضُ الْقَائِلِ : لَيْسَ لِلَّهِ حَدٌّ : لَا يُحِيطُ عِلْمُ الْحَقَائِقِ بِهِ ، فَهُوَ مُصِيبٌ
وَإِنْ كَانَ غَرَضُهُ بِذَلِكَ : لَا يُحِيطُ عِلْمُهُ تَعَالَى بِنَفْسِهِ فَهُوَ ضَالٌّ
أَوْ كَانَ غَرَضُهُ أَنَّ اللَّهَ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَهُوَ أَيْضًا ضَالٌّ) اثبات الحد للدشتي و السير للذهبي
قال عبد الرحمن ابن أبي حاتم (عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَدِمَتْ امْرَأَةُ جَهْمٍ فَنَزَلَتْ بِالدَّبَّاغِينَ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهَا: اللَّهُ عَلَى عَرْشِهِ. فَقَالَتْ: مَحْدُودٌ عَلَى مَحْدُودٍ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَفَرَتْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ ) كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة
قال الهروي ( وسألت يحيى بن عمار عن أبي حاتم بن حبان البستي؛ قلت رأيته قال: كيف لم أره ونحن أخرجناه من سجستان؟! كان له علم كثير، ولم يكن له كبير دين، قدم علينا، فأنكر الحد لله؛ فأخرجناه من سجستان ) ذم الكلام وأهله 1292 :
الأشَاعـرَة يُحَرِّفُون مَعَانِي صِفَات الله عَزَّ وَجَل الله و يؤَوّلونها
التأويل عند الأشاعرة هو صرف اللفظ عن ظاهره
قال ابن تيمية (إن لفظ التأويل، قد صار بتعدد الاصطلاحات مستعملاً في ثلاثة معان
أحدها: وهو اصطلاح كثير من المتأخرين المتكلمين في الفقه وأصوله: أن التأويل هو صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به؛ وهذا هو الذي عناه أكثر من تكلم من المتأخرين في تأويل نصوص الصفات وترك تأويلها، وهل هذا محمود أو مذموم، وحق أو باطل؟ ) درء التعارض ج 2 ص 95
و هذا ما يعمل به الأشاعرة
قال القاضي عياض ( لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السمـاء كقوله تعالى ( ءأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم ) شرح مسلم ج 5 ص 24
و قال النووي (هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أحَادِيثِ الصِّفَاتِ ، وَفِيهِ مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ سَبَقَ إِيضَاحُهُمَا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمُخْتَصَرُهُمَا أَنَّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَبَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ : أَنَّهُ يُؤْمِنُ بِأَنَّهَا حَقٌّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ ظَاهِرَهَا الْمُتَعَارَفُ فِي حَقِّنَا غَيْرُ مُرَادٍ ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي تَأْوِيلِهَا مَعَ اعْتِقَادِ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ ، وَعَنِ الِانْتِقَالِ وَالْحَرَكَاتِ وَسَائِرِ سِمَاتِ الْخَلْقِ وَالثَّانِي : مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَجَمَاعَاتٍ مِنَ السَّلَفِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ هُنَا عَنْ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ : أَنَّهَا تُتَأَوَّلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهَا بِحَسَبِ مَوَاطِنِهَا ) شرح صحيح مسلم - بَاب التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ وَالْإِجَابَةِ فِيهِ
قال الزركشي ( اختلف الناس في الوارد منها في الآيات والأحاديث على ثلاث فرق
أحدها: أنه لا مدخل للتأويل فيها، بل تجري على ظاهرها ولا تؤول... وهم المشبهة
والثاني: أن لها تأويلاً ولكنّا نمسك عنه مع تنزيه اعتقادنا عن التشبيه والتعطيل، ونقول لا يعلمه إلا الله. وهو قول السلف.
والثالث: أنها مؤوّلة، وأولوها على ما يليق به ) البرهان في علوم القرآن ج 2 ص 207
قال الشوكاني (الفصل الثاني: فيما يدخله التأويل، وهو قسمان، أحدهما أغلب الفروع، ولا خلاف في ذلك، والثاني: الأصول كالعقائد وأصول الديانات وصفات الباري عزّ وجلّ ) ارشاد الفحول ص 176
قال إبرايهم اللقاني (وكل نص أوهم التشبيها أوله أو فوض ورم تنزيها ) جوهرة التوحيد مع حاشية البيجوري ::156
قال ابن حجر العسقلاني ( ومعنى كشف الساق: زوال الخوف، والهول ) الفتح الباري ج 11 ص 451
قال النووي أيضا ( قوله (فذلك يوم يكشف عن ساق)؛ قال العلماء: معناه ومعنى ما في القرآن (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ )يوم يكشف عن شدة وهول عظيم؛ أي: يظهر ذلك؛ يقال كشفت الحرب عن ساقها إذا اشتدت ) المنهاج ج18 ص 77
قال ابن تيمية (فهم يريدون بلفظ التوحيد والواحد في اصطلاحهم: ما لا صفة له ولا يعلم منه شيء دون شيء ولا يرى ) درء تعارض العقل والنقل ج1 ص 224
قال أبو إسماعيل الهروي (وأولئك ( الجهمية ) قالوا: لا صفة
وهؤلاء ( الأشاعرة ) يقولون: (وجه) كما يقال: وجه النهار، ووجه الأمر، ووجه الحديث. و(عين): كعين المتاع. (وسمع): كأذن الجدار .. و(يد): كيد المنة والعطية. و(الأصابع): كقولهم: خراسان بين أصبعي الأمير. و(القدمان): كقولهم: جعلت الخصومة تحت قدمي، و(القبضة ) كما قيل: فلان في قبضتي، أي أنا أملك أمره. و(الكرسي): العلم، (والعرش): الملك، و(الضَّحك): الرِّضا، و(الاستواء): الاستيلاء، (والنزول): القبول، و(الهرولة): مثله، فشبَّهوا من وجه، وأنكروا من وجه، وخالفوا السلف، وتعدوا الظاهر، وردوا الأصل، ولم يثبتوا شيئًا، ولم يبقوا موجودًا، ولم يفرِّقوا بين التفسير والعبارة بالألسنة، فقالوا: لا نفسرها، نجريها عربية كما وردت . وقد تأولوا تلك التأويلات الخبيثة، أرادوا بهذه المَخْرَقة أن يكون عوام المسلمين أبعد غيابًا عنها، وأعيا ذهابًا منها، ليكونوا أوحش عند ذكرها وأشمس عن سماعها ) ذم الكلام وأهله ج4 ص 137
قال محمد ابن عبد الوهاب (ثم استحوذ عليهم الشيطان (أي الاشاعرة )، فظنوا أن التوحيد لا يتأتى إلا بنفي الصفات، فنفوها، وسموا من أثبتها مجسما . ورد عليهم أهل السنة بأدلة كثيرة، منها: أن التوحيد لا يتم إلا بإثبات الصفات، وأن معنى الإله: هو المعبود ) الدرر السنية في الاجوبة النجدية ج 1ص 110
قال محمد ابن عبد الوهاب و هو يتكلم عن عقائد الأشاعرة (الأولى: يجوزون على الله أن يأمر بكل شيء، ويفعل كل شيء، وينْزهونه عن حقائق أسمائه وصفاته، ولا يتم التوحيد إلا به
الثانية عشر: والتوحيد عندهم: إنكار صفات الكمال، ونعوت الجلال، والشرك إثباتها؛ ودينهم اتخاذ أكابرهم أربابا من دون الله ) الدرر السنّية في الأجوبة النجدية ج 1 ص 181
و هذا مخالف لمُعتقد أهل السنة و الجماعة و الذين يثبتون ما اثبته الله لنفسه بلا تمثيل و لا تعطيل و ترك التكلّف
قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى
قال تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) الاخلاص
جاء في سنن الترمدي (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ هُوَ الصَّغَانِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ وَالصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ لَأَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يُولَدُ إِلَّا سَيَمُوتُ وَلَا شَيْءٌ يَمُوتُ إِلَّا سَيُورَثُ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمُوتُ وَلَا يُورَثُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ قَالَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ وَلَا عِدْلٌ وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) كتاب تفسير القرآن
جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية (قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْخَلَّالُ فِي " كِتَابِ السُّنَّةِ " ثِنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ ثِنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ يَعْنِي الْعَبَّادِيَّ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْن يَحْيَى قَالَ : سَمِعْت إبْرَاهِيمَ بْنَ الْأَشْعَثِ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ صَاحِبُ الفضيل - قَالَ : سَمِعْت الفضيل بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ : لَيْسَ لَنَا أَنْ نَتَوَهَّمَ فِي اللَّهِ كَيْفَ هُوَ ؟ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ نَفْسَهُ فَأَبْلَغَ فَقَالَ : { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } { اللَّهُ الصَّمَدُ } { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ } فَلَا صِفَةَ أَبْلَغُ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ) كتاب الأسماء والصفات- الجزء الأول
قال تعالى (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل
قال تعالى (وَلِلَّهِ الأسماء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الاعراف
قال تعالى (قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ) يونس
قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، نا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ ، نا أَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ ، نا رَجُلٌ ، أَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ ، قَالَ لِلْحَسَنِ : هَلْ تَصِفُ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ أَصِفُهُ بِغَيْرِ مِثَالٍ ) السنة
قال عثمان بن سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ ، ثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَيْسَ لِلَّهِ مثل ) نقضه على المريسي
قال الدارقطني في الصفات (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، ثنا عِيسَى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ : كُلُّ شَيْءٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ ، فَقِرَاءَتُهُ تَفْسِيرُهُ ، لا كَيْفَ وَلا مِثْلَ ) مَا جَاءَ فِي الْحَثَيَاتِ للَّهِ بِيَدِهِ
قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ كُرْدِيٍّ ، قَالَ : نا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ " الأَحَادِيثِ الَّتِي يَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ فِي الصِّفَاتِ وَالإِسْرَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَقِصَّةِ الْعَرْشِ ؟ فَصَحَّحَهَا وَقَالَ : قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ ، تُسَلَّمُ الأَخْبَارُ كَمَا جَاءَتْ .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذِهِ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الإِيمَانُ بِهَا ، وَلا يُقَالُ فِيهَا : كَيْفَ ؟ وَلِمَ ؟ بَلْ تُسْتَقْبَلُ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَتَرْكِ النَّظَرِ ) الشريعة
قال ابن تيمية (عَنْ الأوزاعي قَالَ : سُئِلَ مَكْحُولٌ وَالزُّهْرِيُّ عَنْ تَفْسِيرِ الْأَحَادِيثِ فَقَالَا : - أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ . وَرَوَى أَيْضًا عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ : سَأَلْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ والأوزاعي : عَنْ الْأَخْبَارِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الصِّفَاتِ . فَقَالُوا : أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ) الحموية الكبرى
قال ابن عبد البر (قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ الْهَيْثَمَ بْنَ خَارِجَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ عَنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الصِّفَاتِ ؟ فَقَالُوا : أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلَا كَيْفٍ ) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
قال بن بطة العكبري (اعلموا رحمكم الله أَن من صِفَات الْمُؤمنِينَ من أهل الْحق تَصْدِيق الْآثَار الصَّحِيحَة وتلقيها بِالْقبُولِ وَترك الِاعْتِرَاض عَلَيْهَا بِالْقِيَاسِ ومواضعه القَوْل بالآراء والأهواء فَإِن الْإِيمَان تَصْدِيق وَالْمُؤمن هُوَ الْمُصدق قَالَ الله عز وَجل (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) فَمن عَلَامَات الْمُؤمنِينَ أَن يصفوا الله بِمَا وصف بِهِ نَفسه وَبِمَا وَصفه بِهِ رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا نقلته الْعلمَاء وَرَوَاهُ الثِّقَات من أهل النَّقْل الَّذين هم الْحجَّة فِيمَا رَوَوْهُ من الْحَلَال وَالْحرَام وَالسّنَن والْآثَار وَلَا يُقَال فِيمَا صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ وَلَا لم بل يتبعُون وَلَا يبتدعون ويسلمون وَلَا يعارضون ويتيقنون وَلَا يَشكونَ وَلَا يرتابون فَكَانَ مِمَّا صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ أهل الْعَدَالَة وَمن يلْزم الْمُؤمنِينَ قبُول رِوَايَته وَترك مُخَالفَته أَن الله تَعَالَى يضْحك فَلَا يُنكر ذَلِك وَلَا يجحده إِلَّا مُبْتَدع مَذْمُوم الْحَال عِنْد الْعلمَاء دَاخل فِي الْفرق المذمومة وَأهل الْمذَاهب المهجورة عصمنا الله وَإِيَّاكُم من كل بِدعَة وضلالة برحمته ) الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة ج 3 ص 91
قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ بْنِ يُونُسَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنَ طَلْحَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَنِيفَةَ الدَّوْسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، يَقُولُ : اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ ، مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، عَلَى الإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ ، وَالأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ ، وَلا وَصْفٍ ، وَلا تَشْبِيهٍ , فَمَنْ فَسَّرَ الْيَوْمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَقَدْ خَرَجَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا , وَلَكِنْ أَفْتَوْا بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا , فَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ ، فَقَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، لأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ لا شَيْءَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال أبو عبد الله القحطاني (لاَ تَفْتَكِرْ في ذَاتِ رَبِّكَ وَاعْتَبِرْ *** فِيمَا بِهِ يَتَصَرَّفُ الْمَلَوَانِ
وَاللهُ رَبِّي مَا تُكَيَّفُ ذَاتُهُ *** بِخَوَاطِرِ الأَوْهَامِ وَالأَذْهَانِ
أَمْرِرْ أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ كَمَا أَتَتْ *** مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ هَذَيَانِ
هُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِي وَوَافَقَ مَالِكٌ *** وَكِلاَهُمَا في شَرْعِنَا عَلَمَانِ )نونيته
قال حرب الكرماني (والله عَزَّ وَجَلَّ سميع لا يشك ، بصير لا يرتاب ، عليم لا يجهل ، جواد لا يبخل ، حليم لا يعجل ، حفيظ لا ينسى ، يقظان لا يسهو ، قريب لا يغفل ، يتحرك ، ويتكلم وينظر ، ويبصر ويضحك ويفرح ، ويحب ويكره ، ويبغض ويرضى ، ويغضب ويسخط ، ويرحم ويعفو ، ويفقر ويعطي ويمنع ، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف يشاء لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سورة الشورى آية 11 وقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن ، يقلبها كيف يشاء ، ويوعيها ما أراد ، وخلق آدم بيده عَلَى صورته ، والسماوات والأرض يوم القيامة فِي كفه ، ويضع قدمه فِي النار فتزوي ، ويخرج قوما من النار بيده ، وينظر أهل الجنة إلى وجهه يرونه فيكرمهم ، ويتجلى لهم فيعطيهم ، ويعرض عليه العباد يوم القيامة ، ويتولى حسابهم بنفسه ، لا يلي ذلك غيره عَزَّ وَجَلَّ ) كتاب السنة
تَأْوِيلُ الأشَاعِرَة لِصِفة الرِّضَى
قال النووي (قَالَ الْعُلَمَاءُ : الرِّضَا وَالسُّخْطُ وَالْكَرَاهَةُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُرَادُ بِهَا أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ ، وَثَوَابُهُ وَعِقَابُهُ ، أَوْ إِرَادَتُهُ الثَّوَابَ لِبَعْضِ الْعِبَادِ ، وَالْعِقَابَ لِبَعْضِهِمْ ) شرحه لصحيح مسلم - كتاب الأقضية
قال ابن حجر العسقلاني (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَأُجِيبُوا بِأَنَّهُ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ بِمَنْ قَضَى اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ فَعِبَادُهُ عَلَى هَذَا الْمَلَائِكَةُ وَمُؤْمِنُو الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَقَالَ آخَرُونَ الْإِرَادَةُ مَعْنَى الرِّضَا وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يَرْضَى أَيْ لَا يَشْكُرُهُ لَهُمْ وَلَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا فَهِيَ صِفَةُ فِعْلٍ وَقِيلَ مَعْنَى الرِّضَا أَنَّهُ لَا يَرْضَاهُ دِينًا مَشْرُوعًا لَهُمْ وَقِيلَ الرِّضَا صِفَةٌ وَرَاءَ الْإِرَادَةِ وَقِيلَ الْإِرَادَةُ تُطْلَقُ بِإِزَاءِ شَيْئَيْنِ إِرَادَةُ تَقْدِيرٍ وَإِرَادَةُ رِضًا وَالثَّانِيَةُ أَخَصُّ مِنَ الْأُولَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقِيلَ الرِّضَا مِنَ اللَّهِ إِرَادَةُ الْخَيْرِ كَمَا أَنَّ السُّخْطَ إِرَادَةُ الشَّرِّ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري
فالله سُبْحانهَ وَ تَعَالَى يَرْضَى حقيقةٌ
قال تعالى (السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة
قال تعالى (لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) الفتح
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ) باب ما يقال في الركوع والسجود
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ سُهَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ، وَلَا تَفَرَّقُوا ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ ، وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ ) كتاب الاقضية
قول الأشاعرة في الغضب
قال ابن حجر العسقلاني ( وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ الْغَضَبِ عَلَى اللَّهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُظْهِرُ مِنِ انْتِقَامِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ وَمَا يُشَاهِدُهُ أَهْلُ الْمَوْقِفِ مِنَ الْأَهْوَالِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ مِثَالُهَا وَلَا يَكُونُ كَذَا قَرَّرَهُ النَّوَوِيُّ . وَقَالَ غَيْرُهُ الْمُرَادُ بِالْغَضَبِ لَازِمُهُ وَهُوَ إِرَادَةُ إِيصَالِ السُّوءِ لِلْبَعْضِ) الفتح ج 11 ص 441
قال ابن حجر (فَمَهْمَا اسْتُشْكِلَ فِي إِطْلَاقِ السَّبْقِ فِي صِفَةِ الرَّحْمَةِ جَاءَ مِثْلُهُ فِي صِفَةِ الْكَلِمَةِ ، وَمَهْمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ قَوْلِهِ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا حَصَلَ بِهِ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ " سَبَقَتْ رَحْمَتِي " وَقَدْ غَفَلَ عَنْ مُرَادِهِ مَنْ قَالَ دَلَّ وَصْفُ الرَّحْمَةِ بِالسَّبْقِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ قَوْلُ مَنْ قَالَ : الْمُرَادُ بِالرَّحْمَةِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الثَّوَابِ ، وَبِالْغَضَبِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْعُقُوبَةِ ؛ فَالسَّبْقُ حِينَئِذٍ بَيْنَ مُتَعَلِّقَيِ الْإِرَادَةِ فَلَا إِشْكَالَ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري - بَاب قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ
الرد
قال تعالى (وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) النور
قال تعالى (كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي ۖ وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ ) طه
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) الممتحنة
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ) كتاب بدء الخلق
و هذا دين الجهمية
قال ابن شاهين (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَثَلُ الْجَهْمِيَّةِ مَثَلُ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: أَفِي دَارِكَ نَخْلَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: فَلَهَا خُوصٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا سَعَفٌ. قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا كَرَبٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا جِذْعٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا أَصْلٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَا نَخْلَةَ فِي دَارِكَ. هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةُ، قِيلَ لَهُمْ: لَكُمْ رَبٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قِيلَ: يَتَكَلَّمُ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ يَدٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ قَدَمٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ إِصْبَعٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَيَرْضَى وَيَغْضَبُ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَا رَبَّ لَكُمْ ) شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن
قال أبو عبالله ابن بطة (بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَغْضَبُ، وَيَرْضَى، وَيُحِبُّ، وَيَكْرَهُ قَالَ الشَّيْخُ: وَالْجَهْمِيُّ يَدْفَعُ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا وَيُنْكِرُهَا وَيَرُدُّ نَصَّ التَّنْزِيلِ وَصَحِيحَ السُّنَّةِ، وَيَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَغْضَبُ، وَلَا يَرْضَى، وَلَا يُحِبُّ وَلَا يَكْرَهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِدَفْعِ الصِّفَاتِ وَإِنْكَارِهَا جَحْدَ الْمَوْصُوفِ بِهَا. وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَكْذَبَ الْجَهْمِيَّ وَأَخْزَاهُ، وَبَاعَدَهُ مِنْ طَرِيقِ الْهِدَايَةِ وَأَقْصَاهُ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ، يَقُولُ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى وَلَا يَغْضَبُ، فَهُوَ كَافِرٌ، إِنْ رَأَيْتَهُ وَاقِفًا عَلَى بِئْرٍ فَاطْرَحْهُ فِيهَا فَإِنَّهُمْ كُفَّارٌ) الابانة الكبرى
قول الأشاعرة في الضحِك
قال النووي (قَوْلُهُ : ( فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى يَضْحَكَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : ضَحِكُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ هُوَ رِضَاهُ بِفِعْلِ عَبْدِهِ وَمَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ وَإِظْهَارِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ وَإِيجَابِهَا عَلَيْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى
و قال أيضا (قَوْلُهُ : ( قَالُوا : مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : مِنْ ضَحِكِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَدْ قَدَّمْنَا مَعْنَى الضَّحِكَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الرِّضَى وَالرَّحْمَةُ وَإِرَادَةُ الْخَيْرِ لِمَنْ يَشَاءُ رَحْمَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) باب آخر أهل النار خروجا
و قال أيضا (وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( فَيَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ فَيَنْطَلِقُ بِهِمْ وَيَتَّبِعُونَهُ ) فَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ وَكَذَلِكَ تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَعْنَى الضَّحِكِ . وَأَمَّا التَّجَلِّي فَهُوَ الظُّهُورُ وَإِزَالَةُ الْمَانِعِ مِنَ الرُّؤْيَةِ ، وَمَعْنَى ( يَتَجَلَّى يَضْحَكُ ) أَيْ : يَظْهَرُ وَهُوَ رَاضٍ عَنْهُمْ ) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها
الرد
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَضْحَكُ اللَّهُ لِرَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ " ، قَالُوا : كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ ، قَالَ : يُقْتَلُ هَذَا فَيَلِجُ الْجَنَّةَ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْآخَرِ ، فَيَهْدِيهِ إِلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُسْتَشْهَدُ ) كتاب الامارة
قال عبد الله بن الامام أحمد في السنة (حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، تَعَالَى ، قَالَ : نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حَدَسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ حَسَنٌ : الْعُقَيْلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ضَحِكَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ ، قَالَ : أَبُو رَزِينٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ الْعَظِيمُ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا " ، قَالَ حَسَنٌ فِي حَدِيثِهِ : فَقَالَ : نَعَمْ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا ) جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ
قال الاجري في الشريعة (أَخْبَرَنَا الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : نا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : أَنَا مُجَالِدٌ ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ قَالَ : " ثَلاثَةٌ يَضْحَكُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَيْهِمُ : الرَّجُلُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يُصَلِّي ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلصَّلاةِ ، وَالْقَوْمُ إِذَا صَفُّوا لِلْعَدُوِّ ) بَابُ الإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَضْحَكُ
وقال ابن بطة ( سَأَلْتُ أَبَا عُمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْوَاحِدِ صَاحِبَ اللُّغَةِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ ، فَقَالَ: ( الْحَدِيثُ مَعْرُوفٌ، وَرِوَايَتُهُ سُنَّةٌ، وَالِاعْتِرَاضُ بِالطَّعْنِ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ، وَتَفْسِيرُ الضَّحِكِ تَكَلُّفٌ وَإِلْحَادٌ ) ) الإبانة الكبرى
الرّد على شُبهَة الأشَاعِرة
قال أبي سعيد عثمان بن سعيد (أَمَّا قَوْلُكَ: إِنَّ ضَحِكَهُ رِضَاهُ وَرَحْمَتُهُ، فَقَدْ صَدَقْتَ فِي بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَضْحَكُ إِلَى أحد إِلَّا عَن رضى فَيَجْتَمِعُ مِنْهُ الضَّحِكُ وَالرِّضَا. وَلَا يَصْرِفُهُ إِلَّا عَنْ عَدُوٍّ وَأَنْتَ تَنْفِي الضَّحِكَ عَنِ اللَّهِ، وَتُثْبِتُ لَهُ الرِّضَا وَحْدَهُ، وَلَئِنْ جَزَعْتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الضَّحِكِ حَتَّى نَفَيْتَهُ عَنِ الله بِمَعْنى ضحك الزَّرْع، مَالك مِنْ رَاحَةٍ فِيمَا رَوَى عَنْهُ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّا يُكَذِّبُ دَعْوَاكَ وَيَسْتَحِيلُ بِهِ تفسيرك
حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، تَعَالَى ، قَالَ : نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حَدَسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ قَالَ حَسَنٌ : الْعُقَيْلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ضَحِكَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غَيْرِهِ ، قَالَ : أَبُو رَزِينٍ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَيَضْحَكُ الرَّبُّ الْعَظِيمُ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا " ، قَالَ حَسَنٌ فِي حَدِيثِهِ : فَقَالَ : نَعَمْ لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا
وَلَو كَانَ تَفْسِيرُ الضَّحِكِ الرِّضَى وَالرَّحْمَةُ وَالصَّفْحُ مِنَ الذُّنُوبِ فَقَطْ، كَانَ أَبُو رَزِينٍ فِي دَعْوَاكَ إِذًا جَاهِلًا أَنْ لَا يَعْلَمَ أَنَّ ربَّه يرحم ويرضى ويغفرالذنوب، حَتَّى يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَرْحَمُ رَبُّنَا وَيَغْفِرُ وَيَصْفَحُ عَنِ الذُّنُوبِ؟ بَلْ هُوَ كَافِر فِي دعواك، إِذا لم يعرف الله بالرضى وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَصَفْحِهِ عَنِ الذُّنُوبِ، مَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَغْفِرُ رَبُّنَا وَيَرْحَمُ؟ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَمَّا لَا يَعْلَمُ لَا عَمَّا عَلِمَ وَآمَنَ بِهِ قَبْلُ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَوَجَدَ فِيهِ ذِكْرَهُ، وَلَمْ يَجِدْ فِيهِ ذكرالضحك فَلَمَّا أَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَضْحَكُ قَالَ: "لَا نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا" ، وَلَوْ كَانَ عَلَى تَأْوِيلِكَ لَاسْتَحَالَ أَنْ يَقُولَ أَبُو رَزِينٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدَمُ مِنْ رَبٍّ يَرْحَمُ ويرضى ويغفر خيرًا، لِمَا أَنَّهُ قَدْ آمَنَ وَقَرَأَ قَبْلُ فِي كِتَابِهِ: {إنِّهُ غَفُورٌ رَّحيمٌ} ، فَاعْقِلْهُ، وَمَا أَرَاكَ تَعْقِلُهُ... ولكنَّا نَقُولُ: هُوَ نَفْسُ الضَّحِكِ، يَضْحَكُ كَمَا يَشَاءُ وَكَمَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَفْسِيرُكَ هَذَا مَنْبُوذٌ فِي حَشِّكَ ) نقض الإمام أبي سعيد عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله عز وجل من التوحيد
قال الاجري (قال محمد بن الحسين : رحمه الله : اعلموا وفقنا الله وإياكم للرشاد من القول والعمل أن أهل الحق يصفون الله عز وجل بما وصف به نفسه عز وجل ، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبما وصفه به الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا مذهب العلماء ممن اتبع ولم يبتدع ، ولا يقال فيه : كيف ؟ بل التسليم له ، والإيمان به أن الله عز وجل يضحك ، كذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن صحابته ، ولا ينكر هذا إلا من لا يحمد حاله عند أهل الحق وسنذكر منه ما حضرنا ذكره ، والله الموفق للصواب ، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ... ولا يرد هذه السنن إلا من يذهب مذهب المعتزلة ، فمن عارض فيها أو ردها ، أو قال : كيف ؟ فاتهموه واحذروه ) الشريعة
تأْوِيلُ الأشَاعِرَة لصِفةِ العَجَب
قال ابن حجر العسقلاني (وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُ الْعَجَبِ فِي حَقِّ اللَّهِ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ الرِّضَا وَنَحْوُ ذَلِكَ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري - بَاب الْأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ
و قال ابن حجر أيضا (وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِطْلَاقُ الْعَجَبِ عَلَى اللَّهِ مُحَالٌ وَمَعْنَاهُ الرِّضَا ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ الصَّنِيعَ حَلَّ مِنَ الرِّضَا عِنْدَ اللَّهِ حُلُولُ الْعَجَبِ عِنْدَكُمْ ، قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ الْمُرَادُ بِالْعَجَبِ هُنَا أَنَّ اللَّهَ يُعْجِبُ مَلَائِكَتَهُ مِنْ صَنِيعِهِمَا لِنُدُورِ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا فِي الْعَادَةِ . قَالَ : وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مَعْنَى الضَّحِكِ هُنَا الرَّحْمَةُ ) بَاب قَوْلُهُ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ الْآيَةَ الْخَصَاصَةُ الْفَاقَةُ الْمُفْلِحُونَ الْفَائِزُونَ بِالْخُلُودِ وَالْفَلَاحُ الْبَقَاءُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ عَجِّلْ وَقَالَ الْحَسَنُ حَاجَةً حَسَدًا
ُو سُبْحَانَه وَ تَعَالَى يَعْجَب حقيقةٌ
قال تعالى (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) الرعد
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، ثَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ عَجِبَ الرَّحْمَنُ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ بِالْبَعْثِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ ) بَاب الْأُسَارَى فِي السَّلَاسِلِ
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : إِنِّي مَجْهُودٌ ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى ، فَقَالَتْ : مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ ، فَقَالَ : " مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؟ " ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ ، قَالَتْ : لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي ، قَالَ : فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئْ السِّرَاجَ وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ ، قَالَ : فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَفَقَالَ : " قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ) بَاب إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَفَضْلِ إِيثَارِهِ
قال الترمدي (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاق ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ : شَهِدْتُ عَلِيًّا أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ ، قَالَ : " بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ { 13 } وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ { 14 } سورة الزخرف آية 13-14 ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا ، سُبْحَانَكَ إِنِّي قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ " ، ثُمَّ ضَحِكَ ، قُلْتُ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ كَمَا صَنَعْتُ ، ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : إِنَّ رَبَّكَ لَيَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرُكَ " ، وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ) الجامع
قال الامام احمد في المسند (حدَّثَنَا يَزِيدُ ، أخبرنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ ، قَالَ : رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا ، فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ ، قَالَ : بِسْمِ اللَّهِ ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا ، قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ، سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا ، وَكَبَّرَ ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ، قَدْ ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ، ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ ، ثُمَّ ضَحِكَ ، فَقُلْتُ : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : يَعْجَبُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي ، وَيَقُولُ : عَلِمَ عَبْدِي أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي ) مُسْنَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
و الأشاعرة يؤولون صفة المجيئ
فقد قال ابن الجوزي ( ومنها قوله تعالى : {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} أي بظلل ) ص1411 من كتابه دفع شبه التشبيه
قال ابن حجر العسقلاني (قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : غَرَضُهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ تَحْرِيكَ اللِّسَانِ وَالشَّفَتَيْنِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَمَلٌ لَهُ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ فِيهِ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْفَاعِلِ لَهُ مَنْ يَأْمُرُهُ بِفِعْلِهِ ، فَإِنَّ الْقَارِئَ لِكَلَامِهِ تَعَالَى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ جِبْرِيلُ ، فَفِيهِ بَيَانٌ لِكُلِّ مَا أَشْكَلَ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ فِعْلُهُ مِنَ الْمَجِيءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ انْتَهَى ) فتح الباري شرح صحيح البخاري - بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ وَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا مَعَ عَبْدِي حَيْثُمَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ
و قال أبو عبد الله القحطاني (وَالأَشْعَرِيُّ يَقُولُ يَأْتِي أَمْرُهُ *** وَيَعِيبُ وَصْفَ اللهِ بِالإِتْيَانِ
وَاللهُ في الْقُرْآنِ أَخْبَرَ أَنَّهُ *** يَأْتِي بِغَيْرِ تَنَقُّلٍ وَتَدَانِ
وَعَلَيْهِ عَرْضُ الْخَلْقِ يَوْمَ مَعَادِهِمْ *** لِلْحُكْمِ كَيْ يَتَنَاصَفَ الْخَصْمَانِ ) نونيته
و هذا مخالف لعقيدة أهل الاسلام
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : " هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قَالَ: يَأْتِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظُلَلٍ مِنَ السَّحَابِ، قَدْ قُطِّعَتْ طَاقَاتٍ
حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ ، ثَنَا شَبَابَةُ ، ثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ قَالَ: كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ: هُوَ غَيْرُ السَّحَابِ، وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تِيهِهِمْ حِينَ تَاهُوا، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي اللَّهُ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال عثمان بن سعيد الدارمي ( ثُمَّ عَادَ الْمُعَارِضُ أَيْضًا إِلَى إِنْكَارِ مَا عَنَى اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا سورة الفجر آية 22 فَادَّعَى أَنَّ الْمَجِيءَ ، وَالِانْتِقَالَ ، مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانِ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ ، وَاللَّهُ يَأْتِي فِي ظُلُلٍ مِنَ الْغَمِامِ فَتَثْبُتُ الظُّلَلُ وَمَجِيئُهَا ، لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ
فَقَالَ : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ سورة البقرة آية 210 يَعْنِي يَأْتِيهِمْ أَمْرُهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ عَلَى إِضْمَارِ أَمْرِهِ ، كَمَا قَالَ : وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا سورة يوسف آية 822 ، يُرِيدُ : أَهْلَ الْعِيرِ بِإِضْمَارِ الْأَهْلِ ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ سورة البقرة آية 210 ، بِإِضْمَارِ أَمْرِهِ ، وَكَذَلِكَ : وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا سورة الفجر آية 22 يُرِيدُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ هِيَ الصُّفُوفُ دُونَهُ جَاءُونَ بِأَمْرِهِ ، فَفَسَّرُوا : جَاءَ الْمَلَائِكَةُ صَفًّا صَفًّا وَرَبُّكَ فِيهِمْ مُدَبِّرٌ مُحْكِمٌ ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ : إِلا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ سورة النحل آية 33 ، وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ : أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ سورة الأنعام آية 158 ، فَبَيَّنَ الْأَمْرَ هَا هُنَا وَأَضْمَرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُفْتَرِي عَلَى اللَّهِ : قَدْ فَسَّرْتَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى خِلَافِ مَا عَنَى وَفَسَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلى خِلَافِ مَا فَسَّرَهَا أَصْحَابُهُ ، قَدْ رَوَيْنَا تَفْسِيرَهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِأَسَانِيدِهَا الْمَعْرُوفَةِ الْمَشْهُورَةِ ، عَلَى خِلَافِ مَا فَسَّرْتَ ، وَادَّعَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ ، فَمَنْ مُفَسِّرُوكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَحْكِي عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيهَا كَذَا ، وَقَالَ آخَرُونَ فِيهَا كَذَا ؟
فَمَنْ هَؤُلَاءِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ ؟ فَاكْشِفْ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَسَمِّهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ ، فَإِنَّكَ لَا تَكْشِفُ إِلَّا عَنْ زِنْدِيقٍ أَوْ جَهْمِيٍّ ، لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، وَلَا بِالْيَوْمِ الآخِرِ ، وَلَا يُحْكَمُ لَكَ بِتَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمُعَنْعِنِينَ عَلَى تَفْسِيرِ هَؤُلَاءِ الْمَكْشُوفِينَ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ ، أَصْحَابُ التَّفْسِيرِ مَعْرُوفُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ عِنْدَ الْأُمَّةِ ، مثل ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَنُظَرَائِهِمْ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَمِنَ التَّابِعِينَ مثل سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَأَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ ، وَالسُّدِّيِّ ، وَقَتَادَةَ ، وَغَيْرِهِمْ ، فَعَنْ أَيِّهِمْ تَحْكِي هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الَّتِي تَرُدُّ بِهَا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ؟ فَإِنَّا لَمَّا وَجَدْنَاهُمْ مُخَالِفِينَ لِمَا ادَّعَيْتَ عَلَى اللَّهِ فِي كِتَابِهِ أَتَيْنَاكَ بِهَا عَنْهُمْ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ ، مَنْصُوصَةً مُفَسَّرَةً ، فَعَمَّنْ تَرْوِي هَذِهِ الضَّلَالَاتِ وَإِلَى مَنْ تُسْنِدُهَا ؟ فَصَرِّحْ بِهِمْ كَمَا صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ ، وَابْنِ الثَّلْجِيِّ
وَمَا نَرَاكَ صَرَّحْتَ بِبِشْرٍ ، وَابْنِ الثَّلْجِيِّ ، وَكَنَيْتَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ إِلَّا وَأَنَّهُمْ أَسْوَأُ مَنْزِلَةً عِنْدَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَأَشَدُّ ظِنَّةً فِي الدِّينِ مِنْهُمَا ، لَوْلَا ذَلِكَ لَكَشَفْتَ عَنْهُمْ كَمَا كَشَفْتَ عَنْ بِشْرٍ ، وَقَدْ فَسَّرْنَا لَكَ أَمْرَ إِتْيَانِ اللَّهِ وَمَجِيئِهِ ، وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ، فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ لَمْ نُحِبَّ أَنْ نُعِيدَهُ هَا هُنَا فَيَطُولُ الْكِتَابُ
وَأَمَّا مَا ادَّعَيْتَ مِنَ انْتِقَالِ اللَّهِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ أَنَّ ذَلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِينَ ، فَإِنَّا لَا نُكَيِّفُ مَجِيئَهُ ، وَإِتْيَانَهُ أَكْثَرَ مِمَّا وَصَفَ النَّاطِقُ مِنْ كِتَابِهِ ، ثُمَّ مَا وَصَفَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيرِهَا : أَنَّ السَّمَاءَ تَشَقَّقُ لِمَجِيئِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، تَتَنَزَّلُ مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ ، فَيَقُولُ النَّاسُ : أَفِيكُمْ رَبُّنَا ؟ فَيَقُولُونَ : لَا ، وَهُوَ آتٍ ، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ دُونِهِمْ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ مَكْذُوبٌ لِدَعْوَاكَ أَنَّهُ إِتْيَانُ الْمَلَائِكَةِ بِأَمْرِهِ ، دُونَ مَجِيئِهِ ، لَكِنَّهُ فِيهِمْ مُدَبِّرٌ ، وَيْلَكَ ، لَوْ كَانَتِ الْمَلَائِكَةُ هِيَ الَّتِي تَجِيءُ وَتَأْتِي دُونَهُ مَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : " لَمْ يَأْتِ رَبُّنَا وَهُوَ آتٍ " ، وَالْمَلَائِكَةُ آتِيَةٌ نَازِلَةٌ ، حِينَ يَقُولُونَ ذَلِكَ
أَرَأَيْتُمْ دَعْوَاكُمْ أَنَّ اللَّهَ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ، أَوَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَلَى الْعَرْشِ فَوْقَ الْمَاءِ ؟ فَكَيْفَ صَارَ بَعْدُ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فِي دَعْوَاكُمْ ، وَفِي دَعْوَانَا اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ ؟ فَكَمَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَجِيءَ ، وَيَأْتِيَ مَتَى شَاءَ ، وَكَيْفَمَا شَاءَ
أَرَأَيْتَكَ إِذَا فَسَّرْتَ قَوْلَهُ : يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ سورة البقرة آية 210 فَزَعَمْتَ أَنَّ اللَّهَ أَضْمَرَ فِي ذَلِكَ " أَمْرَهُ " كَمَا أَضْمَرَ فِي " الْقَرْيَةِ وَالْعِيرِ أَهْلَهَا " ، أَوَلَسْتَ قَدِ ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَدْرِ كِتَابِكَ أَنْ لَا يُوصَفَ بِالضَّمِيرِ ، فَإِنَّ الضَّمِيرَ يُنْفَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَنْ وَصَفَ اللَّهَ بِشَيْءٍ وَهُوَ عَنْهُ مَنْفِيٌّ فَهُوَ الْكَافِرُ عِنْدَكَ ، فَكَيْفَ نَفَيْتَ عَنْهُ هَذَا الضَّمِيرَ هُنَاكَ ، وَثَبَتَّهُ لَهُ هَا هُنَا ؟ أَوَلَمْ تَخْشَ عَلَى نَفْسِكَ مَا تَخَوَّفْتَ عَلَى غَيْرِكَ مِنَ الْكُفْرِ ؟ وَلَكِنَّكَ تَدَّعِي الشَّيْءَ فَتَنْسَاهُ حَتَّى تَدَّعِيَ بَعْدُ خِلَافَهُ ، فَيُأْخَذَ بِحَلْقِكَ غَيْرَ أَنِّي أَظُنُّكَ تَكَلَّمْتَ بِهِ بِالْخِرَافِ ، وَأَنْتَ آمِنٌ مِنَ الْجَوَاب ) نقض الإمام أبي سعيد على المريسي العنيد
ِتّأّويل الأشَاعِرَة لِصِفَة النُّزُول
قال أبو الحسن الأشعري (أجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى، وأن له تعالى يدين مبسوطتين، وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، من غير أن يكون جوارح، وأن يديه تعالى غير نعمته... وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها... وليس مجيئه حركة ولا زوالا وإنما يكون المجيء حركة وزوالا إذا كان الجائي جسما أو جوهرا، فإذا ثبت أنه عز وجل ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه نقلة أو حركة... وأنه تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس نزوله نقلة لأنه ليس بجسم ولا جوهر ) رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري، ص 225
قال ابن حجر العسقلاني (قَوْلُهُ : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ) اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ أَثْبَتَ الْجِهَةَ ، وَقَالَ : هِيَ جِهَةُ الْعُلُوِّ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِذَلِكَ يُفْضِي إِلَى التَّحَيُّزِ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى النُّزُولِ عَلَى أَقْوَالٍ : فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ ، وَهُمُ الْمُشَبِّهَةُ ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ . وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ صِحَّةَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ جُمْلَةً ، وَهُمُ الْخَوَارِجُ ، وَالْمُعْتَزِلَةُ ، وَهُوَ مُكَابَرَةٌ ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ أَوَّلُوا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ نَحْوِ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرُوا مَا فِي الْحَدِيثِ ، إِمَّا جَهْلًا ، وَإِمَّا عِنَادًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَجْرَاهُ عَلَى مَا وَرَدَ مُؤْمِنًا بِهِ عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ مُنَزِّهًا اللَّهَ تَعَالَى عَنِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ ، وَهُمْ جُمْهُورُ السَّلَفِ
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : فَأَمَّا قَوْلُهُ : يَنْزِلُ فَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى أَفْعَالِهِ لَا إِلَى ذَاتِهِ ، بَلْ ذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ مُلْكِهِ الَّذِي يَنْزِلُ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ
وَقَدْ حَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكَ أَنَّ بَعْضَ الْمَشَايِخِ ضَبَطَهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ أَيْ يُنْزِلُ مَلَكًا
قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : وَلَمَّا ثَبَتَ بِالْقَوَاطِعِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجِسْمِيَّةِ وَالتَّحَيُّزِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ النُّزُولُ عَلَى مَعْنَى الِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ أَخْفَضَ مِنْهُ ، فَالْمُرَادُ نُورُ رَحْمَتِهِ ) فتح الباري شرح صحيح البخاري
قلت و هذا مُخَالِف لِمَا عَلَيه أهْل السنَّة
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى يريدون أن يبدلوا كلام الله
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (فمما يعتبر به من كتاب الله عز وجل في النزول , ويحتج به على من أنكره , قوله تعالى : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ سورة البقرة آية 2100 , وقوله :وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا سورة الفجر آية 222 , وهذا يوم القيامة إذا نزل الله بين العباد , وهو قوله : وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلا { 25 } الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا سورة الفرقان آية 25-26 فالذي يقدر على النزول يوم القيامة من السموات كلها ليفصل بين عباده , قادر أن ينزل كل ليلة من سماء إلى سماء , فإن ردوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول , فماذا يصنعون بقول الله عز وجل , تبارك وتعالى ؟ ) الرد على الجهمية – باب النزول
و قال الصابوني (أخبرنا أبو بكر بن زكريا الشيباني سمعت : أبا حامد بن الشرقي يقول: سمعت أحمد السلمي وأبا داود الخفاجي يقولان: سمعنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: قال لي الأمير عبدالله بن طاهر: يا أبا يعقوب هذا الحديث الذي ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا. كيف ينزل؟ قال، قلت: أعز الله الأمير، لا يقال لأمر الرب كيف؟ إنما ينزل بلا كيف ) اعتقاد السلف و أهل الحديث
ايمان المُسْلِمِين بالنُّزُول
قال ابن أبي زمنين (وَأَخْبَرَنِي وَهْبٌ عَنْ اِبْنِ وَضَّاحٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: كُلُّ مَنْ أَدْرَكْتُ مِنْ اَلْمَشَايِخِ: مَالِكٍ وَسُفْيَانَ وَفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَعِيسَى وَابْنِ اَلْمُبَارَكِ وَوَكِيعٍ كَانُوا يَقُولُونَ: اَلنُّزُولُ حَقٌّ ) أصول السنة 113
قال الدارمي (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، ثنا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ طَارِقٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ هَبَطَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، ثُمّ قَالَ : هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَيُتَابَ عَلَيْهِ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى ؟
حَدَّثَنَا الزَّهْرَانِيُّ أَبُو الرَّبِيعِ ، ثنا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : إِذَا مَضَى ثُلُثٌ ، أَوْ : بَقِيَ نِصْفُ اللَّيْلِ ، يَنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَقُولُ : " مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟) الرد على الجهمية – باب النزول
قال ابن أي داود (وَقُلْ يَنْزِلُ الجَبَّارُ في كُلِّ لَيْلَةٍ *** بِلا كَيْف جَلَّ الواحدُ المتَمَدِّحُ
إلى طَبَقِ الدُّنيا يَمُنُّ بِفَضْلِهِ *** فَتُفْرَجُ أَبْوابُ السَّماءِ وتُفْتحُ
يَقولُ: ألا مِنْ مُسْتغفِرٌ يَلْقَ غَافِرًا *** ومُسْتَمنِحٌ خَيْرًا ورِزقًا فَيُمْنَحُ
رَوَى ذَاكَ قَومٌ لا يُرَدُّ حَدِيثَهم *** ألا خَابَ قَوْمٌ كذَّبوهُم وقُبِّحُوا ) الحائية
فالرّد على شُبْهَة الأشَاعِرَة
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِلُ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا يَنْزِلُ أَمْرُهُ وَرَحْمَتُهُ ، وَهُوَ عَلَى الْعَرْشِ بِكُلِّ مَكَانٍ ، مِنْ غَيْرِ زَوَالٍ ؛ لِأَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، وَالْقَيُّومُ بِزَعْمِهِ مَنْ لَا يَزُولُ
فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ : وَهَذَا أَيْضًا مِنْ حُجَجِ النِّسَاءِ ، وَالصِّبْيَانِ ، وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ بَيَانٌ ، وَلَا لِمَذْهَبِهِ بُرْهَانٌ ، لِأَنَّ أَمْرَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ يَنْزِلُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ ، وَوَقْتٍ وَأَوَانٍ ، فَمَا بَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَحُدُّ لِنُزُولِهِ اللَّيْلَ دُونَ النَّهَارِ ؟ وَيُوَقِّتُ مِنَ اللَّيْلِ شَطْرَهُ أَوِ الْأَسْحَارَ ؟ أَفَبِأَمْرِهِ وَرَحْمَتِهِ يَدْعُو الْعِبَادَ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ ؟ أَوْ يُقَدِّرُ الْأَمْرَ وَالرَّحْمَةَ أَنْ يَتَكَلَّمَا دُونَهُ فَيَقُولَا : " هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَ ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَ ؟ " فَإِنْ قَرَّرْتَ مَذْهَبَكَ ، لَزِمَكَ أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّ الرَّحْمَنَ وَالْأَمْرَ اللَّذَيْنِ يَدْعُوَانِ إِلَى الْإِجَابَةِ ، وَالِاسْتِغْفَارِ بِكَلَامِهِمَا دُونَ اللَّهِ ، هَذَا مُحَالٌ عِنْدَ السُّفَهَاءِ ، فَكَيْفَ عَنْدَ الْفُقَهَاءِ ؟ وَقَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ وَلَكِنْ تُكَابِرُونَ
وَمَا بَالُ رَحْمَتِهِ وَأَمْرِهِ يَنْزِلَانِ مِنْ عِنْدِهِ شَطْرَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ لَا يَمْكُثَانِ إِلَّا إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ، ثُمَّ يُرْفَعَانِ ، لِأَنَّ رِفَاعَةَ يَرْوِيهِ ، يَقُولُ فِي حَدِيثِهِ : " حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ "
وَقَدْ عَلِمْتُمْ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ أَبْطَلُ بَاطِلٍ ، لَا يَقْبَلُهُ إِلَّا كُلُّ جَاهِلٍ ) نقض الإمام أبي سعيد على المريسي العنيد
حُكُم المخَالِف
قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قال نا أبُو مَعْمَر القُطَيْعِي قال قَالَ عَبَّاد بْن الْعَوَّام قَدِمَ عَلَيْنَا شَرِيك وَاسِط فَقُلْنَا لَهُ إِنَّ عِنْدنَا قَوْم يُنْكِرُونَ هَذِهِ الْأَحَادِيث إِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِل إِلَى سَمَاء الدُّنْيَا فَقَالَ شَرِيك إِنَّمَا جَاءَنَا بِهَذِهِ الْأَحَادِيث مَنْ جَاءَنَا بِالسُّنَنِ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالزَّكَاة وَالْحَجّ وَإِنَّمَا عَرَفْنَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث ) الشريعة
قال البخاري (وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : إِذَا قَالَ لَكَ جَهْمِيٌّ : أَنَا أَكْفُرُ بِرَبٍّ يَزُولُ عَنْ مَكَانِهِ ، فَقُلْ : أَنَا أُؤْمِنُ بِرَبٍّ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) خلق أفعال العِباد صص61
قال الذهبي (قَالَ أَبُو دَاوُدَ : لَمْ يَكُنْ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كِتَابٌ ، سِوَى كِتَابِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ . وَرَوَى عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ : أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ بِحَدِيثِ نُزُولِ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ- فَقَالَ : مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يُنْكِرُ هَذَا ، فَاتَّهِمُوهُ ) سير أعلام النبلاء
و قال أيضا (النجاد ، نا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، عن يحيى بن معين ، قال : إذا قال لك الجهمي : كيف ينزل ؟ فقل : كيف صعد ؟ ) العلو للعلي الغفار
تأويل الأشاعرة لصِفَة اليَد
قال النووي ( قوله: (اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده)؛ في اليد هنا: المذهبان السابقان في كتاب الإيمان، ومواضع في أحاديث الصفات؛ أحدهما: الإيمان بها، ولا يتعرض لتأويلها؛ مع أن ظاهرها غير مراد.والثاني: تأويلها على القدرة ) المنهاج ج16 ص 200
قال أيضا ( قوله: (ثم يبسط يديه سبحانه وتعالى)؛ هو إشارة إلى نشر رحمته، وكثرة عطائه، وإجابته، وإسباغ نعمته ) المنهاج ج6 ص 38
ِو هذا مُخَالِفُ لِمُعْتَقَد أهل السُنَّة وَ الجَمَاعَة
قال تعالى (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ )ص
قال عثمان بن سعيد الدارمي (غير أنه وَلِيَ خلق الأشياء بقوله وأمره وإرادته، وولي خلق آدم بيده مسيسا، وشرف بذلك ذِكره، لولا ذلك ما كانت له فضيلة في ذلك عن شيء من خلقه، إذ كلُّهم خلقهم بغير مسيس في دعواك ) نقضه على المريسي ص 64
قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘبَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) المائدة
قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ) يس
قال تعالى (بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ال عمران
قال ابو سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ حِينَ خَلَقَ الْخَلْقَ كَتَبَ بِيَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي " ) نقضه على المريسي العنيد
قال بن بطة في الابانة الكبرى (حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَافْلائِي ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ الْمِصْرِيُّ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ ، وَلا يَقْبَلُ اللَّهُ إِلا طَيِّبًا ، إِلا أَخَذَهَا اللَّهُ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ ) بَابُ الإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا لِلْمُؤْمِنِ
جاء في المستدرك على الصحيحين (حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، أَنْبَأَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : خَلَقَ اللَّهُ جَنَّةَ عَدْنٍ ، وَغَرَسَ أَشْجَارَهَا بِيَدِهِ فَقَالَ لَهَا : تَكَلَّمِي . فَقَالَتْ : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) تفسير سورة المؤمنون
الرد على شُبهة الأشَاعِرَة
قال عثمان الدارمي ( فَقَوله (يَدَاهُ) عِنْدَكَ رِزْقَاهُ. فَقَدْ خَرَجْتَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مِنْ حَدِّ الْعَرَبِيَّةِ كُلِّهَا، أومن حَدِّ مَا يَفْقَهُهُ الْفُقَهَاءُ وَمِنْ جَمِيعِ لُغَاتِ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَمِمَّنْ تَلَقَّفْتَهُ؟ وَعَمَّنْ رَوَيْتَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفَارِسِيَّةِ؟ فَإِنَّكَ جِئْتَ بمحال لَا يعقله عجمي وَلَا عَرَبِيٌّ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ سَبَقَكَ إِلَى هَذَا التَّفْسِيرِ.فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فِي تَفْسِيرِكَ هَذَا فَأَثَرُهُ مِنْ صَاحِبِ عِلْمٍ أَوْ صَاحِبِ عَرَبِيَّةٍ، وَإِلَّا فَإِنَّكَ مَعَ كُفْرِكَ بِهِمَا مِنَ الْمُدَلِّسِينَ. وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرُهُمَا عِنْدَكَ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ كَذِبٌ مُحَالٌ، فَضْلًا عَلَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا و قال رحمه الله في رده على الجهمية وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} و {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} و {بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. وَقَالَ: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} .قَالَ هَؤُلَاءِ: لَيْسَ لِلَّهِ يَدٌ، وَمَا خَلَقَ آدَمَ بِيَدَيْهِ، إِنَّمَا يَدَاهُ نِعْمَتَاهُ وَرِزْقَاهُ. فَادَّعَوْا فِي يَدَيِ اللَّهِ أَوْحَشَ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْيَهُودُ {قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} .وَقَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ: يَدُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، لِأَنَّ النِّعَمَ وَالْأَرْزَاقَ مَخْلُوقَةٌ لَا شَكَّ فِيهَا. وَذَاكَ مُحَالٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَضْلًا أَنْ يَكُونَ كُفْرًا ) نقضه على المريسي
ِبَيَانُ أنّ تَأْويلُ الصِّفَات و ردّها سَبيلُ أهْلِ البِدَع
التأويل يتخذه أهل المُعَطّلة جُنّةٌ لإنكار حَقِيقَة صِفَات الله تعالى
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (بلغنا أن بعض أصحاب بشـر المريسـي قال: كيف تصنعون بهذه الأسانيد التي يحتجون بها علينا في ردِّ مذهبنا مما لا يمكن التكذيب بها؟ قال: لا تردُّوه فتفضحوا، ولكن غالطوهم بالتأويل، فتكونوا قد رددتم بلطف؛ إذ لم يمكنكم ردٌّ بعنف ) نقض المريسي ص 556
قال ابن قدامة المقدسي (ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية ) كتاب المناظرة في القرآن ص 35
قال أبو اسماعيل الأنصاري الهروي (سمعت الحاكم عدنان بن عبدة النميري يقول: سمعت أبا عمر البسطامي يقول : كان أبو الحسن الأشعري أولاً ينتحل الاعتزال، ثم رجع فتكلم عليهم، وإنما مذهبه التعطيل، إلا أنه رجع من التصريح إلى التمويه ) ذم الكلام وأهله 4/ 408
قال ابن تيمية (وقيل عن بعض رؤوس الجهمية - إما بشر المريسي، أو غيره -: أنه قال: ليس شيء أنقض لقولنا من القرآن، فأقروا به في الظاهر، ثم صرفوه بالتأويل. ويقال إنه قال: إذا احتجوا عليكم بالحديث فغالطوهم بالتكذيب، وإذا احتجوا بالآيات فغالطوهم بالتأويل ) درء تعارض العقل والنقل 5/217
اتْبَاع الأشاعِرَة للتأْويل اعتبره السلف نوعا من التكذيب و صرف و تغيير للفظ عن ظاهره
قال تعالى ( فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) الأعراف
قال ابن جرير الطبري (إِنَّ الْفَرِيقَ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ، إِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَجَارُوا عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ ، بِاتِّخَاذِهِمُ الشَّيَاطِينَ نُصَرَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وظُهَرَاءَ جَهْلًا مِنْهُمْ بِخَطَأِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، بَلْ فَعَلُوْا ذَلِكَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى وَحَقٍّ ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَتَوْهُ وَرَكِبُوا وَهَذَا مِنْ أَبِينِ الدَّلَالَةِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ رَكِبَهَا أَوْ ضَلَالَةٍ اعْتَقَدَهَا ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِصَوَابِ وَجْهِهَا ، فَيَرْكَبُهَا عِنَادًا مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيهَا . لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَرِيقِ الضَّلَالَةِ الَّذِي ضَلَّ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ هَادٍ ، وَفَرِيقِ الْهُدَى ، فَرْقٌ . وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَسْمَائِهِمَا وَأَحْكَامِهِمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ ) جامع البيان في تأويل القرآن المعروف
قال الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، يَقُولُ : كُنَّا جُلُوسًا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ ، قَالَ : فَقُمْنَا مَعَهُ ، فَانْقَطَعَتْ نَعْلُهُ ، فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ يَخْصِفُهَا ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَضَيْنَا مَعَهُ ، ثُمَّ قَامَ يَنْتَظِرُهُ ، وَقُمْنَا مَعَهُ ، فَقَالَ : " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقُرْآنِ ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ " , فَاسْتَشْرَفْنَا وَفِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، فَقَالَ : " لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ " ، قَالَ : فَجِئْنَا نُبَشِّرُهُ ، قَالَ : وَكَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ ) مسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ
قال ابن رجب الحنبلي (وقال أَبُو القاسم بن منده في كتاب الرد على الجهمية : التأويل عند أصحاب الحديث : نوع من التكذيب ) ذيل طبقات الحنابلة
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَبَاطِنُهُ يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ ذَلِكَ ، نَسْتَغْنِي فِيهِ بِالتَّنْزِيلِ عَنِ التَّفْسِيرِ ، وَيَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ ، وَالْخَاصَّةُ ،فَلَيْسَ مِنْهُ لِمُتَأَوِّلٍ تَأَوُّلٌ ، إِلا لِمُكَذِّبٍ بِهِ فِي نَفْسِهِ ، مُسْتَتِرٍ بِالتَّأْوِيلِ ) الرد على الجهمية
قال أبو العباس أحمد بن عمر ابن سريج البغدادي الشافعي (لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبهة، والكرامية، والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة ) اجتماع الجيوش الإسلامية صص174
قال أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَرَجِيُّ (كُلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ ، أَوْ وَصَفَهُ بِهَا رَسُولُهُ ، فَلَيْسَتْ صِفَةَ مَجَازٍ ، وَلَوْ كَانَتْ صِفَةَ مَجَازٍ لَتَحَتَّمَ تَأْوِيلُهَا ، وَلَقِيلَ : مَعْنَى الْبَصَرِ كَذَا ، وَمَعْنَى السَّمْعِ كَذَا ، وَلَفُسِّرَتْ بِغَيْرِ السَّابِقِ إِلَى الْأَفْهَامِ ، فَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ إِقْرَارُهَا بِلَا تَأْوِيلٍ ، عُلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ مَحْمُولَةٍ عَلَى الْمَجَازِ ، وَإِنَّمَا هِيَ حَقٌّ بَيِّنٌ ) سير أعلام النبلاء
قال ابراهيم ابن أحمد شاقلا (هَذِهِ الأحاديث تلقاها العلماء بالقبول فليس لأحد أن يمنعها ولا يتأولها ولا يسقطها لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ لها معنى عنده غير ظاهرها لبينه ولكان الصحابة حِينَ سمعوا ذَلِكَ من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سألوه عن معنى غير ظاهرها فلما سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا ونقبل طوعا ما قبلوا ) طبقات الحنابلة 3/239
قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (وذلك أن الله تعالى امتدح نفسه بصفاته تعالى، ودعا عباده إلى مدحه بذلك وصدق به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وبين مراد الله عز وجل فيما أظهر لعباده من ذكر نفسه وأسمائه وصفاته، وكان ذلك مفهوماً عند العرب غير محتاج إلى تأويلها ) التوحيد 3/7
قال الترمدي (رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَتَأَوَّلَتْ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ وَقَالُوا إِنَّ مَعْنَى الْيَدِ هَاهُنَا الْقُوَّةُ ) السنن
قال ابن شاهين (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثَ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: مَثَلُ الْجَهْمِيَّةِ مَثَلُ رَجُلٍ قِيلَ لَهُ: أَفِي دَارِكَ نَخْلَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: فَلَهَا خُوصٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا سَعَفٌ. قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا كَرَبٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا جِذْعٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَهَا أَصْلٌ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَلَا نَخْلَةَ فِي دَارِكَ. هَؤُلَاءِ الْجَهْمِيَّةُ، قِيلَ لَهُمْ: لَكُمْ رَبٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قِيلَ: يَتَكَلَّمُ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ يَدٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ قَدَمٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَهُ إِصْبَعٌ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَيَرْضَى وَيَغْضَبُ؟ قَالُوا: لَا. قِيلَ: فَلَا رَبَّ لَكُمْ ) شرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع الدين والتمسك بالسنن
قال حمد ابن عتيق (واعلم أرشدك الله أن الذي جرينا عليه، أنه إذا وصل إلينا شيء من المصنفات في التفسير، وشرح الحديث، اختبرنا واعتبرنا معتقده في العلو والصفات والأفعال، فوجدنا الغالب على كثير من المتأخرين أو أكثرهم مذهب الأشاعرة الذي حاصله نفي العلو، وتأويل الآيات في هذا الباب، بالتأويلات الموروثة عن بشر المريسي وأضرابه من أهل البدع والضلال ; ومن نظر في شرح البخاري ومسلم ونحوهما، وجد ذلك فيها ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية 12/26
السلف يكفرون من يرد الصفات بتأويله و يجحدها
قال اللالكائي (ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْدَاوِيُّ ، قَالَ : قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ : مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ , فَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ ) شرح أصول إعتقاد أهل السنة والجماعة
جاء في السير للذهبي ج14 ص 364 ( أجاز لنا إسماعيل بن جوسلين ، نا أحمد بن تميم الحافظ ، أنا عبد المعز بن محمد ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا أبو عمر المليحي ، أنا أبو الحسين الخفاف ، ثنا أبو العباس السراج ، إملاء سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة ، قال : من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك ، وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ، فيقول : من يسألني فأعطيه . فهو زنديق كافر يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه ، ولا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ) و كذلك في العلو 361
قال عبد الله بن الامام أحمد ( سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ، يَقُولُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَغْضَبُ وَلَا يَرْضَى - وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ - فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ عَلَى بِئْرٍ وَاقِفًا فَأَلْقُوهُ فِيهَا بِهَذَا أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ تَعَالَى ) السنة 535
قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ ، يَقُولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى وَلا يَغْضَبُ ، فَهُوَ كَافِرٌ ، إِنْ رَأَيْتَهُ وَاقِفًا عَلَى بِئْرٍ فَاطْرَحْهُ فِيهَا ، فَإِنَّهُمْ كُفَّارٌ ) الإِبَانَةُ الْكُبْرَى
قال ابن خزيمة (باب اثبات السَّمع، والرُّؤية لله جلّ وعلا الذي هو كما وصفَ نفسه سَميعٌ بصيرٌ، ومَن كان معبوده غير سميعٍ بصير؛ فهو كافر بالله السميع البصير، يعبد غير الخالق الباري الذي هو سميعٌ بصير ) كتاب التوحيد ج 1 ص 106
و قال أبو سعيد الدارمي (فَرَأَيْنَا هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةَ أَفْحَشَ زَنْدَقَةً , وَأَظْهَرَ كُفْرًا , وَأَقْبَحَ تَأْوِيلا لِكِتَابِ اللَّهِ , وَرَدِّ صِفَاتِهِ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلاءِ الزَّنَادِقَةِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَحَرَّقَهُمْ ، فَمَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَتْلِ الزَّنَادِقَةِ ، لأَنَّهَا كُفْرٌ عِنْدَهُمَا ، وَأَنَّهُمْ عِنْدَهُمَا مِمَّنْ بَدَّلَ دِينَ اللَّهِ ... وَنُكَفِّرُهُمْ أَيْضًا بِالْمَشْهُورِ مِنْ كُفْرِهِمْ أَنَّهُمْ لا يُثْبِتُونَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجْهًا وَلا سَمْعًا وَلا بَصَرًا وَلا عِلْمًا وَلا كَلامًا وَلا صِفَةً إِلا بِتَأْوِيلِ ضُلالٍ ، افْتُضِحُوا وَتَبَيَّنَتْ عَوْرَاتُهُمْ ، يَقُولُونَ : سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِلْمُهُ وَكَلامُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ مُغْلَقٍ ، وَصُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ ، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ فِي دَعْوَاهُمْ حِيطَانُهُمْ وَأَغْلاقُهَا وَأَقْفَالُهَا ، فَإِلَى اللَّهِ نَبْرَأُ مِنْ إِلَهٍ هَذِهِ صِفَتُهُ ) الرد على الجهمية
قال عثمان ابن سعيد الدارمي (فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ مُسْتَعَارَةٌ ، فَقَدْ كَفَرَ ، وَفَجَرَ ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : اللَّهُ فَهُوَ اللَّهُ ، وَإِذَا قُلْتَ : الرَّحْمَنُ فَهُوَ الرَّحْمَنُ وَهُوَ اللَّهُ ، وَإِذَا قُلْتَ : الرَّحِيمُ فَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِذَا قُلْتَ : حَكِيمٌ ، حَمِيدٌ ، مَجِيدٌ ، جَبَّارٌ ، مُتَكَبِّرٌ ، قَاهِرٌ ، قَادِرٌ فَهُوَ كَذَلِكَ اللَّهُ سَوَاءٌ ، لَا يُخَالِفُ اسْمٌ لَهُ صِفَتَهُ ، وَلَا صِفَتُهُ اسْمًا ) نقضه على المريسي
بل وصل بهم الجهل أن شبهوا الله بالعدم
قال السيوطي (أشعري ) ( 11- قوله تعالى: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) فيه الرد على المشبهة وأنه تعالى ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا لون ولا طعم ولا حال في مكان ولا زمان ) الإكليل صص42
قال ابن حجر العسقلاني (وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ جَارِحَةٌ) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج3 ص 463
وهذه صفة المعدوم ففهم السيوطي من قوله تعالى ( ليس كمثله شيء ) ما يفمهه السامع من قوله ( ليس بشيء ) وإذا كانت الموجودات فيها ما هو عليم وقدير واشتراكها في قدر الوجود والعلم والقدرة والكلام لا يقتضي تشبيهها بالخالق ، فلماذا تلك السلوب التي ذكرها السيوطي ؟ بل إن السيوطي قد شبه ربه بالهواء الذي لا لون له ولا رائحة وشبهه بالماء الذي لا طعم له
قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ بْنِ يُونُسَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنَ طَلْحَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَنِيفَةَ الدَّوْسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، يَقُولُ : اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ ، مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، عَلَى الإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ ، وَالأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ ، وَلا وَصْفٍ ، وَلا تَشْبِيهٍ , فَمَنْ فَسَّرَ الْيَوْمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَقَدْ خَرَجَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا , وَلَكِنْ أَفْتَوْا بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا , فَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ ، فَقَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، لأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ لا شَيْءَ ) شرح أصول اعتقاد
و كما قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحْرِزُ بْنُ عَوْنٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلٍ يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ يُلَقَّبُ رَاهَوَيْهِ قَالَ : قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : لَيْسَ تَعْبُدُ الْجَهْمِيَّةُ شَيْئًا ) السنة
و قال أبو نصر بن سعيد السجزي (وينبغي أن يتأمل قول الكلابية والأشعرية في الصفات، ليعلم أنهم غير مثبتين إلهاً في الحقيقة، وأنهم يتخيرون من النصوص ما أرادوه، ويتركون سائرها ويخالفونه ) رسالة السجزي إلى أهل زبيد ص 173
انِكَار الأشَاعِـرة لِرُؤْيَة الله عَزَّ وَجَل
قال النووي (وَحَكَمَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عَنِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ فُورَكَ أَنَّهُ حَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ : أَحَدُهُمَا : وُقُوعُهَا ، وَالثَّانِي لَا تَقَعُ ، ثُمَّ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ أَنَّ الرُّؤْيَةَ قُوَّةٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا اتِّصَالُ الْأَشِعَّةِ وَلَا مُقَابَلَةُ الْمَرْئِيِّ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ ، لَكِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ فِي رُؤْيَةِ بَعْضِنَا بَعْضًا بِوُجُودِ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الِاتِّفَاقِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاطِ ، وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتُنَا الْمُتَكَلِّمُونَ ذَلِكَ بِدَلَائِلِهِ الْجَلِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِثْبَاتُ جِهَةٍ - تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ - بَلْ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ لَا فِي جِهَةٍ كَمَا يَعْلَمُونَهُ لَا فِي جِهَةٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) شرح النووي على مسلم – بَاب فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَفِي قَوْلِهِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ
و هذا مخالف لما يعتقده أهل السنة و الجماعة
قال تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) القيامة
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَافْعَلُوا ) بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
قال عبد الله ابن الامام احمد (حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلٍ الْهَمَذَانِيُّ، نا عَمْرُو بْنُ عَوْنِ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ فِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطِ الْجُمَحِيُّ: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] قَالَ: إِلَى وَجْهِ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، نا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ: " {نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] قَالَ: تَنْظُرُ إِلَيْهِ نَظَرًا ) السنة
قال تعالى (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ )يونس
قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، نا أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَهُ: " {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] فَقَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الزِّيَادَةُ؟ النَّظَرُ إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، نا وَكِيعٌ، نا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ السَّعْدِيِّ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} قَالَ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، نا حَمَّادُ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، نا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] قَالَ: الْحُسْنَى: الْجَنَّةُ، وَالزِّيَادَةُ: نَظَرُهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: 26] بَعْدَ نَظَرِهِمْ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ) السنة
قال مسلم (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْسَرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَزَادَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى
و قال تعالى (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ ) المطففين
قال أبو زرعة الرازي (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ : سُئِلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنِ الرُّؤْيَةِ ، فَقَالَ : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُحْجَبُونَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )عقيدته
قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ النَّاسَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ هَلْ تُمَارُونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَهَلْ تُمَارُونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ ... ) بَاب فَضْلِ السُّجُودِ
قال أبو سعيد الدارمي (قال الله تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ { 22 } إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ سورة القيامة آية 22-23 وقال : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ { 15 } ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ { 16 } ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ سورة المطففين آية 15-17 ففي هذا دليل أن الكفار كلهم محجوبون عن النظر إلى الرحمن عز وجل وأن أهل الجنة غير محجوبين عنه ) الرد على الجهمية
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ ) باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
المُسْلِمُونَ يَرَوْنَ رَبَّهُم بِأَعْيُنِهُم حقيقة بِخِلافِ مَا يَقُول الأشَاعِرَة
قال البخاري (حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ الْيَرْبُوعِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْعِيَانًا ) باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة
قال اللالكائي (ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثَنَا أَبِي قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الدَّامِغَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ صَالِحٌ الْمَرْوَزِيُّ ، وَكَانَ صَاحِبَ قُرْآنٍ ، قَالَ : دَسَّ الْجَهْمِيَّةُ إِلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ رَجُلا ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ خدا رابان جهان جون ببيند , قَالَ : يَجْشُمُ , يَعْنِي كَيْفَ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بِالْعَيْنِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
تسمية من كذّب بالرؤية بالجهميُّ
قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ الْجُعْفِيَّ، وَحَدَّثَ بِحَدِيثِ الرُّؤْيَةِ، قَالَ: عَلَى رَغِمَ أَنْفِ جَهْمٍ وَالْمَرِيسِيِّ ) السنة
قال البخاري (قَالَ وَكِيعٌ: مَنْ كَذَّبَ بِحَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الرُّؤْيَةِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ فَاحْذَرُوهُ ) خلق أفعال العباد
قال اللالكائي (عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ صَالِحٍ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيَّ لُوَيْنَ قَالَ : قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الرُّؤْيَةِ ( تَرْوِيهَا ) ، فَقَالَ : حَقٌّ نَرْوِيهَا عَلَى مَا سَمِعْنَاهَا مِمَّنْ نَثِقُ بِهِ وَنَرْضَى بِهِ و رَوَى عَنْهُ أَبُو مَرْوَانَ الطَّبَرِيُّ ، لَا نُصَلِّي خَلْفَ الْجَهْمِيِّ ، وَالْجَهْمِيُّ الَّذِي يَقُولُ : لَا يَرَى رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال ابن ابي داود رحمه الله (وقل يتجلى الله للخلقِ جهرةً *** كما البدر لا يخفى وربك أوضحُ
وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ *** وليس له شِبْهٌ تعالى المُسبحُ
وقد يُنكِر الجهمي هذا عندنا *** بمصداقِ ما قلنا حديثٌ مصرحُ
رواه جريرٌ عم مقالِ مُحمدٍ *** فقلُ مِثل ما قد قال ذاك تنْجحُ) الحائية
تكفير من أنكر الرؤية
قال عبد الله (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ ) فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَالَ يَزِيدُ: مَنْ كَذَبَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) السنة
قال الآجري ( وقد قال الله عزّ وجلّ لنبيِّه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) [النحل: ٤٤]، وكان ممّا بيّنه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لأمّته في هذه الآيات أنه: أعلمَهم في غير حديث: ( إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه جماعةٌ من صحابته رضي الله عنهم، وقَبِلها العلماءُ عنهم أحسن القَبول، كما قَبِلوا عنهم عِلمَ الطهارة والزكاة والصيام والحجّ والجهادِ، وعلمَ الحلال والحرام، كذا قَبِلوا منهم الأخبارَ: أنّ المؤمنين يرون اللهَ عزّ وجلّ لا يشكّون في ذلك، ثمّ قالوا: من ردّ هذه الأخبار فقد كفر ) الشريعة 253
قال الدارقطني ( قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ - وَقِيلَ لَهُ تَقُولُ بِالرُّؤْيَةِ - فَقَالَ : مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالرُّؤْيَةِ فَهُوَ جَهْمِيٌّ . وَقَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَبَلَغَهُ عَنْ رَجُلٍ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ، فَقَدْ كَفَرَ ، عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ مَنْ كَانَ مِنَ النَّاسِ ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) ، وَقَالَ : ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) ) الرؤية
قال القاضي أبو يعلى (قَالَ أَبُو طَالِبٍ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ ) ، ( الْبَقَرَةِ : 210 ) ، ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) فَمَنْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يُرَى ، فَقَدْ كَفَرَ ) إبطال التأويلات ورقة 855 من المخطوط - مستفاد من تحقيق بيان تلبيس الجهمية
احتجاجهم بقوله تعالى (لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الأنعام و قوله تعالى (رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ) الأعراف
نفيَ الرؤيةِ في الآيتين إنّما يفيدُ نفيَهما عنه سبحانه في الدنيا، والأدلةُ السابقةُ تدلّ على إثباتها في الآخرة، ولا تعارضَ بينها
قال عبد الله ابن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُلَيَّةَ، يَقُولُ: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] قَالَ: هَذَا فِي الدُّنْيَا ) السنة
قال مسلم في صحيحه (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حَذَّرَ النَّاسَ الدَّجَّالَ إِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَقَالَ تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ ) باب ذكر ابن صياد
ُالأشَاعِرَة يَدْعُون الى الشِّرْك وَ يُبيحُونَه
نتج عن حصرهم للتوحيد في اعتقاد ربوبية الله و حصرهم للكفر في التكذيب القلبي اباحتهم للشرك
قال النووي (فَفِيهِ جَوَازُ التَّبَرُّكِ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ . وَفِيهِ زِيَارَةُ الْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ وَالْكُبَرَاءِ أَتْبَاعِهِمْ وَتَبْرِيكِهِمْ إِيَّاهُمْ . وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِدْعَاءِ الْمَفْضُولِ لِلْفَاضِلِ لِمَصْلَحَةٍ تَعْرِضُ ) شرح النووي على مسلم – كتاب الايمان
قال النووي (قَوْلُهُ : ( فَأَخْرَجَ لَنَا سَهْلٌ ذَلِكَ الْقَدَحَ فَشَرِبْنَا مِنْهُ ، قَالَ : ثُمَّ اسْتَوْهَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَوَهَبَهُ لَهُ ) يَعْنِي : الْقَدَحَ الَّذِي شَرِبَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . هَذَا فِيهِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا مَسَّهُ أَوْ لَبِسَهُ ، أَوْ كَانَ مِنْهُ فِيهِ سَبَبٌ ، وَهَذَا نَحْوُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَأَطْبَقَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ عَلَيْهِ مِنَ التَّبَرُّكِ بِالصَّلَاةِ فِي مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّوْضَةِ الْكَرِيمَةِ) شرح النووي على مسلم – كتاب الأشربة
قال ابن حجر العسقلاني في حديث صحيح البخاري : عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا قَالَ فَيُسْقَوْنَ (وَيُسْتَفَادُ مِنْ قِصَّةِ الْعَبَّاسِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِشْفَاعِ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ) كتاب الاستسقاء
قال ابن الحاج الأشعري (فَمَنْ أَرَادَ حَاجَةً فَلْيَذْهَبْ إلَيْهِمْ وَيَتَوَسَّلُ بِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَخَلْقِهِ ... وَمَا زَالَ النَّاسُ مِنْ الْعُلَمَاءِ ( يقصد الأشاعرة) ، وَالْأَكَابِرِ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ مَشْرِقًا وَمَغْرِبًا يَتَبَرَّكُونَ بِزِيَارَةِ قُبُورِهِمْ وَيَجِدُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ حِسًّا وَمَعْنًى ...فَإِنَّ بَرَكَةَ الصَّالِحِينَ جَارِيَةٌ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ كَمَا كَانَتْ فِي حَيَاتِهِمْ وَالدُّعَاءُ عِنْدَ قُبُورِ الصَّالِحِينَ ، وَالتَّشَفُّعُ بِهِمْ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّين ) كتاب المدخل
قال السبكي (وحسبك أن إنكار ابن تيمية للإستغاثة والتوسل قول لم يقله عالم قبله (يقصد علماء الأشاعرة) وصار به بين أهل الإسلام مُثلة ) غاية الأماني في الرد على النبهاني
حتى أنهم ألّفوا في هذا و دعوا الناس الى الشرك
قال محمد ابن بهادر الزركشي ( و الظّاهر الجواز و قد صنّف الشيخ أبو عبد الرحمن ابن النعمان كتابا سماه مصباح الظلام في المستغيثين بخير الأنام تلقاه الناس بالقبول و عدم النكير ) كتاب الأزهية في أحكام الأدعية
قال عبد الرحمن بن حسن ( وصارت فتنة الجهمية أكثر انتشاراً ودخل فيها من يدعي أنه على السنة، وليس كذلك، فخالف الكتاب، والسنة، وسلف الأمة، وأئمتها، وعم ضررهم، فجحدوا الصفات، وتوحيد الإِلَهية، الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه فهم خصوم أهل التوحيد، والسنة، إلى اليوم؛ فإياكم أن تغتروا بمن هذه حاله، ولو كان له صورة ودعوى في العلم، ممن امتلأ قلبه، من فرث التعطيل، وحال بينه وبين فهم الأدلة الصحيحة الصريحة، شبهات التأويل ) الدرر السنية في الاجوبة النجدية ج 4 ص 205
و هذا من الغلو الذي لم يكن عليه أهل الاسلام يوما
فليس في عقيدة المسلمين التوسل بجاه الموتى أو ذواتهم
قال مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ حَيْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِهِمَا عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ ) باب استحباب القول مثل قول المؤذن والصلاة على النبي وسؤال الوسيلة له
أُمِرْنَا صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث بــ
الصلاةِ عليهِ عقبَ الأذانِ
و الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم تُعَرَضُ عليه و تَصِلُه حَيْثُما كان المُصلي
قال ابو داود (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلَا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ ) باب زيارة القبور
قال النسائي (أَخْبَرَنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُفَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ.. ) كتاب الجمعة - إِكْثَارُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
و سؤالِ اللهِ تَعَالى لهُ الوسيلةَ
وسُؤَال الوَسِيلَة لا يُشْتَرَط فَيه التَّبَرك وَ مُلامَسَة القُبُور بَل يَكْفِي قَوْل الدُّعَاء عَقِب الأذَان
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) باب الدعاء عند النداء
!لاَ أنْ نتوسلَ بهَ
و قال البخاري (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ سَمِعَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ) باب قول الله واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها
و ليس في عقيدة المسلمين التَّبَرُكُ بِالصَّالِحِين
قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ) بَاب مَا ذُكِرَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
قال الخلال (عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيِّ قَالَ مَسَحْت يَدِي عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثُمَّ مَسَحْت يَدِي عَلَى بَدَنِي وَهُوَ يَنْظُرُ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَهُ وَيَقُولُ عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا ؟ وَأَنْكَرَهُ إنْكَارًا شَدِيدًا ) أخلاق الامام أحمد
و قد نهى الصحابة و من بعدهم عن الشرك و وسائله
قال البخاري (بَاب مَنْ لَمْ يَسْتَلِمْ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ قَالَ وَمَنْ يَتَّقِي شَيْئًا مِنْ الْبَيْتِ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِنَّهُ لَا يُسْتَلَمُ هَذَانِ الرُّكْنَانِ فَقَالَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَسْتَلِمُهُنَّ كُلَّهُنَّ ) باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين
فنهاه أن يتبرك بركن من أركان الكعبة غير الحجر الأسود والركن اليماني لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن وضاح الأندلسي (سَمِعْتُ سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ مُفْتِي أَهْلِ طَرَسُوسَ يَقُولُ : أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِقَطْعِ الشَّجَرَةِ الَّتِي بُويِعَ تَحْتَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَطَعَهَا لأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَذْهَبُونَ فَيُصَلُّونَ تَحْتَهَا , فَخَافَ عَلَيْهِمُ الْفِتْنَةَ , قَالَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ : وَهُوَ عِنْدَنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ , عَنْ نَافِعٍ : إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَأْتُونَ الشَّجَرَةَ , فَقَطَعَهَا عُمَرُ ) البدع و النهي عنها
و هنا عمر رضي الله عنه قطع الشجرة لما اجتمع الناس حولها سدا لطرائق الشرك
قال سعيد ابن منصور (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سُهَيْلٍ قَالَ رَآنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْقَبْرِ فَنَادَانِي وَهُوَ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ يَتَعَشَّى فَقَالَ هَلُمَّ إِلَى الْعَشَاءِ ، فَقُلْتُ لَا أُرِيدُهُ ، فَقَالَ مَا لِي رَأَيْتُكَ عِنْدَ الْقَبْرِ ؟ فَقُلْتُ سَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالَ إِذَا دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَسَلِّمْ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ مَا كُنْتُمْ ، لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ مَا أَنْتُمْ وَمَنْ بَالْأَنْدَلُسِ إِلَّا سَوَاءٌ ) السنن
حكم من أباح الشرك أو دعا اليه
قال تعالى (جَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ ) القصص
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا تَجْعَلْنَا أَئِمَّةَ ضَلَالَةٍ; لِأَنَّهُ قَالَ لِأَهْلِ السَّعَادَةِ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَقَالَ لِأَهْلِ الشَّقَاوَةِ: وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال تعالى (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل
قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أَيْ ذُنُوبَهُمْ وَذُنُوبَ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ، ( أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ )اهـ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ وَرْقَاءَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ) قَالَ : حَمَّلَهُمْ ذُنُوبَ أَنْفُسِهِمْ وَذُنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَلَا يُخَفِّفُ ذَلِكَ عَمَّنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ شَيْئًا ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ حُجْرٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ ، عَنْ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) كِتَاب الْعِلْمِ
ومن الضلال : الشرك
قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) الأنعام
قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚوَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء
قال ابن حبان (خبرنا الثقفى قال : حدثنا أحمد بن الوليد الكرخي قال : حدثنا الحسن بن الصباح قال : حدثنا محفوظ بن أبى ثوبة قال : حدثنى ابن أبى مسهر قال : حدثنا يحيى ابن حمزة وسعيد بن عبد العزيز قالا : سمعنا أبا حنيفة يقول : لو أن رجلا عبد هذا البغل تقربا بذلك إلى الله جل وعلا لم أر بذلك بأسا ) كتاب المجروحين - ابن حبان ج 3 ص 73
نفس الرواية في تاريخ بغداد - الخطيب البغدادي ج 31 ص 369 ( أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه حدثنا يعقوب بن سفيان حدثني علي بن عثمان بن نفيل حدثنا أبو مسهر حدثنا يحيى بن حمزة وسعيد يسمع أن أبا حنيفة قال لو أن رجلا عبد هذه النعل يتقرب بها إلى الله لم أرى بذلك بأسا فقال سعيد هذا الكفر صراحا) سند اخر
و صدق تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) الانعام
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ ، أَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا قَالَ: إِنَّ لِلْجِنِّ شَيَاطِينَ يُضِلُّونَهُمْ مِثْلَ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ يُضِلُّونَهُمْ ، قَالَ: فَيَلْقَى شَيْطَانُ الْإِنْسِ وَشَيْطَانُ الْجِنِّ ، فَيَقُولُ هَذَا لِهَذَا: أَضْلِلْهُ بِكَذَا ، وَأَضْلِلْهُ بِكَذَا ، قَالَ: فَهُوَ قَوْلُهُ: يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي عَمِّي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلَهُ: زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا قَالَ: يُحَسِّنُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ الْقَوْلَ لِيَتَّبِعُوهُمْ فِي فِتْنَتِهِمْ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمَا قَالَا تَزْيِينُ الْبَاطِلِ بِالْأَلْسِنَةِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
في باب القَدْرْ نَجْد الأشَاعِـرة جَبْريّة
يضرب البغدادي صاحب الفرق بين الفرق مثالاً فَيَقُول ( لو أن رجلين حملا حجراً واحداً وأحد الرجلين كبير والآخر صغير، فلو حمل الكبير الحجر وحده لاستطاع، لكن جَاءَ الصغير وحمل الحجر معه، فجاء المعاقب الذي يعاقب عَلَى حمل الحجر، فعاقب الصغير وضربه، فإنه لا يكون ظالماً، لأنه حمل مع الكبير، وإن كَانَ الكبير هو الذي يستقل بحملها وحده ) كتاب أصول الدين
جاء في عقيدة الأشاعرة المسماة جوهرة التوحيد (والفعل في التأثير ليس إلا *** للواحد القهار جلا وعلا
وعندنا للعبد كسب كُلفا *** ولم يكن مؤثرا فلتعرفا
فليس مجبورا ولا اختيارا *** وليس كلا يَفعل اختيارا
فإن يُثبنا فبمحض الفضل *** وإن يعذب فبمحض العدل) هذا المتن يدرس في جل الجامعات العربية
قال الباجوري ( أشعري ) في شرحه لهذه الأبيات (وقد أشار المصنف في المتن إلى أن في هذه المسألة ثلاثة مذاهب: مذهب أهل السنة (يقصد الأشاعرة )، وهو أنه ليس للعبد في أفعاله الاختيارية إلا الكسب، فليس مجبورا كما تقول الجَبرية، وليس خالق لها كما تقول المعتزلة ) شرج جوهرة التوحيد للإمام الباجوري، الصفحة 115، طبعة دار الكتب العلمية بيروت، الطبعة الثالثة 2007
فلا تثبت الفعل إلا لله جلا وعلا، فلا يؤثر إلا الله: ولا يفعل إلا الله: فيقال لهم: لو أن أحداً زنى من الفاعل في هذه الحالة؟ فإن قالوا: "الله" فهذا هو الكفر، وإن قالوا: فعل العبد فالعبد هو الفاعل، والله هو الخالق
قال النووي في شرح مسلم ( قالَ الْمَازِرِيّ : وَهَذَا غَيْر مُسَلَّم لِأَنَّا بَيَّنَّا فِي كُتُب عِلْم الْكَلَام أَنَّ لَا فَاعِل إِلَّا اللَّه تَعَالَى ، وَبَيَّنَّا فَسَاد الْقَوْل بِالطَّبَائِعِ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُحْدِث لَا يَفْعَل فِي غَيْره شَيْئًا ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا بَطَل مَا قَالُوهُ ) شرح صحيح مسلم 7/327
ولم يعقب على هذا الكلام بشيء بل أقره وهذا جبر له قرون في قولهم لا فاعل الا الله
الرّد
قد نسب الله تَعَالَى في القُرْآن الكريم الأفعال إِلَى العبد
قال تعالى (فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) البقرة
قال تعالى (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ال عمران
قال تعالى (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة
قال تعالى (قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) النور
قال تعالى (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) التغابن
قد أثبت سبحانه الفعل للخلق
قال تعالى (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل
قال تعالى (كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الانفطار
فهذه الأفعال فعلها العبد، والله تَعَالَى خلق الإِنسَان، وخلق أفعاله قال تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) الصافات . وخلق القدرة التي بها يفعل الأفعال، لكن الفاعل هو الإِنسَان، والإِنسَان له إرادة وله مشيئة
قال تعالى (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ) التكوير
و قال تعالى (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف
لكن هذه الإرادة وهذه المشيئة لا تقع إلا بعد مشيئة الله
قال تعالى ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) الانسان
و قال تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) الانسان
قال تعالى (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ال عمران
قال تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗوَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) البقرة
فمن هنا كانت مشيئة العبد تبعاً لمشيئة الله تعالى
و الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي او اتكالا فهو فعل المشركين الاوائل
قال تعالى (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ) الانعام
فهؤلاء المشركون احتجوا بالقدر على شركهم، ولو كان احتجاجهم مقبولاً صحيحا ما أذاقهم الله بأسه
و قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النحل
فالايات واضحة في احتجاج المشركين بالقدر على شركهم و شرك ابائهم و تكذيب الله لهم هذا الاحتجاج الباطل
و اثبت الله سبحانه أن المعاصي المَوْجِبة للنار سببها أصحابها و ليس لهم حجة في قضاء الله و قدره
قال تعالى (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ) المؤمنون
و هذا الاحتجاج يلزم منه أن يكون رؤوس الكفر كإبليس و فرعون و من تبعهم في كفرهم معذورين و كفى بهذا القول كفر
قال ابن تيمية (وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَحْتَجَّ بِالْقَدَرِ عَلَى الذَّنْبِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَسَائِرِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَسَائِرِ الْعُقَلَاءِ ; فَإِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مَقْبُولًا لَأَمْكَنَ كُلَّ أَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَخْطُرُ لَهُ مِنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَيَحْتَجَّ بِالْقَدَرِ . وَنَفْسُ الْمُحْتَجِّ بِالْقَدَرِ إذَا اُعْتُدِيَ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ الْمُعْتَدِي بِالْقَدَرِ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ بَلْ يَتَنَاقَضُ وَتَنَاقُضُ الْقَوْلِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ ; فَالِاحْتِجَاجُ بِالْقَدَرِ مَعْلُومُ الْفَسَادِ فِي بِدَايَةِ الْعُقُولِ ) مجموع الفتاوى ج8 ص 179
الأشَاعِـرَة يَقُولُون بِعَدَم حُجِيَّة أحَاديث الآحَاد فِي العَقَائِد
قال البيجوري القبوري الأشعري ( أجيب عن حديث والد النبي صلى الله عليه وسلم أنه في النار بأن أحاديثهم أحاديث آحاد وهي لا تعارض القطعي )شرح الجوهرة
وقال الرازي عن حديث (إن الله ليس بأعور ) ( وأنه سبحانه يضع قدمه في النار: إنه من البعد صدور هذا الكلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أساس التقديس صص215
قال الجويني ( وأما الأحاديث التي يتمسكون بها ، فآحاد لا تفضي إلى العلم ، ولو أضربنا عن جميعها كان سائغاً ) الإرشاد صص161
وقال الملا علي القاري (فإنأخبار الآحاد لا تفيد الإعتماد في الإعتقاد ) شرح الفقه الأكبر
و هذا مُخالف لما في كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) التوبة
والطائفة تقع على الواحد فما فوقه، والإنذار إعلام بما يُفيد العلم، والتبليغ لأمور الشرع من عقيدة وغيرها بلا فرق
قال البخاري في صحيحه (وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ سورة التوبة آية 122 وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا سورة الحجرات آية 9 فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلَانِ دَخَلَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا سورة الحجرات آية 66 وَكَيْفَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَرَاءَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَإِنْ سَهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إِلَى السُّنَّةِ ) كِتَاب أَخْبَارِ الْآحَادِ
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) الحجرات
ومفهوم الآية قَبول خَبَر الوَاحِد الثقة
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ أَلَا تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَقَالَ أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلِّغٍ يُبَلِّغُهُ لِمَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ فَكَانَ كَذَلِكَ قَالَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِيِّ حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ قَالَ أَشْرِفُوا عَلَى أَبِي بَكْرَةَ فَقَالُوا هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَحَدَّثَتْنِي أُمِّي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ قَالَ لَوْ دَخَلُوا عَلَيَّ مَا بَهَشْتُ بِقَصَبَةٍ ) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض
قال أحمد في مسنده (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ ) مُسْنَدُ المُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ
و هنا رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا لمن سمع منه حديثا فبلّغه
معلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرسل الآحاد بأصول العقيدة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ـ وإرساله حُجَّة مُلْزِمة
ومن الامثلة
مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وهو واحد أرسله صلى الله عليه و سلم لليمن بالتوحيد
قال البخاري (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ ) باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى
دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ رضي الله عنه وكان واحدا يحمل رسالة لهرقل يدعوه فيها الى التوحيد
قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ رَافِعٍ قَالَ ابْنُ رَافِعٍ وَابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيهِ قَالَ انْطَلَقْتُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّأْمِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَعْنِي عَظِيمَ الرُّومِ قَالَ وَكَانَ دَحْيَةُ الْكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ فَقَالَ هِرَقْلُ هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا ... ) بَاب كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هِرَقْلَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ
قال البخاري (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَر ) بَاب مَا كَانَ يَبْعَثُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ
بل جل ّ الرُّسل عليهم السلام أُرسلوا الى اقوامهم فرادا فرسول الله صلى الله عليه و سلم كان وحده أول بِعثَتِه
قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ: فِي قَوْلِهِ: وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
و كان الصحابة فيما بينهم لا يجدون حرجا في اتباع خبر الاحاد الصادق
قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَاسْتَدَارُوا إِلَى الْكَعْبَةِ ) باب ما جاء في القبلة ومن لم ير الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة
فالصحابة صدقوا خبر هذا الواحد الذي لم يُذكر اسمه و استقبلوا الكعبة
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ إِذَا غَابَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدْتُهُ أَتَيْتُهُ بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا غِبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَهُ أَتَانِي بِمَا يَكُونُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كتاب أخبار الآحاد
و هذا عمر رضي الله عنه كان يأتي صاحبه اذا غاب بالوحي الذي ينزل على رسول الله
قال الشافعي (قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يَقُولُ : الدِّيَةُ لِلْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا شَيْئًا حَتَّى أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا فَرَجَعَ إلَيْهِ عُمَرُ ) الأم – كتاب جرح العمد
فعمر رضي الله عنه قبل خبر الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو واحد
قال الشافعي (ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة: أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبته جاز لي. ولكن أقول: لم أحفظ عن فقهاء المسلمين أنهم اختلفوا في تثبيت خبر الواحد) كتاب الرّسالة 1/ 457
اعْتِبَار الأشَاعِـرَة عِلْمَ الكَلامَ الأصْلَ فِي مَعْرفَة العَقَائِد
الأشاعرة يعترفون بأنهم فرقة كلامية فتجدهم يقولون في تراجم علمائهم ( المتكلم على مذهب الأشعري )اهـ
قال السبكي (أشعري ) (زيد بن نصر بن تميم الحموي فقيه متكلم على مذهب الأشعري وقد ولى حسبة دمشق ومصر ) طبقات الشافعية الكبرى ج7 ص 44
فما هو علم الكلام ؟
قال ابن خلدون ( علم الكلام علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية ) مقدمته صص458
قال أبو إسماعيل الأنصاري واصفاً حال الأشاعرة ( وأبطلوا التقليد فكفروا آباءهم وأمهاتهم وأزواجهم وعوام المسلمين وأوجبوا النظر في الكلام واضطروا إليه الدين بزعمهم فكفروا السلف
عن أبي سهل الإسفراييني أن رجلاً قال له إنما أتعلم الكلام لأعرف به الدين ، فغضب أبو سهل وقال : أوكان السلف من علمائنا كفاراً) ذم الكلام و أهله ج 5 ص140
قال أبو عبد الله القحطاني (وَالآنَ أَهْجُو الأَشْعَرِيَّ وَحِزْبَهُ *** وَأُذِيعُ مَا كَتَمُوا مِنَ الْبُهْتَانِ
يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ عَدَوْتُمُ *** عُدْوَانَ أَهْلِ السَّبْتِ في الْْحِيتَانِ
كَفَّرْتُمُ أَهْلَ الشَّرِيعَةِ وَالْهُدَى *** وَطَعَنْتُمُ بِالْبَغْيِ وَالْعُدْوَانِ ) نونيته
حتى أن كلامهم و فلسفتهم لا يفهمها الا من كان مثلهم فيلسوفا باعترافهم
قال الغزالي (أشعري) ( أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الاقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا هو منفصل عنه ، قد حير عقول أقوام حتى أنكروه إذ لم يطيقوا سماعه ومعرفته ) إحياء علوم الدين ج 4ص 434
وقال العز بن عبد السلام ( أن من جملة العقائد التي لا تستطيع العامة فهمها هو أنه تعالى لا داخل العالم ولا خارجه ولا منفصل عن العالم ولا متصل به ) مختصر قواعد الأحكام في مصالح الأنام ص 201
و هذا مخالف لما قاله تعالى عن وحيه
قال تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ) القمر
قال تعالى (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ ) يس
قال تعالى (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ) المائدة
قال تعالى (الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ) يوسف
قال تعالى ( وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَـــانٍ عَـــرَبِـــيٍّ مُّبِيـــــنٍ ) الشعراء
قال ابن جرير الطبري ( إِعْلَامًا مِنْهُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ كَذَلِكَ ، لِئَلَّا يَقُولُوا إِنَّهُ نَزَلَ بِغَيْرِ لِسَانِنَا ، فَنَحْنُ إِنَّمَا نُعْرِضُ عَنْهُ وَلَا نَسْمَعُهُ ، لِأَنَّا لَا نَفْهَمُهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيعٌ لَهُمْ ) جامع البيان في تأويل القرآن
قال ابن جرير الطبري ( إِعْلَامًا مِنْهُ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ كَذَلِكَ ، لِئَلَّا يَقُولُوا إِنَّهُ نَزَلَ بِغَيْرِ لِسَانِنَا ، فَنَحْنُ إِنَّمَا نُعْرِضُ عَنْهُ وَلَا نَسْمَعُهُ ، لِأَنَّا لَا نَفْهَمُهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا تَقْرِيعٌ لَهُمْ ) جامع البيان في تأويل القرآن
و البيّن هو : ما ظهر وانكشف - بيّن الشيء : أوضحه
قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ ۙ أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ) البقرة
فرسول الله وهو سيد في النحو لا يتبع الا الوحي قال تعالى (قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ ) الأنعام
والجدال بالعقل فيما لا يدرك إلا بالوحي ضلالة ,وعمى لأنه قول بلا علم ,ولا هدى قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) الحج
و قد بين سبحانه ان سبب الضلالة هو اتباع غير الوحي من الكلام و سبب الهداية هو اتباع الوحي
قال تعالى (قُلْ إِن ضَــــلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَــى نَفْسِــــي وَإِنِ اهْتَـــدَيْـــتُ فَبِمَــــا يُوحِــــي إِلَـــيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) سبأ
قال تعالى (قُلْ إِن ضَــــلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَــى نَفْسِــــي وَإِنِ اهْتَـــدَيْـــتُ فَبِمَــــا يُوحِــــي إِلَـــيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) سبأ
قال تعالى ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُــــدَايَ فَـــلَا يَضِــــلُّ وَلَا يَشْقَى ) طه
قَد ذَمِّ الشَارعُ الرَّأْيِ وَ الكََلامِ فِي الدِّين بِغَيْرِ دَلِيل
قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) النساء
قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، ثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالرَّأْيَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ بِمَا رَأَيْتَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين
قال الترمدي (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اتَّقُوا الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ وَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) السنن
و قَدْ ذمّ كِبَارُ الصَّحَّابَةِ الرَّأْيِ و أنكَرُوه
قال البيهقي ( أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُفَسِّرُ، أَخْبَرَنا إِسْحَاقُ بْنُ سَعْدِ بْنِ الْحَسَنِ، حدثنا جَدِّي الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، أَنَّ هُدْبَةَ بْنَ خَالِدٍ، حَدَّثَهُمْ، قال حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: " أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللهِ بِرَأْيٍ ) شعب الايمان ج 3 ص 540
قال ابن عبد البر (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي . ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ ، قَالَ : أنا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالا جَمِيعًا ثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُطَيْسٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الأَوْدِيُّ الصُّوفِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ مُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَامِرٍ يَعْنِي الشَّعْبِيَّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِيَّاكُمْ وَأَصْحَابَ الرَّأْيِ , فَإِنَّهُمْ أَعْدَاءُ السُّنَنِ ، أَعْيَتْهُمُ الأَحَادِيثُ أَنْ يَحْفَظُوهَا ، فَقَالُوا بِالرَّأْيِ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) جامع بيان العلم وفضله
قال الدارقطني (دَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ ، ح : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّكَنِ ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ ، قَالَا : نَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ عَلِيٌّ : " لَوْ كَانَ دِينُ اللَّهِ بِالرَّأْىِ لَكَانَ بَاطِنُ الْخُفَّيْنِ أَحَقَّ بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ) السنن
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا تُوثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ ) بَاب الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ
قال الدارمي (أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : " مَنْ أَحْدَثَ رَأْيًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَدْرِ عَلَى مَا هُوَ مِنْهُ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ) السنن - بَاب الْفُتْيَا وَمَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ
ُوَ لَمْ يُخَالِف فِي هَذَا السَّلَف
قال أبو عبد الله الانصاري ( أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، سَمِعْتُ شُكْر ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْبَصْرِيَّ ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ، يَقُولُ : دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : لَعَلَّكَ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، لَعَنَ اللَّهُ عَمْرًا ، فَإِنَّهُ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدَعَ مِنَ الْكَلامِ ، وَلَــــوْ كَـــانَ الْكَـــلامُ عِلْمًــــا لَتَكَلَّــــمَ فِيـــهِ الصَّحَـــابَــــةُ وَالتَّـــابِــعُـــونَ ، كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ ، وَلَكِــنَّـــهُ بَاطِـــلٌ يَـــدُلُّ عَلَــى بَاطِــلٍ) رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص96-97
قال أبو عبد الله الانصاري ( أَخْبَرَنِي طَيِّبُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، سَمِعْتُ شُكْر ، سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْبَصْرِيَّ ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ ، يَقُولُ : دَخَلْتُ عَلَى مَالِكٍ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : لَعَلَّكَ مِنْ أَصْحَابِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، لَعَنَ اللَّهُ عَمْرًا ، فَإِنَّهُ ابْتَدَعَ هَذِهِ الْبِدَعَ مِنَ الْكَلامِ ، وَلَــــوْ كَـــانَ الْكَـــلامُ عِلْمًــــا لَتَكَلَّــــمَ فِيـــهِ الصَّحَـــابَــــةُ وَالتَّـــابِــعُـــونَ ، كَمَا تَكَلَّمُوا فِي الأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ ، وَلَكِــنَّـــهُ بَاطِـــلٌ يَـــدُلُّ عَلَــى بَاطِــلٍ) رواه العجلي في ذم الكلام ج1ص96-97
قال إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني ( أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْفَقِيهُ فِي كِتَابِهِ ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْفَقِيهُ الْمَرْوَزِيُّ بِهَا ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَيْرٍ الرَّازِيُّ ، نا أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ أَيُّوبَ الْعَلافُ التُجِيبِيُّ ، نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى ، نا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ : إِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ فَقِيلَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا الْبِدَعُ ؟ قَالَ : أَهْلُ الْبِدَعِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَكَلامِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَلا يَسْكُتُونَ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2
وقد تواتر عن أئمة السلف ذم الكلام و أهله
قال أبو عبد الله الأنصاري ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى السُّلَمِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْوَزِيرِ الْقَاضِي يَقُولُ : قُلْتُ لِأَبِي عُمَرَ الضَّرِيرِ : الرَّجُلُ يَتَعَلَّمُ شَيْئًا مِنَ الْكَلَامِ يَرُدُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ ، فَقَالَ : الْكَلَامُ كُلُّهُ جَهْلٌ ، لا تَتَعَلَّمِ الْجَهْلَ ، فَإِنَّكَ كُلَّمَا كُنْتَ بِالْجَهْلِ أَعْلَمَ كُنْتَ بِالْعِلْمِ أَجْهَلَ ) ذم الكلام و أهله
قال أبو نعيم (حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثَنَا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : لَأَنْ يُبْتَلَى الْمَرْءُ بِكُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مَا عَدَا الشِّرْكَ بِهِ خَيْرٌ مِنَ النَّظَرِ فِي الْكَلَامِ ، فَإِنِّي وَاللَّهِ اطَّلَعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مَا ظَنَنْتُهُ قَطُّ
حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن ، ثَنَا محمد بن يحيى بن آدم ، ثَنَا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْكَلَامِ وَالْأَهْوَاءِ لَفَرُّوا مِنْهُ كَمَا يَفِرُّونَ مِنَ الْأَسَدِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : ثنا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ ، وَقِيلَ لَهُ : مَا لَكَ لا تَنْظُرُ فِي هَذَا يَعْنِي الرَّأْيَ ، فَقَالَ أَيُّوبُ : قِيلَ لِلْحِمَارِ أَلا تَجْتَرُّ ، فَقَالَ : أَكْرَهُ مَضْغُ الْبَاطِلِ ) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء
قال الشافعي (حُكْمِي فِي أَهْلِ الْكَلَامِ أَنْ يُضْرَبُوا بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ ، وَيُطَافَ بِهِمْ فِي الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ ، وَيُقَالُ : هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ ) أخرجه البيهقي في مناقب الشافعي 1/462 وابن عبد البر في الانتقاء في مناقب الأئمة الثلاثة الفقهاء ص 1233-124، وأبو نعيم في حلية الأولياء 9/116
29) وقال الإمام البربهاري رحمه الله تعالى ( وإياك والنظر في الكلاموالجلوس إلى أصحاب الكلام وعليك بالآثار وأهل الآثار وإياهم فاسأل ومعهم فاجلس ومنهم فاقتبس ) شرح السنّة 83
قال ابن منده ( ليتق الله امرؤ وليعتبر بمن تقدم ممن كان القول باللفظ مذهبه ومقالته، وكيف خرج من الدنيا مهجورًا مذمومًا مطرودًا من المجالس والبلدان؛ لاعتقاده القبيح وقوله الشنيع المخالف لدين الله مثل: الكرابيسي والشواط وابن كُلًّاب وابن الأشعري، وأمثالهم ممن كان الجدال والكلام طريقه في دين الله عز وجل ) ذم الكلام للهروي 4/424
القَوْل و الرّأْيُ سَبِيلُ الهَلاك
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ ) بَاب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ وَلَا تَقْفُ لَا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ
قال أبو نعيم (حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد ، ثَنَا أبو محمد بن أبي حاتم ، ثَنَا أَبِي ، ثَنَا أبو ثور ، قَالَ : سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ ، يَقُولُ : مَا ارْتَدَى أَحَدٌ بِالْكَلَامِ فَأَفْلَحَ ) حلية الاولياء
قال أبو عبد الله الانصاري (قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ : قَالَ الْمُزَنِيُّ : سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْكَلَامِ ، فَقَالَ : سَلْنِي عَنْ شَيْءٍ ، إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : أَخْطَأْتَ ، وَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : كَفَرْتَ ) ذم الكلام و أهله
قال أبو نعيم (أَنْبَا مَعْمَرُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَصْبَهَانِيُّ ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْقَطَّانُ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ ، ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الأَعْوَرِ ، قَالَ : لَمَّا كَثُرَتِ الْمَقَالاتُ بِالْكُوفَةِ أَتَيْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ ، فَقُلْتُ : يَا أَبَا عِمْرَانَ ، مَا تَرَى مَا ظَهَرَ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمقَالاتِ ؟ فَقَالَ : أَوْهِ ، دَقَّقُوا قَوْلا ، وَاخْتَرَعُوا دِينًا مِنْ قِبَلِ أَنْفُسِهِمْ ، لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَلا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : هَذَا هُوَ الْحَقُّ ، مَا خَالَفَهُ بَاطِلٌ ، وَاللَّهِ لَقَدْ تَرَكُوا دِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِيَّاكَ وَإِيَّاهُمْ ) حلية الأولياء
قال أبو عبد الله الانصاري ( أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا: أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ مَاجَهْ، يَقُولُ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ طَلَبَ الْعَرَبِيَّةَ فَآخِرُهُ مُؤَدِّبٌ، وَمَنْ طَلَبَ الشِّعْرَ فَآخِرُهُ شَاعِرٌ يَهْجُو، وَيَمْدَحُ بِالْبَاطِلِ، وَمَـــــنْ طَلَـــــبَ الْكَــــلامَ فَـــــآخِـــرُ أَمْـــرِهِ الـــزَّنْـــدَقَــــةُ، وَمَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ فَإِنْ قَامَ بِهِ كَانَ إِمَامًا، وَإِنْ فَرَّطَ فِيهِ ثُمَّ أَنَابَ يَوْمًا يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَقَدْ عتقت وَجَادت ) ذم الكلام و أهله
قال اللالكائي (قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَسَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ يَأْمُرَانِ بِهُجْرَانِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْبِدَعِ يُغَلِّظَانِ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّغْلِيظِ ، وَيُنْكِرَانِ وَضْعَ الْكُتُبِ بِرَأْيٍ فِي غَيْرِ آثَارٍ ، وَيَنْهَيَانِ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَيَقُولَانِ : لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ أَبَدًا . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَبِهِ أَقُولُ أَنَا ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
مُخَالَفَتِهِم لأهْل الاسْلام فِي أوَّل وَاجِب عَلى المُكَلَّف
اختلفت عبارات الأشاعرة في أول واجب على المكلّف
القول الأول: المعرفة أي معرفة الله
قال الباقلاني ( وأن يعلم أن أول ما فرض الله على جميع العباد النظر في آياته والاعتبار بمقدوراته والاستدلال عليه بآثار قدرته وشواهد ربوبيته لأن الله غير معلوم بالاضطرار )الإنصاف
القول الثاني: هو القصد إلى النظر الصحيح
قال الجويني ( أول ما يجب على العاقل البالغ القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدوث العالم )الإرشاد
القول الثالث : الشك المفضي إلى النظر
قال الغزالي ( إذ الشكوك هي الموصلة للحق فمن لم يشك لم ينظر )ميزان العمل
أول واجب على المكلّف عند أهل السنة والجماعة هو توحيد الله وعبادته تبارك وتعالى
قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل
و قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الانبياء
قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ ) كتاب التوحيد
قال ابن دقيق العيد (وَالْبُدَاءَةُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشَّهَادَتَيْنِ : لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِهِ إلَّا بِهِ . فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُوَحِّدٍ عَلَى التَّحْقِيقِ - كَالنَّصَارَى - فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ عَيْنًا ) إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام ج 1ص 378
قَوْل الأشَاعِـرَة أنَّ نُصُوص الكِتَاب وَالسّنة ظَنِيَّة
الاشاعرة ابتدعوا طواغيت يتحاكمون إليها من دون الله وسموها (قواطع عقلية) , ثم عمدوا إلى نصوص الوحيين وسموها ظواهر ظنية
قال الجرجاني ( أشعري ) ( الدلائل النقلية هل تفيد اليقين بما يُستدل بها عليه من المطالب أو لا؟ قيل لا تفيد وهو مذهب المعتزلة وجمهور الأشاعرة ) شرحه على المواقف
وحكموا عليها بالكفر وبالتالي كفر من اعتقدها أو فهمها على ظاهرها
قال الصاوي الأشعري ( لأن الأخذ بظواهر النصوص من أصول الكفر ) حاشية تفسير الجلالين سورة الكهف آية 23
وقال السنوسي الأشعري ( أصول الكفر ستة ... السادس : التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة من غير عرضها على البراهين العقلية والقواطع الشرعية ) شرح الكبرى
و قال أيضا (وأما من زعم أن الطريق بَدْأً إلى معرفة الحق الكتابُ والسنةُ ويحرم ما سواهما، فالرد عليه أن حجتيهما لا تعرف إلا بالنظر العقلي، وأيضاً فقد وقعت فيهما ظواهر من اعتقدها على ظاهرها كفر عند جماعة وابتدع ) نفس المصدر
بل وصل بهم الأمر أن قالوا أن القرآن ليس بهدى في الأسماء والصفات والنبوات
قال الرازي ( السُّؤَالُ الثَّالِثُ: كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ كَوْنِ الْقُرْآنِ حُجَّةً عَلَى صِحَّتِهِ لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ هُدًى فِيهِ، فَإِذَنِ اسْتَحَالَ كَوْنُ الْقُرْآنِ هُدًى فِي مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَفِي مَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ أَشْرَفُ الْمَطَالِبِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ هُدًى فِيهَا فَكَيْفَ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُدًى عَلَى الْإِطْلَاقِ؟.
الْجَوَابُ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ هُدًى أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي كُلِّ شَيْءٍ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ هُدًى فِي تَعْرِيفِ الشَّرَائِعِ، أَوْ يَكُونَ هُدًى فِي تَأْكِيدِ مَا فِي الْعُقُولِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ هُدًى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فِي اللَّفْظِ، مع أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ ) تفسير
الرّد
ابطال هذه الفرية يكون من أوجه
أنه سبحانه و تعالى وصف الظن بأنه اثم
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) الحجرات
و الظن باطل و ليس حق
قال تعالى (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) يونس
و الظن جهل و ليس علم
قال تعالى (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ) النساء
و قد وصف سبحانه الكفّار بأنهم متبعون للظّن
قال تعالى (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ) الأنعام
جعل سبحانه الظن خسران
قال تعالى (وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) فصلت
و جعل سبحان مصير الظّانين في جهنم
قال تعالى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِالظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) الفتح
فكيف يكون كل هذا الذّم للظن من الله سبحانه و تعالى ثم نصف كتابه و كلامه بظنّي الأحكام بل عقيدتهم تصولهم للتجهم لا محالة قال أبو نصر السجزي ( ومنها –أي من مخازيهم- : أن عوام المسلمين الذين لا يعرفون الله تعالى بالأدلة العقلية ليسوا بالمؤمنين في الحقيقة وإنما تجرى عليهم أحكام الشريعة وهو من أفضع الأقاويل(وهو قول جهم) ) رسالته إلى أهل زبيد صص198
الأشَاعِرَة يَعْتَبِرُون نُصُوص الوَحْيَ مُوْهِمةً للتَّشْبِيه
فمما يشتهر عند الأشاعرة بيت اللقاني (وكل نصٍ أوهم التشبيها *** فأوله أو فوضه ورم تنزيها ) جوهرة التوحيد
قلت : فاعتبر أدلة الكتاب والسنة المتكاثرة على إثبات الصفات موهمةً للكفر الصريح الذي هو التشبيه ، فهذا هو قدر النصوص عندهم
قال الصاوي ( أشعري ) (الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر ) حاشيته على تفسير الجلالين ج 3 ص 9
وقال الآمدي (أشعري ) ( واعلم أن هذه الظواهر وإن وقع الاغترار بها بحيث يقال بمدلولاتها ظاهر من جهة الوضع اللغوى والعرف الاصطلاحى فذلك لا محالة انخراط في سلك نظام التجسيم ودخول في طرف دائرة التشبيه وسنبين مافي ذلك من الضلال وفي طيه من المحال إن شاء الله ) غاية المرام في علم الكلام صص138
قال سعيد فودة الأشعري المعاصر ( فهذه هي أصول الكفر على حسب ما وضحه الإمام السنوسي, وكلامه فيها في غاية الإتقان, وما يهمنا الكلام عليه ههنا هو الأصل الأخير, وهو التمسك في أصول العقائد بمجرد ظواهر الكتاب والسنة ) كتاب نقض التدمرية ص 83
قال أبو إسماعيل الأنصاري الهروي واصفاً حال الأشاعرة ( وسموا الإثبات تشبيهاً فعابوا القرآن وضللوا الرسول فلا تكاد ترى منهم رجلاً ورعاً ولا للشريعة معظماً ولا للقرآن محترماً ولا للحديث موقراً وسلبوا التقوى ) ذم الكلام و أهله ج 5 ص 140
قال محمد ابن عبد الوهاب و هو يتكلم عن عقائد الأشاعرة (الثانية: وينهون عن تصديق الرسل فيما أخبروا به، ويقلدون طواغيتهم فيما يخالف العقل والنقل، ويقولون: هم أعلم ) الدرر السنّية في الأجوبة النجدية ج 1 ص 181
الأشَاعِـرة يُكَفِّرُون مَنْ خَالَفَهُم فِيمَا يَعْتَقِدُونَه
قال أبو إسحق الشيرازي امام الأشاعرة في وقته وصاحب كتاب المهذب الذي شرحه النووي ما نصه : (فمن اعتقد غير ما أشرنا إليه من اعتقاد أهل الحق المنتسبين إلى الإمام أبي الحسن الاشعري رضي الله عنه فهو كافر . ومن نسب إليهم غير ذلك فقد كفرهم فيكون كافرا بتكفيره لهم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (ما كفر رجل رجلا إلا باء به أحدهما . .) . انظر شرح اللمع له ج 1 ص 111
شبهة أن السلف لم يكفروا أعيان الجهمية و انّّما كفّروا النوع فقط
مِنَ البِدَع المُخالِفةِ لِدِينِ اللهِ تعالَى والتِي ظَهَرَتْ بَيْنَ بَعْضِ أَدْعِياءِ الاسلامِ فِي هذَا العَصْرِ قَوْلَهُم بِعَدَمِ تكْفِيرِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَمُرَادُهُم بِذَلِكَ أنَّ الشَّخْصَ المُعَيَّنَ الذِي ثَبَتَ كُفْرُهُ لَا يَحْكُمُونَ علَيهِ بالكُفْرِ وَإِنَّمَا يَحْكُمُونَ علَى اللَّفْظِ فَقَط بِأَنَّهُ كُفْرِيٌّ، وَكَلامُ هَؤلاءِ لَيْسَ مِنَ الدِّينِ بل هــذا من الجهل بكما كان عليه السلف قبل أن يحْصل التبديل في المئة الخامسة لما اسْتَحْكم أهْل البِدع و تمكَّنوا .فالقراَن ليْس فِيهِ تفرِيقٌ بَيْن النَوْعَ وَ المُعَيَّن فكـــل مَن تَلَبَّس بِكُفْــرٍ فَهُــو كَافِـــر بذاته و عَينِه و شَخصِه
قال تعالى (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) الروم
قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ) فاطر
فمن تلبس بالكفر فكفره واقع عليه
قال تعالى (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ) الكهف
فهذا الذي أنكر البعث وأنكر الجزاء والحساب وأنكر الآخرة قال له صاحبه في وجهه -كفرت بالله- وهذا تكفير للمعين، والقرءان أورده وما عاب عليه
قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ ) التوبة
و الكلام هنا في معينين
قال تعالى (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) الانعام
و قال تعالى أيضا (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الزمر
و حُبوط العمل لا يكون الاّ لمُعين
وقال تعالى (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) الحشر
فحتى الشيطان تبرأ من معين لما كفر
قال البغدادي (أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الصَّابُونِيُّ ، أنا أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَيْبٍ الْمَدَائِنِيُّ ، بِمِصْرَ ، قَالَ : قَالَ الْمُزَنِيُّ يَعْنِي أَبَا إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لإِبْلِيسَ : يَا سَيِّدَنَا مَا لَنَا نَرَاكَ تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَالِمِ ، مَا لا تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَابِدِ ، وَالْعَالِمُ لا تُصِيبُ مِنْهُ ، وَالْعَابِدُ تُصِيبُ مِنْهُ ؟ قَالَ : انْطَلِقُوا ، فَانْطَلَقُوا إِلَى عَابِدٍ فَأَتَوْهُ فِي عِبَادَتِهِ ، فَقَالُوا : إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ فَانْصَرَفَ ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ : هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ ، فَقَالَ : لا أَدْرِي ، فَقَالَ : أَتَرَوْنَهُ كَفَرَ فِي سَاعَةٍ ، ثُمَّ جَاءُوا إِلَى عَالِمٍ فِي حَلْقَتِهِ يُضَاحِكُ أَصْحَابَهُ وَيُحَدِّثُهُمْ ، فَقَالَ : إِنَّا نُرِيدُ أَنَّ نَسْأَلَكَ ، فَقَالَ : سَلْ ، فَقَالَ : هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَكَيْفَ ؟ قَالَ : يَقُولُ : كُنْ فَيَكُونُ ، فَقَالَ : أَتَرَوْنَ ذَلِكَ لا يَعْدُو نَفْسَهُ ، وَهَذَا يُفْسِدُ عَلَيَّ عَالَمًا كَثِيرًا ) الفقيه و المتفقه
الشاهد أنّه كفّر العابِد بمُجرد قوله (لا أدري) و عدم جزمه فالجهل كُفر و ليس عُذر
و على هذ كان السلف في حكمهم على الجهمية و من وافقهم من الأشاعرة
قال ابو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : سَمِعْتُ خَارِجَةَ ، يَقُولُ : الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ ، بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ ، وَأَنَّهُنَّ لا يَحْلِلْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ ، وَلا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ ، وَلا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ ، ثُمَّ تَلا : طه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إِلَى قَوْلِهِ : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ، وَهَلْ يَكُونُ الاسْتِوَاءُ إِلا بِجُلُوسٍ ؟ ) السنة
قال ابو القاسم اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّاسَ مُنْذُ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا يَقُولُونَ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا الْبَتَّةَ . قُلْتُ : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ امْرَأَتَهُ مُسْلِمَةٌ ، وَمُسْلِمَةٌ لَا تَكُونُ تَحْتَ كَافِرٍ
حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِيمَنْ ، يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : كَافِرٌ زِنْدِيقٌ , اقْتُلُوهُ . قَالَ : إِنَّمَا أَحْكِي كَلامًا سَمِعْتُهُ . قَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ ، إِنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
هنا السلف كفروا المعين القائل بخلق القران والشاهد أنهم يرون طلاقه عن زوجه و قتله و الطلاق و القتل لا يقع الاّ على معينيْن
قال بن منده ( أَخْبَرَنَا عمي الإمام، أَخْبَرَنَا عبد الله بن عمر الكرخي، أَخْبَرَنَا سليمان بن أحمد بن أيوب، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: سُئِلَ أبي عن رجل وجب عليه تحرير رقبة مُؤمنة، فكان عنده مملوك سوء، لقنه أن يقول بخلق القرآن؟ فقال: لا يجزي عنه عتقه لأن الله تبارك وتعالى أمره بتحرير رقبة مؤمنة، وليس هذا بمؤمن هذا كافر) مناقب الامام أحمد
و هنا أحمد كفر هذا العبد التي يقول بخلق القران بعينة
قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بِكْرَانَ , أنبا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ زِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ ، قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَقُلْتُ لَهُ : يَا كَافِرُ , تَرَى عَلَيَّ فِيهِ إِثْمًا ؟ قَالَ : " كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ ، يَقُولُ : " لَوْ كَانَ لِي مِنْهُمْ قَرَابَةٌ ثُمَّ مَاتَ مَا وَرِثْتُهُ " . فَقَالَ لَهُ خُرَاسَانِيٌّ بِالْفَارِسِيَّةِ : الَّذِي يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَقُولُ إِنَّهُ كَافِرٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
فلم ينكر الامامأحمد تكفير هذا الرجل ( المُعَيّن) و استشهد بقول عبد الرحمن بن مهدي ثم أكد الامام أحمد الجواب بقوله نعم
قال عبد الله (سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ ، يَقُولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَكَلَّمُ وَلا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يَغْضَبُ وَلا يَرْضَى وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ عَلَى بِئْرٍ وَاقِفًا فَأَلْقُوهُ فِيهَا بِهَذَا أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، لأَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ تَعَالَى ) السنة
الرّمي في البِئْر لا يكون الا لمُعَيَّن
و في سيرة الامام أحمد لابن صالح (فَقَالَ لي أَحدهمَا فِي بعض الْأَيَّام فِي كَلَام دَار وَسَأَلته عَن علم الله فَقَالَ علم الله مَخْلُوق
قلت يَا كَافِر , كفرت ) ص 52
و هنا كفّر المُعيّن
قال أبو داود (كَتَبْتُ رُقْعَةً، وَأَرْسَلْتُ بِهِ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُتَوَارٍ، فَأَخْرَجَ إِلَيَّ جَوَابَهُ مَكْتُوبًا فِيهِ: قُلْتُ: رَجُلٌ يَقُولُ: التِّلَاوَةُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْفَاظُنَا بِالْقُرْآنِِ مَخْلُوقٌ وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، مَا تَرَى فِي مُجَانَبَتِهِ؟ وَهَلْ يُسَمَّى مُبْتَدِعًا؟ وَعَلَى مَا يَكُونُ عَقْدُ الْقَلْبِ فِي التِّلَاوَةِ وَالْأَلْفَاظِ؟ وَكَيْفَ الْجَوَابُ فِيهِ؟
قَالَ: هَذَا يُجَانَبُ، وَهُوَ فَوقُ الْمُبْتَدِعِ، وَمَا أَرَاهُ إِلَّا جَهْمِيًّا، وَهَذَا كَلَامُ الْجَهْمِيَّةِ، الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ، يُرِيدُ حَدِيثَهَا» : {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ} [آل عمران: 7] ، فَقَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَاحْذَرُوهُمْ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ» ، وَالْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ) مسائل أبو داود 1712
فجهّم المُعيّن الذي يقول بقول الأشاعرة في القران
و قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثَنَا أَبِي قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ النَّهَاوَنْدِيُّ قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَكِيلُ أَبِي صَخْرَةَ قَالَ : ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ الْأَشْجَعِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَقُولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُحْدَثٌ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ : ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ النَّجَّارُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ يَقُولُ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَعَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
و الاستتابة من الكفر أو ضرب العنق لا يكون الاّ لمُعيّن
و مثاله (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، قَالَ : نَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ : ثَنَا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ قَالَ : سَمِعْتُ شَبَابَةَ يَقُولُ : اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ : أَنْ بَشْرَ الْمَرِيسِيَّ كَافِرٌ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قال أبو نعيم (قال صالح بن أحمد بن حنبل: قَالَ أَبِي : كَانَ يُوَجَّهُ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ بِرَجُلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ : أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رَبَاحٍ ، وَالْآخَرُ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّامُ ، فَلَا يَزَالَانِ يُنَاظِرَانِي ، حَتَّى إِذَا قَامَا دُعِيَ بِقَيْدٍ ، فَزِيدَ فِي قُيُودِي ، فَصَارَ - فِي رِجْلَيَّ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ . فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ ، دَخَلَ عَلَيَّ فَنَاظَرَنِي ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ ؟ قَالَ : مَخْلُوقٌ . قُلْتُ : كَفَرْتَ بِاللَّهِ فَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مِنْ قِبَلِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ : إِنَّ هَذَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَقُلْتُ : إِنَّ هَذَا قَدْ كَفَرَ ) حلية الأولياء 6/329 و كذلك مقدمة مسند الإمام أحمد لأبي صُهيب الكرمي ص 459
و هنا تكفير للمعين مباشرة بعد قوله بخلق القران
و كل هذا بدون اقامة للحجّة أو تفيهمها لمن تلبّس بهذا الكُفر
قال ابو بكر الخلال (سمعت أبا بكر المروذي؛ يقول: أتيت أبا عبدالله ليلة في جوف الليل؛ فقال لي: يا أبا بكر؛ بلغني أن نعيماً (ابن حماد الإمام المشهور) كان يقول: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فإن كان قاله؛ فلا غفر الله له في قبره ) السنة
فكفره وهو في قبره و هذا مُعين
قال عبد الرحمن ابن أبي حاتم (عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَدِمَتْ امْرَأَةُ جَهْمٍ فَنَزَلَتْ بِالدَّبَّاغِينَ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهَا: اللَّهُ عَلَى عَرْشِهِ. فَقَالَتْ: مَحْدُودٌ عَلَى مَحْدُودٍ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَفَرَتْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ ) كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة
وفيه تكفر لهذا المرأة بعينها و في غيابها لمن يشترط اقامة الحجّة
ْشُبْهَة اِنْتِسَاب الأشَاعِـرَة لأئَمِةَ السَّلَف
ادّعَاء الانْتِسَاب للشّافعي
"َقال عبد الملك الكرجي الشافعي ( مَنْ قَالَ: أَنَا شَافِعِيُّ الشَّرْعِ أَشْعَرِيُّ الِاعْتِقَادِ قُلْنَا لَهُ: هَذَا مِنْ الْأَضْدَادِ لَا بَلْ مِنْ الِارْتِدَادِ إذْ لَمْ يَكُنْ الشَّافِعِيُّ أَشْعَرِيَّ الِاعْتِقَادِ. وَمَنْ قَالَ: أَنَا حَنْبَلِيٌّ فِي الْفُرُوعِ مُعْتَزِلِيٌّ فِي الْأُصُولِ قُلْنَا: قَدْ ضَلَلْت إذًا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ فِيمَا تَزْعُمُهُ إذْ لَمْ يَكُنْ أَحْمَدُ مُعْتَزِلِيَّ الدِّينِ وَالِاجْتِهَادِ . قَالَ: وَقَدْ اُفْتُتِنَ أَيْضًا خَلْقٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ بِمَذَاهِبِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَهَذِهِ وَاَللَّهِ سُبَّةٌ وَعَارٌ وَفَلْتَةٌ تَعُودُ بِالْوَبَالِ وَالنَّكَالِ وَسُوءِ الدَّارِ عَلَى مُنْتَحِلِ مَذَاهِبِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ مَا رَوَيْنَاهُ: مِنْ تَكْفِيرِهِمْ: الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةَ وَالْقَدَرِيَّةَ والواقفية وَتَكْفِيرِهِمْ اللَّفْظِيَّةَ ) مجموع فتاوى ابن تيمية 4 ج 4 ص 177
قال ابن هبيرة (والله ما نترك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب مع الرافضة نحن أحق به منهم، لأنه منا ونحن منه، ولا نترك الشافعي مع الأشعرية فإنا أحق به منهم ) ذيل الطبقات 2/156
ادّعَاء الانْتِسَاب للامَام أحْمَد
قال أبو نصر السجزي ( وكان أبو بكر بن الباقلاني من أكثرهم استعمالاً لهذه الطريقة _ يعني التقية _ وقد وشح كتبه بمدح أصحاب الحديث واستدل على الأقاويل بالأحاديث في الظاهر، وأكثر الثناء على أحمد بن حنبل رحمة الله عليه، وأشار في رسائل له إلى أنه كان يعرف الكلام، وأنه لا خلاف بين أحمد والأشعري وهذا من رقة الدين، وقلة الحياء ) الرد على من أنكر الحرف والصوت ص 305
و قال أبو عبد الله القحطاني (بَيْنَ ابْنِ حَنْبَلَ وَابْنِ إِسْمَاعِيلِكُمْ *** سَخَطٌ يُذِيقُكُمُ الْحَمِيمَ الآنِ ) نونيته
ادّعَاء الانْتِسَاب للامَام مَالِك
قال ابن عبد البر (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُوَيْزٍ مِنْدَادٌ الْمِصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ ، قَالَ فِي كِتَابِ الإِجَارَاتِ مِنْ كِتَابِهِ فِي الْخِلافِ قَالَ مَالِكٌ : " لا تَجُوزُ الإِجَارَاتِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَالتَّنْجِيمِ ، وَذَكَرَ كُتُبًا ثُمَّ قَالَ : وَكُتُبُ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا هِيَ كُتُبُ أَصْحَابِ الْكَلامِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ ، وَتُفْسَخُ الإِجَارَةُ فِي ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ كُتُبُ الْقَضَاءِ بِالنُّجُومِ وَعَزَائِمِ الْجِنِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ " . وَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ : " لا تَجُوزُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَأَهْلِ الأَهْوَاءِ " ، قَالَ : " أَهْلُ الأَهْوَاءِ عِنْدَ مَالِكٍ وَسَائِرِ أَصْحَابِنَا هُمْ أَهْلُ الْكَلامِ ، فَكُلُّ مُتَكَلِّمٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ ، أَشْعَرِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ أَشْعَرِيٍّ ، وَلا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ فِي الإِسْلامِ أَبَدًا ، وَيُهْجَرُ وَيُؤَدَّبُ عَلَى بِدْعَتِهِ ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَيْهَا اسْتُتِيبَ مِنْهَا ) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر
قال الكرجيّ الشّافعيّ (وَقَدْ اُفْتُتِنَ أَيْضًا خَلْقٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ بِمَذَاهِبِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَهَذِهِ وَاَللَّهِ سُبَّةٌ وَعَارٌ وَفَلْتَةٌ تَعُودُ بِالْوَبَالِ وَالنَّكَالِ وَسُوءِ الدَّارِ عَلَى مُنْتَحِلِ مَذَاهِبِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ فَإِنَّ مَذْهَبَهُمْ مَا رَوَيْنَاهُ : مِنْ تَكْفِيرِهِمْ : الجهمية وَالْمُعْتَزِلَةَ وَالْقَدَرِيَّةَ والواقفية وَتَكْفِيرِهِمْ اللَّفْظِيَّةَ ) كتاب الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول
شُبْهَة تَوْبَة أبو الحَسَن الأَشْعَرِي
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة ( قرأت عَلَى علي القرشي عن الحسن الأهوازي قَالَ: سمعت أبا عبد اللَّه الحمراني يقول: لما دخل الأشعري إلى بغداد جاء إلى البربهاري فجعل يقول: رددت عل الجبائي وعلى أَبِي هاشم ونقضت عليهم وعلى اليهود والنصارى والمجوس وقلت لهم وقالوا وأكثر الكلام فِي ذَلِكَ فلما سكت قَالَ البربهاري: ما أدري مما قُلْتُ قليلا ولا كثيرا ولا نعرف إلا ما قاله أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أحمد بن حنبل قَالَ: فخرج من عنده وصنف كتاب " الإبانة " فلم يقبله مِنْهُ ولم يظهر ببغداد إلى أن خرج منها )طبقات الحنابلة ج 2 ص 18
قال ابن قدامة المقدسي (وَمن الْعجب أَن إمَامهمْ (ابو الحسن الأشعري) الَّذِي أنشأ هَذِه الْبِدْعَة رجل لم يعرف بدين وَلَا ورع وَلَا شَيْء من عُلُوم الشَّرِيعَة الْبَتَّةَ وَلَا ينْسب إِلَيْهِ من الْعلم إِلَّا علم الْكَلَام المذموم وهم يعترفون بِأَنَّهُ أَقَامَ على الاعتزال أَرْبَعِينَ عَاما ثمَّ أظهر الرُّجُوع عَنهُ فَلم يظْهر مِنْهُ بعد التَّوْبَة سوى هَذِه الْبِدْعَة ) مناظرة اهل البدع في القران الكريم
تَكْفِير السَّلَف لِلأشَاعِـِِرَة
فأي فرقة اجتمعت فيها هذه العقائد الكفرية فهي كافرة عند أئمة السلف والسنة أيُّ كان اسمها، وإلى أي مذهب انتسبت إليه، فالعبرة بالحقائق والعقائد التي تعتقدها وتدين الله بها لا بالأسماء، وإن الجدال في فرقة من الفرق في تبديعها أو تكفيرها على مجرد اسمها لا يُقدِّم ولا يؤخِّر شيئًا في تغير الأحكام والحقائق، ولا يخرج المتخاصمين بنتيجة مجدية مرضية، وخاصة أن كثيرًا من هذه الفرق المتأخِّرة قد اجتمع فيها كثير من المذاهب والأقوال البدعية والكفرية، فتجدها جهمية، قدرية، صوفية، أشعرية، مرجئة، خارجية وكل بلاء فيها
و كما جاء في ذيل الطبقات ج 1 ص 124 و 125 ( قلَ ابْنُ طَاهِرٍ : حَكَى لِي أَصْحَابُنَا أَنَّ السُّلْطَانَ أَلْبَ أَرْسَلَانَ قَدِمَ هَرَاةَ وَمَعَهُ وَزِيرُهُ نِظَامُ الْمُلْكِ ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَئِمَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَئِمَّةُ الشَّافِعِيَّةِ لِلشَّكْوَى مِنَ الْأَنْصَارِيِّ ، وَمُطَالَبَتِهِ بِالْمُنَاظَرَةِ ، فَاسْتَدْعَاهُ الْوَزِيرُ ، فَلَمَّا حَضَرَ ، قَالَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ اجْتَمَعُوا لِمُنَاظَرَتِكَ ، فَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ مَعَكَ رَجَعُوا إِلَى مَذْهَبِكَ ، وَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ مَعَهُمْ رَجَعْتَ أَوْ تَسْكُتُ عَنْهُمْ . فَوَثَبَ الْأَنْصَارِيُّ ، وَقَالَ : أُنَاظِرُ عَلَى مَا فِي كُمِّي . قَالَ : وَمَا فِي كُمِّكَ ؟ قَالَ : كِتَابُ اللَّهِ . - وَأَشَارَ إِلَى كُمِّهِ الْيَمِينِ - وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - وَأَشَارَ إِلَى كُمِّهِ الْيَسَارِ - وَكَانَ فِيهِ " الصَّحِيحَانِ " . فَنَظَرَ الْوَزِيرُ إِلَيْهِمْ مُسْتَفْهِمًا لَهُمْ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ نَاظَرَهُ مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَسَمِعْتُ خَادِمَهُ أَحْمَدَ بْنَ أَمِيرْجَهْ يَقُولُ : حَضَرْتُ مَعَ الشَّيْخِ لِلسَّلَامِ عَلَى الْوَزِيرِ نِظَامِ الْمُلْكِ ، وَكَانَ أَصْحَابُنَا كَلَّفُوهُ الْخُرُوجَ إِلَيْهِ ، وَذَلِكَ بَعْدَ الْمِحْنَةِ وَرُجُوعِهِ إِلَى وَطَنِهِ مِنْ بَلْخَ - يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ قَدْ غُرِّبَ - قَالَ : فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَكْرَمَهُ وَبَجَّلَهُ ، وَكَانَ هُنَاكَ أَئِمَّةٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوهُ بَيْنَ يَدَيِ الْوَزِيرِ ، فَقَالَ الْعَلَوِيُّ الدَّبُوسِيُّ : يَأْذَنُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَنْ أَسْأَلَ ؟ قَالَ : سَلْ . قَالَ : لِمَ تَلْعَنُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيَّ ؟ فَسَكَتَ الشَّيْخُ ، وَأَطْرَقَ الْوَزِيرُ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ سَاعَةٍ ; قَالَ الْوَزِيرُ : أَجِبْهُ .فَقَالَ : لَا أَعْرِفُ أَبَا الْحَسَنِ ، وَإِنَّمَا أَلْعَنُ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ فِي الْمُصْحَفِ ، وَيَقُولُ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَوْمَ لَيْسَ بِنَبِيٍّ . ثُمَّ قَامَ وَانْصَرَفَ فَلَمْ يُمَكِّنْ أَحَدًا أَنْ يَتَكَلَّمَ مِنْ هَيْبَتِهِ ، فَقَالَ الْوَزِيرُ لِلسَّائِلِ : هَذَا أَرَدْتُمْ ! أَنْ نَسْمَعَ مَا كَانَ يَذْكُرُهُ بِهَرَاةَ بِأَذَانِنَا ، وَمَا عَسَى أَنْ أَفْعَلَ بِهِ ؟ ) و كذلك في سير أعلام النبلاء
وهكذا يقال ها هنا؛ فمن صرَّح بتكفير الأشاعرة من أهل السُّنة قالوا: نحن نُكفر كل من اجتمعت فيه هذه العقائد ودعا إليها أيٌّ كان اسمه، وإلى أي فرقة انتمى، فالعبرة عندنا بعقائدهم وأقوالهم لا بأسمائهم
فممن صرّح بكفر الأشاعرة و لعنهم
قال أبو إسماعيل الهروي الأنصاري (ورأيت يحيى بن عمار ما لا أحصي من مرة على منبره يكفرهم ويلعنهم، ويشهد على أبي الحسن الأشعري بالزندقة، وكذلك رأيت عمر بن إبراهيم ومشائخنا
وسمعت أحمد بن الحسن الخاموشي الفقيه الرازي في داره بالري في محفل يلعن الأشعري، ويطري الحنابلة، وذلك سنة خرجنا مع الحاج ) ذم الكلام و أهله 1315
شيخان من شيوخ الهروي يكفرون الأشاعرة ، بل وكل شيوخه فيما يدعي فهذان
قال يوسف ابن عبد الهادي المبرد (وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، وَأَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، يَقُولانِ: وَجَدْنَا أَبَا الْعَبَّاسِ النَّهَاوَنْدِيَّ عَلَى الإِنْكَارِ عَلَى أَهْلِ الْكَلامِ، وَتَكْفِيرِ الأَشْعَرِيَّةِ، وَذَكَرَ أَعْظَمَ شَأْنِهِ فِي الإِنْكَارِ عَلَى أَبِي الْفَوَارِسِ الْقرماسينِيِّ، وَهِجْرَانِهِ إِيَّاهُ لِحَرْفٍ وَاحِدٍ
وَبِهِ إِلَى الأَنْصَارِيِّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَمْزَةَ، يَقُولُ: لَمَّا اشْتَدَّ الْهِجْرَانُ بَيْنَ النَّهَاوَنْدِيِّ وَأَبِي الْفَوَارِسِ، سَأَلُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدِّينَوَرِيَّ، فَقَالَ: لَقِيتُ أَلْفَ شَيْخٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّهَاوَنْدِيُّ؛ فهذا النهاوندي ومعه ألف على التكفير
ومنهم: أبو المظفَّر الترمذي، حبال بن أحمد إمام أهل ترمذ، كان مجانبًا لهم، ( يعني: الأشاعرة ) يشهد عليهم بالزندقة
سَمِعْتُ بِلالَ بْنَ أَبِي مَنْصُورٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ ، يَقُولُ : لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُ الأَشْعَرِيَّةِ ، لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ ، وَلا بِأَهْلِ كِتَابٍ ، وَلا يُثَبِّتُونَ فِي الأَرْضِ كِتَابَ اللَّهِ ) جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر
قال ابن رجب (عبد الساتر بن عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماضي المقدسي الفقيه، تقي الدين، أبو محمد: سمع من موسى بن عبد القادر، وابن الزبيدي: والشيخ موفق الدين وغيرهم
وتفقه علي التقي بن العز، ومهر في المذهب، وعني بالسنة. وجمع فيها. وناظر الخصوم وكفَّرَهم. وكان صاحب جرأة، وتحرق على الأشعرية، فرموه بالتجسيم ) ذيل طبقات الحنابلة ج 1 صص303
قال ابن قدامة المقدسي ( وَهَذَا حَال هَؤُلَاءِ الْقَوْم لَا محَالة فهم زنادقة بِغَيْر شكّ فَإِنَّهُ لَا شكّ فِي أَنهم يظهرون تَعْظِيم الْمَصَاحِف إيهاما أَن فِيهَا الْقُرْآن ويعتقدون فِي الْبَاطِن أَنه لَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْوَرق والمداد ويظهرون تَعْظِيم الْقُرْآن ويجتمعون لقرَاءَته فِي المحافل والأعرية ويعتقدون أَنه من تأليف جِبْرِيل وَعبارَته ويظهرون أَن مُوسَى سمع كَلَام الله من الله ثمَّ يَقُولُونَ لَيْسَ بِصَوْت ) المناظرة على القرآن ص50
قال مسند أصبهان الحسين بن عبد الملك الخلال (الأشعرية ضلال زنادقة *** إخوان من عبد العزَّى مع اللاَّت
بربهم كفروا جهرا وقولهُمُ *** إذا تدبرته اسوى المقالات )اهـ
قال ابن الحنبلي (فهؤلاء الأصناف كلها جهمية وهم كفار زنادقة ... فكان آخر البدع ظهورا مذهب الأشعري وتولى نصرته الظلمة وأرباب الدنيا وأصحاب المظالم القائلين بما يخالف الشرع من النجامة والفلسفة والإدمان على المظالم والفسق لتعلم أن هذه البدعة شر البدع بظهورها آخر الزمان وانتشارها في فساد البلدان وركوب دعاتها التمويه والمحال والكلام المزخرف في باطنه الكفر والضلال فزمان هذه البدعة أخبث الأزمنة وأتباعها أخبث الأمة ودعاته أقل أديان هذه الملة وقد قال النبي بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فيا طوبى للغرباء ) كتابه الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة ج 2 ص 451
قال ابن تيمية (قال الشيخ أبو الحسن الكرجي الشافعي : وكان الشيخ أبو حامد الإسفرايني شديد الإنكار على الباقلاني، وأصحاب الكلام؛ قال: ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن يُنسبوا إلى الأشعري، ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه؛ على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة - منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي - يقولون: سمعنا جماعة من المشايخ الثقات؛ قالوا: كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علماً وأصحاباً؛ إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع، ويقبل على من حضر، ويقول: اشهدوا عليَّ بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل؛ لا كما يقوله الباقلاني، وتكرر لك منه جمعات؛ فقيل له في ذلك؛ فقال: حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح، ويشيع الخبر في أهل البلاد: أني بريء مما هم عليه - يعني الأشعرية - وبريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني؛ فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه؛ فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة؛ فيظن ظان أنهم مني تعلموه قبله، وأنا ما قلته، وأنا بريء من مذهب الباقلاني وعقيدته. قال الشيخ أبو الحسن الكرجي: وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني؛ يقول: سمعت شيخنا الإمام أبا بكر الزاذقاني؛ يقول: كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرايني، وكان ينهي أصحابه عن الكلام، وعن الدخول على الباقلاني؛ فبلغه أن نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام؛ فظن أني معهم ومنهم، وذكر قصة قال في آخرها: إن الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني؛ قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل - يعني الباقلاني - فإياك وإياه؛ فإنه مبتدع؛ يدعو الناس إلى الضلالة، وإلا فلا تحضر مجلسي؛ فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل وتائب إليه، واشهدوا عليَّ أني لا أدخل إليه. قال الشيخ أبو الحسن: وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن على العجلي؛ يقول: سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد - أظن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أحدهم - قالوا: كان أبو بكر الباقلاني يخرج إلى الحمام متبرقعاً خوفا من الشيخ أبي حامد الإسفرايني. قال أبوالحسن: ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام؛ حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلقه عنه أبو بكر الزاذقاني - وهو عندي - وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه (اللمع) و(التبصرة)؛ حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزه، وقال: هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية، ولم يعدهم من أصحاب الشافعي؛ استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين. قلت: هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي أصحاب الوجوه معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها، وقد ذكر ذلك الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وأبو إسحاق الشيرازي، وغير واحد بينوا مخالفة الشافعي وغيره من الأئمة؛ لقول ابن كلاب والأشعري في مسألة الكلام التي امتاز بها عن ابن كلاب والأشعري عن غيرهما ) درء التعارض ج 2 ص96
قال عبد الرحمن بن حسن ( وهذه الطائفة: التي تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري ، وصفوا رب العالمين ، بصفات المعدوم والجماد؛ فلقد أعظموا الفرية على الله ، وخالفوا أهل الحق من السلف ، والأئمة ، وأتباعهم؛ وخالفوا من ينتسبون إليه ، فإن أبا الحسن الأشعري ، صرح في كتابه: الإبانة ، والمقالات ، بإثبات الصفات؛ فهذه الطائفة المنحرفة عن الحق ، قد تجردت شياطينهم لصد الناس عن سبيل الله ، فجحدوا توحيد الله في الإلَهية ، وأجازوا الشرك الذي لا يغفره الله ، فجوزوا: أن يعبد غيره من دونه ، وجحدوا توحيد صفاته بالتعطيل فالأئمة من أهل السنة ، وأتباعهم ، لهم المصنفات المعروفة ، في الرد على هذه الطائفة ، الكافرة المعاندة ، كشفوا فيها كل شبهة لهم ، وبينوا فيها الحق الذي دل عليه كتاب الله ، وسنة رسوله وما عليه سلف الأمة ، وأئمتها ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ج3، كتاب الأسماء والصفات، ص210
و هذا مختصر لمن صرّح بكفر هذه الطائفة و الا فغيرهم كثير
قال ابن المبرد (ونحن نذكر جماعة ممن ورد عنهم مجانبة الأشاعرة، ومجانبة الأشعري، وأصحابه من زمنه وإلى اليوم على طريق الاختصارلا على باب التطويل في التراجم كما فعل، والاتساع ولو فعلت ذلك لوضعت مجلدات عديدة في هذا الباب ... وقد رأينا من أصحابنا ورفقائنا ، ومن اشتغل معنا أكثر من ألف واحد على مجانبتهم ومصارمتهم والوقوع فيهم ، وما تركنا ممن تقدم أكثر ممن ذكرنا . فهذه لعمرك الدساكر لا العسكر الملفق الذي قد لفقه ابن عساكر بالصدق والكذب الذين لا يبلغون خمسين نفساً ممن كذب عليهم ، ولو نطول تراجم هؤلاء كما قد أطال في أولئك لكان هذا الكتاب أكثر من عشر مجلدات ، ووالله ثم والله ثم والله ، لما تركنا أكثر ممن ذكرنا ، ولو ذهبنا نستقصي ونتتبع كل من جانبهم من يومهم وإلى الآن لزادوا على عشرة آلاف نفس) جمع الجيوش والدساكر على ابن عساكر ص 280
أَوْهَام يَحْتَجّ بِهَا المُخَالِف
أنّ السلف عذروا الجهمية بالتّأويل
و الجواب على هذا أن السلف لم يكن عندهم العذر بالتأويل في مسائل التوحيد
قال الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، يَقُولُ : كُنَّا جُلُوسًا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ ، قَالَ : فَقُمْنَا مَعَهُ ، فَانْقَطَعَتْ نَعْلُهُ ، فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ يَخْصِفُهَا ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَضَيْنَا مَعَهُ ، ثُمَّ قَامَ يَنْتَظِرُهُ ، وَقُمْنَا مَعَهُ ، فَقَالَ : إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقُرْآنِ ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ , فَاسْتَشْرَفْنَا وَفِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، فَقَالَ : لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ ، قَالَ : فَجِئْنَا نُبَشِّرُهُ ، قَالَ : وَكَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ ) مسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ
قال بن وضاح الاندلسي القرطبي (نا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِيُّ , قال : نا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْرٍ , عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ , عَنْ أَبِي قِلابَةَ , عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ , عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ , عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِحْيَتِي , وَأَنَا أَعْرِفُ الْحُزْنَ فِي وَجْهِهِ , فَقَالَ : " إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ " , قُلْتُ : نَعَمْ , إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ , فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ مُفْتَتَنَةٌ بَعْدَ قَلِيلٍ مِنَ الدَّهْرِ غَيْرِ كَثِيرٍ " , قَالَ : " قُلْتُ : فِتْنَةُ كُفْرٍ أَمْ فِتْنَةُ ضَلالَةٍ ؟ " , قَالَ : كُلٌّ سَيَكُونُ , قُلْتُ : " مِنْ أَيْنَ يَأْتِيهِمْ ذَلِكَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيهِمْ كِتَابَ اللَّهِ ؟ " , قَالَ : بِكِتَابِ اللَّهِ يَضِلُّونَ )كتاب ما جاء في البدع و النهي عنها
قال أبو يوسف (حَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ الْكِلاعِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَطَبَ عُمَرُ النَّاسَ فَحَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ الَّذِي يَبْقَى وَيَهْلِكُ مَنْ سِوَاهُ، الَّذِي بِطَاعَتِهِ يَنْتَفِعُ أَوْلِيَاؤُهُ، وَبِمَعْصِيَتِهِ يُضَرُّ أَعْدَاؤُهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِهَالِكٍ هَلَكَ مَعْذِرَةٌ فِي تَعَمُّدِ ضَلالَةٍ حَسِبَهَا هُدًى ... ) كتابه الخراج
قال المروزي (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، أنبا وَكِيعٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ ، أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنًا ) السنة
قَالَ الإمَامُ البربهاريُّ ( واعْلَم أنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الطَّريقِ عَلَى وَجْهَين
أمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَجَلٌ قَدْ زَلَّ عَنِ الطَّريقِ، وَهُو لاَ يُريْدُ إلاَّ الْخَير، فَلا يُقْتَدى بِزَلَّتِهِ، فَإنَّه هَالِكٌ
وآخَر : عَاندَ الْحَقَّ وخَالَفَ مَنْ كانَ قَبْلَهُ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ؛ فَهُو ضَالٌ مُضِلٌ، شَيْطَانٌ مَريدٌ فِي هَذهِ الأُمَّة، حَقيقٌ علَى مَنْ يَعْرِفْهُ أنْ يُحَذِّرَ النَّاسَ مِنْهُ، وَيُبَيِّنَ للنَّاسِ قِصَّتَهُ، لِئَلاَّ يَقَعَ أَحَدٌ فِي بِدْعَتهِ؛ فَيَهْلَك ) شرح السنة 9/69
أنّ السلف عذروا من تجهّم مقلدا
قال بن منده ( أَخْبَرَنَا عمي الإمام، أَخْبَرَنَا عبد الله بن عمر الكرخي، أَخْبَرَنَا سليمان بن أحمد بن أيوب، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: سُئِلَ أبي عن رجل وجب عليه تحرير رقبة مُؤمنة، فكان عنده مملوك سوء، لقنه أن يقول بخلق القرآن؟ فقال: لا يجزي عنه عتقه لأن الله تبارك وتعالى أمره بتحرير رقبة مؤمنة، وليس هذا بمؤمن هذا كافر) مناقب الامام أحمد
و هنا تكفير للمقلد و هو جاهل
أنّ السلف عذروا من اجتهد في مسائل التوحيد
قال عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (عَنْ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ , يَقُولُ : مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَاهِبٍ , فَوَقَفَ فَنُودِيَ الرَّاهِبُ , فَقِيلَ لَهُ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : فَاطَّلَعَ , فَإِذَا إِنْسَانٌ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالاجْتِهَادِ ، وَتَرْكِ الدُّنْيَا , فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ بَكَى ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , فَقَالَ : قَدْ عَلِمْتُ وَلَكِنِّي رَحِمْتُهُ ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ : عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ { 3 } تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً سورة الغاشية آية 3-4 , فَرَحِمْتُ نَصَبَهُ وَاجْتَهَادَهُ , وَهُوَ فِي النَّارِ ) سورة الغاشية
قال المزي ( حَدَّثَنَا هوذة بن خليفة، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ الحسن، قال: مر بي أنس بن مالك وقد بعثه زياد إِلَى أَبِي بَكْرَةَ يعاتبه، فانطلقت معه، فدخلنا عَلَى الشيخ وهو مريض، فأبلغه عنه، فَقَالَ: إنه يقول: ألم أستعمل عُبَيد الله عَلَى فارس؟ ألم أستعمل روادا عَلَى دار الرزق؟ ألم أستعمل عبد الرحمن عَلَى الديوان وبيت المال؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: هل زاد عَلَى أن أدخلهم النار؟ فَقَالَ أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهدا. فَقَالَ الشيخ: اقعدوني إني لا أعلمه إلا مجتهدا، وأهل حرورا قد اجتهدوا فأصابوا أم أخطأوا؟ قال أنس: فرجعنا مخصومين ) تهذيب الكمال جج7 ص 300 و كذلك فيي مسائل الامام أحمد برواية ابنه ابي الفضل صالح
قال الاجري (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّا لَقِينَا رَجُلا يَسْأَلُ عَنْ تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَمْكِنِّي مِنْهُ قَالَ : فَبَيْنَا عُمَرُ ذَاتَ يَوْمٍ يُغَدِّي النَّاسَ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ وَعِمَامَةٌ يَتَغَدَّى حَتَّى إِذَا فَرَغَ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا { 1 } فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا { 2 } سورة الذاريات آية 1-2 فَقَالَ عُمَرُ : أَنْتَ هُوَ ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ فَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَجْلِدُهُ حَتَّى سَقَطَتْ عِمَامَتُهُ ، فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ ، لَوْ وَجَدْتُكَ مَحْلُوقًا لَضَرَبْتُ رَأْسَكَ ، أَلْبِسُوهُ ثِيَابَهُ ، وَاحْمِلُوهُ عَلَى قَتَبٍ ، ثُمَّ أَخْرِجُوهُ حَتَّى تَقْدَمُوا بِهِ بِلادَهُ ، ثُمَّ لِيَقُمْ خَطِيبًا ، ثُمَّ لِيَقُلْ : إِنَّ صَبِيغًا طَلَبَ الْعِلْمَ فَأَخْطَأَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَضِيعًا فِي قَوْمِهِ حَتَّى هَلَكَ وَكَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ ) الشريعة
فطلب صبيغ للعلم و اجتهاده فيه لم يرفع عنه عقاب الفاروق عمر رضي الله عنه لما أخطأ
قال بن وضّاح (حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ , عَنْ سَحْنُونٍ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ , قَالَ : جَعَلَ صَبِيغٌ يَطُوفُ مَعَهُ كِتَابُ اللَّهِ , وَيَقُولُ : مَنْ يَتَفَقَّهْ نُفَقِّهْهُ , مَنْ يَتَعَلَّمْ يُعَلِّمْهُ اللَّهُ , فَأَخَذَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فَضَرَبَهُ بِالْجَرِيدِ الرَّطْبِ ثُمَّ سَجَنَهُ , حَتَّى إِذَا جَفَّ الَّذِي بِهِ أَخْرَجَهُ فَضَرَبَهُ , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي فَأَجْهِزْ عَلَيَّ , وَإِلا فَقَدْ شَفَيْتَنِي شَفَاكَ اللَّهُ , فَخَلاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ لِي مَالِكٌ : وَقَدْ ضَرَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ صَبِيغًا حِينَ بَلَغَهُ مَا يَسْأَلُ عَنْهُ مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ) كتاب ما جاء في البدع و النهي عنها - قِصَّةُ صَبِيغٍ بن عسل الْعِرَاقِيِّ
قال اللالكائي (أجمع أهل السنة و الجماعة أنّه لا اِجتهاد في مسائل الاعتقاد و أنه لا مجال للرأي و اِعْمال العقل فيها و أنّه لا يسمع مسلم فيها الاّ التسليم و الاتباع لعقيدة السلف الصالح و أنّه من لم يسعه ما وسعهم فلا وسّع الله عليه
أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ : اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ ، وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ ، وَقُلْ بِمَا قَالُوا ، وَكُفَّ عَمَّا كَفُّوا ، وَاسْلُكْ سَبِيلَ سَلَفِكَ الصَّالِحِ ، فَإِنَّهُ يَسَعُكَ مَا وَسِعَهُمْ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 315
قال أبو عبد الله الانصاري (قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ : قَالَ الْمُزَنِيُّ : سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْكَلَامِ ، فَقَالَ : سَلْنِي عَنْ شَيْءٍ ، إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : أَخْطَأْتَ ، وَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : كَفَرْتَ ) ذم الكلام و أهله
قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: الْقَدَرِيَّةُ أَشَدُّ اجْتِهَادًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ) السنة
و رغم اجتهاد القدرية فقد كَفّرهم الصحابة رضي الله عنهم قبل قيام الحجة
قال الامام مسلم في صحيحه ( حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ . ح وحَدَّثَنَا وَهَذَا حَدِيثُهُ ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ
كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ : مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ، حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ
فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ
فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيَتَقَفَّرُونَ ( يطلبون ) الْعِلْمَ ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ
، قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ ، مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) بَاب بَيَانِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ
ولمْ يقلْ لعلهم متأولينَ ! لعلهم جاهلينَ
أنّ السلف عذروا من تجهّم جاهلا
قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ ، نا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ زَاذَانَ ، يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : إِنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَعْلَمُونَ ، قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) السنة
قال الامام أحمد ( فليحذر جاهل أن يعذر نفسه فيما لا عذر له فيه فيحمل وزر نفسه ، ووزر من يفتنه ، بحجة مدحوضة لم يحتج بها أحد من الأبرار ) طبقات الحنابلة - الطبقة الأولى - بَابُ الميم
قال إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ ( سَمِعت الْمُزنِيّ يَقُول لَا يَصح لأحد تَوْحِيد حَتَّى يعلم أَن الله على الْعَرْش بصفاته قلت مثل أَي شَيْء قَالَ سميع بَصِير عليم قدير ) أخرجهَا ابْن مَنْدَه فِي تَارِيخه
فَالعِلْمُ بأنَّ اللهَ عَلَى عَرْشِهِ وَ أنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ عَلِيمٌ قَدِيرٌ هُوّ التَّوْحِيدُ وَ الجَهْلُ بِهَا شِرْكٌ
قال ابو الشيخ الاصبهاني ( أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّصي عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: تَكَلَّمَتِ الْيَهُودُ فِي صِفَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالُوا مَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَمْ يَدْرُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] ، ثُمَّ بَيَّنَ عَظَمَتَهُ لِلنَّاسِ، فَقَالَ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبُحْانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ،فجعل صِفَتَهُمُ الَّتِي وَصَفُوا بِهَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شِرْكًا ) كتاب العظمة
قال أبو القاسم اللالكائي (أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنَا عُثْمَانُ ، نَا حَنْبَلٌ ، قَالَ : نَا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : نَا حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ الْكَعْبَةَ حَقٌّ ، وَلَكِنْ لَا أَدْرِي هِيَ هَذِهِ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَبِيٌّ لَكِنْ لَا أَدْرِي هُوَ الَّذِي قَبْرُهُ بِالْمَدِينَةِ أَمْ لَا ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا قَالَ حَنْبَلٌ : قَالَ الْحُمَيْدِيُّ : مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ : مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
قَالَ الإمَامُ البربهاريُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ( وَاعْلَمْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَزَالُوا يَردُّونَ قَوْلَ الجَهْمِيَّةِ، حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ بَنِي الْعبَّاس تَكَلَّمَتْ اَلرُّوَيْبِضَةُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، وَطَعَنُوا عَلَى آثَارِ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأخَذُوا بِالْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ، وكَفَّرُوا مَنْ خَالَفَهُمْ، فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ الجَاهِلُ وَالمُغفَّلُوَالَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ، حَتَّى كَفَرُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، فَهَلَكَتِ الأُمَّةُ مِنْ وُجُوهٍ، وَكَفَرَتْ مِنْ وُجُوهٍ، وتَزَنْدَقتْ مِنْ وُجُوه، وَضَلَّتْ مِنْ وُجُوهٍ، وَابْتَدَعَتْ مِنْ وُجُوهٍ، إلَّا مَنْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ وَنَهْيهِ وَأَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَتَخَطَّى أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يُجَاوِز أَمْرَهُمْ، وَوَسِعَهُ مَا وَسِعَهُمْ، وَلَمْ يَرْغَبْ عَنْ طَرِيقَتِهِمْ وَمَذْهَبِهِمْ، وَعَلِمَ أنَّهُم كَانُوا عَلَى الإِسْلَامِ الصَّحِيحِ، وَالإِيمَانِ الصَّحِيحِ، فَقَلَّدَهُمْ دِينَهُ وَاسْتَرَاحَ ) شَرح السُّنَّة
و قال الامام بن بطة العكبري (جمعت في هذا الكتاب طرفا مما سمعناه وجملا مما نقلناه عن أئمة الدين وأعلام المسلمين مما نقلوه لنا عن رسول رب العالمين مما حض عليه من اتبعه من المؤمنين وما أمر به من التمسك بستنه وسلوك طريقته والاقتداء بهديه والاقتفاء لأثره، وقدمت بين يدي ذلك التحذير من الشذوذ والتخويف من الندود وما أمر الله به رسوله من لزوم الجماعة ومباينة أهل الزيغ والتفرق والشناعة وما يلزم أهل السنة من المجانبة والمباينة لمن خالف عقدهم ونكث عهدهم وقدح في دينهم وقصد لتفريق جماعتهم. ثم على أثر ذلك شرح السنة من إجماع الأئمة واتفاق الأمة وتطابق أهل الملة فجمعت من ذلك ما لا يسع المسلمين جهله ولا يعذر الله تبارك اسمه من أضاعه ولا ينظر إلى من خالفه وطعن عليه ممن دحضت حجته لما استهزأ بالدين وزلت قدمه لما ثلب أئمة المسلمين وعمى عن رشده حين خالف سنة المصطفى والراشدين المهديين صلى الله على نبيه وآله الطاهرين الطيبين وعلى أصحابه المنتخبين وأزواجه أمهات المؤمنين وعلى التابعين بإحسان وتابعي التابعين من الأولين والآخرين إلى يوم الدين وبالله نستعين ....(ثم سرد الشيخ عقيدة أهل النة و الجماعة في مختلف المسائل) .) مقدمة الشرح والإبانة على أصول السنة والديانة ومجانبة المخالفين ومباينة أهل الأهواء المارقين تحقيق عادل آل حمدان
قال عثمان بن سعيد الدارمي (ناظرني رجل ببغداد منافحا عن هؤلاء الجهمية , فقال لي : بأية حجة تكفرون هؤلاء الجهمية , وقد نهي عن إكفار أهل القبلة ؟ بكتاب ناطق تكفرونهم , أم بأثر أم بإجماع ؟ فقلت : ما الجهمية عندنا من أهل القبلة , وما نكفرهم إلا بكتاب مسطور وأثر مأثور , وكفر مشهور وَنُكَفِّرُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ لا يَدْرُونَ أَيْنَ اللَّهُ ، وَلا يَصِفُونَهُ بِأَيْنَ ، وَاللَّهُ قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَيْنَ ، فَقَالَ : الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى سورة طه آية 5 ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ سورة الأنعام آية 18 ، وَ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا سورة آل عمران آية 55 ، يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ سورة النحل آية 50 ، أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ سورة الملك آية 16 ، وَنَحْوُ هَذَا ، فَهَذَا كُلُّهُ وَصْفٌ بِأَيْنَ . وَوَصَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَيْنَ ، فَقَالَ لِلأَمَةِ السَّوْدَاءِ : أَيْنَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ، قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ " ، وَالْجَهْمِيَّةُ تَكْفُرُ بِهِ ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ وَاضِحِ كُفْرِهِمْ ، وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ يَنْطِقُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ، أَوْ بَعْضُهُمْ ، وَلَكِنْ يُكَابِرُونَ وَيُغَالِطُونَ الضُّعَفَاءَ ) بَابُ الاحْتِجَاجِ فِي إِكْفَارِ الْجَهْمِيَّةِ
و قال الدارمي أيضا (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ هِلالِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنَّ جَارِيَةً لِي تَرْعَى غَنَمًا ، فَجِئْتُهَا ، فَفَقَدْتُ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا ، فَقَالَتْ : أَكَلَهَا الذِّئْبُ . فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا ، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ ، فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا ، وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ ، أَفَأُعْتِقُهَا ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيْنَ اللَّهُ ؟ " . قَالَتْ : فِي السَّمَاءِ ! قَالَ : " مَنْ أَنَا ؟ " . قَالَتْ : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ ! قَالَ : " أَعْتِقْهَا " . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ دُونَ الأَرْضِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ لَمْ يَجُزْ فِي رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، إِذْ لا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ، أَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَةَ إِيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ؟ ) الرد على الجهمية
قال الامام الدارمي رحمه الله تعالى (فَمَنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، لَمْ يُؤْمِنْ بَعْدُ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ ، لِأَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ لَعَلِمَ يَقِينًا أَنَّ الْكَلَامَ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ ، وَاللَّهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ) نقضه على المريسي
قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بَكْرَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ , حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ , عَنْ خَالِدِ بْنِ ثَابِتٍ الرَّبْعِيِّ , قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ شَابٌّ قَدْ قَرَأَ الْكِتَابَ وَعَلِمَ عِلْمًا , وَكَانَ مَغْمُورًا , وَأَنَّهُ طَلَبَ بِقِرَاءَتِهِ الشَّرَفَ وَالْمَالَ , وَأَنَّهُ ابْتَدَعَ بِدْعَةً فَأَدْرَكَ الشَّرَفَ وَالْمَالَ فِي الدُّنْيَا , وَأَنَّهُ لَبِثَ كَهَيْئَتِهِ حَتَّى بَلَغَ سِنًّا , وَأَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ نَائِمٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ إِذْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ ، فَقَالَ : هَبْ هَؤُلاءِ النَّاسَ لا يَعْلَمُونَ , أَلَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلِمَ مَا ابْتَدَعْتُهُ ؟ فَقَدِ اقْتَرَبَ الأَجَلُ , فَلَوْ أَنِّي تُبْتُ . فَبَلَغَ مِنَ اجْتِهَادِهِ فِي التَّوْبَةِ أَنَّهُ عَمَدَ فَخَرَقَ تَرْقُوَتَهُ , ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا سِلْسِلَةً , ثُمَّ أَوْثَقَهَا إِلَى آسِيَةٍ مِنْ أَوَاسِي الْمَسْجِدِ , وَقَالَ : " لا أَبْرَحُ مَكَانِي حَتَّى يُنْزِلَ اللَّهُ فِيَّ تَوْبَةً أَوْ أَمُوتَ مَوْتَ الدُّنْيَا " . وَكَانَ لا يَسْتَنْكِرُ الْوَحْيَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأُوحِيَ وَحْيُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِهِ أَوْ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ : إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَصَبْتَ ذَنْبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَتُبْتُ عَلَيْكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ , وَلَكِنْ كَيْفَ بِمَنْ أَضْلَلْتَ مِنْ عِبَادِي فَمَاتُوا فَأَدْخَلْتُهُمْ جَهَنَّمَ , فَلا أَتُوبُ عَلَيْكَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لللالكائي
قال اللالكائيّ (وَلَمْ يَزَلْ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى يَوْمِنَا هَذَا قَوْمٌ يَحْفَظُونَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَيَتَدَيَّنُونَ بِهَا ، وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ حَادَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لِجَهْلِهِ طُرُقَ الِاتِّبَاعِ ) شرح أصول الاعتقاد
قال حرب الكرماني ( قُلْتُ لِإِسْحَاقَ : الرَّجُلُ يَقُولُ لِلْمُشْرِكِ : إِنَّهُ رَجُلٌ عَاقِلٌ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ عُقُولٌ ) مسائله
قال محمد بن نصر المروزي ( وَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ إِيمَانًا، وَالْجَهْلُ بِهِ كُفْرًا، وَكَانَ الْعَمَلُ بِالْفَرَائِضِ إِيمَانًا، وَالْجَهْلُ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ وَبَعْدَ نُزُولِهَا مَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا لَيْسَ بِكُفْرٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَقَرُّوا بِاللَّهِ فِي أَوَّلِ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَعْمَلُوا الْفَرَائِضَ الَّتِي افْتُرِضَتْ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ جَهْلُهُمْ ذَلِكَ كُفْرًا، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْفَرَائِضَ فَكَانَ إقْرَارُهُمْ بِهَا وَالْقِيَامُ بِهَا إِيمَانًا، وَإِنَّمَا يَكْفُرُ مَنْ جَحَدَهَا لِتَكْذِيبِهِ خَبَرَ اللَّهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ مَا كَانَ بِجَهْلِهَا كَافِرًا، وَبَعْدَ مَجِئِ الْخَبَرِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِالْخَبَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَمْ يَكُنْ بِجَهْلِهَا كَافِرًا، وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ كُفْرٌ قَبْلَ الْخَبَرِ وَبَعْدَ الْخَبَرِ ) تعظيم قدر الصلاة ص 520
ختاما فالوصية الوصية باتباع الصحابة رضي الله عنهم في علمهم و معرفتهم بربهم و حقهم عليهم من التوحيد ومجانبتهم لمن خالفهم في هذيهم
قال بن وضاح ( حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَسَدٌ , نا أَبُو هِلالٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : اتَّبِعُوا آثَارَنَا , وَلا تَبْتَدِعُوا ؛ فَقَدْ كُفِيتُمْ
عَنْ عَامِرِ بْنِ يَسَافٍ , عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ : اتَّبِعُوا سُبُلَنَا , وَلَئِنِ اتَّبَعْتُمُونَا لَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا , وَلَئِنْ خَالَفْتُمُونَا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلالا بَعِيدًا
عَنْ يَحْيَى بْنِ عِيسَى , عَنِ الأَعْمَشِ , عَنْ حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي ثَابِتٍ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : اتَّبِعُوا وَلا تَبْتَدِعُوا ؛ فَقَدْ كُفِيتُمْ كُلَّ ضَلالَةٍ ) البدع و النهي عنها
فمن السنة مجانبة أهل البدع قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) ال عمران
و كذلك الأشاعرة يكفرون من يقول بالعلو و يصفونه بالتجسيم الا أنّك تجد المنتسبين للإسلام المُعتقدين لعلو الله يدافعون عن هؤلاء الجهمية و هذا ليس من الملة الحنيفية التي أصلها و أساسها الولاء و البراء
قال الإمام ابن بطه العُكبري-رحمه الله- (وَلَا تُشَاوِرْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اَلْبِدَعِ فِي دِينِكَ, وَلَا تُرَافِقْهُ فِي سَفَرِكَ وَإِنْ أَمْكَنَكَ أَنْ لَا تُقَارِبَهُ فِي جِوَارِكَ. وَمِنْ اَلسُّنَّةِ مُجَانَبَةُ كُلِّ مَنْ اعْتَقَدَ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَهُجْرَانُهُ وَالْمَقْتُ لَهُ, وهُجْرَانُ مَنْ وَالَاهُ وَنَصْرَهُ وَذَبَّ عَنْهُ وَصَاحَبَهُ وَإنْ كَانَ اَلْفَاعِلُ لِذَلِكَ يُظْهِرُ اَلسُّنَّةَ ) الابانة الكبرى
أسأل الله أن ينفع بهذا التحقيق أهل التوحيد ويجعله لوجهه خالصا ولشرعه موافقا وأن يحقق فيه نصرة دينه وابتغاء