بسم الله الرحمن الرحيم 

إنَّ الحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ و نَسْتَعِينُ بِهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسِيِّئَاتِ أعْمَالِنَا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلْلْهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأشْهَدُ أنّ لا إلهَ إلاّ اللهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأشْهَدُ أنَّ مَحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ  )  آل عمران

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) الأحزاب

قال تعالى (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي  وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي  وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي  يَفْقَهُوا قَوْلِي ) طه

 

فَإنَّ أصْدَقَ الحَدِيثِ كَتَاب اللهِ، وَخْيرَ الهَدْي هَدْي مُحَمَد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .وَ شَرّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ وَكُلَّّ ضَلالَةٍ فِي النَارِ

جاء في مستخرج أبو عوانة (حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْجَوَّابِ ، قَالَ : ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي السَّفَرِ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ ، قَالَ : رَأَيْتُ جَمَاعَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ ، فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا شَيْخٌ يُحَدِّثُهُمْ وَإِذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَنَزَلَ النَّاسُ فَنَزَلْنَا ، فَمِنَّا مَنْ يَبْنِي خِبَاءَهُ ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلاةُ جَامِعَةٌ ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَقُولُ :   إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلا حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَنْصُرَ أُمَّتَهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ خَيْرٌ لَهُمْ ، وَيُحَذِّرُهُمْ ، أَوْ يُنْذِرُهُمْ مَا يَرَى أَنَّهُ شَرٌّ لَهُمْ أَلا ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ جُعِلَتْ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا ، أَلا وَتَكُونُ فِتَنٌ وَأُمُورٌ يَرْمُقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ) كِتَابُ الْحُدُودِ     

قال بن وضاح  الأندلسي في البدع و النهي عنها (نا أَسَدٌ , عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ , عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ ، قَالَ : قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ :   تَعَلَّمُوا الإِسْلامَ ؛ فَإِذَا تَعَلَّمْتُمُوهُ فَلا تَرْغَبُوا عَنْهُ , وَعَلَيْكُمْ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ؛ فَإِنَّهُ الإِسْلامُ , وَلا تَجْرُفُوا الصِّرَاطَ شِمَالا وَلا يَمِينًا , وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ وَالَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ ( أي عثمان بن عفان رضي الله عنه ) , وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا ؛ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ , وَمِنْ قَبْلِ أَنْ يَفْعَلُوا الَّذِي فَعَلُوا بِخَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً , وَإِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الأَهْوَاءَ الَّتِي تُلْقِي بَيْنَ النَّاسِ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ " , قَالَ : فَحَدَّثْتُ بِهِ الْحَسَنَ , فَقَالَ : صَدَقَ وَنَصَحَ , قَالَ : وَحَدَّثْتُ بِهِ حَفْصَةَ بِنْتَ سِيرِينَ , فَقَالَتْ : بِأَبِي وَأَهْلِي أَنْتَ حَدَّثْتَ بِهَذَا مُحَمَّدًا ؟  (أي أخوها محمد بن سيرين) فَقُلْتُ : لا , قَالَتْ : حَدِّثْهُ بِهِ ) بَابُ كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ

قال البخاري (قَالَ ابْنُ عَوْنٍ ثَلَاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا وَالْقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ ) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة         

 

 فَهَذَا بَحْثٌ  فِي بَيَانِ  المِلَّّةِ وَ حُكْمِ مَنْ يُخَالِفُهَا احْتِكَامًا لِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَ سُنَّةِ  رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُنْوَان الفَهْمُ السَلِيمُ لِمِلَّةِ ابْرَاهِيمْ و فَيِهِ فُصُولٌ هِيَ كَالاَتِي :

 

أخْدُ العَهْدِ وَ المِيثَاقِ مِنَ الخَلْقِ كُلِّهِم عَلَى اِفْرَادِ اللهِ تَعَالَى  بِالعِبَادَةِ وَ تَرْكِ الشِرْكِ بِهِ

أوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الخَلْقِ تَحْقِيقُ كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

بَيَانُ مَعْنَى كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

وُجُوبُ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ

فَضْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

أمْثَالُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

بَيَانُ مَعْنَى  الاسْلاَمِ وَ أنَّّهُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَىٰ القَائِمَةُ علَى الكُفْرِ بِِالطَّاغُوتِ وَالايمَانِ بِاللَّهِ

دَعْوَةُ الرُسُلِ عَلَيْهِمُ السَلاَمِ هِيَ الاسْلاَم المُتَمَثِّلُ فِي اخْلاصِ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ وَ البَرَاءَةِ مِمَّا سِوَاهُ

حَقِيقَةُ الشِّرْكِ

أوْصَافُ الشِرْكِ بِاللهِ

حُكْمُ اللهِ عَلَى الشِرْكِ وَ أهْلِهِ

بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لاَ يَنْفَعُهُ عَمَلٌ صَالِحٌ

النَهْيُ عَنِ الشِرْكِ بِاللهِ

لاَ يَجْتَمِعُ الشِّرْكُ وَ الْإِسْلَام

الاسْلاَمُ وَ الكُفْر نَقِيضَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي شَخْصٍ وَاحِد

بَعْضُ العِبَادَاتِ وَ مَا يُخَالِفُهَا مِنْ شِرْكٍ 

بَيَانُ أنَّّ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ ضَلَالٌ مُّبِينٌ وَاضِحٌ لاَ خَفَاءَ فِيهِ

قبحَ عبادةِ غيرِ اللهِ تَعَالى مستقرٌ في العقولِ والفطرِ

كُفْرُ مَنْ تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ وَ بُطْلانِ التَفْرِيقُ بَيْنَ الفِعْلِ أوْ القَوْلِ وَ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِمَا

بَيَانُ أنَّ مَنْ صَرَفَ العِبَادَةَ لِغَيْرِ اللهِ كَافِرٌ

بَيَانُ أنَّ كُلُ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ وَ اِنْ كَانَ جَاهِلٌ

أوْصَافُ مَنْ أشْرَكَ بِاللهِ فِي كِتَابِ اللهِ

وُجُوبُ البَرَاءَةُ مِنَ الشُرَكَاءِ لِتَحْقِيقِ كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

وُجُوبُ البَرَاءَةُ مِنَ الشِرْكِ بِاللهِ

وُجُوبُ تَكْفِير الكَافِرِ

جَمْعُ المَنْفِيَاتِ الثَلاَثَةُ فِي سُورَةِ الكَافِرُونَ

أَخْذُ النَّاس وَمُحَاسَبَتِهِم بِظَاهِرِهِم

الكُفْرُ عِنْدَ أهْلِ الاسْلاَمْ كَمَا يَكُونُ بٍالجُحُودِ القَلْبِي يَكُونُ كَذَلِكَ بِالقَوْلِ وَ العَمَلِ

لاَ يُشْتَرَطُ الجُحُودُ لِتَكْفِيرِ مَنْ تَلَبَّسَ بِالنَّوَاقِضِ القَوْلِيَةِ وِالفِعْلِيَةِ

دَلَّ القُرْاَنُ عَلَى  أنّ المَطْلُوبُ مَعْنَى كَلِمَةِ التَّوْحِيد وَ لَيْسَ  التَلَفّظُ بِهَا حَرْفِيّا

اثْبَاتُ الكُفْرِ لِمَنْ تَلَبَسَ بِهِ وَ لاَ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ اقَامَةُ الحُجَةِ الرِسَالِيَةِ عَلَيْهِ

بَيَانُ أنَّّ العَذَابَ الدُنْيَويِ وَ الاسْتِئْصَال مَنُوطٌ بِبُلُوغِ الحُجَّةِ الرِسَالِيَةِ وَ لَيْسَ فَهْمَهَا

بَيَانُ أنَّ  أعِذَارُ الكُفَّار يَوْمَ الحِسَابِ لاَ تُقْبَلُ

 الجَهْل السَبَبُ الأوّلُ لِضَلاَلِ الخَلْقِ وَ كُفْرِهِمُ

أطْلَقَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ وَصْفَ الجَهْلِ عَلَى مَنْ خَالَفَ أمْرَهُ مِنَ الأمَمِ

الادِلَّةُ مِنَ القُرْاَنِ وَ السُنَّةِ عَلَى عَدَمِ العُذْرِ  بِالجَهْلِ لمنْ ضَلَّ وَ خَالَفَ الاسْلاَمَ  وُ السُنَّة 

بَيَانُ أنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَوْحِيدِ العِلْمُ بِمَعْنَاه وَ بِمَا يَقْتَضِيهِ مِمَّا يَدُلّ عَلَى أنَّ الجَهْلَ بِهِ لا يَنْفَعُ

الرَّدُ عَلَى مَنْ قَالَ نَعْذُرُ بِالجَهْلِ فِي المَسَائِلِ الخَفِيَةِ وَفِي الشَرَائِعِ دُونَ  التَوْحِيدِ

أقْوَالُ الصَحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَ مَنْ تَبِعَهُمُ بإحْسَانٍ فِي عَدَمِ العُذْرِ بِالجَهْلِ

عَدَمُ اسْتِوَاءِ العَالِمِ بِأمْرِ اللهِ وَ جَاهِلِ بِهِ

بَيَانُ أنَّ المُقَلِّدْ الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

بَيَانُ أنَّ اتِبَاعُ الرُؤَسَاءِ وَ السَادَةِ  وَ العُلَمَاءِ فِي الكُفْرِ  كُفْرٌ لاَ عُذْرَ فِيهِ 

بَيَانُ أنَّ  العِلْمَ هُوَ الوَحْيُ وَ الجَهْلُ هُوَ الرَأْيُ وَ الكَلامُ وَ مَنْ تَبِعَهُ لاَ عُذْرَ لَهُ

بَيَانُ أنَّ المُجْتَهِدَ الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

بَيَانُ أنَّ المُتَأَوِّّل الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

بَيَانُ أنَّ الشَاك   فِي الاسْلاَمِ غَيْرَ مَعْذُورِ

بَيَانُ أنَّ عُذْرَ المُخْطِئَ الجَاهِلَ عَقِيدَةُ هِيَ المُعْتَزِلَةِ

بَيَانُ أنَّه لاَ فَرْقَ فِي الحُكْمِ بَيْنَ الكَافِرِ وَ المُسْلِمِ اذَا تَلَبَّّسَا بِالشِرْكِ

بَيَانُ أنَّ الجَنَة لاَ يَدْخُلُهَا الاَّ مُسْلِمٌ  

بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّ الكَافِرَ فِي النَّارِ انْ مَاتَ عَلَى كُفْرِه

ثُبُوتُ العَذَاب يَوْمَ القِيَامَةِ لِمَنْ مَاتَ كَافِراً وَ نَقضَ المِيثَاق وَ انْ لَمْ  تُقَمْ عَلَيْهِ الحُجَّّة وَ تَبْلُغْهُ الدَعْوَةُ فِي الدُنْيَا

مُشَابَهَةُ الذِي لاَ يُكَفِّر المُشْرِكِينَ وَ لاَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمُ بِالنَّارِ لِليَهُودِ

بَيَانُ أنَّ الايِمَانَ وَ الكُفْرَ قَدَرُ اللهِ  وَ من عَذَرَ الكَافِرَ بِغَيْرِ مَا عَذَرَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ فَقَدْ طَعَنَ فِي القَدَرِ اللهِ وَ قَضَائِهِ فِي خَلْقِهِ

رِفْعَةُ المُسْلِمِ عَلَى الكَافِرِ  وَ عَدَمُ اسْتِوَائِهِمَا

اللهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لاَ يَحْتَاجُ لِعِبَادَةِ وَ لاَ يَفْتَقِرُ لِطَاعَةِ خَلْقِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَضُرُّ الاَّ نَفْسَهُ

تَحْرِيمُ المُجَادَلَةِ عَنِ العُصَاةِ وَ الكَافِرِينَ وَ المُشْرِكِينَ وَ انْ كَانُوا الجاهلين

حُكْمُ مَنْ لَمْ يُكَفِّر المُشْرِكِينَ

أقْوَالُ أهْلِ العِلْمِ فِي تَكْفِيرِ  مَنْ لَمْ يُكَفَّرِ المُشْرِكِينَ

تَعَامُلُ المُسْلِمِ مَعَ أهْلِ الشِرْكِ

مَشْرُوعِيَةُ البُغْضِ وَ الهَجْرِ لأَهْلِ البِدَعِ وَ الكُفْرِ

 الخَاتِمَةُ

 

 

أخْدُ العَهْدِ وَ المِيثَاقِ مِنَ الخَلْقِ كُلِّهِم عَلَى اِفْرَادِ اللهِ تَعَالَى  بِالعِبَادَةِ وَ تَرْكِ الشِرْكِ بِهِ

 

قال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ   أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الاعراف

 

جاء في الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار وشرح ذلك كله بالإيجاز والإختصار 3/ 107  (قال الإمام إِسْحَاق بْنِ رَاهَوَيْهِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا الْأَرْوَاحُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ ، فَاسْتَنْطَقَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ لَا تَقُولُوا ( إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ) )

 

 

وَ هَذَا المِيثَاقُ  حُجَّةٌ عَلَيْنَا

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ : ( إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ، فَبَيَّنَ مَنْ هُمْ ، فَقَالَ : ( الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ) ، فَعَلَيْكُمْ بِوَفَاءِ الْعَهْدِ ، وَلَا تَنْقُضُوا هَذَا الْمِيثَاقَ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى وَقَدَّمَ فِيهِ أَشَدَّ التَّقْدِمَةِ ، فَذَكَرَهُ فِي بِضْعٍ وَعِشْرِينَ مَوْضِعًا ، نَصِيحَةً لَكُمْ وتقدِمَةً إِلَيْكُمْ ، وَحُجَّةً عَلَيْكُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال أبو المظفر السمعاني (قيل: إِن الله - تَعَالَى - قد أوضح الدَّلَائِل ونصبها على وحدانيته، وَصدق قَوْله، وَقد أخبر عَن يَوْم الْمِيثَاق، وَهُوَ صَادِق فِي الْأَخْبَار، فَكل من نقض ذَلِك الْعَهْد كَانَ معاندا ولزقته الْحجَّة ) تفسير السمعاني

 

 

وَ هَذِهِ الحُجَّةُ أقَامَهَا اللهُ عَلَى كُلّ خَلْقِهِ بِلاَ اسْتِثْنَاءِ

قال تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) الأعراف

فَأخَدَ سُبْحَانَهُ العَهْدَ وَ المِيثَاقَ مِنْْ بَنيِ آدَمَ كُلِّّهمُِ

قال الترمدي ( حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ قَالَ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ ) كتاب تفسير القران - باب ومن سورة الأعراف

 قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْكَلْبِيِّ ( مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ )، قَالَ: مَسَحَ اللَّهُ عَلَى صُلْبِ آدَمَ، فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَخَذَ مِيثَاقَهُمْ أَنَّهُ رَبُّهُمْ، فَأَعْطَوْهُ ذَلِكَ، وَلا تَسْأَلُ أَحَدًا كَافِرًا وَلا غَيْرَهُ: مَنْ رَبُّكَ؟ إِلا قَالَ: اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

َ احْتَجَّ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ بِهَذا المِيثَاقِ

قال تعالى (وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۙ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) الحديد

جاء في تفسير مجاهد بن جبر (أنبأ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا آدَمُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله: "( وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ )، قَالَ: يَعْنِي فِي ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ )

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : ( وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) ، وَمَا شَأْنُكُمْ - أَيُّهَا النَّاسُ - لَا تُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ ، وَرَسُولُهُ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُوكُمْ إِلَى الْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ ، وَقَدْ أَتَاكُمْ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ ، مَا قَطَعَ عُذْرَكُمْ ، وَأَزَالَ الشَّكَّ مِنْ قُلُوبِكُمْ ، ( وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ) قِيلَ : عُنِيَ بِذَلِكَ وَقَدْ أَخَذَ مِنْكُمْ رَبُّكُمْ مِيثَاقَكُمْ فِي صُلْبِ آدَمَ ، بِأَنَّ اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا إِلَهَ لَكُمْ سِوَاهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخذ ميثاقكم} فِي صلب آدم {إِنْ كُنْتُمْ مُؤمنين} بِاللَّه وَالرَّسُول؛ فَأنْتم مُؤمنُونَ بذلك الْمِيثَاق ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ مُقِرٌّ بِالمِيثَاقِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) كتاب الجنائز

قال أبو داود (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ هَذَا عِنْدَنَا حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْعَهْدَ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ حَيْثُ قَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) سننه

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) قَالَ : الْإِسْلَامُ مُذْ خَلَقَهُمُ اللَّهُ مِنْ آدَمَ جَمِيعًا ، يُقِرُّونَ بِذَلِكَ ، وَقَرَأَ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ) قَالَ : فَهَذَا قَوْلُ اللَّهِ : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ ) بَعْدُ  ) جامع البيان في تأويل القران

 

مُخَالَفَةُ أكْثَرُ النَاسِ للمِيثَاقِ وَ نَقْضِهِمُ للعَهْدِ

قال تعالى (وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ ۖ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، ثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ قَالَ: هُوَ ذَلِكَ الْعَهْدُ يَعْنِي يَوْمَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا أَهْلَكَ الْقُرَى، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا حَفِظُوا مَا أَوْصَاهُمْ بِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : " وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ " قَالَ : فِي الْمِيثَاقِ الَّذِي أَخَذَهُ فِي ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ : " وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ " ، الْآيَةَ ، قَالَ : الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ . وَ"عَهْدُهُ" ، الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ بَنِي آدَمَ فِي ظَهْرِ آدَمَ وَلَمْ يَفُوا بِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ} يَعْنِي: الْمِيثَاقَ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ فِي صلب آدم ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

 

حَكَمَ سُبْحَانَهُ عَلَى مَنْ نَقَضَ المِيثَاقَ بِالكُفْرِ

قال تعالى (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ  وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ زَنْجَلَةَ، وَكَثِيرُ بْنُ شِهَابٍ الْقَزْوِينِيُّ، قَالَا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ قَالَ: فَصَارُوا فَرِيقَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ لِمَنِ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ: أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ، قَالَ: فَهُوَ الْإِيمَانُ الَّذِينَ كَانَ فِي زَمَنِ آدَمَ حَيْثُ كَانُوا أُمَّةً وَاحِدَةً مُسْلِمَيْنِ

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ ، ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ قَالَ: إِيمَانُهُمُ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ ، الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ جَمِيعَ الْكُفَّارِ ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ الَّذِي يُوَبَّخُونَ عَلَى ارْتِدَادِهِمْ عَنْهُ ، هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي أَقَرُّوا بِهِ يَوْمَ قِيلَ لَهُمْ : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ) [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 172 ]  . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ جَمِيعَ أَهْلِ الْآخِرَةِ فَرِيقَيْنِ : أَحَدُهُمَا سُودًا وُجُوهُهُ ، وَالْآخِرُ بَيْضًا وُجُوهُهُ . فَمَعْلُومٌ - إِذْ لَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ إِلَّا هَذَانَ الْفَرِيقَانِ - أَنَّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ دَاخِلُونَ فِي فَرِيقِ مِنْ سُوِّدَ وَجْهُهُ ، وَأَنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ دَاخِلُونَ فِي فَرِيقِ مَنْ بُيِّضَ وَجْهُهُ . فَلَا وَجْهَ إِذًا لِقَوْلِ قَائِلٍ : "عَنَى بِقَوْلِهِ : " أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ " ، بَعْضَ الْكُفَّارِ دُونَ بَعْضٍ " ، وَقَدْ عَمَّ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْخَبَرَ عَنْهُمْ جَمِيعِهِمْ ، وَإِذَا دَخَلَ جَمِيعُهُمْ فِي ذَلِكَ ، ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لِجَمِيعِهِمْ حَالَةً آمَنُوا فِيهَا ثُمَّ ارْتَدُّوا كَافِرِينَ بَعْدُ إِلَّا حَالَةً وَاحِدَةً ، كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهَا الْمُرَادَّةُ بِذَلِكَ . فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا : أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فِي يَوْمِ تَبْيَضُّ وُجُوهُ قَوْمٍ وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ آخَرِينَ . فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ، فَيُقَالُ : أَجَحَدْتُمْ تَوْحِيدَ اللَّهِ وَعَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقْتُمُوهُ عَلَيْهِ ، بِأَنْ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ - بَعْدَ إِيمَانِكُمْ يَعْنِي : بَعْدَ تَصْدِيقِكُمْ بِهِ ؟ " فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ " ، يَقُولُ : بِمَا كُنْتُمْ تَجْحَدُونَ فِي الدُّنْيَا مَا كَانَ اللَّهُ قَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ " وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ " . مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ ، فَلَمْ يُبَدِّلْ دِينَهُ ، وَلَمْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ ، وَالشَّهَادَةِ لِرَبِّهِ بِالْأُلُوهَةِ ، وَأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرَهُ " فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ " ، يَقُولُ : فَهُمْ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ ، يَعْنِي : فِي جَنَّتِهِ وَنَعِيمِهَا وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَهْلِهَا فِيهَا " هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ " ، أَيْ : بَاقُونَ فِيهَا أَبَدًا بِغَيْرِ نِهَايَةٍ وَلَا غَايَةٍ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

وَ جَعَلَ سُبْحَانَهُ مَنْ يَنْقُضُ هَذَا المِيثَاقَ ( الحُجَّةَ ) فِي النّارِ

 قال تعالى (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ   وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ  وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ   جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ   سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُــونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُــوءُ الدَّارِ ) الرعد

فِي هَذِهٍ الآيَة بَيَّنَ سٌبْحَانَه أنَّ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ لَــــهُمُ عُقْبَى الدَّارِ 

و الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ لَــــهُمُ سُوءُ الدَّارِ

قال تعالى (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، ثَنَا الْوَلِيدُ، أَخْبَرَنِي بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ : قَوْلُ اللَّهِ: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ يَعْنِي مِيثَاقَهُ الْأَوَّلَ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا

قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ أَبُو وَهْبٍ ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ : قَوْلُهُ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ فِي الْآخِرَةِ. يَقُولُ: هُمْ أَهْلُ النَّارِ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن أبي زمنين ({الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بعد ميثاقه} وَهُوَ الْمِيثَاق الَّذِي أَخذ عَلَيْهِم فِي صلب آدم، وَتَفْسِيره فِي سُورَة الْأَعْرَاف {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصل} قَالَ ابْنُ عَبَّاس: يَعْنِي: مَا أَمر اللَّه بِهِ من الْإِيمَان بالنبيين كلهم {وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ} أَي يعْملُونَ فِيهَا بالشرك والمعاصي {أُولَئِكَ هم الخاسرون} خسروا أنفسهم أَنْ يغنموها فيصيروا فِي الْجَنَّةِ؛ فصاروا فِي النَّار ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال مسلم (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ كَانَتْ  لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ أَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ )  بَاب طَلَبِ الْكَافِرِ الْفِدَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا

قال البخاري (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْــــلِ النَّـارِ عَــــذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ ) باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته

هَذَا الحَدِيث دَلِيلٌ عَلَى أنَّّ اللهَ تَعَالَى  يُحَاسِبُ خَلْقَهُ بِالمِيثَاقِ الأوَّلِ وَ لِيْسَ بِإرْسَالِ الرُّسُلِ فِإنَّ التَوْحِيدَ فِطْرَةَ اللهِ

 

وَ الشِّرْكَ كَسْبُ الخَلْقِ وَهُوَ مُحَاسَبٌ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ

كما قال تعالى (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ  كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) المدثر

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) يَقُولُ : مَأْخُوذَةٌ بِعَمَلِهَا ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) غافر

قال ابن جرير الطبري (( الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) يَقُولُ : الْيَوْمَ يُثَابُ كُلُّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ ، فَيُوَفَّى أَجْرَ عَمَلِهِ ، فَعَامِلُ الْخَيْرِ يُجْزَى الْخَيْرَ ، وَعَامِلُ الشَّرِّ يُجْزَى جَزَاءَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۗ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ ۚ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ الْقَوْلِ ۗ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الرعد

قال ابن جرير الطبري (حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ فَرَجٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) ، فَهُوَ اللَّهُ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسِ بَرٍّ وَفَاجِرٍ ، يَرْزُقُهُمْ وَيَكْلَؤُهُمْ ، ثُمَّ يُشْرِكُ بِهِ مِنْهُمْ مَنْ أَشْرَكَ

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ : ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) ، وَعَلَى رِزْقِهِمْ وَعَلَى طَعَامِهِمْ ، فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ قَائِمٌ ، وَهُمْ عَبِيدِي ، ثُمَّ جَعَلُوا لِي شُرَكَاءَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

أوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الخَلْقِ تَحْقِيقُ كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

 

قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد بعثنَا فِي كل أمة رَسُولا أَن اعبدوا الله وَاجْتَنبُوا الطاغوت} أَي: وحدوا الله وَاجْتَنبُوا الْأَصْنَام ) تفسير السمعاني

و قال تعالى (وَمَا أَرْ‌سَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّ‌سُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الانبياء

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أرسلنَا من قبلك من رَسُول إِلَّا نوحي إِلَيْهِ أَنه لَا إِلَه إِلَّا أَنا فاعبدون} أَي: وحدون ) تفسير السمعاني

 

وَ قَدْ كَانَ أوَّلُ دَعْوَةِ الرَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَوْحِيدِ

قال تعالى (فَإِذَا انسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي , ثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ, ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ تَابُوا قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعينِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) بَاب فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ

وَ أوَّلُ مَا دَعَى اليْهِ أَهْلَ اليَمَنِ التَوْحِيدُ

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَقُولُ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ لَمَّا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ لَهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ فَإِذَا صَلَّوْا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ غَنِيِّهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فَقِيرِهِمْ فَإِذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ ) كتاب التوحيد

وَ أوَّلُ مَا دَعَى اليْهِ الغُلاَمُ اليَهُودِي التَوْحِيدُ

قال البخاري (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ ) باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام

وَ كَانَتْ أوَّلُ دَعْوَةِ المُلُوك الَى التَوْحِيدِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ قُلْتُ هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ قَالَ فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ لَا قَالَ فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ قَالَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ قُلْتُ بَلْ يَزِيدُونَ  قَالَ فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَهَلْ يَغْدِرُ قُلْتُ لَا وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا قَالَ وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ قَالَ فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ قُلْتُ الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ قَالَ مَاذَا يَأْمُرُكُمْ قُلْتُ يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ  مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ وَ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لَا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) باب بدء الوحي

جاء في الجامع لمسائل المدونة ج 6 ص 54 (وقال عن مالك بن أنس : إذا وجبت الدعوة فإنما يدعو إلى الإسلام جملة من غير ذكر الشرائع إلا أن يسألوا عنها فلنبين لهم، وكذلك يدعو إلى الجزية مجملاً بلا توقيت ولا تحديد إلا أن يسألوا عن ذلك فلنبين لهم ) و نقله ابن حبيب المالكي في الواضحة من السنن والفقه

قال ابن دقيق العيد (وَالْبُدَاءَةُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالشَّهَادَتَيْنِ : لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ فُرُوعِهِ إلَّا بِهِ . فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُوَحِّدٍ عَلَى التَّحْقِيقِ - كَالنَّصَارَى - فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ عَيْنًا ) إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام ج 1ص 378

 

بَيَانُ مَعْنَى كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

قال تعالى (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص

قال تعالى (وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ) البقرة

قال تعالى (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص

قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون ) التوبة

جاء في الوسيط في تفسير القران المجيد ( ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) نفي إله سواه توكيد وتحقيق لإلهيته، لأن قولك: لا كريم إلا زيد.أبلغ من قولك: زيد كريم )

قال تعالى (أَن لَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ۖ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) هود

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فِيمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: " اعْبُدُوا " أَيْ: وَحِّدُوا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ   إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ  وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ   وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) الصافات

قال تعالى (لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ) الدخان

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، أَنْبَأَ غَسَّانُ ، ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :   لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ : أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكًا فِي أَمْرِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى  (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون) الأنعام

قال بن ابي حاتم الرازي (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ أتا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّمَّامُ بْن زَيْدٍ وَقَرْدَمُ بن كعب وبحرى ابن عَمْرٍو، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 قال تعالى  (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون) ال عمران

قال بن ابي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ، ثنا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كَلِمَةُ السَّوَاءِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ )  تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال الامام أحمد في مسنده (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتَخَلَّلُهَا يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا قَالَ وَأَبُو جَهْلٍ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ فَإِنَّمَا يُرِيدُ لِتَتْرُكُوا آلِهَتَكُمْ وَتَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى قَالَ وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْنَا انْعَتْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ مَرْبُوعٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ حَسَنُ الْوَجْهِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ أَبْيَضُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ سَابِغُ الشَّعْرِ ) أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَي التُّجِيبِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَمِّ ، " قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى ، أَنْ يَقُولَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) كِتَاب الإِيمَانِ

 

أمْثَالُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

 

هِيَ الشَهَادَةُ

قال تعالى (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ال عمران

 

هي الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى

قال تعالى (قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ ، ثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ النَّهْدِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مِثْلُهُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 

هِيَ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ

قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، كَاتِبُ اللَّيْثِ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي قَوْلَهُ: تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ يَقُولُ: تَأْمُرُونَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَيُقَاتِلُونَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَعْظَمُ الْمَعْرُوفِ. وَرُوِيَ عَنِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: التَّوْحِيدُ. ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 قال تعالى (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ: كُلُّ آيَةٍ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ، فَذَكَرَ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ، فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُمْ دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

 

هِيَ حَسَنَة

قال تعالى (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) النمل

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) قَالَ : مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) ، قَالَ : بِالشِّرْكِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي   الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ) قَالَ : كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ) قَالَ : الشِّرْكُ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُون ) الانعام

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ وَالْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ) ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) ، قَالَ رَجُلً مِنَ الْقَوْمِ : فَإِنَّ " لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" حَسَنَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ) ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ) ، قَالَ : الشِّرْكُ

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ نُوحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

كَلِمَةُ الحُسْنَى

قال تعالى (لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ ۖ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) يونس

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ) ، يَقُولُ : لِلَّذِينِ شَهِدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

هِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى

قال تعالى (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَىٰ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) الفتح

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ الْعَتَكِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ سَالِمًا ، سَمِعَ شُعْبَةَ ، سَمِعَ سَلَمَةَ بْنَ كُهَيْلٍ ، سَمِعَ عَبَايَةَ ، سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ ( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ ، قَالَ ثَنَا أَبُو صَالِحٍ . قَالَ ثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ ( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ) يَقُولُ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَهِيَ كَلِمَةُ التَّقْوَى ، يَقُولُ : فَهِيَ رَأْسُ التَّقْوَى

حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ : ثَنَا شُعْبَةُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

هِيَ الصَوَاب

قال تعالى (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) النبأ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي عَلِيٌّ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) يَقُولُ : إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّبُّ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَهِيَ مُنْتَهَى الصَّوَابِ

حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ : ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ، قَالَ : ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ : ( إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

هِيَ شَجَرةٌ طَيِّبَةٌ

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ  يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) ابراهيم

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : ( كَلِمَةً طَيِّبَةً ) ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ( كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) ، وَهُوَ الْمُؤْمِنُ ( أَصْلُهَا ثَابِتٌ ) ، يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ثَابِتٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ ( وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) ، يَقُولُ : يُرْفَعُ بِهَا عَمَلُ الْمُؤْمِنِ إِلَى السَّمَاءِ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ) ، وَهِيَ الشِّرْكُ ( كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ) ، يَعْنِي الْكَافِرَ . قَالَ : ( اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) ، يَقُولُ : الشِّرْكُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ الْكَافِرُ وَلَا بُرْهَانٌ ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا ) جامع البان في تأويل القران

 

الكَلِمَةُ الْعُلْيَا

قال تعالى (وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَبُو صَالِحٍ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى )  وَهُوَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، ( وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ) ، قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال البخاري (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) بَاب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا

 

 

الكَلِمَةُ السَوَاءُ

قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : كَلِمَةُ السَّوَاءِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 

الكَلِمَةُ البَاقِيَةُ

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ  إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ   وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً ) قَالَ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَالتَّوْحِيدُ لَمْ يَزَلْ فِي ذُرِّيَّتِهِ مَنْ يَقُولُهَا مِنْ بَعْدِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

البَاقِيَةُ الصَالِحَةُ

قال تعالى (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ) الكهف

جاء في المستدرك على الصحيحين (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، ثنا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذُوا جُنَّتَكُمْ "، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: مِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ ؟ قَالَ: " لا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهَا يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُنْجِيَاتٍ وَمُقَدَّمَاتٍ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ )

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ ) قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

هَيَ كَلِمَةُ الاخْلاصِ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  كَانَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ، وَإِذَا أَمْسَى:   أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مسلمًا، وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) المسند

جاء في الدعاء للطبراني (حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُعَافَى بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ( أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) ، قَالَ: " شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، كَلِمَةُ الإِخْلاصِ )

 

القَوْلُ الثَابِتُ

قال تعالى (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ۚ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) ابراهيم

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي الْقَبْرِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ) بَاب يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ

 

 

هِيَ دَعْوَةُ الْحَقِّ

قال تعالى (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) الرعد

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( دَعْوَةُ الْحَقِّ ) ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ) : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَيْسَتْ تَنْبَغِي لِأَحَدٍ غَيْرِهِ ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : فَلَانٌ إِلَهُ بَنِي فُلَانٍ ) جامع البيان في  تأويل القران

 

 

هِيَ أصْلُ دِينِ الاسْلاَمِ وَمَا بُنِيَ عَلَيْهِ

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ  وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ) ابراهيم

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : ( كَلِمَةً طَيِّبَةً ) ، شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : "أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ" وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا . قَالَ : ذَلِكَ الْمُؤْمِنُ ضُرِبَ مَثَلُهُ . قَالَ : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَعِبَادَتُهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، قَالَ : ( أَصْلُهَا ثَابِتٌ ) ، قَالَ : أَصْلُ عَمَلِهِ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ ( وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) ، قَالَ : ذِكْرُهُ فِي السَّمَاءِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال البخاري (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس

 

  

هِي مَعَ حُقُوقِهَا مِفْتَاحٌ للْجَنَّةِ

قال أبو نعيم (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزِّمَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ رُمَّانَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ: " أَلَيْسَ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ مِفْتَاحٍ إِلا وَلَهُ أَسْنَانٌ، مَنْ أَتَى الْبَابَ، بِأَسْنَانِهِ فُتِحَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ الْبَابَ بِأَسْنَانِهِ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ ) حلية الأولياء

قال البخاري (بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَنَائِزِ وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقِيلَ لِوَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَلَيْسَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيْسَ مِفْتَاحٌ إِلَّا لَهُ أَسْنَانٌ فَإِنْ جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ فُتِحَ لَكَ وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَكَ ) كتاب الجنائز

قال أبو زرعة الرازي ( حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّامٌ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَيْرَةَ ، قَالَ : قِيلَ لِلْحَسَنِ : إِنَّ أُنَاسًا يَقُولُونَ : مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، قَالَ : مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَدَّى حَقَّهَا وَفَرْضَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) و كذلك في جامع العلوم والحكم لابن رجب

 

وُجُوبُ عِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ

قال تعالى (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) الاسراء

قال تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا  ) النساء

قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الأنبياء

قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل

قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ   أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) الزمر

قال تعالى (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) البينة

قال تعالى (قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) الانعام

قال تعالى (فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ) الحج

قال البخاري (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ ، يُقَالُ لَهُ : عُفَيْرٌ ، فَقَالَ : " يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ ، قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ ، وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ ، قَالَ : لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا ) كِتَاب الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ-  بَاب اسْمِ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ

 

 

فَضْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

 

فِي الدُنْيَا

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَإِذَا قَالُوهَا وَصَلَّوْا صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلُوا قِبْلَتَنَا وَذَبَحُوا ذَبِيحَتَنَا ، فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ "

قَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، قَالَ : سَأَلَ مَيْمُونُ بْنُ سِيَاهٍ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، قَالَ : يَا أَبَا حَمْزَةَ ، مَا يُحَرِّمُ دَمَ الْعَبْدِ وَمَالَهُ ؟ فَقَالَ : مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا ، وَصَلَّى صَلَاتَنَا ، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا ، فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ ) كتاب الصلاة

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيَّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :   مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، حَرُمَ مَالُهُ ، وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ  ) كِتَاب الإِيمَانِ

 

 

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ بِشْرٍ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: نا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ: أنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ قُرْص اللَّيْثِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِلخَوَارِجِ حِينَ أَخَذُوهُ بِالأَهْوَازِ: ارْضُوا مِنِّي بِمَا رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه  سلم  حِينَ أَسْلَمْتُ، قَالُوا: وَمَا رَضِيَ بِهِ مِنْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  قَالَ: أَتَيْتُهُ فَشَهِدْتُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنِّي، قَالَ: فَأَبَوْا، فَقَتَلُوهُ ) شرح أصول اهل السنة و الجماعة

 

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا سِوَارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَنْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُزَمُ بْنُ أَبِي حُزَمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَرَأَ : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ " ، أَتَدْرُونَ فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟ نَزَلَتْ فِي أَنَّ الْمُسْلِمَ لَقِيَ الْكَافِرَ فَقَالَ لَهُ : "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ، فَإِذَا قُلْتَهَا عَصَمْتَ دَمَكَ   وَمَالَكَ إِلَّا بِحَقِّهِمَا! فَأَبَى أَنْ يَقُولَهَا ، فَقَالَ الْمُسْلِمُ : وَاللَّهِ لَأَشْرِيَنَّ نَفْسِي لِلَّهِ! فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

فِي الاخِرَةِ

 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ كَمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ مِنْ الْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ قَالَ بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ ) باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ قَالَ حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ) باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا

 

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا قَالَتِ الْيَهُودُ مَا قَالَتْ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِمُحَمَّدٍ ، قُلْ " أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا " ، يَقُولُ : أَدَّخَرْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا ؟ يَقُولُ : أَقُلْتُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَمْ تُشْرِكُوا وَلَمْ تَكْفُرُوا بِهِ ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ قُلْتُمُوهَا فَارْجُوا بِهَا ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَمْ تَقُولُوهَا ، فَلِمَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ؟ يَقُولُ : لَوْ كُنْتُمْ قُلْتُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، ثُمَّ مُتُّمْ عَلَى ذَلِكَ ، لَكَانَ لَكُمْ ذُخْرًا عِنْدِي ، وَلَمْ أُخْلِفْ وَعْدِي لَكُمْ : أَنِّي أُجَازِيكُمْ بِهَا ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

بَيَانُ مَعْنَى  الاسْلاَمِ وَ أنَّّهُ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَىٰ القَائِمَةُ علَى الكُفْرِ بِِالطَّاغُوتِ وَالايمَانِ بِاللَّهِ

 

قال تعالى (فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ ) البقرة

الْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ هِيَ الْإِسْلَام

قال تعالى (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) لقمان

قال البخاري  في صحيحه (حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ السَّمَّانُ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَجَوَّزَ فِيهِمَا ثُمَّ خَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ إِنَّكَ حِينَ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ قَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ وَاللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ وَسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذَاكَ رَأَيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ وَرَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا وَسْطَهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ فَقِيلَ لِي ارْقَ قُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ فَأَتَانِي مِنْصَفٌ فَرَفَعَ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقِيلَ لَهُ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي فَقَصَصْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ الْإِسْلَامُ وَذَلِكَ   الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَذَاكَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ) باب مناقب عبد الله بن سلام رضي الله عنه

 

 

 

دَعْوَةُ الرُسُلِ عَلَيْهِمُ السَلاَمِ هِيَ الاسْلاَم المُتَمَثِّلُ فِي اخْلاصِ العِبَادَةِ للهِ وَحْدَهُ وَ البَرَاءَةِ مِمَّا سِوَاهُ

 

 

 

قال تعالى ( شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) الشورى

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلَهُ : ( مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا ) قَالَ : مَا أَوْصَاكَ بِهِ وَأَنْبِيَائِهِ ، كُلُّهُمْ دِينٌ وَاحِدٌ ) جامع البيان في تأويل القران

 قال البخاري (َقَالَ مُجَاهِدٌ: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ، أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وَإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا ) كتاب الايمان

 

 

قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) المائدة

قال  بن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ : " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا " يَقُولُ : سَبِيلًا وَسُنَّةً . وَالسُّنَنُ مُخْتَلِفَةٌ : لِلتَّوْرَاةِ شَرِيعَةٌ ، وَلِلْإِنْجِيلِ شَرِيعَةٌ ، وَلِلْقُرْآنِ شَرِيعَةٌ ، يُحِلُّ اللَّهُ فِيهَا مَا يَشَاءُ ، وَيُحَرِّمُ مَا يَشَاءُ بَلَاءً ، لِيَعْلَمَ مَنْ يُطِيعُهُ مِمَّنْ يَعْصِيهِ . وَلَكِنَّ الدِّينَ الْوَاحِدَ الَّذِي لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ : التَّوْحِيدُ وَالْإِخْلَاصُ لِلَّهِ ، الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) الانبياء

قال يحيى بن سلام (قَوْلُهُ: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) أَيْ: لا تَعْبُدُوا غَيْرِي، بِذَلِكَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ جَمِيعًا ) تفسير يحيى بن سلام

قال ابن جرير الطبري (وَمَا أَرْسَلْنَا يَا مُحَمَّدُ مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَى أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا مَعْبُودَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ لَهُ سِوَايَ فَاعْبُدُونِ يَقُولُ : فَأَخْلِصُوا لِيَ الْعِبَادَةَ ، وَأَفْرِدُوا لِيَ الْأُلُوهِيَّةَ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) قَالَ : أُرْسِلَتِ الرُّسُلُ بِالْإِخْلَاصِ وَالتَّوْحِيدِ ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة

قال تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة

 

 

قال تعالى عن نوح (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنظِرُونِ  فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)  يونس

 

قال تعالى عن إبراهيم (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ   إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) البقرة

 

قَالَ تعالى عن مُوسَى ( وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ) يونس

 

قال تعالى عن سليمان (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ   أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) النمل

 

قال تعالى عن عيسى ( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمونَ ) المائدة

 

قال تعالى لمحمد صلى الله عليه و سلم  ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِين) الأنعام

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ ) باب قول الله واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها

 

 

 

الاسْلاَمُ اسْمٌ أطْلَقَهُ اللهُ تَعَالَى لِمَنْ حَقّقَهُ

قال تعالى (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ   وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) الحج

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ ابْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : اللَّهُ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ ( هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) قَالَ : اللَّهُ سَمَّاكُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

حَقِيقَةُ الشِّرْكِ

 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ ) باب قول الله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا

و قال البخاري أيضا (  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ ) باب ما قيل في شهادة الزور

 

قال  عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ   (  الشرك قد عرَّفه النَّبيُّ-صلى الله عليه وسلم-بتعريف جامع،كما في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله،أي الذنب أعظم ؟ قال:( أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ ) والند: المثل والشبيه، فمن صرف شيئاً من العبادات لغير الله، فقد أشرك به شركاً يُبطل التَّوحيدَ ويُنافيه ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج 2 ص 153

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثنا أَبِي، ثنا آدَمُ بْنُ إِيَاسَ الْعَسْقَلانِيُّ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عَنْدَ  عَبْدِ  اللَّهِ  بْنِ  عُمَرَ ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، عَنِ الشِّرْكِ؟، قَالَ:   أَنْ تَجْعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال اللالكائي (أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : نَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ : نَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو عُثْمَانَ قَالَ : نَا الْمِنْهَالُ بْنُ بَحْرٍ قَالَ : نَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ قَالَ : قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَكُنْتُمْ تَعُدُّونَ الذَّنْبَ شِرْكًا ؟ قَالَ : لَا إِلَّا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة -  باب جماع الكلام في الإيمان

قال ابن أبي زمنين (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ عَنْ أَسْلَمَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ اِبْنِ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اَللَّيْثُ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ رَبِيعٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ ثُمَّ قَالَ: لَا يَبْعُدُ اَلْإِسْلَامُ مِنْ أَهْلِهِ، فَقُلْتُ: وَمَاذَا يُتَّهَمُونَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اَلشِّرْكُ وَشَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ، قُلْتُ: أَيُخَافُ عَلَيْهِمْ اَلشِّرْكُ وَقَدْ عَرَفُوا اَللَّهَ؟ فَدَفَعَ بِكَفِّهِ فِي صَدْرِهِ وَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَمَا اَلشِّرْكُ إِلَّا أَنْ تَجْعَلَ مَعَ اَللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ) أصول السنة

 قال يحيى بن سلام (الشرك يعني الشرك بالله الذي يعدل به غيره، وذلك قوله في سورة النِّسَاء: {واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} يعني لا تعدلوا به غيره. وكقوله: {لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} يعني لا يغفر أن يُعْدَل به غيره. وفي المائدة {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بالله} يعني يَعْدِل بالله غيره، {فَقَدْ حَرَّمَ الله عَلَيهِ الجنة} إِذا مات مصرّا على ذلك. وفي براءة: {أَنَّ الله برياء مِّنَ المشركين وَرَسُولُهُ} يعني الَّذين يعدلون به غيره ) التصاريف لتفسير القرآن مما اشتبهت أسمائه وتصرفت معانيه

قال أبو المظفر السمعاني ({وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم وَلَا تخافون أَنكُمْ أشركتم بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ عَلَيْكُم سُلْطَانا} الْإِشْرَاك: هُوَ الْجمع بَين الشَّيْئَيْنِ فِي معنى؛ فالإشراك بِاللَّه: هُوَ أَن يجمع مَعَ الله غير الله فِيمَا لَا يجوز إِلَّا لله ) تفسير السمعاني

 

أوْصَافُ الشِرْكِ بِاللهِ

 

الشِّرْكُ أَعْظَمُ الظُّلْمِ وَ أَعْظَمُ الإِثْمِ

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان

قال تعالى (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء

 قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ح قَالَ وَحَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) بَاب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ

 

مِنَ المُوبِقَاتِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ‏"‏ اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ ‏"‏‏.‏ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ قَالَ ‏"‏ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ )  كتاب الوصايا

 قال البخاري أيضاً (حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اجْتَنِبُوا الْمُوبِقَاتِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ ) بَاب الشِّرْكُ وَالسِّحْرُ مِنْ الْمُوبِقَاتِ

 

أعْظَمُ الذُنُوبِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ قُلْتُ إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ قُلْتُ ثُمَّ أَيُّ قَالَ ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ ) باب قول الله تعالى فلا تجعلوا لله أندادا

 

أَكْبَرٌ الْكَبَائِرِ

قال البخاري أيضا (  حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ ) باب ما قيل في شهادة الزور

 

هُوَ سَيِّئَةٌ

قال تعالى (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) النمل

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) قَالَ : مَنْ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ ) ، قَالَ : بِالشِّرْكِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي   الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ ) قَالَ : كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ ) قَالَ : الشِّرْكُ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

هو مُنكَرٌ

قال تعالى (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج

قال ابن أبي حاتم (  عن زيد ابن أسلم في قوله (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ) قال أرض المدينة . (أَقَامُوا الصَّلَاةَ ) قال : المكتوبة . (وَآتَوُا الزَّكَاةَ ) قال : المفروضة  . (وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ) بلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . (وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ) قال : الشرك بالله . (ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) قال : وَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ مَا صَنَعُوا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن جرير الطبري (يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ) إِنْ وَطَّنَا لَهُمْ فِي الْبِلَادِ ، فَقَهَرُوا الْمُشْرِكِينَ وَغَلَبُوهُمْ عَلَيْهَا ، وَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَقُولُ : إِنْ نَصَرْنَاهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ وَقَهَرُوا مُشْرِكِي مَكَّةَ ، أَطَاعُوا اللَّهَ ، فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ بِحُدُودِهَا ، وَآتَوُا الزَّكَاةَ : يَقُولُ : وَأَعْطَوْا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ مَنْ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُ ( وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ ) يَقُولُ : وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ وَمَا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ( وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) يَقُولُ : وَنَهَوْا عَنِ الشِّرْكِ بِاللَّهِ ، وَالْعَمَلِ بِمَعَاصِيهِ ، الَّذِي يُنْكِرُهُ أَهْلُ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ

حَدَّثَنِي الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ الْأَشْيَبُ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عِيسَى بْنُ مَاهَانَ ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الرَّازِيُّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، فِي قَوْلِهِ : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ) قَالَ : كَانَ أَمْرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُمْ دَعَوْا إِلَى الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ; وَنَهْيُهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ أَنَّهُمْ نَهَوْا عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ . قَالَ : فَمَنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ فَقَدْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَمَنْ نَهَى عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ فَقَدْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ) جامع البيان في تأويل القرآن

 

قال تعالى  ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيُّ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَالَ: كُلُّ آيَةٍ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ فَذَكَرَ النَّهَيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالنَّهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالشَّيْطَانِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

 

 

هُوَ فِتْنَةٌ

قال تعالى (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الانفال

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا قَالَ فَبَادَرَنَا إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدِّثْنَا عَنْ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَقَالَ هَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ ) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الفتنة من قبل المشرق

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ " ، يَعْنِي : حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ " ، قَالَ : " الْفِتْنَةُ " ، الشِّرْكُ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ " ، يَقُولُ : قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ 

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ " ، قَالَ : حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) البقرة

قال ابن جرير الطبري  (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: " ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) ، قَالَ: الْفِتْنَةُ: الشِّرْكُ "

حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثَنَا آدَمُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، قَوْلُهُ: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ يَقُولُ: الشِّرْكُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ

حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، " ( وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ) ، يَقُولُ: الشِّرْكُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، " ' وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ '، قَالَ: الشِّرْكُ ) جامع البيان في تأول القران

 

قال تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ۗ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ۚ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنِي الْحَضْرَمِيُّ ، عَنْ أَبِي السَّوَّارِ ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطًا فَلَقُوا ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَتَلُوهُ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ: قَتَلْتُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، إِلَى قَوْلِهِ: وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ . قَالَ: مِنَ الشِّرْكِ "، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ: وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ قَالَ: مِنَ الشِّرْكِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً ) النساء

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، قَوْلَهُ: كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ يَقُولُ: إِلَى الشِّرْكِ  ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور

 قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رَجَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عِصْمَةُ بْنُ أَبِي عِصْمَةَ بْنِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: نَظَرْتُ فِي الْمُصْحَفِ فَوَجَدْتُ فِيهِ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَلاثَةٍ وَثَلاثِينَ مَوْضِعًا، ثُمَّ جَعَلَ يَتْلُو: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) ، وَجَعَلَ يُكَرِّرُهَا، وَيَقُولُ: وَمَا الْفِتْنَةُ الشِّرْكُ، لَعَلَّهُ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فَيَزِيغَ فَيُهْلِكَهُ، وَجَعَلَ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ ) الابانة الكبرى

 

قال تعالى (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلُهُ: ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَهُوَ الشِّرْكُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: " ( ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ) ، يَعْنِي الشِّرْكَ

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: " ( ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ) ، قَالَ: إِرَادَةَ الشِّرْكِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيراً ) الاحزاب

جاء في تفسير القراَن لعبد الرزاق الصنعاني (قَالَ: أرنا مَعْمَرٌ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( مِنْ أَقْطَارِهَا )، قَالَ: " نَوَاحِيهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ( سُئِلُوا الْفِتْنَةَ )، يَعْنِي: الشِّرْكَ )

جاء في تفسير يحيى بن سلام (( إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا  وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ )  لَوْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ. ( مِنْ أَقْطَارِهَا )  مِنْ نَوَاحِيهَا، يَعْنِي: الْمَدِينَةَ. ( ثُمَّ سُئِلُوا )  طُلِبَتْ مِنْهُمْ. ( الْفِتْنَةَ) :  الشِّرْكَ. ( لآتَوْهَا) لَجَاءُوهَا، رَجَعَ إِلَى الْفِتْنَةِ وَهِيَ الشِّرْكُ عَلَى تَفْسِيرِ مَنْ قَرَأَهَا خَفِيفَةً وَمَنْ قَرَأَهَا مُثَقَّلَةً: ( لآتَوْهَا ) لأَعْطَوْهَا، يَعْنِي: الْفِتْنَةَ وَهِيَ الشِّرْكُ )

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ : ( ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ ) يَقُولُ : ثُمَّ سُئِلُوا الرُّجُوعَ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الشِّرْكِ ( لَآتَوْهَا ) يَقُولُ : لَفَعَلُوا وَرَجَعُوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَشْرَكُوا . وَقَوْلُهُ : ( وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا ) يَقُولُ : وَمَا احْتَبَسُوا عَنْ إِجَابَتِهِمْ إِلَى الشِّرْكِ إِلَّا يَسِيرًا قَلِيلًا وَلَأَسْرَعُوا إِلَى ذَلِكَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

حُكْمُ اللهِ عَلَى الشِرْكِ وَ أهْلِهِ

 

 ِالشِّرْكُ لاَ يَغْفِرُهُ تَعَالَى لِمَنْ مَاتَ عَلَيْه وَ يَغْفِرُ مَا دُونَ الشِّرْكِ مِنَ الذُنُوبِ

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فَحَرَّمَ اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ، وَأَرْجَاهَا أَهْلَ التَّوْحِيدِ إِلَى مَشِيئَتِهِ فَلَمْ يُؤَيِّسْهُمْ مِنَ الْمَغْفِرَةِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) المائدة

قال ابن جرير الطبري (يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ لِطُعْمَةَ إِذْ أَشْرَكَ وَمَاتَ عَلَى شِرْكِهِ بِاللَّهِ ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ خَلْقِهِ بِشِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ بِهِ " وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " ، يَقُولُ : وَيَغْفِرُ مَا دُونُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ مِنَ الذُّنُوبِ لِمَنْ يَشَاءُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو داود الطيالسي (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ رَبُّكُمْ عز وجل : " الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةٍ وَالسَّيِّئَةُ بِوَاحِدَةٍ أَوْ أَغْفِرُهَا، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لا يُشْرِكُ بِي لَقِيتُهُ بِقُرَابِ الأَرْضِ مَغْفِرَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا ) المسند

 

الشِّرْكُ مُبِيحٌ لِدَمِ وَ مَالِ صَاحِبِهِ

قال مسلم  (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيَّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، حَرُمَ مَالُهُ ، وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ) كتاب الايمان

 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو رَوْحٍ الْحَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ ) بَاب فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ

 

قال الشافعي (اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَرَّمَ دَمَ الْمُؤْمِنِ وَمَالَهُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ أَلْزَمَهُ إيَّاهَا ، وَأَبَاحَ دَمَ الْكَافِرِ وَمَالَهُ إلَّا بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْجِزْيَةَ أَوْ يُسْتَأْمَنَ إلَى مُدَّةٍ ، فَكَانَ الَّذِي يُبَاحُ بِهِ دَمُ الْبَالِغِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ هُوَ الَّذِي يُبَاحُ بِهِ مَالُهُ ، وَكَانَ الْمَالُ تَبَعًا لِلَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْمَالِ ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُرْتَدُّ مِنْ الْإِسْلَامِ صَارَ فِي مَعْنَى مَنْ أُبِيحَ دَمُهُ بِالْكُفْرِ لَا بِغَيْرِهِ وَكَانَ مَالُهُ تَبَعًا لِدَمِهِ ، وَيُبَاحُ بِاَلَّذِي أُبِيحَ بِهِ مِنْ دَمِهِ ، وَلَا يَكُونُ أَنْ تَنْحَلَّ عَنْهُ عُقْدَةُ الْإِسْلَامِ فَيُبَاحَ دَمُهُ وَيُمْنَعَ مَالَهُ ) كتاب الصلاة  -  الْخِلَافُ فِي الْمُرْتَدِّ

 

قال ابن جرير الطبري (وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكَ لَوْ قَلَّدَ عُنُقَهُ أَوْ ذِرَاعَيْهِ لِحَاءَ جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَرَمِ ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ أَمَانًا مِنَ الْقَتْلِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَقْدُ ذِمَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَمَانٍ )  جامع البيان في تأويل القرآن المعروف – تفسير سورة المائدة

 

المُشْرِكُ خَالِدٌ فِي  نَارِ جَهَنَّمِ

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) البينة

قال تعالى (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) المائدة

قال البخاري (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) باب ما جاء في الجنائز ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الل

قال البخاري في صحيحه  (َ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ شَقِيقٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَلِمَةً

وَقُلْتُ أُخْرَى :  مَنْ مَاتَ يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ النَّارَ وَقُلْتُ أُخْرَى : مَنْ مَاتَ لَا يَجْعَلُ لِلَّهِ نِدًّا أُدْخِلَ الْجَنَّةَ  ) كِتَاب الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ  

 

بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لاَ يَنْفَعُهُ عَمَلٌ صَالِحٌ

 

بَيّنَ سُبْحَانَهُ حُبُوطَ عَمَل ابْن اَدَم اذَا أشْرَكَ بِاللهِ

قال تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الزمر

قال تعالى (ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأنعا

قال ابن جرير الطبري (وَلَوْ أَشْرَكَ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ ، بِرَبِّهِمْ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ، فَعَبَدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ " لَحَبِطَ عَنْهُمْ " يَقُولُ : لِبَطَلَ فَذَهَبَ عَنْهُمْ أَجْرُ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ، لِأَنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مَعَ الشِّرْكِ بِهِ عَمَلًا ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) المائدة

قال ابن جرير الطبري (  وَمَنْ يَكْفُرُ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ   يَقُولُ : فَقَدْ بَطَلَ ثَوَابُ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ فِي الدُّنْيَا ، يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَ بِهِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ) التوبة

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان (نزلت في العباس بن عبد المطلب، وفي بني أبي طلحة، منهم شيبة بن عثمان، صاحب الكعبة، وذلك أن العباس، وشيبة، وغيرهم، أسروا يوم بدر، فأقبل عليهم نفر من المهاجرين، فيهم علي بن أبي طالب، والأنصار، وغيرهم، فسبوهم وعيروهم بالشرك، وجعل علي بن أبي طالب يوبخ العباس بقتال النبي   صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبقطيعته الرحم، وأغلظ له القول، فقال له العباس: ما لكم تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا؟ ! قالوا: وهل لكم محاسن؟ ! قال: نعم، لنحن أفضل منكم أجرا، إنا لنعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني.يعني الأسير، فافتخروا على المسلمين بذلك، فأنزل الله: (  مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ ) ، ( أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ )  يعني ما ذكروا من محاسنهم، يعني: بطلت أعمالهم في الدنيا والآخرة، يقول: ليس لهم ثواب في الدنيا ولا في الآخرة، لأنها كانت في غير إيمان، ولو آمنوا لأصابوا الثواب في الدنيا والآخرة  )

 

قال تعالى (وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ) التوبة

قال ابن جرير الطبري (وَمَا مَنَعَ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمُ الَّتِي يُنْفِقُونَهَا فِي سَفَرِهِمْ مَعَكَ ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ السُّبُلِ ، إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ، فَ"أَنِ" الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ؛ لَأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ : مَا مَنَعَ قَبُولَ نَفَقَاتِهِمْ إِلَّا كُفْرُهُمْ بِاللَّهِ ) جامع البيان في تـأويل القران

 

قال مسلم (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنْ دَاوُدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنُ جُدْعَانَ ، كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ ؟ قَالَ : لَا يَنْفَعُهُ ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا : رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ لَا يَنْفَعُهُ عَمَلٌ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَنْحَرَ مِائَةَ بَدَنَةٍ ، وَأَنَّ هِشَامَ بْنَ العاص نَحَرَ حِصَّتَهُ ، خَمْسِينَ بَدَنَةً ، وَأَنَّ عَمْرًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : أَمَّا أَبُوكَ ، فَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِالتَّوْحِيدِ ، فَصُمْتَ ، وَتَصَدَّقْتَ عَنْهُ ، نَفَعَهُ ذَلِكَ ) المسند

 

قال النسائي (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، أَنَّ أَخَاهُ زَيْدُ بْنُ سَلامٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلامٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَارِثُ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  قَالَ: " مَنْ دَعَا بِدَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ، فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ "، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى؟ ! قَالَ: " نَعَمْ، وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى، فَادْعُوا بِدَعْوَةِ اللَّهِ الَّتِي سَمَّاكُمُ اللَّهُ بِهَا: الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ ) السنن الكبرى

جاء في الضعفاء  الكبير للعقيلي  (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا، قَالا: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَجَاءَهُ مَنْصُورُ بْنُ عَمَّارٍ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْقُرْآنِ، فَزَبَرَهُ وَأَشَارَ عَلَيْهِ بِالْعُكَّازِ، وَانْتَهَرَهُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، إِنَّهُ رَجُلٌ عَابِدٌ وَنَاسَكٌ، فَقَالَ: مَا أُرَاهُ إِلا شَيْطَانًا )


وَ قَدْ  ثَبَتَ اتْيَانُ  مُشْرِكِي قُرَيْش  بِبَعْضِ الشَعَائِرِ

 

كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى نَحْوِ أقْوَالٍ مِن الذِكْرِ وَالدُعَاءِ وَأفْعَالٍ تَعْظِيمِيَةٍ مِنْهَا الرُكُوعُ

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ قَالَ أَبُو ذَرٍّ يَا ابْنَ أَخِي صَلَّيْتُ سَنَتَيْنِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏.‏ قَالَ قُلْتُ فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ قَالَ حَيْثُ وَجَّهَنِيَ اللَّهُ ) كتاب فضائل الصحابة

 

بَلْ كَانُوا يَقُومُونَ اللَيْلَ

جاء في أخبار مكة للأزرقي (صَيْفِيُّ بْنُ عَامِرٍ ، وَهُوَ أَبُو قَيْسِ بْنُ الأَسْلَتِ الْخَزْرَجِيُّ - وَهُوَ جَاهِلِيٌّ - يَعْنِي قُرَيْشًا : قُومُوا فَصَلُّوا رَبَّكُمْ وَتَعَوَّذُوا --- بِأَرْكَانِ هَذَا الْبَيْتِ بَيْنَ الأَخَاشِبِ )

 

كَانَ بَعْضُهُم يَحُجُّ

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ أَبِي بِشْرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ فَقَالَ مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ قَالُوا حَجَّتْ مُصْمِتَةً قَالَ لَهَا تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ ) كتاب مناقب الأنصار

 

كَانُوا يَعْتَمِرُونَ

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ فِي الْأَرْضِ وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيَقُولُونَ إِذَا بَرَا الدَّبَرْ وَعَفَا الْأَثَرْ وَانْسَلَخَ صَفَرْ حَلَّتْ الْعُمْرَةُ لِمَنْ اعْتَمَرْ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْحِلِّ قَالَ حِلٌّ كُلُّهُ ) كتاب الحج

 

قال البخاري   ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ ، يُقَالُ لَهُ : ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ " فَقَالَ : عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ ، فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ " قَالَ : مَا قُلْتُ لَكَ : إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ ، فَقَالَ : " مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟ " فَقَالَ : عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ ، فَقَالَ : " أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ " ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ، فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ ، فَمَاذَا تَرَى ؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ : صَبَوْتَ ، قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كتاب المغازي - بَاب وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ

 

 

كَانُوا يَصُومُونَ

 قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ ) التفسير  باب يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم

 

 كَانُوا يُجَاهِدُونَ مَنْ يَعْتَدِي عَلَى بَيْتِ اللهِ

 قال بن هشام  (قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَخَرَجَ الْكِنَانِيُّ حَتَّى أَتَى الْقُلَّيْسَ فَقَعَدَ فِيهَا- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ يَعْنِي أَحْدَثَ فِيهَا- قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ فَلَحِقَ بِأَرْضِهِ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبْرَهَةُ فَقَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا؟ فَقِيلَ لَهُ: صَنَعَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي تَحُجُّ الْعَرَبُ إلَيْهِ بِمَكَّةَ لَمَّا سَمِعَ قَوْلَكَ: «أَصْرِفُ إلَيْهَا حَجَّ الْعَرَبِ» غَضِبَ فَجَاءَ فَقَعَدَ فِيهَا، أَيْ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِذَلِكَ بِأَهْلِ. فَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبْرَهَةُ وَحَلَفَ لَيَسِيرَنَّ إلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَهْدِمَهُ، ثُمَّ أَمَرَ الْحَبَشَةَ فَتَهَيَّأَتْ وَتَجَهَّزَتْ، ثُمَّ سَارَ وَخَرَجَ مَعَهُ بِالْفِيلِ، وَسَمِعَتْ بِذَلِكَ الْعَرَبُ، فَأَعْظَمُوهُ وَفَظِعُوا بِهِ، وَرَأَوْا جِهَادَهُ حَقًّا عَلَيْهِمْ، حِينَ سَمِعُوا بِأَنَّهُ يُرِيدُ هَدْمَ الْكَعْبَةِ، بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ) السيرة

 

 كَانُوا يَنْذِرُونَ وَ يَعْتَكِفُونَ

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ ) باب الاعتكاف ليلا 

 

كَانَتْ نِسَائَهُم تَغْتَسِلُ مِنَ الحَيْضِ

قال الفرزدق في أبيات وهو يذم رجلا : (وكنت كذات الحيض لم تُبقِ ماءها ولا هي من ماء العذابة طائل ) كتاب: أديان العرب في الجاهلية

 

 وَ كَانُوا  يَغْتَسِلُونَ مِنَ الجَنَابَةِ

قال الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، وَمَنْ لا أَتَّهِمُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الأَنْصَارِ، قَالَ: كَانَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ حِينَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَرَجَعَ فَلُّ قُرَيْشٍ إِلَى مَكَّةَ مِنْ بَدْرٍ، نَذَرَ أَلا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِن جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُو مُحَمَّدًا، فَخَرَجَ فِي مِائَتَيْ رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ لِيُبِرَّ يَمِينَهُ ... ) التاريخ

 جاء في كتاب عيون الاثر  و السيرة لابن هشام (عَنْ عَبْد اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الأَنْصَارِ ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ حِينَ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ ، وَرَجَعَ فَلّ قُرَيْشٍ مِنْ بَدْرٍ ، نَذَرَ أَنْ لا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) غَزْوَةُ السَّوِيقِ   

 

كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ

 قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ حَدَّثَنَا أَبُو الْجَوْزَاءِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ اللَّاتَ وَالْعُزَّى كَانَ اللَّاتُ رَجُلًا يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ ) باب أفرأيتم اللات والعزى

 

كَانُوا يُخْلِصُونَ الدُعَاءَ لِلهِ فِي الشِدَّةِ

قال تعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ) العنكبوت

قال تعالى (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا ) الاسراء

 

كَانُوا بِأنَّ اللهَ هُوَ الخَالِقُ الرَازِقُ

قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۖ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ) العنكبوت

قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر

جاء في تفسير مجاهد (أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، نا إبراهيم، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله: ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ  مُشْرِكُونَ ) ، قَالَ: إِيمَانَهُمْ: قَوْلُهُمُ: اللَّهُ يَخْلُقُنَا وَيَرْزُقُنَا وَيُمِيتُنَا، وَهُوَ إِيمَانُ الْمُشْرِكِينَ )

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ ) الْآيَةَ ، قَالَ : مِنْ إِيمَانِهِمْ ، إِذَا قِيلَ لَهُمْ : مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ وَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ؟ وَمَنْ خَلَقَ الْجِبَالَ؟ قَالُوا : اللَّهُ . وَهُمْ مُشْرِكُونَ

حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ زَيْدٍ يَقُولُ : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ ) ، الْآيَةَ ، قَالَ : لَيْسَ أَحَدٌ يَعْبُدُ مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ ، وَيَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ ، وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقُهُ وَرَازِقُهُ ، وَهُوَ يُشْرِكُ بِهِ . أَلَّا تَرَى كَيْفَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ) [ سُورَةُ الشُّعَرَاءِ : 75 - 77 ] ؟ قَدْ عَرَفَ أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ مَعَ مَا يَعْبُدُونَ . قَالَ : فَلَيْسَ أَحَدٌ يُشْرَكُ بِهِ إِلَّا وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِهِ . أَلَّا تَرَى كَيْفَ كَانَتِ الْعَرَبُ تُلَبِّي تَقُولُ : " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ " ؟ الْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

وَ كَانًوا يَعْمُرُونَ مَسْجِد اللهِ وَ يَسْقُونَ الحُجَّاجَ

قال تعالى (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) التوبة

 

كَانُوا مُلْتَحِين

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ح وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ قَالَ أَأَنْتَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ أَوْ رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَنْتَ أَبُو جَهْلٍ ) باب قتل أبي جهل

 

 كَانَ عِنْدَهُمُ زَوَاجٌ كَزَوَاجِ أهْلِ الاسْلاَمِ اليَوْمَ

قال البخاري (قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ الْيَوْمَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوْ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا ) بَاب مَنْ قَالَ لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ

 

وَ رُغْمَ هَذَا حَكَمَ اللهُ  تَعَالَى بِبُطْلانِ أعْمَالِهم

قال تعالى (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) الفرقان

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى ،أَنْبَأَ سُفْيَانُ ، عَنْ عِيسَى ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ : قَوْلُهُ:   وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ قَالَ: قَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ خَيْرٍ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى  (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) النور

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً قَالَ: " هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَرَجُلٍ عَطِشَ فَاشْتَدَّ عَطَشُهُ، فَرَأَى سَرَابًا، فَحَسِبَهُ مَاءً فَطَلَبَهُ، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدَرَ عَلَيْهِ حَتَّى أَتَاهُ، فَلَمَّا أَتَاهُ   لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَقُبِضَ عِنْدَ ذَلِكَ. يَقُولُ: الْكَافِرُ كَذَلِكَ السَّرَابِ، يَحْسَبُ أَنَّ عَمَلَهُ يُغْنِي عَنْهُ أَوْ نَافِعُهُ شَيْئًا وَلَا يَكُونُ عَلَى شَرْعٍ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ، فَأَتَاهُ الْمَوْتُ لَمْ يَجِدْ عَمَلَهُ أَغْنَى عَنْهُ شَيْئًا، أَوْ لَمْ يَنْفَعْ إِلَّا كَمَا نَفَعَ الْعَطْشَانَ الْمُشْتَدَّ إِلَى السَّرَاب ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

لأنَّ التَوْحِيدَ وَ الايمَانَ  شَرْطٌ لِقَبُولِ العَمَلِ

قال تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الرَّبِيعِ ، فِي قَوْلِهِ ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) قَالَ : الْإِيمَانُ : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَحْدَهُ ، فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ عَمَلًا إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ لَهُ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : ( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ ) ، وَهِيَ الشِّرْكُ ( كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ) ، يَعْنِي الْكَافِرَ . قَالَ : ( اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ) ، يَقُولُ : الشِّرْكُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ الْكَافِرُ وَلَا بُرْهَانٌ ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَعَ الشِّرْكِ عَمَلًا  ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

 

قال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) المائدة

قال  ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَوْلَهُ : " إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ " ، الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

و جاء في تفسير ابن رجب  (سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مَعْنَى "الْمُتَّقِينَ " فِيهَا، فَقَالَ: يَتَّقِي الْأَشْيَاءَ، فَلَا يَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لَهُ )

وَ مِمَّا لاَ يَحِل الشِرْكُ لقوله تعالى (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ ) الأنعام

 

وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ : " بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى " يَقُولُ : اتَّقَى الشِّرْكَ " فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ " يَقُولُ : الَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَعْنِي: الرَّازِيَّ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَيْمُونٍ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي وَائِلٍ ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عَفِيفٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ لَهُ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ :  أَلَا تُحَدِّثُنَا عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ؟ قَالَ: بَلَى، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: يُحْبَسُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَقِيعٍ وَاحِدٍ فَيُنَادِي مُنَادٍ: أَيْنَ الْمُتَّقُونَ؟ فَيَقُومُونَ فِي كَنَفِ الرَّحْمَنِ لَا يَحْتَجِبُ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَا يَسْتَتِرُ. قُلْتُ: مَنِ الْمُتَّقُونَ؟ قَالَ: قَوْمٌ اتَّقَوُا الشِّرْكَ وَعِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَأَخْلَصُوا لِلَّهِ الْعِبَادَةَ فَيَمُرُّونَ إِلَى الْجَنَّةِ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 

قال الامام أحمد في المُسند (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ وَأَبُو نُعَيْمٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ هَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ قَالَ نَزَلَ رَجُلٌ عَلَى مَسْرُوقٍ فَقَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَلَمْ تَضُرَّ مَعَهُ خَطِيئَةٌ كَمَا لَوْ لَقِيَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ بِهِ دَخَلَ النَّارَ وَلَمْ تَنْفَعْهُ مَعَهُ حَسَنَةٌ ) مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما

 

النَهْيُ عَنِ الشِرْكِ بِاللهِ

قال تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة

قال تعالى (وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتُلْقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا ) الاسراء

قال تعالى (قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَٰهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) الأعراف

قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) الانعام

قال تعالى (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) الانعام

قال تعالى (وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ ) النحل

قال تعالى (فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ) الشعراء

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان

قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) غافر

قال تعالى (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج

قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن

قال تعالى (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ) النساء

 

لاَ يَجْتَمِعُ الشِّرْكُ وَ الْإِسْلَام

قال تعالى (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ۖ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الأنعام

قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ   لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام

فَالمُشْرِكُ لاَ يَكُونُ مُسْلِمًا بِحَالٍ

قال ابن حبان (ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ ضِدُّ الشِّرْكِ

أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيَمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقَدْامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   لَيَأْخُذَنَّ رَجُلٌ بِيَدِ أَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، فَيُنَادَى: إِنَّ الْجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا مُشْرِكٌ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ مُشْرِكٍ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَيْ رَبِّ، أَبِي، قَالَ: فَيَتَحَوَّلُ فِي صُورَةٍ قَبِيحَةٍ وَرِيحٍ مُنْتِنَةٍ، فَيَتْرُكُهُ ) صحيحه - بَابُ مَا جَاءَ فِي الشِّرْكِ وَالنِّفَاقِ

 

وَ قَدْ بَيَّنَ لَنَا سُبْحَانَهُ اسْتِحَالَة اجْتِمَاعَ الكُفْرِ وَ الاسْلاَمِ

قال تعالى (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ثَنَا صَفْوَانُ ثَنَا الْوَلِيدُ ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ قَالَ: لَا تَلْبِسُوا الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّةَ بِالْإِسْلَامِ، إِنَّ دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ، وَالْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةِ بِدْعَةٌ لَيْسَتْ مِنَ اللَّهِ

حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ ثَنَا آدَمُ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ يَقُولُ وَلَا تَخْلِطُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَأَدُّوا النَّصِيحَةَ لَعِبَادِ اللَّهِ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 

 

 

 الاسْلاَمُ وَ الكُفْر نَقِيضَانِ لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي شَخْصٍ وَاحِد

قال تعالى (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) سبأ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) قَالَ : قَدْ قَالَ ذَلِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ لِلْمُشْرِكِينَ ، وَاللَّهِ مَا أَنَا وَأَنْتُمْ عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ ، إِنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ لَمُهْتَدٍ

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشَّهِيدِيُّ قَالَ : ثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ خُصَيْفٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، وَزِيَادٍ فِي قَوْلِهِ ( وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) قَالَ : إِنَّا لَعَلَى هَدًى ، وَإِنَّكُمْ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) جامع البيان في تأويل القرآن

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان (وأما قوله  (  وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) قال كفار مكة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ    : تعالوا ننظر في معايشنا من أفضل دينا نحن أم أنتم يا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   إنكم لعلى ضلالة

.فرد عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ    : ما نحن وأنتم على أمر واحد، إن أحد الفريقين لعلى هدى، يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ   نفسه وأصحابه، أو في ضلال مبين يعني كفار مكة  )

 قال ابن أبي زمنين ({وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَو فِي ضلال مُبين} بيِّن، وَهِي كلمة عَرَبِيَّة؛ يَقُولُ الرجل لصَاحبه: إنَّ أَحَدنَا لصَادِق - يَعْنِي: نَفسه - وَكَقَوْلِه: إنّ أَحَدنَا لكاذبِ؛ يَعْنِي صَاحبه - أَي: نَحْنُ عَلَى الْهدى وَأَنْتُم فِي ضلالٍ مُبين، وَكَانَ هَذَا بِمَكَّة وَأمر الْمُسلمين يَوْمئِذٍ ضَعِيف ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَالْكُفْرُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ، وَلَا يَجْتَمِعُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ جَمِيعًا، وَلَا تَجْتَمِعُ الْخِيَانَةُ وَالْأَمَانَةُ جَمِيعًا ) المسند

قال محمد بن نصر المروزي  ( الْكُفْرُ ضِدٌّ لأَصْلِ الإِيمَانِ، لأَنَّ لِلإِيمَانِ أَصْلا وَفَرْعًا، فَلا يَثْبُتُ الْكُفْرُ حَتَّى يَزُولَ أَصْلُ الإِيمَانِ، الَّذِي هُوَ ضِدُّ الْكُفْرِ، فَإِنْ قِيلَ لَهُمْ: فَالَّذِي زَعَمْتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَزَالَ عَنْهُ اسْمَ الإِيمَانِ، هَلْ فِيهِ مِنَ الإِيمَانِ شَيْءٌ؟ ! قَالُوا: نَعَمْ أَصْلُهُ ثَابِتٌ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَكَفَرَ )  تعظيم قدر الصلاة

 

 

بَعْضُ العِبَادَاتِ وَ مَا يُخَالِفُهَا مِنْ شِرْكٍ وَهُوَ كَثِيرٌ

 

 قال أبو بكر الخلال (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: الرِّبَا ثَلاثَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا، وَالشِّرْكُ مِثْلُ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عِيسَى الْبَزَّازُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:   قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ صُورٍ مُعَرَّفٌ بِالصُّورِيِّ مُتَكَلِّمٌ، حَسَنُ الْهَيْئَةِ كَأَنَّهُ رَاهِبٌ، فَأَعْجَبَنَا أَمْرُهُ، ثُمَّ إِنَّمَا لُقِيَ سَائِلا فَجَعَلَ يَقُولُ لَنَا: الإِيمَانُ مَخْلُوقٌ، وَالزَّكَاةُ مَخْلُوقَةٌ، وَالْحَجُّ مَخْلُوقٌ، وَالْجِهَادُ مَخْلُوقٌ، فَجَعَلْنَا لا نَدْرِي مَا نَرُدُّ عَلَيْهِ، فَأَتَيْنَا عَبْدَ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقَ، فَقَصَصْنَا عَلَيْهِ أَمْرَهُ، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ ائْتُوا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَإِنَّهُ جَهْبَذُ هَذَا الأَمْرِ، قَالَ أَبِي: فَأَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَلْقَاهَا عَلَيْنَا، فَقَالَ لَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هَذِهِ مَسَائِلُ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ، وَهِيَ سَبْعُونَ مَسْأَلَةً، اذْهَبُوا فَاطْرُدُوا هَذَا مِنْ عِنْدِكُمْ ) كتاب السنة

 

الدُعَاءُ

قال تعالى(فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) غافر

قال تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) غافر

قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ) الجن

قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) غافر

قال تعالى (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا   فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ) مريم

فَفَسَّرَ سُبْحَانَهُ الدُعَاءَ بِالعِبَادَةِ

قال أبو داود (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يُسَيْعٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ،  النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ، (  وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )  ) السنن

وَ مَنْ صَرَفَ الدُعَاءَ لِغَيْرِ اللهِ كَانَ كَافِرًا

قال تعالى (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) الرعد

قال  تعالى (إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر

قال تعالى ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) الاحقاف

 قال تعالى ( فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ ) الشعراء

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ وَقُلْتُ أَنَا مَنْ مَاتَ وَهْوَ لَا يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) بَاب قَوْلِهِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يَعْنِي أَضْدَادًا وَاحِدُهَا نِدٌّ

 

 الرُكُوعُ وَ السُجُودُ

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الحج

قال تعالى (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) النجم

وَ نَهَانَا سُبْحَانَهُ  أنْ نَسْجُدَ لِغَيْرِهِ لأنّ السُجُودَ عِبَادَةٌُ

قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ۚ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) فصلت

وَ  نَفَى سُبْحَانَهُ   وَ تَعَالَى الهِدَايَةَ عَمَّنْ سَجَدَ لِغَيْرِهِ

قال تعالى (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ) النمل

قال ابن جرير الطبري (( فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ) يَقُولُ : فَهُمْ لِمَا قَدْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا زَيَّنَ مِنَ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْكُفْرِ بِهِ لَا يَهْتَدُونَ لِسَبِيلِ الْحَقِّ وَلَا يَسْلُكُونَهُ ، وَلَكِنَّهُمْ فِي ضَلَالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَتَرَدَّدُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

 جاء في تفسير القران لعبد الرزاق الصنعاني (عن الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلُولِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كَانَ رَاهِبٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ وَامْرَأَةٌ زَيَّنَتْ لَهُ نَفْسَهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : اقْتُلْهَا فَإِنَّهُمْ إِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكَ افْتَضَحْتَ فَقَتَلَهَا فَدَفَنَهَا ، فَجَاءُوهُ فَأَخَذُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَمْشُونَ إِذْ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : أَنَا الَّذِي زَيَّنْتُ لَكَ فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً أُنْجِيكَ فَسَجَدَ لَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ الْآيَةَ " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ) و كذلك في جاء في  المستدرك على الصحيحين- حِكَايَةُ إِغْوَاءِ الشَّيْطَانِ رَاهِبًا

 

الطَوَافُ

قال تعالى ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ) الحج

قال تعالى (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج

فَقَرَنَ اللهُ بَيْنَ الطَوَاف وَ جُمْلَة مِنَ العِبَادَاتِ كَالاعْتِكَافِ و الرُكُوعِ وَ السُجُودِ وَ القِيَامِ

قال ابن هشام (قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ :  وَكَانَتْ الْعَرَبُ قَدْ اتَّخَذَتْ مَعَ الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ وَهِيَ بُيُوتٌ تُعَظِّمُهَا كَتَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ ، لَهَا سَدَنَةٌ وَحُجَّابٌ ، وَتُهْدِي لَهَا كَمَا تُهْدِي لِلْكَعْبَةِ ، وَتَطُوفُ بِهِ كَطَوَافِهَا بِهَا ، وَتَنْحَرُ عِنْدَهَا . وَهَى تَعْرِفُ فَضْلَ الْكَعْبَةِ عَلَيْهَا ، لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا بَيْتُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَمَسْجِدُهُ  ) السيرة -  مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْعَرَبُ مَعَ الْأَصْنَامِ

 

القِيَامُ

قال تعالى (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ) الحج

قال تعالى (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر

قال تعالى (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) الفرقان

قال تعالى (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) المطفيين

قال تعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) البقرة

 

القُنُوتُ : هُو القِيّامُ بِصَمْتُ وَ سُكُونْ

 

قال مسلم (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ ) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى هُوَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ حَتَّى نَزَلَتْ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ ) باب ما ينهى عنه من الكلام في الصلاة

 

الذَبْحُ وَ النَحْرُ       

قال تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) الكوتر

قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الانعام

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: النُّسُكُ: أَنْ يَذْبَحَ شَاةً

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَيْسَ بِابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( صَلَاتِي وَنُسُكِي ) ، قَالَ : ذَبْحِي

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ : لَا أَدْرِي مَنْ " إِسْمَاعِيلُ " هَذَا ! ( صَلَاتِي وَنُسُكِي ) ، قَالَ : صَلَاتِي وَذَبِيحَتِي ) جامع البيان في تأويل القران

وَمِمّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الشِرْكِ، الذَ بْحُ عِنْدَ أمَاكِنِ الأوِثَانِ وَالمَشَاهِدِ الشِرْكِيَةِ، فَمْنَ رَأيْنَاهُ يَذْبَحُ عِنْدَ وَثَنٍ مَنْصُوبٍ فَهُو مُشْرِكٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإنْ زَعَمَ بِلِسَانِهِ أنَّهُ يَذْبَحُ للهِ

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، كِلَاهُمَا عَنْ مَرْوَانَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيْكَ، قَالَ: فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسِرُّ إِلَيَّ شَيْئًا يَكْتُمُهُ النَّاسَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ حَدَّثَنِي بِكَلِمَاتٍ أَرْبَعٍ، قَالَ: فَقَالَ: مَا هُنَّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: قَالَ:  لَعَنَ اللهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَهُ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الْأَرْضِ ) باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ولعن فاعله

 

قال القاسم بن سلام (حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَالِ الْكُوفَةِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا يَبْلُغُ بِعَبْدٍ كُفْرًا وَلا شِرْكًا حَتَّى يَذْبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، أَوْ يُصَلِّيَ لِغَيْرِهِ ) الأموال

قال بن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ) الْآيَةَ ، يَعْنِي عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ ، أَوْحَى إِلَى أَوْلِيَائِهِ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالَةِ فَقَالَ لَهُمْ : خَاصِمُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْمَيْتَةِ فَقُولُوا :   أَمَّا مَا ذَبَحْتُمْ وَقَتَلْتُمْ فَتَأْكُلُونَ ، وَأَمَّا مَا قَتَلَ اللَّهُ فَلَا تَأْكُلُونَ ، وَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تَتَّبِعُونَ أَمْرَ اللَّهِ  ! فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ : ( وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) ، وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُهُ كَانَ شِرْكٌ قَطُّ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : أَنْ يَدْعُوَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ، أَوْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، أَوْ يُسَمِّيَ الذَّبَائِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

قال البربهاري   ( ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله، أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله،  وإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه  من الإسلام . وإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة ) شرح السنة ص 81

 

 

لَبْسُ الخَيْطِ أوْ الحَلَقَةُ وَ نَحْوِهِمَا لِرَفْعِ البَلاَءِ أوْ دَفْعِهِ

قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ ۚ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ۖ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) الزمر

قال أحمد (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا ؟ ! قَالَ : " إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً " ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا ، فَبَايَعَهُ ، وَقَالَ : مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ

جاء في مسند أبي يعلى الموصلي (حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مِشْرَحٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ " )

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ أَوْ قِلَادَةٌ إِلَّا قُطِعَتْ ) بَاب مَا قِيلَ فِي الْجَرَسِ وَنَحْوِهِ فِي أَعْنَاقِ الْإِبِلِ

قال النسائي (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، وَذَكَرَ آخَرَ قَبْلَهُ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ الْقِتْبَانِيِّ، أَنَّ شُيَيْمَ بْنَ بَيْتَانَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رُوَيْفِعَ بْنَ ثَابِتٍ، يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   يَا رُوَيْفِعُ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي، فَأَخْبِرِ النَّاسَ أَنَّهُ: مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ، أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا، أَوِ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ، أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ ) السنن الصغرى

قال أبو بكر الخلال (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ الشَّحَّامُ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: إِنَّ كَثِيرًا مِنْ هَذِهِ التَّمَائِمِ وَالرُّقَى شِرْكٌ بِاللَّهِ عز وجل  فَاجْتَنِبُوهَا ) كتاب السنة

 

الاسْتِعَاذَةُ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى

قال تعالى (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) الجن

لأنّ الاسْتِعَاذَةَ لاَ تَكُونُ الاَّ بِاللهِ

قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَٰهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ) الناس

قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) الفلق

جاء في موطأ الامام مالك بن أنس (حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ مَا نِمْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ فَقَالَ لَدَغَتْنِي عَقْرَبٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ ) باب الشعر - ما يؤمر به من التعوذ

 

 

النَذْرُ : وَ يَقُومُ عَلَى أمْرَيْنِ

العَقْدُ : أيْ العَزْمُ  كَقْوْلِهِ انْ رَزَقَنِي اللهُ سَأفْعَلُ كَذَا مِنَ الطَاعَاتِ

الوَفَاءُ : أيْ  انْفَادُ ذَلِكَ العَقْدِ وَ العَهْدِ وَهَذَا مِمّا اخْتَصّ بِهِ الله عَزّ وَجَلّ، فَمَنْ نَذَرَ للأصْنَامِ أو أصْحَابِ القُبُور فَهُوَ مُشْرِكٌ عَابِدٌ لِغَيْرِ اللهِ، كَأنْ يَقُول: إذَا رَزَقَنِي اللهُ فَسَأقَرِبُ لِهَذَا المَقْبُورِ كذا

المُوَحِّدُونَ فَلاَ يَنْذُرُونَ الاَّ لِلهِ

قال تعالى (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) مريم

قال تعالى عن أهل الايمان (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) الانسان

 

وَ مَن صَرَفَ هَذَا لِغَيْرِ اللهِ صَارَ  مُشرِكًا

قال تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَٰذَا لِشُرَكَائِنَا ۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَائِهِمْ ۗ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) الانعام

قال تعالى (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ ۗ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ ) النحل

لأنَّ النَّذْرُ حَقٌّ للهِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَحُجَّ أَفَأَحُجَّ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ اقْضُوا اللَّهَ الَّذِي لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ ) باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل

وَمَنْ صَرَفَ لِغَيْرِ مَا هُوَ حَقٌ  خَالِصٌ لِلهِ فَقَدْ أشْرَكَ

 

الزِيَارَةُ وَ شَدّ الرِحَالِ : فَلاَ تَكُونَ الاّ لِمَا شَرَعَهُ اللهُ مِنَ المَسَاجِدِ الثَلاَث وَ المَقَابِرِِ وَ قُبَاءُ

قال البخاري (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ , قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ قَزَعَةَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعًا , قَالَ : سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً . ح حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ ، الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) كتاب الجمعة - أَبْوَابُ تَقْصِيرِ الصَّلَاة

قال مسلم (حدثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، أَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّ سَلْمَانَ الْأَغَرَّ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ : يُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، قَالَ :   إِنَّمَا يُسَافَرُ إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ ، وَمَسْجِدِي ، وَمَسْجِدِ إِيلِيَاءَ ) كِتَاب الْحَجِّ        

 

قال مسلم (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : زَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ ، فَقَالَ :  اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي ، فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ ) كِتَاب الْجَنَائِزِ

 

جاء في موطأ الامام مالك بن أنس (حَدَّثَنِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا ) باب العمل في جامع الصلاة

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ قُبَاءً رَاكِبًا وَمَاشِيًا ) باب فَضْلِ مَسْجِدِ قُبَاءٍ وَفَضْلِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَزِيَارَتِهِ

فَرِوَايَةُ مُسْلِم فَسَّرَتِ الاتْيَان بِالزِّيَارَةِ

 

وَمَنْ قَصَدَ بِالزِيَارَةِ غَيْرَ هَذِهِ المَوَاضِع فَقَدْ أشْرَكَ

قال بن أبي شيبة (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: نا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ يَعْرِضُ أَهْلَ الصَّدَقَةِ إذْ أَقْبَلَ رَاكِبَانِ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ فَقَالَا: مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَلَاهُمَا عُمَرُ بِالدِّرَّةِ، قَالَ: حَجٌّ كَحَجِّ الْبَيْتِ ) المصنف

و في رواية عبد الرزاق (عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: بَيْنَا عُمَرُ فِي نَعَمٍ مِنْ نَعَمِ الصَّدَقَةِ مَرَّ بِهِ رَجُلانِ، فَقَالَ: " مِنْ أَيْنَ جِئْتُمَا؟ قَالا: مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَعَلاهُمَا ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: حَجٌّ كَحَجِّ الْبَيْتِ ؟ قَالا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّا جِئْنَا مِنْ أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَمَرَرْنَا بِهِ، فَصَلَّيْنَا فِيهِ، فَقَالَ: كَذَلِكَ إِذًا  فَتَرَكَهُمَا  ) المصنف

فَأنْكَرَ  عُمَرُ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ شَدَّ الرِحَالِ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ اتِّبَاعاً للأصْلِ في هَذِهِ العِبَادَةِ وَهُوَ افْرَادُهَا لِبَيْتِ اللهِ الحَرَامِ وَ لَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ )

وَ كَذَلِكَ مَنْ زَارَ الأوْثَانَ وَ القُبُورَ المَعْبُودَةِ فَقَدْ وَقَعَ فِي الشِرْكِ

 

قال تعالى (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ  وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) المدثر

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قَالَ : الرُّجْزُ : آلِهَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ ; أَمَرَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا ، فَلَا يَأْتِيهَا ، وَلَا يَقْرَبُهَا 

حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) : إِسَافٌ وَنَائِلَةُ ، وَهُمَا صَنَمَانِ كَانَا عِنْدَ الْبَيْتِ يَمْسَحُ وُجُوهَهُمَا مَنْ أَتَى عَلَيْهِمَا ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْتَنِبَهُمَا وَيَعْتَزِلَهُمَا) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

قال ابن هشام في السيرة (قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ ، وَمَا كَانَ لَقِيَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ :

أَرَبًّا وَاحِدًا أَمْ أَلْفَ رَبٍّ -- أَدِينُ إذَا تُقُسِّمَتْ الْأُمُورُ    

عَزَلْتُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى جَمِيعًا -- كَذَلِكَ يَفْعَلُ الْجَلْدُ الصَّبُورُ    

فَلَا الْعُزَّى أَدِينُ وَلَا ابْنَتَيْهَا -- وَلَا صَنَمَيْ بَنِي عَمْرٍو أَزُورُ ) شِعْرُ زَيْدٍ فِي فِرَاقِ دِينِ قَوْمِهِ

و قد أبَاحَ  النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و لأصْحَابِهِ دَمَ مَنْ كَانَ فِي مَوَاضِعِ الشِرْكِ 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ حَدَّثَنَا بَيَانٌ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كَانَ بَيْتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ وَالْكَعْبَةُ الْيَمانِيَةُ وَالْكَعْبَةُ الشَّأْمِيَّةُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ فَنَفَرْتُ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ ) بَاب غَزْوَةُ ذِي الْخَلَصَةِ

فَمَنْ زَارَ الأوْثَانَ وَغَشِيَ أمْكِنَتَهَا وَتَرَدَّدَ عَلَى البِقَاعِ الشِرْكِيَةِ التِي نُصِبَت فِيهَا الأوْثَانُ فِإنَّهُ لَمْ يَجْتَنِب عِبَادَة الأوْثَانِ وَلْم يَأتِ بِِأصْلِ الكُفْرِ بِالطَاغُوتِ

 

التَبَرُكُ : وَهُوَ طَلَبُ البَرَكَةِ، وَالبَرَكَةُ هِي النّمَاءُ وَالزِيَادَةِ، فَحَقِيقَتَهُ طَلَبُ النّمَاءُ وَالزِيَادَةِ، وَهَذَا مِمّا اخْتَصَّ بِهِ اللهُ عَزَّ وَجَلّ، فَمَنْ طَلَبَهُ مِِن غَيْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَ صَارَ مِِنَ المُشْرِكِينَ

فَاللهُ هُوَ الذِي يُبَارِكُ

قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الاسراء

قال تعالى (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ ) الانبياء

قال تعالى (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ) الاعراف

قال تعالى (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ) الانبياء

قال تعالى (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ ) سبا

وَ البَرَكَةُ فِعْلٌ للهِ تَعَالَى

قال تعالى (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ  ) الأعراف

قال تعالى (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون

قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الملك

قال تعالى (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الزخرف

قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا  ) الفرقان

قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ) الفرقان

جاء في المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ( "تَبَارَكَ" وَزْنُهُ تَفَاعَلَ، وَهُوَ فِعْلٌ مُضَارِعٌ. "بَارَكَ"، مِنَ الْبَرَكَةِ، وَ "بَارَكَ" فَاعِلٌ مِنْ وَاحِدٍ، مَعْنَاهُ: زَادَ، وَ "تَبَارَكَ" فِعْلٌ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى، لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُصْرَفْ مِنْهُ مُسْتَقْبَلٌ، وَلَا اسْمُ فَاعِلٍ، وَهُوَ صِفَةُ فِعْلٍ، أَيْ: كَثُرَتْ بَرَكَاتُهُ )

قال مسلم (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا سَلَّمَ ، لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ ، مَا يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ ، وَمِنْكَ السَّلَامُ ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ  )  كِتَاب الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ

قال البخاري ( حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ اشْتَكَى ابْنٌ لِأَبِي طَلْحَةَ قَالَ فَمَاتَ وَأَبُو طَلْحَةَ خَارِجٌ فَلَمَّا رَأَتْ امْرَأَتُهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ هَيَّأَتْ شَيْئًا وَنَحَّتْهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو طَلْحَةَ قَالَ كَيْفَ الْغُلَامُ قَالَتْ قَدْ هَدَأَتْ نَفْسُهُ وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَرَاحَ وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ قَالَ فَبَاتَ فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَعْلَمَتْهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا كَانَ مِنْهُمَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُبَارِكَ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا قَالَ سُفْيَانُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَرَأَيْتُ لَهُمَا تِسْعَةَ أَوْلَادٍ كُلُّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ) بَاب مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ الْجَزَعُ الْقَوْلُ السَّيِّئُ وَالظَّنُّ السَّيِّئُ وَقَالَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ

أمَّا اذَا أطْلِقَ اللفْظُ عَلَى غَيْرِ اللهِ فَنَقُولُ "مُبَارَكَ " أيْ مِنَ اللهِ

قال تعالى (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ) مريم

قال تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) ال عمران

 

طَلَبُ الشَّفَاعَة  مِنْ غَيْر اللهِ  أوْ مِمَّنْ لَمْ يَأذَنِ اللهُ لَهُ

 

قال تعالى (وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ۚ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يونس

 

 طَلَبُ الشَفَاعَةِ مِنَ المَخْلُوقِ تَكُونُ بِشُرُوطٍ ثَلاثَةٌ

 

 إذْنُ الله لِلشَّافِع أنْ يَشْفَعُ

قال تعالى (مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) البقرة

رِضَا الله عَنِ الشَّافِعِ

قال تعالى (وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى ) النجم

وَ رِضَاهُ عَنِ المَشْفٌوعِ لَهُ

قال تعالى (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء

أَي يَجِبُ انْ يَكُونَ الشَّافِعُ وَ المَشْفُوعَ لَهُ مُسْلِمًا  لأنَّ الله لا يَرْضَى الكُفْرَ

قال تعالى (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) الزمر

وَ مِثَالُهُ عَدَمُ قَبُولِ اللهْ تَعَالَى شَفَاعَة نُوح عَلَيْهِ السَلام فِي ابْنِهِ الكَافِرِ

قال تعالى (وَنَادَىٰ نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) نوح

قال ابن بطة العكبري  (ابْنَ نُوحٍ كَانَ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنَ اللَّهِ الشِّقْوَةُ، وَكُتِبَ فِي دِيوَانِ الضُّلالِ الأَشْقِيَاءِ، فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُ نُبُوَّةُ أَبِيهِ وَلا شَفَاعَتُهُ فِيهِ، فَنَحْمَدُ رَبَّنَا أَنْ خَصَّنَا بِعِنَايَتِهِ، وَابْتَدَأَنَا بِهِدَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَفَاعَةِ شَافِعٍ وَلا دَعْوَةِ دَاعٍ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ أَنْ يُتِمَّ مَا بِهِ ابْتَدَأَنَا، وَأَنْ يُمَسِّكُنَا بِعُرَى الدِّينِ الَّذِي إِلَيْهِ هَدَانَا وَلا يَنْزِعُ مِنَّا صَالِحًا أَعْطَانَا ) الابانة الكبرى  

عَدَم قَبُولِ اللهْ تَعَالَى شَفَاعَة ابْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَلام فِي أبِيهِ الكَافِر

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَخِي ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، فَيَقُولُ اللَّهُ : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) كتاب تفسير القران -  سُورَةُ الشُّعَرَاءِ

قال تعالى (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ  مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ  فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ  وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ  قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ  تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ  وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ  وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) الشعراء

قال الاجري ( اعْلَمُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ وَرَأَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ وَأَصَابَهُمُ الْهَوَانُ الشَّدِيدُ نَظَرُوا إِلَى قَوْمٍ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ مَعَهُمْ فِي النَّارِ  فَعَيَّرُوهُمْ بِذَلِكَ وَقَالُوا: مَا أَغْنَى عَنْكُمْ إِسْلامُكُمْ فِي الدُّنْيَا وَأَنْتُمْ مَعَنَا فِي النَّارِ؟ فَزَادَ أَهْلَ التَّوْحِيدِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حُزْنًا وَغَمًّا، فَاطَّلَعَ اللَّهُ عز وجل عَلَى مَا نَالَهُمْ مِنَ الْغَمِّ بِتَعْيِيرِ أَهْلِ الْكُفْرِ لَهُمْ فَأَذِنَ فِي الشَّفَاعَةِ فَيَشْفَعُ الأَنْبِيَاءُ وَالْمَلائِكَةُ وَالشُّهَدَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ فِيمَنْ دَخَلَ النَّارَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأُخْرِجُوا مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَبَقَاتٍ شَتَّى فَدَخَلُوا الْجَنَّةَ، فَلَمَّا فَقَدَهُمْ أَهْلُ الْكُفْرِ وَدُّوا حِينَئِذٍ لَوْ كَانَ مُسْلِمِينَ وَأَيْقَنُوا أَنَّهُ لَيْسَ شَافِعٌ يَشْفَعُ لَهُمْ، وَلا صَدِيقٌ حَمِيمٌ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهِمْ شَيْئًا قَالَ اللَّهُ عز وجل فِي أَهْلِ الْكُفْرِ لَمَّا نَضَجُوا بِالْعَذَابِ وَعَلِمُوا أَنَّ الشَّفَاعَةَ لِغَيْرِهِمْ قَالُوا: فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلُ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ الآيَةَ، وَقَالَ عز وجل : فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ، وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ، قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ، تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ، فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) الشريعة - كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالتَّصْدِيقِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَلَّمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ

 

وَ هَذِهِ الشَّفَاعَة لله فِي الأصْل

قال تعالى (قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا ۖ لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) الزمر

 

 

التَّوْبة : تَكُونُ للهِ وَحْدَهُ

قال تعالى (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) هود

قال تعالى(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم

لأنّ الله هُو الذِي يَتُوبُ عَلَى عِبَادِهِ

قال تعالى(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا  ) النساء

 

عِبَادَةُ الحُكْمِ بِأَنْ تَتَلَقَّى الأحْكَامَ مِنْ اللهِ وَحْدَهُ 

قال تعالى (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف

قال تعالى ( وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري ( لَهُ سُلْطَانُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ نَافِذٌ فِي جَمِيعِهِنَّ ، وَفِي جَمِيعِ مَا فِيهِنَّ أَمْرُهُ . ( وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : وَإِلَى اللَّهِ مَصِيرُ أُمُورِ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، فَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال تعالى (وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص

قال ابن جرير الطبري (( وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ ) يَقُولُ : وَلَهُ الْقَضَاءُ بَيْنَ خَلْقِهِ ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

قال تعالى (وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، أَنْبَأَ غَسَّانُ ، ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :   لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ : أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكًا فِي أَمْرِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

كما قال سبحانه (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) سورة الانعام

 قال كذلك (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهْوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلَا ) سورة الانعام

و جمع بينهما فقال (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) سورة الاعراف

 

وَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى يُشَرِّعُ الأحْكَام عَنْ طَرِيقِ وَ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال تعالى ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف

 جاء في سنن أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة ( ت : 273 هـ ) (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ أَصْوَاتًا فَقَالَ مَا هَذَا الصَّوْتُ قَالُوا النَّخْلُ يُؤَبِّرُونَهَا فَقَالَ لَوْ لَمْ يَفْعَلُوا لَصَلَحَ فَلَمْ يُؤَبِّرُوا عَامَئِذٍ فَصَارَ شِيصًا فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنْ كَانَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أُمُورِ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ) باب تلقيح النخل

قال الشافعي (سنة رسول الله مُبَيِّنَة عن الله معنى ما أراد، دليلاً على خاصِّه وعامِّه ) الرسالة ص 73 طبعة المكتبة الشاملة

قال الشافعي (وما سَنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكمٌ، فبِحُكْم الله سنَّه. وكذلك أخبرنا الله في قوله:  (  وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ   صِرَاطِ اللَّهِ ) وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسنَّ فيما ليس فيه بعَيْنه نصُّ كتاب وكل ما سن فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العُنُود عن اتباعها معصيتَه التي لم يعذر بها خَلْقاً،  ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مَخْرجاً، لما وصفتُ، وما قال رسول الله ) الرسالة ص 89 طبعة المكتبة الشاملة

قال أبو بكر بن المنذر النيسابوري  (فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المفسر لكتاب اللَّه والمبين عن اللَّه معنى مَا أراد ) الإقناع

وَمَنْ شَرَعَ مَعَ اللهِ فِي دِينِهِ  فَهُوَ شَرِيكٌ كَمَا سَمَّاهُ اللهُ

قال تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۗ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) الشورى

قال تعالى (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ) النحل

أما المُفلح فكما قال فيه تعالى (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) النور

قال تعالى (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) سبا

فَالهِدَايَةُ  بِاتِبَاعِ الوَحْيِ

وَ الضَلاَلُ بِاتِبَاع النَفْس وَ تَرْكِ الوَحْيِ

قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَـــا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَــا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النحل

مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ فيه بيان لشرك العبادة

لَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ فيه بيان لشرك الحكم و التشريع

و قال تعالى (سَيَقُولُ الَّذِيـــنَ أَشْرَكُــــوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَـــــا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَـــا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ) الأنعام

قال مسلم في صحيحه و كذلك الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ وَاللَّفْظُ لِأَبِي غَسَّانَ وَابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَـــاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِيـــنُ فَاجْتَالَتْهُـمْ عَنْ دِينِهِـمْ وَحَرَّمَــــتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُـــــمْ أَنْ يُشْرِكُـوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) بَاب الصِّفَاتِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا فِي الدُّنْيَا أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَهْلُ النَّارِ - صحيح مسلم

وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا : و فِيهِ بَيَانٌ أنَّ عِبَادَةَ غَيْرِ الله وَ تَلَقّي التَحْلِيل وَ التَحْرِِيم مِنْ غَيْرِ اللهِ مُنَاقِضٌ للحَنِيفِيَةِ مِلَّةُ ابْرَاهِيمْ

 قال البخاري(حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ ) كتاب الصلح

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبِي ، نا مُؤَمَّلُ ، نا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَالِمًا ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ :   مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ بَارِيًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ رَازِقًا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرًّا أَوْ نَفْعًا أَوْ مَوْتًا أَوْ حَيَاةً أَوْ نُشُورًا ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَخْرَسَ لِسَانَهُ ، وَأَعْمَى بَصَرَهُ ، وَجَعَلَ عَمَلَهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ، وَقَطَعَ بِهِ الأَسْبَابَ ، وَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ ) السنة لعبد الله بن احمد   957  وغيره

 

 

وَ هَذَا كَشِرْكِ أهْلِ الكِتَابِ ( اليَهُودُ وَ النَّصَارَى )

قال تعالى عنهم (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة

قال الطبري (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ ح ، وَحَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ الْقَاضِي ، ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالُوا : ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ ، أَنَا غُطَيْفُ بْنُ أَعْيَنَ ، مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ ، فَقَالَ : " يَا عَدِيُّ اطْرَحْ هَذَا الْوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ ، فَطَرَحْتُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ بَرَاءَةَ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا ، فَقُلْتُ : إنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ ، فَقَالَ : " أَلَيْسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَتُحَرِّمُونُهُ ، ويُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَتَسْتَحِلُّونَهُ ؟ " قُلْتُ : بَلَى ، قَالَ : " فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ )  المعجم الكبير

 قال ابن جرير الطبري  (حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا ) ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ : كَيْفَ كَانَتِ الرُّبُوبِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ : [ لَمْ يَسُبُّوا أَحْبَارَنَا بِشَيْءٍ مَضَى ] "مَا أَمَرُونَا بِهِ ائْتَمَرْنَا ، وَمَا نَهَوْنَا عَنْهُ انْتَهَيْنَا لِقَوْلِهِمْ" ، وَهُمْ يَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ ، فَاسْتَنْصَحُوا الرِّجَالَ ، وَنَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

قال البخاري ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ ) بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

فَكَفَرَ اليَهُودُ بِتَشْرِيعِهِمُ للأحْكَامِ وَ الحُدُودِ   وَ تَبْدِيلِهِمُ مَا أنْزَلَهُ الله عَلَيْهِمُ

 

وَ هَذَا  النَّوْعُ مِن الشِّرْكِ أَوَّلُ مَا حَدَثَ فِي قُرَيْشِ

قال البخاري رحمه الله تعالى ( حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الْإِبِلِ ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ وَالْحَامِ فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ) باب قصة خزاعة

فرسول الله لعن عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ لأنه وضع تشريعات  فسَيَّبَ السَّوَائِبَ وَالْوَصِيلَةُ

قال تعالى (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ۙ وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) المائدة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَلا سَائِبَةٍ قَالَ: وَأَمَّا السَّائِبَةُ فَكَانُوا يُسَيِّبُونَ مِنْ أَنْعَامِهِمْ لِآلِهَتِهِمْ ، وَلَا يَرْكَبُونَ لَهَا ظَهْرًا ، وَلَا يَحْلِبُونَ لَهَا لَبَنًا ، وَلَا يَجُزُّونَ لَهَا وَبَرًا ، وَلَا يَحْمِلُونَ عَلَيْهَا شَيْئًا، وَكَانُوا يُحَرِّمُونَ طَائِفَةً مِنْ أَنْعَامِهِمْ لَا يَذْكُرُونَ شَيْئًا مِنِ اسْمِ اللَّهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا ، لَا إِنْ رَكِبُوا ، وَلَا إِنْ نَتَجُوا ، وَلَا إِنْ حَمَلُوا وَلَا إِنْ ذَبَحُوا. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: تُسَيَّبُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ ، ثَنَا شَبَابَةُ ، ثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ: وَلا سَائِبَةٍ وَالسَّائِبَةُ فِي الْغَنَمِ نَحْوُ مَا فَسَّرَ مِنَ الْبَحِيرَةِ إِلَّا أَنَّهَا مَا وَلَدَتْ مِنْ وَلَدٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سِتَّةِ أَوْلَادٍ كَانَتْ عَلَى هَيْئَتِهَا ، وَإِذَا وَلَدَتِ السَّابِعَ ذَكَرًا أَوْ ذَكَرَيْنِ ، ذَبَحُوهُ وَأَكَلَهُ رِجَالُهُمْ دُونَ نِسَائِهِمْ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، ثَنَا سَعِيدُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلَهُ: وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ يَقُولُ: تَحْرِيمُ الشَّيْطَانِ الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا كَانَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَلَا يَعْقِلُونَهُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

وَ هَذَا فِي الحَيَوَانَاتِ  فَمَا بَالُكَ   بِتَشْْرِيعَاتِ المُعَاصِرِينَ  التِّي شَمَلَت   الانْسَانَ وَ الأَمْوَالَ  بَلِ وَ حَتَّى العِبَادَاتِ التِّي بَيْنَ العَبْدِ وَ رَبِّهِ

 

قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ) الصافات

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ ( وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قُرَيْشٍ ، أَنَتْرُكُ عِبَادَةَ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ يَقُولُ : لِاتِّبَاعِ شَاعِرٍ مَجْنُونٍ ، يَعْنُونَ بِذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَنَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . وَقَوْلُهُ ( بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ ) وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ مُكَذِّبًا لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : شَاعِرٌ مَجْنُونٌ ، كَذَبُوا ، مَا مُحَمَّدٌ كَمَا وَصَفُوهُ بِهِ مِنْ أَنَّهُ شَاعِرٌ مَجْنُونٌ ، بَلْ هُوَ لِلَّهِ نَبِيٌّ جَاءَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 لأنَّ الحُكْمَ دِينٌ ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف 

فَأَحْكَامُ اللهِ وَ حُدُودِهِ التِي شَرَّعَهَا مِنَ الدِينِ

قال تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ،   وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ قَالَ: الْجَلْدُ

حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ:   وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ يَعْنِي: فِي حُكْمِ اللَّهِ الَّذِي حَكَمَ عَلَى الزَّانِي ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

وَمَا كَانَ فِيهِ غَيْر حُدُودِ اللهِ فَهُو لَيسَ دِينًا للهِ

 قال تعالى (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) يوسف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ لَيْثٍ الْمَرْوَزِيُّ ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ الْمَدِينِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ يَقُولُ : ( قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ) ( كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) ، قَالَ : دِينُ الْمَلِكِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ مَنْ سَرَقَ أَصْلًا وَلَكِنَّ اللَّهَ كَادَ لِأَخِيهِ ، حَتَّى تَكَلَّمُوا مَا تَكَلَّمُوا بِهِ ، فَأَخَذَهُمْ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَيْسَ فِي قَضَاءِ الْمَلِكِ

حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، عَنْ أَسْبَاطٍ ، عَنِ السُّدَى : ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) ، يَقُولُ : فِي حُكْمِ الْمَلِكِ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ : ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) ، يَقُولُ : مَا كَانَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ الْمَلِكِ أَنْ يَسْتَعْبِدَ رَجُلًا بِسَرِقَةٍ

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ) ، قَالَ : لَيْسَ فِي دِينِ الْمَلِكِ أَنْ يُؤْخَذَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ . قَالَ : وَكَانَ الْحُكْمُ عِنْدَ الْأَنْبِيَاءِ ، يَعْقُوبَ وَبَنِيهِ ، أَنْ يُؤْخَذَ السَّارِقُ بِسَرِقَتِهِ عَبْدًا يُسْتَرَقُّ ) جامع البيان في تأويل القران

وَ لا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ نَسَبَ لِنَفْسِهِ صِفَةَ الخَلْقِ  وَ مَنْ نَسَبَ لِنَفْسِهِ صِفَةَ الحُكْمِ وَ الأمْرِ وَ النَهْيِ

قال تعالى (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِسِنْجَانِيُّ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجَاءَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بِنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهِبٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا خَالِدٍ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَوْهِبٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْخَلْقُ خَلْقُ اللَّهِ وَالْأَمْرُ أَمْرُهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، أَنْبَأَ غَسَّانُ ، ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :   لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ : أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكًا فِي أَمْرِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

فَكَمَا قال تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) الأنعام

قال تعالى كذلك (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلا ) الأنعام

قال النسائي (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ وَهُمْ يَكْنُونَ هَانِئًا أَبَا الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَالَ   مَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَمَا لَكَ مِنْ الْوُلْدِ قَالَ لِي شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ قَالَ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ فَدَعَا لَهُ وَلِوَلَدِهِ ) إِذَا حَكَّمُوا رَجُلًا فَقَضَى بَيْنَهُمْ

وََمَنْ بَدَّلَ الدِينَ ( الذِي مِنْهُ أحْكَامَ اللهِ وَحُدُودِهِ ) فَهُوَ كَافِرٌ كَمَنْ ارْتَدَ زَمَنَ الصَحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ  وَ كَالجَهْمِيَةِ زَمَنَ التَابِعِينِ

قال البخاري في صحيحه(فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ فَقَالَ عُمَرُ كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) باب قول الله تعالى وأمرهم شورى بينهم

وَ هَذَا فِقْهٌ دَقِيقٌ وَ فَهْمٌ عَمِيقٌ مِنَ البُخَارِي رَحِمَهُ الله تَعَالى وَ بَيَانُ أنَّ مَنْ قَالُوا نُصَلِي وَ مَنَعُوا الزَكَاةَ هُمْ مُبَدِّلُونَ للدِينِ وَ الشَرِيعَةِ وَ هَذَا كُفْرٌ نَاقِلٌ مِنَ المِلَّةِ فَمَا بَالُكَ بالمُبَدِّلِينَ للشَرْعِ  

قال أبو بكر الخلال (سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ ، فَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ يُرَادُ بِهِمُ الْمَطَابِقَ ، تَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ عَمِلُوا هَؤُلاءِ فِي الإِسْلامِ ؟ قِيلَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : الرَّجُلُ يَفْرَحُ بِمَا يَنْزِلُ بِأَصْحَابِ ابْنِ أَبِي دُؤَادٍ ، عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ إِثْمٌ ؟ قَالَ : وَمَنْ لا يَفْرَحُ بِهَذَا ؟ قِيلَ لَهُ : إِنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ : الَّذِي يَنْتَقِمُ مِنَ الْحَجَّاجِ ، هُو الْمُنْتَقِمُ لِلْحَجَّاجِ مِنَ النَّاسِ ، قَالَ : أَيَّ شَيْءٍ يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الْحَجَّاجِ ؟ هَؤُلاءِ أَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ ) السنة

فَبَيَّنَ الإمَامُ أحْمَد رَحِمَهُ اللهَ أنَّ القَوْلَ بِخَلْقِ القُرْاَنِ تَبْدِيلٌ للدِّينِ بِِمَعْنَى يُمِيتَه وُ يُبْطِلَهُ فِي الْحَالِ وَهَكَذَا كُلُّ تَشْرِيعٍ مُطْلَق سَوَاءٌ مِنْ البِدَعِ المُكَفِّرَةِ أوْ غَيْرِهِ فَهِيَ تَغْيِيرٌ لأَصْلِ الحُكْمِ الشَّرْعِيُّ وَحُدُودِ اللهِ تَعَالَى الظَّاهِرَة هِي دِينْ

فَوَظِيفَةُ الحَاكِمِ  وَ وَلٍي الأمْرِ تَنْفِيدُ شَرْعِ اللهِ وَ الحُكْمِ بِهِ بَيْنَ رَعِيَّتِهِ لاَ يَتَعَدَّاهُ لِيَحْكُمَ بِغَيْرِهِ أوْ يُشَرِّعَ غَيْرَهُ

قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) المائدة

قال ابن أبي حاتم (  قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلَهُ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ: بِحُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال  ابن أبي شيبة    ( حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ ، يَقُولُ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ :  كَلِمَاتٌ أَصَابَ فِيهِنَّ : حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أنزل اللَّهُ , وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ , فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْمَعُوا وَيُطِيعُوا وَيُجِيبُوا إذَا دُعُوا  ) المصنف

قال الدارمي (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ الله خَطَبَ، فَقَالَ:   يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيًّا، وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، فَمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَلَا وَإِنِّي لَسْتُ بِقَاضٍ وَلَكِنِّي مُنَفِّذٌ، وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ، وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْكُمْ، غَيْرَ أَنِّي أَثْقَلُكُمْ حِمْلًا، أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، أَلَا هَلْ أَسْمَعْتُ؟ ) السنن

 

 

الحُكْمُ

قال تعالى (وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ) الكهف

جاء في تفسير يحيى بن سلام ( ( وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) وَهِيَ تُقْرَأُ بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ.يَقُولُونَ: وَلا تُشْرِكْ يَا مُحَمَّدُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا، يَقُولُ: حَتَّى تَجْعَلَهُ مَعَهُ شَرِيكًا فِي حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَأُمُورِهِ. وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْيَاءِ يَقُولُ: وَلا يُشْرِكُ اللَّهُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا )

لأنَّ الحُكْمَ لاَ يَكُونُ الاَّ لِلّهِ وَ شَرْعِهِ

قال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ) يوسف

قال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف

قال تعالى (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ يَقُصُّ الْحَقَّ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) الأنعام

قال ابن أبي زمنين ( (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) : إِنِ الْقَضَاءُ إِلَّا لِلَّهِ يَقْضِي الْحَقَّ وَتُقْرَأُ أَيْضًا ( يَقُصُّ الْحَقَّ )  مِنَ الْقَصَصِ ( وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) بِالْحُكْمِ ) تفسير القران العزيز

قال تعالى (ذَٰلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ۖ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الممتحنة

قال ابن جريرالطبري (هَذَا الْحُكْمُ الَّذِي حَكَمْتُ بَيْنَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمَسْأَلَةِ الْمُشْرِكِينَ ، مَا أَنْفَقْتُمْ عَلَى أَزْوَاجِكُمُ اللَّاتِي لَحِقْنَ بِهِمْ وَأَمْرِهِمْ بِمَسْأَلَتِكُمْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي أَزْوَاجِهِنَّ اللَّاتِي لَحِقْنَ بِكُمْ ، حُكْمُ اللَّهِ بَيْنَكُمْ فَلَا تَعْتَدُوهُ ، فَإِنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُسْمَعُ غَيْرُهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) الرعد

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ، يَقُولُ : وَاللَّهُ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ ، وَيَقْضِي فَيَمْضِي قَضَاؤُهُ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال تعالى (وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص

قال ابن جرير الطبري (( وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ ) يَقُولُ : وَلَهُ الْقَضَاءُ بَيْنَ خَلْقِهِ ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

قال تعالى (وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، أَنْبَأَ غَسَّانُ ، ثنا سَلَمَةُ ، قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :   لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ : أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ شَرِيكًا فِي أَمْرِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال إسماعيل الأصبهاني (وأن مذهبنا ومذهب أئمتنا من أهل الأثر: أن نقول إن الله، عز وجل  أحد لا شريك له، ولا ضد له ولا ند ولا شبيه له، إلها واحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يشرك فِي حكمه أحدا ) الحجة في بيان المحجة و شرح عقيدة أهل السنة 2

 

 

التَحَاكُمُ هُوَ طَلَبُ الحُكْمِ أوْ الاسْتِفْتَاءِ وَ هَذَا الطَلَبُ يَكُونُ بِالرُجُوعِ الَى 

 المُفْتِي : وَ يُسَمَى الاسْتِفْتَاء أوْ طَلَبُ الفَتْوَى أوْ طَلَبُ تَبْيِينِ الحُكْمِ وَ دَلِيلُهُ 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أُسْقِيَ الْحَاجَّ ، وَقَالَ آخَرُ : مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أَعْمُرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَقَالَ آخَرُ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ ، فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ ، وَقَالَ : " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمُعَةَ  دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ سورة التوبة آية 19 الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا ) كتاب الامارة

فَهُنَا عُمَر بْنُ الخَطَاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أرَادَ باسْتِفْتَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْكِيمَهُ

لِهَدَا أمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِسُؤالِ أهْلِ الذِّكْرِ قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل

و الذِّكْر هُوَ الوَحْيُ المُتَمَثِلُ فِي الكِتَابِ

قال تعالى (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) الحجر

و السُنَةِ

و قال تعالى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) النجم

وأمَرَنَا في المُقَابِلِ بِتَرْكِ سُؤالِ أهْلِ الرَأْيِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ ) بَاب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ وَلَا تَقْفُ لَا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

 النَوْعُ الثَانِي الحُكَامِ هُمُ القُضَاةُ : وُ يُسَمَى التَحَاكُم اليْهِمُ التَقَاضِي وَهُوَ طَلَبُ تَنْفِيدِ الحُكْمِ أوْ الفَتْوَى 

قال تعالى (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ) المائدة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلَهُ: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالَ: بِحُدُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال الامام البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيّ َوَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) باب موعظة الإمام للخصوم

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ ) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

 وَ كلا النَوْعَينِ مِنَ التَحَاكُم سَوَاءٌ للقاضِي أوُ المُفْتِي امَا هُوَ تَحَاكُمٌ للهِ وَ رَسُولِهِ اذّا كَانَ فِيهِ تَحْكِيمٌ لِشَرْعِ اللهِ تَعَالَى 

قال تعالى ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً ) النساء

قال تعالى (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) الشورى

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) قَالَ ابْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ : فَهُوَ يَحْكُمُ فِيهِ ، وَقَالَ الْحَارِثُ : فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) باب الدعاء إذا انتبه بالليل

 أوِْ يَكُونُ تَحَاكُمٌ للطَاغُوتِ وَ الشَرِيكِ البَاطِلِ اذّا كَان فِيهِ تَحْكِيمٌ لِغَيْرِ شَرْعِ اللهِ مِنَ الأهْوَاءِ 

قال تعالى (  فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلً ) النساء

قال تعالى (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ  وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) الشورى

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) قَالَ ابْنُ عَمْرٍو فِي حَدِيثِهِ : فَهُوَ يَحْكُمُ فِيهِ ، وَقَالَ الْحَارِثُ : فَاللَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ ) باب الدعاء إذا انتبه بالليل

وَمَنْ تَحَاكَمَ لِغَيْرِ شَرْعِ اللهِ فَقْدْ أشْرَكَ

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء

الضَلَالً البَعِيد  هو الشرك بالله

قال تعالى ( وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء

وَمَنْ لَمْ يُحكِّّم شَرْعَ اللهِ فِي نِزَاعِهِ فَقَدْ زَالَ اسْلاَمُهُ وَ انْتَفَى ايمَانُهُ

 قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء

قال ابن جرير الطبري (يَعْنِي - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِقَوْلِهِ : " فَلَا " فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ، وَهُمْ يَتَحَاكَمُونَ إِلَى الطَّاغُوتِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال نصر بن إبراهيم المقدسي أبو الفتح ( ت : 490 هـ ) ( فجعل عز وجل في هذه الآية أن من شرط الإيمان وصحته الانقياد لحُكم رسوله و دل على أن من خالفه غير منقاد للحق وغير ثابت الاسلام ) الحجة على تارك المحجة  ج 2 ص 391

 

  

 

الاسْتِهْزَاءُ  بِاللهِ أوْ بِدِينِهِ أوْ بِرُسُلِهِ

قال تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ۚ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ  لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ۚ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ  ) التوبة

حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ لِمُجَرَدِ قَوْلِهِمْ الذِّي يَقُولُونَهُ عَلَى وَجْهِ الهَزْلِ وَاللَّعِبِ دُونَ أنْ يَعْذِرَهُمْ بِجَهْلٍ أوْ تَأْوِيلٍ أوْ أي عُذْرٍ آخَرَ  فالهَزْلُ أخُو البَاطِلِ وَالجَهْلِ (قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) البقرة

قال تعالى (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) التوبة

قال ابن جرير الطبري (وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) فَإِنَّ مَعْنَاهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَالُوا : ( إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ، وَفَعَلُوا فِي ذَلِكَ فِعْلَ الْهَالِكِينَ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ ( حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) يَقُولُ : ذَهَبَتْ أَعْمَالُهُمْ بَاطِلًا . فَلَا ثَوَابَ لَهَا إِلَّا النَّارُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال حرب الكرماني (و قال الليث : حديثني مُجَاهِد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَيُّمَا مُسْلِمٍ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَقَدْ كَذَّبَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ رِدَّةٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ رَجَعَ، وَإِلَّا قُتِلَ، وَأَيُّمَا مُعَاهَدٍ عَانَدَ، فَسَبَّ اللَّهَ أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ أَوْ جَهَرَ بِهِ، فَقَدْ نَقَضَ الْعَهْدَ فَاقْتُلُوهُ

عن الليث بن أبي سليم عَنْ مجاهد قَالَ: أُتِيَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَجُلٍ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ قَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أَوْ سَبَّ أَحَدًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَاقْتُلُوهُ ) كتاب السنة

قال محمد بن نصر بن الحجاج المَرْوَزِي (قَالَ إِسْحَاقُ: وَمِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِهِ وَحَكَمُوا عَلَيْهِ كَمَا حَكَمُوا عَلَى الْجَاحِدِ فَالْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمِمَّا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا، وَيَقُولُ: قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَرَّمٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَكَذَلِكَ مَنْ شَتَمَ نَبِيًّا أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ وَلَا خَوْفٍ ) تعظيم قدر الصلاة

قال ابن عبد البر (قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهُويَه : قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ سَبَّ رَسُولَهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ دَفَعَ شَيْئًا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ، أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ؛ أَنَّهُ كَافِرٌ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) الاستذكار

وَ قَدْ نَهَانَا سُبْحَانَهُ عَنِ القُعُودِ وَ الجُلُوسِ  مَعَ مَنْ يَسْتَهْزِئ بِدِينِ اللهِ حَتَى لاَ يَعُمَّنَا هَذَا الكُفْرُ

قال تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَىءُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء

 

 

الالْحَادُ فِي أسْمَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَ

وَ الالحْاَدُ هُو العُدُولُ بِهَا وَ بِمَعَانِيهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا التَي   بَيَّنَهَا اللهُ وَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ  ) الأعراف

قال ابن بطة العكبري (  وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ اعْتِقَادُهُ فِي إِثْبَاتِ الْإِيمَانِ بِهِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: أَنْ يَعْتَقِدَ الْعَبْدُ آنِيَّتَهُ لِيَكُونَ بِذَلِكَ مُبَايِنًا لِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّعْطِيلِ الَّذِينَ لَا يُثْبِتُونَ صَانِعًا. الثَّانِي: أَنْ يَعْتَقِدَ وَحْدَانِيَّتَه ُ، لِيَكُونَ مُبَايِنًا بِذَلِكَ مَذَاهِبَ أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِالصَّانِعِ وَأَشْرَكُوا مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ غَيْرَهُ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَعْتَقِدَهُ مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ وَسَائِرِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، إِذْ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يُقَرِّبُهُ وَيُوَحِّدُهُ بِالْقَوْلِ الْمُطْلَقِ  قَدْ يُلْحِدُ فِي صِفَاتِهِ ، فَيَكُونُ إِلْحَادُهُ فِي صِفَاتِهِ  قَادِحًا فِي تَوْحِيدِهِ، وَلِأَنَّا نَجِدُ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ خَاطَبَ عِبَادَهُ بِدُعَائِهِمْ إِلَى اعْتِقَادِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ وَالْإِيمَانِ بِهَا ) الابانة الكبرى

 

 

أوْصَافُ الْإِلْحَاد

أنَّهُ شِرْكٌ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَةُ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) يَقُولُ : بِشِرْكٍ

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا ) قَالَ : هَؤُلَاءِ أَهْلُ الشِّرْكِ وَقَالَ : الْإِلْحَادُ : الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ

حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : ثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قَالَ : هُوَ الشِّرْكُ) جامع البيان في تأويل القران

عَمَلٌ سَيِِّّئٌ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا عِيسَى; وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ) قَالَ : يَعْمَلُ فِيهِ عَمَلًا سَيِّئًا ) جامع البيان في تأويل القران

أنّهٌ ظُلْمٌ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) قَالَ : الْإِلْحَادُ : الظُّلْمُ فِي الْحَرَمِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

وَ الالحْاَدُ فِي أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى أنْوَاعٌ

تَسْمِيَةُ غَيْرِ اللهِ بِأسْمَاءِ اللهِ الخَاصَةِ بِهِ وَحْدَهُ, وَهَذَا كَإلحَاد المُشْرِكِينَ الذِينَ سمَّوا بِأسْمَاءِ اللهِ أصْنَامَهُم وَ أوْثَانَهُمُ

قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ: وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ قَالَ: الْإِلْحَادُ، الْمُلْحِدِينَ أَنْ دَعَوُا اللَّاتَ وَالْعُزَّى فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ يُلْحِدُونَ قَالَ: يُشْرِكُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف

قال ابن جرير الطبري (( مَا تَعْبُدُونَ ) وَقَدِ ابْتَدَأَ الْخِطَابَ بِخِطَابِ اثْنَيْنِ فَقَالَ : ( يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ) لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُخَاطَبَ بِهِ ، وَمَنْ هُوَ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ مُقِيمٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، فَقَالَ لِلْمُخَاطَبِ بِذَلِكَ : مَا تَعْبُدُ أَنْتَ وَمَنْ هُوَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ( إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ) ، وَذَلِكَ تَسْمِيَتُهُمْ أَوْثَانَهُمْ آلِهَةً أَرْبَابًا ،  شِرْكًا مِنْهُمْ ، وَتَشْبِيهًا لَهَا فِي أَسْمَائِهَا الَّتِي سَمَّوْهَا بِهَا بِاللَّهِ ، تَعَالَى عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ أَوْ شَبِيهٌ ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ) ، يَقُولُ : سَمَّوْهَا بِأَسْمَاءٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ بِتَسْمِيَتِهَا ، وَلَا وَضَعَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَسْمَاءَ أَسْمَاؤُهَا ، دَلَالَةً وَلَا حُجَّةً ، وَلَكِنَّهَا اخْتِلَاقٌ مِنْهُمْ لَهَا وَافْتِرَاءٌ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) مريم

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْنَى الْأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ ) بَاب أَبْغَضِ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَخْبَثُهُ وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ رَجُلٍ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ ) باب تحريم التسمي بملك الأملاك وبملك الملوك

قال النسائي (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَهُ وَهُمْ يَكْنُونَ هَانِئًا أَبَا الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ فَقَالَ إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا الْفَرِيقَيْنِ قَالَ   مَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا فَمَا لَكَ مِنْ الْوُلْدِ قَالَ لِي شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ قَالَ فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ قَالَ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ فَدَعَا لَهُ وَلِوَلَدِهِ ) إِذَا حَكَّمُوا رَجُلًا فَقَضَى بَيْنَهُمْ

 

النَوْعُ الثَانِي وَهُوَ التَكْذِيبُ بِأسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى  وَ انْكَارُ مَا أثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ: الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ التَّكْذِيبُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا ) قَالَ : يُكَذِّبُونَ فِي آيَاتِنَا ) جامع البيان في تأول القران

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) الفرقان

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ شَاذَانَ، ثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ، ثَنَا مَحْبُوبٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الْقَوَارِيرِيَّ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَطَاءٍ : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ مَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ إِلَّا رَحْمَنَ الْيَمَامَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهٌ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

 قال تعالى (كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ) الرعد

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَاتَبْتُهُ عَبْدَ عَمْرٍو فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ ابْرُكْ فَبَرَكَ فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الْأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا وَإِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ ) بَاب إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ جَاز

قال أبو الحسن الملطي (الْجَهْمِية وهم ثَمَانِي فرق وَمِنْهُم صنف زَعَمُوا أَن الله شَيْء وَلَيْسَ كالأشياء لَا يَقع عَلَيْهِ صفة وَلَا معرفَة وَلَا توهم وَلَا نور وَلَا سمع وَلَا بصر وَلَا كَلَام وَلَا تكلم وَإِن الْقُرْآن مَخْلُوق وَإنَّهُ لم يكلم مُوسَى وَلَا يكلم قطّ وَإِن الله خلق قولا وكلاما فَوَقع ذَاك القَوْل وَالْكَلَام فِي مسامع من شَاءَ الله من خلقه فَبَلغهُ السَّامع عَن الله بعد مَا سَمعه فَسمى ذَلِك قولا وكلاما تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا ) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص 97

قال اللالكائي (ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْدَاوِيُّ، قَالَ: قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، فَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

مَثِالَهُ انْكَار وَ جَحْدِ صِفَة الكَلاَم فَهَذَا شِرْكٌ وَ تَعْطِيلٌ

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَطَّارِ ، سَمِعْتُ هَارُونَ بْنَ مَعْرُوفٍ ، يَقُولُ :  مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ ، عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَكَلَّمُ فَهُوَ يَعْبُدُ الأَصْنَامَ

حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَطَّارِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُصْعَبٍ الْعَابِدُ، يَقُولُ: " مَنْ زَعَمَ أَنَّكَ لا تَتَكَلَّمُ وَلا تَرَى فِي الآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ بِوَجْهِكَ لا يَعْرِفُكَ، أَشْهَدُ أَنَّكَ فَوْقَ الْعَرْشِ فَوْقَ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ لَيْسَ كَمَا يَقُولُ أَعْدَاءُ اللَّهِ الزَّنَادِقَةُ "

سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ، يَقُولُ: " مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عز وجل  لا يَتَكَلَّمُ وَلا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يَغْضَبُ وَلا يَرْضَى وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ عز وجل  إِنْ رَأَيْتُمُوهُ عَلَى بِئْرٍ وَاقِفًا فَأَلْقُوهُ فِيهَا بِهَذَا أَدِينُ اللَّهَ عز وجل  لأَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ تَعَالَى " ) كتاب السنة

قال الامام أحمد بن حنبل (قد أعظمتم على الله الفرية، حين زعمتم أنه لا يتكلم فشبهتموه بالأصنام التي تعبد من دون الله؛ لأن الأصنام لا تتكلم، ولا تتحرك ولا تزول من مكان إلى مكان ) كتاب الرد على الجهمية والزنادقة

قال البخاري (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ:  أَمَّا تَشْبِيهُ قَوْلِ اللَّهِ: إِذَا أَرَدْنَاهُ، بِقَوْلِهِ: قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَمْطَرَتْ، وَقَالَ الْجِدَارُ، فَمَالَ، فَإِنَّهُ لا يُشْبِهُهُ، وَهذِهِ أُغْلُوطَةٌ أَدْخَلَهَا، لأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: قَالَتِ السَّمَاءُ، ثُمَّ تَسْكُتُ لَمْ يَدْرِ مَا مَعْنَى قَالَتْ حَتَّى تَقُولَ فَأَمْطَرَتْ، وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتَ: أَرَادَ الْجِدَارَ ثُمَّ لَمْ يُبَيِّنْ مَا مَعْنَى أَرَادَ لَمْ يَدْرِ مَا مَعْنَاهُ، وَإِذَا قُلْتَ: قَالَ اللَّهُ، اكْتَفَيْتَ بِقَوْلِهِ: قَالَ، فَقَالَ: مُكتَفٍ لا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى قَالَ، كَمَا احْتجْتَ إِذَا قَالَ الْجِدَارُ فَمَالَ، وَإِلا لَمْ يَكُنْ لَقَالَ الْجِدَارُ مَعْنَى، وَمَنْ قَالَ: هَذَا فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْكُفْرِ إِلا وَهُوَ دُونَهُ، وَمَنْ قَالَ هَذَا ( أي أن الله لا يتكلم )  فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ  الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى، وَمَذهَبُهُ التَّعْطِيلُ لِلْخَالِقِ ) خلق أفعال العباد

 

النَوْعُ الثَالِثُ مِنَ الالحْاَدِ وُهُوَ تَشْبِيهُ صِفَاتِ  اللهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ خَلْقِهِ

 

قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى

قال البخاري  (بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وَ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ وَقَوْلِهِ تَعَالَى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا وَأَنَّ حَدَثَهُ لَا يُشْبِهُ حَدَثَ الْمَخْلُوقِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ  ) كتاب التوحيد

وَ مَنْ شَبَّهَ الله بِخَلْقِهِ وَ سَوَّاهُ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ مُخَلَّدٌ فِي نَارِ جَهَنَم

قال تعالى (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ  مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ  فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ  وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ  قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ  تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ  وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ ) الشعرا

قال اللالكائي (ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْدَاوِيُّ، قَالَ: قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، فَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَرَسُولُهُ تَشْبِيهٌ

ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ شَاذَ بْنَ يَحْيَى الْوَاسِطِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ مَا تَقُولُ فِي الْجَهْمِيَّةِ؟ قَالَ: يُسْتَتَابُونَ، إِنَّ الْجَهْمِيَّةَ غَلَتْ فَفَرَغَتْ فِي غُلُوِّهَا إِلَى أَنْ نَفَتْ، وَإِنَّ الْمُشَبِّهَةَ غَلَتْ فَفَرَغَتْ فِي غُلُوِّهَا حَتَّى مَثَّلَتْ، فَالْجَهْمِيَّةُ يُسْتَتَابُونَ، وَالْمُشَبِّهَةُ كَذِي، رَمَاهُمْ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ

ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، يَقُولُ: مَنْ وَصَفَ اللَّهَ فَشَبَّهَ صِفَاتِهِ بِصِفَاتِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، لأَنَّهُ وَصَفَ لِصِفَاتِهِ أَنَّمَا هُوَ اسْتِسْلامٌ لأَمْرِ اللَّهِ وَلِمَا سَنَّ الرَّسُولُ قَالَ: وَسَمِعْتُ إِسْحَاقَ، يَقُولُ: عَلامَةُ جَهْمٍ وَأَصْحَابِهِ دَعْوَاهُمْ عَلَى أَهْلِ الْجَمَاعَةِ، وَمَا أُولِعُوا بِهِ مِنَ الْكَذِبِ، إِنَّهُمْ مُشَبِّهَةٌ، بَلْ هُمُ الْمُعَطِّلَةُ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: هُمُ الْمُشَبِّهَةُ لاحْتَمَلَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّبَّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كُلِّ مَكَانٍ بِكَمَالِهِ فِي أَسْفَلِ الأَرَضِينَ، وَأَعْلَى السَّمَوَاتِ، عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ وَلَزِمَهُمُ الْكُفْرُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

وَ مُشَبِّهُ اللهِ بِخَلْقِهِ حَلالُ الدَمِ لِكُفْرِهِ

قال اللالكائي (ذَكَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ، ثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: تَكَلَّمَ دَاوُدُ الْجَوَارِبِيُّ بفند فِي التَّشْبِيهِ فَاجْتَمَعَ فِيهَا أَهْلُ وَاسِطٍ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، وَخَالِدٌ الطَّحَّانُ، وَهُشَيْمٌ، وَغَيْرُهُمْ، فَأَتَوُا الأَمِيرَ وَأَخْبَرُوهُ بِمَقَالَهِ، فَأَجْمَعُوا عَلَى سَفْكِ دَمِهِ، فَمَاتَ فِي أَيَّامِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ عُلَمَاءُ أَهْلِ وَاسِطٍ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

النَوْعُ الرَابِعُ مِنَ الالحْاَدِ وُهُوَ وَصْفُهُ سُبْحَانَهُ بِمَا لاَ يَلِيقُ بِهِ وَ بِمَا لَمْ يَرِد فِي كِتَابِهِ  أوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ السَّكُونِيُّ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَلَاءِ الزُّبَيْدِيُّ ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْقُرَشِيُّ الزَّيْتُونِيُّ، حَدَّثَنِي مُبَشِّرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: قَالَ الْأَعْمَشُ : (يَلْحَدُونَ) بِنَصْبِ الْيَاءِ وَالْحَاءِ مِنَ اللَّحْدِ، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ تَفْسِيرِهَا، فَقَالَ يُدْخِلُونَ فِيهَا مَا لَيْسَ مِنْهَا ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : ( وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ) قَالَ : اشْتَقُّوا "الْعُزَّى" مِنَ "الْعَزِيزِ" ، وَاشْتَقُّوا "اللَّاتَ" مِنَ "اللَّهِ" ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} أَيْ: يَمِيلُونَ؛ فَسَمَّوْا مَكَانَ اللَّهِ: الَّلاتَ، وَمَكَانَ الْعَزِيزِ: الْعُزَّى ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

وَ هَذَا كَقَوْلِ اليَهُودِ

قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) المائدة

قال عثمان بن سعيد الدارمي (( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ )، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ ( الجهمية ): يَدُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ لَمَّا ادَّعَيْتُمْ أَنَّهَا نِعْمَتُهُ وَرِزْقُهُ، لِأَنَّ النِّعْمَةَ وَالْأَرْزَاقَ مَخْلُوقَةٌ كُلُّهَا، ثُمَّ زِدْتُمْ عَلَى الْيَهُودِ، فَادَّعَيْتُمْ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ، إِذِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّهُ وَجْهُ الْقِبْلَةِ وَوُجُوهُ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَكَوَجْهِ الثَّوْبِ وَالْحَائِطِ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ، فَادَّعَيْتُمْ أَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ، وَأَسْمَاءَهُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ، كَمَا هِيَ لَكُمْ، إِلَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ بِكَمَالِهِ مَخْلُوقٌ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا: إِنَّكُمْ سَبَبْتُمُ اللَّهَ بِأَقْبَحِ مَا سَبَّتْهُ الْيَهُودُ. ) نقض الامام أبي سعيد على المرسي العنيد

 

قال تعالى (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَكَّامٌ ، عَنْ عَمْرٍو ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) قَالَ : عَجِبَتِ الْيَهُودُ فَقَالَتْ : إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ يَسْتَقْرِضُ! فَنَزَلَتْ : " لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ " ) جامع البيان في تأويل القران

وَ هَذَا مِنَ التَقَوُّلِ عَلَى اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ

قال تعالى (إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة

قال تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف

وَ  أصْحَابُهُ مِنَ الكَاذِبِينَ عَلَى اللهِ

قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) هود

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ وَهِشَامٌ قَالَا حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ قَالَ بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ قَالَ يَا ابْنَ عُمَرَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْوَى فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُدْنَى الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ وَقَالَ هِشَامٌ يَدْنُو الْمُؤْمِنُ حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا يَقُولُ أَعْرِفُ يَقُولُ رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ فَيَقُولُ سَتَرْتُهَا فِي الدُّنْيَا وَأَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ وَأَمَّا الْآخَرُونَ أَوْ الْكُفَّارُ فَيُنَادَى عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَقَالَ شَيْبَانُ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ ) بَاب قَوْلِهِ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ وَاحِدُهُ شَاهِدٌ مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ

 

النَوْعُ الخَامِسُ مِنَ الالحْاَدِ وُهُوَ تَعْطِيلُ مَعَانِي أسْمَاء اللهِ وَ جَحْدُ حَقَائِقِهَا

قال عثمان بن سعيد الدارمي  (وَمَا لَنَا نَرَى أَنْ يَبْلُغَ غَدًا قَوْمٌ فِي تَعْطِيلِ صِفَاتِ اللَّهِ مَا بَلَغَ بِهَذِهِ الْعِصَابَةِ عَدْلُهُمْ فِي تَعْطِيلِهِا، حَتَّى أَنْكَرُوا سَابِقَ عِلْمِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَمَا الْخَلْقُ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوا، ثُمَّ قَالُوا: مَا نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ يَعْلَمُ مَا فِي الأَرْضِ، وَلَكِنْ عِلْمُ اللَّهِ هُوَ اللَّهُ بِزَعْمِهِمْ، وَاللَّهُ بِزَعْمِهِمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، لَيْسَ لَهُ عِلْمٌ بِهِ يَعْلَمُ   وَلا هُوَ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَلا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، إِنَّمَا سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِلْمُهُ بِزَعْمِهِمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَلا السَّمْعُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ الْبَصَرِ، وَلا الْبَصَرُ غَيْرُ السَّمْعِ، وَلا الْعِلْمُ غَيْرُ الْبَصَرِ، هُوَ كُلُّهُ بِزَعْمِهِمْ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَعِلْمٌ، وَهُوَ بِكُلِّيَّتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، إِنْ عَلِمَ عَلِمَ بِكُلِّهِ، وَإِنْ سَمِعَ سَمِعَ بِكُلِّهِ، وَإِنْ رَأَى رَأَى بِكُلِّهِ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ بِمَنْزِلَةِ النَّظَرِ وَالْمُشَاهَدَةِ، لا يَعْلَمُ بِالشَّيْءِ حَتَّى يَكُونَ، فَإِذَا كَانَ الشَّيْءُ عَلِمَ بِهِ عِلْمَ كَيْنُونَتِهِ، لا بِعِلْمٍ لَمْ يَزَلْ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَثَ الشَّيْءُ كَانَ هُوَ عِنْدَ الشَّيْءِ، وَمَعَهُ الشَّيْءُ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، كَانَ هُوَ يَدُلُّ الشَّيْءَ بِزَعْمِهِمْ مِنْ مَكَانِهِ، فَذَلِكَ إِحَاطَةُ عِلْمِ اللَّهِ بِالأَشْيَاءِ عِنْدَهُمْ، لا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بشَيْءٍ مِنْهَا فِي نَفْسِهِ قَبْلَ كَيْنُونَتِهِ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ، هَذَا هُوَ الرَّدُّ لِكِتَابِ اللَّهِ وَالْجُحُودُ لآيَاتِ اللَّهِ، وَصَاحِبُ هَذَا الْمَذْهَبِ يُخْرِجُهُ مَذْهَبُهُ إِلَى مَذْهَبِ الزَّنْدَقَةِ حَتَّى لا يُؤْمِنَ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ) الرد على الجهمية

قال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني (فَإِن مذهبنا فيه ومذهب السلف إِثباته وإِجراؤه عَلَى الظاهر ونفي الكيفية والتشبيه عنه، وقد نفى قوم الصفات فأبطلوا ما أثبته اللَّه تعالى، وتأولها قوم خلاف الظاهر فخرجوا من ذلك إِلَى ضرب من التعطيل والتشبيه ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2

وَ مِنْ أمْثِلَةِ التَعْطِيلِ

جاء في مسند الحميدي (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ:  السُّنَّةُ عِنْدَنَا  َالإِقْرارُ بالرُّوْيةِ بَعْدَ الموتِ، ومَا نَطقَ بهِ القُرآنُ وَالحديثُ مِثلُ: (  وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ )  وَمِثْلُ: (  وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ )،   ومَا أَشبَهَ هَذَا مِنَ القُرآنِ وَالحديثِ، لا نَزيدُ فِيهِ، وَلا نُفَسِّرُهُ، نقِفُ عَلَى مَا وَقفَ عَليهِ القُرآنُ والسَّنَّةُ، وَنَقُولُ: (  الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى )، ومنْ زعمَ غيرَ هَذَا، فَهوَ مُعَطِّلٌ جَهْميٌ )

قال عبد الله بن الامام أحمد (ذَكَرَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ : لَمَّا تَكَلَّمَ ابْنُ عُلَيَّةَ قُلْتُ لِلْحَجَّاجِ الأَعْوَرِ :  بَيِّنَ لَنَا عَلِّمْنَا أَيَّ شَيْءٍ يُرِيدُونَ بِمَخْلُوقٍ ؟ قَالَ : يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ ، وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى : سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ عَنْ مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَيُّ شَيْءٍ يُرِيدُونَ ؟ قَالَ : التَّعْطِيلَ ) كتاب السنة

قال عثمان بن سعيد الدارمي (وَادَّعَى الْمَرِيسِيُّ أَيْضًا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) ، ( وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) أَنَّهُ يَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ، وَيَعْرِفُ الْأَلْوَانَ، بِلَا سَمْعٍ وَلَا بَصَرٍ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: (  بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ).يَعْنِي: عَالِمٌ بِهِمْ، لَا أَنَّهُ يُبْصِرُهُمْ بِبَصَرٍ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ بِعَيْنٍ، فَقَدْ يُقَالُ لِأَعْمَى: مَا أَبْصَرَهُ، أَيْ: مَا أَعْلَمَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْصِرُ بِعَيْنٍ.فَيُقَالُ لِهَذَا الْمَرِيسِيِّ الضَّالِّ: الْحِمَارُ، وَالْكَلْبُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ إِلَهٍ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ يَسْمَعُ الْأَصْوَاتَ بِسَمْعٍ، وَيَرَى الْأَلْوَانَ بِعَيْنٍ، وَإِلَهُكَ، بِزَعْمِكَ، أَعْمَى، أَصَمُّ، لَا يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَلَكِنْ يُدْرِكُ الصَّوْتَ كَمَا يُدْرِكُ الْحِيطَانُ وَالْجِبَالُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا   أَسْمَاعٌ، وَيَرَى الْأَلْوَانَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَا يُبْصِرُ فِي دَعْوَاكَ. فَقَدْ جَمَعْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ  فِي دَعْوَاكَ هَذِهِ جَهْلًا وَكُفْرًا، أَمَّا الْكُفْرُ فَتَشْبِيهُكَ اللَّهَ تَعَالَى بِالْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ وَلَا يَرَى، وَأَمَّا الْجَهْلُ فَمَعْرِفَةُ النَّاسِ، بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَنْ يُقَالَ لِشَيْءٍ: هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، وَالْأَعْمَى مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حُجِبَ. فَإِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ مَا قُلْنَا، فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ وَنَحْنُ نَقُولُ: اللَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، ثُمَّ نَفَيْتَ عَنْهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ اللَّذَيْنِ هُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ، وَنَفَيْتَ عَنْهُ الْعَيْنَ، وَكَمَا يَسْتَحِيلُ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ، فَهُوَ فِي اللَّهِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ أَشَدُّ اسْتِحَالَةً ) نقض الامام أبي سعيد على المرسي العنيد

قال أبو القاسم الأصبهاني (حكى إِسماعيل بْن زرارة قَالَ : سمعت أبا زرعة الرازي يقول : المعطلة النافية الذين ينكرون صفات اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي وصف بها نفسه فِي كتابه وعلى لسان نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ويكذبون بالأخبار الصحاح الَّتِي جاءت عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصفات ويتأولونها بآرائهم المنكوسة عَلَى موافقة ما اعتقدوا من الضلالة وينسون رواتها إِلَى التشبيه ، فمن نسب الواصفين ربهم تبارك وتعالى بما وصف به نفسه فِي كتابه وعلى لسان نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير تمثيل ولا تشبيه إِلَى التشبيه فهو معطل ناف ويستدل عليهم بنسبتهم إِياهم إِلَى التشبيه أنهم معطلة نافية ، كذلك كَانَ أهل العلم يقولون منهم : عَبْد اللَّهِ بْن المبارك ، ووكيع بْن الجراح ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2

 

 قال أبو الحسن الملطي ( الجهمية وهم ثماني فرق وَمِنْهُم صنف قَالُوا لَا نقُول إِن الله بَائِن من الْخلق وَلَا غير بَائِن وَلَا فَوْقهم وَلَا تَحْتهم وَلَا بَين أَيْمَانهم وَلَا عَن شمائلهم وَلَا هُوَ أعظم من بعوض وَلَا قراد وَلَا أَصْغَر مِنْهَا وَلَا نقُول هَذَا وَلَا نقُول إِن الله قوي وَلَا شَدِيد وَلَا حَيّ وَلَا ميت وَلَا يغْضب وَلَا يرضى وَلَا يسْخط وَلَا يحب وَلَا يعجب وَلَا يرحم وَلَا يفرح وَلَا يسمع وَلَا يبصر وَلَا يقبض وَلَا يبسط وَلَا يضع وَلَا يرفع تَعَالَى الله عَمَّا يَقُولُونَ علوا كَبِيرا ) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص 98.


النَوْعُ السَادِسُ مِنْ أنْوَاعِ الالْحَادِ : اعْتِقَادُ أنَّ أسْمَاءَ اللهِ وَ صِفَاتِهِ مَخْلُوقَةٌ

 

وَ هَذَا كَقَوْلِ كُفَّارِ قُرَيْش فِي القُرْاَنِ

قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الفرقان

قال تعالى (إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) القلم

قال تعالى (وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ  مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ )ص

وَ القُرْاَنُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى

قال البخاري (بَاب قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ فَسَمَّى اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ شَيْئًا وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ وَقَالَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) باب قل أي شيء أكبر شهادة قل الله

قال عثمان بن سعيد الدارمي (وَالزِّنْدِيقُ مُعَطِّلٌ لِلَّهِ، جَاحِدٌ بِالرُّسُلِ وَالْكُتُبِ، وَمَا يُعْرَفُ فِي الإِسْلامِ زَنَادِقَةٌ غَيْرُ هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةِ، وَأَيُّ زَنْدَقَةٍ بِأَظْهَرَ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الإِسْلامَ فِي الظَّاهِرِ، وَفِي الْبَاطِنِ يُضَاهِي قَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ قَوْلَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ الَّذِينَ رَدُّوا عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالُوا: ( إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ ) ،  ( إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ ) ، ( إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ )، كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ سَوَاءٌ: إِنْ هَذَا إِلا مَخْلُوقٌ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَئِمَّةُ سَوْءٍ أَقْدَمُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ، وَهُمْ عَادٌ قَوْمُ هُودٍ، الَّذِينَ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ: ( سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ   إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ   وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ )، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَهْمِيَّةِ وَبَيْنَهُمْ حَتَّى نَجْبُنَ عَنْ قَتْلِهِمْ وَإِكْفَارِهِمْ؟ ) الرد على الجهمية

قال عثمان بن سعيد الدارمي (فَمَا أخبر الله تَعَالَى عَن مُشْركي قُرَيْش من تكذيبهم بِالْقُرْآنِ فَكَانَ من أَشد مَا أخبر عَنْهُم من التَّكْذِيب أَنهم قَالُوا هُوَ مَخْلُوق كَمَا قَالَت الْجَهْمِية سَوَاء، قَالَ الوحيد: وَهُوَ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} وَهَذَا قَول جهم إِن هَذَا إِلَّا مَخْلُوق وَكَذَلِكَ قَول من يَقُول بقوله، وَقَول من قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ} و {إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} و {إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ} معناهم فِي جَمِيع ذَلِك وَمعنى جهم بن صَفْوَان فِي قَوْله يرجعان إِلَى أَنه مَخْلُوق لَيْسَ بَينهمَا فِيهِ من البون كغرز إبرة وَلَا كقيس شَعْرَة. فَبِهَذَا نكفرهم كَمَا أكفر الله بِهِ أئمتهم من قُرَيْش، وَقَالَ: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} إِذا قَالَ: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} لِأَن كل إفْك وَتقول وسحر واختلاق وَقَول الْبشر، كُله لَا شكّ فِي أَنه مَخْلُوق. فاتفق من الْكفْر بَين الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وجهم ابْن صَفْوَان: الْكَلِمَة وَالْمرَاد فِي الْقُرْآن أَنه مَخْلُوق فَهَذَا الْكتاب النَّاطِق فِي إكفارهم ) الرد على الجهمية

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي (َقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)  وَقَالَ: ( وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا )  كَذَلِكَ قَالَ فِي الِاسْمِ: ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) .كَمَا يُسَبِّحُ اللَّهَ وَلَوْ كَانَ مَخْلُوقًا مُسْتَعَارًا غَيْرَ اللَّهِ، لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ أَنْ يُسَبِّحَ مَخْلُوقٌ غَيْرَهُ، وَقَالَ: (  لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) .ثُمَّ ذَكَرَ الْآلِهَةَ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ بِأَسْمَائِهَا الْمُسْتَعَارَةِ الْمَخْلُوقَةِ.فَقَالَ:  ( إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ) وَكَذَلِكَ قَالَ هُودٌ لِقَوْمِهِ حِينَ قَالُوا: ( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ) .فَقَالَ لَهُمْ يَنْهَاهُمْ: (  أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ )  يَعْنِي أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَزَلْ، كَمَا لَمْ يَزَلِ اللَّهُ، وَأَنَّهَا بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الْمَخْلُوقَةِ الَّتِي أَعَارُوهَا لِلْأَصْنَامِ وَالْآلِهَةِ الَّتِي عَبَدُوهَا مِنْ دُونِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَسْمَاءُ اللَّهِ بِخِلَافِهَا، فَأَيُّ تَوْبِيخٍ لِأَسْمَاءِ الْآلِهَةِ الْمَخْلُوقَةِ، إِذَا كَانَتْ أَسْمَاؤُهَا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ مَخْلُوقَةً مُسْتَعَارَةً عِنْدَكُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكُلُّهَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْعِبَادِ وَمِنْ تَسْمِيَةِ آبَائِهِمْ بِزَعْمِكُمْ؟ فَفِي دَعْوَى هَذَا الْمُعَارِضِ أَنَّ الْخَلْقَ عَرَّفُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ بِأَسْمَاءٍ ابْتَدَعُوهَا، لَا أَنَّ اللَّهَ عَرَّفَهُمْ بِهَا نَفْسَهُ، فَأَيُّ تَأْوِيلٍ أَوْحَشَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ مِنْ أَنْ يَتَأَوَّلَ رَجُلٌ أَنَّهُ كَانَ كَشَخْصٍ مَجْهُولٍ، أَوْ بَيْتٍ، أَوْ شَجَرَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ، لَمْ يُشْتَقَّ لِشَيْءٍ مِنْهَا اسْمٌ، وَلَمْ يُعْرَفْ مَا هُوَ، حَتَّى عَرَّفَهُ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟ وَلَا تُقَاسُ أَسْمَاءُ اللَّهِ بِأَسْمَاءِ الْخَلْقِ، لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْخَلْقِ مَخْلُوقَةٌ مُسْتَعَارَةٌ، وَلَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ نَفْسَ صِفَاتِهِمْ، بَلْ هِيَ مُخَالِفَةٌ لِصِفَاتِهِمْ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ صِفَاتُهُ، لَيْسَ شَيْءٌ مُخَالِفًا لِصِفَاتِهِ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ مُخَالِفًا لِلْأَسْمَاءِ. فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ، أَوْ مُسْتَعَارَةٌ، فَقَدْ كَفَرَ، وَفَجَرَ ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ: اللَّهُ فَهُوَ اللَّهُ، وَإِذَا قُلْتَ: الرَّحْمَنُ فَهُوَ الرَّحْمَنُ وَهُوَ اللَّهُ، وَإِذَا قُلْتَ: الرَّحِيمُ فَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِذَا قُلْتَ: حَكِيمٌ، حَمِيدٌ، مَجِيدٌ، جَبَّارٌ، مُتَكَبِّرٌ، قَاهِرٌ، قَادِرٌ فَهُوَ كَذَلِكَ اللَّهُ سَوَاءٌ، لَا يُخَالِفُ اسْمٌ لَهُ صِفَتَهُ، وَلَا صِفَتُهُ اسْمًا. وَقَدْ يُسَمَّى الرَّجُلُ حَكِيمًا وَهُوَ جَاهِلٌ، وَحَكَمًا وَهُوَ ظَالِمٌ، وَعَزِيزًا وَهُوَ حَقِيرٌ، وَكَرِيمًا وَهُوَ لَئِيمٌ، وَصَالِحًا وَهُوَ طَالِحٌ، وَسَعِيدًا وَهُوَ شَقِيٌّ، وَمَحْمُودًا وَهُوَ مَذْمُومٌ، وَحَبِيبًا وَهُوَ بَغِيضٌ، وَأَسَدًا، وَحِمَارًا، وَكَلْبًا، وَجِدْيًا، وَكُلَيْبًا، وَهِرًّا، وَحَنْظَلَةَ، وَعَلْقَمَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ كَأَسْمَائِهِ سَوَاءٌ، لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَلَا يَزَالُ، لَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةٌ، وَلَا اسْمٌ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قَبْلَ الْخَلْقِ، كَانَ خَالِقًا قَبْلَ الْمَخْلُوقِينَ، وَرَازِقًا قَبْلَ الْمَرْزُوقِينَ، وَعَالِمًا قَبْلَ الْمَعْلُومِينَ، وَسَمِيعًا قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ أَصْوَاتَ الْمَخْلُوقِينَ، وَبَصِيرًا قَبْلَ أَنْ يَرَى أَعْيَانَهُمْ مَخْلُوقَةً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .وَقَالَ اللَهُّ تَعَالَى:  ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) ، وَقَالَ مَرَّةً: ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) ، وَقَالَ مَرَّةً: اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، لِأَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ وَإِمَامُهُ الْمَرِيسِيُّ، لَكَانَ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ اسْتَوَيَا جَمِيعًا عَلَى الْعَرْشِ، إِذْ كَانَتْ أَسْمَاؤُهُ مَخْلُوقَةً عِنْدَهُمْ،) نقش الامام أبي سعيد على المريسي العنيد

 

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرٍ الأَثْرَمُ ، قَالَ : أَتَيْنَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَا وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ ، فَقَالَ لَنَا الْعَبَّاسُ . وَأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْعَبَّادِيُّ ، قَالَ : قُمْتُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، فَأَتَيْتُ عَبَّاسًا الْعَنْبَرِيَّ ، فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا تَكَلَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي ابْنِ مَعْذَلٍ ، فَسُرَّ بِهِ وَلَبِسَ ثِيَابَهُ ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ هَانِي ، فَدَخَلَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، فَابْتَدَأَ عَبَّاسٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قَوْمٌ هَاهُنَا حَدَّثُوا ، يَقُولُونَ لا نَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلا غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، قَالَ : هَؤُلاءِ أَضَرُّ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ عَلَى النَّاسِ ، وَيْلَكُمْ ، فَإِنْ لَمْ تَقُولُوا لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، فَقُولُوا مَخْلُوقٌ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَلامُ سُوءٍ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ فَقَالَ : الَّذِي أَعْتَقِدُهُ وَأَذْهَبُ إِلَيْهِ ، وَلا أَشُكُّ فِيهِ ، أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، ثُمَّ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَمَنْ يَشُكُّ فِي هَذَا ؟ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ اسْتِعْظَامًا لِلشَّكِّ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، فِي هَذَا شَكٌّ ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْخَلْقِ وَالأَمْرِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ : عَلَّمَ الْقُرْآنَ ، وَالْقُرْآنُ فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، أَيَّ شَيْءٍ تَقُولُونَ ؟ أَلا تَقُولُونَ إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ ؟ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَخْلُوقَةٌ ، فَقَدْ كَفَرَ ، لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدِيرًا ، عَلِيمًا ، عَزِيزًا ، حَكِيمًا ، سَمِيعًا ، بَصِيرًا ، لَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ لَيْسَتْ بِمَخْلُوقَةٍ ، وَلَسْنَا نَشُكُّ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ، وَهُوَ كَلامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَكِيمًا ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَأَيُّ كُفْرٍ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا وَأَيُّ كُفْرٍ أَكْفَرُ مِنْ هَذَا ؟ إِذَا زَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ ، فَقَدْ زَعَمُوا أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ ، وَأَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، وَلَكِنَّ النَّاسَ يَتَهَاوَنُونَ بِهَذَا وَيَقُولُونَ : إِنَّمَا يَقُولُونَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَيَتَهَاوَنُونَ وَيَظُنُّونَ أَنَّهُ هَيِّنٌ وَلا يَدْرُونَ مَا فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ ، قَالَ : فَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَبُوحَ بِهَذَا لِكُلِّ أَحَدٍ ، وَهُمْ يَسْأَلُونِي ، فَأَقُولُ : إِنِّي أَكْرَهُ الْكَلامَ فِي هَذَا ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ عَلَيَّ أَنِّي أَمْسِكُ ، قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : فَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَقَالَ : لا أَقُولُ أَسْمَاءُ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ ، وَلا عِلْمُهُ ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ، أَقُولُ : هُوَ كَافِرٌ ؟ فَقَالَ : هَكَذَا هُوَ عِنْدَنَا ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : نَحْنُ نَحْتَاجُ أَنْ نَشُكَّ فِي هَذَا ؟ الْقُرْآنُ عِنْدَنَا فِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، مَنْ قَالَ مَخْلُوقٌ ، فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا خَالِدٍ ، وَمُوسَى بْنَ مَنْصُورٍ وَغَيْرَهُمْ ، يَجْلِسُونَ فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ ، فَيَعِيبُونَ قَوْلَنَا ، وَيَدْعُونَ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ ، أَنْ لا يُقَالَ : مَخْلُوقٌ وَلا غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَيَعِيبُونَ مَنْ يَكْفُرْ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّا نَقُولُ بِقَوْلِ الْخَوَارِجُ ، ثُمَّ تَبَسَّمَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كَالْمُغْتَاظِ ، ثُمَّ قَالَ : هَؤُلاءِ قَوْمُ سُوءٍ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِلْعَبَّاسِ : وَذَاكَ السِّجِسْتَانِيُّ الَّذِي عِنْدَكُمْ بِالْبَصْرَةِ ، ذَاكَ خَبِيثٌ ، بَلَغَنِي أَنَّهُ قَدْ وَضَعَ فِي هَذَا يَوْمًا ، يَقُولُ : لا أَقُولُ مَخْلُوقٌ وَلا غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَذَاكَ خَبِيثٌ ، ذَاكَ الأَحْوَلُ ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : كَانَ يَقُولُ مَرَّةً بِقَوْلِ جَهْمٍ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مَا يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ جَهْمٍ إِلا الشَّفَاعَةَ ) كتاب السنة

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي ابْنُ شَبُّوَيْهِ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُمَنْ قَالَ شَيْءٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل مَخْلُوقٌ عِلْمُهُ أَوْ كَلامُهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ لا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلا يُصَلَّى خَلْفَهُ وَيُجْعَلُ مَالُهُ كَمَالِ الْمُرْتَدِّ وَيُذْهَبُ فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ إِلَى مَذْهِبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ

سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، يَقُولُ : إِذَا قَالَ الرَّجُلُ : الْعِلْمُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ حَتَّى خَلَقَهُ) كتاب السنة

جاء في مسائل أحمد  لأبي داود السجستاني (سَمِعْتُ أَحْمَدَ،   ذَكَرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: كُفْرٌ بَيِّنٌ )

وَ مِثْلَهُ مَنْ قَالَ أنَّ صِفَاتِ اللهِ الأخْرَى مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ لأنَّهُ يَزْعُمُ أنَّ الله لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا حَتىّ خََلَقَهَا 

قال ابن بطة العكبري (َحَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَمْزَةُ بْنُ الْقَاسِمِ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَسُئِلَ عَنْ مَنْ قَالَ: الإِيمَانُ مَخْلُوقٌ فَقَالَ: هَذَا كَلامُ سُوءٍ رَدِيءٌ، وَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " الإِيمَانُ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ "، فَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مَخْلُوقٌ؟ مَنْ قَالَ هَذَا، فَهُوَ قَوْلُ سُوءٍ، يُدْعَوْ إِلَى كَلامِ جَهْمٍ، يُحَذَّرُ عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْكَلامِ، وَلا يُجَالَسُ، وَلا يُكَلَّمُ حَتَّى يَرْجِعَ وَيَتُوبَ، وَهَذَا عِنْدِي يَدْعُو إِلَى كَلامِ جَهْمٍ، الإِيمَانُ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، مَخْلُوقٌ هُوَ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ، ( لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ )، فَهَذِهِ صِفَاتُهُ وَأَسْمَاؤُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الإِيمَانُ شَهَادَةُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ " فَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مَخْلُوقٌ، فَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ الْجَهْمِيَّةِ، يُحَذَّرُ عَنْ صَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَصِفَاتُ اللَّهِ وَأَسْمَاؤُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَهَذِهِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِمًا، فَمَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ قَالَ مَقَالَةَ الْجَهْمِيَّةِ ) الابانة الكبرى

قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ عَمَّنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: " مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَأَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) أَفَلَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ؟ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتَهُ مَخْلُوقَةٌ فَهُوَ كَافِرٌ لا يُشَكُّ فِي ذَلِكَ، إِذَا أَعْتَقَدَ ذَلِكَ، وَكَانَ رَأْيُهُ وَمَذْهَبُهُ وَكَانَ دِينًا يَتَدَيَّنُ بِهِ كَانَ عِنْدَنَا كَافِرٌ ) الشريعة

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ بِمِصْرَ فِي أَوَّلِ لُقْيَةٍ لَقِيتُهُ فِي مَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْحِكَايَةِ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْتُ كَتَبْتُهَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ قَبْلَ خُرُوجِي إِلَى مِصْرَ، فَحَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: مَنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ فَحَنِثَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ؛ لأَنَّ اسْمَ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ؛ لأَنَّهُ مَخْلُوقٌ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

جاء في سيرة الإمام أحمد لابنه صالح ص52 (قَالَ أَبِي :  لَمَّا كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لِلَيْلَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ حُوِّلْتُ مِنَ السِّجْنِ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، وَأَنَا مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ وَاحِدٍ يُوَجَّهُ إِلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَجُلانِ سَمَّاهُمَا أَبِي ، قَالَ أَبُو الْفَضْلِ : وَهُمَا أَحْمَدُ بْنُ رَبَاحٍ ، وَأَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّاجُ, يُكَلِّمَانِي وَيُنَاظِرَانِي ، فَإِذَا أَرَادَا الانْصِرَافَ دَعَوْا بِقَيْدٍ فَقُيِّدْتُ بِهِ ، فَمَكَثْتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَصَارَ فِي رِجْلَيَّ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ ، فَقَالَ لِي أَحَدُهُمَا فِي بَعْضِ الأَيَّامِ فِي كَلامٍ دَارَ بَيْنَنَا وَسَأَلْتُهُ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ ، فَقَالَ : عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا كَافِرُ كَفَرْتَ ، فَقَالَ لِي الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مَعَهُمْ مِنْ قِبَلِ إِسْحَاقَ : هَذَا رَسُولُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ هَذَا زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ كَالْمُنْكِرِ عَلَيْهِ مَا قَالَ ثُمَّ انْصَرَفَا ، قَالَ أَبِي : وَأَسْمَاءُ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ وَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ فَقَدْ كَفَرَ )

قال اللالكائي ( قال تبارك وتعالى: (  فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) .وقال تعالى: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ) .ومن أعظم الشرك أن يقال: إن العبادة لاسمه، واسمه مخلوق، وقد أمر بالعبادة للمخلوق وهذا قول المعتزلة، والنجارية، وغيرهم من أهل البدع والكفر والضلالة ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

أمّا  المُسْلِمُ فَيَتْعَقِدُ أنَّ أسْمَاءُ اللهِ وَ صِفَاتُهُ كُلُّّهَا بَالِغَةُ في الحُسْنِ وَ الكَمَالِ وَ العُلُوِ  وَ لاَ يَصِفُ اللهُ بِمَا فِيهِ نُقْصٌ  

قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الاعراف

قال تعالى (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل

و قال تعالى (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الحكيم ) الروم

قال تعالى (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ) الأعلى

 قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة

قال البخاري (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنْ اللَّهِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ قُلْتُ سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَرَفَعَهُ قَالَ نَعَمْ ) كتاب تفسير القران - بَاب قَوْلِهِ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَوْلُهُ :  ( الصَّمَدُ )، يَقُولُ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ  الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ صِفَةٌ لا تَنْبَغِي إِلا لَهُ لَيْسَ لَهُ كُفُوٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) جامع البيان في تأويل القران و ذكره كذلك أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي الْحُسَيْنُ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا قَالَ: وَمِنْ أَسْمَائِهِ الْعَزِيزُ وَالْجَبَّارُ وَكُلُّ أَسْمَاءِ اللَّهِ حَسَنٌ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

 

 

وَ يُنَزِهُ الله عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مُشَابَهَةِ المَخْلُوقِينَ فَلاَ مَثِيلَ لَهُ سُبْحَانُهُ فِي أفْعَالِهِ وَ أسِمَاءِهِ وَ صِفَاتِهِ

قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) الفاتحة

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا   بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو رَوْقٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ جِبْرِيلُ لِمُحَمَّدٍ : "يَا مُحَمَّدُ قُلْ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) " ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَقُولُ : قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ كُلُّهُ - السَّمَوَاتُ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَالْأَرَضُونَ كُلُّهُنَّ وَمَنْ فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ ، مِمَّا يُعْلَمُ وَمِمَّا لَا يُعْلَمُ . يَقُولُ : اعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّ رَبَّكَ هَذَا لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى

قال تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ   اللَّهُ الصَّمَدُ   لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ   وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) الاخلاص

جاء في  فضائل القران لابن الضريس (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سَابِقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ رَبِيعٍ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ  وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )،: قَالَ قَتَادَةُ الأَحْزَابُ، قَالُوا: انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ؟ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ بِهَذِهِ السُّورَةِ:   ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ  اللَّهُ الصَّمَدُ  لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ  وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ، فَالصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَلِدُ إِلا سَيُوَرَّثُ، وَلا مَنْ يُولَدُ إِلا سَيَمُوتُ، فَأَخْبَرَهُمْ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لا يُورَثُ وَلا يَمُوتُ، وَلَيْسَ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَلَيْسَ لَهُ شَبِيهٌ وَلا عَدْلٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قوله: (  وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) : لَمْ يَكُنْ لَهُ شَبِيهٌ، وَلا عِدْلٌ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) مريم

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي عَلَيٌّ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلَيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) يَقُولُ : هَلْ تَعْلَمُ لِلرَّبِّ مَثَلًا أَوْ شَبِيهًا .

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، فِي قَوْلِهِ ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) قَالَ : يَقُولُ : لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مِثْلَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل

قال  عثمان بن سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ ، ثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :  لَيْسَ لِلَّهِ مثل ) نقضه على المريسي

قال الدارقطني في الصفات (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، ثنا عِيسَى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ :   كُلُّ شَيْءٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ ، فَقِرَاءَتُهُ تَفْسِيرُهُ ، لا كَيْفَ وَلا مِثْلَ ) مَا جَاءَ فِي الْحَثَيَاتِ للَّهِ بِيَدِهِ

قال عثمان بن سعيد الدارمي ( فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ الْمُدَلِّسِ بِالتَّشْنِيعِ : أَمَّا قَوْلُكَ : إِنَّ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَتَشْبِيهَهَا بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَلْقِ خَطَأٌ ، فَإِنَّا لَا نَقُولُ : إِنَّهُ خَطَأٌ كَمَا قُلْتَ بَلْ هُوَ عِنْدَنَا كُفْرٌ ، وَنَحْنُ لِكَيْفِيَّتِهَا وَتَشْبِيهِهَا بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْخَلْقِ أَشَّدُ أَنَفًا مِنْكُمْ ، غَيْرَ أَنَّا كَمَا لَا نُشَبِّهُهَا ، وَلَا نُكَيِّفُهَا ، لَا نَكْفُرُ بِهَا ، وَلَا نُكَذِّبُ ، وَلَا نُبْطِلُهَا بِتَأْوِيلِ الضَّلَالِ ، كَمَا أَبْطَلَهَا إِمَامُكَ الْمَرِيسِيُّ فِي أَمَاكِنَ مِنْ كِتَابِكَ ، سَنُبَيِّنُهَا لِمَنْ غَفَلَ عَنْهَا ، مِمَّنْ حَوَالَيْكَ مِنَ الْأَغْمَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد

قال أبو القاسم الأصبهاني قوام السنة  (فصل فِي نفي مشابهة صفات اللَّه لصفات خلقه روى يوسف بْن موسى قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ، يعني أَحْمَد بْن حنبل يقول: لا تشبهوا اللَّه بخلقه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )

قال أهل السنة: نصف الله بما وصف به نفسه، ونؤمن بذلك إذ كان طريق الشرع الاتباع لا الابتداع، مع تحقيقنا أن صفاته لا يشبهها صفات، وذاته لا يشبهها ذات، وقد نفى الله تَعَالَى عن نفسه التشبيه.بقوله: (  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) .فمن شبه الله بخلقه فقد كفر، وأثبت لنفسه صفات الله فقال ( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )  وليس فِي إثبات الصفات مَا يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس فِي إثبات الذات مَا يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: (  لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) دليل عَلَى أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات ) الحجة في بيان المحجة و شرح عقيدة أهل السنة

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ غِيَاثٍ، ثنا حَنْبَلٌ،قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَالْمُشَبِّهَةُ مَا يَقُولُونَ؟ قَالَ: بَصَرٌ كَبَصَرِي، وَيَدٌ كَيَدِي، وَقَدَمٌ كَقَدَمِي، فَقَدْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ وَهَذَا كَلامُ سُوءٍ، وَالْكَلامُ فِي هَذَا لا أُحِبُّهُ، وَأَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الزَّلَلِ، وَالارْتِيَابِ، وَالشَّكِّ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، ثنا الصَّيْدَلانِيُّ، ثنا الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ، قَالَ " نُمِرُّهَا كَمَا جَاءَتْ " ) الابانة الكبرى

قال الترمذي (قَالَ إِسْحَاق بْنُ إِبْرَاهِيمَإِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ: يَدٌ كَيَدٍ أَوْ مِثْلُ يَدٍ أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ، فَإِذَا قَالَ: سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَهَذَا التَّشْبِيهُ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ: كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ " وَلَا يَقُولُ كَيْفَ، وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ وَلَا كَسَمْعٍ، فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهًا، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ: ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ) الجامع

 

وَ يَعْتَقِدُ أنَّ أسْمَاءَ اللهِ تَوْقِيفِيَةٌ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ الوَحْيُ

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة

قال تعالى ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) الأعراف

قال تعالى (قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ ) يونس

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ غِيَاثٍ، ثنا حَنْبَلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: نَعْبُدُ اللَّهَ بِصِفَاتِهِ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، قَدْ أَجْمَلَ الصِّفَةَ لِنَفْسِهِ، وَلا نَتَعَدَّى الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ، فَنَقُولُ كَمَا قَالَ وَنِصِفُهُ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلا نَتَعَدَّى ذَلِكَ) الابانة الكبرى  -  بَابٌ جَامِعٌ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ

قال البربهاري ( واعلم رحمك الله أن الكلام في الرب تعالى محدث وهو بدعة وضلالة، ولا يتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه عز و جل في القرآن وما بين رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه ) شرح السنة  9

 

وَ يَعْتَقِدُ أنَّ هَذِهِ الأسْمَاء أزَلِيَةٌ دَائِمَةٌ أبَدِيَةٌ

قال تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد

قال تعالى (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) القصص

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ أَوْ بَلَغَنِي عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ: يَا عِبَادِي: إِنِّي قَدْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ مُحَرَّمًا بَيْنَكُمْ فَلا تَظَالَمُوا، يَا عِبَادِي: إِنَّكُمُ الَّذِينَ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ، وَلا أُبَالِي، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ   يَا عِبَادِي: كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِي: كُلُّكُمْ عَارٍ إِلا مِنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِي: لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ عَبْدٍ مِنْكُمْ، لَمْ يَزِدْ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، وَلَوْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ، لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا . و كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَى عَلَى رُكْبَتَيْهِ ) الأدب المنفرد

قال البخاري (قَالَ طَاوُسٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ  : ( وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا  ) سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ ) كتاب تفسير القران - سورة حم السجدة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى الرَّازِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ : سَمِعْتُ اللَّهَ، يَقُولُ: وَكَانَ اللَّهُ كَأَنَّهُ شَيْءٌ كَانَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَّا قَوْلُهُ: وَكَانَ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، وَهُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال أحمد بن حنبل (بل نقول: إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء ولا نقول: إنه كان ولا يتكلم حتى خلق الكلام. ولا نقول: إنه قد كان لا يعلم حتى خلق علمًا فعلم، ولا نقول: إنه قد كان ولا قدرة له حتى خلق لنفسه القدرة، ولا نقول: إنه كان قد كان ولا نور له حتى خلق لنفسه نورًا، ولا نقول: إنه قد كان ولا عظمة له حتى خلقه لنفسه عظمة... إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ بِصِفَاتِهِ كُلِّهَا ، أَلَيْسَ إِنَّمَا نَصِفُ إِلَهًا وَاحِدًا بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ ) كتاب الرد على الجهمية والزنادقة

قال ابن بطة العكبري (لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ بِقَوْلِهِ، وَعِلْمِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَسُلْطَانِهِ، وَجَمِيعِ صِفَاتِهِ إِلَهًا وَاحِدًا، وَهَذِهِ صِفَاتُهُ قَدِيمَةٌ بِقِدَمِهِ، أَزَلِيَّةٌ بِأَزَلِيَّتِهِ، دَائِمَةٌ بِدَوَامِهِ، بَاقِيَةٌ بِبَقَائِهِ، لَمْ يَخْلُ رَبُّنَا مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَإِنَّمَا أَبْطَلَ الْجَهْمِيُّ صِفَاتِهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ إِبْطَالَهُ ) الابانة الكبرى

قال عثمان بن سعيد الدارمي (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عز وجل  لَمْ يَزَلْ عَالِمًا بِالْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَلا يَزَالُ بِهِمْ عَالِمًا، لَمْ يَزْدَدْ فِي عِلْمِهِ بِكَيْنُونَةِ الْخَلْقِ خَرْدَلَةً وَاحِدَةً وَلا أَقَلَّ مِنْهَا وَلا أَكْثَرَ، وَلَكِنْ خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَى مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، وَمِنْ عِنْدِهِ بَدَأَ الْعِلْمُ، وَهُوَ عَلَّمَ الْخَلْقَ مَا لَمْ يَعْلَمُوا، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ( عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) ، وَقَالَ لِلْمَلائِكَةِ: ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) ) الرد على الجهمية

قال أبو الشيخ (قَرَأَ عَلَيْنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوَّلٌ، لَمْ يَزَلْ أَوَّلا، وَلَيْسَ بِالأَوَّلِ الَّذِي كَانَ أَوَّلَ مَا كَانَ مِنَ الأَشْيَاءِ، وَقَدْ كَانَ هُوَ الآخِرَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ لَيْسَ بِالآخِرِ الَّذِي يَكُونُ آخِرًا، ثُمَّ لا يَكُونُ، وَهُوَ الآخِرُ الَّذِي لا يَفْنَى، وَالأَوَّلُ الَّذِي لا يَبِيدُ، الْقَدِيمُ الَّذِي لا بِدَايَةَ لَهُ لَمْ يَحْدُثْ كَمَا حَدَثَتِ الأَشْيَاءُ لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا فَكَبِرَ، وَلا ضَعِيفًا فَقَوِيَ، وَلا نَاقِصًا فَتَمَّ، وَلا جَاهِلا فَعَلِمَ، لَمْ يَزَلْ قَوِيًّا عَالِيًا كَبِيرًا مُتَعَالِيًا لَمْ تَأْتِ طَرْفَةُ عَيْنٍ قَطُّ إِلا وَهُوَ اللَّهُ، لَمْ يَزَلْ رَبًّا، وَلا يَزَالُ أَبَدًا كَذَلِكَ فِيمَا كَانَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا بَقِيَ يَكُونُ، وَكَذَلِكَ هُوَ الآنَ لَمْ يَسْتَحْدِثْ عِلْمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَلا قُوَّةً بَعْدَ قُوَّةٍ لَمْ تَكُنْ فِيهِ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ بِزِيَادَةٍ، وَلا نُقْصَانٍ لأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْمُلْكِ وَالْعَظَمَةِ شَيْءٌ إِلا وَهُوَ فِيهِ، وَلَنْ يَزِيدَ أَبَدًا عَنْ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ إِنَّمَا يَزِيدُ مَنْ سَيَنْقُصُ بَعْدَ زِيَادَةٍ كَمَا كَانَ قَبْلَ زِيَادَتِهِ نَاقِصًا، وَإِنَّمَا يَزْدَادُ قُوَّةً مَنْ سَيَضْعُفُ بَعْدَ قُوَّتِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ زِيَادَتِهِ نَاقِصًا، وَإِنَّمَا يَزْدَادُ عِلْمًا مَنْ سَيَجْهَلُ بَعْدَ عِلْمِهِ كَمَا كَانَ قَبْلَ عِلْمِهِ جَاهِلا ) كتاب العظمة

 

وَ يَعْتَقِدُ أنَّ مَعَانِي هَذِهِ الأسْمَاء مَعْلُومَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ بِحَقِيقَتِهَا

قال تعالى (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ) الرعد

فَقَوْمُ عَاد سَألُوا:  مَنْ أشَدُّّ مِنَّا قَوَّة؟
فَأَجَابَهُمُ الله عَزَّ وَجَلَ بِقَوْلِهِ:  أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قوة

وَلاَ يِصَحُّّ أنِ يَكُونَ الجَوَابُ إلاَّّ مُوَافِقًًا للسُؤَالِ

قال أبو أحمد الكرجي القصاب ( 360 هـ ) (وقوله  تعالى (وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ) حجة على المعتزلة والجهمية فيما يزعمون: أن كل ما وُصف به المخلوق لم يجز أن يوصف به الخالق، من أجل التشبيه، وهذا نص القرآن ينكر على عاد ادعاء القوة، ويخبر أن الله أشد قوة منهم، والرد لا يكون إلا بمثله ) نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام ج4 ص68

وَلاَ شَكَّّ أنَّ قُوَةَ عَادٍ حَقِيقِيَةٌُ، وَ قُوَةُ اللهِ أيْضًا حَقِيقِيَةٌ وَلَكِنَّهَا أعْظَمُ

قال تعالى (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء

الفِعْلُ "كَلّم" في هَذِهِ الآيَةِ مُؤَكَّدُ بِالمَصْدَر "تَكْلِيمًا"، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أنّ اللهَ كَلّمَ مُوسَى حَقِيقَةً

قال أبو جعفر النحّاس (ت. 338هـ) ({وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} مصدر مؤكد، وأجمع النحويّون على أنك إذا أكدّت الفعل بالمصدر لم يكن مجازًا ... فكذا لما قال: {تكليمًا}، وَجَبَ أن يكون كلامًا على الحقيقة من الكلام الذي يُعقل ) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس  ج1 ص507

قال عثمان بن سعيد الدارمي (فَلَوْ لَمْ يُكَلِّمْهُ نَفْسُهُ إِلا عَلَى تَأْوِيلِ مَا ادَّعَيْتُمْ فَمَا فَضْلُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ تَكْلِيمِهِ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ مِمَّنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ؟ إِذْ كُلُّ الرُّسُلِ فِي تَكْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مِثْلُ مُوسَى، وَكُلٌّ عِنْدَكُمْ لَمْ يَسْمَعْ كَلامَ اللَّهِ، فَهَذَا مُحَالٌ مِنَ الْحُجَجِ، فَضْلا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَدًّا لِكَلامِ اللَّهِ وَتَكْذِيبًا لِكِتَابِهِ ) الرد على الجهمية

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْجِبَالَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلَائِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَرَأَ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَزَادَ فِيهِ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لَهُ

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ذُكِرَ الدَّجَّالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنِهِ وَإِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ) كتاب التوحيد

قال أبو داود (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَصْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ النَّسَائِيُّ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ يَعْنِي ابْنَ عِمْرَانَ حَدَّثَنِي أَبُو يُونُسَ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى سَمِيعًا بَصِيرًا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ إِبْهَامَهُ عَلَى أُذُنِهِ وَالَّتِي تَلِيهَا عَلَى عَيْنِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا وَيَضَعُ إِصْبَعَيْهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ الْمُقْرِئُ يَعْنِي إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ يَعْنِي أَنَّ لِلَّهِ سَمْعًا وَبَصَرًا قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا رَدٌّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ ) باب في الجهمية

قال مسلم (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْفَ يَحْكِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا اللَّهُ وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا أَنَا الْمَلِكُ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ) كتاب صفة القيامة والجنة والنار

قبَضَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ليُبَيّن أنَّ اللهَ يَقْبِضُ الأرْضَ حَقِيقَة

قال عبد الله ابن الامام أحمد (سَمِعْتُ أَبِيَ رَحِمَهُ اللَّهُ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، بِحَدِيثِ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ عَلَى أُصْبُعٍ "، قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ: جَعَلَ يَحْيَى يُشِيرُ بِأَصَابِعِهِ وَأَرَانِي أَبِي كَيْفَ جَعَلَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ يَضَعُ أُصْبُعًا أُصْبُعًا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا ) السنة

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: ثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ  ابْنِ  عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ  عز وجل : ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) ، قَالَ: أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَيْنَيْهِ )  شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 قال ابن جرير الطبري ( فإن قال لنا قائلٌ: فما الصواب من القول في معاني هذه الصفات التي ذكرت، وجاء ببعضها كتاب الله عز وجل ووحيه، وجاء ببعضها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

قيل: الصواب من هذا القول عندنا: أن نُثبت حقائقها على ما نعرف من جهة الإثبات، ونفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه –جل ثناؤه- فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }  ) التبصير في معالم الدين للطبري  ص140

 

أمَّا كَيْفِيَتُهَا فَلاَ يَعْلَمُهَا الاَّ اللهَ سُبْحَانَهُ فَلاَ نَبْحَثُ عَنْ الكَيْفِيَةِ بَلْ نُؤْمِنُ بِهَا بِغَيْرِ تَكْيِيفٍ وَ لاَ  تَحْرِيفٍ

قال تعالى (يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ) طه

قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ كُرْدِيٍّ ، قَالَ : نا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ " الأَحَادِيثِ الَّتِي يَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ فِي الصِّفَاتِ وَالإِسْرَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَقِصَّةِ الْعَرْشِ ؟ فَصَحَّحَهَا وَقَالَ : قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ ، تُسَلَّمُ الأَخْبَارُ كَمَا جَاءَتْ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذِهِ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الإِيمَانُ بِهَا ، وَلا يُقَالُ فِيهَا : كَيْفَ ؟ وَلِمَ ؟ بَلْ تُسْتَقْبَلُ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَتَرْكِ النَّظَرِ ) الشريعة

قال أبو داود (كَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ التَّوَهُّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا أَشْبَهَهُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، أُرِيدُ أَسْأَلُكَ، قَالَ: لا تَسْأَلْ، قُلْتُ: إِذَا لَمْ أَسْأَلُكَ فَمَنْ أَسْأَلُ؟، قَالَ: سَلْ، قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِيَتْ نَحْوَ: الْقُلُوبُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ، وَأَنَّ اللَّهَ يَضْحَكُ أَوَ يَعْجَبُ مِمَّنْ يَذْكُرُهُ فِي الأَسْوَاقِ، فَقَالَ: " أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلا كَيْفٍ " ) المراسيل مع الأسانيد

قال ابن أبي حاتم (قال الْهَيْثَم بْن خَارِجَة: سَمِعْتُ الْوَلِيد بْن مُسْلِم يَقُولُ: سألت الأَوْزَاعِيّ، وسفيان الثَّوْرِيّ، ومالك بْن أَنَس، والليث بْن سَعْد، عَنْ هذه الأحاديث التي فيها الصفة والرؤية والقرآن، فَقَالَ: أمروها كما جاءت بلا كيف ) العلل

قال أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني (وَقَالَ إِسْحَاقُ : لَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِي أَمْرِ اللَّهِ كَمَا يَجُوزُ الْخَوْضُ فِي أَمْرِ الْمَخْلُوقِينَ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَى اللَّهِ بِصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ يَفْهَمُ مَا يَجُوزُ التَّفَكُّرُ وَالنَّظَرُ فِي أَمْرِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالنُّزُولِ كُلَّ لَيْلَةٍ إِذَا مَضَى ثُلُثُهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كَمَا شَاءَ ، وَلَا يُسْأَلُ كَيْفَ نُزُولُهُ لِأَنَّ الْخَالِقَ يَصْنَعُ مَا يَشَاءُ كَمَا شَاءَ ) كتاب السنة من مسائل حرب بن إسماعيل الحنظلي الكرماني - باب: في النزول

 

 شِرْكٌ فِي المَحَبَّةِ

قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ، ثَنَا آدَمُ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ، يَقُولُ: يُحِبُّونَ تِلْكَ الْأَوْثَانَ كَحُبِّ اللَّهِ أَيْ: كَحُبِّ الَّذِينَ آمَنُوا رَبَّهُمْ

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ،   قَوْلُهُ: ( يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ) مُبَاهَاةٌ وَمُضَارَّةٌ وَمُضَاهَاةٌ لِلْحَقِّ، بِالْحُبِّ لِلأَنْدَادِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة

أمَّا أهْلُ الاسْلامِ فَيُحِبّونَ اللهَ

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) المائدة

 

 

بَيَانُ أنَّّ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ ضَلَالٌ مُّبِينٌ وَاضِحٌ لاَ خَفَاءَ فِيهِ

 

قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ  قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ  قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) الانبياء

قال ابن جرير الطبري (قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُهُ لِإِبْرَاهِيمَ : وَجَدْنَا آبَاءَنَا لِهَذِهِ الْأَوْثَانِ عَابِدِينَ ، فَنَحْنُ عَلَى مِلَّةِ آبَائِنَا نَعْبُدُهَا كَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ، ( قَالَ ) إِبْرَاهِيمُ ( لَقَدْ كُنْتُمْ ) أَيُّهَا الْقَوْمُ ( أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ ) بِعِبَادَتِكُمْ إِيَّاهَا ( فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) يَقُولُ : فِي ذَهَابٍ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ ، وَجَوْرٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ " مُبِينٍ " : يَقُولُ : بَيِّنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِعَقْلٍ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله تَعَالَى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَومه مَا هَذِه التماثيل الَّتِي أَنْتُم لَهَا عاكفون} أَي: الْأَصْنَام الَّتِي أَنْتُم عَلَيْهَا مقيمون لِلْعِبَادَةِ. قَوْله تَعَالَى: {قَالُوا وجدنَا آبَاءَنَا لَهَا عابدين} مَعْنَاهُ: وجدناهم كَذَلِك فاتبعناهم. قَوْله تَعَالَى: {قَالَ لقد كُنْتُم أَنْتُم وآباؤكم فِي ضلال مُبين} أَي: فِي خطأ بَين، والبين الْوَاضِح، والمبين الموضح ) تفسير السمعاني

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) الانعام

قال ابن جرير الطبري (" مُبِينٍ " يَقُولُ : يَتَبَيَّنُ لِمَنْ أَبْصَرَهُ أَنَّهُ جَوْرٌ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ ، وَزَوَالٌ عَنْ مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ . يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ضَلَّ هُوَ وَهُمْ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَعِبَادَتِهِ ، الَّذِي اسْتَوْجَبَ عَلَيْهِمْ إِخْلَاصَ الْعِبَادَةِ لَهُ بِآلَائِهِ عِنْدَهُمْ ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) الجمعة

قال ابن زمنين ({لَفِي ضَلالٍ مُبين} : بَيِّنٌ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال ابن جرير الطبري (وَ"الْمُبِينُ" ، الَّذِي يُبَيِّنُ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِعَقْلِهِ وَتَدَبَّرَهُ بِفَهْمِهِ ، أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ اسْتِقَامَةٍ وَلَا هُدَى ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني ({وَإِن كَانُوا من قبل لفي ضلال مُبين} أَي: فِي ضلال من الْحق بَيّن ) تفسير السمعاني

قال تعالى (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا ) النساء

جاء في تفسير  مقاتل بن سليمان ( ( فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا ) يَقُولُ: فقد ضل ضلالا بَيِّّنًا )

قال تعالى (سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ  كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ  إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ  وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ  وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ ) الصافات

جاء في تفسير يحيى بن سلام ( (ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ ) :  مُؤْمِنٌ . (وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) :  مُشْرِكٌ ) .

 قال ابن زمنين (( مُحْسِنٌ ) [يُرِيد: موحدًا، يَعْنِي:] مُؤمن (وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ): مُشْرك .( مُبين ) : بَيِّنٌ الشّرك ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال ابن جرير الطبري (( وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ ) وَيَعْنِي بِالظَّالِمِ لِنَفْسِهِ : الْكَافِرَ بِاللَّهِ ، الْجَالِبَ عَلَى نَفْسِهِ بِكُفْرِهِ عَذَابَ اللَّهِ وَأَلِيمَ عِقَابِهِ ( مُبِينٌ ) : يَعْنِي الَّذِي قَدْ أَبَانَ ظُلْمَهُ نَفْسَهُ بِكُفْرِهِ بِاللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ۚ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَذُو جَحْدٍ لِنِعَمِ رَبِّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْهِ مُبِينٌ : يَقُولُ : يُبَيِّنُ كُفْرَانَهُ نِعَمَهُ عَلَيْهِ ، لِمَنْ تَأَمَّلَهُ بِفِكْرِ قَلْبِهِ ، وَتَدَبُّرِ حَالِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الزمر

قال ابن جرير الطبري (أَلَا إِنَّ خُسْرَانَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَذَلِكَ هَلَاكُهَا هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ، يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : هُوَ الْهَلَاكُ الَّذِي يَبِينُ لِمَنْ عَايَنَهُ وَعَلِمَهُ أَنَّهُ الْخُسْرَانُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) الحج

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) يَقُولُ : وَخَسَارَتُهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ هِيَ الْخُسْرَانُ : يَعْنِي الْهَلَاكَ الْمُبِينَ : يَقُولُ : يُبَيِّنُ لِمَنْ فَكَّرَ فِيهِ وَتَدَبَّرَهُ أَنَّهُ قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) جامع البيان في تأويل القران

حَتى أنَّ أهْلَ الشِرْكِ سَيَعْتَرِفُونَ لِبَعْضِهِمُ البَعْض وَ هُمُ فِي النَّارِ  بِأنَّ مَا كَانُوا فِيهِ فِي الدُنْيَا مِنْ شِرْكٍ ضَلاَلٌ مُبِينٌ وَاضِحٌ

قال تعالى (قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ  إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ) الشعراء

جاء في تفسير يحيى بن سلام (  ( تَاللَّهِ )  قَسَمٌ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ ( إِنْ كُنَّا )  فِي الدُّنْيَا ( فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)  بَيِّن  وَقَالَ السُّدِّيُّ: ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا ( لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ). ( إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ )، أَيْ: نَتَّخِذُكُمْ آلِهَةً )

وَ مِثَالُهُ القَوْلُ بِخَلْقِ القُرْاَنِ

قال الاجري (أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلا قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَالْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَالَ أَحْمَدُ: كُفْرٌ بَيِّنٌ، قُلْتُ لأَحْمَدَ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: أَقُولُ: هُوَ كَافِرٌ " ) الشريعة

جاء في مسائل الامام أحمد لأبي داود السجستاني (سَمِعْتُ أَحْمَدَ، " ذَكَرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ، وَالْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: كُفْرٌ بَيِّنٌ )

قال ابن بطة العكبري (أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَذُكِرَ عِنْدَهُ كَلامُ النَّاسِ فِي الْقُرْآنِ، فَقَالَ: كُفْرٌ ظَاهِرٌ، كُفْرٌ ظَاهِرٌ  ) الابانة الكبرى   

وَ صَرْفُ العِبَادَةِ لِغَيْرِ اللهِ أظْهَرُ وَأبْيَنُ مِنَ القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْاَنِ

 

 

قُبْحَ عبادةِ غيرِ اللهِ تَعَالى مستقرٌ في العقولِ والفطرِ

انَّ اللهَ تَعَالَى فَطَرَ النَاسَ عَلَى التَوْحِيدِ الخَالِصِ وَألْهَمَ نُفُوسَهُمُ مَعْرِفَةَ الخَيْرِ وَ الشَّرِ

قال تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا  فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) الشمس

قال ابن جرير الطبري ( وَقَوْلُهُ : ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَبَيَّنَ لَهَا مَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَأْتِيَ أَوْ تَذْرُ مِنْ خَيْرٍ ، أَوْ شَرٍّ أَوْ طَاعَةٍ ، أَوْ مَعْصِيَةٍ

حَدَّثَنِي عَلِيٌّ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، قَالَ ثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) يَقُولُ : بَيَّنَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في تفسير مجاهد بن جبر (أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: نا آدَمُ، قَالَ: نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: عَرَّفَهَا الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ )

ثُمَّ بَيّنَ أحْوَالَ النَاسِ فِيهَا

قال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ) الشمس

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْهَدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: " ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا   قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا   وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: قَدْ أَفْلَحَتْ نَفْسٌ أَتْقَاهَا اللَّهُ، وَقَدْ خَابَتْ نَفْسٌ أَغْوَاهَا

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: كَانَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، يَقُولُ لَنَا:  يَا فِتْيَانُ، لا تُغَلِّبُوا عَلَى الْحَسَنِ، فَإِنَّهُ كَانَ رَأْيُهُ السُّنَّةَ وَالصَّوَابَ ) الابانة الكبرى

قال ابن جرير الطبري (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّى اللَّهُ نَفْسَهُ ، فَكَثَّرَ تَطْهِيرَهَا مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي ، وَأَصْلَحَهَا بِالصَّالِحَاتِ مِنَ الْأَعْمَالِ . وَقَدْ خَابَ فِي طَلِبَتِهِ ، فَلَمْ يُدْرِكْ مَا طَلَبَ وَالْتَمَسَ لِنَفْسِهِ مِنَ الصَّلَاحِ مَنْ دَسَّاهَا يَعْنِي : مَنْ دَسَّسَ اللَّهُ نَفْسَهُ فَأَخْمَلَهَا ، وَوَضَعَ مِنْهَا بِخُذْلَانِهِ إِيَّاهَا عَنِ الْهُدَى حَتَّى رَكِبَ الْمَعَاصِيَ ، وَتَرَكَ طَاعَةَ اللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

وَ بَيَّنَ الرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الحَقِيقَة العَظِيمَة

قال مسلم (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سِمْعَانَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) بَاب تَفْسِيرِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ

فتأمل قوله : وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ .  

قال الطبراني (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الأَزْدِيُّ، ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ:إِنَّ الإِثْمَ حَوَازُّ الْقُلُوبِ، فَمَا حَزَّ فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ فَلْيَدَعْهُ ) المعجم الكبير

وَ صَرْفُ العِبَادَةِ لِمَنْ لا يَسْمَعُ وَ يَنْطِقُ  مِنْ الحَجَرٍ وَ الشَجَرٍ  وَ اعْتِقَادِ النَفْعِ وَ الضُّرِ فِيهَا مِمَّا يُحَاكُ فِي الصَدْرِ لأنَّهُ أبْيَنُ و أعْظَمُ الاثْمِ قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء

وَ غَرَسَ سُبْحَانَهُ فِي عُقُولِنَا قُبْحَ الشِرْكِ وَ حُسْنَ التَوْحِيدِ وَ الِافْرَادِ

قال تعالى (ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ ۖ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) الروم

قال تعالى (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الأنبياء

قال تعالى (قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَّابْتَغَوْا إِلَىٰ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا  سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ) الاسراء

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ ( قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا ) يَقُولُ : لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ إِذَنْ لَعَرِفُوا فَضْلَهُ وَمَرْتَبَتَهُ وَمَنْزِلَتَهُ عَلَيْهِمْ ، فَابْتَغَوْا مَا يُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ ) جامع البيان في تأويل القران

و قال تعالى ( قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ  إِن كُنتُمْ فِي شَـكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ) يونس

قال ابن جرير الطبري (فَأَمَّا دَيْنِي فَلَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِيهِ ، لِأَنِّي أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَقْبِضُ الْخَلَقَ فَيُمِيتُهُمْ إِذْ شَاءَ ، وَيَنْفَعُهُمْ وَيَضُرُّهُمْ إِنْ شَاءَ . وَذَلِكَ أَنَّ عِبَادَةَ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَسْتَنْكِرُهَا ذُو فِطْرَةٍ صَحِيحَةٍ . وَأَمَّا عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ فَيُنْكِرُهَا كُلُّ ذِي لُبٍّ وَعَقْلٍ صَحِيحٍ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَٰهٍ ۚ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) المؤمنون

 قال تعالى (قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ  أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الانبياء

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ ( أُفٍّ لَكُمْ ) يَقُولُ : قُبْحًا لَكُمْ وَلِلْآلِهَةِ الَّتِي تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، أَفَلَا تَعْقِلُونَ قُبْحَ مَا تَفْعَلُونَ مِنْ عِبَادَتِكُمْ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ ، فَتَتْرُكُوا عِبَادَتَهُ ، وَتَعْبُدُوا اللَّهَ الَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَالَّذِي بِيَدِهِ النَّفْعَ وَالضُّرَّ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ ۖ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ۚ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ) الحج

قال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ   أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ   وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الأعراف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : فَلِذَلِكَ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلَّا وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ رَبَّهُ اللَّهُ ، وَلَا مُشْرِكٌ إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ لِابْنِهِ : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) ، وَالْأُمَّةُ : الدِّينُ ( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ ) ، [ سُورَةُ الزُّخْرُفِ : 23 ] وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ) ، وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) ، [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 83 ] وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ : ( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) ، [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ : 149 ] يَعْنِي يَوْمَ أَخَذَ مِنْهُمُ الْمِيثَاقَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 قال أبو عبد الله مُحمد بن منده (ذِكْرُ اسْتِدْلَالِ مَنْ لَمْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ وَلَمْ يَأْتِهِ رَسُولٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ , عَلَيْهِ السَّلَامُ , بِاللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ الرِّسَالَةِ: {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فِطْرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ) كتاب التوحيد

قال السمعاني    ( إبراهيم عليه السلام قال لأبيه: {إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 74] ولم يقل [أوحى إلى] فثبت أن العقل بنفسه يهدى ولذلك الله تعالى أخبر أن إبراهيم عليه السلام استدل بالنجوم فعرف ربه عز وجل وكان استدلاله حجة على قومه فقال تعالى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} [الأنعام: 83] وليس في الآية من باب الوحى ذكر وقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: 53] ولم يقل نسمهم ونوحى إليهم. وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: 117] ولم يقل بعدما أوحى إليه أو بلغته الدعوة فثبت أن العذر ينقطع بالعقل وحده ولو لم يكن فيه كفاية لما انقطع العذر  ) قواطع الأدلة الأصول ج 2 ص 395

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي ( فَإِنْ طَلَبْتُمْ مِنَّا فِيهِ آثَارًا مَأْثُورَةً مُسْنَدَةً مَنْصُوصَةً فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَالتَّابِعِينَ فَقَدْ أَخْبَرْنَاكُمْ أَنَّهُ كُفْرٌ لَمْ يَحْدُثْ فِي عَصْرِهِمْ ، فَيُرْوَى عَنْهُمْ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ كُفْرٌ مَعْقُولٌ ، تَكَلَّمَ بِهِ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ عِنْدَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ سورة المدثر آية 25 . فَأَنْكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ طُمِسَ حَتَّى ظَهَرَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي أَنْبَأْنَاكُمْ بِهِ ، فِي عَصْرِ جَهْمٍ وَالْجَعْدِ ثُمَّ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ ، فَرَوَيْنَا لَكُمْ عَمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَهُمْ فِيهِ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ زَمَانِهِمْ ، مثل جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ ، وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ ، وَبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ ، وَغَيْرِهِمْ ، وَهَذَا كُفْرٌ مَعْقُولٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى أَثَرٍ وَلَا خَبَرٍ ، كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَنَّ مُلْكَ اللَّهِ وَسُلْطَانَهُ ، وَقُدْرَتَهُ ، وَعِلْمَهُ ، وَمَشِيئَتَهُ ، وَإِرَادَتَهُ ، وَوَجْهَهُ , وَسَمْعَهُ  وَبَصَرَهُ ، وَيَدَيْهِ ، أَنَّ شَيْئًا مِنْهَا مَخْلُوقٌ . قِيلَ لَهُ : كَفَرْتَ وَكَذَبْتَ ، بَلْ كُلُّهَا غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، فَإِنْ طَلَبْتَ مِنَّا فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَثَرًا مَنْصُوصًا بِتَسْمِيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ ، قُلْنَا لَهُ : أَنْتَ مُرِيبٌ كَافِرٌ ، وَمَنْ يَشْتَبِهُ عَلَيْهِ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ حَتَّى يَطْلُبَ فِيهَا الْآثَارَ ؟ وَكَذَلِكَ كَلَامُ اللَّهِ مثل هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سَوَاءً ، غَيْرُ مَخْلُوقٍ لَا يُشْتَبَهُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَا فَهْمَ لَهُ وَلا عَقْلَ . وَأُخْرَى أَنَّ كُلَّ مَخْلُوقٍ مُحْدَثٍ لَا شَكَّ فِيهِ ، فَاللَّهُ بِزَعْمِكُمْ كَانَ بِلَا كَلَامٍ ، حَتَّى خَلَقَ لِنَفْسِهِ كَلَامًا ، ثُمَّ انْتَحَلَهُ اضْطِرَارًا إِلَى كَلَامِ غَيْرِهِ ، فَتَمَّتْ بِهِ رُبُوبِيَّتُهُ ، وَوَحْدَانِيَّتُهُ ، وَأَمْرُهُ وَنَهْيُهُ بِزَعْمِكُمْ ، فَمَنْ يَحْتَاجُ فِي مثل هَذَا الْمَقُولِ إِلَى أَثَرٍ ؟ وَأُخْرَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ شَيْئًا ، يُرَى وَيُحَسُّ لَا بِلِسَانِ مُتَكَّلِمٍ بِهِ ، فَالْكَلَامُ مِنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ صِفَتُهُمَا ، فَالْخَالِقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ ، وَالْمَخْلُوقُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ مَخْلُوقٌ وَلَا شَكَّ فِيهِ)نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد

 

و َمِثَالُهُ

 

أهْلُ الكَهْفِ

كَانُوا مِنْ عَوَامٍ النَاسٍ  وَ لَيْسُوا رُسُلاٌ  أوْ حَتَى مَعَهُم كِتَاب ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) الكهف

عِلْمُهُمْ بِرُبُوبِيَةِ اللهِ اسْتَلْزَمَ  لَدَيْهُم أنّ اللهَ هُو المَعْبُودُ وَحْدَهُ ( إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) الكهف

ثُمَ انْكَرُوا عَلَى قَوْمِهِم دِينَهُم  وَ شِرْكَهُمُ ( هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) أي أظهروا المخالفة 

ثُم هَجَرُوا قَوْمَهُم  وَ اعْتَزَلُوهُم ( وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فََأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ) الكهف

وَ تَخَفُوا عَنْهُم  ( فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ) الكهف

وَ كَفَرُوا قَومَهُمُ وَ جَعَلُوهُم فِي مِلَّةٍ غَيْرَ مِلَتِهِم  ( إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا) الكهف

جاء في تفسير يحيى بن سلام (( بِكُمْ أَحَدًا   إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ) يَقْتُلُوكُمْ بِالْحِجَارَةِ. ( أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ) فِي الْكُفْرِ  ( وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ) إِنْ فَعَلْتُمْ )

 قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ : ( أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ) يَقُولُ : أَوْ يَرُدُّوكُمْ فِي دِينِهِمْ ، فَتَصِيرُوا كُفَّارًا بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ

 

قال البخاري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ ) بَاب حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ

قال البخاري أيضا (قَالَ مُوسَى حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا تَحَدَّثَ بِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ يَسْأَلُ عَنْ الدِّينِ وَيَتْبَعُهُ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ الْيَهُودِ فَسَأَلَهُ عَنْ دِينِهِمْ فَقَالَ إِنِّي لَعَلِّي أَنْ أَدِينَ دِينَكُمْ فَأَخْبِرْنِي فَقَالَ لَا تَكُونُ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ قَالَ زَيْدٌ مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَلَا أَحْمِلُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُهُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا قَالَ زَيْدٌ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ فَخَرَجَ زَيْدٌ فَلَقِيَ عَالِمًا مِنْ النَّصَارَى فَذَكَرَ مِثْلَهُ فَقَالَ لَنْ تَكُونَ عَلَى دِينِنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ قَالَ مَا أَفِرُّ إِلَّا مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا أَحْمِلُ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَلَا مِنْ غَضَبِهِ شَيْئًا أَبَدًا وَأَنَّى أَسْتَطِيعُ فَهَلْ تَدُلُّنِي عَلَى غَيْرِهِ قَالَ مَا أَعْلَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَنِيفًا قَالَ وَمَا الْحَنِيفُ قَالَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ قَوْلَهُمْ فِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام خَرَجَ فَلَمَّا بَرَزَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ

وَقَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا ) باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

وَ لَمْ يَكُنْ يَعْلَم تَفَاصِيلَ الشَرَائِعِ وَ العِبَادَاتِ

و في السيرة لابن هشام (قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أُمِّهِ أَسَمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَتْ : لَقَدْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ شَيْخًا كَبِيرًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْكَعْبَةِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، وَاَلَّذِي نَفْسُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو بِيَدِهِ ، مَا أَصْبَحَ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إبْرَاهِيمَ غَيْرِي ، ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَيَّ الْوُجُوهِ أَحَبُّ إلَيْكَ عَبَدَتْكَ بِهِ ، وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُهُ ، ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى رَاحَتِهِ )

و جاء في  لابن أبي عاصم (  حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ : رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، وَهُوَ مُسْنَدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ ، يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، مَا مِنْكُمُ الْيَوْمَ أَحَدٌ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ غَيْرِي ، وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْكَعْبَةِ ، وَيَقُولُ : إِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ ، وَدِينِي دِينُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ ، وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ ، فَيَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لا تَقْتُلْهَا إِلَيَّ ، فَأَنَا أَكْفِيكَ مَئُونَتَهَا ، حَتَّى إِذَا تَرَعْرَعَتْ ، قَالَ : إِنْ شِئْتَ فَخُذْهَا الآنَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْهَا أَكْفِيكَ مَئُونَتَهَا ، وَسُئِلَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ )

قال  ابن هشام ( قال محمد بن اسحاق: وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ عَمرو بن نُفَيْل فوقف، فلم يدخل يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَفَارَقَ دِينَ قَوْمِهِ، فَاعْتَزَلَ الْأَوْثَانَ وَالْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَالذَّبَائِحَ الَّتِي تُذْبَح عَلَى الأوثان وَنَهَى عَنْ قَتْل الْمَوْءُودَةِ ، وَقَالَ: أعبدُ ربَّ إبْرَاهِيمَ، وبادَى قَوْمَهُ بعيْب مَا هُمْ عَلَيْهِ  وَكَانَ الْخَطَّابُ قَدْ آذَى زَيْدًا ، حَتَّى أَخْرَجَهُ إلَى أَعَلَى مَكَّةَ ، فَنَزَلَ حِرَاءَ مُقَابِلَ مَكَّةَ ، وَوَكَّلَ بِهِ الْخَطَّابُ شَبَابًا مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَسُفَهَاءَ مِنْ سُفَهَائِهَا ، فَقَالَ لَهُمْ : لَا تَتْرُكُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ ؛ فَكَانَ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا سِرًّا مِنْهُمْ ، فَإِذَا عَلِمُوا بِذَلِكَ آذَنُوا بِهِ الْخَطَّابَ فَأَخْرَجُوهُ وَآذَوْهُ كَرَاهِيَةَ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ، وَأَنْ يُتَابِعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى فِرَاقِهِ ) سيرة ابن هشام

 

 

 محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

قال الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي جَارٌ لِخَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ لِخَدِيجَةَ أَيْ خَدِيجَةُ وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ اللَّاتَ أَبَدًا وَاللَّهِ لَا أَعْبُدُ الْعُزَّى أَبَدًا قَالَ فَتَقُولُ خَدِيجَةُ حِلَّ الْعُزَّى قَالَ كَانَتْ صَنَمَهُمْ الَّتِي يَعْبُدُونَ ثُمَّ يَضْطَجِعُونَ 

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُدَيْلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ مَيْسَرَةَ الْفَجْرِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى كُتِبْتَ نَبِيًّا؟ قَالَ: وآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ ) أحاديث رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم 

حَتَّى أنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَأكُلُ مَمَّا يُذْبَحُ للنُصُبِ وَ الأصْنَامِ

قال البخاري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةٌ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ زَيْدٌ إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ وَلَا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَأَنَّ زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيْشٍ ذَبَائِحَهُمْ وَيَقُولُ الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنْ السَّمَاءِ الْمَاءَ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنْ الْأَرْضِ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ ) بَاب حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ

قال أبو بكر الخلال  ( أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ بْنُ عِصَامٍ الْعُكْبَرِيُّ ، قَالَ : ثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : " مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ ؟ فَقَالَ : هَذَا قَوْلُ سُوءٍ ، يَنْبَغِي لِصَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ تَخَذُّرَ كَلامَهُ ، وَلا يُجَالَسُ ، قُلْتُ لَهُ : إِنَّ جَارَنَا النَّاقِدَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةُ ؟ فَقَالَ : قَاتَلَهُ اللَّهُ ، أَيُّ شَيْءٍ أَبْقَى إِذَا زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَبَشَّرَ بِهِ عِيسَى ، فَقَالَ : اسْمُهُ أَحْمَدُ ، قُلْتُ لَهُ : وَزَعَمَ أَنَّ خَدِيجَةَ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ حِينَ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ : أَمَّا خَدِيجَةُ فَلا أَقُولُ شَيْئًا ، قَدْ كَانَتْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ النِّسَاءِ ، ثُمَّ مَاذَا يُحَدِّثُ النَّاسُ مِنَ الْكَلامِ ، هَؤُلاءِ أَصْحَابُ الْكَلامِ ، مَنْ أَحَبَّ الْكَلامَ لَمْ يُفْلِحْ ، سُبْحَانَ اللَّهِ ، سُبْحَانَ اللَّهِ لِهَذَا الْقَوْلِ ، وَاسَتْعَظَمَ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِكَلامٍ لَمْ أَحْفَظْهُ ، وَذَكَرَ أُمَّهُ حَيْثُ وَلَدَتْ رَأَتْ نُورًا ، أَفَلَيْسَ هَذَا عِنْدَمَا وَلَدَتْ رَأَتْ هَذَا وَقَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ كَانَ طَاهِرًا مُطَهَّرًا مِنَ الأَوْثَانِ ، أَوَ لَيْسَ كَانَ لا يَأْكُلُ مَا ذُبِـحَ عَلَى النُّصُبِ ، ثُمَّ قَالَ : احْذَرُوا أَصْحَابَ الْكَلامِ ، لا يَئُولُ أَمْرُهُمْ إِلَى خَيْرٍ  ) كتاب السنة

 

 عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ

 

قال مسلم (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْقِرِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عَمَّارٍ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ عِكْرِمَةُ وَلَقِيَ شَدَّادٌ أَبَا أُمَامَةَ وَوَاثِلَةَ وَصَحِبَ أَنَسًا إِلَى الشَّامِ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَضْلًا وَخَيْرًا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ كُنْتُ وَأَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَظُنُّ أَنَّ النَّاسَ عَلَى ضَلَالَةٍ وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ فَسَمِعْتُ بِرَجُلٍ بِمَكَّةَ يُخْبِرُ أَخْبَارًا فَقَعَدْتُ عَلَى رَاحِلَتِي فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْفِيًا جُرَءَاءُ عَلَيْهِ قَوْمُهُ فَتَلَطَّفْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ فَقُلْتُ لَهُ مَا أَنْتَ قَالَ أَنَا نَبِيٌّ فَقُلْتُ وَمَا نَبِيٌّ قَالَ أَرْسَلَنِي اللَّهُ فَقُلْتُ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسَلَكَ قَالَ أَرْسَلَنِي بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَكَسْرِ الْأَوْثَانِ وَأَنْ يُوَحَّدَ اللَّهُ لَا يُشْرَكُ بِهِ شَيْءٌ قُلْتُ لَهُ فَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا قَالَ حُرٌّ وَعَبْدٌ قَالَ وَمَعَهُ يَوْمَئِذٍ أَبُو بَكْرٍ وَبِلَالٌ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ فَقُلْتُ إِنِّي مُتَّبِعُكَ قَالَ إِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا أَلَا تَرَى حَالِي وَحَالَ النَّاسِ وَلَكِنْ ارْجِعْ إِلَى أَهْلِكَ فَإِذَا سَمِعْتَ بِي قَدْ ظَهَرْتُ فَأْتِنِي ) بَاب إِسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ

  

جاء في الاحاد و المثاني لابن أبي عاصم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلامٍ الْحَبَشِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: " أُلْقِيَ فِي رُوعِيِ أَنَّ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ بَاطِلٌ، قَالَ: فَسَمِعَنِي رَجُلُ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ بِذَاكَ، فَقَالَ: يَا عَمْرُو، بِمَكَّةَ رَجُلٌ يَقُولُ كَمَا تَقُولُ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ إِلَى مَكَّةَ أَسْأَلُ عَنْهُ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ مُخْتَفي، لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا بِاللَّيْلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَقُمْتُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا، فَمَا عَلِمْتُ إِلا بِصَوْتِهِ يُهَلِّلُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ؟ فَقَالَ: " رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقُلْتُ: وَبِمَا أَرْسَلَكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ تَعَالَى وَلا يُشْرَكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُحْقَنَ الدِّمَاءُ، وَتُوصَلَ الأَرْحَامُ، قُلْتُ: وَمَنْ مَعَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: حُرٌّ وَعَبْدٌ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ، فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الإِسْلامِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي رُبُعَ الإِسْلامِ )

 

سَلْمَانُ فَارِسِي

 

قال الطبراني (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ : ثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ قَالَ : ثَنَا عُبَيْدٌ الْمُكْتِبُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ : حَدَّثَنِي سَلْمَانُ قَالَ : كُنْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ   جَيٍّ ، وَكَانَ أَهْلُ قَرْيَتِي يَعْبُدُونَ الْخَيْلَ الْبُلْقَ ، فَكُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ ، فَقِيلَ لِي : إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَغْرِبِ ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَوْصِلَ ، فَسَأَلْتُ عَنْ أَفْضَلِ رَجُلٍ بِهَا ، فَدُلِلْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي صَوْمَعَةٍ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ )  المعجم الكبير - إسلام سلمان الفارسي رضي الله عنه

 

بَلْ حَتّى هُدْهُد سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَلاَم وَهُوَ حَيَوَان عَلِمَ قُبْحَ السُجُودِ لِغَيْرِ اللهِ وَ تَعَجَّبَ مِنْ قَوْمٍ وَ مَلِكَتِهِمْ يَتَلَبَّسُونَ بِهَذَا الشِرْكِ

قال تعالى ( فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ  أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ  اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) النمل

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ : ( وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) يَقُولُ : وَجَدْتُ هَذِهِ الْمَرْأَةَ مَلِكَةَ سَبَأٍ ، وَقَوْمَهَا مِنْ سَبَأٍ ، يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ فَيَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ . وَقَوْلُهُ : ( وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ ) يَقُولُ : وَحَسَّنَ لَهُمْ إِبْلِيسُ عِبَادَتَهُمُ الشَّمْسَ ، وَسُجُودَهُمْ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَحَبَّبَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ ( فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ ) يَقُولُ : فَمَنَعَهُمْ بِتَزْيِينِهِ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَتَّبِعُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ ، وَهُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ ، وَمَعْنَاهُ : فَصَدَّهُمْ عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ ) جامع البيان في تأويل القران

وَ  كَفَّرَهُمُ بِنَفْيِهِ الهِدَايَةِ عَنْهُمُ لَمَّا أشْرَكُوا بِاللهِ

قال ابن جرير الطبري (( فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ) يَقُولُ : فَهُمْ لِمَا قَدْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا زَيَّنَ مِنَ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْكُفْرِ بِهِ لَا يَهْتَدُونَ لِسَبِيلِ الْحَقِّ وَلَا يَسْلُكُونَهُ ، وَلَكِنَّهُمْ فِي ضَلَالِهِمُ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَتَرَدَّدُونَ  ) جامع البيان في تأويل القران

وَ كُلُّ هَذَا كَانَ بِيَقِينٍ مِنْهُ لاَ شَكَّ فِيهِ كَمَا فِي قوله  تعالى (فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ )

قال عبد الرحمن بن حسن ال شيخ (أخبر تعالى عن هدهد سليمان، أنه أنكر الشرك، وهو طائر من جملة الطير، فليت أكثر الناس عرفوا من الشرك ما عرف الهدهد ; فأنكروه، وعرفوا الإخلاص فالتزموه؛ وبالله التوفيق، وسبحان من غرس التوحيد في قلب من شاء من خلقه، وأضل من شاء عنه، بعلمه وحكمته وعدله ) الدرر السنية في الأجوبة النجدية ج 2 ص 277

 

 

كُفْرُ مَنْ تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ وَ بُطْلانِ التَفْرِيقُ بَيْنَ الفِعْلِ أوْ القَوْلِ وَ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِمَا

 

قال تعالى (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) الروم

قال تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا ) فاطر

فَمَن تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ فَكُفْرُهُ وَاقِعٌ عَلَيْهِ

 

قال تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ ۚ فَإِن يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ ۖ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) التوبة

فَتَأمَّلْ  قَوْلَهُ (قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ ) وَ هَذَا قَوْلَهُم

ثُمّ تَأَمَّل قَوْلَهُ (وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ ) وَهَذَا وَصْفٌ لَهُمُ

 

وقال تعالى (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ) الحشر

فَتَأمَّلْ  قَوْلَهُ (قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ) وَ هَذَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ

ثُمّ تَأَمَّل قَوْلَهُ (فَلَمَّا كَفَرَ) وَهَذَا وَصْفٌ لَهُ

 

قال تعالى (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ) ال عمران

فَتَأمَّلْ  قَوْلَهُ (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ) وَ هَذَا فِعْلُ الْإِنْسَانِ

ثُمّ تَأَمَّل قَوْلَهُ (وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) وَهَذَا وَصْفٌ لَهُ

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ هَذَا فَهُوَ مُشْرِكٌ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال تعالى (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالا وَأَعَزُّ نَفَرًا وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا ) الكهف

 فَهَذَا الذِي أنْكَرَ البَعْثَ وَأنْكَرَ الجَزَاءَ وَالحِسَاب وَأنْكَرَ الآخِرَة قَالَ لَهُ صَاحِبُه فِي وَجْهِهِ "كَفَرْتَ بِاللهِ" وَهَذا تَكْفِيرٌ لِلمُعَيَّنِ، وَالقُرْٱنُ أوْرَدَهُ وَمَا عَابَ عَلَيْهِ

 

وَ كَانَ السَلَفُ يُكَفِّرُونَ المُعَيَّن اذَا  تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ

 

 جاء في ذم الكلام و أهله  (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ قَالَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ أَيُّوبَ الْفَقِيهَ الصَّبْغِيَّ يُنَاظِرُ رَجُلَا فَقَالَ حَدَّثَنَا فُلَانٌ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ دَعْنَا مِنْ حَدَّثَنَا إِلَى مَتَى حَدَّثَنَا فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ قُمْ يَا كَافِرُ فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ دَارِي بَعْدُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ مَا قُلْتُ لَأحَدٍ قَطُّ لَا تَدْخُلْ دَارِي غَيْرَ هَذَا

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ أَبَا الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَنْظَلِيَّ بِبَغْدَادَ سَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيلَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيَّ يَقُولُ كُنْتُ أَنَا وَأَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ عِنْد أَحْمد بن حَنْبَل فَقَالَ لَهُ أَحْمد بن الْحسن يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرُوا لَابْنِ أَبِي قُتَيْلَةَ بِمَكَّةَ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ فَقَالَ قَوْمُ سُوءٍ فَقَامَ أَحْمد أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَنْفُضُ ثَوْبَهُ فَقَالَ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ زِنْدِيقٌ وَدَخَلَ بَيْتَهُ )

 

قال ابو القاسم  اللالكائي (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سَالِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَرَّاقُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : سَمِعْتُ النَّاسَ مُنْذُ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ عَامًا يَقُولُونَ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ، فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا الْبَتَّةَ . قُلْتُ : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : لِأَنَّ امْرَأَتَهُ مُسْلِمَةٌ ، وَمُسْلِمَةٌ لَا تَكُونُ تَحْتَ كَافِرٍ

حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الأَزْهَرِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ الْمُقْرِئُ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ , فَأَتَاهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِيمَنْ ، يَقُولُ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ؟ قَالَ : كَافِرٌ زِنْدِيقٌ , اقْتُلُوهُ . قَالَ : إِنَّمَا أَحْكِي كَلامًا سَمِعْتُهُ . قَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ ، إِنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ

أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ بِكْرَانَ , أنبا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ ، قَالَ : ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هَاشِمٍ زِيَادَ بْنَ أَيُّوبَ ، قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ رَجُلٌ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ , فَقُلْتُ لَهُ : يَا كَافِرُ , تَرَى عَلَيَّ فِيهِ إِثْمًا ؟ قَالَ : " كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ ، يَقُولُ : " لَوْ كَانَ لِي مِنْهُمْ قَرَابَةٌ ثُمَّ مَاتَ مَا وَرِثْتُهُ " . فَقَالَ لَهُ خُرَاسَانِيٌّ بِالْفَارِسِيَّةِ : الَّذِي يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ أَقُولُ إِنَّهُ كَافِرٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى الْمُسْتَمْلِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْجُرْجَانِيُّ . ح وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بُنْدَارٍ , وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ ، قَالا : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الإِسْتِرَابَاذِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : " أَتَيْتُ الشَّافِعِيَّ يَوْمًا فَوَافَقْتُ حَفْصًا الْفَرْدَ خَارِجًا مِنْ عِنْدِهِ , فَقَالَ : كَادَ وَاللَّهِ الشَّافِعِيّ أَنْ يَضْرِبَ عُنُقِي , فَدَخَلْتُ ، فَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ ، رَجُلٌ ذَكَرَهُ الرَّبِيعُ : نَاظَرَ الشَّافِعِيَّ حَفْصٌ الْفَرْدُ فَبَلَغَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ , فَقَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ : وَاللَّهِ كَفَرْتَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ . قَالَ : وَكَانَ الشَّافِعِيُّ لا يَقُولُ : حَفْصٌ الْفَرْدُ , وَكَانَ يَقُولُ : حَفْصٌ الْمُنفَرِّدُ " . قال الربيع : فلقيته ، فقال : أراد الشافعي قتلي) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

 

 

قال عبد الله بن الامام أحمد بن حنبل (سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ الْهُذَلِيُّ ، يَقُولُ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَكَلَّمُ وَلا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يَغْضَبُ وَلا يَرْضَى وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنْ رَأَيْتُمُوهُ عَلَى بِئْرٍ وَاقِفًا فَأَلْقُوهُ فِيهَا بِهَذَا أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، لأَنَّهُمْ كُفَّارٌ بِاللَّهِ تَعَالَى قُلْتُ : الرّمْيُ فِي البِِئْرِ لاَ يَكُونُ الاَّ لِمُعَيَّنٍ ]

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ،  عَنْ سُلَيْمٍ الْمُقْرِئِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادًا، يَقُولُ: أَلا تَعْجَبُ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، قُلْ لَهُ يَا كَافِرُ يَا زِنْدِيقُ  

سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِيهِ أَسْمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ شَبَابَةَ بْنَ سَوَّارٍ ( و كَانَ دَاعِيَةً إِلَى الْإِرْجَاءِ ) ، يَقُولُ:   اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْي أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ قَاسِمٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيسِيَّ كَافِرٌ جَاحِدٌ نَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ 

حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، يَقُولُ، سَمِعْتُ  بِشْرَ بْنَ الْمُفَضَّلِ وَذُكِرَ ابْنُ خَلُوبَا، فَقَالَ: " هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ") السنة 

 

 

قال البخاري (قَالَ زُهَيْرٌ السِّجِسْتَانِيُّ: سَمِعْتُ سَلامَ بْنَ أَبِي مُطِيعٍ، يَقُولُ: " الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ " وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ:   جَهْمٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ

وَسُئِلَ وَكِيعٌ عَنْ مُثَنَّى الأَنْمَاطِيِّ، فَقَالَ: " كَافِرٌ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ:   لَوْ كَانَ لِي عَلَى الْمُثَنَّى الأَنْمَاطِيِّ سَبِيلٌ لَنَزَعْتُ لِسَانَهُ مِنْ قَفَاهُ، وَكَانَ جَهْمِيًّا

حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ خَلالٍ، قَالَ: سَمِعْتُ  يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ: وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ الأَصَمَّ، وَالْمَرِيسِيَّ، فَقَالَ:   هُمَا وَاللَّهِ زِنْديقَانِ كَافِرَانِ بِالرَّحْمَنِ، حَلالُ الدَّمِ) خلق أفعال العباد

 

و في سيرة الامام أحمد لابن صالح (فَقَالَ لي أَحدهمَا فِي بعض الْأَيَّام فِي كَلَام دَار وَسَأَلته عَن علم الله فَقَالَ علم الله مَخْلُوق

قلت يَا كَافِر , كفرت ) ص 52

 

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ , قَالَ : كَانَ لاَ يُقِرُّ بِالْعِلْمِ , وَهَذَا الْكُفْرُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ الْمُخَرِّمِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ حُبَيْشَ بْنَ سِنْدِيٍّ، حَدَّثَهُمْ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ذَكَرَ ابْنَ أَبِي دَاوُدَ، فَقَالَ:  حَشَا اللَّهُ قَبْرَهُ نَارً

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ , أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ حَضَرَ الْعِيدَ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : فَإِذَا بِقَاصٍّ يَقُولُ : عَلَى ابْنِ أَبِي دَاوُدَ لَعْنَةُ اللَّهِ , وَحَشَا اللَّهُ قَبْرَ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ مِئَةَ أَلْفِ عَمُودٍ مِنْ نَارٍ , وَجَعَلَ يَلْعَنُ , فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : مَا أَنْفَعَهُمْ لِلْعَامَّةِ

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ،   ذُكِرَ عِنْدَهُ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ ، فَقِيلَ : كَافِرٌ ، فَلَمْ أَرَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْكَرَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ شَيْئًا 

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْكِلابِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعًا ، يَقُولُ :  كَفَرَ الْمَرِيسِيُّ 

أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانٌ ، قَالَ : سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ ، يَقُولُ :  بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ كَافِرٌ) السنة 

 

 

قال الآجري (حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ الزِّمِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ: وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: مِنَ الْيَهُودِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: مِنَ النَّصَارَى؟ قَالَ: لا، قَالَ: مِنَ الْمَجُوسِ؟ قَالَ: لا، قَالَ: فَمِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، هَذَا زِنْدِيقٌ 

أَخْبَرَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَذُكِرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّ رَجُلا قَالَ: إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ مَخْلُوقَةٌ وَالْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَالَ أَحْمَدُ: كُفْرٌ بَيِّنٌ، قُلْتُ لأَحْمَدَ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ؟ قَالَ: أَقُولُ: هُوَ كَافِرٌ ") الشريعة

 

قال الدارمي  (وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ زُهَيْرَ بْنَ نُعَيْمٍ، يَقُولُ: سُئِلَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَنَا مَعَهُ فِي سُوقِ الْبَصْرَةِ، عَنْ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ، فَقَالَ:   ذَاكَ كَافِرٌ ) الرد على الجهمية

 

قال الخطيب البغدادي (كان محمد بن شجاع يذهب إلى الوقف في القرآن، فأخبرنا الحسن بن علي التميمي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن جعفر بن حمدان، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله   ابن أحمد بن حنبل، قَالَ: سمعت القواريري قبل أن يموت بعشرة أيام وذكر ابن الثلجي، فقال: هو كافر ) تاريخ بغداد

 

 

بَيَانُ أنَّ مَنْ صَرَفَ العِبَادَةَ لِغَيْرِ اللهِ كَافِرٌ

قال تعالى (وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون

قال تعالى (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) ال عمران

قال تعالى (الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ ) الانعام

قال تعالى (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ   إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) فاطر

قال تعالى (وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ۖ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ  أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ) ص

فَالمُشْرِكُ مَنْ عَبَدَ عِدَّةَ اَلِهَةٍ

قال البخاري (بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ وَلَا يُكَفَّرُ صَاحِبُهَا بِارْتِكَابِهَا إِلَّا بِالشِّرْكِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) كتاب الإيمان

 

 

بَيَانُ أنَّ كُلُ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللهِ فَهُوَ مُعْرِضٌ وَ اِنْ كَانَ جَاهِلٌ

 

قال تعالى ( أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ  ) الأنبياء

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ ( بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ) يَقُولُ : بَلْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ الصَّوَابَ فِيمَا يَقُولُونَ وَلَا فِيمَا يَأْتُونَ وَيَذْرُوَنَ ، فَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنِ الْحَقِّ جَهْلًا مِنْهُمْ بِهِ وَقِلَّةَ فَهْمٍ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ ۖ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ  ) الأنفال

قال تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ ۚ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ  ) الكهف

قال تعالى (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) الانعام

قال تعالى (وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ ) يوسف

فَوَصَفَهُم سُبْحَانَهُ بالاعْرَاضِ فِي أوَّلِ الايَة ثُمَّ نَسَبَ اليْهِم الجَهْلَ فِي اخِرِ الايَةِ

قال تعالى (وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) يس

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَمَا تَجِيءُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ آيَةٌ ، يَعْنِي حُجَّةً مِنْ حُجَجِ اللَّهِ ، وَعَلَامَةً مِنْ عَلَامَاتِهِ عَلَى حَقِيقَةِ تَوْحِيدِهِ ، وَتَصْدِيقِ رَسُولِهِ ، إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ ، لَا يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا ، وَلَا يَتَدَبَّرُونَهَا ، فَيَعْلَمُوا بِهَا مَا احْتَجَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِهَا ) جامع البيان في تأويل القران

فَجَاهِلُ الاسْلامِ وَ مَا يُدْخِلُ فِيهِ مُعْرِضٌ لأنَّ اللهَ بَيَّنَ أمْرَ الإسْلاَمِ وَ وَضَّحَهُ وَجَلّى التَوْحِيدَ وَ غَرَسَهُ فِي العُقُولِ وَ الفِطَرِ وَ الأنْفُسِ وَالآفَاقِ فَمَنْ جَهَلَ أمْرَ التَوْحِيدِ أوْ جَهِل أمْراً لاَ يَسَعُ أحَداً جَهْلُهُ، أوْ   لَمْ يُصَدِقُ الرُسُلَ ،أوْ لَمْ يُصْغِ لَهُمُ البَتَّةُ، فَمِثْلُهُ كَمِثْلِ الذِي يُصَلِي فِي الحِجَرِ إلى غَيْرِ الكَعْبَةِ وَهِي قَدْ سَدَّتِ الأفُقَ أمَامَهُ وَيَزْعُمُ أنَّهُ مَا اهْتَدَى إليْهَا ، فَكُلُ عَاقِلِ يُسَمِي هَذَا مُعْرِضاً لاَ جَاهِلاً

 

أوْصَافُ مَنْ أشْرَكَ بِاللهِ فِي كِتَابِ اللهِ

 

أنَّهُ مُفْتَرِي

قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ) النساء

قال تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ) يونس

قال ابن ابي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، ثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ النَّضْرُ وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ: وَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَعَتْ لِيَ اللَّاتُ وَالْعُزَّى, فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْترِين) الاعراف

قال تعالى (قَدِ افْترَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا) الاعراف

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي ابْنُ شَبُّوَيْهِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ:  مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ، مَخْلُوقٌ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ عز وجل

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ:  مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ عز وجل وَقَالَ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَقُلْهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ) السنة

 

أنَّهُ شَرّ الْبَريَّة

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ  ) الحجر

 قال ابن جرير الطبري (( أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ ، هُمْ شَرٌّ مَنْ بَرَأَهُ اللَّهُ وَخَلَقَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

أنَّهُ جَاهِلٌ

قال تعالى قال تعالى( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ) الزمر

قال حرب الكرماني ( قُلْتُ لِإِسْحَاقَ : الرَّجُلُ يَقُولُ لِلْمُشْرِكِ : إِنَّهُ رَجُلٌ عَاقِلٌ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ عُقُولٌ ) مسائله

 

أنَّهُ ظَالِمٌ

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلمٌ عَظِيمٌ) لقمان

قال تعالى (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِين) يونس

قال تعالى (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) المائدة

قال تعالى (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ) النساء

قال السمعاني (( قال الأزهري : {الظَّالِم أَهلهَا} أَي: الْمُشرك أَهلهَا )  تفسير السمعاني

 

أنَّهُ مُتَكَبِّرٌ

قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبرُون) الصافات

قال تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين) غافر

قال أبو المظفر السمعاني (وَقَوله: {إِن الَّذين يَسْتَكْبِرُونَ عَن عبادتي} أَي: عَن دعائي، وَيُقَال: عَن توحيدي ) تفسير السمعاني

قال تعالى (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ) الزمر

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ) يَقُولُ : أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَأْوًى وَمَسْكَنٌ لِمَنْ تَكَبَّرَ عَلَى اللَّهِ ، فَامْتَنَعَ مِنْ تَوْحِيدِهِ ، وَالِانْتِهَاءِ إِلَى طَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَهُ وَنَهَاهُ عَنْهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

أنَّهُ مُجْرِمٌ

قال تعالى (وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقًا   وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ) الكهف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا مِنْجَابٌ، عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: الْمُجْرِمُونَ قَالَ: الْكُفَّارُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن أبي زمنين ({وَرَأى المجرمون} : الْمُشْركُونَ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

 

أنَّّهُ مُسِيئٌ

قال تعالى (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ ۚ قَلِيلًا مَّا تَتَذَكَّرُونَ ) غافر

قال ابن أبي زمنين ({وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى} الْكَافِر عمي عَن الْهدى {وَالْبَصِيرُ} الْمُؤمن أبْصر الْهدى  . {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ} : الْمُشرك ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

أنَّهُ ضَالٌ

قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ) النساء

 

أنَّهُ خَاسِرٌ

قال تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الزمر

قال تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ال عمران

 

أنَّهُ نَجِسٌ

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا ۚ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة

 

أنّهُ حَطَبُ جَهَنَّمَ

قال تعالى (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ) الأنبياء

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ ( حَصَبُ جَهَنَّمَ ) قَالَ : حَطَبُهَا

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، ( مَثَلَهُ ) ! وَزَادَ فِيهِ : وَفَى بَعْضِ الْقِرَاءَةِ ( حَطَبُ جَهَنَّمَ ) يَعْنِي فِي قِرَاءَةِ عَائِشَةَ ) جامع البيان في تأويل القران

وُجُوبُ البَرَاءَةُ مِنَ الشُرَكَاءِ لِتَحْقِيقِ كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

 

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ  إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ   وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ : ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القرآن

 

قال تعالى  (أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون) الأنعام

قال بن ابي حاتم الرازي (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، ثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثنا سَلَمَةُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ أتا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّمَّامُ بْن زَيْدٍ وَقَرْدَمُ بن كعب وبحرى ابن عَمْرٍو، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال تعالى عن لسان يوسف عليه السلام  (يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّار . مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون) يوسف

قال بن ابي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن الحسين، ثنا حمد بْنُ عِيسَى، ثنا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَعَاهُمَا إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلامِ فَقَالَ: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ. أَيْ: خَيْرٌ أَنْ تَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا، أَمِ آلِهَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ لَا تُغْنِي عَنْكُمْ شَيْئًا مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال مسلم (حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِيَانِ الْفَزَارِيَّ ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " مَنْ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، حَرُمَ مَالُهُ ، وَدَمُهُ ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ "

حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ السُّلَمِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ) كتاب الايمان

 

وَ هَذا مَا فَهِمَهُ  الكُفَّارُ مِنْ دْعَوَةِ الرَّسُلِ

 

قال تعالى (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ   وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) الصافات

 

 

قال تعالى في  ذكر دعوة نوح لقومه( إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ   قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ   أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) نوح

فكان ردّّهم كما بينه تعالى (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا  وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا  وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا ) نوح

فَكَانَتْ دَعْوَتُهُ (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ) فَفَهِمُوا مِنْهَا النَهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الأصْنَامِ (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)

قال تعالى (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) الشعراء

جاء في تفسير يحيى بن سلام (عَمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ، وَعَنْ ذَمِّ آلِهَتِنَا وَشَتْمِهَا )

 

قال تعالى (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَـــالَ يَا قَوْمِ اعْبُـــدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْــرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ قَالُـوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَـانَا أَن نَّعْبُدَ مــَا يَعْــبُدُ آبَاؤُنَــا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) هود

فَكَانَتْ دَعْوَتُهُ (اعْبُـــدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْــرُهُ  ) فَفَهِمُوا مِنْهَا النَهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الأصْنَامِ (قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَـانَا أَن نَّعْبُدَ مــَا يَعْــبُدُ آبَاؤُنَــا )

 

قال تعالى (وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ   يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ   قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ) هود

فَكَانَتْ دَعْوَتُهُ (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ ) فَفَهِمُوا مِنْهَا النَهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الأصْنَامِ (قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)

 

قال تعالى (وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ   وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ  بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ   قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ) هود

فَكَانَتْ دَعْوَتُهُ (يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ) فَفَهِمُوا مِنْهَا النَهْيَ عَنْ عِبَادَةِ الأصْنَامِ (قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ)

 

 

قال الامام أحمد في مسنده (حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ أَشْعَثَ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتَخَلَّلُهَا يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا قَالَ وَأَبُو جَهْلٍ يَحْثِي عَلَيْهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ لَا يَغُرَّنَّكُمْ هَذَا عَنْ دِينِكُمْ فَإِنَّمَا يُرِيدُ لِتَتْرُكُوا آلِهَتَكُمْ وَتَتْرُكُوا اللَّاتَ وَالْعُزَّى قَالَ وَمَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قُلْنَا انْعَتْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بَيْنَ بُرْدَيْنِ أَحْمَرَيْنِ مَرْبُوعٌ كَثِيرُ اللَّحْمِ حَسَنُ الْوَجْهِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ أَبْيَضُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ سَابِغُ الشَّعْرِ ) أول مسند المدنيين رضي الله عنهم أجمعين

 

فَهَذَا  أَبُو جَهْلٍ عمل أنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تَعْنِي البَرَاءَةُ مِنْ  اللَّاتَ وَالْعُزَّى و تَرْكَهَا

 

 قال تعالى  (وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُون) ال عمران

 

قال بن ابي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عمرو زينج، ثنا سَلَمَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو نَافِعٍ الْقُرَظِيُّ حِينَ اجْتَمَعَتِ الأَحْبَارُ مِنْ يَهُودٍ وَالنَّصَارَى مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِأَتُرِيدُ مِنَّا يَا مُحَمَّدُ أَنْ نَعْبُدَكَ كَمَا تَعْبُدُ النصارى عيسى بن مَرْيَمَ؟ قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ نصراني يقال له: الرئيس: أو ذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعوا وكما قَالَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ نَأْمُرَ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، مَا بِذَلِكَ بَعَثَنِي وألا أَمَرَنِي أَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

فَهُؤَلاءِ  نَصَارَى   نَجْرَانَ  عَلِمُوا أنَّ الاسْلام يَعْنِي تَرْكَ عِبَادَةِ عِيسَى بن مَرْيَمَ  عَلَيْهِ السَلام

 

 

قال تعالى  (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ) الانعام

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ ، ثَنَا سَلَمَةُ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّمَّامُ بْنُ زَيْدٍ ، وَقَرْدَمُ بْنُ كَعْبٍ ، وَبَحْرِيُّ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، بِذَلِكَ بُعِثْتُ ، وَإِلَى ذَلِكَ أَدْعُو. فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ وَفِي قَوْلِهِمْ: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهُ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبِي ، نا مُؤَمَّلُ ، نا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَالِمًا ، يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ بَارِيًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ رَازِقًا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ ضَرًّا أَوْ نَفْعًا أَوْ مَوْتًا أَوْ حَيَاةً أَوْ نُشُورًا ، بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَخْرَسَ لِسَانَهُ ، وَأَعْمَى بَصَرَهُ ، وَجَعَلَ عَمَلَهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ، وَقَطَعَ بِهِ الأَسْبَابَ ، وَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ ) السنة لعبد الله بن أحمد   


 وَ هَذَا مَا خَالَفَ فِيهِ قُرَيْش وَ حَارَبُوا لأجْلِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ أصْحَابِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ

قال اللالكائي ( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى، أَصْبَحَ يُحَدِّثُ النَّاسَ بِذَلِكَ، فَارْتَدَّ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَفُتِنُوا بِذَلِكَ عَنْ دِينِهِمْ، وَسَعَى رِجَالٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالُوا: هَلْ لَكَ إِلَى صَاحِبِكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَقَالَ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ، قَالُوا: وَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي لَيْلَةٍ، وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي لأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوَاحَةٍ، فَلِذَلِكَ سُمِيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا وَهَجَرَ الأَوْثَانَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ مِنْ ضَعْفَى النَّاسِ، حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ غَيْرُ مُنْكِرِينَ لِمَا يَقُولُ، يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ عَلَيْهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ: إِنَّ غُلامَ ابْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا وَيُشِيرُونَ إِلَيْهِ لَيُكَلِّمُ زُعَمَاءَ مِنَ السَّمَاءِ، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَابَ آلِهَتَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَذَكَرَ هَلاكَ آبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا كُفَّارًا، فَنَابَذُوا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَادَوْهُ، فَلَمَّا ظَهَرَ الإِيمَانُ وَتُحُدِّثَ بِهِ، ثَارَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَنْ آمَنَ مِنْ قَبَائِلِهِمْ، يُسَبِّحُونَهُمْ، وَيُعَذِّبُونَهُمْ وَأَرَادُوا فِتْنَتَهُمْ عَنْ دِينِهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَفَرَّقُوا فِي الأَرَضِينَ، قَالُوا: أَيْنَ نَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: هَا هُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ الْحَبَشَةِ، وَكَانَتْ أَحَبَّ الأَرْضِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَيْهَا "، فَهَاجَرَ نَاسٌ ذُو عَدَدٍ، مِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

وُجُوبُ البَرَاءَةُ مِنَ الشِرْكِ بِاللهِ

 

قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ : كَلِمَةُ السَّوَاءِ لَا إِلَهَ إِلَّا الله ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ مَا الْإِيمَانُ قَالَ الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَبِلِقَائِهِ وَرُسُلِهِ وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ قَالَ مَا الْإِسْلَامُ قَالَ الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ قَالَ مَا الْإِحْسَانُ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الْآيَةَ ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ جَعَلَ ذَلِك كُلَّهُ مِنْ الْإِيمَانِ ) بَاب سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ وَبَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ

 

وَمَنْ لَمْ يَرَ تَرْكَ الشِرْكِ وَاجِبًا لِتَحْقِيقِ الاسْلاَمِ فَهُوَ كَافِرٌ مُعَانِدٌ لِهَذَا الحَدِيثِ

قال أبو بكر الخلال (َأَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَسَدِيُّ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ، " عَنِ الإِسْلامِ، وَالإِيمَانِ؟ فَقَالَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَالإِسْلامُ الإِقْرَارُ "، قَالَ: وَسَأَلْتُ أَحْمَدَ، عَنْ مَنْ قَالَ فِي الَّذِي قَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  إِذْ سَأَلَهُ عَنِ الإِسْلامِ، فَقَالَ لَهُ: فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَنَا مُسْلِمٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا الَّذِي قَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  ( ترك الشرك ) فَإِنَّهُمْ مُسْلِمُونَ أَيْضًا فَقَالَ: هَذَا مُعَانِدٌ لِلْحَدِيثِ ) كتاب السنة

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ ) باب وجوب الزكاة

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَي التُّجِيبِيُّ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ ، جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَمِّ ، " قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ " ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ : يَا أَبَا طَالِبٍ ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى ، أَنْ يَقُولَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ) كِتَاب الإِيمَانِ

 

فَفَهِمَ  أَبُو جَهْلٍ أنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ترك مِلَّة عَبْدِ الْمُطَّلِب القَائِمَةُ عَلَى الشِّرْكِ

 

 قال الحافظ إسحاق بن منصور الكوسج (قلت لإسحاق: إذا جاء رجل من أهل الذمة فقال: اعرض عليّ الإسلام؟

قال: فإن السنة في ذلك أن يعرض عليه أن يقول:  أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، وأقررت بكل ما جاء من عند الله عز وجل، وبرئت من كل دين سوى دين الإسلام فهذا العرض التام الذي اجتمع العلماء على قبول ذلك، وصيروه دخولاً في الإسلام، وبراءة من الشرك فإن اقتصر العارض على المشرك الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فهذا دخول في الإسلام إذا كان ذلك على معنى الدخول في الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه مدراس اليهودي، فعرض على اليهودي الإسلام، قال هذا، فلما قال، ومات اليهودي قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلوا على أخيكم ) وإنما احتطنا أن يكون الذي يعرض على الذمي الإسلام يعرض عليه الخصال الأربع، لكي لا يكون عليه خلاف من العلماء ) مسائله عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه 3370

 

وُجُوبُ تَكْفِير الكَافِرِ

قال تعالى (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) الزمر

قال تعالى ( مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ ) التوبة

وقال تعالى ( حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِين   قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ )  الأعراف

قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ   لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ   وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ   وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ   وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون

جاء في فضائل القران لاِبن ضريس (أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ يَقُولُ:   أَكْثِرُوا قِرَاءَةَ قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَابْرَءُوا مِنْهُمْ )

 

قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَقَالَ:   تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُصَلِّي الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَنْصَحُ لِلْمُسْلِمِ، وَتَبْرَأُ مِنَ الْكَافِرِ ( و في رواية  : وَتَبْرَأَ مِنَ الْمُشْرِكِ ) ) من حديث جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال مسلم (حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ . ح وحَدَّثَنَا وَهَذَا حَدِيثُهُ ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ : مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ، حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ ، فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ ، قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ ، مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) كتاب الايمان

فالبَرَاءَةُ مِنْ المُشْرِكِينَ بَرَاءَةٌ مُطْلَقَةٌ لاَ تَتَحَقّقُ إلاّ بِتَكْفِيرِهِم

قال اللالكائي (وَرُوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّه لَعَنَهُمْ وَتَبْرَ أَ مِنْهُمْ ( أي القدرية )  وَلَا يَجُوزُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَتَبَرَّ أَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

فَاِحْتَجَ - رَحِمَهُ الله - بِبَرَاءَةِ ابْنُ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مِنْ القَدَرِيَةِ عَلَى تَكْفِيرِهِمُ

 

وَ قَدْ كَانَ الصَحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ يَعْلَمُونَ كُفْرَ ضَلاَلَ مَنْ خَالَفَهُم مِنَ القَبَائِلِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا مِنْ هَذَا الْحَيِّ مِنْ رَبِيعَةَ قَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلَّا فِي كُلِّ شَهْرٍ حَرَامٍ فَلَوْ أَمَرْتَنَا بِأَمْرٍ نَأْخُذُهُ عَنْكَ وَنُبَلِّغُهُ مَنْ وَرَاءَنَا قَالَ آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَأَنْ تُؤَدُّوا إِلَى اللَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ ) باب نسبة اليمن إلى إسماعيل منهم أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة

 

قال إسماعيل بن يحيى المزني (والإمساك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة والبراءة مِنْهُم فِيمَا أَحْدَثُوا مَا لم يبتدعوا ضلالا  فَمن ابتدع مِنْهُم ضلالا كَانَ على أهل الْقبْلَة خَارِجا وَمن الدّين مارقا  ويتقرب إِلَى الله عز وَجل بِالْبَرَاءَة مِنْهُ ويهجر ويحتقر وتجتنب غدته فَهِيَ أعدى من غُدَّة الجرب ) شرح السنة

 

قال البربهاري   ( ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله، أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله،  وإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه  من الإسلام . وإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة ) شرح السنة ص 81

 

قال ابن بطة العكبري (فَمَنْ أَنْكَرَ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى كَلامًا بِصَوْتٍ تَسْمَعُهُ الأُذُنَانِ ، وَتَعِيهِ الْقُلُوبُ ، لا وَاسِطَةَ بَيْنَهُمَا ، لا تُرْجُمَانَ وَلا رَسُولَ ، فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَجَحَدَ بِالْقُرْآنِ ، وَعَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ ، فَإِنْ تَابَ وَرَجَعَ عَنْ مَقَالَتِهِ ، وَإِلا ضَرَبَ عُنُقَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ الإِمَامُ وَصَحَّ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذِهِ مَقَالَتُهُ ، فَفَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هِجْرَانُهُ وَقَطِيعَتُهُ ، فَلا يُكَلِّمُونَهُ ، وَلا يُعَامِلُونَهُ ، وَلا يَعُودُونَهُ إِذَا مَرِضَ ، وَلا يَشْهَدُونَهُ إِذَا مَاتَ ، وَلا يُصَلَّى خَلْفَهُ ، وَمَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَعَادَ الصَّلاةَ ، وَلا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، وَلا يُزَوَّجُ ، وَإِنْ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلا أَنْ يَتُوبَ ) الابانة الكبرى 6/31

 

قال أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي ( عَقِيدَةُ الإمَامِ مُحَمَّد بْنُ يَحْيَى الذُهْلِي: 18 - وَ لاَ نُكَفِرُ أحَدًا مِن أهْلِ القِبْلَةِ بِذَنْبٍ ، وَ لاَ نَشْهَدُ عَلَيْهِم بِشِرْكٍ إلاّ مَنْ كَانَ مِنْ جَهْمٍ وَ أصْحَابِ جَهْمٍ  ) مختصر الحجة على تارك المحجة

 

فَالاخْتِلاَفُ فِي التَوْحِيدِ يُوجِبُ التَكْفِيرَ وَ البَرَاءَةَ

 

قال ابن بطة العكبري ( فَأَمَّا الاخْتِلافُ فَهُوَ يَنْقَسِمُ إِلَى وَجْهَيْنِ :

 أَحَدِهِمَا اخْتِلافٌ الإِقْرَارُ بِهِ إِيمَانٌ وَرَحْمَةٌ وَصَوَابٌ وَهُوَ الاخْتِلافُ الْمَحْمُودُ الَّذِي نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَمَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَرَضِيَتْ بِهِ الأُمَّةُ وَذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ وَالأَحْكَامِ الَّتِي أُصُولُهَا تَرْجِعُ إِلَى الإِجْمَاعِ وَالائْتِلافِ

وَاخْتِلافٌ هُوَ كُفْرٌ وَفُرْقَةٌ وَسُخْطَةٌ وَعَذَابٌ يَؤُولُ بِأَهْلِهِ إِلَى الشَّتَاتِ وَالتَّضَاغُنِ وَالتَّبَايُنِ وَالْعَدَاوَةِ وَاسْتِحْلالِ الدَّمِ وَالْمَالِ وَهُوَ اخْتِلافُ أَهْلِ الزَّيْغِ فِي الأُصُولِ وَالاعْتِقَادِ وَالدِّيَانَةِ ) الابانة الكبرى -   بَابُ التَّحْذِيرِ مِنِ اسْتِمَاعِ كَلامِ قَوْمٍ يُرِيدُونَ نقض الاسلام

 

قال أبو المظفر السمعاني (نقول إن الدلائل القطعية قد قامت لأهل السنة على ما يوافق عقائدهم فثبت ما اعتقدوه قطعا فحكم ببطلان ما يخالفه قطعا وإذا حكمنا ببطلان ذلك قطعا ثبت أنهم ضلال ومبتدعة ونذكر مشروع هذا الكلام ومدخله على وجه آخر فنقول: إن الاختلاف بين الأمة على ضربين

 اختلاف يوجب البراءة ويوقع الفرقة ويرفع الألفة واختلاف لا يوجب البراءة ولا يرفع الألفة فالأول كالاختلاف في التوحيد. قال: من خالف أصله كان كافرا وعلى المسلمين مفارقته والتبرؤ منه وذلك لأن أدلة التوحيد كثيرة ظاهرة متواترة قد طبقت العالم وعم وجودها في كل مصنوع فلم يعذر أحد بالذهاب عنها وكذلك الأمر في النبوة لقوة براهينها وكثرة الأدلة الباهرة الدالة عليها وكذلك كل ما كان من أصول الدين فالأدلة عليها ظاهرة باهرة والمخالف فيه معاند مكابر والقول بتضليله واجب والبراءة منه شرع. ولهذا قال ابن عمر حين قيل له: إن قوما يقولون: لا قدر. فقال: بلغوهم أن ابن عمر منهم برئ وأنهم منى براء وقد استجار مثل هذا التعنيف في الفروع. وقال ابن عباس: من شاء باهلته أن الله تعالى لم يجعل في المال نصفا ونصفا وثلثا. وقالت عائشة رضى الله عنها: أبلغوا زيد بن أرقم أن جهاده مع رسول صلى الله عليه وسلم قد بطل. ونحو هذا من الآثار إلا أن هذا النوع من الوعيد ليس هو على المذهب الأول إنما هو تعنيف على التقصير في النظر وتحريض على الاجتهاد وتحريض على التأمل.

والضرب الآخر من الاختلاف لا يزيل الألفة ولا يوجب الوحشة ولا يوجب البراءة ولا يقطع موافقة الإسلام وهو الاختلاف الواقع في النوازل التي عدمت فيها النصوص في الفروع وغمضت فيها الأدلة فيرجع في معرفة أحكامها إلى الاجتهاد ويشبه أن يكون إنما غمضت أدلتها وصعب الوصول إلى عين المراد منها امتحانا من الله سبحانه وتعالى لعباده لتفاضل في درجات العلم ومراتب الكرامة كما قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الذينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] ) قواطع الادلة ج2 ص 308

 

 

جَمْعُ المَنْفِيَاتِ الثَلاَثَةُ فِي سُورَةِ الكَافِرُونَ

 

وَ قَدْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ المَنْفِيَات الثَلاَثَةُ فِي  قَوْلِهِ تَعَالَى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ   لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ  وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ   وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ  وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون

فَقَوْلِهِ (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بَرَاءَةُ مِنَ أهْلِ الشِرْكِ وَ نِسْبَتُهُمْ للكُفْرِ

جاء في فضائل القران لاِبن ضريس (أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجَوْزَاءِ يَقُولُ:   أَكْثِرُوا قِرَاءَةَ قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَابْرَءُوا مِنْهُمْ )

وَقَوْلُهُ (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ  وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ   وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ  وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ  ) بَرَاءَةُ مِنَ  الشُرَكَاءِ وَ المَعْبُودَاتِ مِنْ دُونِ اللهِ تَعَالَى

قال ابن أبي زمنين (قَوْله: {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} من الْأَوْثَان .. {وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ} من الْأَوْثَان) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان ( ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) يقول: لا أعبد آلهتكم التي تعبدون اليوم، ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) إلهي الذي أعبده اليوم، ( مَا أَعْبُدُ ).ثم قال: ( وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ) فيما بعد اليوم، ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ) فيما بعد اليوم، ( لَكُمْ دِينُكُمْ ) الذي أنتم عليه، (  وَلِيَ دِينِ )الذي أنا عليه.ثم انصرف عنهم، فقال بعضهم: تبرأ ها منكم )

وَقَوْلُهُ (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) بَرَاءَةُ مِنَ الشِرْكِ وَ الأدْيَانِ الأُخْرَى  عَدَا الاسْلاَمِ

قال ابن أبي شيبة (حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ؟ قَالَ: " اقْرَأْ: قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ، ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " ) المصنف

قال البخاري (سُورَةُ قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ يُقَالُ: لَكُمْ دِينُكُمْ: الْكُفْرُ وَلِيَ دِينِ الْإِسْلَامُ ) كتاب تفسير القران

قال ابن أبي زمنين ({لكم دينكُمْ} الْكفْر {ولي دين} الإِسْلامُ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

أَخْذُ النَّاس وَمُحَاسَبَتِهِم بِظَاهِرِهِم

 

كَلَّفَ اللهُ عَزَّ وَجَلّ عِبَادَهُ بِالحُكْمِ عَلَى النَّاسِ بِظَاهِرِ أفْعَالِهِم وَ أَقْوَالِهِم وَ تَرْكِ سَرَائِرِهِم إلَى للهِ تَعَالَى

 

وَ مِنَ الأدِلًّةِ عَلَى أَخْذِ النَاسِ بِظَاهِرِهِم

 

قال تعالى (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ) الأنعام

قال الشافعي (وَهَذَا مُوَافِقٌ مَا كَتَبْنَا قَبْلَهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى مَا ظَهَرَ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَلِيُّ مَا غَابَ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِقَوْلِهِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا ذَكَرْنَا وَفِي غَيْرِهِ فَقَالَ { مَا عَلَيْك مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ كَانَ يَعْرِفُهُ بِمَا شَاءَ اللَّهُ فِي دِينِهِ " أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ ؟ " قَالَ نَعَمْ قَالَ " إنِّي لِأَحْسِبك مُتَعَوِّذًا " قَالَ أَمَّا فِي الْإِيمَانِ مَا أَعَاذَنِي ؟ فَقَالَ عُمَرُ بَلَى { وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجُلٍ هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمْ مَعَهُ حَتَّى أَثْخَنَ الَّذِي قَالَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَآذَتْهُ الْجِرَاحُ فَقَتَلَ نَفْسَهُ } . وَلَمْ يَمْنَعْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا اسْتَقَرَّ عِنْدَهُ مِنْ نِفَاقِهِ وَعُلِمَ إنْ كَانَ عَلِمَهُ مِنْ اللَّهِ فِيهِ مِنْ أَنْ حَقَنَ دَمَهُ بِإِظْهَارِ الْإِيمَانِ ) الأم -  كتاب الحدود وصفة النفي

 

قال تعالى (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ   إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَىٰ رَبِّي ۖ لَوْ تَشْعُرُونَ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ) الشعراء

جاء في تفسير  يحيى بن سلام ( قَالَ: {وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الشعراء: 112] ، أَيْ: بِمَا يَعْمَلُونَ، إِنَّمَا أَقْبَلُ مِنْهُمُ الظَّاهِرَ وَلَيْسَ لِي بِبَاطِنِ أَمْرِهِمْ عِلْمٌ )

قال ابن جرير الطبري (قَالَ نُوحٌ لِقَوْمِهِ : وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانَ أَتْبَاعِي يَعْمَلُونَ ، إِنَّمَا لِي مِنْهُمْ ظَاهِرُ أَمْرِهِمْ دُونَ بَاطِنِهِ ، وَلَمْ أُكَلَّفْ عِلْمَ بَاطِنِهِمْ ، وَإِنَّمَا كُلِّفْتُ الظَّاهِرَ ، فَمَنْ أَظْهَرَ حَسَنًا ظَنَنْتُ بِهِ حَسَنًا ، وَمَنْ أَظْهَرَ سَيِّئًا ظَنَنْتُ بِهِ سَيِّئًا . يَقُولُ : إِنْ حِسَابُ بَاطِنِ أَمْرِهِمُ الَّذِي خَفِيَ عَنِّي إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ، فَإِنَّهُ يَعْلَمُ سِرَّ أَمْرِهِمْ وَعَلَانِيَتَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ ۚ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) التوبة

 

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ , ثَنَا شَبَابَةُ, ثَنَا وَرْقَاءُ, عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ سَنَقُولُ لَهُ: مَا شِئْنَا ثُمَّ نَحْلِفُ لَهُ فَيُصَدِّقُنَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ, ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ , ثَنَا عَامِرُ بْنُ الْفُرَاتِ, ثَنَا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلُهُ: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ يَقُولُ: يُؤْمِنُ إِذَا حُلِفَ لَهُ بِاللَّهِ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن جرير الطبري (وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ جَمَاعَةٌ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَعِيبُونَهُ ( وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ ) سَامِعَةٌ ، يَسْمَعُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مَا يَقُولُ فَيَقْبَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ) جامع البيان في تأويل القرآن

 

قال تعالى (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة

قال ابن زمنين ({وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وتدلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام} تَفْسِير الحَسَن: هُوَ الرجل يَأْكُل مَال الرجل ظلما، ويجحده إِيَّاه، ثمَّ يَأْتِي بِهِ إِلَى الْحُكَّام، والحكام إِنَّمَا يحكمون بِالظَّاهِرِ؛ فَإِذا حكم لَهُ، استحله بِحكمِهِ. {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُم تعلمُونَ} أَنَّهُ لَيْسَ لكم بِحَق ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، يَقُولُ : بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا ، قَالَ : فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ ، وَزَيْدِ الْخَيْلِ ، وَالرَّابِعُ إِمَّا عَلْقَمَةُ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلَاءِ ، قَالَ : فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً ؟ " قَالَ : فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ ، مُشَمَّرُ الْإِزَارِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّقِ اللَّهَ ، قَالَ : " وَيْلَكَ ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ " ، قَالَ : ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ قَالَ : " لَا ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي " ، فَقَالَ خَالِدٌ : وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ " ، قَالَ : ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ ، فَقَالَ : " إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ " ، وَأَظُنُّهُ قَالَ : " لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ ) كتاب المغازي

 

قال مسلم (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ ) بَاب الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ وَاللَّحْنِ بِالْحُجَّةِ

 

قال الشافعي  (فَأَعْلَمَ أَنَّ حُكْمَهُ كُلَّهُ عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَحُكْمُ اللَّهِ عَلَى الْبَاطِنِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ تَوَلَّى الْبَاطِنَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِرَجُلٍ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ خِلَافَهُ إنِّي لَأَحْسَبُك مُتَعَوِّذًا فَقَالَ أَمَا فِي الْإِسْلَامِ مَا أَعَاذَنِي ؟ فَقَالَ أَجَلْ إنَّ فِي الْإِسْلَامِ مَا أَعَاذَ مَنْ اسْتَعَاذَ بِهِ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْنَا إلَّا أَنَّهُ وَافَقَنَا عَلَى قَتْلِ الْمُرْتَدِّ وَأَنْ يُجْعَلَ مَالُهُ فَيْئًا فَكَانَ حُكْمُهُ عِنْدَهُ حُكْمَ الْمُحَارِبِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ أَصْلُ قَوْلِهِ فِي الْمُحَارَبِ أَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ الْإِيمَانَ فِي أَيِّ حَالٍ مَا كَانَ إسَارٍ أَوْ تَحْتَ سَيْفٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ عَلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ حَقَنَ دَمَهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ أَنْ يُقْتَلَ مَنْ أَظْهَرَ الْإِيمَانَ بِأَيِّ حَالٍ كَانَ وَإِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ رَجَعَ ) الأم  - كتاب الحدود وصفة النفي

 

و قال الشافعي أيضًا (فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِ الْخَصْمَيْنِ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لَهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَى مَا يَعْلَمَانِ، وَمِنْ مِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ كتاب اللَّهِ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل : ( إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ إِلَى قَوْلِهِ: لَكَاذِبُونَ) ، فَحَقَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  دِمَاءَهُمْ بِمَا أَظْهَرُوا مِنَ الْإِسْلَامِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَى الْمُنَاكَحَةِ وَالْمُوَارَثَةِ، وَكَانَ اللَّهُ أَعْلَمَ بِدِينِهِمْ بِالسَّرَائِرِ فَأَخْبَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ فِي النَّارِ، فَقَالَ: ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) ) كتاب الأم  ج 6 ص 332

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ قَالَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) باب ما ذكر في الأسواق

 

فَدَلَّتْ هَذِهِ الأدِلَّةُ عَلَى أخْذِ النَّاسِ بِظَاهِرِهِم  وَ مُعَامَلَتِهِم بِهِ  . حَتّى المُعَامَلَةُ مَعَ الجُيُوشِ الغَازِيّة تَكُونُ بِالأخْذِ بِظَاهِرِهِمْ

 

قال البخاري في صحيحه (حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ ) باب الشهداء العدول

 

وَفِي هَذَا الأثَر إشَارَةٌ أنَّ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم كَانُوا يُكَفّرُونَ مَنْ تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ طَائِعًا مُخْتَارًا أَخْذاً بِظَاهِرِهِ

 

قال الشافعي (الْأَحْكَامُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْمُغَيَّبِ وَمَنْ حَكَمَ عَلَى النَّاسِ بِالْإِزْكَانِ ( أي بالباطن ) جَعَلَ لِنَفْسِهِ مَا حَظَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا يُوَلِّي الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ عَلَى الْمُغَيَّبِ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا هُوَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ، وَكَلَّفَ الْعِبَادَ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ الْعِبَادِ بِالظَّاهِرِ ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ بِبَاطِنٍ عَلَيْهِ دَلَالَةٌ كَانَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كتاب الأم - كتاب الوصايا -  باب الوصية للوارث

 

الحُكْمُ بِالظَاهِرِ عَامٌ لاَ مُخَصِّصَ لَهُ

 

و قال الشافعي أيضا (قَدْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَاذِبُونَ وَحَقَنَ دِمَاءَهُمْ بِالظَّاهِرِ فَلَوْ كَانَ حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاطِبٍ بِالْعِلْمِ بِصِدْقِهِ كَانَ حُكْمُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الْقَتْلَ بِالْعِلْمِ بِكَذِبِهِمْ وَلَكِنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ فِي كُلٍّ بِالظَّاهِرِ وَتَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ السَّرَائِرَ وَلِئَلَّا يَكُونَ لِحَاكِمٍ بَعْدَهُ أَنْ يَدَعَ حُكْمًا لَهُ مِثْلَ مَا وَصَفْت مِنْ عِلَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَكُلُّ مَا حَكَمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ عَامٌّ حَتَّى يَأْتِيَ عَنْهُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ خَاصًّا أَوْ عَنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يُمْكِنُ فِيهِمْ أَنْ يَجْعَلُوا لَهُ سُنَّةً أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) الأم -  مسائل في الجهاد والجزية - الْمُسْلِمُ يَدُلُّ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ

 

 

الكُفْرُ عِنْدَ أهْلِ الاسْلاَمْ كَمَا يَكُونُ بٍالجُحُودِ القَلْبِي يَكُونُ كَذَلِكَ بِالقَوْلِ وَ العَمَلِ

وَ الدَّلِيلُ أنّ الكُفْرَ يَكُونُ بِالقَلْبِ

قال تعالى (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ) الانعام

قال تعالى (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) النمل

قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ ۚ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَمِنْ هَٰؤُلَاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ ) العنكبوت

وَ مِثَالُهُ : كَرَاهِيَةُ شَرْعِ اللهِ تَعَالَى

قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ  ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ) محمد

 

وَ الدَّلِيلُ أنّ الكُفْرَ يَكُونُ بِاللِسَانِ وََ القَوْلِ

قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ  لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة

قال ابن أبي زمنين (قَالَ قَتَادَةُ: قَالُوا: عِيسَى إِلَهٌ، وَأُمُّهُ إِلَهٌ، وَاللَّهُ إِلَهٌ. قَالَ اللَّهُ:  (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَه وَاحِد ) ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) الكهف

قال تعالى (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ۚ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ ۖ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) التوبة

 فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ الكُفْرَ كَلِمَةٌ وَ الكَافِرَ هُوَ القَائِلَ بِهَا 

وَ مِثْلَ الكُفْرِ القَوْلِي : دُعَاءُ غَيْرِ اللهِ أوْ الوَقِيعَةُ فِي دِينِ اللهِ وَ اِنْ كَانَ مَع الاقْرَارِ بِهَذَا الدِينِ

قال تعالى ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) الاحقاف

قال تعالى (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ ۖ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ ۚ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ) الرعد

قال محمد بن نصر المروزي (قَالَ إِسْحَاقُ بن راهويه : وَكُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْوَقِيعَةِ فِي اللَّهِ عز وجل  أَوْ فِي شَيْءٍ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ، فَهُوَ كُفْرٌ، يُخْرِجُهُ مِنْ إِيمَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ) تعظيم قدر الصلاة

 

وَ الدَّلِيلُ أنّ الكُفْرَ يَكُونُ بِِِالعَمَلِ وَ الفِعْلِ

قال تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل

وَ مَعْلُومٌ أنَّّهُ لَمْ يُرِدْ اللهُ بِِالكُفْرِ هُنَا اعْتِقَادُ القَلْبِ  ، لأنَّ ذَلِكَ لاَ يُكْرَهُ العَبْدُ عَلَيْهِ، وَ سُبْحَانَهُ قَدْ اسْتَثْنَى مَنْ أُكْرِهَ فَعُلِمَ أنَّهُ عزَّ وَجَلَّّ أرَادَ هُنَا القَوْلَ أوِ العَمَل

قال تعالى (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ هَذَا فَهُوَ مُشْرِكٌ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى (لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ ۗ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) النساء

قال بن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثِنَا حَمَّادٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، فِي قَوْلِهِ: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ قَالَ: هُوَ الْكَافِرُ، ثُمَّ قَرَأَ وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال محمد بن نصر المروزي  ( قال الإمام إسْحَاق بْنُ رَهَوِيه : وَمِمَّا أَجْمَعُوا عَلَى تَكْفِيرِهِ وَحَكَمُوا عَلَيْهِ كَمَا حَكَمُوا عَلَى الْجَاحِدِ فَالْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنَ بِاللَّهِ تَعَالَى وَمِمَّا جَاءَ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا، وَيَقُولُ: قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَرَّمٌ فَهُوَ كَافِرٌ ) تعظيم قدر الصلاة للمروزي

وَ مِثْلَ الكُفْرِ العَمَلِي: السُجُودُ وَ الرُّكُوعُ وَ الصَّلاةُ  وَ القِيَامُ و الذّّبْحُ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَ الطَّوَافُ بِغَيْرِ بَيْتْ اللهِ الحَرَام

قال تعالى (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ ) النمل

جاء في تفسير القران لعبد الرزاق الصنعاني (عن الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلُولِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كَانَ رَاهِبٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ وَامْرَأَةٌ زَيَّنَتْ لَهُ نَفْسَهَا فَوَقَعَ عَلَيْهَا فَحَمَلَتْ فَجَاءَهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : اقْتُلْهَا فَإِنَّهُمْ إِنْ ظَهَرُوا عَلَيْكَ افْتَضَحْتَ فَقَتَلَهَا فَدَفَنَهَا ، فَجَاءُوهُ فَأَخَذُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَبَيْنَمَا هُمْ يَمْشُونَ إِذْ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ ، فَقَالَ : أَنَا الَّذِي زَيَّنْتُ لَكَ فَاسْجُدْ لِي سَجْدَةً أُنْجِيكَ فَسَجَدَ لَهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ الْآيَةَ " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ) و كذلك في جاء في  المستدرك على الصحيحين- حِكَايَةُ إِغْوَاءِ الشَّيْطَانِ رَاهِبًا

قال البربهاري   ( ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد آية من كتاب الله، أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله،  وإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه  من الإسلام . وإذا لم يفعل شيئاً من ذلك فهو مؤمن مسلم بالاسم لا بالحقيقة ) شرح السنة ص 81

 

لاَ يُشْتَرَطُ الجُحُودُ لِتَكْفِيرِ مَنْ تَلَبَّسَ بِالنَّوَاقِضِ القَوْلِيَةِ وِالفِعْلِيَةِ

 

اعْلَمْ أنَّ الايمَان عِنْدَ أهْلِ السُنَّةِ هُوَ اعْتِقَادٌ بِالقَلْبِ وَ قَوْلٌ بِاللِسَانِ وَ عَمَلٌ بِالجَوَارِحِ وَ يُقَابِلُهُ الكُفْرُ الذِي يَكُونُ بِالاعْتِقَادِ وَ القَوْلِ وَ العَمَلِ أمَّا الجَهْمِيَةُ فَيَعْتَقِدُونَ أنَّ الايمَانَ هُوَ المَعْرِفَةُ بِالقَلْبِ وَ الكُفْرُ هُوَ الجُحُودُ حَصْرًا

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثَ قَالَ : سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ : إِنَّ أَهْلَ الْإِرْجَاءِ يَقُولُونَ : إِنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِلَا عَمِلٍ وَيَقُولُ الْجَهْمِيَّةُ : الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ بِلَا قَوْلٍ لَا وَعَمَلٍ ، وَيَقُولُ أَهْلُ السُّنَّةِ : الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَالْقَوْلُ وَالْعَمَلُ ". ) كتاب السنة

و قال الاجري  (أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ عَمْرٍو الْعُكْبَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ : أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ ، وَالْجَهْمَيَّةُ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ   ) كتاب الشريعة

 قال الشهرستاني ( الرواندى و بشر المريسى قالا : الايمان هو التصديق بالقلب واللسان جميعا ، والكفر هوالجحود والإنكار، والسجود للشمس والقمر والصم ليس بكفر فى نفسه ولكنه علامة الكفر ) الملل و النحل  ج 1 ص 141

و قال الشهرستاني عن الجهمية  ( ومنها قوله [ أي جهم بن صفوان] : من أتى بالمعرفة ثم جحد بلسانه لم يكفر بجحده ، لأن العلم والمعرفة لا يزولان بالجحد فهو مؤمن ) الملل و النحل ج 1 ص 74

قال البغدادي ( وكان  بشر المريسي  يقول فى الايمان انه هو التصديق بالقلب واللسان جميعا كما قال ابن الروندي في ان الكفر هو الجحد والانكار وزعما ان السجود للصنم ليس بكفر ولكنه دلالة على الكفر ) الفرق بين الفرق ص 193

 

وَ قَدْ كَفَّرَ السَلَفُ مَنْ قَالَ لاَ كُفْرَ إلاَّ بِالجُحُودِ وَ أنَّ المَعْرِفَةَ تُنْجِي مِنَ الكُفْرِ القَوْلِي وَالعَمَلِي

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ الْوَرَّاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ : سَأَلْتُ أَحْمَدَ ، وَذُكِرَ عِنْدَهُ الْمُرْجِئَةُ ، فَقُلْتُ لَهْ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِذَا عَرَفَ الرَّجُلُ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَقَالَ : الْمُرْجِئَةُ لا تَقُولُ هَذَا ، بَلِ الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ بِهَذَا ، الْمُرْجِئَةُ تَقُولُ : حَتَّى يَتَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ ، وَتَعْمَلَ جَوَارِحُهُ ، وَالْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ : إِذَا عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ جَوَارِحُهُ ، وَهَذَا كُفْرُ إِبْلِيسَ ، قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ ، فَقَالَ : رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ، قُلْتُ : فَالْمُرْجِئَةُ لِمِ كَانُوا يَجْتَهِدُونَ وَهَذَا قَوْلُهُمْ ؟ قَالَ : الْبَلاءُ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ حَمْدَانَ بْنَ عَلِيٍّ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ: إِذَا عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ، وَإِنْ لَمْ تَعْمَلْ جَوَارِحُهُ يَعْنِي، فَهُوَ 

مُؤْمِنٌ، وَهَذَا كُفْرُ إِبْلِيسَ ، قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ ، فَقَالَ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي}

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبَّاسٌ الْوَرَّاقُ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَكِيعًا ، يَقُولُ :  الْجَهْمِيَّةُ تَقُولُ : الإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ ، فَمَنْ قَالَ : الإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ ، وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ  ) كتاب السنة

 

  قال البخاري (قَالَ وَكِيعٌ: أحدروا   هَؤُلَاءِ الْمُرْجِئَةُ [هَؤُلَاءِ] الْجَهْمِيَّةُ، وَالْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ، وَالْمَرِّيسِيُّ جَهْمِيٌّ، وَعَلِمْتُمْ كَيْفَ كَفَرُوا، قَالُوا: يَكْفِيكَ الْمَعْرِفَةُ، وَهَذَا كُفْرٌ، وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا فِعْلٍ، وَهَذَا بِدْعَةٌ، فَمَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ بِمَا أَنزَلَ الله عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يُسْتَتَابُ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ) خلق أفعال العباد

قال ابن نصر المروزي  ( قد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا ، وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط بعد شهادة الله على قلوب من سماهم كافرين بأنهم عارفون فضادوا خبر الله ، وسموا الجاحد بلسانه العارف بقلبه مؤمنا ، وأقرت المرجئة إلا هذه الفرقة أن الإقرار من الإيمان وليس هو منه عمل القلب ) تعظيم قدر الصلاة ج 2 ص 324

قال أبو عبيد القاسم بن سلام (قَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ مِنْ مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ إِيَّانَا فِي أَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ ، عَلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَنَا مُفَارِقِينَ ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى مَذْهَبٍ قَدْ يَقَعُ الْغَلَطُ فِي مِثْلِهِ ، ثُمَّ حَدَّثَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ شَذَّتْ عَنِ الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا الدِّينِ ، فَقَالُوا : الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقُلُوبِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قولٌ وَلَا عملٌ !! وَهَذَا مُنْسَلِخٌ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْحَنَفِيَّةِ ، لِمُعَارَضَتِهِ لِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّدِ وَالتَّكْذِيبِ  ) كتاب الايمان - بَابُ مَنْ جَعَلَ الْإِيمَانَ الْمَعْرِفَةَ بِالْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ

 

الْزَامَاتٌ لِمَنْ جَعَلَ الايمَانَ عَقْدُ القَلْبِ

قال أبو عبيد القاسم بن سلام (وَزَعَمَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ أَنَّ اللَّهَ رَضِيَ عَنْهُمْ بِالْمَعْرِفَةِ ! وَلَوْ كَانَ أَمْرُ اللَّهِ وَدِينُهُ عَلَى مَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ مَا عُرِفَ الْإِسْلَامُ مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَا فُرِّقَتِ الْمِلَلُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، إِذْ كَانَ يَرْضَى مِنْهُمْ بِالدَّعْوَى عَلَى قُلُوبِهِمْ ، غَيْرَ إِظْهَارِ الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ النُّبُوَّةُ ، وَالْبَرَاءَةُ مِمَّا سِوَاهَا وَخَلْعِ الْأَنْدَادِ وْالْآلِهَةِ بِالْأَلْسِنَةِ بَعْدَ الْقُلُوبِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا يَكُونُ مُؤْمِنًا ثُمَّ شَهِدَ رَجُلٌ بِلِسَانِهِ  [قلت : أي كفر قولي]  أَنَّ اللَّهَ ثَانِي اثْنَيْنِ كَمَا يَقُولُ الْمَجُوسُ وَالزَّنَادِقَةُ ، أَوْ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ كَقَوْلِ النَّصَارَى ، وَصَلَّى لِلصَّلِيبِ [أي كفر عملي] وَعَبَدَ النِّيرَانَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ عَلَى الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ ، لَكَانَ يَلْزَمُ قَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يَجْعَلَهُ مُؤْمِنًا مُسْتَكْمِلًا الْإِيمَانَ كَإِيمَانِ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ !! فَهَلْ يَلْفِظُ بِهَذَا أَحَدٌ يَعْرِفُ اللَّهَ أَوْ مُؤْمِنٌ لَهُ بِكِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ ؟ وَهَذَا عِنْدَنَا كفرٌ لَنْ يَبْلُغَهُ إِبْلِيسُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْكُفَّارِ قَطُّ ! ) كتاب الايمان - بَابُ مَنْ جَعَلَ الْإِيمَانَ الْمَعْرِفَةَ بِالْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ

فَبَيَّنَ  أبُو عُبَيْد القَاسِمْ عَقِيدَةَ الجَهْمِيَةِ  فِي تَعْرِفِهِم الايمَان بِالمَعْرِفَةِ القَلْبِيَةِ ثُمَّ ، ألْزَمَهُم الكُفْرَ لِعَدَمِ تَكْفِيرِهِمْ مَنْ وَقَعَ فِي النَّوَاقِضِ القَوْلِيَةِ وَ الفِعْلِيَة

قال الاجري (وَمَنْ قَالَ : الْإِيمَانُ : الْمَعْرِفَةُ، دُونَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، فَقَدْ أَتَى بِأَعْظَمِ مِنْ مَقَالَةِ مَنْ قَالَ: الْإِيمَانُ: قَوْلٌ وَلَزِمَهُ أَنْ يَكُونَ إِبْلِيسُ عَلَى قَوْلِهِ مُؤْمِنًا ، لِأَنَّ إِبْلِيسَ قَدْ عَرَفَ رَبَّهُ : قَالَ {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} وَقَالَ: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} وَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْيَهُودُ لِمَعْرَفَتِهِمْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ أَنْ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} فَقَدْ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَهُ، وَيُقَالُ لَهُمْ : إِيشِ الْفَرَقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ؟ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ قَدْ عَرَفُوا بِعُقُولِهِمْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا وَلَا يُنَجِّيهِمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبِرِّ وَالْبَحْرِ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِذَا أَصَابَتْهُمُ الشَّدَائِدُ لَا يَدْعُونَ إِلَّا اللَّهَ، فَعَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِيمَانَ الْمَعْرِفَةُ كُلُّ هَؤُلَاءِ مِثْلُ مَنْ قَالَ : الْإِيمَانُ : الْمَعْرِفَةُ عَلَى قَائِلِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْوَحْشِيَّةِ لَعْنَةُ اللَّهِ بَلْ نَقُولُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَوْلًا يُوَافِقُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةِ، وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمْ : إِنَّ الْإِيمَانَ مَعْرِفَةٌ بِالْقَلْبِ تَصْدِيقًا يَقِينًا وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ ، وَعَمَلٌ بِالْجَوَارِحِ ، وَلَا يَكُونُ مُؤْمِنًا إِلَّا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ ، لَا يُجْزِئُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ ) الشريعة

قال أبو بكر الخلال ( وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ : هَذَا مُؤْمِنٌ بِإِقْرَارٍ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالزَّكَاةِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَلَمْ يَجِدْ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةً ، أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ إِذَا أَقَرَّ ثُمَّ شَدَّ الزُّنَّارَ فِي وَسَطِهِ وَصَلَّى لِلصَّلِيبِ وَأَتَى الْكَنَائِسَ وَالْبِيَعَ وَعَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ الْكِتَابِ كُلِّهِ ، إِلا أَنَّهُ فِي ذَلِكَ يُقِرُّ بِاللَّهِ ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُؤْمِنًا ، وَهَذِهِ الأَشْيَاءُ مِنْ أَشْنَعِ مَا يَلْزَمُهُمْ ) كتاب السنة - جَامِعُ الإِيمَانِ وَالتَّسْلِيمِ

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الآدَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلامُ بْنُ مِسْكِينٍ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  صَافَحَ أَبَا جَهْلٍ، فَقِيلَ لأَبِي جَهْلٍ: تُصَافِحُ هَذَا الصَّابِئَ، فَقَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا تَبَعًا لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، قَالَ: فَنَزَلَتْ ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ )، قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا أَبُو جَهْلٍ قَدْ عَرَفَ بِقَلْبِهِ، وَعَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَيَلْزَمُ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يُلْحِقَهُ فِي الإِيمَانِ بِأَهْلِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَأَصْحَابِ الشَّجَرَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، غَضِبَ اللَّهُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، وَأَصْلاهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَلا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَلا بَيْنَ الصَّالِحِ وَالطَّالِحِ ) الابانة الكبرى

جاء في الفصل في الملل والأهواء والنحل ( غلاة المرجئية طَائِفَتَانِ أَحدهمَا الطَّائِفَة القائلة بِأَن الْإِيمَان قَول بِاللِّسَانِ وَإِن اعْتقد الْكفْر بِقَلْبِه فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله عز وَجل ولي لَهُ عز وَجل من أهل الْجنَّة وَهَذَا قَول مُحَمَّد بن كرام السجسْتانِي وَأَصْحَابه وَهُوَ بخراسان وَبَيت الْمُقَدّس وَالثَّانيَِة الطَّائِفَة القائلة أَن الْإِيمَان عقد بِالْقَلْبِ وَإِن أعلن الْكفْر بِلِسَانِهِ بِلَا نقية وَعبد الْأَوْثَان أَو لزم الْيَهُودِيَّة أَو النَّصْرَانِيَّة فِي دَار الْإِسْلَام وَعبد الصَّلِيب وأعلن الثتليث فِي دَار الْإِسْلَام وَمَات على ذَلِك فَهُوَ مُؤمن كَامِل الْإِيمَان عِنْد الله عز وَجل ولي لله عز وَجل من أهل الْجنَّة وَهَذَا قَول أبي مُحرز جهم بن صَفْوَان السَّمرقَنْدِي مولى بني راسب كَاتب الْحَارِث بن سُرَيج التَّمِيمِي أَيَّام قِيَامه على نصرين سيار بخراسان وَقَول أبي الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن أبي الْيُسْر الْأَشْعَرِيّ الْبَصْرِيّ وأصحابهما .. وكل هَذَا كفر مَحْض )

  

 

 

دَلَّ القُرْاَنُ عَلَى  أنّ المَطْلُوبُ مَعْنَى كَلِمَةِ التَّوْحِيد وَ لَيْسَ  التَلَفّظُ بِهَا حَرْفِيّا

قال تعالى عَنْ بَلْقِيس (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ ۗ قَالَـتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) النمل

فَقَالَتْ غَيْرَ كَلِمَةِ التَّوْحِيد وَ لَكِّن كَانَ المَعْنَى صَحِيح (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فَتَقَبَّلَهَا اللهُ

قال تعالى  عن السَحَرَة  (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ ۖ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ   قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا  إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ ۗ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ  إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ   وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَىٰ  جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ مَن تَزَكَّىٰ ) طه

فَقَالُوا  غَيرَ كَلِمَةِ التَّوْحِيد  وَ لَكِن كَانَ المَعْنَى صَحِيح (آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ) و قَدْ تَقَبَّلَهُم اللهُ سُبْحُانَهُ

و َكَذَلِكَ كَانَ أَمْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيٍّ حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ وَقَــالَ أَسْلَمْـتُ لِلَّهِ آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْـهُ ) كتاب الديات

فَالرَّجُلُ قَالَ (أَسْلَمْتُ لِلَّهِ )  وَ لَمْ يَقُل الشَّهَادَة  وَ قَدْ عَصَمَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  دَمَهُ لأنَّهُ أتَى بِحَقِيقة  الاسْلام فَالمَطْلُوبُ هُوَ المَعْنَى وَ  لَيْسَ التَّلَفُظُ الفَارغُ مْنَ المَعنَى

 

 

اثْبَاتُ الكُفْرِ لِمَنْ تَلَبَسَ بِهِ وَ لاَ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ اقَامَةُ الحُجَةِ الرِسَالِيَةِ عَلَيْهِ

 

قال تعالى ( وَإِنْ أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَع كَلَام اللَّه ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنه ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْلَمُونَ ) التوبة

سَمّاهُمْ مُشْرِكِينَ مَا فِي أوَّلِ الآيَةِ رُغْمَ أنَّهُمُ قَوْمٌ جَاهِلُونَ كَمَا وَصَفَهُم عَزّ وَجَلّ فِي  أخِرِ الآيَةِ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْلَمُونَ

 

قال تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ   رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً ) البينة

سَمّاهُمْ  مُشْرِكِينَ  وَ وَصَفَهُم بالَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلَ أنْ تَأتِيهُم البَيِنَةُ وَهِي  رَسُولُ اللهِ وَهُو الحُجَّّةُ

 

قال تعالى(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) البقرة

فَسَمَاهُمُ سُبْحَانَهُ كَافِرِينَ (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا )  وَ لَمْ يَشْتَرِط الانْذَارِ  (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ ) ثُمَّ أكَّد أنَّّهُم كُفَّّارٌ بِقَوْلِهِ  (لَا يُؤْمِنُونَ )

 

 

 قال تعالى (وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) البقرة

وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ مَكَّةَ بالَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ البِعْثَةِ

قال ابن جرير الطبري (وَمَعْنَى "الِاسْتِفْتَاحِ " ، الِاسْتِنْصَارُ يَسْتَنْصِرُونَ اللَّهَ بِهِ عَلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ مِنْ قَبْلِ مَبْعَثِهِ ، أَيْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُبْعَثَ

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ قَوْلُهُ : ( وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، قَالَ : كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى كُفَّارِ الْعَرَبِ بِخُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ . فَلَمَّا خَرَجَ وَرَأَوْهُ لَيْسَ مِنْهُمْ ، كَفَرُوا وَقَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ الْحَقُّ ، وَأَنَّهُ النَّبِيُّ . قَالَ : ( فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ ) النمل

فَوَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ سَبأ بِالكُفْرِ قَبْلَ أنْ تَصِلَهُم رِسَالَةُ  سُلَيْمَانِ عَلَيْهِ السَلاَم

قال ابن جرير الطبري (إِنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ كَانَتْ كَافِرَةً مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ ) جامع البيان في تأويل القران  

 

 

قال تعالى (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ) يس

قال ابن جرير الطبري (وَسَوَاءٌ يَا مُحَمَّدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ، أَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ مِنْكَ إِلَيْهِمْ ; الْإِنْذَارُ ، أَوْ تَرْكُ الْإِنْذَارِ ، فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ; لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ   قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ   أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ   يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ۖ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) نوح

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : قَالَ نُوحٌ لِقَوْمِهِ : يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ، أُنْذِرُكُمْ عَذَابَ اللَّهِ فَاحْذَرُوهُ أَنْ يَنْزِلَ بِكُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ بِهِ ( مُبِينٌ ) يَقُولُ : قَدْ أَبَنْتُ لَكُمْ إِنْذَارِي إِيَّاكُمْ ) جامع البين في تأويل القران

فَكَانُوا كَافِرِينَ قَبْلَ أنْ يُنْذِرَهُمُ نُوحٌ عَلَيْهِ السَلاَمُ

 

 و قال تعالى (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ) غافر

قال ابن جرير الطبري (وَأَنْذِرَ يَا مُحَمَّدُ مُشْرِكِي قَوْمِكَ يَوْمَ الْآزِفَةِ ، يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَنْ يُوَافُوا اللَّهَ فِيهِ بِأَعْمَالِهِمُ الْخَبِيثَةِ ، فَيَسْتَحِقُّوا مِنَ اللَّهِ عِقَابَهُ الْأَلِيمَ ) جامع البين في تأويل القران

فَكَانُوا مُشْرِكِينَ قَبْلَ أنْ يُنْذِرَهُمُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

قال تعالى (وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) القصص

قال ابن جرير الطبري (وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَيْهِمْ ، لَوْ حَلَّ بِهِمْ بَأْسُنَا ، أَوْ أَتَاهُمْ عَذَابُنَا مِنْ قَبْلِ أَنْ نُرْسِلَكَ إِلَيْهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ ، وَاكْتِسَابِهِمُ الْآثَامَ ، وَاجْتِرَامِهِمُ الْمَعَاصِيَ : رَبَّنَا هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحِلَّ بِنَا سَخَطُكَ ، وَيَنْزِلَ بِنَا عَذَابُكَ فَنَتَّبِعُ أَدِلَّتَكَ ، وَآيَ كِتَابِكَ الَّذِي تُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِكَ وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِأُلُوهِيَّتِكَ ، الْمُصَدِّقِينَ رَسُولَكَ فِيمَا أَمَرْتَنَا وَنَهَيْتَنَا ، لَعَاجَلْنَاهُمُ الْعُقُوبَةَ عَلَى شِرْكِهِمْ مِنْ قَبْلِ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَيْهِمْ ، وَلَكِنَّا بَعَثْنَاكَ إِلَيْهِمْ نَذِيرًا بَأْسَنَا عَلَى كُفْرِهِمْ ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) جامع البيان في تأويل القران

فَكَانُوا كُفَّارٌ قَبْلَ اقَامَةِ الحُجَةِ عَلَيْهُمُ

 

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ نَزَلَ فِي عُلْوِ الْمَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ قَالَ فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ قَالَ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي سُيُوفِهِمْ قَالَ وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفَهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ فَكَانَ يُصَلِّي حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ قَالَ ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإِ بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا فَقَالَ يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي حَائِطَكُمْ هَذَا فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ قَالَ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ وَبِالْخِرَبِ فَسُوِّيَتْ وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ قَالَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ قَالَ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ حِجَارَةً قَالَ قَالَ جَعَلُوا يَنْقُلُونَ ذَاكَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ يَقُولُونَ

اللَّهُمَّ إِنَّهُ لَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الْآخِرَهْ فَانْصُرْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ ) باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة

فَتَأَمّل تَسْمِيَه أصْحَاب تِلْكَ القُبُورِ بِالمُشْرِكِينَ (كَانَتْ فِيهِ قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَتْ فِيهِ خِرَبٌ وَكَانَ فِيهِ نَخْلٌ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ ) رُغْمَ أنَّهُمُ مَاتُوا قَبْلَ بِعْثَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ . ح وحَدَّثَنَا وَهَذَا حَدِيثُهُ ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ : مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ، حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ ، فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُـمْ يَزْعُمُـــونَ أَنْ لَا قَــدَرَ ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ ، قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ ، فَأَخْبِـرْهُمْ أَنِّـي بــــرِيءٌ مِنْهُـمْ ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ ، مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) بَاب بَيَانِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ

فَتَبَرَّأ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا مَنْ لَمْ يُؤْمِن بِالقَدَرِ  بِدُونِ اقَامَةٍ للحُجَّةِ وَ البَرَاءَةُ لاَ تَكُونُ الاَّ مِنْ كَافِرٍ

 

 قال اللالكائي (وَرُوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّه لَعَنَهُمْ وَتَبْرَ أَ مِنْهُمْ ( أي القدرية )  وَلَا يَجُوزُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَتَبَرَّ أَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

فَاِحْتَجَ - رَحِمَهُ الله - بِبَرَاءَةِ ابْنُ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مِنْ القَدَرِيَةِ عَلَى تَكْفِيرِهِمُ

 

قال أبو بكر الخلال (سمعت أبا بكر المروذي؛ يقول: أتيت أبا عبدالله ليلة في جوف الليل؛ فقال لي: يا أبا بكر؛ بلغني أن نعيماً (ابن حماد الإمام المشهور) كان يقول: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فإن كان قاله؛ فلا غفر الله له في قبره ) السنة

فَكَفَّرَهُ  وَهُوَ فِي قَبْرِهِ  بِدُونِ اقَامَةٍ لِلحُجَّةِ

 

قال عبد الرحمن ابن أبي حاتم (عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: قَدِمَتْ امْرَأَةُ جَهْمٍ فَنَزَلَتْ بِالدَّبَّاغِينَ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهَا: اللَّهُ عَلَى عَرْشِهِ. فَقَالَتْ: مَحْدُودٌ عَلَى مَحْدُودٍ فَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَفَرَتْ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ ) كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّة

وَفِيهِ تَكْفِيرٌ لَهَذِهِ المَرْأة بِعَيْنِهَا وَ فِي غِيَابِهَا بِدُونِ اقَامَةٍ لِلحُجَّةِ

 

 

بَيَانُ أنَّّ العَذَابَ الدُنْيَويِ وَ الاسْتِئْصَال مَنُوطٌ بِبُلُوغِ الحُجَّةِ الرِسَالِيَةِ وَ لَيْسَ فَهْمَهَا

 

قال تعالى (مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا  وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ ۗ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ) الاسراء

جاء في تفسير يحيى بن سلام ( ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا )  تَفْسِيرُ الْحَسَنِ: لا يُعَذِّبُ قَوْمًا بِالاسْتِئْصَالِ حَتَّى يَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالرَّسُولِ، كَقَوْلِهِ: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولا ) ، وَكَقَوْلِهِ: (  وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خلا فِيهَا نَذِيرٌ ) ، يَعْنِي: الأُمَمَ الَّتِي أَهْلَكَ اللَّهُ بِالْعَذَابِ )

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ :  وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي قَوْمٍ إِلَّا بَعْدَ الْإِعْذَارِ إِلَيْهِمْ بِالرُّسُلِ ، وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ بِالْآيَاتِ الَّتِي تَقْطَعُ عُذْرَهُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَلَوْلَا أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) القصص

قال ابن جرير الطبري (وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرْسَلْتُكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَيْهِمْ ، لَوْ حَلَّ بِهِمْ بَأْسُنَا ، أَوْ أَتَاهُمْ عَذَابُنَا مِنْ قَبْلِ أَنْ نُرْسِلَكَ إِلَيْهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ ، وَاكْتِسَابِهِمُ الْآثَامَ ، وَاجْتِرَامِهِمُ الْمَعَاصِيَ : رَبَّنَا هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحِلَّ بِنَا سَخَطُكَ ، وَيَنْزِلَ بِنَا عَذَابُكَ فَنَتَّبِعُ أَدِلَّتَكَ ، وَآيَ كِتَابِكَ الَّذِي تُنَزِّلُهُ عَلَى رَسُولِكَ وَنَكُونُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِأُلُوهِيَّتِكَ ، الْمُصَدِّقِينَ رَسُولَكَ فِيمَا أَمَرْتَنَا وَنَهَيْتَنَا ، لَعَاجَلْنَاهُمُ الْعُقُوبَةَ عَلَى شِرْكِهِمْ مِنْ قَبْلِ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَيْهِمْ ، وَلَكِنَّا بَعَثْنَاكَ إِلَيْهِمْ نَذِيرًا بَأْسَنَا عَلَى كُفْرِهِمْ ، لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ ) طه

قال ابن أبي زمنين ({وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قبله} يَعْنِي: مِنْ قَبْلِ الْقُرْآنِ {لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا} هَلَّا {أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا } ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال ابن جرير الطبري (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَا هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا الْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ نُنَزِّلُهُ عَلَيْهِمْ ، وَمِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْعَثَ دَاعِيًا يَدْعُوهُمْ إِلَى مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِيهِ بِعَذَابٍ نُنَزِّلُهُ بِهِمْ بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ ، لَقَالُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذْ وَرَدُوا عَلَيْنَا فَأَرَدْنَا عِقَابَهُمْ : رَبَّنَا هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا يَدْعُونَا إِلَى طَاعَتِكَ فَنَتَّبَعَ آيَاتِكَ ، يَقُولُ : فَنَتَّبِعَ حُجَّتَكَ وَأَدِلَّتَكَ وَمَا تُنَزِّلُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِكَ وَنَهْيِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ بِتَعْذِيبِكَ إِيَّانَا وَنَخْزَى بِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ) الأنعام

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلَهُ: وَمَنْ بَلَغَ يَعْنِي: مَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْقُرْآنُ ، فَهُوَ لَهُ نَذِيرٌ مِنَ النَّاسِ

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا وَكِيعٌ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، وَأَبُو خَالِدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، قَوْلَهُ: وَمَنْ بَلَغَ قَالَ: مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ ، فَكَأَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَرَأَ: وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ ، أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ: لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: بَلِّغُوا عَنِ اللَّهِ ، فَمَنْ بَلَغَتْهُ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ بَلَغَهُ أَمْرُهُ تَعَالَى ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ قَالَ : سَأَلْتُ لَيْثًا : هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ ؟ قَالَ : كَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ : حَيْثُمَا يَأْتِي الْقُرْآنُ فَهُوَ دَاعٍ ، وَهُوَ نَذِيرٌ . ثُمَّ قَرَأَ : " لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

وَ هَذِهِ وَظِيفَةُ الرُّّسُلِ  وَهِي الانْذَارُ مِنَ العَذَابِ الدُنْيَوِي

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلِي وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ رَأَيْتُ الْجَيْشَ بِعَيْنَيَّ وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ فَالنَّجَا النَّجَاءَ فَأَطَاعَتْهُ  طَائِفَةٌ فَأَدْلَجُوا عَلَى مَهْلِهِمْ فَنَجَوْا وَكَذَّبَتْهُ طَائِفَةٌ فَصَبَّحَهُمْ الْجَيْشُ فَاجْتَاحَهُمْ ) بَاب الِانْتِهَاءِ عَنْ الْمَعَاصِي

 

وَ الرُّسُلُ لاَ يُرْسِلُهَا اللهُ لِكُلِّ قَرْيَةٍ وَ قَبِيلَةٍ بَلْ يُرْسِلُها اللهُ لِأمِّ القُرَى فَيَعُمَّ اللهُ بِالعِقَابِ القُرَى التِي حَوْلَهَا

قال تعالى (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) القصص

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ ) يَا مُحَمَّدُ ( مُهْلِكَ الْقُرَى ) الَّتِي حَوَالَيْ مَكَّةَ فِي زَمَانِكَ وَعَصْرِكَ ( حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا ) يَقُولُ : حَتَّى يَبْعَثَ فِي مَكَّةَ رَسُولًا وَهِيَ أُمُّ الْقُرَى ، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِ كِتَابِنَا ، وَالرَّسُولُ : مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

وَ مِنَ العَذَابِ الدُنْيَوِي : قِتَالُ وَ جِهَادُ المُسْلِمِينَ لأهْلِ الشِرْكِ

قال تعالى ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ أَبُو الْأَشْعَثَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، ثَنَا سُلَيْمُ بْنُ نُفَيْعٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ خَلَفٍ أَبِي الْفَضْلِ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ قَوْلُ اللَّهِ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ فَأَخْبَرَ بِعَذَابِهِمْ بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ بِمَكَّةَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الأعراف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ عَنِ السُّدِّيِّ : " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ " ، يَقُولُ : إِنْ رَبَّكَ يَبْعَثُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْعَرَبَ ، فَيَسُومُونَهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ، يَأْخُذُونَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ وَيَقْتُلُونَهُمْ) جامع البيان في تأويل القران

 وَ لا يَكُونُ الاَّ بَعْدَ اقَامَةِ الحُجَّةِ عَلَيْهِم وَ دَعْوَتِهِمْ اذَا لَمْ تَبْلُغْهُم الدَعْوَةُ

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ - وَاللَّفْظُ هَذَا - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ:  لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ  قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ، حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا، فَقَالَ:  انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

قال أحمد في مسنده (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ :  مَا قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا قَطُّ إِلَّا دَعَاهُمْ )  وَمِنْ مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ

 

أمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الدَعْوَةْ فَلا يَجِبُ دَعْوَتُهُ

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنْ الدُّعَاءِ قَبْلَ الْقِتَالِ قَالَ فَكَتَبَ إِلَيَّ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ  (ساهون ) وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ قَالَ يَحْيَى أَحْسِبُهُ قَالَ جُوَيْرِيَةَ أَوْ قَالَ الْبَتَّةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَحَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَانَ فِي ذَاكَ الْجَيْشِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَقَالَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَلَمْ يَشُكَّ ) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة

جاء في مستخرج أبي  عوانة (حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلانِيُّ، قثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ. ح وَحَدَّثَنَا الدَّقِيقِيُّ، قثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَنْبَأَ ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ أَسْأَلُهُ عَنِ الْقَوْمِ إِذَا غَزَوْا أَيَدْعُونَ الْعَدُوَّ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوا؟ فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ الدُّعَاءُ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ وَقَدْ " أَغَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ، وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى سَبْيَهُمْ، وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ "، وَحَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ )

قال الترمذي (وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا دَعْوَةَ الْيَوْمَ وَقَالَ أَحْمَدُ لَا أَعْرِفُ الْيَوْمَ أَحَدًا يُدْعَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُقَاتَلُ الْعَدُوُّ حَتَّى يُدْعَوْا إِلَّا أَنْ يَعْجَلُوا عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ ) السنن - كِتَاب السِّيَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بَاب مَا جَاءَ فِي الدَّعْوَةِ قَبْلَ الْقِتَالِ

قال الشافعي (الْحُكْمُ فِي أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ حُكْمَانِ ؛ فَأَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ، فَأُغِيرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ دَعْوَةٍ آخُذُ مَالَهُ، وَإِنْ لَمْ أَقْتُلْهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، فَلَا أُغِيرُ عَلَيْهِ حَتَّى أَدْعُوَهُ، وَلَا أَغْنَمُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا حَتَّى أَدْعُوَهُ فَيَمْتَنِعُ، فَيَحِلُّ دَمُهُ وَمَالُهُ ) الأم – كتاب الصلاة  - المرتد عن الاسلام

قال الشافعي (الدُّعَاءَ لِلْمُشْرِكِينَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ إلَى الْجِزْيَةِ إنَّمَا هُوَ وَاجِبٌ لِمَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ فَأَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَلِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُ قَبْلَ أَنْ يُدْعَى وَإِنْ دَعَوْهُ فَذَلِكَ لَهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ إذَا كَانَ لَهُمْ تَرْكُ قِتَالِهِ بِمُدَّةٍ تَطُولُ فَتَرْكُ قِتَالِهِ إلَى أَنْ يُدْعَى أَقْرَبُ فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَاتِلُوا حَتَّى يُدْعَوْا إلَى الْإِيمَانِ  ... وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ الْيَوْمَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ عَدُوِّنَا الَّذِينَ يُقَاتِلُونَا أُمَّةً مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَعَلَّ أُولَئِكَ أَنْ لَا تَكُونَ الدَّعْوَةُ بَلَغَتْهُمْ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُونُوا خَلْفَ الرُّومِ أَوْ التُّرْكِ أَوْ الْخَزَرِ أُمَّةً لَا نَعْرِفُهُمْ) كتاب الأم - كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي

 

بَيَانُ أنَّ  أعِذَارُ الكُفَّار يَوْمَ الحِسَابِ لاَ تُقْبَلُ

 

اللهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لاَ يَسْمَعُ للظَالِمِينَ عُذْرٌ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُقْبَلُه مِنْهُمُ , وَإنْ كَانُوا سَيُقَدِّمُونَ الكَثِيرَ مِنَ الأعْذَارِ , مِنْهَا الصَادِقَةُ وَمِنْهَا الكَاذِبَةُ , وَقَدْ أفَاضَ القُرْآنُ  بِذِكْرِ أنْوَاعاً مِنَ اعْتِذَارَاتِهِم , مِنْهَا أنَّهُم سَيَقُولُونَ

قال تعالى (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) الأعراف

وَ سَيَقُولُ أخَرُون  (  إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ  ) الأعراف

وَ يَعْتَذِرُ أخَرُون (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا ) الأحزاب

مِنْهُم مَنْ تَبْلُغُ بِهِ الجُرْأةُ أنْ يُقْسِم (وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) الأنعام

قال بن أبي حاتم (عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلَهُ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ قَال : مَعْذِرَتُهُمْ

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ هَاشِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ هَذَا الْحَرْفَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا حَلَفُوا وَاعْتَذَرُوا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ ، نا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ زَاذَانَ ، يَقُولُ :   بَلَغَنِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : إِنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَعْلَمُونَ ، قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) السنة

قال الامام أحمد بن حنبل ( {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] وذلك أن هؤلاء المشركين إذا رأوا ما يتجاوز الله عن أهل التوحيد يقول بعضهم لبعض: إذا سألنا نقول: لم نكن مشركين  فلما جمعهم الله، وجمع أصنامهم وقال: {أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} [القصص: 62 ] قال الله: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23 ] فلما كتموا الشرك، ختم الله على أفواههم، وأنطق الجوارح، فنطقت بذلك، فذلك قوله: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: 65]   فأخبر الله عز وجل عن الجوارح حين شهدت، فهذا تفسير ما شكت فيه الزنادقة ) كتاب الرد على الجهمية والزنادقة

وَمِنْهُم مَنْ يَنْفِي أنَّهُ  أسَاءَ وَ كَفَرَ باللهِ فِي الدُنْيَا (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ۖ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ ۚ بَلَىٰ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) النحل

قال ابن جرير الطبري (يُخْبِرُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ كَذَّبُوا وَقَالُوا : مَا كُنَّا نَعْصِي اللَّهَ اعْتِصَامًا مِنْهُمْ بِالْبَاطِلِ رَجَاءَ أَنْ يَنْجُوا بِذَلِكَ ، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ : بَلْ كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ السُّوءَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) المجادلة

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي ظِلِّ حُجْرَتِهِ قَالَ يَحْيَى قَدْ كَادَ يَقْلِصُ عَنْهُ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ يَجِيئُكُمْ رَجُلٌ يَنْظُرُ إِلَيْكُمْ بِعَيْنِ شَيْطَانٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَلَا تُكَلِّمُوهُ فَجَاءَ رَجُلٌ أَزْرَقُ فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ فَقَالَ عَلَامَ تَشْتُمُنِي أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ قَالَ كَمَا أَنْتَ حَتَّى آتِيَكَ بِهِمْ قَالَ فَذَهَبَ فَجَاءَ بِهِمْ فَجَعَلُوا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَمَا فَعَلُوا وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ) بداية مسند عبد الله بن العباس

جاء في تفسير يحيى بن سلام (قَالُوا: ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) .قَالَ: ( انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ )  فَادَّعَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُشْرِكِينَ، (  وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) مِنْ عِبَادَتِهِمُ الأَوْثَانَ، فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا )

 

وَ  مَنْ يَقُولُ وَهُوَ فِي النَارِ (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) المؤمنون

وَمنْهُم مَن يَقُولُ (َربَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ) طـه

وَمِنْهُم مَنْ سَيقُولُ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ. لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )الزخرف

هَذَا هُوَ الحَالُ فِي الآخِرَةِ لِذا يَقُولُ تَعَالَى (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا  ) الكهف

وَ رُغْمَ هَذا لَنْ تَنْفَعَهُم كُلّ هَذِهِ الأعْذَارِ كما قال تعالى (فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) الروم

و قال تعالى (يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) غافر

قال ابن أبي زمنين في تفسيره ({يَوْم لَا ينفع الظَّالِمين} الْمُشْركين {معذرتهم} ) تفسير القرآن العزيز

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : ذَلِكَ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ أَهْلَ الشِّرْكِ اعْتِذَارُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَذِرُونَ إِنِ اعْتَذَرُوا إِلَّا بِبَاطِلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْذَرَ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا ، وَتَابَعَ عَلَيْهِمُ الْحُجَجَ فِيهَا فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا الِاعْتِصَامَ بِالْكَذِبِ بِأَنْ يَقُولُوا : ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ  وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة 

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) قَالَ : مَعَاذِيرُهُمُ الَّتِي يَعْتَذِرُونَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهَا ، قَالَ : ( يَوْمَ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ) وَيَوْمَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ فَلَا تَنْفَعُهُمْ وَيَعْتَذِرُونَ بِالْكَذَبِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) يَعْنِي الِاعْتِذَارَ ، أَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّهُ قَالَ :  ( لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ) وَقَالَ اللَّهُ : ( وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ) ، ( كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ ) . وَقَوْلَهُمْ : ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ )

حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ خَالِدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ : ( وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) لَمْ تُقْبَلْ مَعَاذَيرُهُ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (هَذَا يَوْمُ لا يَنْطقُونَ  وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُون ) المرسلات

قال بن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ ثَنَا آدَمُ ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: 'فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ' قَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: 'هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ' ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن أبي زمنين  ({وَلَا يُؤذن لَهُم فيعتذرون} وَقَدْ يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الْكَلامِ فِي بعض المواطن، ولايؤذن لَهُمْ فِي بَعْضٍ؛ فَإِذَا أُذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلامِ لَمْ يَعْتَذِرُوا بِعُذْرٍ ) تفسير القرآن العزيز

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) التحريم

قال ابن جرير الطبري (( لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) يَقُولُ : يُقَالُ لَهُمْ : إِنَّمَا تُثَابُونَ الْيَوْمَ ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَتُعْطَوْنَ جَزَاءَ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي كُنْتُمْ فِي الدُّنْيَا تَعْمَلُونَ ، فَلَا تَطْلُبُوا الْمَعَاذِيرَ مِنْهَا ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ   مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ   الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ   قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ   قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ  مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ق

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي عَلِيٌّ قَالَ : ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ : ثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ ( لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ ) قَالَ : إِنَّهُمُ اعْتَذَرُوا بِغَيْرِ عُذْرٍ ، فَأَبْطَلَ اللَّهُ حُجَّتَهُمْ ، وَرَدَّ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال الله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚقُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) الاعراف

 قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا صَفْوَانُ ، ثَنَا الْوَلِيدُ ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ،، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: مَنْ عَجَّلَ الْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا خَلَصَتْ لَهُ كَرَامَةُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ كَرَامَةَ الْآخِرَةِ ثُمَّ لَقِيَ اللَّهَ لَا عُذْرَ لَهُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

 

 

كَانَ الجَهْل السَبَبُ الأوّلُ لِضَلاَلِ الخَلْقِ وَ كُفْرِهِمُ

قال تعالى (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) الانفطار

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ أَنَّ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) فَقَالَ عُمَرُ الْجَهْلُ

حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو خَلَفٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْبَكَّاءُ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ غَرَّهُ وَاللَّهِ جَهْلُهُ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين 

قال تعالى (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكََ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا   أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ، مَا دَامَ يَعْصِي اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ

حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزَوَانَ ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ، قَالَ : مَنْ عَمِلَ السُّوءَ فَهُوَ جَاهِلٌ ، مِنْ جَهَالَتِهِ عَمِلَ السُّوءَ

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ ، قَالَ : " الْجَهَالَةُ " كُلُّ امْرِئٍ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَهُوَ جَاهِلٌ أَبَدًا حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهَا ، وَقَرَأَ : ( هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ) [ سُورَةُ يُوسُفَ : 89 ] ، وَقَرَأَ : وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [ سُورَةُ يُوسُفَ : 33 ] . قَالَ : مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ )  جامع البيان في تأويل القرآن

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَعْنِي مُحَمَّدَ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ : لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ قَالَ: مَنْ عَمِلَ سُوءًا خَطَأً أَوْ إِثْمًا أَوْ عَمْدًا فَهُوَ جَاهِلٌ حَتَّى يَنْزِعَ مِنْهُ وَرُوِيَ عَنِ قَتَادَةَ وَعَمْرِو بْنِ مُرَّةَ وَالثَّوْرِيِّ نَحْوُ ذَلِكَ: عَمْدًا أَوْ خَطَأً.

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَارِثِيُّ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا ، يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ قَالَ: مَنْ عَمِلَ ذَنْبًا سَوَاءٌ مِنْ شَيْخٍ أَوْ شَابٍّ فَهُوَ بِجَهَالَةٍ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن أبي زمنين ({ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِن رَبك من بعْدهَا}  مِنْ بَعْدِ تِلْكَ الْجَهَالَةِ؛ إِذَا تَابُوا مِنْهَا {لغَفُور رَحِيم} فَكُلُّ ذنبٍ عَمِلَهُ الْعَبْدُ فَهُوَ مِنْهُ جهلٌ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

وَلَوُ كَانَ الجَهْلُ عُذْرٌ لمَاَ أمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِالتَوْبَةِ مِنْهُ

 قال تعالى (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ) المنافقون

قال أبو السعود (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ذَلِكَ لِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِشُئُونِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ مِنْ مَقَالَاتِ الْكُفْرِ مَا يَقُولُونَ ) تفسيره المسمى إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم

 

 قال تعالى (ۖ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ ، ثَنَا شَبَابَةُ ، ثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ: لَمِنَ الضَّالِّينَ قَالَ: لَمِنَ الْجَاهِلِينَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ  صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) الفاتحة

قال ابن جرير الطبري (فَكُلُّ حَائِدٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ ، وَسَالِكٍ غَيْرَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ ، فَضَالٌّ عِنْدَ الْعَرَبِ ، لِإِضْلَالِهِ وَجْهَ الطَّرِيقِ . فَلِذَلِكَ سَمَّى اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ النَّصَارَى ضُلَّالًا لِخَطَئِهِمْ فِي الْحَقِّ مَنْهَجَ السَّبِيلِ ، وَأَخْذِهِمْ مِنَ الدِّينِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَدَّت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري (ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاءُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ مَا يَفْعَلُونَ ، مِنْ مُحَاوَلَةِ صَدِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْهُدَى إِلَى الضَّلَالَةِ وَالرَّدَى ، عَلَى جَهْلٍ مِنْهُمْ بِمَا اللَّهُ بِهِمُ مُحِلٌّ مِنْ عُقُوبَتِهِ ،  وَمُدَّخِرٌ لَهُمْ مِنْ أَلِيمِ عَذَابِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : " وَمَا يَشْعُرُونَ " أَنَّهُمْ لَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ ، بِمُحَاوَلَتِهِمْ إِضْلَالَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَمَعْنَى قَوْلِهِ : " وَمَا يَشْعُرُونَ " وَمَا يَدْرُونَ وَلَا يَعْلَمُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) الحجرات

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ) يَقُولُ : وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَلَا تَدْرُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (أَن الْأَعْرَاب الْجُهَّال كَانُوا يقدمُونَ على النَّبِي، ويرفعون أَصْوَاتهم   وَقَوله: {وَأَنْتُم لَا تشعرون} أَي: لَا تعلمُونَ بحبوط الْأَعْمَال. ) تفسير السمعاني

 

 

 الأصْنَامُ عُبِِدَت قَبْلَ الرِسَالَةِ  بِسَبَبِ الجَهْلِ وَ ذَهَابِ العِلْمِ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَقَالَ عَطَاءٌ : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ ) كتاب تفسير القران -  سُورَةُ نُوحٍ

فَبَعْدَ أنْ ظَهَرَ الجَهْلُ فِي قَوْمِ نُوحِ عُبِدَ غَيْرُ اللهِ ( وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ )فَلَمْ يَعْذَرْهُم سُبْحَانَهُ بِهَذَا

قال تعالى (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا   وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا   وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا   وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا  مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا  وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) نوح

قال تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) العنكبوت

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، ثَنَا مِنْجَابٌ، ثَنَا بِشْرٌ عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " الظَّالِمُونَ " الْكَافِرُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( وَهُمْ ظَالِمُونَ ) يَقُولُ : وَهُمْ ظَالِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِكُفْرِهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

 

 أطْلَقَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ وَصْفَ الجَهْلِ عَلَى مَنْ خَالَفَ أمْرَهُ مِنَ الأمَمِ

 

قال تعالى عن قوم شعيب (  قَالُواْ يَا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ) هود

فَهُؤلاَءِ قَوْمَ شُعيب عَلَيْهِ السَلام إِعْتَرَفُوا بْأنّهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ  أصْلَ دَعْوَتِهِ (يَا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ )

وَ عَدَمُ الفَهْمِ مِنْ صُوّر الجَهْلِ  فَهَل هُو مَقْبُولٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؟

قال تعالى ( وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )هود

 

وَ قَوْمَ نُوح عَلَيْهِ السَلاَم جُهَّالٌ كَمَا وَصَفَهُم سُبْحَانَهُ فقال ( وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُوَاْ رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ ) هود

 

وَ وَصَفَ قَوْمَ هُود  عَلَيْهِ السَلام بِالجَهْلِ قال تعالى (  قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ   ) الأحقاف

 

وَ وَصَفَ قَوْمَ لُوطَ عَلَيْهِ السَلاَمِ بِالجَهْلِ, قال تعالى( أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)  النمل

 

وَ كَذَلِكَ مُشْرِكِي قُرَيْشَ وَصَلَ بِهُمْ الجَهْلَ أنْ طَلَبُوا مِنْ رَسُولَ اللهِ عِبَادَةَ أصْنَامِهم   قال تعالى( قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ  ) الزمر

قال أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي ( 373 هـ ) ({ أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون } يعني : أيها المشركون تأمروني أن أعبد غير الله ) بحر العلوم ج 4 ص 44

 

قال تعالى (قَالَ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ  لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ   فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ) الحجر

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ : ( لَعَمْرُكَ ) يَقُولُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَحَيَاتِكَ يَا مُحَمَّدُ ، إِنَّ قَوْمَكَ مِنْ قُرَيْشٍ ( لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ) يَقُولُ : لَفِي ضَلَالَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن يَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَٰبِرُونَ يَغۡلِبُواْ مِاْئَتَيۡنِۚ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّاْئَة يَغۡلِبُوٓاْ أَلۡفا مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمۡ قَوۡم لا يَفۡقَهُونَ ) الانفال

قال الواحدي ({قوم لا يفقهون } أي : هم على جهالة ) الوجيز  ص 447

 

قال تعالى عَنْ أهْلِ الشِرْكِ وَ افْتِرَائِهِمْ (وَقَالَ ٱلَّذِينَ لا يَعۡلَمُونَ لَوۡلا يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ أَوۡ تَأۡتِينَآ ءَايَة ) البقرة

 

وَ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّ هَذِهِ طَرِيقَةَ سَلَفِهِم الجَاهِلِين    َ فقال  (كَذَٰلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِم مِّثۡلَ قَوۡلِهِمۡۘ تَشَٰبَهَتۡ قُلُوبُهُمۡۗ قَدۡ بَيَّنَّا ٱلأٓيَٰتِ لِقَوۡم يُوقِنُونَ ) البقرة

قال أبو الليث نصر بن محمد  السمرقندي ({وَقَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} ، أي لا يعلمون توحيد الله تعالى ، ومعناه: وقال الجهال من الناس وهم الكفار: {لَوْلاَ يُكَلّمُنَا الله} ، أي هلا يكلمنا الله فيخبرنا بأنك رسوله) بحر العلوم ج 1 ص 105

 

قال تعالى (أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ۖ هَٰذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي ۗ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ ۖ فَهُم مُّعْرِضُونَ ) الانبياء

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ : بَلْ أَكْثَرُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَعْلَمُونَ الصَّوَابَ فِيمَا يَقُولُونَ وَلَا فِيمَا يَأْتُونَ وَيَذْرُوَنَ ، فَهُمْ مُعْرِضُونَ عَنِ الْحَقِّ جَهْلًا مِنْهُمْ بِهِ وَقِلَّةَ فَهْمٍ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ) الزمر

قال أبو الليث نصر بن محمد السمرقندي ({ ولكن أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }: أكثرهم يجهلون الحق أنه من الله تعالى ) بحر العلوم ج 2 ص 69

 

قال حرب الكرماني ( قُلْتُ لِإِسْحَاقَ : الرَّجُلُ يَقُولُ لِلْمُشْرِكِ : إِنَّهُ رَجُلٌ عَاقِلٌ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَتْ لَهُمْ عُقُولٌ ) مسائله


وَ شَبَّهَهُمُ سُبْحَانَهُ بِالحَيَوَانِ لِتَعْطِيلِهِم عُقُولَهُمُ

 

قال تعالى (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثَنَا أَبِي ثَنَا عَمِّي الْحُسَيْنُ ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً كَمَثَلِ الْبَعِيرِ وَالْحِمَارِ وَالشَّاةِ إِنْ قُلْتَ لِبَعْضِهِمْ كَلَامًا لَمْ يَعْلَمْ مَا تَقُولُ، غَيْرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَكَ، وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ، إِنْ أَمَرْتَهُ بِخَيْرٍ أَوْ نَهَيْتَهُ عَنْ شَرٍّ أَوْ وَعَظْتَهُ لَمْ يَعْقِلْ مَا تَقُولُ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَكَ

 وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ ، وَمُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَقَتَادَةَ وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ نَحْوُ ذَلِكَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ خَصِيفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ : " كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ " قَالَ : مَثَلُ الْكَافِرِ مَثَلُ الْبَهِيمَةِ تَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا تَعْقِلُ

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ : " وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً " ، يَقُولُ : مَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الْبَعِيرِ وَالشَّاةِ ، يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا يَعْقِلُ وَلَا يَدْرِي مَا عُنِيَ بِهِ

قال أبو جعفر : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَّرُوا فِي قِلَّةِ فَهْمِهِمْ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ ، كَمَثَلِ الْمَنْعُوقِ بِهِ مِنَ الْبَهَائِمِ ، الَّذِي لَا يَفْقَهُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ غَيْرَ الصَّوْتِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ لَهُ : " اعْتَلِفْ ، أَوْرِدِ الْمَاءَ " ، لَمْ يَدْرِ مَا يُقَالُ لَهُ غَيْرَ الصَّوْتِ الَّذِي يَسْمَعُهُ مِنْ قَائِلِهِ . فَكَذَلِكَ الْكَافِرُ مِثْلُهُ فِي قِلَّةِ فَهْمِهِ لِمَا يُؤْمَرُ بِهِ وَيُنْهَى عَنْهُ - بِسُوءِ تَدَبُّرِهِ إِيَّاهُ وَقِلَّةِ نَظَرِهِ وَفِكْرِهِ فِيهِ - مَثَلُ هَذَا الْمَنْعُوقِ بِهِ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ . فَيَكُونُ الْمَعْنَى لِلْمَنْعُوقِ بِهِ ، وَالْكَلَامُ خَارِجٌ عَلَى النَّاعِقِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: أَرَادَ بِالَّذِي ينعق: الصائح فِي الْجَبَل يَصِيح فَيسمع صَوتا؛ وَهُوَ الصدى. وَلَيْسَ هُنَاكَ مَعْقُول وَلَا مَفْهُوم. وَضرب الْمثل بِهِ للْكفَّار فِي قلَّة الْفَهم وَالْعقل ) تفسير السمعاني

قال تعالى (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا ۚ وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا  أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) الفرقان

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَمِّي، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الْبَعِيرِ وَالْحِمَارِ وَالشَّاةِ إِنْ قُلْتَ لِبَعْضِهِمْ: كُلْ، لَمْ يَعْلَمْ مَا تَقُولُ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَكَ، كَذَلِكَ الْكَافِرُ إِنْ أَمَرْتَهُ بِخَيْرٍ أَوْ نَهَيْتَهُ عَنْ شَرٍّ وَوَعَظْتَهُ لَمْ يَعْقِلْ مَا تَقُولُ، غَيْرَ أَنَّهُ يَسْمَعُ صَوْتَكَ

حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: لَا يَسْمَعُونَ الْهُدَى وَلَا يُبْصِرُونَهُ وَلَا يَعْقِلُونَهُ. ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَفَأَنْتَ تَكُونُ يَا مُحَمَّدُ عَلَى هَذَا حَفِيظًا فِي أَفْعَالِهِ مَعَ عَظِيمِ جَهْلِهِ؟ ( أَمْ تَحْسَبُ ) يَا مُحَمَّدُ أَنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ ( يَسْمَعُونَ ) مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ ، فَيَعُونَ ( أَوْ يَعْقِلُونَ ) مَا يُعَايِنُونَ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ ، فَيَفْهَمُونَ ( إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ) يَقُولُ : مَا هُمْ إِلَّا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَعْقِلُ مَا يُقَالُ لَهَا ، وَلَا تَفْقَهُ ، بَلْ هُمْ مِنَ الْبَهَائِمِ أَضَلُّ سَبِيلًا لِأَنَّ الْبَهَائِمَ تَهْتَدِي لِمَرَاعِيهَا ، وَتَنْقَادُ لِأَرْبَابِهَا ، وَهَؤُلَاءِ الْكَفَرَةُ لَا يُطِيعُونَ رَبَّهُمْ ، وَلَا يَشْكُرُونَ نِعْمَةَ مَنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ ، بَلْ يَكْفُرُونَهَا ، وَيَعْصُونَ مَنْ خَلَقَهُمْ وَبَرَأَهُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (أَي: مَا هم إِلَّا كالأنعام، جعلهم كالأنعام؛ لأَنهم لم يدركوا طَرِيق الْحق، وَلم ينتفعوا بِمَا ميزهم الله بِهِ عَن الْبَهَائِم من عُقُولهمْ وأسماعهم وأبصارهم . وَقَوله: {بل هم أضلّ سَبِيلا} أَي: أَخطَأ طَرِيقا، وَجعل الْكفَّار أضلّ من الْأَنْعَام؛ لِأَن الْأَنْعَام تسْجد وتسبح لله تَعَالَى، وَالْكفَّار لَا يَسْجُدُونَ وَلَا يسبحون؛ وَلِأَن الْبَهَائِم لم يعرفوا، وَلم يَكُونُوا أعْطوا آله الْمعرفَة. وَأما الْكفَّار لم يعرفوا وَقد أعْطوا آله الْمعرفَة، فهم أضلّ ) تفسير السمعاني

قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعِجْلِيُّ، ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو فَرْوَةَ، عَنْ أَبِي مُنِيبٍ الْحِمْصِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ، صِنْفًا كَالْبَهَائِمِ، قَالَ تَعَالَى: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال أبو المظفر السمعاني (وَقَوله: {لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا وَلَهُم أعين لَا يبصرون بهَا وَلَهُم آذان لَا يسمعُونَ بهَا} وَمَعْنَاهُ: أَنهم لما لم يفقهوا بقلوبهم مَا انتفعوا بِهِ، وَلم يبصروا بأعينهم، وَلم يسمعوا بآذانهم؛ مَا انتفعوا بِهِ؛ فكأنهم لَا يفقهُونَ وَلَا يبصرون وَلَا يسمعُونَ شَيْئا {أُولَئِكَ كالأنعام} يَعْنِي: فِي أَن همتهم من الدُّنْيَا الْأكل والتمتع بالشهوات {بل هم أضلّ} وَذَلِكَ أَن الْأَنْعَام تميز بَين المضار وَالْمَنَافِع، وَأُولَئِكَ لَا يميزون مَا يضرهم عَمَّا يَنْفَعهُمْ {أُولَئِكَ هم الغافلون} ) تفسير السمعاني

 

وَ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الذِينَ قََتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ  بِالجَهْلِ

قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ ۖ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ)  الانعام

قال تعالى (قَدۡ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوٓاْ أَوۡلَٰدَهُمۡ سَفَهَۢا بِغَيۡرِ عِلۡم وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفۡتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِۚ قَدۡ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ ) الانعام

فَهَؤُلاَءِ المُشْرِكِينَ قَتَلُوا أوْلاَدَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أيْ بِجَهْلٍ  وَ رُغْمَ هَذَا جَعَلَهُمْ سُبْحَانَهُ خَاسِرِينَ كَمَا فِي بِدَايَةِ الآيَةِ وَ جَعَلَهُمْ  ضَالِينَ وَ نَفَي عَنْهُمُ الهِدَايَةَ فِي اَخِرِ الآيَةِ في َقَوْلِهِ تَعَالَى ( قَدۡ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهۡتَدِينَ ) لِتَعْلَم أنّ الجَاهِلِينَ خَاسِرُونَ  ضَالُونَ وَلَْيْسُوا مَعْذُورِينَ وأنَّ الذِينَ يَفْتَرُونَ عَلى اللهِ الكَذِبَ وَيُضِلُونَ النَاسَ إنَّمَا يَضِلُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ (بِجَهْلِ)

 

وَ هَذَا تَصْدِيقًا للحَدِيثِ

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا  ) كتاب العلم 

 

فَالمُفْتِينَ هُم رُءُوسٌ جُهَّالً  َسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا

قال بن سعد (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى الأشعري عَلَى مِنْبَرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمًا فَلْيُعَلِّمْهُ، وَلا يَقُولَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عَلْمٌ فَيَكُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ وَيَمْرُقُ مِنَ الدِّينِ ) الطبقات الكبرى

فَالقَوْلُ عَلَى  اللهِ بِغَيْرِ عِلْمِ ( بِجَهْلٍ ) مُرُوقٌ مِنَ الدِينِ

 

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ إِذَا سَرَّكَ أَنْ تَعْلَمَ جَهْلَ الْعَرَبِ فَاقْرَأْ مَا فَوْقَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ إِلَى قَوْلِهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ) بَاب جَهْلِ الْعَرَبِ

 

 

 

وَ كَذَلِكَ كَانَ كُفْرُ النَصَارَى عَنْ جَهْلٍ

قال تعالى (وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا   مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاّ كَذِبًا ) الكهف

وَصَفَ سُبْحَانَهُ  النَصَارَى فِي نِسْبَتِهِ الوَلَدَ لِلهِ تَعَالَى  بِعَدَمِ العِلْمِ وَالجَهْلِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عُذْرٌ لَهُمْ

قال ابن جرير الطبري (مَا لِهَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ هَذَا الْقَوْلَ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ عِلْمٍ ، فَلِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ وَعَظَمَتِهِ قَالُوا ذَلِكَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

و قال تعالى (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ ) الزخرف

 

وَ هُنَا اعْتَقَدُوا  أنَّهُ  سُبْحَانَهُ اصْطَفَى البَنَاتَ عَلَى البَنِينَ، فَجَعَلُوا المَلاَئِكَةَ الذِينَ هُم عِبَادَ الرَحْمَنِ إنَاثًا  ثُمّ زَادُوا على هَذَا عِبَادَتَهُم لَهُمْ  بِلاَ دَلِيل وَلاَ بُرْهَان، وَلا إذْنِ مِنَ اللهِ عَزّ وَجَلّ، بَلْ بِمُجَرّد الآرَاءِ وَالأهْوَاء، وَالتَقْلِيدِ للأسْلاَفِ وَالكُبَرَاءِ وَالآبَاءِ، وَالخَبْطٍ فِي الجَاهِلِيَةِ الجَهْلاَءِ

 

قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : فَلَمَّا اخْتَبَرْتُهُمْ وَابْتَلَيْتُهُمْ بِمَا ابْتَلَيْتُهُمْ بِهِ ، أَشْرَكُوا بِي ، وَقَالُوا لِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِي ، وَعَبْدٍ مِثْلِهِمْ مِنْ عَبِيدِي ، وَبَشَرٍ نَحْوَهُمْ مَعْرُوفٍ نَسَبُهُ وَأَصْلُهُ ، مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ ، يَدْعُوهُمْ إِلَى تَوْحِيدِي ، وَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَتِي وَطَاعَتِي ، وَيُقِرُّ لَهُمْ بِأَنِّي رَبُّهُ وَرَبُّهُمْ ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي شَيْئًا : "هُوَ إِلَهُهُمْ " ، جَهْلًا مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَكُفْرًا بِهِ ، وَلَا يَنْبَغِي لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ وَالِدًا وَلَا مَوْلُودًا ) جامع البيان في تأويل القران

  قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ ۘ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ ۗ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) البقرة

قال أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي  في قوله تعالى: {وَقَالَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} ( أي لا يعلمون توحيد الله تعالى ، ومعناه: وقال الجهال من الناس وهم الكفار: {لَوْلاَ يُكَلّمُنَا الله} ، أي هلا يكلمنا الله فيخبرنا بأنك رسوله) بحر العلوم ج 1 ص 105  

 

قال تعالى (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) يونس

قال ابن جرير الطبري (( إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا ) ، يَقُولُ : مَا عِنْدَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ ،  بِمَا تَقُولُونَ وَتَدَّعُونَ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ ، مِنْ حُجَّةٍ تَحْتَجُّونَ بِهَا وَهِيَ السُّلْطَانُ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ قَوْلًا لَا تَعْلَمُونَ حَقِيقَتَهُ وَصِحَّتَهُ ، وَتُضِيفُونَ إِلَيْهِ مَا لَا يَجُوزُ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ ، جَهْلًا مِنْكُمْ بِمَا تَقُولُونَ ، بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَا بُرْهَانٍ ؟ ) جامع البيان في تأويل القران

 

وَكَذَلِكَ كَانَ كُّّفْرُ اليَهُودِ عَنْ جَهْلٍ

قال أبو الشيخ الاصبهاني  ( أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّصي عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:   تَكَلَّمَتِ الْيَهُودُ فِي صِفَةِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَالُوا مَا لَا يَعْلَمُونَ وَلَمْ يَدْرُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [الأنعام: 91] ، ثُمَّ بَيَّنَ عَظَمَتَهُ لِلنَّاسِ، فَقَالَ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سبُحْانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فجعل صِفَتَهُمُ الَّتِي وَصَفُوا بِهَا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى شِرْكًا  )  كتاب العظمة

 

وَ كَذَلِكَ كَانَ الجَهْلُ حَالَ المُنَافِقِينَ

 

قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ   يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ   فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ  أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ  وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، ثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ فِيمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ يَعْنِي، الْمُنَافِقِينَ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَمَنْ كَانَ عَلَى أَمْرِهِمْ

حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ الْعَسْقَلَانِيُّ ، ثَنَا آدَمُ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، يَقُولُ اللَّهُ: أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ يَقُولُ: الْجُهَّالُ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، بِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ يَقُولُ: وَلَكِنْ لَا يَعْقِلُونَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ نَعْتُهُ لَهُمْ وَوَصْفُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ مِنَ الشَّكِّ وَالتَّكْذِيبِ، أَنَّهُمْ هُمُ الْجُهَّالُ فِي أَدْيَانِهِمْ، الضُّعَفَاءُ الْآرَاءِ فِي اعْتِقَادَاتِهِمْ وَاخْتِيَارَاتِهِمُ الَّتِي اخْتَارُوهَا لِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الشَّكِّ وَالرِّيَبِ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَأَمْرِ رَسُولِهِ وَأَمْرِ نُبُوَّتِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال البخاري (بَاب خَوْفِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَحْبَطَ عَمَلُهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ مَا عَرَضْتُ قَوْلِي عَلَى عَمَلِي إِلَّا خَشِيتُ أَنْ أَكُونَ مُكَذِّبًا وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَدْرَكْتُ ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ مَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يَقُولُ إِنَّهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَيُذْكَرُ عَنْ الْحَسَنِ مَا خَافَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا أَمِنَهُ إِلَّا مُنَافِقٌ وَمَا يُحْذَرُ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى النِّفَاقِ وَالْعِصْيَانِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) كتاب الايمان

قال تعالى (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّوا ۗ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ) المنافقين

قال أبو السعود (وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ ذَلِكَ لِجَهْلِهِمْ بِاللَّهِ تَعَالَى وَبِشُئُونِهِ وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ مِنْ مَقَالَاتِ الْكُفْرِ مَا يَقُولُونَ) تفسير أبي السعود

 

وَأخْبَرَ  سُبْحَانَهُ أنَّهُ يَطْبَعُ عَلَى قُلُوبَ الجَاهِلِينَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ

قال تعالى (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) النحل

قال عمر بن علي بن عادل  ( قوله : ' كَذَلك يَطْبَعُ ' أي مثل ذلك الطبع يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ توحيد الله ) تفسير اللباب في علوم الكتاب ج 13 ص 8

قال ابن زمنين ( 399هـ ) ({كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون} يعني: الذين يلقون الله بشركهم ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين ج 3 ص 371

 

الأمْرُ  بالإعْرَاضِ عَنْ الكَافِرِينَ وَ اجْتِنَابُ الجَاهِلِينَ

 

أمَرَ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاعْرَاض عَنْ الجَاهِلِينَ

قال تعالى (خُذِ ٱلۡعَفۡوَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡعُرۡفِ وَأَعۡرِضۡ عَنِ ٱلۡجَٰهِلِينَ ) الأعراف

قال ابن أبي زمنين ({وَأعْرض عَن الْجَاهِلين} يَعْنِي: الْمُشْركين ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال ابن جرير الطبري (وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) ، فَإِنَّهُ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْرِضَ عَمَّنْ جَهِلَ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلَهُ : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) قَالَ : أَخْلَاقٌ أَمَرَ اللَّهُ بِهَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَلَّهُ عَلَيْهَا) جامع البيان في تأويل القران

وَ أمَرَهُ أنْ يُعْرِضَ عَنْ الكُفّارِ

قال تعالى (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ  إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) الحجر

قال تعالى (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الحَيَاةَ الدُّنْيَا ) النجم

قال تعالى (قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ ) السجدة

فَأمَرَ اللهُ نَبِيّهُ بِالإعْرَاضِ عَنْ الجَاهِلِينَ كَمَا أمَرَهُ بِالإعْرَاضِ عَنِ الكُفّارِ  فَأيُّ سُوءٍ أسْوَأُ مِنْ أنْ يَأمُرَ اللهُ تَعَالَى نَبِيّهُ أنْ يُعْرِضَ عَنْ أحَدٍ

 أمَرَ سُبْحَانَهُ المُؤْمِنِينَ أنْ يُعْرِضُوا عَنْ الجَاهِلِينَ بِاللهِ

قال تعالى (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين ) القصص

قال تعالى (وَعِبَادُ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلأَرۡضِ هَوۡنا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ قَالُواْ سَلَٰما )الفرقان

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، ثنا مِهْرَانُ، عَنِ الْمُبَارَكِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، " (  وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا)، قَالَ: إِذَا سَفِهَ عَلَيْهِ الْجَاهِلُ، قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

أمَرَ سُبْحَانَهُ أهْلَ الايمَانِ أنْ يُعْرِضُوا عَنِ الكُفَّارِ

قال تعالى (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ ، ثَنَا عَامِرُ بْنُ الْفُرَاتِ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلُهُ: سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ قَالَ: "لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَّفَ عَلِيًّا بَعْدَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مَعَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فَقَالُوا: إِنَّمَا خَلَّفَهُ لِسُخْطِهِ, فَأَدْرَكَهُ عَلِيٌّ فِي الطَّرِيقِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ الْمُنَافِقُونِ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ مُوسَى لَمَّا ذَهَبَ إِلَى رَبِهِ اسْتَخْلَفَ هَارُونَ, وَإِنِّي أَسْتَخْلِفُكَ بَعْدِي أَفَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي كَمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي. قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمَّا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ عَلِيٌّ فَأَرْدَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ وَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُخَالِفِينَ: فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَعَلِيٌّ قَائِمٌ خَلْفَهُ يَلْعَنُ الْمُنَافِقِينَ, وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِينَ: لَا تُكَلِّمُوهُمْ وَلَا تُجَالِسُوهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

فَالجَاهِلُ بِاللهِ و الكَافِرُ سَوَاء 

نَهَى سُبْحَانَهُ  وَحَذّرَ نُوحًا عَلَيْهِ السَلاَم أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ

قال تعالى (وَنَادَىٰ نُوح رَّبَّهُۥ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ٱبۡنِي مِنۡ أَهۡلِي وَإِنَّ وَعۡدَكَ ٱلۡحَقُّ وَأَنتَ أَحۡكَمُ ٱلۡحَٰكِمِين قَالَ يَٰنُوحُ إِنَّهُۥ لَيۡسَ مِنۡ أَهۡلِكَ ۖ إِنَّهُ ۥعَمَلٌ غَيۡرُ صَٰلِحۖ فَلا تَسۡ‍َٔلۡنِ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌ ۖ إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ) هود

فَسَألَ نُوح رَبَّهُ المَغْفِرَةَ

قال تعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) هود

فَلَوْ كَانَ الجَهْلُ عُذْرٌ لَمَا حَدّّرَ اللهُ مِنْهُ فَأنْظُرْ قَوْلَهُ (إِنِّيٓ أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ )  وَانْظُرْ إلَى القَائِلِينَ بِالعُذْرِ بِالجَهْلِ يَقُولُونَ ( كُونُوا مِنَ الجَاهِلِينَ حَتَى تَكُونُوا مَعْذُورِينَ ) فَيَا للعَجَبْ !!

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا أَبُو يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ -فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ-، أُصْبُغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ أَنْ تَبْلُغَ بِكَ الْجَهَالَةُ لِأَفِيَ لَكَ بِوَعْدٍ وَعَدْتُكَ حَتَّى تَسْأَلَنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عَلِمٌ قَالَ: فَإِنَّهَا خَطِيئَةٌ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي، وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

وَ كَذَلكَ نَهَى سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنْ يَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ

قال تعالى (وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَىٰ ۚ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) الأنعام

فَلَوُ كَانَ الجَهْلُ عُذْراً فَلِمَاذَا يَنْهَاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ عَنْهُ ؟؟  وَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ أنَّّ العُذْرَ عِنْدَ اللهِ أقْصَى  مَا يُرِيدُهُ الأنْبِيَاءُ وُالمُرْسَلُونَ وَمَنْ عَلَى طَرِيقَتِهِم   كما قال تعالى (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) الأعراف

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ وَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ ) بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ

وَ نَهَى سُبْحَانَُهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اتِّبَاعِ الجَاهِلِينَ

قال تعالى (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ  ) الجاثية

قال ابن جرير الطبري (( وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) يَقُولُ : وَلَا تَتَّبِعْ مَا دَعَاكَ إِلَيْهِ الْجَاهِلُونَ بِاللَّهِ ، الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ ، فَتَعْمَلَ بِهِ ، فَتَهْلَكَ إِنْ عَمِلْتَ بِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني  ({فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يعلمُونَ} : أَن الْمُشْركين كَانُوا يَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد، ارْجع إِلَى دين آبَائِك فَإِنَّهُ أولى من الدّين الَّذِي جِئْت بِهِ ) تفسير السمعاني

وَ قَدْ اسْتَعَاذَ مُوسَى عَلَيْهِ السَلام مِنَ الجَهْلِ

قال تعالى (وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تَذۡبَحُواْ بَقَرَةً ۖ  قَالُوٓاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡجَٰهِلِينَ ) البقرة

وَ نَهَى مُوسَى وَ هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَلام عَنِ اتِّبَاعِ الجَاهِلِينَ 

قال تعالى (قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) يونس

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) ، يَقُولُ : وَلَا تَسْلُكَانِّ طَرِيقَ   الَّذِينَ يَجْهَلُونَ حَقِيقَةَ وَعْدِي ، فَتَسْتَعْجِلَانِ قَضَائِي ، فَإِنَّ وَعْدِي لَا خُلْفَ لَهُ ، وَإِنَّ وَعِيدِي نَازِلٌ بِفِرْعَوْنَ وَعَذَابِي وَاقِعٌ بِهِ وَبِقَوْمِهِ ) جامع البيان في تأويل القران 

وَ اسْتَعَاذَ يُوسُف عَلَيْهِ السَلاَم مِنَ الجَهْلِ

قال تعالى (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ) يوسف 

وَلَوْ كَانَ الجَهْلُ عُذْراً مَا اسْتَعَاذَ مِنْهُ الرُسُل عَلَيْهِمُ السَلاَمِ  , لأنَّ الجَاهِلِينَ مُنْتَهِكُونَ لِحُرُمَاتِ اللهِ مُتَجَاوِزُونَ لحِدُودِهِ فَأَيٌّ قُبْحٍ أقْبَحُ مِنَ الجَهْلِ وَأهْلِهِ

وَ عَلَى هَذَا كَانَ الصَحَابَةُ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ وَ مَنْ تَبِعَهُمُ بإحْسَانٍ

قال البخاري (حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا فَقَالَ عُيَيْنَةُ لِابْنِ أَخِيهِ يَا ابْنَ أَخِي هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الْأَمِيرِ فَتَسْتَأْذِنَ لِي عَلَيْهِ قَالَ سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ لِعُيَيْنَةَ فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأَنْ يَقَعَ بِهِ فَقَالَ الْحُرُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ " وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ فَوَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلَاهَا عَلَيْهِ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ ) باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

قال أبو بكر الخلال (وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونُوا كُلَّمَا تَكَلَّمَ جَاهِلٌ بِجَهْلِهِ أَنْ يُجِيبُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيُنَاظِرُوهُ، فَيُشْرِكُوهُ فِي مَأْثَمِهِ، وَيَخُوضُوا مَعَهُ فِي بَحْرِ خَطَايَاهُ، وَلَوْ شَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُنَاظِرَ صَبِيغًا، وَيَجْمَعَ لَهُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُنَاظِرُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيَبِينُوا عَلَيْهِ لَفَعَلَ، وَلَكِنَّهُ قَمَعَ جَهْلَهُ، وَأَوْجَعَ ضَرْبَهُ، وَنَفَاهُ فِي جِلْدِهِ، وَتَرَكَهُ يَتَغَصَّصُ بِرِيقِهِ، وَيَنْقَطِعُ قَلْبُهُ حَسْرَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ مَطْرُودًا، مَنْفَيًّا، مُشَرَّدًا، لا يُكَلَّمُ وَلا يُجَالَسُ، وَلا يُشْفَى بِالْحُجَّةِ وَالنَّظَرِ، بَلْ تَرَكَهُ يَخْتَنِقُ عَلَى حِرَّتِهِ، وَلَمْ يُبَلِّعْهُ رِيقَهُ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ كَلامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ شَرَعَ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ عَلَى بِدْعَةٍ وَضَلالَةٍ، فَيُحَذِّرُ مِنْهُ وَيَنْهَى عَنْ كَلامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَاسْتَرْشِدُوا الْعِلْمَ، وَاسْتَحِضُّوا الْعُلَمَاءَ، وَاقْبَلُوا نُصْحَهُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَزَالَ الْجَاهِلُ بِخَيْرٍ مَا وَجَدَ عَالِمًا يَقْمَعُ جَهْلَهُ، وَيَرُدُّهُ إِلَى صَوَابِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ) كتاب السنة 

 

 

 الأصْنَامُ عُبِِدَت قَبْلَ الرِسَالَةِ  بِسَبَبِ الجَهْلِ وَ ذَهَابِ العِلْمِ

قال تعالى (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا   وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا   وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا   وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا ۖ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا  مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا  ) نوح

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَقَالَ عَطَاءٌ : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ أَمَّا وَدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَإٍ ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ ) كتاب تفسير القران -  سُورَةُ نُوحٍ

 

 

وَصَفَ سُبْحَانَهُ أهْلَ الكُفْرِ بِعَدَمْ الفَهْمِ  للقُرْاَن بَعْدَ البِعْثَة

قال تعالى (وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) التوبة  

وقال تعالى (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) الروم  

قال ابن جرير الطبري (كَذَلِكَ يَخْتِمُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ مَا تَأْتِيهِمْ بِهِ يَا مُحَمَّدُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَرِ وَالْعِظَاتِ ، وَالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ ، فَلَا يَفْقَهُونَ عَنِ اللَّهِ حُجَّةً ، وَلَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ مَا يَتْلُو عَلَيْهِمْ مِنْ آيِ كِتَابِهِ ، فَهُمْ لِذَلِكَ فِي طُغْيَانِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ۖ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا ۚ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) الانعام

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : " وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ " قَالَ : قُرَيْشٌ

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : " وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا " قَالَ : يَسْمَعُونَهُ بِآذَانِهِمْ وَلَا يَعُونَ مِنْهُ شَيْئًا ، كَمِثْلِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي تَسْمَعُ النِّدَاءَ ، وَلَا تَدْرِي مَا يُقَالُ لَهَا ) جامع البيان في تأويل القران

وقال تعالى (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا)الاسراء  

وقال تعالى (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) الكهف  

قال ابن جرير الطبري (إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ إِذَا ذُكِّرُوا   بِهَا أَغْطِيَةً لِئَلَّا يَفْقَهُوهُ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَفْقَهُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

وقال تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)محمد

قال ابن جرير الطبري (( وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) يَقُولُ : وَسَلَبَهُمْ عُقُولَهُمْ ، فَلَا يَتَبَيَّنُونَ حُجَجَ اللَّهِ ، وَلَا يَتَذَكَّرُونَ مَا يَرَوْنَ مِنْ عِبَرِهِ وَأَدِلَّتِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

وقال تعالى(أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) النحل

قال ابن جرير الطبري (هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ وَصَفْتُ لَكُمْ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَيُّهَا النَّاسُ ، هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ، فَخَتَمَ عَلَيْهَا بِطَابَعِهِ ،  فَلَا يُؤْمِنُونَ وَلَا يَهْتَدُونَ ، وَأَصَمَّ أَسْمَاعَهُمْ فَلَا يَسْمَعُونَ دَاعِيَ اللَّهِ إِلَى الْهُدَى ، وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ فَلَا يُبْصِرُونَ بِهَا حُجَجَ اللَّهِ إِبْصَارَ مُعْتَبِرٍ وَمُتَّعِظٍ ( وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) يَقُولُ : وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْأَفْعَالَ هُمُ السَّاهُونَ ، عَمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لِأَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَعَمَّا يُرَادُ بِهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

وَ كَذَلِكَ فِي اخِرِ الزَمَانِ لَنْ يُعْذَرَ بِالجَهْلِ أتْبَاعُ الدَجَّالِ

فَالدَجَّـال يَخْـرُج عِنْـدَ انْـــدِرَاسِ العِـلْـمِ   وَ فُشُوِ الجَهْلِ

قال الإمام أحمد رحمه الله ( حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي خَفْقَةٍ مِنَ الدِّينِ , وَإِدْبَارٍ مِنَ الْعِلْمِ ) المسند

و جاء في المستدرك ( أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، ثَنَا مُسَدَّدٌ ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، قَالَ : كُنْتُ بِالْكُوفَةِ ، فَقِيلَ : خَرَجَ الدَّجَّالُ ، قَالَ : فَأَتَيْنَا عَلَى حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ ، فَقُلْتُ : هَذَا الدَّجَّالُ قَدْ خَرَجَ ، فَقَالَ : اجْلِسْ ، فَجَلَسْتُ فَأَتَى عَلَيَّ الْعَرِيفُ ، فَقَالَ : هَذَا الدَّجَّالُ قَدْ خَرَجَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يُطَاعِنُونَهُ ، قَالَ : اجْلِسْ ، فَجَلَسْتُ فَنُودِيَ إِنَّهَا كَذِبَةٌ صِبَاغٌ ، قَالَ : فَقُلْنَا يَا أَبَا سَرِيحَةَ مَا أَجْلَسْتَنَا إِلَّا لِأَمْرٍ فَحَدِّثْنَا ، قَالَ : إِنَّ الدَّجَّالَ لَوْ خَرَجَ فِي زَمَانِكُمْ لَرَمَتْهُ الصِّبْيَانُ بِالْخَذْفِ ، وَلَكِنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ فِي بُغْضٍ مِنَ النَّاسِ ، وَخِفَّةٍ مِنَ الدِّينِ ،  وَسُوءِ ذَاتِ بَيْنٍ )

 

فَيَتْبَعُهُ أصْنَافٌ مِـنَ النَــاسِ مِنْهُمُ الأعـْـرَابِ وَ سُكَّانِ البَوَادِي

 

جاء في سنن ابن ماجة  (حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ..... وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهَ شَيَاطِينَ تُمَثِّلُ لَهُ عَلَى صُوَرِ النَّاسِ ، فَيَأْتِي الأَعْرَابِيَّ ، فَيَقُولُ : أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتَ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَتَمَثَّلَ لَهُ شَيَاطِينُهُ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ، فَيَقُولانِ لَهُ : يَا بُنَيَّ اتْبَعْهُ ، فَإِنَّهُ رَبُّكَ ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلَّطَ عَلَى نَفْسٍ فَيَقْتُلُهَا وَيُحْيِيهَا ، وَلَنْ يَعُودُ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَنْ يَصْنَعَ ذَلِكَ بِنَفْسٍ غَيْرِهَا ، يَقُولُ : انْظُرُوا عَبْدِي ، فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الآنَ ، فَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي ، فَيَبْعَثُهُ فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ لَهُ : رَبِّيَ اللَّهُ ، وَأَنْتَ الدَّجَّالُ عَدُوُّ اللَّهِ ، وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ ، يَقُولُ لِلأَعْرَابِيِّ : أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ إِبِلَكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، فَتَمَثَّلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى صُورَةِ إِبِلِهِ)   و السنة لابن أبي عاصم - بَابٌ فِي قِصَّةِ الدَّجَّالِ

 

قال أبو نعيم ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءِ بِنْتِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِيِ فَذَكَرَ الدَّجَّالَ ، فَقَالَ : إِنَّ مِنْ  أَشَدِّ فِتْنَتِهِ أَنَّهُ يَأْتِي الأَعْرَابِيَّ ، فَيَقُولُ : أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْيَيْتَ إِبِلَكَ ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَتَمَثَّلَ لَهُ الشَّيَاطِينُ نَحْوَ إِبِلِهِ  كَأَحْسَنِ مَا تَكُونُ ضُرُوعًا ، وَأَعْظَمِهِ أَسْنِمَةً ، وَيَأْتِي الرَّجُلَ وَقَدْ مَاتَ أَبُوهُ ، وَمَاتَ أَخُوهُ ، فَيَقُولُ : أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأَخَاكَ ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَبِّكَ ؟ فَيَقُولُ : بَلَى ، فَتَتَمَثَّلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ نَحْوَ أَبِيهِ وَأَخِيهِ ) الفتن

 

وَ مِنْهُمُ مَنْ يَتَّّبِعُه  وَقْـدُ لُبِّّـسَ عَلَيْهِ بِشُبْهَــةٍ

 

قال حنبل بن اسحاق (حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلالٍ ، يُحَدِّثُ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو الدَّهْمَاءِ ، حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ , فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ ، وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَمَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَتَّبِعَهُ مِمَّا يَبْعَثُ مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ ) الفتن

 

وَ مِنْهُمُ مَنْ يَتَّّبِعُه  عَــنْ عِـلْمٍ بَـلْ يُكَفِّـــرُهُ وَ يَتْبَعُهُ طَمَعًا فِي المَأكَلِ وَ المَشْرَبِ وَفِيــهِ رَدٌ عَلَـى مَنْ يُقَيِّـدْ الكُفْـرَ بْإنْشِـرَاحِ الصَدْرِ وَ الإعْتِقَـادِ

 

قال أبو نعيم ( حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ ، قَالَ :  يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتْبَعُهُ نَاسٌ  ، يَقُولُونَ : نَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُ كَافِرٌ ، وَإِنَّمَا نَتْبَعُهُ لِنَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ ، وَنَرْعَى مِنَ الشَّجَرِ ، فَإِذَا نَزَلَ غَضَبُ اللَّهِ نَزَلَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا ) الفتن

 

 وَ لَكِنَّ المُسْلِمُــــونَ لا يَعْــذِرُونَ أحَــداً يَتْبَعُــهُ بَلْ يُكَفِرُونَهُـمُ كُلُهُـــم

 

قال البخاري رحمه الله ( حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَجِيءُ الدَّجَّالُ حَتَّى يَنْزِلَ فِي نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ تَرْجُفُ الْمَدِينَةُ ثَلَاثَ رَجَفَاتٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ ) باب ذكر الدجال

قال الداني ( حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ: " إِذَا خَرَجَ الدَّجَّالُ كَانَ النَّاسُ ثَلاثَ فَرِقٍ: فِرْقَةٌ تُقَاتِلُهُ، وَفِرْقَةٌ تَفِرُّ مِنْهُ، وَفِرْقَةٌ تُشَايِعُهُ، فَمَنِ اسْتَحْرَزَ مِنْهُ فِي رَأْسِ جَبَلٍ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أَتَاهُ رِزْقُهُ، وَأَكْثَرُ مَنْ يُشَايِعُهُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أَصْحَابِ الْعِيَالِ يَقُولُونَ: إِنَّا لَنَعْرِفُ ضَلالَتَهُ، وَلَكِنْ لا نَسْتَطِيعُ تَرْكَ عِيَالِنَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ، وَتُسَخَّرُ لَهُ أَرْضَانِ: أَرْضٌ جَدْبَةٌ كَرِيهَةٌ، يَقُولُ: هَذِهِ النَّارُ، وَأَرْضٌ خَضِرَةٌ حَسَنَةٌ، يَقُولُ: هَذِهِ الْجَنَّةُ، وَيُبْتَلَى الْمُؤْمِنُونَ حَتَّى يَقُولَ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ: وَاللَّهِ مَا نَصْبِرُ عَلَى هَذَا، لأَخْرُجَنَّ إِلَى هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَبِّي فَإِنْ كَانَ رَبِّي فَمَا أَنَا بِسَابِقِهِ، وَلأَسْتَرِيحَنَّ مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَيَقُولُ لَهُ الْمُسْلِمُونَ: اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّهُ الْبَلاءُ، فَيَأْبَى فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَبْصَرَهُ الْمُؤْمِنُ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالضَّلالَةِ وَالْكُفْرِ وَالْكَذِبِ ) السنن الواردة في الفتن

 

 

الادِلَّةُ مِنَ القُرْاَنِ وَ السُنَّةِ عَلَى عَدَمِ العُذْرِ  بِالجَهْلِ لمنْ ضَلَّ وَ خَالَفَ الاسْلاَمَ  وُ السُنَّة 

قال تعالى ( وَإِنْ أَحَد مِنْ الْمُشْرِكِينَ اِسْتَجَارَك فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَع كَلَام اللَّه ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنه ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْلَمُونَ ) التوبة

سَمّاهُمْ مُشْرِكِينَ مَا فِي أوَّلِ الآيَةِ رُغْمَ أنَّهُمُ قَوْمٌ جَاهِلُونَ كَمَا وَصَفَهُم عَزّ وَجَلّ فِي  أخِرِ الآيَةِ بِأَنَّهُمْ قَوْم لَا يَعْلَمُونَ

قال تعالى (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ   رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً ) البينة

سَمّاهُمْ  مُشْرِكِينَ  وَ وَصَفَهُم بالَّذِينَ كَفَرُوا قَبْلَ أنْ تَأتِيهُم البَيِنَةُ وَهِي  رَسُولُ اللهِ وَهُو الحُجَّّةُ

 

قال تعالى (  وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ) المؤمنون

سَمّاهُم كَافِرِينَ لِعِبَادَتِهِمْ غَيْرَ اللهِ بِدُونِ بُرْهَانٍ  وَ لا حُجَّةِ أيْ بِجَهْلٍ

جاء في تفسير يحيى بن سلام (قَوْلُهُ: ( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ): لا حُجَّةَ لَهُ بِهِ  )

قال مقاتل بن سليمان ( وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ يعني ومن يصف مع الله إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ يعني لا حجة له بالكفر ولا عذر يوم القيامة، نزلت في الحارث بن قيس السهمي أحد المستهزئين فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ- 117- يقول جزاء الكافرين، أنه لا يفلح يعني لا يسعد في الآخرة عند ربه- عز وجل وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ الذنوب وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ- 118- من غيرك يقول من كان يرحم أحدا فإن الله- عز وجل- بعباده أرحم وهو خير يعني أفضل رحمة من أولئك الذين لا يرحمون  ) تفسير مقاتل بن سليمان لسورة المؤمنون

 

قال تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ ۖ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ ) الانعام

قال بن جرير الطبري (وَجَعَلُوا لِلَّهِ الْجِنَّ شُرَكَاءَ فِي عِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُ ، وَهُوَ الْمُنْفَرِدُ بِخَلْقِهِمْ بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا مُعِينٍ وَلَا ظَهِيرٍ " وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ " ، يَقُولُ : وَتَخَرَّصُوا لِلَّهِ كَذِبًا ، فَافْتَعَلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُمْ بِحَقِيقَةِ مَا يَقُولُونَ ، وَلَكِنْ جَهْلًا بِاللَّهِ وَبِعَظَمَتِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ إِلَهًا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَلَا صَاحِبَةٌ ، وَلَا أَنْ يُشْرِكَهُ فِي خَلْقِهِ شَرِيكٌ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ  ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) الحج

فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ مَصِيرَ مَنْ يُضِلّ النَاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ أيْ بِجَهْلٍ  عَذَابَ الحَرِيقِ

قال ابن جرير الطبري (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُخَاصِمُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَإِفْرَادِهِ بِالْأُلُوهَةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْهُ بِمَا يُخَاصِمُ بِهِ ( وَلَا هُدًى ) يَقُولُ : وَبِغَيْرِ بَيَانٍ مَعَهُ لِمَا يَقُولُ وَلَا بُرْهَانٍ وَإِنَّمَا يَقُولُ مَا يَقُولُ مِنَ الْجَهْلِ ظَنًّا مِنْهُ وَحُسْبَانًا ) جامع البيان  في تأويل القران

وَ مِثْلُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ  كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ ) الحج

قال ابن جريرالطبري (حدثنا القاسم، فال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) قال: النضر بن الحارث   ويعني بقوله ( مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) من يخاصم في الله، فيزعم أن الله غير قادر على إحياء من قد بلي وصار ترابا، بغير علم يعلمه، بل بجهل منه بما يقول

وَقَوْلُهُ ( وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ ) يَقُولُ : وَيَسُوقُ مَنِ اتَّبَعَهُ إِلَى عَذَابِ جَهَنَّمَ الْمُوقَدَةِ ، وَسِيَاقُهُ إِيَّاهُ إِلَيْهِ بِدُعَائِهِ إِلَى طَاعَتِهِ وَمَعْصِيَةِ الرَّحْمَنِ ، فَذَلِكَ هِدَايَتُهُ مَنْ تَبِعَهُ إِلَى عَذَابِ جَهَنَّمَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۖ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ) الروم

قال ابن جرير الطبري (اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، جَهْلًا مِنْهُمْ لِحَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فَأَشْرَكُوا الْآلِهَةَ وَالْأَوْثَانَ فِي عِبَادَتِهِ ، ( فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ) يَقُولُ : فَمَنْ يُسَدِّدُ لِلصَّوَابِ مِنَ الطُّرُقِ ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَنْ يُوَفِّقُ لِلْإِسْلَامِ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالرَّشَادِ ( وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) يَقُولُ : وَمَا لِمَنْ أَضَلَّ اللَّهُ مِنْ نَاصِرِينَ يَنْصُرُونَهُ ، فَيُنْقِذُونَهُ مِنَ الضَّلَالِ الَّذِي يَبْتَلِيهِ بِهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) لقمان

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ : ( بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يَقُولُ : فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنَ اشْتِرَائِهِ لَهْوَ الْحَدِيثِ جَهْلًا مِنْهُ بِمَا لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ وِزْرِ ذَلِكَ وَإِثْمِهِ وَقَوْلُهُ : ( أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : هَؤُلَاءِ - الَّذِينَ وَصَفْنَا أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ - لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابٌ مُذِلٌّ مُخْزٍ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ) جامع البيان في تأويل القران

وَالعَذَابُ المُهِينُ لاَ يَكُونُ إلاّ جَزَاءَ الكُفْرِ

 قال تعالى(  أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً  ) النساء

وقال تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ  ) المجادلة

 

قال تعالى (  وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِيٓ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّيَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ  ۖ  قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَآ ۚ أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ   أَوۡ تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أَشۡرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّة مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ  ۖ  أَفَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ  وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأٓيَٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ) الاعراف

وَهَذِهِ الآيَاتُ وَاضِحَةٌ الدَلالَةِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِ أحَدٍ بِالجَهْلِ لأنَّ اللهَ تَعَالَى أخَذَ عَلَي النَاسِ جَمِيعًا  المِيثَاقَ فَقَالَ(  أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡ  ۖ  قَالُواْ بَلَىٰ شَهِدۡنَا  )

 ثُمّ حَذّرَهُمْ الله تَعَالَى مِنْ الاعْتِذَارِ بِالجَهْلِ فقال ( أَن تَقُولُواْ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَٰذَا غَٰفِلِينَ  )

 وحَذّرَهُمْ مِنْ الإحْتِجَاجِ بِالبِيئَةِ الكَافِرَةِ وَ تَقْلِيدِ الآبَاءِ الجَاهِلِينَ فقال ( أَوۡ تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أَشۡرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّة مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ  ۖ  أَفَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ )

 وَبيَّنَ اللهُ هَذِهِ الآيَاتِ وَفَصّلَهَا حَتّى يَرْجِعَ النَاسُ إليَهْا وَلاَ يَحْتَجُ أحَدٌ بِهَذِهِ الحُجَجِ البَاطِلَةِ ( وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأٓيَٰتِ وَلَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ)

 فَأيُّ بَيَانٍ أوْضَحُ مِنْ هَذَا

جاء في تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور (أخرج عبد بن حميد وَعبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل فِي زَوَائِد الْمسند وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ وَابْن مَنْدَه فِي كتاب الرَّد على الْجَهْمِية والالكائي وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات وَابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه عَن أبيّ بن كَعْب فِي قَوْله {وَإِذ أَخذ رَبك من بني آدم من ظُهُورهمْ ذُرِّيتهمْ} قَالَ: إِلَى قَوْله {بِمَا فعل المبطلون} جَمِيعًا فجعلهم أرواحاً فِي صورهم ثمَّ استنطقهم فتكلموا ثمَّ أَخذ عَلَيْهِم الْعَهْد والميثاق {وأشهدهم على أنفسهم أَلَسْت بربكم قَالُوا بلَى} قَالَ: فَإِنِّي أشهد عَلَيْكُم السَّمَوَات السَّبع وَأشْهد عَلَيْكُم أَبَاكُم آدم {أَن تَقولُوا يَوْم الْقِيَامَة} انَّا لم نعلم بِهَذَا اعلموا أَنه لَا إِلَه غَيْرِي وَلَا رب غَيْرِي وَلَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئا إِنِّي سأرسل إِلَيْكُم رُسُلِي يذكرونكم عهدي وميثاقي وَأنزل عَلَيْكُم كتبي قَالُوا: شَهِدنَا بأنك رَبنَا وإلهنا لَا رب لنا غَيْرك وَلَا إِلَه لنا غَيْرك فأقروا وَرفع عَلَيْهِم آدم ينظر إِلَيْهِم فَرَأى الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَحسن الصُّورَة وَدون ذَلِك فَقَالَ: يَا رب لَوْلَا سوّيت بَين عِبَادك قَالَ: إِنِّي أَحْبَبْت أَن أشكر )

وَ النَاسُ مُحَاسَبُونَ عَلَى هِذَا المِيثَاقِ 

قال البخاري (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْــــلِ النَّـارِ عَــــذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ ) باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته

فَلاَ عُذْرَ لَهُمُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي  الشِرْكِ بالله جَهْلاً

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : شَهِدْنَا عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ رَبُّكُمْ ، كَيْلَا تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ : " إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ " ، إِنَّا كُنَّا لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ ، وَكُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْهُ أَوْ تَقُولُوا : ( إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، اتَّبَعْنَا مِنْهَاجَهُمْ ( أَفَتُهْلِكُنَا ) ، بِإِشْرَاكِ مَنْ أَشْرَكَ مِنْ آبَائِنَا ، وَاتِّبَاعِنَا مِنْهَاجَهُمْ عَلَى جَهْلٍ مِنَّا بِالْحَقِّ؟ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) ، بِمَا فَعَلَ الَّذِينَ أَبْطَلُوا فِي دَعْوَاهُمْ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) يونس

كَانَ تَكْذِيبُهُم بِجَهْلٍ

قال ابن جريري الطبري (مَا بِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ يَا مُحَمَّدُ تَكْذِيبُكُ وَلَكِنْ بِهِمُ التَّكْذِيبُ بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ فِي هَذَا الْقُرْآنِ ، مِنْ وَعِيدِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

وَ لَمْ يَمْنَع جَهْلَهُم مِنْ تَسْمِيَتِهم ظَالِمِينَ كَمَا فِي اَخِرِ الآيةِ

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ -فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ-، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا عَمِّي الْحُسَيْنُ , حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: الظَّالِمِينَ فَسَمَّاهُمُ اللَّهُ الظَّالِمِينَ بِشِرْكِهِمْ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 

 

قال تعالى (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ  حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ   وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ ) النحل

 

فَسَمّى اللهُ تَعَالَى جَهْلَهُمُ بِآيَاتِهِ ظُلْمًا وَلمْ يُسَمّهِ عُذْرًا

 

قال أبو حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي ( قَالَ لَهُمُ اللَّهُ : { أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً } ولم تعرفوها حتى معرفتها ؛ قلت : فلم يعذرهم مع عدم العلم و المعرفة  ) اللباب في علوم الكتاب

 

 قال تعالى (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِير ) الحج

فِي هَذِهِ الآيَةِ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنّ المُشْرِكِينَ الذِينَ هُمْ أهْلُ النَارِ عَبَدُوا غَيْرَ اللهِ بِالجَهْلِ فَسَمَاهُم اللهُ ظَالِمِينَ وَلَمْ يُسَمِهِمُ مَعْذُورِينَ

قال عمر بن علي بن عادل   ( { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً } حجة { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } أي : عن جهل ، وليس لهم به دليل عقلي فهو تقليد وجهل ، والقول الذي هذا شأنه يكون باطلاً  ) تفسيره اللباب في علوم الكتاب ج 12 ص  353

 

قال تعالى (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ۖ وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۚ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) العنكبوت 

قال السمعاني في تفسيره لها (وَقَوله: {مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} إِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَن الشّرك كُله عَن جهل، فَإِن الْعَالم لَا يُشْرك بِاللَّه) تفسير القرآن

 

قال البخاري رحمه الله تعالى ( حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ فَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ وَالْوَصِيلَةُ النَّاقَةُ الْبِكْرُ تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الْإِبِلِ ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ وَالْحَامِ فَحْلُ الْإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ الْمَعْدُودَ فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ وَأَعْفَوْهُ مِنْ الْحَمْلِ فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَسَمَّوْهُ الْحَامِيَ) باب قصة خزاعة

قال أبي طالب الطرطوشي  عقيل بن عطية   ( تقدم أول هذا القسم الذي نحن بصدده حديث النبي - عليه السلام - أنه رأى عمرو بن لحي يجر قصبه في النار،  وجاء في الحديث الثاني هنالك إطلاق الكفر عليه بقوله - عليه السلام - لأكثم بن الجون: «إنك مؤمن وهو كافر»، وذكر - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أول من غير دين إبراهيم وإسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السوائب . فانظر أيها الواقف على هذا الموضع كيف استحق عمرو بن لحي النار بهذه الأفعال، ولم يعذره الله تعالى بكونه كان في الجاهلية، حيث لا شريعة هنالك تلزمه ) حرير المقال في موازنة الأعمال ج 2 ص  538

 

قال الامام أحمد في مسنده (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْوَلِيدِ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ حُمْرَانَ ، عَنْ عُثْمَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :   مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ ) مُسْنَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ

 

 وَ مِنْهُ أنّ مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَجْهَلُ مَعْنَى كَلِمَةِ التَوْحِيدِ لَمْ يَدْخُلِ الجَنّةَ

 

قال مسلم في صحيحه ( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ النَّاسِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) كتاب العلم 

 

فَهَؤلاَءِ قَوْمٌ أفْتُوا بِجَهْلٍ فَضَلُوا وَأضَلُوا مُقَلِدِيهِم الجَاهِلِينَ فَلَمْ يُعْذَرُوا بِجَهْلِهِمُ وَلَمْ يَمْنَعْهُم جَهْلُهُمْ مِنْ أنْ يُوصَفُوا بِالضَالِينَ، وَهَذَا فِي قَوْمٍ الأصْلُ فِيهِم الإسْلاَمُ حَتّى لاَ يُقَالُ إنَّّ الأدِلَةُ السَابِقَة  فِيمَنْ مَضَى مِنْ الأقْوَام 

 

 

قال البخاري في صحيحه ( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَدَّ وَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا ، فَقَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي ، فَقَالَ : إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا )  كذلك في صحيح مسلم كتاب الصلاة

 

فَدَلَ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى عَدَمِ عُذْرِ أحَدٍ بِالجَهْلِ أبَداً  لأنَّ هَذَا المُصَلِي كَانَ جَاهِلاَ بِالصِفَةِ الصَحِيحَةِ للصَلاَةِ مِنْ قَوْلِهِ (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي) فَلَمْ يَعْذُرْهُ النَبِيُ بِالجَهْلِ وَحَكَمَ عَلَى صَلاَتِهِ بِالبُطْلاَنِ مِنْ قَوْلِهِ (ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ) فَكَيْفَ بِمَنْ أشْرَكَ بِاللهِ أنْ يُعْذَرَ بِالجَهْلِ وَ التَوْحِيدُ أوْضَحُ مِنْ الصَلاَةِ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ   أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ) بَاب فَضْلِ مَنْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ

 

الشَاهِدُ فِي الحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِ أحَدٍ بِالجَهْلِ أنَّ الشُبُهَات (لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ) وَلَمْ يَعْذُر النَاسَ بِالوُقُوعِ فِي هَذهِ الشُبُهَاتِ بِالجَهْلِ  كما قال مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، عَنْ الشَّعْبِيِّ،   عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَقُولُ: " وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ، إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى  أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ) صحيحه

فَتَأَمّلْ قَوْلَهُ (وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ ) وَ لَمْ يَعْذَرْهُ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ) بَاب مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ

فَدَلّ هَذَا الحَدِيثُ أنْ الجَاهِلَ لاَ يُرِيدُ اللهُ بِهِ خَيْرًا وَأنَّهُ مِنْ أهْلِ النَارِ فَلاَ عُذْرَ لأَحَدٍ بِجَهْلِ وَ لاَ عُذْرَ للجَاهِلِينَ المُذْنِبِينَ

 

قال الاجري (يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي دِينِهِ فَلا خَيْرَ فِيهِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ صِفَةُ مَنْ فَقَّهَهُ اللَّهُ ُعز وجل  فِي دِينِهِ حَتَّى يَكُونَ مِمَّنْ قَدْ أَرَادَهُ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِخَيْرٍ؟ قِيلَ لَهُ: هُوَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الَّذِي قَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ ُعز وجل  قَدْ تَعَبَّدَهُ بِعِبَادَاتٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْبُدَهُ فِيهَا كَمَا أَمَرَهُ لا كَمَا يُرِيدُ هُوَ، وَلَكِنْ بِمَا أَوْجَبَ الْعِلْمُ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ الْعِلْمَ لِيَفْقَهَ مَا تَعَبَّدَهُ اللَّه ُعز وجل  بِهِ مِنْ أَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ لا يَسَعُهُ جَهْلُهُ وَلا يَعْذِرُهُ بِهِ الْعُلَمَاءُ الْعُقَلاءُ فِي تَرْكِهِ، وَذَلِكَ مِثْلُ الطَّهَارَةِ مَا فَرَائِضُهَا، وَمَا سُنَنُهَا، وَمَا يُفْسِدُهَا، وَمَا يُصْلِحُهَا، وَمِثْلُ عِلْمِ   صَلاةِ الْخَمْسِ لِلَّهِ ُعز وجل  فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَكَيْفَ يُؤَدِّيهَا إِلَى اللَّهِ ُعز وجل  وَمِثْلُ عِلْمِ الزَّكَاةِ وَمَا يَجِبُ لِلَّهِ ُعز وجل  عَلَيْهِ فِيهَا، وَمِثْلُ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَا يَجِبُ لِلَّهِ ُعز وجل  فِيهِ، وَمِثْلُ الْحَجِّ مَتَى يَجِبُ، وَإِذَا وَجَبَ مَا يَلْزَمُ مِنْ أَحْكَامِهِ كَيْفَ يُؤَدِّيهِ إِلَى اللَّهِ ُعز وجل  وَمِثْلُ الْجِهَادِ وَمَتَى يَجِبُ؟ وَإِذَا وَجَبَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَحْكَامِهِ وَعِلْمِ الْمَكَاسِبِ وَمَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ وَلِيَأْخُذَ الْحَلالَ بِعِلْمٍ وَيَجْتَنِبَ الْحَرَامَ بِعِلْمٍ، وَعِلْمِ النَّفَقَاتِ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ الْوَاجِبَاتِ، وَعِلْمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْعُقُوقِ، وَعِلْمِ صِلَةِ الأَرْحَامَ وَالنَّهْيِ عَنْ قَطْعِهَا، وَعِلْمِ حِفْظِ كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْ جَوَارِحِهِ مِمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ ُعز وجل  بِحِفْظِهَا، وَعُلُومًا كَثِيرَةً يَطُولُ شَرْحُهَا، لا بُدَّ مِنْ عِلْمِهَا وَالْعَمَلِ بِهَا فَأَعْقِلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مَا حَثَّكُمْ عَلَيْهِ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه و سلم حَتَّى يَكُونَ فِيكُمْ خَيْرٌ تَحْمَدُونَ عَوَاقِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ) الشريعة

 

قال أحمد (حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَنْصُورٍ ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجْرِيِّ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ إِلَيْهِ رَهْطٌ ، فَبَايَعَ تِسْعَةً وَأَمْسَكَ عَنْ وَاحِدٍ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَايَعْتَ تِسْعَةً وَتَرَكْتَ هَذَا ؟ ! قَالَ : " إِنَّ عَلَيْهِ تَمِيمَةً " ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَطَعَهَا ، فَبَايَعَهُ ، وَقَالَ : " مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ ) مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ

فَهَذَا الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ العُذرِ بِالجَهْلِ لأن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْذُر مُعَلّقَ التَمِيمَة بِالجَهْلِ وَهُو حَدِيثُ عَهْدٍ بِكُفْرِ فَكَيْفَ يَعْذِرُ غَيْرَهُ

 

قال البخاري ( حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ ) باب حفظ اللسان

 

فَهَذَا الحَدِيثُ وَاضِحُ الدَلاَلَةِ عَلَى عَدَمِ عُذْرِ أحَدٍ بِالجَهْلِ  وَ الشَاهِدُ أنّ هَذَا العَبْدُ الذِي يَهْوِي فِي النَارِ  بِهَذِهِ الكَلِمَة المُحَرَّمَةِ (لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ) فَيَقُولُهَا بِجَهْلٍ مِنْهُ لِخَطَرِهَا (يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ ) فَدَلَ أنَّهُ لَمْ يُعْذَر بِالجَهْلِ بِهَذِهِ الكَلِمَة  

 

قال البخاري  (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَبَّاحٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ

 

فَدَلَ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى أنَّ الجَهْلَ ذَنْبُ يُسْتَغِفَرُ مِنْهُ وَ لَيْسَ بِعُذْرٍ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ

فَدَلَ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى أنَّ مَنْ وَقَعَ فِي أفْعَالِ الجُهَّالِ فِي الصِيَامِ لَيْسَ لَهُ فِي صِيَامِهِ شَيْءٌ فَدَلَ عَلَى عَدَم عُذْرِ أحَدٍ بِالجَهْلِ أبَداً

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ) بَاب فَضْلِ الصَّوْمِ

وَلَوُ كَانَ الجَهْلُ عُذْرٌ لِصَاحِبِهِ لَمَا نَهَانَا عَنْهُ الرَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

قال ابن ماجة و النسائي في السنن الكبرى (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْنُ تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ، قَالَ: لَوْلَا حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  قَالَ:   الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ لَقُلْنَا إِنَّ الْقَاضِيَ إِذَا اجْتَهَدَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ) السنن

فَحَكَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ حَكَمَ بَيْنَ النَاسِ بِجَهْلٍ بِالنَارِ وَ لَمْ يَعْذُرْهُ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ، وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا نَحْوَ السَّمَاءِ، وَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ، فَأَشَارَتْ أَيْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ وَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي مَاءً، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:  مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: يُؤْتَى أَحَدُكُمْ، فَيُقَالُ لَهُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ لَهُ صَالِحًا: فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ، قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ  ) باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف

فَدَلَّ هَذَا الحَدِيثُ عَلَى عَدَمِ عُذْرِ أحَدٍ بالجَهْلِ أبَداً  لأنَّ سُؤَالَ القَبْرِ عَنْ العِلْمِ مِنْ قَوْلِهِ ( مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ ) فَالجَاهِلُ لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَجَاوِبَ عَنْ هَذَا السُؤَالِ  فَهُوَ إمَّا كَافِرٌ مُنَافِقٌ أوْ جَاهِلٌ مُرْتَابٌ مِنْ قَوْلِهِ ( وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوْ الْمُرْتَابُ فَيَقُولُ لا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ) و أيضاً في الحَدِيثِ الاَخَرِ كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِي  (حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَتُوُلِّيَ، وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ، فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَيُقَالُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ ) بَاب الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ

 فَبِالجَمْعِ بَيْنَ الرِوَايَتَيْنِ نَجِدُ أنَّ المَقْصُودَ فِي الحَدِيثِ الأوَّلِ بِالْمُرْتَابِ هوَ الكَافِرُ  فَانْظُر إلى تَسْمِيَةِ النَبِيِّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للجَاهِلِ  (بِالكَافِرِ أَوْ الْمُنَافِقُ ) وَلمَ يُسَمِّ الجَاهِلَ بِالمَعْذُورِ فَأَيُّ وَصْفٍ أقْبَحُ مِنْ أنْ يُوصَفَ الإنْسَانُ الجَاهِلُ بِالكُفْرِ وَ النِفَاقِ  وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أنَّ مَنْ تَلَفَّظَ بِلاَ إلَهَ إلاَّ اللهِ دُونَ مَعْرِفَةٍ لِمَعْنَاهَا يَكُونُ كَافِرًا  وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ التَقْلِيدِ فِي الدِينِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَ هَذَا فِي قَوْلِهِ (سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ)

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَنَا مِنْهَا قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ لَهَا لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ الْحَقِي بِأَهْلِكِ ) بَاب مَنْ طَلَّقَ وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلَاقِ

فَالنَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّقَ هَذِهِ المَرْأَة لِعَاقِبَةِ الكَلِمَة التِي قَالَتْهَا وَ لَمْ يَعْذِرْهَا بِالجَهْلِ وَ عَدَمِ الدِرَايَةِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ الْعَرَبِ فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَقَدِمَتْ فَنَزَلَتْ فِي أُجُمِ بَنِي سَاعِدَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَاءَهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ مُنَكِّسَةٌ رَأْسَهَا فَلَمَّا كَلَّمَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ فَقَالَ قَدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي فَقَالُوا لَهَا أَتَدْرِينَ مَنْ هَذَا قَالَتْ لَا قَالُوا هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ لِيَخْطُبَكِ قَالَتْ كُنْتُ أَنَا أَشْقَى مِنْ ذَلِكَ ) بَاب الشُّرْبِ مِنْ قَدَحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآنِيَتِهِ

 

 

وَ قَدْ وَصَفَ سُبْحَانَهُ أهْلَ النَارِ بِالجَاهِلِينَ  غَيْرَ العَاقِلِينَ

قال تعالى (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ  فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك

قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا ۚ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الاعراف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْحَارِثُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ قَالَ : سَمِعَتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ : ( لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا ) قَالَ : لَا يَفْقَهُونَ بِهَا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ ( وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا ) ، الْهُدَى ( وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا ) الْحَقَّ ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ كَالْأَنْعَامِ سَوَاءً ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ شَرًّا مِنَ الْأَنْعَامِ ، فَقَالَ : ( بَلْ هُمْ أَضَلُّ ) ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُمْ هُمُ الْغَافِلُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان (لأن الأنعام تعرف ربها، وتذكره، وهم لا يعرفون ربهم )

قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا   الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا   أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) الكهف

قال تعالى (فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ۗ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ) الاعراف

 قال الزجّاج (يدل على أن قوماً ينتحلون الِإسلامَ ويزعمونَ أن من كان كافراً، وهو لَا يعلم إنَّه كافر فليس بكافرٍ مُبْطِلُون لأمر نِحْلتِهمْ، لأن الله جل ثناؤُه قد أعلمنا أنهم يَحْسَبون أنهمْ مهتدون، ولا اختلاف بين أهل اللغة في أن الحُسْبَانَ ليس تأْويله غيرَ مَا يُعْلم من معنى حسب والدليل على أن الله قد سماهم بظنهم كَفَرةً قوله عزَّ وجل: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) فأعلمَ أنهم بالظنِ كافِرونَ، وأنهم معذبون ) معاني القرآن وإعرابه – سورة الأعراف

 

بَيَانُ أنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَوْحِيدِ العِلْمُ بِمَعْنَاه وَ بِمَا يَقْتَضِيهِ مِمَّا يَدُلّ عَلَى أنَّ الجَهْلَ بِهِ لا يَنْفَعُ

 

قال تعالى (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) هود

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ : وَأَيْقَنُوا أَيْضًا أَنْ لَا مَعْبُودَ يَسْتَحِقُّ الْأُلُوهَةَ عَلَى الْخَلْقِ إِلَّا اللَّهُ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، فَاخْلَعُوا الْأَنْدَادَ وَالْآلِهَةَ ، وَأَفْرِدُوا لَهُ الْعِبَادَةَ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في تفسير مقاتل بن سليمان (اعلموا، ( وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ ) بأنه ليس له شريك، إن لم يجيئوا بمثل هذا القرآن قل لهم: ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) يعني: مخلصين بالتوحيد )

قال أبو المظفر السمعاني (وَقَوله: {وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ} يَعْنِي: فاعلموا أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ؟ أَي: مخلصون ) تفسير السمعاني

قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ) محمد

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : فَاعْلَمْ يَا مُحَمَّدُ أَنَّهُ لَا مَعْبُودَ تَنْبَغِي أَوْ تَصْلُحُ لَهُ الْأُلُوهَةُ ، وَيَجُوزُ لَكَ وَلِلْخَلْقِ عِبَادَتُهُ ، إِلَّا اللَّهُ الَّذِي هُوَ خَالِقُ الْخَلْقِ ، وَمَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ ، يَدِينُ لَهُ بِالرُّبُوبِيَّةِ كُلُّ مَا دُونَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (بِقَوْلِهِ : ( إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) وَهُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَيُوَحِّدُونَ اللَّهَ ، وَيُخْلِصُونَ لَهُ الْوَحْدَانِيَّةَ ، عَلَى عِلْمٍ مِنْهُمْ وَيَقِينٍ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ عِنْدَهُ بِإِذْنِهِ لَهُمْ بِهَا ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (وَقَوله: {وَهُوَ يعلمُونَ} ظَاهر الْمَعْنى، وَمَعْنَاهُ: يشْهدُونَ عَن علم ) تفسير السمعاني

قال ابن أبي زمنين (إِنَّمَا الشَّفَاعَة لمن شهد بِالْحَقِّ فِي الدُّنْيَا {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أَنه الْحق؛ تشفع لَهُم الْمَلَائِكَة ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (هَٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ابراهيم

قال ابن جرير الطبري (( وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) يَقُولُ : وَلِيَعْلَمُوا بِمَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُجَجِ فِيهِ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ، لَا آلِهَةً شَتَّى ، كَمَا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ ، وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى  (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) ال عمران

قال بن ابي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا الْحَكِيمُ يَعْنِي ابْنَ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبُو طَالِبٍ قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَشَهِدَ بِمَا شَهِدَ بِهِ اللَّهُ فَهُوَ الْعَالِمُ ثُمَّ تَلا: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وأولوا العلم قائما

حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ فَإِنَّ اللَّهَ شَهِدَ وَالْمَلَائِكَةُ وَالْعُلَمَاءُ مِنَ النَّاسِ

أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، عَنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَوْلُهُ: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ فَكُلُّ مَنْ عَلِمَهَا فَهُوَ مِنْ أُولِي الْعِلْمِ  ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله تَعَالَى: {شهد الله} أَي: بَين وَأعلم؛ وكل شَاهد مُبين ومعلم {أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ} لنَفسِهِ بالوحدانية ) تفسير السمعاني

قال مسلم (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ) بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ قَطْعًا

جَاءَ فِي النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: قَالَ ابْنُ وَهْب، عَنْ مَالِك، فِي عَبْدٍ أوْ أَمَةٍ لاَ تَعْرِفُ الإسْلاَمَ، فَقِيلَ لَهَا: قُولِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَفَهِمَتْهَا وَقَالَتْهَا بِإِشَارَةٍ أوْ بِغَيْرِ إِشَارَةٍ: فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تُصَلِّ

وَمِنْ (الْعُتْبِيَّة): قََالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا شَهِدَ الأعْجَمِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ  عَنْ تَعْلِيم، ثُمَّ مَاتَ، صُلِيَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ )

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : قَالَ عَمِّي  فِي السَّبْيِ يُسْبَى مَعَ الْعَدُوِّ ، فَيَمُوتُ ، قَالَ : إِذَا صَلَّى ، وَعَرَفَ الْإِسْلَامَ صُلِّيَ عَلَيْهِ ، وَدُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِذَا لَمْ يُسْلِمْ وَيُصَلِّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) أحكام أهل الملل والردة من الجامع لمسائل الإمام أحمد بن حنبل


قال تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل

قال أبو داود (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْطَاكِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ خُرَيْقٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ شَكَّ مُوسَى عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ ) باب فِي الْمَجْرُوحِ يَتَيَمَّمُ

فَهَؤُلاءِ أفْتُوا بِجَهْلٍ فَقَتَلُوا الرَجُلَ بِجَهْلِهِمُ فَلَمْ يَعْذَرْهُم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  حَيْثُ قَالَ فِيهِم (قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا ) وَ أمَرَهُمُ بِالسُؤَالِ قَبْلَ القَوْلِ أوْ العَمَلِ

 

وَ حَذّرَنَا مِنْ التَعَدِي عَلَى حُدُودِهِ بِجَهْلٍ

قال تعالى (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الاسراء

فَيَجِبُ التَوَقُفُ عِنْدَ الجَهْلِ وَ العَمَلُ عِنْدَ العِلْمِ  كَمَا قَالَ البُخَارِي فِي كِتَابِ العِلْمِ (بَاب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ  )

قال البخاري (حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ ) باب الخطإ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه ولا عتاقة إلا لوجه الله

فَتَجَاوَزَ سُبْحَانَهُ عَمَّنْ تَرَكَ  مَا لَمْ يَعْمَلْ أَوْ يَتَكَلَّمْ

قال البخاري (حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ عَنْ ذَرٍّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبْ الْمَاءَ فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الْأَرْضَ وَنَفَخَ فِيهِمَا ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ) بَاب الْمُتَيَمِّمُ هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا

فَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يُصَلِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ كَيْفِيَةَ التَيَمُمِ وَلَمْ يُنْكِر عَلَيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ اذَا وَقَعَ فِي المَحْظُورِ جَاهِلاً كَانَ اَثِمَا لِلأدِلَةِ السَابِقَةِ

فَثَبَتَ أنََّ العُذْرُ بِعَدَمِ القُدْرَةِ وَ الاسْتِطَاعَةِ وَالوَسْعِ وَالطَاقَةِ فِي الشَرَائِعِ فِي التَرْكِ لاَ فِي الفِعْلِ

 

 

أقْوَالُ الصَحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم وَ مَنْ تَبِعَهُمُ بإحْسَانٍ فِي عَدَمِ العُذْرِ بِالجَهْلِ

 

الصَحَابَةُ لاَ يَعْذِرُونَ جَاهِلَ

 

قال النسائي في السنن الكبرى (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ وَهُوَ ابْنُ مِغْوَلٍ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فَطَفَّفَ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ قَالَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ عَامًا قَالَ مَا صَلَّيْتَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيُخَفِّفُ وَيُتِمُّ وَيُحْسِنُ ) كتاب السهو - بَاب تَطْفِيفِ الصَّلَاةِ

 

 فَهَذَا الرَجُلُ كَانَ يُطفّفُ فِي الصَلاَةِ  وَ التَّطْفِيفُ يَكُونُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ أي يَجْهَلُ صِفَةَ وَ طَرِيقَةَ الصَلاَةِ وَ حُدَيْفَةُ بْنُ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَمْ يَعْذُرْهُ فَقَالَ لَهُ (وَلَوْ مِتَّ وَأَنْتَ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ لَمِتَّ عَلَى غَيْرِ فِطْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) الحديث

 

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَلَغَ ص وَهُوَ عِنْدَهُ فِي وَفْدٍ مِنْ قُرَيْشٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَيَكُونُ مَلِكٌ مِنْ قَحْطَانَ فَغَضِبَ مُعَاوِيَةُ فَقَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا مِنْكُمْ يَتَحَدَّثُونَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابِ   اللَّهِ وَلَا تُؤْثَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُولَئِكَ جُهَّالُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَالْأَمَانِيَّ الَّتِي تُضِلُّ أَهْلَهَا فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي قُرَيْشٍ لَا يُعَادِيهِمْ أَحَدٌ إِلَّا كَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ ) بَاب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ

فَلمْ يَعْذُر مُعَاوِيَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالجَهْلِ

 

قال بن جرير الطبري (حَدَّثَنَا السَّرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا السَّرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، وَشَارَكَهُ فِي الْعَهْدِ وَالْكِتَابِ قَحْذَمٌ ، فَكَانَتْ الْكُتُبُ إِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ الْمُرْتَدَّةِ كِتَابًا وَاحِدًا . بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَنْ بَلَغَهُ كِتَابِي هَذَا مِنْ عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ ، أَقَامَ عَلَى إِسْلامِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ الْهُدَى إِلَى الضَّلالَةِ وَالْعَمَى ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، نُقِرُّ بِمَا جَاءَ بِهِ وَنُكَفِّرُ مَنْ أَبَى وَنُجَاهِدُهُ . أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى خَلْقِهِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ، لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيُحِقَّ الْقَوْلَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَهَدَى اللَّهُ بِالْحَقِّ مَنْ أَجَابَ إِلَيْهِ وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِذْنِهِ مَنْ أَدْبَرَ عَنْهُ ، حَتَّى صَارَ إِلَى الإِسْلامِ طَوْعًا وَكَرْهًا ، ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ نَفَّذَ لأَمْرِ اللَّهِ وَنَصَحَ لأُمَّتِهِ وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ ، وَكَانَ اللَّهُ قَدْ بَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ وَلأَهْلِ الإِسْلامِ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ ، فَقَالَ : إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ سورة الزمر آية 30 ، وَقَالَ : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ سورة الأنبياء آية 34 ، وَقَالَ لِلْمُؤْمِنِينَ : وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ سورة آل عمران آية 144 ، فَمَنْ كَانَ إِنَّمَا يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ إِنَّمَا يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَهُ بِالْمِرْصَادِ حَيٌّ قَيُّومٌ لا يَمُوتُ ، وَلا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ، حَافِظٌ لأَمْرِهِ ، مُنْتَقِمٌ مِنْ عَدُوِّهِ يَجْزِيهِ ، وَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَحَظِّكُمْ وَنَصِيبِكُمْ مِنَ اللَّهِ وَمَا جَاءَكُمْ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَنْ تَهْتَدُوا بِهُدَاهُ ، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِدِينِ اللَّهِ ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ لَمْ يَهْدِهِ اللَّهُ ضَالٌّ ، وَكُلَّ مَنْ لَمْ يُعَافِهِ مُبْتَلًى ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُعِنْهُ اللَّهُ مَخْذُولٌ ، فَمَنْ هَدَاهُ اللَّهُ كَانَ مُهْتَدِيًا وَمَنْ أَضَلَّهُ كَانَ ضَالا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا { 17 } سورة الكهف آية 17-17 ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا عَمَلٌ حَتَّى يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ فِي الآخِرَةِ صَرَفٌ وَلا عَدْلٌ ، وَقَدْ بَلَغَنِي رُجُوعُ مَنْ رَجَعَ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ أَقَرَّ بِالإِسْلامِ . وَعَمِلَ بِهِ اغْتِرَارًا بِاللَّهِ وَجَهَـالَةً بِأَمْرِهِ وَإِجَابَةً لِلشَّيْطَانِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا سورة الكهف آية 50 ، وَقَالَ : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ سورة فاطر آية 6 ، وَإِنِّي بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ فُلانًا فِي جَيْشٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ ، وَأَمَرْتُه أَلا يُقَاتِلَ أَحَدًا وَلا يَقْتُلَهَ حَتَّى يَدْعُوَهُ إِلَى دَاعِيَةِ اللَّهِ ، فَمَنِ اسْتَجَابَ لَهُ وَأَقَرَّ وَكَفَّ ، وَعَمِلَ صَالِحًا ؛ قَبِلَ مِنْهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ أَبَى ؛ أَمَرْتُ أَنْ يُقَاتِلَهُ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ لا يُبْقِي عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ قَدِرَ عَلَيْهِ ، وَأَنْ يُحَرِّقَهُمْ بِالنَّارِ وَيَقْتُلَهُمْ كُلَّ قتلة ، وَأَنْ يَسْبِيَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ وَلا يَقْبَلْ مِنْ أَحَدٍ إِلا الإِسْلامَ ، فَمَنِ اتَّبَعَهُ ؛ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ، وَمَنْ تَرَكَهُ ؛ فَلَنْ يُعْجِزَ اللَّهَ ، وَقَدْ أَمَرْتُ رَسُولِي أَنْ يَقْرَأَ كِتَابِي فِي كُلِّ مَجْمَعٍ لَكُمْ وَالدَّاعِيَةُ الأَذَانُ ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُسْلِمُونَ فَأَذَّنُوا كُفُّوا عَنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَذِّنُوا عَاجَلُوهُمْ ، وَإِنْ أَذَّنُوا اسْأَلُوهُمْ مَا عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ أَبَوْا ؛ عَاجِلُوهُمْ ، وَإِنْ أَقَرُّوا ؛ قُبِلَ مِنْهُمْ ، وَحَمَلَهُمْ عَلَى مَا يَنْبَغِي لَهُمْ ، فَنَفَذَتِ الرُّسُلُ بِالْكُتُبِ أَمَامَ الْجُنُودِ وَخَرَجَتِ الأُمَرَاءُ وَمَعَهُمُ الْعُهُودُ , بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : هَذَا عَهْدٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفُلانٍ حِينَ بَعَثَهُ فِيمَنْ بَعَثَهُ لِقِتَالِ مَنْ رَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ مَا اسْتَطَاعَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ ، وَأَمَرَهُ بِالْجِدِّ فِي أَمْرِ اللَّهِ وَمُجَاهَدَةِ مَنْ تَوَلَّى عَنْهُ ، وَرَجَعَ عَنِ الإِسْلامِ إِلَى أَمَانِيِّ الشَّيْطَانِ بَعْدَ أَنْ يَعْذِرَ إِلَيْهِمْ ، فَيَدْعُوهُمْ بِدَاعَيَةِ الإِسْلامِ ، فَإِنْ أَجَابُوهُ ؛ أَمْسَكَ عَنْهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يُجِيبُوهُ ؛ شَنَّ غَارَتَهُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُقِرُّوا لَهُ ، ثُمَّ يُنْبِئهُمْ بِالَّذِي عَلَيْهِمْ وَالَّذِي لَهُمْ ، فَيَأْخُذ مَا عَلَيْهِمْ وَيُعْطيهمُ الَّذِي لَهُمْ لا يُنْظِرْهُمْ ، وَلا يَرُدَّ الْمُسْلِمِينَ عَنْ قِتَالِ عَدُوِّهِمْ ، فَمَنْ أَجَابَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَقَرَّ لَهُ ؛ قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَإِنَّمَا يُقَاتِلُ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ عَلَى الإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَإِذَا أَجَابَ الدَّعْوَةَ ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَكَانَ اللَّهُ حَسِيبَهُ بَعْدُ فِيمَا اسْتَسَرَّ بِهِ ، وَمَنْ لَمْ يُجِبْ دَاعِيَةَ اللَّهِ قُتِلَ وَقُوتِلَ حَيْثُ كَانَ وَحَيْثُ بَلَغَ ، مُرَاغَمَةً ، لا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا أَعْطَاهُ إِلا الإِسْلامَ ، فَمَنْ أَجَابَهُ وَأَقَرَّ ؛ قُبِلَ مِنْهُ وَعَلِمَهُ ، وَمَنْ أَبَى ؛ قَاتَلَهُ ، فَإِنْ أَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ؛ قَتَلَ مِنْهُمْ كُلَّ قِتْلَةٍ بِالسِّلاحِ وَالنِّيرَانِ ، ثُمَّ قَسَّمَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِلا الْخُمُسَ ، فَإِنَّهُ يُبَلِّغَنَاهُ ، وَأَنْ يَمْنَعَ أَصْحَابَهُ الْعَجَلَةَ وَالْفَسَادَ ، وَأَلا يَدْخُلَ فِيهِمْ حَشْوًا حَتَّى يَعْرِفَهُمْ وَيَعْلَمَ مَا هُمْ ، لا يَكُونُوا عُيُونًا ، لِئَلا يُؤْتَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ قِبَلِهِمْ ، وَأَنْ يَقْتَصِدَ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَرْفِقَ بِهِمْ فِي السَّيْرِ  وَالْمَنْزِلِ ، وَيَتَفَقَّدَهُمْ وَلا يَعْجَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، وَيَسْتَوْصِيَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ وَلِينِ الْقَوْلِ ) التاريخ الكبير - كتاب أبى بكر الصديق إلى القبائل المرتدة ووصيته للأمراء

 

قال آدم بن أبي إياس (المتوفى: 220 هـ) (حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا الأحوص بن حكيم، وأبو بكر بن عبدالله بن أبي مريم، عن [أبي الأحوص حكيم بن عمير العنسي]، قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد: تفقهوا في الدين، فإنه لا يعذر أحد باتباع باطل وهو يرى أنه حق، ولا يترك حقًا وهو يرى أنه باطل ) كتاب العلم والحلم

 

قال الطبراني (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدوسِ بْنِ كَامِلٍ السَّرَّاجُ، ثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ. ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدٌ الْعِجْلُ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ مُوسَى الْمُسْتَمْلِيُّ، قَالا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا أَبُو سَلَمَةَ سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، ثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى أَرْبَعَةِ وُجُوهٍ: فَوَجْهٌ حَلالٌ، وَحَرَامٌ، وَلا يَسَعُ أَحَدًا جَهَالَتُهُ ، وَوَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ، وَوَجْهٌ تَأْوِيلٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَوَجْهُ تَأْوِيلٍ لا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ عز وجل مَنِ انْتَحَلَ مِنْهُ عِلْمًا فَقَدْ كَذَبَ " ) مسند الشاميين

و قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:  التَّفْسِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ؛ وَجْهٌ تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلامِهَا، وَتَفْسِيرٌ لا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِجَهَالَتِهِ، وَتَفْسِيرٌ يَعْلَمُهُ الْعُلَمَاءُ، وَتَفْسِيرٌ لا يَعْلَمُهُ إِلا اللَّهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

جاء في الفقه و المتفقه للبغدادي (أنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الصَّابُونِيُّ، أنا أَبُو سُلَيْمَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَّانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شُعَيْبٍ الْمَدَائِنِيُّ، بِمِصْرَ، قَالَ: قَالَ الْمُزَنِيُّ يَعْنِي أَبَا إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لإِبْلِيسَ: يَا سَيِّدَنَا مَا لَنَا نَرَاكَ تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَالِمِ، مَا لا تَفْرَحُ بِمَوْتِ الْعَابِدِ، وَالْعَالِمُ لا تُصِيبُ مِنْهُ، وَالْعَابِدُ تُصِيبُ مِنْهُ؟ قَالَ: انْطَلِقُوا، فَانْطَلَقُوا إِلَى عَابِدٍ فَأَتَوْهُ فِي عِبَادَتِهِ، فَقَالُوا: إِنَّا نُرِيدُ أَنْ نَسْأَلَكَ فَانْصَرَفَ، فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ، فَقَالَ: لا أَدْرِي، فَقَالَ: أَتَرَوْنَهُ كَفَرَ فِي سَاعَةٍ، ثُمَّ جَاءُوا إِلَى عَالِمٍ فِي حَلْقَتِهِ يُضَاحِكُ أَصْحَابَهُ وَيُحَدِّثُهُمْ، فَقَالَ: إِنَّا نُرِيدُ أَنَّ نَسْأَلَكَ، فَقَالَ: سَلْ، فَقَالَ: هَلْ يَقْدِرُ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَ الدُّنْيَا فِي جَوْفِ بَيْضَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: يَقُولُ: كُنْ فَيَكُونُ، فَقَالَ: أَتَرَوْنَ ذَلِكَ لا يَعْدُو نَفْسَهُ، وَهَذَا يُفْسِدُ عَلَيَّ عَالَمًا كَثِيرًا  )

فَابْنَ عَبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْوِى أنَّّ ابْلِيسَ نَفْسَهُ يُكَفِّرُ  مَنْ جَهِلَ  وَ لَمْ يَدْرِي أنَّ اللهَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِير

 

قال ابن سعد (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى عَلَى مِنْبَرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ عِلْمًا فَلْيُعَلِّمْهُ، وَلا يَقُولَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عَلْمٌ فَيَكُونَ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ وَيَمْرُقُ مِنَ الدِّينِ ) الطبقات الكبرى

 

 وَ كَانَ العلماءُ لاَ يَعْذِرُونَ مَنْ ضَلَّ

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا مُوسَى بْنُ مُحْكَمٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ، ثَنَا عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ قَوْلِهِ: فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ قَالَ: لَا يُعْذَرُ مَنْ حَاجَّ بِالْجَهْلِ

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: لَا يُعْذَرُ رَجُلٌ حُرٌّ وَلَا عَبْدٌ لَا يَتَعَلَّمُ جَهْدَهُ مِنَ الْقُرْآنِ فَأَبْلَغَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال محمد بن نصر المروزي (حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْبَاهِلِيُّ ، ثنا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ ، ثنا الْمُعَافَى ، ثنا الأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : لا عُذْرَ لأَحَدٍ بَعْدَ السُّنَّةِ فِي ضَلالَةٍ رَكِبَهَا يَحْسَبُ أَنَّهَا هُدًى ) السنة

 

قال أبو نعيم (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو هَاشِمٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ، يَقُولُ: " الْخَلْقُ أَرْبَعَةٌ: مَعْذُورٌ، وَمَخْبُورَ، وَمَجْبُورَ، وَمَثْبُورٌ، فَأَمَّا الْمَعْذُورُ: فَالْبَهَائِمُ، وَأَمَّا الْمَخْبُورُ: فَابْنُ آدَمَ، وَأَمَّا الْمَجْبُورُ: فْالْمَلائِكَةُ جُبِرَتْ عَلَى الطَّاعَةِ، وَأَمَّا الْمَثْبُورُ: فَإِبْلِيسُ ) حلية الأولياء

فََجَعَلَ ابْنَ آدَمَ مَخْبُورٌ غَيْرَ مَعْذُورٍ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : ( فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ) ثُمَّ عَذَرَ الْحِجَارَةَ وَلَمْ يَعْذُرْ شَقِيَّ ابْنِ آدَمَ . فَقَالَ : ( وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) ) جامع البيان في تأويل القران

قال الخطيب البغدادي (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَفَّافُ، نا أَبُو الْقَاسِمِ الْغَازِي الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ الصُّوفِيُّ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدُونَ الضَّرِيرُ الْجُرْجَانِيُّ، بِجُرْجَانَ، نا مُحَمَّدُ ابْنُ عُمَرَ بْنِ الْعَلاءِ، نا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، نا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلالِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليم و سلم : " طَلَبُ الْفِقْهِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ". قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّمَا عَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليم و سلم  بِهَذَا الْقَوْلِ: عِلْمَ التَّوْحِيدِ، وَمَا يَكُونُ الْعَاقِلُ مُؤْمِنًا بِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ بِذَلِكَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، وَلا يَسَعُ أَحَدًا جَهْلُهُ، إِذْ كَانَ وُجُوبُهُ عَلَى الْعُمُومِ دُونَ الْخُصُوصِ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ طَلَبَ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إِذَا لَمْ يَقُمْ بِطَلَبِهِ مِنْ كُلِّ سُقْعٍ وَنَاحِيَةٍ مَنْ فِيهِ الْكِفَايَةُ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُرْوَى عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ

أنا أَبُو مُسْلِمٍ جَعْفَرُ بْنُ بَايَ الْفَقِيهُ الْجِيلِيُّ ، نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يُوسُفَ الأَسَدِيُّ الأَصْبَهَانِيُّ ، نا الْقَاضِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ أَبُو سَهْلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ جَعْفَرَ بْنَ عَامِرٍ الْبَزَّازَ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُجَاهِدَ بْنَ مُوسَى ، فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ " . قَالَ : كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، فَجَرَى ذِكْرُ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ : لَيْسَ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ فَرِيضَةً ، إِذَا طَلَبَ بَعْضُهُمْ أَجْزَأَ عَنْ بَعْضٍ ، مِثْلُ الْجِنَازَةِ إِذَا قَامَ بِهَا بَعْضُهُمْ أَجْزَأَ عَنْ بَعْضٍ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، قُلْتُ : وَالَّذِي أَرَادَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَعْرِفَةُ الأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِفُرُوعِ الدِّينِ ، فَأَمَّا الأُصُولُ الَّتِي هِيَ مَعْرِفَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَوْحِيدُهُ وَصِفَاتُهُ وَصِدْقُ رُسُلِهِ فَمِمَّا يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَعْرِفَتُهُ ، وَلا يَصِحُّ أَنْ يَنُوبَ فِيهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ بَعْضٍ ، وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ . أَنَّ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فَرْضًا أَنْ يَتَعَلَّمَ مَا لا يَسَعُهُ جَهْلُهُ مِنْ عِلْمِ حَالِهِ) الفقيه و المتفقه

 

قال الاجري (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم : " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ،"  فإنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإنّ العِلْمَ كَثِيرٌ لاَ يُدْرِكُهُ كُلّ أحَدٍ فَكَيْفَ يُفْرَضُ عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ طَلَبُهُ؟! قِيلَ لَهُ :العِلْمُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ : فَمِنْهُ عِلْمٌ لاَ يَسَعُ المُسْلِمَ جَهْلُهُ ، غَنِيًا كَانَ أوْ فَقِيرًا، صَحِيحًَا أوْ زَمْنًا، حُرًّا أوْ عَبْدًا، إذَا كَانَ عَاقِلاً بَلِغًا، فِي كُلّ وَقْتٍ، وَفِي كُلّ زَمَانٍ، مَمَّا يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ مَصْحُوبَهُ فِي الحَضْرِ وَالسَّفَرِ، وَعِنْدَ كُل حَالٍ: وَذَلِكَ مَعْرِفَةُ اللهِ عَزّ جَلّ بِصِفَاتِهِ، بِصِحّةِ تَوْحِيدِهِ، وَإخْلاَصِهِ فِيهِ وَمَعْرِفَةُ عَدَوِّهِ إبْلِيس )  مقدمة كتاب فرض طلب العلم

 جاء في اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (وَقَالَ سَهْلُ بْنُ مُزَاحِمٍ: الْأَمْرُ أَضْيَقُ عَلَى الْعَالِمِ مِنْ عَقْدِ التِّسْعِينَ، مَعَ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُعْذَرُ بِجَهَالَتِهِ، لَكِنَّ الْعَالِمَ أَشَدُّ عَذَابًا إِذَا تَرَكَ مَا عَلِمَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ )

جاء في الأسماء و الصفات للبيهقي ( قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ تَعَالَى جِدُّهُ كُفْرٌ )

قال أَبِو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الرُّعَيْنِيّ الشهير بالحَطَّاب المالكي (  ت: 476 ) (فكل من أتى بقول مخالف للقواطع اليقينية في العقائد لم يعذر بجهل، وإنما يعتبر ضالاً أو كافراً مرتداً ) قرة العين ص 50 [ أي حَسْبَ مَا وَقَعَ فِيهِ  ]

 

كَانَ السَلَفُ يُكَفّرُونَ القَدَرِيَةَ رُغْمَ جَهْلِهِمُ

قال أبو نعيم الأصفهاني (حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ، ثنا أَبُو الأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، ثنا سُلَيْمُ بْنُ نُفَيْعٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ خَلَفٍ أَبِي الْفَضْلِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ كِتَابِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: " إِلَى النَّفَرِ الَّذِينَ كَتَبُوا إِلَيَّ بِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِحَقٍّ فِي رَدِّ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَكْذِيبِهِمْ بِأَقْدَارِهِ النَّافِذَةِ فِي عِلْمِهِ السَّابِقِ الَّذِي لا حَدَّ لَهُ إِلا إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لِشَيْءٍ مِنْهُ مَخْرَجٌ، وَطَعْنِهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ الْقَائِمَةِ فِي أُمَّتِهِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكُمْ كَتَبْتُمْ إِلَيَّ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتُرُونَ مِنْهُ قَبْلَ الْيَوْمِ فِي رَدِّ عِلْمِ اللَّهِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ إِلَى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  يَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِهِ مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْقَدَرِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ: الاعْتِصَامُ بِالسُّنَّةِ نَجَاةٌ، وَسَيُقْبَضُ الْعِلْمُ قَبْضًا سَرِيعًا، وَقَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَعِظُ النَّاسَ: إِنَّهُ لا عُذْرَ لأَحَدٍ عِنْدَ اللَّهِ بَعْدَ الْبَيِّنَةِ بِضَلالَةٍ رَكِبَهَا حَسِبَهَا هُدًى، وَلا فِي هُدًى تَرَكَهُ حَسِبَهُ ضَلالَةً، قَدْ تَبَيَّنْتِ الأُمُورُ، وَثَبَتَتِ الْحِجَّةُ، وَانْقَطَعَ الْعُذْرُ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَنْبَاءِ النُّبُوَّةِ وَمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ تَقَطَّعَتْ مِنْ يَدَيْهِ أَسْبَابُ الْهُدَى، وَلَمْ يَجِدْ لَهُ عِصْمَةً يَنْجُو بِهَا مِنَ الرَّدَى، وَإِنَّكُمْ ذَكَرْتُمْ أَنَّهُ بَلَغَكُمْ أَنِّي أَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَلِمَ مَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ، وَإِلَى مَا هُمْ صَائِرُونَ، فَأَنْكَرْتُمْ ذَلِكَ عَلَيَّ وَقُلْتُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ فِي عِلْمٍ حَتَّى يَكُونَ ذَاكَ مِنَ الْخَلْقِ عَمَلا، فَكَيْفَ ذَلِكَ كَمَا قُلْتُمْ؟ وَاللَّهِ تَعَالَى يَقُولُ: ( إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ  )  يَعْنِي: عَائِدِينَ فِي الْكُفْرِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (  وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )  فَزَعَمْتُمْ بِجَهْلِكُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )، أَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي أَيِّ ذَلِكَ أَحْبَبْتُمْ فَعَلْتُمْ مِنْ ضَلالَةٍ أَوْ هُدًى، وَاللَّهُ تَعَالَى، يَقُولُ: ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) ، فَبِمَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُمْ شَاءُوا وَلَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَنَالُوا بِمَشِيئَتِهِمْ مِنْ طَاعَتِهِ شَيْئًا قَوْلا وَلا عَمَلا، لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُمَلِّكِ الْعِبَادَ مَا بِيدِهِ، وَلَمْ يُفَوِّضْ   إِلَيْهِمْ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ رُسُلِهِ، فَقَدْ حَرَصَتِ الرُّسُلُ عَلَى هُدَى النَّاسِ جَمِيعًا، فَمَا اهْتَدَى مِنْهُمْ إِلا مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ، وَلَقَدْ حَرَصَ إِبْلِيسُ عَلَى ضَلالَتِهِمْ جَمِيعًا، فَمَا ضَلَّ مِنْهُمْ إِلا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ ضَالا، وَزَعَمْتُمْ بِجَهْلِكُمْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِالَّذِي يَضْطَرُّ الْعِبَادَ إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ مَعْصِيتِهِ، وَلا بِالَّذِي صَدَّهُمْ عَمَّا تَرَكُوهُ مِنْ طَاعَتِهِ، وَلَكِنَّهُ بِزَعْمِكُمْ كَمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمْ سَيَعْمَلُونَ بِمَعْصِيَتِهِ، كَذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُمْ سَيَسْتَطِيعُونَ تَرْكَهَا، فَجَعَلْتُمْ عِلْمَ اللَّهِ لَغْوًا، تَقُولُونَ لَوْ شَاءَ الْعَبْدُ لَعَمِلِ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ غَيْرُ عَامِلٍ بِهَا، وَلَوْ شَاءَ تَرَكَ مَعْصِيتَهُ وَإِنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ غَيْرُ تَارِكٍ لَهَا، فَأَنْتُمْ إِذَا شِئْتُمْ أَصَبْتُمُوهُ وَكَانَ عِلْمًا، وَإِذَا شِئْتُمْ رَدَدْتُمُوهُ وَكَانَ جَهْلا، وَإِنْ شِئْتُمْ أَحْدَثْتُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عِلْمًا لَيْسَ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقَطَعْتُمْ بِهِ عِلْمَ اللَّهِ عَنْكُمْ، وَهَذَا مَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَعْدُهُ لِلتَّوْحِيدِ نَقْضًا، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ فَضْلَهُ وَرَحْمَتَهُ هَمَلا بِغَيْرِ قَسْمٍ مِنْهُ وَلا اخْتِيَارٍ، وَلَمْ يَبْعَثْ رُسُلَهُ بِإِبْطَالِ مَا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، فَأَنْتُمْ تُقِرُّونَ فِي الْعِلْمِ بِأَمْرٍ وَتَنْقُضُونَ فِي آخَرَ، وَاللَّهِ تَعَالَى، يَقُولُ: ( يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ) ، فَالْخَلْقُ صَائِرُونَ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَازِلُونَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ شَيْءٌ هُوَ كَائِنٌ حِجَابٌ يَحْجُبُهُ عَنْهُ، وَلا يَحُولُ دُونَهُ إِنَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، وَقُلْتُمْ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَفْرِضْ بِعَمَلٍ بِغَيْرِ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَنْ قَوْمٍ، ( وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ )، وَأَنَّهُ قَالَ: ( سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيم ) ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ عَامِلُونَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوا، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مُعَذِّبُهُمْ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا، وَتَقُولُونَ أَنْتُمْ أَنَّهُمْ لَوْ شَاءُوا خَرَجُوا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فِي عَذَابِهِ إِلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ رَحْمَتِهِ لَهُمْ، وَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ عَادَى كِتَابَ اللَّهِ بِرَدٍّ، وَلَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى رِجَالا مِنَ الرُّسُلِ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ، فَمَا اسْتَطَاعَ آبَاؤُهُمْ لِتِلْكَ الأَسْمَاءِ تَغْيِيرًا، وَمَا اسْتَطَاعَ إِبْلِيسُ بِمَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِهِ مِنَ الْفَضْلِ تَبْدِيلا، فَقَالَ: ( وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ { 45 } إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ { 46 } ) ، فَاللَّهُ أَعَزُّ فِي قُدْرَتِهِ، وَأَمْنَعُ مِنْ أَنْ يُمَلِّكَ أَحَدًا إِبْطَالَ عِلْمِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ مُسَمًّى لَهُمْ بِوَحْيهِ الَّذِي لا يَأْتِيهُ الْبَاطِلُ مِنْ   بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ أَوْ أَنْ يُشْرِكَ فِي خَلْقِهِ أَحَدًا، أَوْ يُدْخِلَ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ قَدْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا، أَوْ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهَا مَنْ قَدْ أَدْخَلَهُ فِيهَا، وَلَقَدْ أَعْظَمَ بِاللَّهِ الْجَهْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعِلْمَ كَانَ بَعْدَ الْخَلْقِ، بَلْ لَمْ يَزَلِ اللَّهُ وَحْدَهُ بِكَلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا، وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئًا، وَبَعْدَمَا خَلَقَ لَمْ يَنْقُصْ عِلْمُهُ فِي بَدْئِهِمْ، وَلَمْ يَزِدْ بَعْدَ أَعْمَالِهِمْ، وَلا بِحَوَائِجِهِ الَّتِي قَطَعَ بِهَا دَابِرَ ظُلْمِهِمْ، وَلا يَمْلِكُ إِبْلِيسُ هُدَى نَفْسِهِ، وَلا ضَلالَةَ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَرَدْتُمْ بِقَذْفِ مَقَالَتِكُمْ إِبْطَالَ عِلْمِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ، وَإِهْمَالَ عِبَادَتِهِ، وَكِتَابُ اللَّهِ قَائِمٌ بِنَقْضِ بِدْعَتِكُمْ، وَإِفْرَاطِ قَذْفِكُمْ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ بَعَثَ رَسُولَهُ وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ أَهْلُ شِرْكٍ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ لَهُ الْهُدَى لَمْ تَحِلَّ ضَلالَتَهُ الَّتِي كَانَ فِيهَا دُونَ إِرَادَةِ اللَّهِ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ لَهُ الْهُدَى تَرَكَهُ فِي الْكُفْرِ ضَالا، فَكَانَتْ ضَلالَتُهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ هُدَاهُ، فَزَعَمْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَثْبَتَ فِي قُلُوبِكُمُ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَعَمِلْتُمْ بِقُدْرَتِكُمْ بِطَاعَتِهِ، وَتَرَكْتُمْ بِقُدْرَتِكُمْ مَعْصِيتَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ خِلْوٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ يَخْتَصُّ أَحَدًا بِرَحْمَتِهِ، أَوْ يَحْجُزَ أَحَدًا عَنْ مَعْصِيتِهِ، وَزَعَمْتُمْ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يُقَدَّرُ إِنَّمَا هُوَ عِنْدَكُمُ الْيُسْرُ وَالرَّخَاءُ وَالنِّعْمَةُ، وَأَخْرَجْتُمْ مِنْهُ الأَعْمَالَ، وَأَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ لأَحَدٍ مِنَ اللَّهِ ضَلالَةٌ أَوْ هُدًى، وَأَنَّكُمُ الَّذِينَ هَدَيْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَأَنَّكُمُ الَّذِينَ حَجَزْتُمُوهَا عَنِ الْمَعْصِيَةِ بِغَيْرِ قُوَّةٍ مِنَ اللَّهِ، وَلا إِذْنٍ مِنْهُ، فَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ غَلا فِي الْقَوْلِ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَيْءٌ لَمْ يَسْبِقْ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ لَكَانَ للَّهِ فِي مُلْكِهِ شَرِيكٌ يَنْفُذُ مَشِيئَتَهُ فِي الْخَلْقِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَاللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، يَقُولُ: ( حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ) ، وَهُمْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَارِهُونَ، وَكَرَّهُ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَهُمْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مُحِبُّونَ، وَمَا كَانُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لأَنْفُسِهِمْ بِقَادِرِينَ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا سَبَقَ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و سلم  مِنَ الصَّلاةِ عَلَيْهِ وَالْمَغْفِرَةِ لَهُ وَلأَصْحَابِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ( أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) ، وَقَالَ تَعَالَى: ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ )، فَلَوْلا عِلْمُهُ مَا غَفَرَهَا اللَّهُ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَهَا، وَفَضْلا سَبَقَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا، وَرِضْوَانًا عَنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنُوا، ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا هُمْ عَامِلُونَ آمِنُونَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلُوا، وَقَالَ:  ( تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) ، فَتَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا مَلَكُوا رَدَّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَامِلُونَ، وَأَنَّ إِلَيْهِمْ أَنْ يُقِيمُوا عَلَى كُفْرِهِمْ مَعَ قَوْلِهِ، فَيَكُونُ الَّذِي أَرَادُوا لأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْكُفْرِ مَفْعُولا، وَلا يَكُونُ لَوْحَيِ اللَّهِ فِيمَا اخْتَارَ تَصْدِيقًا، بَلْ لِلَّهِ الْحِجَّةُ الْبَالِغَةُ، وَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ )، فَسَبَقَ لَهُمُ الْعَفْوُ مِنَ اللَّهِ فِيمَا أَخَذُوا قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ، وَقُلْتُمْ: لَوْ شَاءُوا خَرَجُوا مِنْ عِلْمِ اللَّهِ فِي عَفْوِهِ عَنْهُمْ إِلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ مِنْ تَرْكِهِمْ لِمَا أَخَذُوا، فَمَنْ زَعَمَ ذَلِكَ فَقَدْ غَلا وَكَذَّبَ، وَلَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ بَشَرًا كَثِيرًا وَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي أَصْلابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ، فَقَالَ: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ، وَقَالَ: ( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ )، فَسَبَقَتْ لَهُمُ الرَّحْمَةُ مِنَ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقُوا، وَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ مِمَّنْ لَمْ يَسْبِقْهُمْ بِالإِيمَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَدْعُوا لَهُمْ، وَلَقَدْ عَلِمَ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ أَنَّ اللَّهَ لا يَشَاءُ أَمْرًا، فَتَحُولُ مَشِيئَةُ غَيْرِهِ دُونَ بَلاغِ مَا شَاءَ، وَلَقَدْ شَاءَ لِقَوْمٍ الْهُدَى فَلَمْ يُضِلَّهُمْ أَحَدٌ، وَشَاءَ إِبْلِيسُ لِقَوْمٍ الضَّلالَةَ، فَاهْتَدَوْا، وَقَالَ لِمُوسَى وَهَارُونَ: ( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى { 43 } فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى { 44 } )، وَمُوسَى فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ يَكُونُ لِفِرْعَوْنَ عَدُوًّا وَحَزَنًا، فَقَالَ تَعَالَى: ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ) ، فَتَقُولُونَ أَنْتُمْ: لَوْ شَاءَ فِرْعَوْنُ كَانَ لِمُوسَى وَلِيًّا وَنَاصِرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى، يَقُولُ: لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا، وَقُلْتُمْ: لَوْ شَاءَ فِرْعَوْنُ لامْتَنَعَ مِنَ الْغَرَقِ وَاللَّهُ تَعَالَى، يَقُولُ: إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ، مُثْبَتٌ ذَلِكَ عِنْدَهُ فِي وَحْيِهِ فِي ذِكْرِ الأَوَّلِينَ، كَمَا قَالَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ لآدَمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ: ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً )، فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ بِالْمَعْصِيَةِ الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا، وَكَمَا كَانَ إِبْلِيسُ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ أَنَّهُ سَيكُونُ مَذْمُومًا مَدْحُورًا، فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ بِمَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنَ السُّجُودِ لآدَمَ، فَأَبَى، فَتَلَقَّى آدَمُ التَّوْبَةَ، فَرُحِمَ، وَتَلْقَى إِبْلِيسُ اللَّعْنَةَ، فَغَوَى، ثُمَّ هَبَطَ آدَمُ إِلَى مَا خُلِقَ لَهُ مِنَ الأَرْضِ مَرْحُومًا مَتُوبًا عَلَيْهِ، وَأُهْبِطَ إِبْلِيسُ بِنَظْرَتِهِ مَدْحُورًا مَذْمُومًا مَسْخُوطًا   عَلَيْهِ، وَقُلْتُمْ أَنْتُمْ: إِنَّ إِبْلِيسَ وَأَوْلِيَاءَهُ مِنَ الْجِنِّ قَدْ كَانُوا مَلَكُوا رَدَّ عِلْمِ اللَّهِ وَالْخُرُوجَ مِنْ قَسَمِهِ الَّذِي أَقْسَمَ بِهِ إِذْ قَالَ (  فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ { 84 } لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ { 85 } )، حَتَّى لا يَنْفُذَ لَهُ عِلْمٌ إِلا بَعْدَ مَشِيئَتِهِمْ، فَمَاذَا تُرِيدُونَ بِهَلَكَةِ أَنْفُسِكُمْ فِي رَدِّ عِلْمِ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل  لَمْ يُشْهِدْكُمْ خَلْقَ أَنْفُسِكُمْ، فَكَيْفَ يُحِيطُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِهِ وَعِلْمُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُقْصِرٍ عَنْ شَيْءٍ، هُوَ كَائِنٌ وَلا يَسْبِقُ عِلْمُهُ فِي شَيْءٍ، فَيَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى رَدِّهِ، فَلَوْ كُنْتُمْ تَنْتَقِلُونَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ هُوَ كَائِنٌ لَكَانَتْ مَوَاقِعُكُمْ عِنْدَهُ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْمَلائِكَةُ قَبْلَ خَلْقِ آدَمَ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنَ الْعِبَادِ فِي الأَرْضِ مِنَ الْفَسَادِ وَسَفْكِ الدِّمَاءِ فِيهَا، وَمَا كَانَ لَهُمْ فِي الْغَيْبِ مِنْ عِلْمٍ، فَكَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ الْفَسَادُ وَسَفْكُ الدِّمَاءِ، وَمَا قَالُوا تَخَرُّصًا إِلا بِتَعْلِيمِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ لَهُمْ، فَظَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَقَدْ أَنْطَقَهُمْ بِهِ، فَأَنْكَرْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَزَاغَ قَوْمًا قَبْلَ أَنْ يَزِيغُوا، وَأَضَلَّ قَوْمًا قَبْلَ أَنْ يَضِلُّوا، وَهَذَا مِمَّا لا يَشُكُّ فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَرَفَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْعِبَادَ مُؤْمِنَهُمْ مِنْ كَافِرِهِمْ، وَبَرَّهُمْ مِنْ فَاجِرِهِمْ، وَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ عَبْدٌ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ مُؤْمِنٌ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا، أَوْ هُوَ عِنْدَ اللَّهِ كَافِرٌ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا، وَاللَّهِ تَعَالَى يَقُولُ: ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا )، فَهُوَ فِي الضَّلالَةِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا أَبَدًا إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ، ثُمَّ آخَرُونَ اتَّخَذُوا مِنْ بَعْدِ الْهُدَى عِجْلا جَسَدًا فَضَلُّوا بِهِ فَعَفَى عَنْهُمْ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ، فَصَارُوا إِلَى أُمَّةِ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ، وَصَارُوا إِلَى مَا سَبَقَ لَهُمْ، ثُمَّ ضَلَّتْ ثَمُودُ بَعْدَ الْهُدَى، فَلَمْ يَعْفُ عَنْهُمْ وَلَمْ يُرْحَمُوا، فَصَارُوا فِي عِلْمِهِ إِلَى صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ، فَنَفَذُوا إِلَى مَا سَبَقَ لَهُمْ أَنَّ صَالِحًا رَسُولَهُمْ، وَأَنَّ النَّاقَةَ فِتْنَةٌ لَهُمْ، وَأَنَّهُ مُمِيتُهُمْ كُفَّارًا فَعَقَرُوهَا، وَكَانَ إِبْلِيسُ فِيمَا كَانَتْ فِيهِ الْمَلائِكَةُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْعِبَادَةِ ابْتُلِيَ فَعَصَى فَلَمْ يُرْحَمْ، وَابْتُلِيَ آدَمُ فَعَصَى فَرُحِمَ، وَهَمَّ آدَمُ بِالْخَطِيئَةِ فَنَسِيَ، وَهَمَّ يُوسُفُ بِالْخَطِيئَةِ فَعُصِمَ، فَأَيْنَ كَانَتِ الاسْتِطَاعَةُ عِنْدَ ذَلِكَ؟ هَلْ كَانَتْ تُغْنِي شَيْئًا فِيمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لا يَكُونَ، أَوْ تُغْنِي فِيمَا لَمْ يَكُنْ حَتَّى يَكُونَ، فَتُعْرَفُ لَكُمْ بِذَلِكَ حُجَّةٌ، بَلِ اللَّهُ أَعَزُّ مِمَّا تَصِفُونَ وَأَقْدَرُ،   وَأَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ سَبَقَ لأَحَدٍ مِنَ اللَّهِ ضَلالَةٌ أَوْ هُدًى، وَإِنَّمَا عِلْمُهُ بِزَعْمِكُمْ حَافِظٌ، وَأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي الأَعْمَالِ إِلَيْكُمْ إِنْ شِئْتُمْ أَحْبَبْتُمُ الإِيمَانَ، فَكُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، ثُمَّ جَعَلْتُمْ بِجَهْلِكُمْ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  الَّذِي جَاءَ بِهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَهُوَ مُصَدِّقٌ لِلْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ أَنَّهُ مِنْ ذَنْبٍ مَضَاهُ ذَنْبًا خَبِيثًا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم  حِينَ سَأَلَهُ عُمَرُ: أَرَأَيْتَ مَا نَعْمَلُ أَشَيْءَ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ شَيْءٌ نَأْتَنِفُهُ؟ فَقَالَ صلى الله عليه و سلم  : " بَلْ شَيْءٌ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ " فَطَعَنْتُمْ بِالتَّكْذِيبِ لَهُ، وَتَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ فِي عِلْمِهِ إِذْ قُلْتُمْ: إِنْ كُنَّا لا نَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ مِنْهُ فَهُوَ الْجَبْرُ وَالْجَبْرُ عِنْدَكُمُ الْحَيْفُ، فَسَمَّيْتُمْ نَفَاذَ عِلْمِ اللَّهِ فِي الْخَلْقِ حَيْفًا، وَقَدْ جَاءَ الْخَبَرُ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ فَنَثَرَ ذُرِّيَّتَهُ فِي يَدِهِ، فَكَتَبَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، وَكَتَبَ أَهْلَ النَّارِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، وَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ: أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا آرَاءَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ نَسْتَطِيعُ رَدَّ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  لَرَدَدْنَاهُ، وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَا سُيوفَنَا عَلَى عَوَاتِقَنَا إِلا أَسْهَلَ بِنَا عَلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ أَمْرِكُمْ هَذَا، ثُمَّ أَنْتُمْ بِجَهْلِكُمْ قَدْ أَظْهَرْتُمْ دَعْوَةَ حَقٍّ عَلَى تَأْوِيلِ بَاطِلٍ، تَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى رَدِّ عِلْمِ اللَّهِ، فَقُلْتُمُ: الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالسَّيِّئَةُ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَقَالَ أَئِمَّتُكُمْ وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ: الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ فِي عِلْمٍ قَدْ سَبَقَ، وَالسَّيِّئَةُ مِنْ أَنْفُسِنَا فِي عِلْمٍ قَدْ سَبَقَ، فَقُلْتُمْ: لا يَكُونُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بَدْؤُهَا مِنْ أَنْفُسِنَا، كَمَا بَدْءُ السَّيِّئَاتِ مِنْ أَنْفُسِنَا، وَهَذَا رَدٌّ لِلْكِتَابِ مِنْكُمْ، وَنَقْضٌ لِلدِّينِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ حِينَ نَجَمَ الْقَوْلَ بِالْقَدَرِ: هَذَا أَوَّلُ شِرْكٍ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَاللَّهِ مَا يَنْتَهِي بِهِمْ سُوءُ رَأْيِهِمْ حَتَّى يُخْرِجُوا اللَّهَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ خَيْرًا، كَمَا أَخْرَجُوهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ شَرًّا، فَأَنْتُمْ تَزْعُمُونَ بِجَهْلِكُمْ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ ضَالا، فَاهْتَدَى فَهُوَ بِمَا مَلَكَ ذَلِكَ حَتَّى كَانَ فِي هُدَاهُ مَا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ عَلِمَهُ فِيهِ، وَأَنَّ مَنْ شَرَحَ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ بِمَا فَوَّضَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَحَهُ اللَّهُ لَهُ، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَكَفَرَ فَهُوَ مِمَّا شَاءَ لِنَفْسِهِ، وَمَلَكَ مِنْ ذَلِكَ لَهَا، وَكَانَتْ مَشِيئَتُهُ فِي كُفْرِهِ أُنْفَذُ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ فِي إِيمَانِهِ، بَلْ أَشْهَدُ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً، فَبِغَيْرِ مَعُونَةٍ كَانَتْ مِنْ نَفْسِهِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً، فَبِغَيْرِ حُجَّةٍ كَانَتْ لَهُ فِيهَا،  وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ، وَأَنْ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَهْدِي النَّاسَ جَمِيعًا لَنَفَذَ أَمْرُهُ فِيمَنْ ضَلَّ حَتَّى يَكُونَ مُهْتَدِيًا فَقُلْتُمْ: بِمَشِيئَةِ اللَّهِ شَاءَ لَكُمْ تَفْوِيضَ الْحَسَنَاتِ إِلَيْكُمْ، وَتَفْوِيضَ السَّيِّئَاتِ، أَلْقَى عَنْكُمْ سَابِقَ عِلْمِهِ فِي أَعْمَالِكُمْ، وَجَعَلَ مَشِيئَتَهُ تَبَعًا لِمَشِيئَتِكُمْ، وَيْحَكُمْ فَوَاللَّهِ مَا أَمْضَى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَشِيئَتَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَأْخُذُوا مَا آتَاهُمْ بِقُوَّةٍ حَتَّى نَتَقَ الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ، فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ أَمْضَى مَشِيئَتَهُ لِمَنْ كَانَ فِي ضَلالَتِهِ حِينَ أَرَادَ هُدَاهُ حَتَّى صَارَ إِلَى أَنْ أَدْخَلَهُ بِالسَّيْفِ إِلَى الإِسْلامِ كُرْهًا بِمَوْضِعِ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فِيهِ، أَمْ هَلْ أَمْضَى لِقَوْمِ يُونُسَ مَشِيئَتَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يُؤْمِنُوا حَتَّى أَظَلَّهُمُ الْعَذَابُ فَآمَنُوا وَقَبِلَ مِنْهُمْ، وَرَدَّ عَلَى غَيْرِهِمُ الإِيمَانَ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ، وَقَالَ تَعَالَى: ( فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ { 84 } فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ )، أَيْ عِلْمُ اللَّهِ الَّذِي قَدْ خَلا فِي خَلْقِهِ: ( وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ )، وَذَلِكَ كَانَ مَوْقِعَهُمْ عِنْدَهُ أَنْ يُهْلَكُوا بِغَيْرِ قَبُولٍ مِنْهُمْ بَلِ الْهُدَى وَالضَّلالَةُ وَالْكُفْرُ وَالإِيمَانُ وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ بِيدِ اللَّهِ يَهْدَى مَنْ يَشَاءُ وَيذَرُ مَنْ يَشَاءُ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ، كَذَلِكَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ )، أَيْ أَنَّ الإِيمَانَ وَالإِسْلامَ بِيدِكَ، وَإِنَّ عِبَادَةَ مَنْ عَبَدَ الأَصْنَامَ بِيدِكَ، فَأَنْكَرْتُمْ ذَلِكَ وَجَعَلْتُمُوهُ مِلْكًا بِأَيْدِيكُمْ دُونَ مَشِيئَةِ اللَّهِ عز وجل  وَقُلْتُمْ فِي الْقَتْلِ أَنَّهُ بِغَيْرِ أَجَلٍ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَكُمْ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ لِيَحْيَى: ( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )، فَلَمْ يَمُتْ يَحْيَى إِلا بِالْقَتْلِ وَهُوَ مَوْتٌ كَمَا مَاتَ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ شَهِيدًا، أَوْ قُتِلَ عَمْدًا، أَوْ قُتِلَ خَطَأً، كَمَنْ مَاتَ بِمَرَضٍ، أَوْ فَجْأَةً، كُلُّ ذَلِكَ مَوْتٌ بِأَجَلٍ تَوَفَّاهُ، وَرِزْقٍ اسْتَكْمَلَهُ، وَأَثَرٍ بَلَغَهُ، وَمَضْجَعٍ بَرَزَ إِلَيْهِ: ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلا )، وَلا تَمُوتُ نَفْسٌ وَلَهَا فِي الدُّنْيَا عُمْرُ سَاعَةٍ إِلا بَلَغَتْهُ، وَلا مَوْضِعُ قَدَمٍ إِلا وَطِأَتْهُ، وَلا مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ رِزْقٍ إِلا اسْتَكْمَلَتْهُ، وَلا مَضْجَعٌ بِحَيْثُ كَانَ إِلا بَرَزَتْ إِلَيْهِ، يُصَدِّقُ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ )، فَأَخْبَرَ اللَّهُ   سُبْحَانَهُ بِعَذَابِهِمْ بِالْقَتْلِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِالنَّارِ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ بِمَكَّةَ، وَتَقُولُونَ أَنْتُمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا مَلَكُوا رَدَّ عِلْمِ اللَّهِ فِي الْعَذَابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنَّهُمَا نَازِلانِ بِهِمْ، وَقَالَ تَعَالَى: ( ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ )، يَعْنِي الْقَتْلَ يَوْمَ بَدْرٍ،( وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ )، فَانْظُرُوا إِلَى مَا أَرْدَاكُمْ فِيهِ رَأْيَكُمْ وَكِتَابًا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ بِشَقَائِكُمْ إِنْ لَمْ يَرْحَمْكُمْ، ثُمَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  : " بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى ثَلاثَةِ أَعْمَالٍ: الْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ يَوْمِ بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فِيهِ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُقَاتِلُونَ الدَّجَّالَ لا يَنْقُضُ ذَلِكَ جَوْرُ جَائِرٍ وَلا عَدْلُ مَنْ عَدَلَ، وَالثَّانِيَةُ: أَهْلُ التَّوْحِيدِ لا تُكَفِّرُوهُمْ وَلا تَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ بِشِرْكٍ، وَالثَّالِثَةُ: الْمَقَادِيرُ كُلُّهَا خَيْرُهَا وَشَرُّهَا مِنْ قَدَرِ اللَّهِ، فَنَقَضْتُمْ مِنَ الإِسْلامِ جِهَادَهُ "، وَنَقَضْتُمْ شَهَادَتَكُمْ عَلَى أُمَّتِكُمْ بِالْكُفْرِ وَبَرِئْتُمْ مِنْهُمْ بِبِدْعَتِكُمْ، وَكَذَّبْتُمْ بِالْمَقَادِيرِ كُلِّهَا وَالآجَالِ وَالأَعْمَالِ وَالأَرْزَاقِ، فَمَا بَقِيتْ فِي أَيْدِيكُمْ خَصْلَةٌ يَنْبَنِي الإِسْلامُ عَلَيْهَا إِلا نَقَضْتُمُوهَا وَخَرَجْتُمْ مِنْهَا ) حلية الأولياء و طبقات الأصفياء

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ ، نا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَارَةَ بْنَ زَاذَانَ ، يَقُولُ :   بَلَغَنِي أَنَّ الْقَدَرِيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : إِنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ مِنْ حَيْثُ لا تَعْلَمُونَ ، قَالَ : وَبَلَغَنِي أَنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَنْتُمْ خُصَمَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) السنة

 

 قال ابن بطة العكبري ( اعْلَمُوا أَنَّ طَرِيقَ الْحَقِّ أَقْصَدُ الطُّرُقِ، وَمِنْهَاجُهُ أَوْضَحُ الْمَنَاهِجِ، وَهِيَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَجَاءَتْ بِهِ رُسُلُهُ، وَلَمْ يَكُنْ رَأْيًا مُتَّبَعًا وَلا هَوًى مُبْتَدَعًا وَلا إِفْكًا مُخْتَرَعًا، وَهُوَ الإِقْرَارُ لِلَّهِ بِالْمُلْكِ وَالْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الأُمُورِ، سَابِقُ الْعِلْمِ بِكُلِّ كَائِنٍ، وَنَافِذُ الْمَشِيئَةِ فِيمَا يُرِيدُ، كَانَ الْخَلْقُ كُلُّهُ وَكُلُّ مَا هُوَ فِيهِ بِقَضَاءٍ وَتَدْبِيرٍ، لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ وَلا دُونَهُ وَلا مُدَبِّرٌ وَلا لَهُ مُضَادٌّ، بِيَدِهِ تَصَارِيفُ الأُمُورِ، وَهُوَ الآخِذُ بِعِقَدِ النَّوَاصِي وَالْعَالِمُ بِخَفِيَّاتِ الْقُلُوبِ وَمَسْتُورَاتِ الْغُيُوبِ، فَمَنْ هَدَاهُ بِطُولِ مَنِّهِ، اهْتَدَى، وَمَنْ خَذَلَهُ، ضَلَّ بِلا حُجَّةٍ لَهُ وَلا عُذْرٍ، خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَخَلَقَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَهْلا هُمْ سَاكِنُوهَا، أَحْصَاهُمْ عَدَدًا، وَعَلِمَ أَعْمَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ شَقِيًّا وَسَعِيدًا، وَغَوِيًّا وَرَشِيدًا، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَأَخَذَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ هُوَ خَالِقُهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدَّرَ أَعْمَالَهُمْ، وَقَسَّمَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَحْصَى آجَالَهُمْ، وَعَلِمَ أَعْمَالَهُمْ، فَكُلُّ أَحَدٍ يَسْعَى فِي رِزْقٍ مَقْسُومٍ وَعَمَلٍ مَحْتُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ، قَدْ عَلِمَ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهَا، فَلا مَحِيصَ لَهَا عَمَّا عَلِمَهُ مِنْهَا، وَقَدَّرَ حَرَكَاتِ الْعِبَادِ وَهِمَمَهُمْ وَهَوَاجِسَ قُلُوبِهِمْ وَخَطَرَاتِ نُفُوسِهِمْ، فَلَيْسَ أَحَدٌ  يَتَحَرَّكُ حَرَكَةً وَلا يَهُمُّ هِمَّةً إِلا بِإِذْنِهِ، وَخَلَقَ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَخَلَقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَامِلا يَعْمَلُ بِهِ، فَلا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَعْمَلَ إِلا لِمَا خُلِقَ لَهُ، وَأَرَادَ قَوْمًا لِلْهُدَى، فَشَرَحَ صُدُورَهُمْ لِلإِيمَانِ وَحَبَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَأَرَادَ آخَرِينَ لِلضَّلالِ، فَجَعَلَ صُدُورَهُمْ ضَيِّقَةً حَرِجَةً، وَجَعَلَ الرِّجَاسَةَ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَ عِبَادَهُ بِأَوَامِرَ وَفَرَضَ عَلَيْهِمْ فَرَائِضَ، فَلَنْ يُؤَدُّوهَا إِلَيْهِ إِلا بِتَوْفِيقِهِ وَمَعُونَتِهِ، وَحَرَّمَ مَحَارِمَ وَحَدَّ حُدُودًا، فَلَنْ يَكُفُّوا عَنْهَا إِلا بِعِصْمَتِهِ، فَالْحَوْلُ وَالْقُوَّةُ لَهُ، وَوَاقِعَةٌ عَلَيْهِمْ حُجَّتُهُ، غَيْرِ مَعْذُورِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الابانة الكبرى ج 1 ص 392

 

 كَانَ السَلَفُ يُكَفّرُونَ مَنْ جَهِل َأنّ اللهَ فِي السَمَاءِ

قال عثمان بن سعيد الدارمي (ناظرني رجل ببغداد منافحا عن هؤلاء الجهمية , فقال لي : بأية حجة تكفرون هؤلاء الجهمية , وقد نهي عن إكفار أهل القبلة ؟ بكتاب ناطق تكفرونهم , أم بأثر أم بإجماع ؟ فقلت : ما الجهمية عندنا من أهل القبلة , وما نكفرهم إلا بكتاب مسطور وأثر مأثور , وكفر مشهور وَنُكَفِّرُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمْ لا يَدْرُونَ أَيْنَ اللَّهُ ، وَلا يَصِفُونَهُ بِأَيْنَ  ) بَابُ  الاحْتِجَاجِ فِي إِكْفَارِ الْجَهْمِيَّةِ

و قال الدارمي أيضا  (أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي السَّمَاءِ دُونَ الأَرْضِ فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَأُعْتِقَ لَمْ يَجُزْ فِي رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ، إِذْ لا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ، أَلا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ أَمَارَةَ إِيمَانِهَا مَعْرِفَتَهَا أَنَّ اللَّهَ فِي السَّمَاءِ ؟) الرد على الجهمية

 

وَ كَانُوا يُكَفِّرُونَ مَنْ لا يَعْلَمُ أنَّ القُرْاَنَ غَيْر مَخْلُوق وَ لاَ يَعْذِرُونَهُ

قال اللالكائي ( قال محمد بن مسلم بن وارة ، قال لي أبو مصعب : من قال : القرآن مخلوق ، فهو كافر ، ومن قال : لا أدري يعني مخلوق أو غير مخلوق ، فهو مثله ، ثم قال : بل هو شر منه فذكرت رجلًا كان يظهر مذهب مالك ، فقلت : إنه أظهر الوقف ، فقال : لعنه الله ينتحل مذهبنا وهو بريء منه. فذكرت ذلك لأحمد بنُ حنبل ، فأعجبه وسرَّ به.

عَنْ أبي حاتم الرازي أنه قال : قال أبو مصعب : هؤلاء الذين يقولون في القرآن : لا ندري مخلوق أو غير مخلوق هم عندنا شر ممن يقول : مخلوق ، يستتابون فإن تابوا ، وإلا ضربت أعناقهم ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

كَانَ السَلَفُ يُكَفّرُونَ مَنْ قَالَ فِي دِينِ اللهِ  بِرَأْيِهِ جَاهِلاً

قال عثمان بن سعيد الدارمي (وَقَدْ كَانَ مَنْ مَضَى مِنَ السَّلَفِ يَكْرَهُونَ الْخَوْضَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ، وَقَدْ كَانُوا رُزِقُوا الْعَافِيَةَ مِنْهُمْ، وَابْتُلِينَا بِهِمْ عِنْدَ دُرُوسِ الْإِسْلَامِ، وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ، فَلَمْ نَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ نَرُدَّ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّفُ مَا أَشْبَهَ هَذَا عَلَى أُمَّتِهِ، وَيُحَذِّرُهَا إِيَّاهُمْ، ثُمَّ الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ وَالتَّابِعُونَ، مَخَافَةَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا فِي اللَّهِ وَفِي الْقُرْآنِ بِأَهْوَائِهِمْ فَيَضِلُّوا، وَيَتَمَارَوْا بِهِ عَلَى جَهْلٍ فَيَكْفُرُوا، فَإِنَّ رٓسُولٓٓ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: «الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ» وَحَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يَتَّقُونَ تَفْسِيرَهُ، لِأَنَّ الْقَائِلَ فِيهِ إِنَّمَا يَقُولُ عَلَى اللَّهِ ) الرد على الجهمية

 

وَ كَانَ السَلَفُ يُكَفّرُونَ مَنْ جَهِلَ  الكَعْبَةَ التِي فِي مَكَّةِ وَ لَمْ يَدْرِي

قال أبو القاسم اللالكائي (أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَنَا عُثْمَانُ ، نَا حَنْبَلٌ ، قَالَ : نَا الْحُمَيْدِيُّ ، قَالَ : نَا حَمْزَةُ بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :  سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ الْكَعْبَةَ حَقٌّ ، وَلَكِنْ لَا أَدْرِي هِيَ هَذِهِ أَمْ لَا ؟ فَقَالَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَبِيٌّ لَكِنْ لَا أَدْرِي هُوَ الَّذِي قَبْرُهُ بِالْمَدِينَةِ أَمْ لَا ؟ قَالَ : مُؤْمِنٌ حَقًّا   قَالَ حَنْبَلٌ : قَالَ الْحُمَيْدِيُّ :   مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ   وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ :  مَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

 

قال اللالكائيّ (وَلَمْ يَزَلْ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى يَوْمِنَا هَذَا قَوْمٌ يَحْفَظُونَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَيَتَدَيَّنُونَ بِهَا ، وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ حَادَ عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لِجَهْلِهِ طُرُقَ الِاتِّبَاعِ ) شرح أصول اعتقاد اهل السنة و الجماعة

 

 

وَ كَّفَرَ السَلَفُ الجَهْمِيَة  عَنْ جَهْلٍ

قَالَ الإمَامُ البربهاريُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ( وَاعْلَمْ  أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَمْ يَزَالُوا يَردُّونَ قَوْلَ الجَهْمِيَّةِ، حَتَّى كَانَ فِي خِلَافَةِ بَنِي الْعبَّاس تَكَلَّمَتْ اَلرُّوَيْبِضَةُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ، وَطَعَنُوا عَلَى آثَارِ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأخَذُوا بِالْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ، وكَفَّرُوا مَنْ خَالَفَهُمْ، فَدَخَلَ فِي قَوْلِهِمْ الجَاهِلُ وَالمُغفَّلُ وَالَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ، حَتَّى كَفَرُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، فَهَلَكَتِ الأُمَّةُ مِنْ وُجُوهٍ، وَكَفَرَتْ مِنْ وُجُوهٍ، وتَزَنْدَقتْ مِنْ وُجُوه، وَضَلَّتْ مِنْ وُجُوهٍ، وَابْتَدَعَتْ مِنْ وُجُوهٍ، إلَّا مَنْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ وَنَهْيهِ وَأَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَتَخَطَّى أَحَدًا مِنْهُمْ وَلَمْ يُجَاوِز أَمْرَهُمْ، وَوَسِعَهُ مَا وَسِعَهُمْ، وَلَمْ يَرْغَبْ عَنْ طَرِيقَتِهِمْ وَمَذْهَبِهِمْ، وَعَلِمَ أنَّهُم كَانُوا عَلَى الإِسْلَامِ الصَّحِيحِ، وَالإِيمَانِ الصَّحِيحِ، فَقَلَّدَهُمْ دِينَهُ وَاسْتَرَاحَ )    شَرح السُّنَّة

قال البربهاري أيضا (وَاعْلَمْ  أَنَّ رَسُولَ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلا وَاحِدَةً "، قَالُوا: وَمَا هِيَ تِلْكَ الْفِرْقَةُ؟ قَالَ: " مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي " وَهَكَذَا كَانَ الدِّينُ إِلَى خِلَافَة عُمَرَ بْن الخَطَّاب الْجَمَاعَة كُلّهَا، وَهَكَذَا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، فلمَّا قُتِلَ عُثْمُانُ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - جَاءَ الْاخْتِلَافُ وَالْبِدَعُ وَصَارَ النَّاسُ فِرَقًا؛ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ ثَبَتَ عَلَى الْحَقِّ عِنْدَ أَوَّلِ التَّغيِيرِ وَقَالَ بِهِ، وَعَمِلَ بِهِ، وَدَعَا إِلَيْهِ، وَكَانَ الْأَمْرُ مُسْتقيمًا حَتَّى كَانَتْ الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ في خِلافةِ بني فلانٍ، انْقَلَبَ الزَّمانُ وَتَغيَّر النَّاسُ جدًّا، وَفَشَتِ البِدَعُ، وكَثُرَ الدُّعَاةُ إِلَى غَيْرِ سَبِيلِ الحَقِّ وَالجَمَاعَةِ، وَوَقَعَتِ المِحْنَة فِي كُلِّ شَيْءٍ لَمْ يتكلَّمْ بِهِ رَسُولُ اللَّـهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَة - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُم-، وَدَعُوْا إِلَى الفُرقَةِ، وَقَدْ نَهَى اللَّـهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الفُرقَةِ؛ وكَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكُلٌّ دَعَا إِلَى رَأْيِهِ، وَإِلَى تَكْفِيرِ مَنْ خَالَفَهُ، فَضَلَّ الجُهَّالُ وَالرَّعَاعُ وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ، وَأطْمَعُوا النَّاسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَخَوَّفُوهُمْ عِقَابَ الدُّنيا، فاتَّبَعَهُمُ الخَلْقُ عَلَى خَوْفٍ فِي دِينِهِمْ وَرَغْبَةٍ فِي دُنْيَاهُم، فَصَارَت السُّنَّةُ وَأَهْل السُّنَّة مَكْتُومِينَ، وَظَهَرتِ البِدَعَةُ وفَشَتْ، وَكَفَرُوا مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُون مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى، وَوَضَعُوا القِيَاسَ، وَحَمَلوا قُدْرَةُ الرَّبِّ وَآيَاتِهِ وَأحْكَامِه وَأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ عَلَى عُقُولِهِمْ وَآرَائِهِمْ؛ فَمَا وَافَقَ عُقُولِهِمْ قَبِلُوهُ، وَمَا خَالَفَ عُقُولهم رَدُّوهُ، فَصَارَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَالسُّنَّةُ غَرِيبَةً، وَأَهْلُ السُّنَّةِ غُرَبَاءَ فِي جَوْفِ دِيَارِهِمْ ) شرح السنة

قال محمد بن نصر المروزي   (وَالْجَهْلُ بِاللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ كُفْرٌ قَبْلَ الْخَبَرِ وَبَعْدَ الْخَبَرِ )   تعظيم قدر الصلاة ص 520 

 

 

وَ كَانَ السَلَفُ لاَ يَرَوْنَ لِتَارِكِ التَوْحِيدِ وَ الايمَانِ عُذْرٌ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : ( قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ، مَنْ عَمِلَ بِالْإِيمَانِ فِي الدُّنْيَا خَلَصَتْ لَهُ كَرَامَةُ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ تَرَكَ الْإِيمَانَ فِي الدُّنْيَا قَدِمَ عَلَى رَبِّهِ لَا عُذْرَ لَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال أبو محمد  سهل التستري ( قال تعالى (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها وَأَنابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرى فَبَشِّرْ عِبادِ ) قوله: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ  قال: الطاغوت الدنيا، وأصلها الجهل، وفرعها المآكل والمشارب، وزينتها التفاخر، وثمرتها المعاصي، وميزانها القسوة والعقوبة )   تفسير التستري

فَكُلّ عَابِدٍ للطَاغُوتِ عَنْ جَهِلٍ هُوَ مُؤْمِنٌ بِالطَاغُوتِ كَافِرٌ بِاللهِ

 

عَدَمُ اسْتِوَاءِ العَالِمِ بِأمْرِ اللهِ وَ جَاهِلِ بِهِ

قال تعالى (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الرعد

قال ابن جرير الطبري (يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : أَهَذَا الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ ، يَا مُحَمَّدُ ، حَقٌّ فَيُؤْمِنُ بِهِ وَيُصَدِّقُ وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ ، كَالَّذِي هُوَ أَعْمَى فَلَا يَعْرِفُ مَوْقِعَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ فَرَائِضِهِ؟ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في التفسير الكبير المسمى البحر المحيط (أَيْ : لَيْسَا مُشْتَبِهَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ بِالشَّيْءِ بَصِيرٌ بِهِ ، وَالْجَاهِلَ بِهِ كَالْأَعْمَى ، وَالْمُرَادُ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ وَلِذَلِكَ قَابَلَهُ بِالْعِلْمِ )

قال تعالى (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر

قال ابن جرير الطبري (قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا لَهُمْ فِي طَاعَتِهِمْ لِرَبِّهِمْ مِنَ الثَّوَابِ ، وَمَا عَلَيْهِمْ فِي مَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ مِنَ التَّبِعَاتِ ، وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ، فَهُمْ يَخْبِطُونَ فِي عَشْوَاءَ ، لَا يَرْجُونَ بِحُسْنِ أَعْمَالِهِمْ خَيْرًا ، وَلَا يَخَافُونَ بِسَيِّئِهَا شَرًّا ؟ يَقُولُ : مَا هَذَانِ بِمُتَسَاوِيَيْنِ .

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: ثني نَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ، قَالَ: ثنا سُعدان الجهني، عن سعد أَبِي مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ )  قَالَ: نَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ، وَعَدُوُّنَا ( المشركون )  الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ. ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) المجادلة

قال ابن جرير الطبري (يَرْفَعِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ - أَيُّهَا الْقَوْمُ - بِطَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ ، فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنَ التَّفَسُّحِ فِي الْمَجْلِسِ إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَفَسَّحُوا ، أَوْ بِنُشُوزِهِمْ إِلَى الْخَيْرَاتِ إِذَا قِيلَ لَهُمُ انْشُزُوا إِلَيْهَا ، وَيَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْتَوُا الْعِلْمَ بِفَضْلِ عِلْمِهِمْ دَرَجَاتٍ ، إِذَا عَمِلُوا بِمَا أُمِرُوا بِهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال البخاري  (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا ، يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي ، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :   مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ ، كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا ، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ  ) كتاب العلم

 

 بَيَانُ أنَّ المُقَلِّدْ الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

قال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ   أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ   وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الأعراف

قال ابن جرير الطبري (أَوْ تَقُولُوا : ( إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ ) ، اتَّبَعْنَا مِنْهَاجَهُمْ ( أَفَتُهْلِكُنَا ) ، بِإِشْرَاكِ مَنْ أَشْرَكَ مِنْ آبَائِنَا ، وَاتِّبَاعِنَا مِنْهَاجَهُمْ عَلَى جَهْلٍ مِنَّا بِالْحَقِّ؟ وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) ، بِمَا فَعَلَ الَّذِينَ أَبْطَلُوا فِي دَعْوَاهُمْ إِلَهًا غَيْرَ اللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({أَن تَقولُوا} أَيْ: لِئَلا تَقُولُوا {يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بعدهمْ} وجدناهم على ملةٍ فاتبعناهم ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ  إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ  قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ  قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) الأنبياء

قال تعالى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ   إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ   قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ   قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ   أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ  قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ   قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ   أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ   فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ   الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ   وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ   وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ   وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ   وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) الشعراء

قال ابن جرير الطبري (وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ : ( وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ) وَجَدْنَا مَنْ قَبْلَنَا ، وَلَا يَضُرُّونَ ، يدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ بِذَلِكَ أَجَابُوهُ ، قَوْلُهُمْ مِنْ آبَائِنَا يَعْبُدُونَهَا وَيَعْكُفُونَ عَلَيْهَا لِخِدْمَتِهَا وَعِبَادَتِهَا ، فَنَحْنُ نَفْعَلُ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِهِمْ ، وَاتِّبَاعًا لِمِنْهَاجِهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) المائدة

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا عَمِّي ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَعْنِي قَوْلَهُ: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالَ: كَانُوا إِذَا دُعُوا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ قَالُوا: بَلْ نُحَاكِمُكُمْ إِلَى كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ )  تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال تعلى (قَالَ مُوسَىٰ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ ۖ أَسِحْرٌ هَٰذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ   قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ) يونس

قال ابن أبي زمنين ({قَالُوا أجئتنا لتلفتنا} لِتَصْرِفَنَا وَتُحَوِّلَنَا {عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} يَعْنُونَ: أَنَّا وَجَدْنَاهُمْ عَبَدَةَ أَوْثَانٍ، فَنَحْنُ عَلَى دِينِهِمْ {وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء} أَي: وتريد أَن تكون لَكَ وَلِهَارُونَ الْمُلْكُ وَالسُّلْطَانُ فِي الأَرْضِ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ، ثَنَا سَلَمَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحْيِي بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، يَعْنِي مَوْلَى آلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودَ إِلَى الْإِسْلَامِ فَرَغَّبَهُمْ فِيهِ، وَحَذَّرَهُمْ عَذَابَ اللَّهِ وَنِقْمَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَافِعُ بْنُ خَارِجَةَ . وَمَالِكُ بْنُ عَوْفٍ : بَلْ نَتَّبِعُ يَا مُحَمَّدُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا فَهُمُ كَانُوا أَعْلَمَ وَخَيْرًا مِنَّا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمَا وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلا يَهْتَدُونَ )   تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِير ) لقمان

قال ابن أبي زمنين ({بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} يعنون: عبَادَة الْأَوْثَان {أَو لَو كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السعير} أَيْ: أَيَتَّبِعُونَ مَا وَجَدُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُمْ، وَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ؛ أَيْ: قَدْ فعلوا ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ   وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَٰنُ مَا عَبَدْنَاهُم ۗ مَّا لَهُم بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ  أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ   بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ  قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) الزخرف

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ ) يَقُولُ : قَالُوا : إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى مِلَّةٍ وَدِينٍ ( وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ ) يَعْنِي : وَإِنَّا عَلَى مِنْهَاجِهِمْ وَطَرِيقَتِهِمْ مُقْتَدُونَ بِفِعْلِهِمْ نَفْعَلُ كَالَّذِي فَعَلُوا ، وَنَعْبُدُ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال مسلم (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) باب من سن سنة حسنة أو سيئة ومن دعا إلى هدى أو ضلالة

فَهَؤلاَءِ رُغْمَ جَهْلِهِمُ حَمَلُوا الأوْزَارَ لَمَّا قَلّدُوا مَنْ دَعَاهُم إلَى الضَلاَلِ وَهُم لاَ يَدْرُونَ أنَّّهُ ضَلاَلٌ، فَلَمْ يُعْذَرُوا بِذَلِكَ

 

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِشْكَابٍ الْكَبِيرُ، ثنا أَبُو بَدْرٍ شُجَاعٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ  بن مسعود، قَالَ: أَلا لا يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلا، إِنْ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، فَإِنْ كُنْتُمْ لا بُدَّ مُقْتَدِينَ فَبِالْمَيِّتِ، فَإِنَّ الْحَيَّ لا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

فَتَأمَّل قَوْلَهُ : وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ , فَجَعَلَ تَقْلِيدَهُ فِي الكُفْرِ كُفْرٌ وَ لَمْ يَعْذُرْهُ

جاء في مساوئ الأخلاق للخرائطي (حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ :  لا يَكُونَنَّ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً ، قَالُوا : وَمَا الإِمَّعَةُ ؟ قَالَ : يَجْرِي مَعَ كُلِّ رِيحٍ )

قال أبو بكر الخلال (َأَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لإِسْحَاقَ يَعْنِي ابْنَ رَاهَوَيْهِ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ:   لا يَكُونُ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً، قَالَ: يَقُولُ: إِنْ ضَلَّ النَّاسُ ضَلَلْتُ، وَإِنْ اهْتَدَوُا اهْتَدَيْتُ ) كتاب السنة

قال بن منده   ( أَخْبَرَنَا عمي الإمام، أَخْبَرَنَا عبد الله بن عمر الكرخي، أَخْبَرَنَا سليمان بن أحمد بن أيوب، حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل قَالَ: سُئِلَ أبي عن رجل وجب عليه تحرير رقبة مُؤمنة، فكان عنده مملوك سوء، لقنه أن يقول بخلق القرآن؟ فقال: لا يجزي عنه عتقه لأن الله تبارك وتعالى أمره بتحرير رقبة مؤمنة، وليس هذا بمؤمن هذا كافر) مناقب الامام أحمد

فَكَفَّرَهُ وَ نَفَى عَنْهُ الايمَان لَمَّا قَلَّدَ سَيِدَهُ فِي القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْاَنِ

 

وَ كَانَ تَقْلِيدُ الاَبَاءِ مِن أسْبَابِ كُفْرِ قُرَيْش

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ ، " أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ فَقَالَ : أَبُو سُفْيَانَ ، فَقُلْتُ : أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا ، فَقَالَ : أَدْنُوهُ مِنِّي وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ ، فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ ، أَنْ قَالَ : كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ ، قَالَ : فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ : أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ ؟ قُلْتُ : بَلْ يَزِيدُونَ ، قَالَ : فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلْتُ : لَا ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا ، قَالَ : وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ ، قَالَ : فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ ؟ قُلْتُ : الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ ، قَالَ : مَاذَا يَأْمُرُكُمْ ؟ قُلْتُ : يَقُولُ اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ ،... ) بَاب بَدْءُ الْوَحْيِ

قال مصعب بن عبد الله الزبيري (ت:236هـ) في كتابه نسب قريش ج1 ص 410 ( قيل لعمرو بن العاص: " ما أبطأ بك عن الإسلام، وأنت أنت في عقلك؟ " قال: " إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم وسن، توازي حلومهم الجبال، ما سلكوا فجا فتبعناهم إلا وجدناه سهلاً. فلما أنكروا على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنكرنا معهم، ولم نفكر في أمرنا، وقلدناهم. فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا، نظرنا في أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا الأمر بين؛ فوقع في قلبي الأسلام  ) و من المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض والاعتزال للذهبي ص 606

 

 

بَيَانُ أنَّ اتِبَاعُ الرُؤَسَاءِ وَ السَادَةِ  وَ العُلَمَاءِ فِي الكُفْرِ  كُفْرٌ لاَ عُذْرَ فِيهِ 

قال تعالى (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ -فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ-, ثَنَا أَبِي, ثَنَا عَمِّي, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ قَالَ: الْأَحْبَارُ: الْقُرَّاءُ

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ , ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , أَنْبَأَ سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ, عَنِ الضَّحَّاكِ : الْأَحْبَارُ قَالَ: قُرَّاؤُهُمْ، وَرُهْبَانُهُمْ: قَالَ: عُلَمَاؤُهُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا ) ، قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ : كَيْفَ كَانَتِ الرُّبُوبِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ : [ لَمْ يَسُبُّوا أَحْبَارَنَا بِشَيْءٍ مَضَى ] "مَا أَمَرُونَا بِهِ ائْتَمَرْنَا ، وَمَا نَهَوْنَا عَنْهُ انْتَهَيْنَا لِقَوْلِهِمْ" ، وَهُمْ يَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ ، فَاسْتَنْصَحُوا الرِّجَالَ ، وَنَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ  ) جامع البيان في تأول القران

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) باب كيف يقبض العلم

 

وَ قَدْ حَكَمَ سُبْحَانَهُ بِالنَارِ عَلَى الكَافِرِ المُقَلِدِ

قال تعالى (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا  وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْــنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّــونَا السَّبِيلَا  رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) الأحزاب

 

قال تعالى (إِذْ تَبَـــرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُــوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُــوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنْبَأَ يَزِيدُ، ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا قَالَ: هُمُ الْجَبَابِرَةُ وَالْقَادَةُ وَالرُّءُوسُ فِي الشَّرِّ وَالشِّرْكِ، مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَهُمْ: الْأَتْبَــاعُ وَالضُّعَفَاءُ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ : أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، فَيُقَالُ لَهُ : انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا ، قَالَ قَتَادَةُ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ , قَالَ : وَأَمَّا الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ : مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ ؟ فَيَقُولُ : لَا أَدْرِي ، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ ، فَيُقَالُ : لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ ) بَاب مَا جَاءَ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ

 

وَ لَنْ يَعْذرَ سُبْحَانَهُ الضَالَ الجَاهِلَ  وُ المُضِلَ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ

قال تعالى (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) النحل

فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى أنَّ مَنْ أضَلّ النَاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ (بِجَهْلٍ ) يَحْمِلُ وِزْرَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَدَلّ عَلَى أنَّ الجَاهِلَ بِاللهِ وَأَحْكَامِهِ لَهُ أوْزَارٌ مَعَ أنًّهُ جَاهِلٌ فَهُوُ غَيْرُ مَعْذُورٍ عِنْدَ اللهِ بَلْ مُحَاسَبٌ لأنَّ الجَهْلَ بِاللهِ وَ أَمْرَهُ  لَيْسَ عُذْراً بَلْ هُوَ جَرِيمَةٌ وَإثْمٌ

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا عِيسَى ، عَنِ ابْنِ نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَمِنْ أَوْزَارِ مَنْ أَضَلُّوا احْتِمَالُهُمْ ذُنُوبَ أَنْفُسِهِمْ ، وَذُنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَلَا يُخَفِّفُ ذَلِكَ عَمَّنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ شَيْئًا

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا شِبْلٌ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ وَرْقَاءَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ) قَالَ : حَمَّلَهُمْ ذُنُوبَ أَنْفُسِهِمْ وَذُنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُمْ ، وَلَا يُخَفِّفُ ذَلِكَ عَمَّنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ شَيْئًا

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ ( لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يَقُولُ : يَحْمِلُونَ ذُنُوبَهُمْ ، وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ ( وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ ) يَقُولُ : يَحْمِلُونَ مَعَ ذُنُوبِهِمُ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) جامع البيان في تأويل القران

قال  أبو الحسين ابن أبي يعلى ( قال أحمد بن حنبل : فليحذر جاهل أن يعذر نفسه فيما لا عذر له فيه، فيحمل وزر نفسه، ووزر من يفتنه بحجة مدحوضة، لم يحتج بها أحد من الأبرار ) طبقات الحنابلة  ج 1  ص 339

قال تعالى (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُم بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُم مِّن شَيْءٍ ۖ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ  وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ۖ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) العنكبوت

قال ابن أبي حاتم (أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الطِّهْرَانِيُّ، فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَعَ أَثْقَالَهُمْ قَالَ: مَنْ دَعَا قَوْمًا إِلَى الضَّلَالَةِ فَعَلَيْهِ مِثْلُ أَوْزَارِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْقِصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

جاء في تفسير يحيى بن سلام (يَحْمِلُونَ آثَامَ أَنْفُسِهِمْ وَمِثْلَ آثَامِ الَّذِينَ دَعَوْهُمْ إِلَى الضَّلالَةُ فَاتَّبَعُوهُمْ عَلَيْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ شَيْءٌ )

قال تعالى (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ فِي النَّارِ ۖ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ۖ حَتَّىٰ إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَٰؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ ۖ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لَّا تَعْلَمُونَ ) الأعراف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : " قَالَتْ أُخْرَاهُمْ " ، الَّذِينَ كَانُوا فِي آخِرِ الزَّمَانِ " لِأُوْلَاهُمْ " ، الَّذِينَ شَرَعُوا لَهُمْ ذَلِكَ الدِّينَ ( رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ )

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : ( كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ) ، يَقُولُ : كُلَّمَا دَخَلَ أَهْلُ مِلَّةٍ لَعَنُوا أَصْحَابَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ ، يَلْعَنُ الْمُشْرِكُونَ الْمُشْرِكِينَ ، وَالْيَهُودُ الْيَهُودَ ، وَالنَّصَارَى النَّصَارَى ، وَالصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ ، وَالْمَجُوسُ الْمَجُوسَ ، تَلْعَنُ الْآخِرَةُ الْأُولَى ) جامع البيان في تأويل القران

 

 

بَيَانُ أنَّ  العِلْمَ هُوَ الوَحْيُ وَ الجَهْلُ هُوَ الرَأْيُ وَ الكَلامُ وَ مَنْ تَبِعَهُ لاَ عُذْرَ لَهُ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا ) باب كيف يقبض العلم

وَ العِلْمَ الذِي أفْتَى بِغَيْرِهِ هَؤُلاءِ الرُؤُوس هُوَ الوَحْيُ

قال تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) ال عمران

قال تعالى (لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ) البقرة

قال تعالى (الرَّحْمَنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الإنْسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) الرحمن

قال عبد الله بن الامام أحمد ( قال أبي ( أحمد بن حنبل ) : َقَالَ عز وجل  'الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ' فَأَخْبَرَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِهِ، وَقَالَ عز وجل ' وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ' وَقَالَ عز وجل ' وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةً بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ' فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عز وجل  وَفِي هَذِهِ الآيَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ جَاءَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعِلْمِ هُوَ الْقُرْآنُ لِقَوْلِهِ عز وجل ' وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ' ) كتاب السنة

قال عثمان بن سعيد الدارمي (( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) : جَاءَهُ الْعِلْمُ مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ الْقُرْآنُ )  كتاب الرد على الجهمية

وَ غَيْرُ هَذَا العِلْمِ هُوَ الرَأْيَ  و الكَلامُ وَ اتِّبَاعُهُ سَبَبٌ للضَّلالِ كَمَا فِي الرِوَايَةِ الأُخْرَى

قال البخاري (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ ) بَاب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ وَلَا تَقْفُ لَا تَقُلْ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ

قال أبو عبد الله الأنصاري ( حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى السُّلَمِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ الْوَزِيرِ الْقَاضِي يَقُولُ : قُلْتُ لِأَبِي عُمَرَ الضَّرِيرِ : الرَّجُلُ يَتَعَلَّمُ شَيْئًا مِنَ الْكَلَامِ يَرُدُّ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ ، فَقَالَ :  الْكَلَامُ كُلُّهُ جَهْلٌ ، لا تَتَعَلَّمِ الْجَهْلَ ، فَإِنَّكَ كُلَّمَا كُنْتَ بِالْجَهْلِ أَعْلَمَ كُنْتَ بِالْعِلْمِ أَجْهَلَ ) ذم الكلام و أهله

وَ قَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّ سَبَبَ الهِدَايَةِ هُوَ اتِبَاعُ الوَحْيِ وَ سَببُ الضَلاَلِ هُوَ اتِبَّاعُ الرَأيِ

قال تعالى (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِليَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) سبأ

قال تعالى (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ   وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) طه

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ قَالَ : ثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ، وَاتَّبَعَ مَا فِيهِ أَنْ لَا يَضِلَّ فِي الدُّنْيَا وَلَا يَشْقَى فِي الْآخِرَةِ ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى )  ) جامع البيان في تأويل القران

قال الدارمي (أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : مَنْ أَحْدَثَ رَأْيًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَدْرِ عَلَى مَا هُوَ مِنْهُ إِذَا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ) السنن - بَاب الْفُتْيَا وَمَا فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ

 

قال الدارمي (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ابْنِ سِنَانٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، قَالَ : قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أُمَّتَكَ سَتُفْتَتَنُ مِنْ بَعْدِكَ ، قَالَ : فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سُئِلَ : مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا ؟ قَالَ : " الْكِتَابُ الْعَزِيزُ الَّذِي لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ سورة فصلت آية 42 مَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ ، فَقَدْ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ وَلِيَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْ جَبَّارٍ فَحَكَمَ بِغَيْرِهِ ، قَصَمَهُ اللَّهُ ، هُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ ، وَالصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، فِيهِ خَبَرُ مَنْ قَبْلَكُمْ ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ ، وَهُوَ الَّذِي سَمِعَتْهُ الْجِنُّ فَلَمْ تَتَنَاهَ أَنْ قَالُوا : إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا عَجَبًا سورة الجن آية 1 ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ ، وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ ، وَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ " ) السنن -  بَاب فَضْلِ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ

 

بَيَانُ أنَّ المُجْتَهِدَ الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

 

قال تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا  الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا   أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) الكهف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ زَاذَانَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ) قَالَ : هُمْ كَفَرَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ ، كَانَ أَوَائِلُهُمْ عَلَى حَقٍّ ، فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ ، وَابْتَدَعُوا فِي دِينِهِمْ ، الَّذِي يَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِلِ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ ، وَيَجْتَهِدُونَ فِي الضَّلَالَةِ ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى ، فَضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ، ثُمَّ رَفَعَ صَوْتَهُ ، فَقَالَ : وَمَا أَهْلُ النَّارِ مِنْهُمْ بِبَعِيدٍ

وقَوْلُهُ : ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) يَقُولُ : هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ عَمَلُهُمُ الَّذِي عَمِلُوهُ فِي حَيَاتِهِمُ الدُّنْيَا عَلَى هُدًى وَاسْتِقَامَةٍ ، بَلْ كَانَ عَلَى جَوْرٍ وَضَلَالَةٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِغَيْرِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ بَلْ عَلَى كُفْرٍ مِنْهُمْ بِهِ ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا : يَقُولُ : وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ لِلَّهِ مُطِيعُونَ ، وَفِيمَا نَدَبَ عِبَادَهُ إِلَيْهِ مُجْتَهِدُونَ ، وَهَذَا مِنْ أَدَلِّ الدَّلَائِلِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِاللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَقْصِدُ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، أَنَّ سَعْيَهُمُ الَّذِي سَعَوْا فِي الدُّنْيَا ذَهَبَ ضَلَالًا وَقَدْ كَانُوا يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُحْسِنُونَ فِي صُنْعِهِمْ ذَلِكَ ، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ . وَلَوْ كَانَ الْقَوْلُ كَمَا قَالَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِاللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَعْلَمُ ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ فِي عَمَلِهِمُ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْسَبُونَ فِيهِ أَنَّهُمْ يَحْسُنُونَ صُنْعَهُ ، كَانُوا مُثَابِينَ مَأْجُورِينَ عَلَيْهَا ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِخِلَافِ مَا قَالُوا ، فَأَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِاللَّهِ كَفَرَةٌ ، وَأَنَّ أَعْمَالَهُمْ حَابِطَةٌ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (عَنْ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ , يَقُولُ : مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَاهِبٍ , فَوَقَفَ فَنُودِيَ الرَّاهِبُ , فَقِيلَ لَهُ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : فَاطَّلَعَ , فَإِذَا إِنْسَانٌ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالاجْتِهَادِ ، وَتَرْكِ الدُّنْيَا , فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ بَكَى ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , فَقَالَ :  قَدْ عَلِمْتُ وَلَكِنِّي رَحِمْتُهُ ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ : عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ { 3 } تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً سورة الغاشية آية 3-4 , فَرَحِمْتُ نَصَبَهُ وَاجْتَهَادَهُ , وَهُوَ فِي النَّارِ ) تفسير سورة الغاشية

 

قال المزي ( حَدَّثَنَا هوذة بن خليفة، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنِ الحسن، قال: مر بي أنس بن مالك وقد بعثه زياد إِلَى أَبِي بَكْرَةَ يعاتبه، فانطلقت معه، فدخلنا عَلَى الشيخ وهو مريض، فأبلغه عنه، فَقَالَ: إنه يقول: ألم أستعمل عُبَيد الله عَلَى فارس؟ ألم أستعمل روادا عَلَى دار الرزق؟ ألم أستعمل عبد الرحمن عَلَى الديوان وبيت المال؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: هل زاد عَلَى أن أدخلهم النار؟ فَقَالَ أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهدا. فَقَالَ الشيخ: اقعدوني إني لا أعلمه إلا مجتهدا، وأهل حرورا قد اجتهدوا فأصابوا أم أخطأوا؟ قال أنس: فرجعنا مخصومين ) تهذيب الكمال  ج7 ص 30 و كذلك فيي مسائل الامام أحمد برواية ابنه ابي الفضل صالح

 

قال الاجري (حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَيْضًا ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُقْرِئِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَذُكِرَ لَهُ الْخَوَارِجُ وَاجْتِهَادُهُمْ وَصَلاتُهُمْ ، قَالَ :   لَيْسَ هُمْ بِأَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَهُمْ عَلَى ضَلالَةٍ ) الشريعة

قال الدارمي (أَخْبَرَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَنبَأَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَإِذَا خَرَجَ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا: لَا، بَعْدُ. فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا.  قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ. قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا، فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ. قَالَ:  أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ ، ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ:  مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ؟  قَالُوا: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ. قَالَ:  فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ . قَالُوا: وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ. قَالَ:  وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ  قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ "، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ. فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ: رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ ) مقدمة السنن

جاء في مسند بن الجعد (حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، أنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْعَالِيَةِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْقُضَاةُ ثَلاثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، فَأَمَّا اللَّذَانِ فِي النَّارِ: فَرَجُلٌ جَارَ مُتَعَمِّدًا فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّارِ، أَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ: فَرَجُلٌ اجْتَهَدَ فَأَصَابَ الْحَقَّ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ ") و كذلك في مصنف بن أبي شيبة  و جامع معمر

 جاء في المدخل الى السنن الكبرى (أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أنبا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَمَنْ تَكَلَّفَ مَا جَهِلَ، وَمَا لَمْ يُثْبِتْهُ مَعْرِفَةً، كَانَتْ مُوَافَقَتُهُ لِلصَّوَابِ وَإِنْ وَافَقَهُ مِنْ حَيْثُ لا يَعْرِفُهُ غَيْرُ مَحْمُودَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ بِخَطَئِهِ غَيْرُ مَعْذُورٍ، إِذَا مَا نَطَقَ فِيمَا لا يُحِيطُ عِلْمُهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالصَّوَابِ فِيهِ )

قال عبد الله الأنصاري (قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ : قَالَ الْمُزَنِيُّ : سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ مَسْأَلَةٍ مِنَ الْكَلَامِ ، فَقَالَ : سَلْنِي عَنْ شَيْءٍ ، إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : أَخْطَأْتَ ، وَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ إِذَا أَخْطَأْتُ فِيهِ ، قُلْتَ : كَفَرْتَ

زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ : قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ : يَا مُحَمَّدُ ، إِنْ سَأَلَكَ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ ، فَلَا تُجِبْهُ ، فَإِنَّهُ إِنْ سَأَلَكَ عَنْ دِيَةٍ ، فَقُلْتَ دِرْهَمًا ، أَوْ دَانِقًا ، قَالَ لَكَ : أَخْطَأْتَ ، وَإِنْ سَأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ ، فَزَلَلْتَ ، قَالَ لَكَ : كَفَرْتَ ) ذم الكلام و أهله 

جاء في كتاب ما رواه الأكابر عن مالك لمحمد بن مخلد ( ت : 331هـ) (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أنبا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، يَقُولُ: إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ أَنْ يُوَفَّقَ لِلْخَيْرِ، وَشِقْوَةُ الْمَرْءِ أَنْ لا يَزَالَ يُخْطِئُ  )

قال ابن عبد البر معلقًا (وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الْمُخْطِئَ عِنْدَهُ وَإِنِ اجْتَهَدَ فَلَيْسَ بِمَرْضِيِّ الْحَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) جامع بيان العلم و فضله

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ:  الْقَدَرِيَّةُ أَشَدُّ اجْتِهَادًا مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ ) السنة

 وَ رُغْمَ اجْتِهَادِهِم كَفَّّرَهُم الصَحَابَةُ وَ مَنْ تَبِعَهُمُ بِإحْسَان

 

قال الامام مسلم في صحيحه ( حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ . ح وحَدَّثَنَا وَهَذَا حَدِيثُهُ ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ : مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ، حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ  فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيَتَقَفَّرُونَ ( يطلبون ) الْعِلْمَ ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ ، قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ ، مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) بَاب بَيَانِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ

 

قال اللالكائي (أجمع أهل السنة و الجماعة لى أنّه لا اِجتهاد في مسائل الاعتقاد  و أنه لا مجال للرأي  و اِعْمال العقل فيها  و أنّه لا يسمع مسلم فيها الاّ التسليم و الاتباع  لعقيدة السلف الصالح و أنّه من لم يسعه ما وسعهم  فلا وسّع الله عليه

 أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ فَقَالَ :  اصْبِرْ نَفْسَكَ عَلَى السُّنَّةِ ، وَقِفْ حَيْثُ وَقَفَ الْقَوْمُ ، وَقُلْ بِمَا قَالُوا ، وَكُفَّ عَمَّا كَفُّوا ، وَاسْلُكْ سَبِيلَ سَلَفِكَ الصَّالِحِ ، فَإِنَّهُ يَسَعُكَ مَا وَسِعَهُمْ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 315

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي ( وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنَ اجْتِهَادِ الرَّأْيِ فِي تَكْيِيفِ صِفَاتِ الرَّبِّ، فَإِنَّا لَا نُجِيزُ اجْتِهَادَ الرَّأْيِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْفَرَائِضِ وَالْأَحْكَامِ الَّتِي نَرَاهَا بِأَعْيُنِنَا، وَتُسْمَعُ فِي آذَانِنَا. فَكَيْفَ فِي صِفَاتِ اللَّهِ الَّتِي لَمْ تَرَهَا الْعُيُونُ، وَقَصُرَتْ عَنْهَا الظُّنُونُ؟ ) نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد 1/ 220

 

قال أبو عبد الله مُحمد بن منده (ذِكْرُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُخْطِئَ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ , عَزَّ وَجَلَّ ووَحْدَانِيَّتِهِ كَالْمُعَانِدِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ ضَلَالَتِهِمْ وَمُعَانَدَتِهِمْ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104] وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا فَقَالَ: كَفَرَةُ أَهْلُ الْكِتَابِ كَانَ أَوَائِلُهُمْ عَلَى حَقٍّ، فَأَشْرَكُوا بِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وَابْتَدَعُوا فِي دِينِهِمْ، وَأَحْدَثُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ , فَهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي الضَّلَالَةِ , وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى، وَيَجْتَهِدُونَ فِي الْبَاطِلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْهُمْ أَهْلُ حَرُورَاءَ ) كتاب التوحيد

 

قال أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني ( ومن قول أهل السنة: أنه لا يعذر من أداه اجتهاده إلى بدعة، لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يعذروا إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة فسماهم عليه الصلاة والسلام : مارقين من الدين. وجعل المجتهد في الأحكام مأجورا وإن أخطأ  ) الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ ص121

 

جاء في  حاشية العطار على جمع الجوامع وبهامشه تقرير الشربيني وتقريرات المالكي (مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ مَرْفُوعَانِ فَقَدْ خَالَفَ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فِي الْخَطَأِ الْكَفَّارَةَ )

 

قال ابن جرير الطبري (القول فيما أدركت حقيقة علمه منه استدلالاً على وجهين:

أحدهما: معذورٌ فيه بالخطأ والمخطئ، ومأجورٌ فيه على الاجتهاد والفحص والطلب؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجرٌ) وذلك الخطأ فيما كانت الأدلة على الصحيح من القول فيه مختلفةً غير مؤتلفةٍ، والأصول في الدلالة عليه مفترقةً غير متفقةٍ، وإن كان لا يخلو من دليل على الصحيح من القول فيه، فميز بينه وبين السقيم منه، غير أنه يغمض بعضه غموضاً يخفى على كثير من طلابه، ويلتبس على كثيرٍ من بغاته.

والآخر منهما غير معذورٍ بالخطأ فيه مكلفٌ قد بلغ حد الأمر والنهي، ومكفرٌ بالجهل به الجاهل، وذلك ما كانت الأدلة الدالة على صحته متفقةً غير مفترقة، ومؤتلفةً غير مختلفةٍ، وهي مع ذلك ظاهرةٌ للحواس ) التبصير في معالم الدين ص 113

 

 

بَيَانُ أنَّ المُتَأَوِّّل الوَاقِعَ فِي الكُفْرِ غَيْرَ مَعْذُورِ

قال تعالى (فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) الاعراف

قال ابن جرير الطبري (إِنَّ الْفَرِيقَ الَّذِي حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ، إِنَّمَا ضَلُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَجَارُوا عَنْ قَصْدِ الْمَحَجَّةِ ، بِاتِّخَاذِهِمُ الشَّيَاطِينَ نُصَرَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وظُهَرَاءَ جَهْلًا مِنْهُمْ بِخَطَأِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، بَلْ فَعَلُوْا ذَلِكَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى هُدًى وَحَقٍّ ، وَأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَتَوْهُ وَرَكِبُوا وَهَذَا مِنْ أَبِينِ الدَّلَالَةِ عَلَى خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ رَكِبَهَا أَوْ ضَلَالَةٍ اعْتَقَدَهَا ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِصَوَابِ وَجْهِهَا ، فَيَرْكَبُهَا عِنَادًا مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيهَا . لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَرِيقِ الضَّلَالَةِ الَّذِي ضَلَّ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ هَادٍ ، وَفَرِيقِ الْهُدَى ، فَرْقٌ ) جامع البيان في تأويل القران

 قال الزجّاج ( يدل على أن قوماً ينتحلون الِإسلامَ ويزعمونَ أن من كان كافراً، وهو لَا يعلم إنَّه كافر فليس بكافرٍ مُبْطِلُون لأمر نِحْلتِهمْ، لأن الله جل ثناؤُه قد أعلمنا أنهم يَحْسَبون أنهمْ مهتدون، ولا اختلاف بين أهل اللغة في أن الحُسْبَانَ ليس تأْويله غيرَ مَا يُعْلم من معنى حسب والدليل على أن الله قد سماهم بظنهم كَفَرةً قوله عزَّ وجل: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) فأعلمَ أنهم بالظنِ كافِرونَ، وأنهم معذبون )  معاني القرآن وإعرابه – سورة الأعراف

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ قَدْ عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا نَارًا فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقَامَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا تَبِعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَارًا مِنْ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتْ النَّارُ وَسَكَنَ غَضَبُهُ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية

فَهَؤُلاءِ تَأوّلُوا أمْرَ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  بِأَنْ يُطِيعُوا أمِيرَهُم  وَ رُغْمَ ذَلِكَ لَمْ يَعْذِرْهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

قال الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا فِطْرٌ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، يَقُولُ : كُنَّا جُلُوسًا نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَخَرَجَ عَلَيْنَا مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ نِسَائِهِ ، قَالَ : فَقُمْنَا مَعَهُ ، فَانْقَطَعَتْ نَعْلُهُ ، فَتَخَلَّفَ عَلَيْهَا عَلِيٌّ يَخْصِفُهَا ، فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَضَيْنَا مَعَهُ ، ثُمَّ قَامَ يَنْتَظِرُهُ ، وَقُمْنَا مَعَهُ ، فَقَالَ : " إِنَّ مِنْكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ هَذَا الْقُرْآنِ ، كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنْزِيلِهِ " , فَاسْتَشْرَفْنَا وَفِينَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، فَقَالَ : " لَا ، وَلَكِنَّهُ خَاصِفُ النَّعْلِ " ، قَالَ : فَجِئْنَا نُبَشِّرُهُ ، قَالَ : وَكَأَنَّهُ قَدْ سَمِعَهُ ) مسْنَدُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ

قال ابن بطة العكبري ( فَقَدْ عَلِمَ العُقَلاءُ مِنْ المُؤْمِنِينَ، وَالعُلَمَاءُ مِنْ أهْلِ التَمْيِيزِ، أنّ عَليّاً رَضِي اللهُ عَنْهُ قَاتَلَ فِي خِلاَفَتِهِ أهْلَ التَأوِيلِ الذِينَ تَأوّلُوا فِي خُرُوجِهِم عَلَيْهِ، وَمِنْ عِنْدِهِ أخِذَت الأحْكَامُ فِي قِتَالِ المُتَأوِّلِينَ، كَمَا عَلِمَ المُؤْمِنُونَ قِتَالَ المُرْتَدِينَ، حَيْثُ قَاتَلَهُمُ أبُو بَكْر عَلَى ظَاهِرِ التَنْزِيلِ ) الابانة الكبرى

 

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الطَّرَسُوسِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْمَرْوَزِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجَرَّاحِ الْجُوزَجَانِيُّ , قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْنَا وَإِلَيْكَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا , وَسَلَّمَكَ وَإِيَّانَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ بِرَحْمَتِهِ , وَاتَّفَقَا مِنْ هَاهُنَا , أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ مَا يُذْكَرُ مِنَ احْتِجَاجِ مَنِ احْتَجَّ مِنَ الْمُرْجِئَةِ , وَاعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ الْخُصُومَةَ فِي الدِّينِ لَيْسَتْ مِنْ طَرِيقِ أَهْلِ السُّنَّةِ , وَأَنَّ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ بِلاَ سُنَّةٍ تَدُلُّ عَلَى مَعْنَاهَا أَوْ مَعْنَى مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ أَثَرٍ , قَالَ الْمَرُّوذِيُّ : أَوْ أَثَرٍ عَنْ أَصْحَابِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ , فَهُمْ شَاهَدُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَشَهِدُوا تَنْزِيلَهُ , وَمَا قَصَّهُ لَهُ الْقُرْآنُ , وَمَا عُنِيَ بِهِ , وَمَا أَرَادَ بِهِ , وَخَاصٌّ هُوَ أَوْ عَامٌّ , فَأَمَّا مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى ظَاهِرٍ بِلاَ دَلاَلَةٍ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَهَذَا تَأْوِيلُ أَهْلِ الْبِدَعِ , لأَنَّ الآيَةَ قَدْ تَكُونُ خَاصَّةً وَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمًا عَامَّا , وَيَكُونُ ظَاهِرُهَا عَلَى الْعُمُومِ , فَإِنَّمَا قَصَدَتْ لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) كتاب السنة

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي  ( فَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَنَّ النَّاسَ تَكَلَّمُوا فِي الْإِيمَانِ وَفِي التَّشَيُّعِ وَالْقَدَرِ وَنَحْوِهُ ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ غَيْرَ الصَّوَابِ ، إِذْ جَمِيعُ خَلْقِ اللَّهِ يُدْرِكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ : اللَّمْسِ ، وَالشَّمِّ ، وَالذَّوْقِ ، وَالْبَصَرِ بِالْعَيْنِ ، وَالسَّمْعِ ، وَاللَّهُ بِزَعْمِ الْمُعَارِضِ ، لَا يُدْرَكُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ. فَقُلْنَا لِهَذَا الْمُعَارِضِ ، الَّذِي لَا يَدْرِي كَيْفَ يُنَاقِضُ : أَمَّا قَوْلُكَ : لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ غَيْرَ الصَّوَابِ ، فَقَدْ صَدَقْتَ. وَتَفْسِيرُ التَّوْحِيدِ عِنْدَ الْأُمَّةِ وَصَوَابُهُ ، وَقَوْلُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ جَاءَ بِهَا مُخْلِصًا دَخَلَ الْجَنَّةَ " وَ" أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " مَنْ قَالَهَا فَقَدْ وَحَّدَ اللَّهَ. وَكَذَلِكَ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ فِي حَجَّتِهِ ، فَقَالَ : " لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، . فَهَذَا تَأْوِيلُ التَّوْحِيدِ وَصَوَابُهُ عِنْدَ الْأُمَّةِ ، فَمَنْ أَدْخَلَ الْحَوَاسَّ الْخَمْسَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ فِي صَوَابِ التَّأْوِيلِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَمَنْ عَدَّهَا فَأَشِرْ إِلَيْهِ ، غَيْرَ مَا ادَّعَيْتُمْ فِيهِ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، مِنْ رِوَايَةِ بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ ، وَنُظَرَائِهِوَلِمَنْ تَأَوَّلَ فِي التَّوْحِيدِ الصَّوَابَ لَقَدْ تَأَوَّلْتَ أَنْتَ فِيهِ غَيْرَ الصَّوَابِ ) نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد

 

قال أبو علي ابن البناء الحنبلي (471هــــ) في كتابه "المختار (وقد نص أحمد على تكفير جماعة من المتأولين، كالقائلين بخلق القرآن ونفي الرؤية .. والمعتزلة والجهمية وقطع أيضاً على كفر اللفظية )

 

قَالَ  البربهاريُّ   ( واعْلَم أنَّ الْخُرُوجَ مِنَ الطَّريقِ عَلَى وَجْهَين:

أمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَجَلٌ قَدْ زَلَّ عَنِ الطَّريقِ، وَهُو لاَ يُريْدُ إلاَّ الْخَير، فَلا يُقْتَدى بِزَلَّتِهِ، فَإنَّه هَالِكٌ.

وآخَر عَاندَ الْحَقَّ وخَالَفَ مَنْ كانَ قَبْلَهُ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ؛ فَهُو ضَالٌ مُضِلٌ، شَيْطَانٌ مَريدٌ فِي هَذهِ الأُمَّة، حَقيقٌ علَى مَنْ يَعْرِفْهُ أنْ يُحَذِّرَ النَّاسَ مِنْهُ، وَيُبَيِّنَ للنَّاسِ قِصَّتَهُ، لِئَلاَّ يَقَعَ أَحَدٌ فِي بِدْعَتهِ؛ فَيَهْلَك) شرح السُّنَّة  

 

انْظُر كَيْفَ وَصَفَهُ بِالهَلاكِ وَهُوَ لاَ يُرِيدُ إلاَّ الحَقَّ

 

قال محمد بن مفلح بن محمد المقدسي (قَالَ الْقَاضِي أبو يعلى فِي الْمُعْتَمَدِ : مَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِمْ مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ وَغَيْرِهِمْ ، فَجَائِزٌ لَعْنَتُهُمْ نَصَّ عَلَيْهِ ( أحمد بن حنبل ) ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي اللَّفْظِيَّةِ عَلَى مَنْ جَاءَ بِهَذَا : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، غَضَبُ اللَّهِ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ : هَتَكَ اللَّهُ الْخَبِيثَ ، وَعَنْ قَوْمٍ : أَخْزَاهُ اللَّهُ ) الآداب الشرعية والمنح المرعية 1 /271

 

وَ قَدْ انْغَمَسَ فِي هَذَا الضَلال الجَهْمِيَةُ اتْبَاعُ جَهْمٍ بِنُ صَفْوَانَ وَ مَنْ تَبِعَهُمُ مِنَ الأشْعَرِيَةِ اتْبَاعُ  أبُو الحَسَنِ الأشْعَرِي فِي تَأوِيلِ صِفَاتِ رَبِّّ البَرِيَةِ

 

قال الترمدي (رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَفَتَأَوَّلَتْ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ وَقَالُوا إِنَّ مَعْنَى الْيَدِ هَاهُنَا الْقُوَّةُ ) السنن

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي (أَخْبَرَنَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ ذُو سَمْعٍ وَبَصَرٍ، وَيَدَيْنِ، وَوَجْهٍ، وَنَفْسٍ، وَعِلْمٍ، وَكَلَامٍ، وَأَنَّهُ فَوْقَ عَرْشِهِ فَوْقَ سَمَوَاتِهِ، فَآمَنَّا بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، كَمَا وَصَفَهُ بِلَا تَكْيِيفٍ، وَنَفَيْتَهَا أَنْتَ عَنْهُ كُلَّهَا أَجْمَعَ بِعَمَايَاتٍ مِنَ الْحُجَجِ، وَتَكْيِيفٍ، فَادَّعَيْتَ أَنَّ وَجْهَهُ: كُلُّهُ، وَأَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِنَفْسٍ، وَأَنَّ سَمْعَهُ: إِدْرَاكُ الصَّوْتِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ بَصَرَهُ: مُشَاهَدَةُ الْأَلْوَانِ كَالْجِبَالِ وَالْحِجَارَةِ، وَالْأَصْنَامِ، الَّتِي تَنْظُرُ إِلَيْكِ بِعُيُونٍ لَا تُبْصِرُ، وَأَنَّ يَدَيْهِ: رِزْقَاهُ: مُوَسَّعُهُ وَمَقْتُورُهُ، وَأَنَّ عِلْمَهُ وَكَلَامَهُ مَخْلُوقَانِ مُحْدَثَانِ، وَأَنَّ أَسْمَاءَهُ  مُسْتَعَارَةٌ مَخْلُوقَةٌ مُحْدَثَةٌ، وَأَنَّ فَوْقَ عَرْشِهِ مِنْهُ مثل مَا هُوَ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ، وَأَنَّهُ فِي صِفَاتِهِ كَقَوْلِ النَّاسِ فِي كَذَا، وَكَقَوْلِ الْعَرَبِ فِي كَذَا، تَضْرِبُ لَهُ الْأَمْثَالَ تَشْبِيهًا بِغَيْرِ شَكْلِهَا، وَتَمْثِيلًا بِغَيْرِ مِثْلِهَا، فَأَيُّ تَكْيِيفٍ أَوْحَشَ مِنْ هَذَا إِذَا نَفَيْتَ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَغَيْرَهَا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الْأَمْثَالِ وَالضَّلَالَاتِ الْمُضِلَّاتِ؟ وَادَّعَيْتَ فِي تَأْوِيلِكَ أَنَّ مَعْبُودَكَ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ، أَبْكَمُ لَا يَتَكَلَّمُ، أَعْمَى لَا يُبْصِرُ، أَجْذَمُ لَا يَدَ لَهُ، مُقْعَدٌ لَا يَقُومُ، وَلَا يَتَحَرَّكُ، جَاهِلٌ لَا يَعْلَمُ، مُضْمَحِلٌّ ذَاهِبٌ لَا يُوصَفُ بِحَدٍّ وَلَا بِنَفْسٍ، وَلَا يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ فِي دَعْوَاكَ، وَهَذَا خِلَافُ صِفَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِمَعْرِفَتِهِ، وَطَبَعَ عَلَى قَلْبِكَ بِجَهَالَتِهِ، وَلَوْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ، وَعَقِلْتَ عَنِ اللَّهِ مَعْنَاهُ لَعَلِمْتَ يَقِينًا أَنَّهُ يُدْرَكُ بِحَاسَّةٍ بَيِّنَةٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَقَدْ أَدْرَكَ مِنْهَ مُوسَى فِي الدُّنْيَا الصَّوْتَ وَالْكَلَامَ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْحَوَاسِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) .) نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي (فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَبَاطِنُهُ يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ ذَلِكَ ، نَسْتَغْنِي فِيهِ بِالتَّنْزِيلِ عَنِ التَّفْسِيرِ ، وَيَعْرِفُهُ الْعَامَّةُ ، وَالْخَاصَّةُ ، فَلَيْسَ مِنْهُ لِمُتَأَوِّلٍ تَأَوُّلٌ ، إِلا لِمُكَذِّبٍ بِهِ فِي نَفْسِهِ ، مُسْتَتِرٍ بِالتَّأْوِيلِ ) الرد على الجهمية 101

 

و قال أيضا (فَرَأَيْنَا هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةَ أَفْحَشَ زَنْدَقَةً , وَأَظْهَرَ كُفْرًا , وَأَقْبَحَ تَأْوِيلا لِكِتَابِ اللَّهِ , وَرَدِّ صِفَاتِهِ فِيمَا بَلَغَنَا عَنْ هَؤُلاءِ الزَّنَادِقَةِ  الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيُّ عَلَيْهِ السَّلامُ وَحَرَّقَهُمْ ، فَمَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَتْلِ الزَّنَادِقَةِ ، لأَنَّهَا كُفْرٌ عِنْدَهُمَا ، وَأَنَّهُمْ عِنْدَهُمَا مِمَّنْ بَدَّلَ دِينَ اللَّهِ ... وَنُكَفِّرُهُمْ أَيْضًا بِالْمَشْهُورِ مِنْ كُفْرِهِمْ أَنَّهُمْ لا يُثْبِتُونَ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَجْهًا وَلا سَمْعًا وَلا بَصَرًا وَلا عِلْمًا وَلا كَلامًا وَلا صِفَةً إِلا بِتَأْوِيلِ ضُلالٍ ، افْتُضِحُوا وَتَبَيَّنَتْ عَوْرَاتُهُمْ ، يَقُولُونَ : سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِلْمُهُ وَكَلامُهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ ، وَفِي كُلِّ بَيْتٍ مُغْلَقٍ ، وَصُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ ، قَدْ أَحَاطَتْ بِهِ فِي دَعْوَاهُمْ حِيطَانُهُمْ وَأَغْلاقُهَا وَأَقْفَالُهَا ، فَإِلَى اللَّهِ نَبْرَأُ مِنْ إِلَهٍ هَذِهِ صِفَتُهُ ) الرد على الجهمية

 

قال عثمان بن سعيد الدارمي ( وَبَلَغَنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْمَرِيسِيِّ، قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْأَسَانِيدِ الْجِيَادِ الَّتِي يَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَيْنَا فِي رَدِّ مَذَاهِبِنَا، مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّكْذِيبُ بِهَا؟ مثل: سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَالزُّهْرِيُّ،  عَنْ سَالِمٍ، وَأَيُّوبَ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا أَشْبَهَهَا؟ قَالَ: فَقَالَ الْمَرِيسِيُّ: لَا تَرُدُّوهُ فَتُفْتَضَحُوا، وَلَكِنْ غَالِطُوهُمْ بِالتَّأْوِيلِ فَتَكُونُوا قَدْ رَدَدْتُمُوهَا بِلُطْفٍ، إِذْ لَمْ يُمْكِنُكُمْ رَدُّهَا بِعُنْفٍ) نقض الامام أبو سعيد على المريسي العنيد ص  556

 

قال عثمان ابن سعيد الدارمي (فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى مَخْلُوقَةٌ ، أَوْ مُسْتَعَارَةٌ ، فَقَدْ كَفَرَ ، وَفَجَرَ ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ : اللَّهُ فَهُوَ اللَّهُ ، وَإِذَا قُلْتَ : الرَّحْمَنُ فَهُوَ الرَّحْمَنُ وَهُوَ اللَّهُ ، وَإِذَا قُلْتَ : الرَّحِيمُ فَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِذَا قُلْتَ : حَكِيمٌ ، حَمِيدٌ ، مَجِيدٌ ، جَبَّارٌ ، مُتَكَبِّرٌ ، قَاهِرٌ ، قَادِرٌ فَهُوَ كَذَلِكَ اللَّهُ سَوَاءٌ ، لَا يُخَالِفُ اسْمٌ لَهُ صِفَتَهُ ، وَلَا صِفَتُهُ اسْمًا ) نقضه على المريسي

قال البربهاري (وكلّ ما سمعت من الآثارِ شيئًا ممَّا لم يبلغهُ عقلك، نحو قول رسُول اللهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( قُلوب العِباد بين أصْبعين من أصابع الرَّحمن عَزَّ وَجَلَّ )، وقوله: ( إنَّ اللهَ ينزلُ إلى السَّماء الدُّنيا ) و( ينزلُ يومَ عرفة ) و( ينزلُ يومَ القيامة ) و( إنَّ جهنَّم لا يزالُ يُطرح فيها؛ حتَّى يضع عليها قدمه، جلَّ ثناؤه )، وقول اللهِ تَعَالَى للعبد: ( إنْ مشيتَ إليَّ، هرولت إليك )، وقوله: ( خلقَ اللهُ آدم عَلَى صُورته )، وقول رسُول اللهِ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (  رأيتُ ربّي في أحسن صُورة )، وأشباه هذه الأحاديث، فعليكَ بالتَّسليم والتَّصديق والتَّفويض والرِّضا، ولا تُفسِّر شيئًا مِنْ هذه بهواك، فإنَّ الإيمان بهذا واجب فمَنْ فسَّر شيئًا مِنْ هذا بهواه، وردَّهُ؛ فهُو جَهْمِيٌّ، ومَنْ زعمَ أنَّهُ يرى ربّه في دار الدُّنيا فهُو كافرٌ باللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) شرح السنة 50

و يَقْصِدُ بِالتَفْوِيضِ تَفْوِيضُ الكَيْفِيَةِ

 

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ : ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : ثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَكِيمٍ السُّلَمِيُّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْمَهْدِيِّ بْنِ يُونُسَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ دَاوُدَ بْنَ طَلْحَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي حَنِيفَةَ الدَّوْسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ ، يَقُولُ : اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ ، مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، عَلَى الإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ ، وَالأَحَادِيثِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الثِّقَاتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ ، وَلا وَصْفٍ ، وَلا تَشْبِيهٍ , فَمَنْ فَسَّرَ الْيَوْمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ , فَقَدْ خَرَجَ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَصِفُوا وَلَمْ يُفَسِّرُوا , وَلَكِنْ أَفْتَوْا بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ثُمَّ سَكَتُوا , فَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ جَهْمٍ ، فَقَدْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ ، لأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُ بِصِفَةِ لا شَيْءَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

 

جاء في اجتماع الجيوش الإسلامية على حرب المعطلة والجهمية ص 174(   قال أبو العباس بن سريج :  لا نقول بتأويل المعتزلة، والأشعرية، والجهمية، والملحدة، والمجسمة، والمشبهة، والكرامية، والمكيفة، بل نقبلها بلا تأويل، ونؤمن بها بلا تمثيل، ونقول الإيمان بها واجب، والقول بها سنة، وابتغاء تأويلها بدعة  )

 

قال أبو محمد عبد الغاني المقدسي (واعلم ـ رحمك الله ـ أن الإسلام وأهله أتو من طوائف  ثلاث :

 فطائفة ردت أحاديث الصفات وكذبوا رواتها ، فهؤلاء أشد ضرراً على الإسلام وأهله من الكفار.

وأخرى قالوا بصحتها وقبولها، ثم تأولوها ، فهؤلاء أعظم ضرراً من الطائفة الأولى

والثالثة: جانبوا القولين الأولين، وأخذوا بزعمهم ـ ينزهون وهم يكذبون ، فأداهم ذلك إلى القولين الأولين،  وكانوا أعظم ضرراً من الطائفتين الأولتين ) الاقتصاد في الاعتقاد ص 222

 

قال أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكَرَجِيُّ (كُلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفْسَهُ ، أَوْ وَصَفَهُ بِهَا رَسُولُهُ ، فَلَيْسَتْ صِفَةَ مَجَازٍ ، وَلَوْ كَانَتْ صِفَةَ مَجَازٍ لَتَحَتَّمَ تَأْوِيلُهَا ، وَلَقِيلَ : مَعْنَى الْبَصَرِ كَذَا ، وَمَعْنَى السَّمْعِ كَذَا ، وَلَفُسِّرَتْ بِغَيْرِ السَّابِقِ إِلَى الْأَفْهَامِ ، فَلَمَّا كَانَ مَذْهَبُ السَّلَفِ إِقْرَارُهَا بِلَا تَأْوِيلٍ ، عُلِمَ  أَنَّهَا غَيْرُ مَحْمُولَةٍ عَلَى الْمَجَازِ ، وَإِنَّمَا هِيَ حَقٌّ بَيِّنٌ ) سير أعلام النبلاء

 

 

وَ هَذَا خِلافُ مَا عَلَيْهِ أهْلُ الاسْلاَمِ

قال تعالى (فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل

قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى

 قال إسماعيل بن محمد الأصبهاني قوام السنة (فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ سورة الشورى آية 11 فليس كمثله شيء ينفي كل تشبيه وتمثيل ، وهو السميع البصير ، ينفي كل تعطيل وتأويل ، فهذا مذهب أهل السنة والجماعة والأثر ، فمن فارق مذهبهم فارق السنة ، ومن اقتدى بهم وافق السنة ، ونحن بحمد اللَّه من المقتدين بهم ، المنتحلين لمذهبهم ، القائلين بفضلهم ، جمع اللَّه بيننا وبينهم فِي الدارين ، فالسنة طريقتنا ، وأهل الأثر أئمتنا ، فأحيانا اللَّه عليها وأماتنا برحمته إِنه قريب مجيب ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2   

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ ، نا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الأَشْيَبُ ، نا أَبُو هِلالٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمٍ ، نا رَجُلٌ ، أَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ ، قَالَ لِلْحَسَنِ :   هَلْ تَصِفُ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ أَصِفُهُ بِغَيْرِ مِثَالٍ ) السنة

قال  عثمان بن سعيد الدارمي (حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ ، ثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ :  لَيْسَ لِلَّهِ مثل ) نقضه على المريسي

قال الدارقطني في الصفات (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، ثنا عِيسَى بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ ، يَقُولُ :   كُلُّ شَيْءٍ وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآنِ ، فَقِرَاءَتُهُ تَفْسِيرُهُ ، لا كَيْفَ وَلا مِثْلَ ) مَا جَاءَ فِي الْحَثَيَاتِ للَّهِ بِيَدِهِ

قال الاجري  (حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ كُرْدِيٍّ ، قَالَ : نا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنِ " الأَحَادِيثِ الَّتِي يَرُدُّهَا الْجَهْمِيَّةُ فِي الصِّفَاتِ وَالإِسْرَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَقِصَّةِ الْعَرْشِ ؟ فَصَحَّحَهَا وَقَالَ : قَدْ تَلَقَّتْهَا الْعُلَمَاءُ بِالْقَبُولِ ، تُسَلَّمُ الأَخْبَارُ كَمَا جَاءَتْ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : هَذِهِ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الإِيمَانُ بِهَا ، وَلا يُقَالُ فِيهَا : كَيْفَ ؟ وَلِمَ ؟ بَلْ تُسْتَقْبَلُ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَتَرْكِ النَّظَرِ ) الشريعة

 

قال ابراهيم ابن أحمد شاقلا (هَذِهِ الأحاديث تلقاها العلماء بالقبول فليس لأحد أن يمنعها ولا يتأولها ولا يسقطها لأن الرسول - صَلَّى اللَّهُ  عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ كَانَ لها معنى عنده غير ظاهرها لبينه ولكان الصحابة حِينَ سمعوا ذَلِكَ من رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سألوه عن معنى غير ظاهرها فلما سكتوا وجب علينا أن نسكت حيث سكتوا ونقبل طوعا ما قبلوا ) طبقات الحنابلة 3/239

 

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن منده (وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَدَحَ نَفْسَهُ بِصِفَاتِهِ تَعَالَى ، وَدَعَا عِبَادِهِ إِلَى مَدْحِهِ بِذَلِكَ ، وَصَدَّقَ بِهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أَظْهَرَ لِعِبَادِهِ مِنْ ذِكْرِ نَفْسِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مَفْهُومًا عِنْدَ الْعَرَبِ غَيْرَ مُحَتَاجٍ إِلَى تَأْوِيَلَهَا ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ سورة الأنعام آية 54 ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَالَ اللهُ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ : " إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي " ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ : " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ ، إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي " ، فَبَيَّنَ مُرَادَ اللَّهِ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيَّنَ أَنَّ نَفْسَهُ قَدِيمٌ غَيْرُ فَانٍ بِفَنَاءِ الْخَلْقِ ، وَأَنَّ ذَاتَهُ لَا تُوصَفُ إِلَّا بِمَا وَصَفَ ، وَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّ الْمُجَاوِزَ وَصْفَهُمَا يُوجِبُ الْمُمَاثَلَةَ ، وَالتَّمَثُّلُ وَالتَّشْبِيهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالتَّحْقِيقِ وَلَا يَكُونُ بِاتِّفَاقِ الْأَسْمَاءِ ، وَإِنَّمَا وَافَقَ اسْمُ النَّفْسِ اسْمَ نَفْسِ الْإِنْسَانِ الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ نَفْسًا مَنْفُوسَةً ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَسْمَاءِ الَّتِي سَمَّى بِهَا خَلْقَهُ إِنَّمَا هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِخَلْقِهِ مَنَحَهَا عِبَادَهُ لِلْمَعْرِفَةِ ) التوحيد  3/7

 

 

قال أبو عبد الله القحطاني (لاَ تَفْتَكِرْ في ذَاتِ رَبِّكَ وَاعْتَبِرْ *** فِيمَا بِهِ يَتَصَرَّفُ الْمَلَوَانِ

وَاللهُ رَبِّي مَا تُكَيَّفُ ذَاتُهُ *** بِخَوَاطِرِ الأَوْهَامِ وَالأَذْهَانِ

أَمْرِرْ أَحَادِيثَ الصِّفَاتِ كَمَا أَتَتْ *** مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ هَذَيَانِ

هُوَ مَذْهَبُ الزُّهْرِي وَوَافَقَ مَالِكٌ *** وَكِلاَهُمَا في شَرْعِنَا عَلَمَانِ )نونيته

 

قال ابن رجب الحنبلي (وقال أَبُو القاسم بن منده في كتاب الرد على الجهمية : التأويل عند أصحاب الحديث : نوع من التكذيب ) ذيل  طبقات الحنابلة

 

بَيَانُ أنَّ الشَاك فِي الاسْلاَمِ غَيْرَ مَعْذُورِ

 

قال تعالى ( الم ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، ثَنَا حُرَيْزُ بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ الْفَزَارِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: الرَّيْبُ - يَعْنِي الشَّكَّ - مِنَ الْكُفْرِ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

 

قال تعالى ( وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَـكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) ابراهيم

قال ابن أبي حاتم (عن ابن عباس رضي الله عنهما، في الآية قال: " لما سمعوا كتاب الله، عجبوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم،" وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ "، يقولون: لا نصدقكم فيما جئتم به، فإن عندنا فيه شكًا قويًا

حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ ، ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ وَكَذَبُوا، وَاللَّهِ مَا فِي اللَّهِ شَكٌّ فِي مَنْ فَطَرَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ، وَأَظْهَرَ لَكُمْ مِنَ الْآلَاءِ وَالنِّعَمِ الْمُتَظَاهِرَةِ مَا لَا يُشَكُّ فِي اللَّهِ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ   إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَـكٍّ مُّرِيبٍ ) سبإ

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - : وَحِيلَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ حِينَ عَايَنُوا بَأْسَ اللَّهِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ ; إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلُ فِي الدُّنْيَا فِي شَكٍّ ، مِنْ نُزُولِ الْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ وَعَايَنُوهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (وَقَوله: {إِنَّهُم كَانُوا فِي شكّ مريب} أَي: فِي شكّ مرتابين، وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن الشاك كَافِر بِخِلَاف مَا قَالَه بعض النَّاس، وَهُوَ غلط عَظِيم فِي الدّين، وَقد دلّت هَذِه الْآيَة على أَن الشاك كَافِر وَهُوَ فِي النَّار، وَكَذَلِكَ دلّ على هَذَا قَوْله تَعَالَى: {وَمَا خلقنَا السَّمَاء وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا بَاطِلا ذَلِك ظن الَّذين كفرُوا فويل للَّذين كفرُوا من النَّار} فقد أوجب لَهُم الْكفْر وَالنَّار بِالظَّنِّ ) تفسير السمعاني

و قال تعالى ( قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ  إِن كُنتُمْ فِي شَـكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ ) يونس

قال ابن جرير الطبري (وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ : إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي ، فَلَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِيهِ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِي الَّذِي أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَعْقِلُ شَيْئًا وَلَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ . فَأَمَّا دَيْنِي فَلَا يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَشُكُّوا فِيهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (إِن كُنْتُم فِي شكّ فلست فِي شكّ، وَلَا أعبد إِلَّا الله على يَقِين وبصيرة ) تفسير السمعاني

قال تعالى ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ  قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ الساعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا  قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَواكَ رَجُلًا لَكِنا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) الكهف

قال بن أبي زمنين ('قَالَ مَا أَظُنُّ' أَيْ: مَا أُوْقِنُ  ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى ( وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ  وَلَٰكِن ظَنـنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ وَذَٰلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ  فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) فصلت

 

قال تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ) ص

قال أبو المظفر السمعاني (وَهَذَا دَلِيل على أَن الله تَعَالَى يعذب الْكفَّار بِالظَّنِّ الْبَاطِل، وَقَوله: {فويل للَّذين كفرُوا من النَّار} أَي: من نَار جَهَنَّم ) تفسير السمعاني

قال الامام مسلم (بَاب مَنْ لَقِيَ اللَّهِ بَالإِيمَانِ وَهُوَ غَيْرُ شَاكٍّ فِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَحَرُمَ عَلَى النَّار

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، قَالَ : فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ ، قَالَ : حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ ، قَالَ : فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا ، قَالَ : فَفَعَلَ ، قَالَ : فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ ، قَالَ : وَقَالَ مُجَاهِدٌ : وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ ، قُلْتُ : وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى ؟ قَالَ : كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ ، قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ ، قَالَ : فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ : " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) كتاب الايمان

 

قال أبو عبد الله بن بطة (فَلَمَّا أَنْ لَزِمَ قُلُوبَهُمْ هَذَا الإِشْفَاقُ , لَزِمُوا الاسْتِثْنَاءَ فِي كَلامِهِمْ , وَفِي مُسْتَقْبَلِ أَعْمَالِهِمْ , فَمِنْ صِفَةِ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ : أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ , لا عَلَى وَجْهِ الشَّكِّ , وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّكِّ فِي الإِيمَانِ , لأَنَّ الإِيمَانَ إِقْرَارٌ لِلَّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ , وَخُضُوعٌ لَهُ فِي الْعُبُودِيَّةِ , وَتَصْدِيقٌ لَهُ فِي كُلِّ مَا قَالَ وَأَمَرَ وَنَهَى . فَالشَّـاكُّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا كَـافِـرٌ لا مَحَالَـةَ ) الابانة الكبرى

 

قال عثمان ابن سعيد الدارمي (وَاللَّهُ الْمُتَعَالِي عَنْ هَذَا الْوَصْفِ الْمُنَزَّهُ عَنْهُ ، لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ هِيَ تَحْقِيقُ صِفَاتِهِ ، سَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ : عَبَدْتُ اللَّهَ ، أَوْ عَبَدْتُ الرَّحْمَنَ ، أَوِ الرَّحِيمَ ، أَوِ الْمَلِكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ ، وَسَوَاءٌ عَلَى الرَّجُلِ ، قَالَ : كَفَرْتُ بِاللَّهِ ، أَوْ قَالَ : كَفَرْتُ بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، أَوِ الْخَالِقِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ : عَبْدُ اللَّهِ ، أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، أَوْ عَبْدُ الْعَزِيزِ ، أَوْ عَبْدُ الْمَجِيدِ ، وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ قُلْتَ : يَا اللَّهُ يَا رَحْمَنُ ، أَوْ يَا رَحِيمُ ، أَوْ يَا مَلِكُ يَا عَزِيزُ يَا جَبَّارُ ، بِأَيِّ اسْمٍ دَعَوْتَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ ، أَوْ أَضَفْتَهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّمَا تَدْعُو اللَّهَ نَفْسَهُ ، مَنْ شَكَّ فِيهِ ، فَقَدْ كَفَرَ ) نقضه على المريسي

 

قال البرزلي القيرواني   ( قال الفقيه القاضي عيسى بن سهل الأسدي الجياني : عندي أن البدع نوعان: فالواحد منهما كفر صراح لا خفاء به و ضلالة, كقول بعض الرافضة إن عليا إله من دون الله, تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا, و كقول صنف منهم يقال لهم الجمهورية إن عليا نبي مبعوث وإن جبريل غلط بُعث إليه فأتى محمدا. و القائل بهذا كعابد وثن وكافر مفتر على الله مخلد في النار, و لا يُبرح رائحة الجنة أبدا. من قال غير هذا أو ارتاب فيه فهو كافر ) نوازل البرزلي  ج 6 ص 186

 

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ الْمُطَوِّعِيُّ , قَالَ : حَضَرْتُ بَابَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , فَجَاءَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ وَانِ الْقُطْنِ , فَقَالُوا : إِنَّ هَا هُنَا رَجُلاً قَدْ عَلِقَ بِقَلْبِهِ مَذْهَبُ ابْنِ الأَشْعَثِ , وَقَالَ : إِنَّهُ مَا قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فَأَنَا أَصِيرُ إِلَيْهِ . فَقَالَ : جِيئُوا بِهِ . فَجَاءَ الرَّجُلُ , فَقَالَ أَحْمَدُ : مَا لَكُمْ وَلِلْجَدَلِ ؟ مَا لَكُمْ وَلِلْكَلاَمِ ؟ مَا لَكُمْ وَلِلْخُصُومَةِ ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا , تَنْهَى عَنِ الْجِدَالِ وَعَنِ الْكَلاَمِ وَعَنِ الْخُصُومَةِ . فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ الَّذِينَ جَاؤُوا بِهِ : إِنَّ هَذَا السَّاعَةَ يَذْهَبُ فَيَقُولُ : ذَهَبْتُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَنَهَانِي عَنِ الْجِدَالِ , وَالْكَلاَمِ , وَالْخُصُومَةِ , وَيَسْكُتُ عَلَى الشَّكِّ , فَقَالَ أَحْمَدُ : مَنْ شَكَّ فَهُوَ كَافِرٌ ) كتاب السنة

 

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عِصْمَةُ بْنُ أَبِي عِصْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " صَارُوا ثَلاثَ فِرَقٍ فِي الْقُرْآنِ، قُلْتُ: نَعَمْ، هُمْ ثَلاثٌ: الْجَهْمِيَّةُ، وَالْوَاقِفَةُ، وَاللَّفْظِيَّةُ، فَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَهُمْ يَكْشِفُونَ أَمْرَهُمْ، يَقُولُونَ: مَخْلُوقٌ، قَالَ: كُلُّهُمْ جَهْمِيَّةٌ، هَؤُلاءِ يَسْتَتِرُونَ، فَإِذَا أَحْرَجْتَهُمْ، كَشَفُوا الْجَهْمِيَّةَ، فَكُلُّهُمْ جَهْمِيَّةٌ، قَالَ اللَّهُ  عز وجل : ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) ، وَقَالَ: (  وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ )، فَيَسْمَعُ مَخْلُوقًا، وَجِبْرِيلُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم  بِمَخْلُوقٍ  قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: " مَنْ شَكَّ فَقَدْ كَفَرَ ".قَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا عِنْدَهُ، فقَالَ: " إِنَّ لِي قَرَابَةً يَقُولُ بِالشَّكِّ؟ قَالَ: فقَالَ وَهُوَ شَدِيدُ الْغَضَبِ: مَنْ شَكَّ فَهُوَ كَافِرٌ ".قَالَ: وَقَالَ رَجُلٌ: " الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، قَالَ: فقَالَ: هَذَا قَوْلُنَا، مَنْ شَكَّ فَهُوَ كَافِرٌ، قَالَ: فقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا

حَدَّثَنِي أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمْدَانَ الْعَسْكَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، يَقُولُ: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ فَهُوَ كَافِرٌ ) الابانة الكبرى

 

 

جاء في شرح مذهب أهل السنة لابن شاهين  (قَالَ أَحْمَدُ، قَالَ يَزِيدُ، قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ " وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ الْجَهْمِيَّةِ فَهُوَ كَافِرٌ )

 

قال إسماعيل بن محمد الأصبهاني قوام السنة  (أخبرنا طلحة بْن الحسين الصالحاني، أنا جدي أَبُو ذر الصالحاني، أنا أَبُو الشيخ قَالَ: إِن القرآن كلام اللَّه تكلم به، فيه أمره ونهيه ووعده ووعيده، وذكر رحمته ونقمته، وعذابه وسخطه، وذكر النعيم والمنن، والأهوال والشدائد فِي الترغيب والترهيب، بقوله الصادق وعلمه النافذ ومشيئته السابقة وحجته البالغة، وذكر سلطانه الدائم، وليس منها شيء مخلوق لأَنَّهَا كلها قوله من علمه الأزلي من أوله إِلَى آخره كلام اللَّه غير مخلوق، فالمنكر فيه كالشاك والشك والإِنكار فيه كفر، فالمنكر الجهمي والشاك الواقفي، وهو كلامه فِي الأحوال كلها حيث تلي وتصرف فِي الدفتين بين اللوحين، وفي صدور الرجال، وحيث ما قرئ فِي المحاريب وغيرها، وحيث ما سمع أو حفظ، أو كتب، أو تلي، منه بدا وإِلَيْهِ يعود، ومن زعم أن القرآن أو بعضه، أو شيئا منه مخلوق، فلا يشك فيه عندنا وعند أهل السنة والفضل والدين أنه كافر كفرا انتقل به عَنِ الملة ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2

 

الشَكُّ دِينُ أهْلِ النِفَاقِ

قال تعالى ( مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) النساء

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ : " مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ " ، يَقُولُ : لَيْسُوا بِمُؤْمِنِينَ مُخْلِصِينَ ، وَلَا مُشْرِكِينَ مُصَرِّحِينَ بِالشِّرْكِ . قَالَ : وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَضْرِبُ مَثَلًا لِلْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ وَالْكَافِرِ ، كَمَثَلِ رَهْطٍ ثَلَاثَةٍ دَفَعُوا إِلَى نَهْرٍ ، فَوَقَعَ الْمُؤْمِنُ فَقَطَعَ ، ثُمَّ وَقَعَ الْمُنَافِقُ حَتَّى إِذَا كَادَ يَصِلُ إِلَى الْمُؤْمِنِ نَادَاهُ الْكَافِرُ : أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ! وَنَادَاهُ الْمُؤْمِنُ : أَنْ هَلُمَّ إِلَيَّ ، فَإِنَّ عِنْدِي وَعِنْدِي! يُحْصِي لَهُ مَا عِنْدَهُ . فَمَا زَالَ الْمُنَافِقُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ آذِيٌّ فَغَرَّقَهُ . وَإِنَّ الْمُنَافِـقَ لَمْ يَزَلْ فِي شَـكٍّ وَشُبْهَةٍ ، حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ وَهُوَ كَذَلِكَ ) جامع البيان في تأويل القرآن   

 

قال البخاري في صحيحه ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَال : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ امْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّهَا قَالَتْ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي ، فَقُلْتُ : مَا لِلنَّاسِ ، فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ ، وَقَالَتْ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، فَقُلْتُ : آيَةٌ فَأَشَارَتْ ، أَيْ نَعَمْ ، قَالَتْ : فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا ، قَالَتْ أَسْمَاءُ : يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ : مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوِ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ ، قَالَتْ أَسْمَاءُ : فَيَقُولُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا ، فَيُقَالُ لَهُ نَمْ صَالِحًا فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا  وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِي أَيَّتَهُمَا " ، قَالَتْ أَسْمَاءُ : فَيَقُولُ لَا أَدْرِي ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ) تاب الجمعة - أَبْوَابُ الْكُسُوف

 

بِخِلافِ أهْلِ الايمَانِ الذِينَ لاَ يَشُكُونَ وَ لاَ يَرْتَابُونَ فِي تَوْحِيدِهِمْ بَلْ مُتَيَقِّنِينَ

قال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ  ثُمَّ لَـمْ يرْتَـابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) الحجرات

قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ  وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُــونَ ) البقرة

قال تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ ، ثَنَا شَبَابَةُ ، ثَنَا وَرْقَاءُ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَوْلَهُ: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ قَالَ: شَكًّا ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ  أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ، قَالَ: فَنَفِدَتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ، قَالَ: حَتَّى هَمَّ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عَلَيْهَا، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ، قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: وَذُو النَّوَاةِ بِنَوَاهُ، قُلْتُ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟ قَالَ: كَانُوا يَمُصُّونَهُ وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا  حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: " أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) كتاب الايمان

قال الامام أحمد في المسند (حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ وَقَالَ عَبْد اللَّهِ وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ هَارُونَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ خَالِدٍ الدُّؤَلِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّضْرَ بْنَ سُفْيَانَ الدُّؤَلِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَلَعَاتِ الْيَمَنِ فَقَامَ بِلَالٌ يُنَادِي فَلَمَّا سَكَتَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  مَنْ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ هَذَا يَقِيـنًا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) مسند أبي هريرة رضي الله عنه

 

الصَحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ لَمْ يَرْتَابُوا

جاء في أحاديث الشعر لعبد الغني المقدسي (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنُ عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْخَلِّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ ، أَخْبَرَنَا دَعْلَجُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ دَعْلَجٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الصَّائِغُ ، أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شَبِيبٍ ، حَدَّثَهُ قَالَ : وَأَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ " تَدْعُو عَلَى مَنْ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ : يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ ، فَتَقُولُ عَائِشَةُ : واللَّهِ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَ شِعْرٍ فِي جَاهِلِيَّةٍ ، وَلَا فِي إِسْلَامٍ قَطُّ ، وَمَا ارْتَابَ فِي اللَّهِ مُذْ أَسْلَمَ ، وَلَقَدْ تَرَكَ هُوَ وَعُثْمَانُ شُرْبَ الْخَمْرِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَلَكِنْ قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِلَابِ بْنِ عَوْفٍ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي كِلَابٍ ، يُقَالُ لَهَا : أُمُّ بَكْرٍ ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ ، طَلَّقَهَا ، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الْكِلَابِيُّ الَّذِي قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ ، رَثَى بِهَا أَهْلَ بَدْرٍ حِينَ قُتِلُوا : وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ مِنَ الشِّيزَى تُزَيَّنُ بِالسَّنَامِ تُحَيِّي بِالسَلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ يُحَدِّثُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ ، قَالَتْ عَائِشَةُ : فَنَحَلَهَا النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي طَلَّقَ أَبُو بَكْرٍ )  بَابُ : مَا وَرَدَ فِي الشِّعْرِ

 

 

بَيَانُ أنَّ عُذْرَ المُخْطِئَ الجَاهِلَ هِيَ عَقِيدَةُ المُعْتَزِلَةِ

 

جاء في المسودة في أصول الفقه  (مسألة المصيب في الأصوليات من المجتهدين واحد وهو قول الجماعة وحكي عن عبد الله العنبري  ( أنه قال المجتهدون من أهل القبلة مصيبون مع اختلافهم ) .

قال شيخنا قال أبو المعالي ومما يداني مذهب العنبري مذهب أقوام قالوا: المصيب واحد في الأصول ولكن المخطئ معذور ويستحق الثواب لأنه بذل جهده فتجرى أحكام الكفرة على الكفرة ويقاتلون في الدنيا لأمر الشارع بذلك ولكن يثابون في الآخرة إذا لم يكونوا معاندين وقد يتمسكون في هذا المذهب بقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا}   الآية.

وقال الجاحظ وثمامة المعارف ضرورية وما أمر الرب الخلق بمعرفته ولا بالنظر بل من حصلت له المعرفة وفاقا فهو مأمور بالطاعة فمن عرف وأطاع استحق الثواب ومن عرف ولم يطع خلد في النار وأما من جهل الرب فليس مكلفا فإن مات  جاهلا لم يعاقب ثم منهم من قال يصير ترابا ومنهم من قال يصير إلى الجنة فعوام الكفرة أحسن حالا من فسقة العارفين بالله وشنع على هذه المذاهب بعد شناعه على العنبري.

قال والمخطئ في الأصول لا شك في تأثيمه وتفسيقه وتبديعه وتضليله واختلف في تكفيره فمال بعض أئمتنا إلى أن كل من قال قولا يقود إلى ما هو كفر بالاجماع بكفر كمن قال: "إنه ليس بعالم" يكفر فمن قال ليس له علم وقدره يكفر ومال البغدادي إلى هذا القول وحكاه عن أبى الحسن في مواضع وكان الإمام أبو سهل الصعلوكي لا يكفره فقيل له إلا تكفر من  كفرك فعاد إلى القول بأنه كفر وهذا مذهب المعتزلة فهم يكفرون خصومهم ويكفر كل فريق منهم الآخرين.

قال وصار معظم أصحابنا إلى ترك التكفير لمن قال قولا يعود إلى الكفر ويلزمه وقالوا إنما يكفر من جهل وجود الرب أما من علم  وجوده ولكن فعل فعلا أو قال قولا أجمعت الأمة على أنه لا يصدر إلا من كافر فلا ومعظم كلام أبى الحسن يدل على هذا وهو اختيار القاضي في كتاب إكفار المتأولين ) أحكام المجتهد والمقلد وغير ذلك

 

 

قال بدر الدِّين محمَّد بن عبد الله الزركشى  ( وقال عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة: كل مجتهد في الأصول مصيب، ونقل مثله عن الجاحظ، ويلزم من مذهب العنبري أن لا يكون أحد من المخالفين في الدين مخطئا، وأما الجاحظ فجعل الحق في هذه المسائل واحدا، ولكنه يجعل المخطئ في جميعها غير آثم، أما رأي العنبري فبين الاستحالة، فإنه يستحيل أن يكون الحق أن العالم قديم وأنه محدث، وأما رأي الجاحظ فباطل، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قاتل اليهود والنصارى، وكذلك الصحابة، ولولا أنهم مخطئون لما كان كذلك، قال ابن السمعاني: وكان ابن العنبري يقول في مثبتي القدر: هؤلاء عظموا الله، وفي نافي القدر: هؤلاء نزهوا الله، وقد استبشع هذا القول منه، فإنه يقتضي تصويب اليهود والنصارى وسائر الكفار في اجتهادهم، قال: ولعله أراد أصول الديانات التي اختلف فيها أهل القبلة، كالرؤية وخلق الأفعال ونحوه، وأما ما اختلف فيه المسلمون وغيرهم من أهل الملل، كاليهود والنصارى والمجوس، فهذا مما يقطع فيه بقول أهل الإسلام ) البحر المحيط ج 8 ص 276 و 277

 

 

قال محمد بن محمد الغزالي (مَسْأَلَةَ ذَهَبَ الْجَاحِظُ إلَى أَنَّ مُخَالِفَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالدَّهْرِيَّةِ : إنْ كَانَ مُعَانِدًا عَلَى خِلَافِ اعْتِقَادِهِ فَهُوَ آثِمٌ ، وَإِنْ نَظَرَ فَعَجَزَ عَنْ دَرْكِ الْحَقِّ فَهُوَ مَعْذُورٌ غَيْرُ آثِمٍ ، وَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَعْرِفْ وُجُوبَ النَّظَرِ فَهُوَ أَيْضًا مَعْذُورٌ . وَإِنَّمَا الْآثِمُ الْمُعَذَّبُ هُوَ الْمُعَانِدُ فَقَطْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَهَؤُلَاءِ قَدْ عَجَزُوا عَنْ دَرْكِ الْحَقِّ وَلَزِمُوا عَقَائِدَهُمْ خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إذْ اسْتَدَّ عَلَيْهِمْ طَرِيقُ الْمَعْرِفَةِ ) المستصفى  - الحكم الأول في تأثيم المخطئ في الاجتهاد

 

قال ابن قدامة (وزعم الجاحظ : أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر، فعجز عن درك الحقِّ: فهو معذور غير آثم وقال عبيد الله بن الحسن العنبري : كل مجتهد مصيب في الأصول والفروع جميعًا. وهذه كلها أقاويل باطلة. أما الذي ذهب إليه الجاحظ: فباطل يقينًا، وكفر بالله- تعالى- وردٌّ عليه وعلى رسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فإنا نعلم – قطعًا – أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتِّباعه، وذمهم على إصرارهم. ونقاتل جميعهم، ونقتل البالغ منهم. ونعلم: أن المعاند العارف مما يقل، وإنما الأكثر مقلدة، اعتقدوا دين آبائهم تقليدًا، ولم يعرفوا معجزة الرسول وصدقه.. والآيات الدالّة في القرآن على هذا كثيرة: كقوله تعالى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}  ، {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}  ، {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}  ، {يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ}  ، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}  ، {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِه ِ } وفي الجملة: ذم المكذبين لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-مما لا ينحصر في الكتاب والسنة. وقول العنبري: "كل مجتهد مصيب" إن أراد: أنهم لم يؤمروا إلا بما هم عليه: فهو كقول الجاحظ. وإن أراد: أن ما اعتقده فهو على اعتقاده: فمحال؛ إذ كيف يكون قِدَمُ العالم وحدوثه حقًّا، وتصديق الرسول وتكذيبه، ووجود الشيء ونفيه وهذه أمور ذاتية، لا تتبع الاعتقاد، بل الاعتقاد يتبعها؟! فهذا شر من مذهب الجاحظ، بل شر من مذهب السوفسطائية : فإنهم نفوا حقائق الأشياء، وهذا أثبتها، وجعلها تابعة للمعتقدات  وقد قيل: إنما أراد  اختلاف المسلمين وهو  باطل كيفما كان؛ إذ كيف يكون القرآن قديمًا مخلوقًا، والرؤية محالًا ممكنًا وهذا محالٌ؟! ) روضة الناظر وجنة المناظر -   فصل في خطأ المجتهد وإصابته

 

 

بَيَانُ أنَّه لاَ فَرْقَ فِي الحُكْمِ بَيْنَ الكَافِرِ وَ المُسْلِمِ اذَا تَلَبَّّسَا بِالشِرْكِ

قال تعالى (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً  ) النساء

قال ابن جرير الطبري (" فَتَكُونُونَ سَوَاءً " ، يَقُولُ : فَتَكُونُونَ كُفَّارًا مِثْلَهُمْ ، وَتَسْتَوُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ فِي الشِّرْكِ بِاللَّهِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال ابن أبي زمنين ({وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فتكونون سَوَاء} أَي: فِي الْكفْر شَرْعًا سَوَاء ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

و قال تعالى (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُولَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ ) القمر

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : ثَنَا مِهْرَانُ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ( أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ ) قَالَ : كُفَّارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ ) جامع البيان في تأويل القرآن

وَ قَدْ حَذَّرَ سُبْحَانَهُ الأنْبِيَاءَ وَهُمْ سَادَةُ المُسْلِمِينَ مَن أنْ يُشْرِكُوا فَتَحْبَطَ أعْمَالَهُمُ

قال تعالى (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) الزمر

قال ابن جرير الطبري (وَلَقَدْ أَوْحَى إِلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ ، وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ مِنَ الرُّسُلِ ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) يَقُولُ : لَئِنْ أَشْرَكْتَ بِاللَّهِ شَيْئًا يَا مُحَمَّدُ ، لَيَبْطُلَنَّ عَمَلُكَ ، وَلَا تَنَالُ بِهِ ثَوَابًا ، وَلَا تُدْرِكُ جَزَاءً إِلَّا جَزَاءَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ مِنَ الرُّسُلِ مِنْ ذَلِكَ ، مِثْلَ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْهُ ، فَاحْذَرْ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا فَتَهْلَكَ مَعْنَى قَوْلِهِ : ( وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْهَالِكِينَ بِالْإِشْرَاكِ  بِاللَّهِ إِنْ أَشْرَكْتَ بِهِ شَيْئًا ) جامع البيان في تأويل القران  

 

 

قال تعالى (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن الزُّبَيْر : { اِبْتِغَاء الْفِتْنَة } أَيْ اللَّبْس .

وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ : إِرَادَة الشُّبُهَات وَاللَّبْس . فَمَعْنَى الْكَلَام إِذًا : فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَيْل عَنْ الْحَقّ وَحَيْف عَنْهُ , فَيَتَّبِعُونَ مِنْ آي الْكِتَاب مَا تَشَابَهَتْ أَلْفَاظه , وَاحْتَمَلَ صَرْفه فِي وُجُوه التَّأْوِيلَات , بِاحْتِمَالِهِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَة إِرَادَة اللَّبْس عَلَى نَفْسه وَعَلَى غَيْره , اِحْتِجَاجًا بِهِ عَلَى بَاطِله الَّذِي مَالَ إِلَيْهِ قَلْبه دُون الْحَقّ الَّذِي أَبَانَهُ اللَّه فَأَوْضَحَهُ بِالْمُحْكَمَاتِ مِنْ آي كِتَابه . وَهَذِهِ الْآيَة وَإِنْ كَانَتْ نَزَلَتْ فِيمَنْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ مِنْ أَهْل الشِّرْك , فَإِنَّهُ مَعْنِيّ بِهَا كُلّ مُبْتَدِع فِي دِين اللَّه بِدْعَة , فَمَالَ قَلْبه إِلَيْهَا , تَأْوِيلًا مِنْهُ لِبَعْضِ مُتَشَابِه آي الْقُرْآن , ثُمَّ حَاجَّ بِهِ وَجَادَلَ بِهِ أَهْل الْحَقّ , وَعَدَلَ عَنْ الْوَاضِح مِنْ أَدِلَّة آيِهِ الْمُحْكَمَات إِرَادَة مِنْهُ بِذَلِكَ اللَّبْس عَلَى أَهْل الْحَقّ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ , وَطَلَبًا لِعِلْمِ تَأْوِيل مَا تَشَابَهَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ , وَأَيّ أَصْنَاف الْبِدْعَة كَانَ مِنْ أَهْل النَّصْرَانِيَّة كَانَ أَوْ الْيَهُودِيَّة أَوْ الْمَجُوسِيَّة , أَوْ كَانَ سَبَئِيًّا , أَوْ حَرُورِيًّا , أَوْ قَدَرِيًّا , أَوْ جَهْمِيًّا , كَاَلَّذِي قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَإِذَا رَأَيْتُمْ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ بِهِ فَهُمْ الَّذِينَ عَنَى اللَّه فَاحْذَرُوهُمْ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ بَهْزٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ أُولَاءِ وَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَنْ لَا آتِيَكَ ، وَلَا آتِيَ دِينَكَ ، وَإِنِّي قَدْ جِئْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ ، وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ ، بِمَ بَعَثَكَ رَبُّنَا إِلَيْنَا ؟ قَالَ : " بِالْإِسْلَامِ " قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا آيَةُ الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ : " أَنْ تَقُولَ : أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَتَخَلَّيْتُ ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ ، وَكُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ ، أَخَوَانِ نَصِيرَانِ , لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُشْرِكٍ يُشْرِكُ ، بَعْدَ مَا أَسْلَمَ عَمَلًا ، أَوْ يُفَارِقُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، مَا لِي أُمْسِكُ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ ! أَلَا إِنَّ رَبِّي دَاعِيَّ ، وَإِنَّهُ سَائِلِي , هَلْ بَلَّغْتَ عِبَادِي ؟ وَأَنَا قَائِلٌ لَهُ : رَبِّ قَدْ بَلَّغْتُهُمْ , أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ , ثُمَّ إِنَّكُمْ مَدْعُوُّونَ وَمُفَدَّمَةٌ أَفْوَاهُكُمْ بِالْفِدَامِ ، وَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُبِينُ " , وَقَالَ بِوَاسِطٍ " يُتَرْجِمُ " , قَالَ : وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذَا دِينُنَا ؟ قَالَ : " هَذَا دِينُكُمْ ، وَأَيْنَمَا تُحْسِنْ يَكْفِكَ ) المسند - أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ

وَ قَدْ أخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَّةِ أقْوَام وَ كُفْرِهِم بِاللهِ فِي اَخِرِ الزَمَانِ

قال الترمدي ( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَلْحَقَ قَبَائِلُ مِنْ أُمَّتِي بِالْمُشْرِكِينَ ، وَحَتَّى يَعْبُدُوا الْأَوْثَانَ ، وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي )  كِتَاب الْفِتَنِ

قال البخاري ( حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ وَذُو الْخَلَصَةِ طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ) بَاب تَغْيِيرِ الزَّمَانِ حَتَّى تُعْبَدَ الْأَوْثَانُ

 

قال مسلم ( حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ وَأَبُو مَعْنٍ زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ وَاللَّفْظُ لِأَبِي مَعْنٍ قَالَا حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍعَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا يَذْهَبُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللَّاتُ وَالْعُزَّىفَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ ذَلِكَ تَامًّا قَالَ إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَيَبْقَى مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ فَيَرْجِعُونَ إِلَى دِينِ آبَائِهِمْ  )  باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة

 

 

وَ لَمْ يَعْذِر السَلَفُ مَنْ كَفَرَ بِدَعْوَى أنَّّّهُ مُسْلِمٌ

قال ابو بكر الخلال ( أَخْبَرَنِي حَرْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكَرْمَانِيُّ ، قَالَ : ثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْفِرْيَابِيُّ ، وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَمَّنْ شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ ، قَالَ : كَافِرٌ ، قَالَ : فَيُصَلَّى عَلَيْهِ ؟ قَالَ : لا ، وَسَأَلْتُهُ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ وَهُو يَقُولُ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ؟ قَالَ : لا تَمَسُّوهُ بِأَيْدِيكُمْ ، ارْفَعُوهُ بِالْخَشَبِ حَتَّى تُوَارُوهُ فِي حُفْرَتِهِ  ) كتاب السنة

قال إسماعيل بن يحيى المزني (والإمساك عَن تَكْفِير أهل الْقبْلَة والبراءة مِنْهُم فِيمَا أَحْدَثُوا مَا لم يبتدعوا ضلالا فَمن ابتدع مِنْهُم ضلالا كَانَ على أهل الْقبْلَة خَارِجا وَمن الدّين مارقا ويتقرب إِلَى الله عز وَجل بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ ويهجر ويحتقر وتجتنب غدته فَهِيَ أعدى من غُدَّة الجرب ) شرح السنة

 

 قال  أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري القرشي ( ت: 197 هـ) ( وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إِذَا أَشْرَكَ الْمُسْلِمُ دُعِيَ إِلَى الإِسْلامِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ , فَإِنْ أَبَى ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ) كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب

 

بَيَانُ أنَّ الجَنَة لاَ يَدْخُلُهَا الاَّ مُسْلِمٌ   لَا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئًا

قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ  ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ ) الزخرف

قال تعالى (وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ  بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة

قال مسلم (حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الْغَيْلَانِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا قُرَّةُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ )  باب من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات مشركا دخل النار

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ حَدَّثَنَا وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي أَوْ قَالَ بَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ )  كِتَاب الْجَنَائِزِ بَاب مَا جَاءَ فِي الْجَنَائِزِ وَمَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

قال البخاري (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ) باب درجات المجاهدين في سبيل الله

قال البخاري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ فِي قُبَّةٍ فَقَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَتَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَمَا أَنْتُمْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ إِلَّا كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ أَوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَحْمَرِ ) باب كيف الحشر

قال البخاري (حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ المُزَنِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ المُغِيرَةُ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: «أَنَّهُ مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الجَنَّةِ ) كتاب التوحيد -  باب قول الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالاته)

قال البخاري (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِي الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ وَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَأَثْبَتَتْهُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ الَّذِي تَحَدَّثْتَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَدْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ الْقِتَالِ فَكَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَكَادَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَرْتَابُ فَبَيْنَمَا هُوَ عَلَى ذَلِكَ إِذْ وَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحِ فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ فَانْتَزَعَ مِنْهَا سَهْمًا فَانْتَحَرَ بِهَا فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ قَدْ انْتَحَرَ فُلَانٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ ) بَاب الْعَمَلُ بِالْخَوَاتِيمِ

قال مسلم (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ ) بَاب غِلَظِ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ

قفال أحمد (حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ ) حديث بشر بن سحيم رضي الله تعالى عنه

 قال إسماعيل بن محمد الأصبهاني قوام السنة (حَدَّثَنَا الطَّبَرَانِيُّ ، نا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التُّسْتَرِيُّ ، نا يَحْيَى بْنُ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ ، نا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، نا عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ ، وَخَلَفُ بْنُ حَوْشَبٍ ، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :  إِنَّ أُنَاسًا يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِذُنُوبٍ أَصَابُوهَا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ فَيُجْعَلُونَ عَلَى نَهَرٍ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَيَرُشُّ عَلَيْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ ) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2

فأَهْلِ التَّوْحِيدِ يَّنْتَهِي بِهِمُ الأمْرُ فِي الجَنَّةِ بِخِلاَفِ أهْلِ الشِرْكِ  فَمُنْتَهَاهُمُ الى النَارِ

 

وَ لاَ نَجْزِمُ لِمُسْلِمٍ بِعَيْنِهِ أنَّهُ مِنْ أهْلِ الجَنِّةِ الاَّ بِنَصٍ صَرِيحٍ

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَّرِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدٍ الدَّقِيقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو الْعَنْبَرِ قِرَاءَةً مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ بِتِنِّيسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ :   أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : وَلا نشْهَدُ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ يَعْمَلُهُ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ نَرْجُو لِلصَّالِحِ , وَنَخَافُ عَلَيْهِ , وَنخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ الْمُذْنِبِ , وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِسْطَامٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَرَأَهَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ، فَقَالَ لَهُ قُلْتَ أَعَزَّكَ اللَّهُ:  السُّنَّةُ اللازِمَةُ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقُلْهَا أَوْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا: وَلا يَشْهَدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِعَمَلٍ عَمِلَهُ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ، نَرْجُو لِلصَّالِحِ وَنُخَافُ عَلَى الطَّالِحِ الْمُذْنِبِ، وَنَرْجُو لَهُ رَحْمَةَ اللَّهِ عز وجل ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي

قال حرب الكرماني (ولا يشهد على أحد ( من أهل القبلة ) أنه في الجنة لصلاح عمله أو لخير أتى به إلا إن يكون في ذلك حديث فيروى الحديث كما جاء على ما روي، يصدق به، ويقبل يعلم أنه كما جاء ولا تنصب الشهادة ) مسائل حرب الكرماني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب

و هذا لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) النساء

فقول (وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ  ) يَدُلّ عَلَى أنَّ فالمُسْلِمَ يَبْقَى تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ أنْ شَاءَ عَفَرَ لَهُ ذُنُوبَهُ  وَ اِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ عَلَيْهَا بِمَا يُرِيدُ

و كذلك قوله تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ  وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) التوبة

قال عبد الله بن الامام أحمد (َقَالَ فُضَيْلٌ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: مَنْ صَلَّى إِلَى هَذِهِ الْقِبْلَةِ فَهُوَ عِنْدَنَا مُؤْمِنٌ وَالنَّاسُ عِنْدَنَا مُؤْمِنُونَ بِالإِقْرَارِ وَالْمَوَارِيثِ وَالْمُنَاكَحَةِ وَالْحُدُودِ وَالذَّبَائِحِ وَالنُّسُكِ وَلَهُمْ ذُنُوبٌ وَخَطَايَا اللَّهُ حَسِيبُهُمْ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ، وَلا نَدْرِي مَا هُمْ عِنْدَ اللَّهِ ) كتاب السنة

 

وَ كَذَلِكَ لأنَّ الايمَانَ  عِنْدَ أهْلِ الاسْلاَمِ اعْتِقَادٌ بِالقَلْبِ وَ قَوْلٌُ بِاللسَانِ وَ عَمَلٌ بِالجَوَارِحِ  وَ لاَ نَسْتَطِيعُ أنْ نَجْزِمَ بِصِحَّةِ مَا عَقَدَ فِي قَلْبِ أحَد مِنَ الخَلْقِ وَ انْ أظْهَرَ بِقَوْلِهِ وَ عَمَلَهُ الاسْلاَمَ كالمُنَافِقِينَ ثَمّ لاَ نَعْلَمُ  هَلْ يَتَقَبَّلُ اللهُ  مِنْ هَذَا العَبْد  عِبَادَاتِهِ القَوْلِيَةِ وَ فِعْلِيَّهِ

قال تعالى (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) الحجرات

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَامِرُ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ أَوْ مُسْلِمًا فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي   فَقُلْتُ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا فَقَالَ أَوْ مُسْلِمًا ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَعُدْتُ لِمَقَالَتِي وَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ يَا سَعْدُ إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ ) بَاب إِذَا لَمْ يَكُنْ الْإِسْلَامُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَكَانَ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ أَوْ الْخَوْفِ مِنْ الْقَتْلِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَسْكَرِهِ وَمَالَ الْآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلَا فَاذَّةً إِلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ فَقَالَ مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلَانٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَنَا صَاحِبُهُ قَالَ فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ قَالَ فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ وَمَا ذَاكَ قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَقُلْتُ أَنَا لَكُمْ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ) بَاب لَا يَقُولُ فُلَانٌ شَهِيدٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ

قال أبو بكر الخلال (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا أَبُو الأَشْهَبِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ رَجُلا قَالَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ:   إِنِّي مُؤْمِنٌ، فَقِيلَ لابْنِ مَسْعُودٍ: يَا ابْنَ مَسْعُودٍ، إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ؟ قَالَ: فَسَلُوهُ: أَفِي الْجَنَّةِ هُوَ أَوْ فِي النَّارِ ؟ فَسَأَلُوهُ؟ فَقَالَ: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: فَهَلا وَكَّلْتَ الأُولَى كَمَا وَكَّلْتَ الآخِرَةَ  

وَفِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ ، النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَحَدُنَا يُصْبِحُ جُنُبًا يَصُومُ ؟ فَقَالَ : إِنِّي لأَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ أَصُومُ ، فَقَالَ : إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا ، أَنْتَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ ؟ فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ " ، وَهَذَا كَثِيرٌ ، وَأَشْبَاهُهُ عَلَى الْيَقِينِ ، قَالَ : وَدَخَلَ عَلَيْهِ شَيْخٌ ، فَسَأَلَهُ عَنِ الإِيمَانِ ؟ فَقَالَ : قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، فَقَالَ لَهُ : يَزِيدُ ؟ فَقَالَ : يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، فَقَالَ لَهُ : أَقُولُ مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ لِي : إِنَّكَ شَاكٍ ، قَالَ : بِئْسَ مَا قَالُوا ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَالَ : رُدُّوهُ ، فَقَالَ : أَلَيْسَ يَقُولُونَ : الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : هَؤُلاءِ مُسْتَثْنُونَ ، قَالَ لَهُ : كَيْفَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : قُلْ لَهُمْ : زَعَمْتُمْ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، فَالْقَوْلُ قَدْ أَتَيْتُمْ بِهِ ، وَالْعَمَلُ فَلَمْ تَأْتُوا ، فَهَذَا الاسْتِثْنَاءُ لِهَذَا الْعَمَلِ ، فَقِيلَ لَهُ : فَيَسْتَثْنِي فِي الإِيمَانِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَقُولُ : أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَسْتَثْنِيَ عَلَى الْيَقِينِ ، لا عَلَى الشَّكِّ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ ، فَقَدْ عَلِمَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُمْ دَاخِلُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، أَنَّ الْفَضْلَ حَدَّثَهُمْ قَالَ : " سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُ الاسْتِثْنَاءَ فِي الإِيمَانِ " ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ ، وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ لَهُ رَجُلٌ ، وَهَذَا لَفْظُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ أَتَمُّ : قِيلَ لِي : أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، هَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ ؟ هَلْ النَّاسُ إِلا مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ ، فَغَضِبَ أَحْمَدُ ، وَقَالَ : هَذَا كَلامُ الإِرْجَاءِ ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ ، مَنْ هَؤُلاءِ ؟ ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ : أَلَيْسَ الإِيمَانُ قَوْلا وَعَمَلا ؟ قَالَ الرَّجُلُ : بَلَى ، قَالَ : فَجِئْنَا بِالْقَوْلِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَجِئْنَا بِالْعَمَلِ ؟ قَالَ : لا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَعِيبُ أَنْ يَقُولَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَيَسْتَثْنِي ؟ . زَادَ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ ، وَأَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَتَبَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : " أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ، فَجِئْنَا بِالْقَوْلِ وَلَمْ نَجِئْ بِالْعَمَلِ ، فَنَحْنُ مُسْتَثْنُونَ بِالْعَمَلِ ، زَادَ الْفَضْلُ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَمَلَ هَذَا عَلَى التَّقْبِيلِ ، يَقُولُ : نَحْنُ نَعْمَلُ وَلا نَدْرِي يُتَقَبَّلُ مِنَّا أَمْ لا ) كتاب السنة

 

وَمَنْ جَزَمَ بِقَبُولِ عَمَلِهِ فَهُوَ مُرْجِئ

 

قال حرب الكرماني (سمعت إسحاق أيضًا يقول: أول من تكلم بالإرجاء زعموا أن الحسن بن محمد بن الحنفية، ثم غلت المرجئة حتى صار من قولهم: إن قومًا يقولون: من ترك المكتوبات، صوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود بها إنا لا نكفره يرجأ أمره إلى الله بعد إذ هو مقر فهؤلاء المرجئة الذين لا شك فيهم، ثم هم أصناف، منهم من يقول: نحن مؤمنون البتة، ولا يقول عند الله، ويرون الإيمان قولًا وعملًا، وهؤلاء أمثلهم، وقوم يقولون: الإيمان قول ويصدقه العمل، وليس العمل من الإيمان، ولكن العمل فريضة والإيمان هو القول، ويقولون: حسناتنا متقبلة، ونحن مؤمنون عند الله، وإيماننا وإيمان جبريل واحد. فهؤلاء الذين جاء فيهم الحديث أنهم المرجئة التي لعنت على لسان الأنبياء ) مسائل حرب الكرماني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب

 

 

بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّ الكَافِرَ فِي النَّارِ انْ مَاتَ عَلَى كُفْرِه

قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرةِ

قال تعالى (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) البقرة

قال تعالى (وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة  

قال تعالى (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ) ال عمران

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۚ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) ال عمران

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) البينة

قال تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ) المائدة

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَخِي عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَيَقُولُ اللَّهُ إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ) باب ولا تخزني يوم يبعثون

قال مسلم (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ ، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ ) كتاب الايمان

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ) باب قصة أبي طالب

 

 

أمَرَنَا سُبْحَانَهُ بِأنْ نَشْهَدَ عَلَى الكُفّار انْ مَاتُوا عَلَى الكُفْرِ بِأنّهُم مِنْ أصْحَابِ النَارِ

قال تعاالى ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ) ابراهيم

قال تعالى (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) الزمر

قال ابن ماجة (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ ) باب ما جاء في زيارة قبور المشركين

 

فَالذِي يَمُوتُ عَلَى كُفْرِ بَانَ و ظَهَرَ أنّهُ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ

قال تعالى ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة

وقوله تعالى ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ) رَدٌ عَلَى مَنْ يَقُول أنَّ الأمْرَ خَاصٌ وَ مَحْصُورٌ فِي الرَسُولِ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَمَ

و التَبَيَّن هُوَ المَوْتُ عَلَى الكُفْرِ

قال بن جرير الطبري ( " مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ " يَقُولُ : مِنْ بَعْدِ مَا مَاتُوا عَلَى شِرْكِهِمْ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ ، وَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ قَضَى أَنْ لَا يَغْفِرَ لِمُشْرِكٍ ، فَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا رَبَّهُمْ أَنْ يَفْعَلَ مَا قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ قَالَ : تَبَيَّنَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حِينَ مَاتَ أَنَّ التَّوْبَةَ قَدِ انْقَطَعَتْ عَنْهُ

حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ فِي قَوْلِهِ : " مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ " الْآيَةَ . يَقُولُ : إِذَا مَاتُوا مُشْرِكِينَ يَقُولُ اللَّهُ : ( إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ) الْآيَةَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيم} أَي: مَاتُوا على الْكفْر ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) التوبة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَ مَعْمَرُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ مَا لَا أُحْصِي، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِيهِ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ وَهُوَ كَافِرٌ. وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا: لَمَّا مَاتَ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

 

كَانَ الصَحَابَةُ رَضِي اللهُ عَنْهُم يَحْكُمُونَ عَلَى مَنْ مَاتَ عَل الكَُفْرِ بِالنَارِ

حَكَمَ (عُبَادَةَ بْنُ الصَّامِت الأنْصَارِي رضي الله عنه) عَلَى مَنْ لَمْ يُؤْمِن بِالقَدَرِ  بِالنَارِ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا أَبُو الْعَلَاءِ الْحَسَنُ بْنُ سَوَّارٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عُبَادَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ أَتَخَايَلُ فِيهِ الْمَوْتَ فَقُلْتُ يَا أَبَتَاهُ أَوْصِنِي وَاجْتَهِدْ لِي فَقَالَ أَجْلِسُونِي قَالَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَطْعَمَ طَعْمَ الْإِيمَانِ وَلَنْ تَبْلُغْ حَقَّ حَقِيقَةِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ قُلْتُ يَا أَبَتَاهُ فَكَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ مَا خَيْرُ الْقَدَرِ وَشَرُّهُ قَالَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْقَلَمُ ثُمَّ قَالَ اكْتُبْ فَجَرَى فِي تِلْكَ السَّاعَةِ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَا بُنَيَّ إِنْ مِتَّ وَلَسْتَ عَلَى ذَلِكَ دَخَلْتَ النَّارَ ) المسند- حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه

و حَكَمَ (عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ) عَلَى مَنْ مَاتَ عَلَى النَصْرَانِيَةِ  بِالنَارِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ قَالَ كُنَّا بِصِفِّينَ فَقَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ فَقَالَ بَلَى فَقَالَ أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ قَالَ بَلَى قَالَ فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فَقَالَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا فَانْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا فَنَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ إِلَى آخِرِهَا فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَفَتْحٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ ) باب إثم من عاهد ثم غدر

قال عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (عَنْ جَعْفَرِ بنِ سُلَيْمَانَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْجَوْنِيَّ , يَقُولُ : مَرَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِرَاهِبٍ , فَوَقَفَ فَنُودِيَ الرَّاهِبُ , فَقِيلَ لَهُ : هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ , قَالَ : فَاطَّلَعَ , فَإِذَا إِنْسَانٌ بِهِ مِنَ الضُّرِّ وَالاجْتِهَادِ ، وَتَرْكِ الدُّنْيَا , فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ بَكَى ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , فَقَالَ :  قَدْ عَلِمْتُ وَلَكِنِّي رَحِمْتُهُ ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ : عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ { 3 } تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً سورة الغاشية آية 3-4 , فَرَحِمْتُ نَصَبَهُ وَاجْتَهَادَهُ , وَهُوَ فِي النَّارِ ) سورة الغاشية

حَكَمَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِي اللهُ عَنْهُ بِالنَارِ عَلَى مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الاسْلاَمِ

قال مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ يَعْنِي أَبَا عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ حَضَرْنَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَهُوَ فِي سِيَاقَةِ الْمَوْتِ فَبَكَى طَوِيلًا وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إِلَى الْجِدَارِ فَجَعَلَ ابْنُهُ يَقُولُ يَا أَبَتَاهُ أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا قَالَ فَأَقْبَلَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَمَا أَحَدٌ أَشَدَّ بُغْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي وَلَا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ قَدْ اسْتَمْكَنْتُ مِنْهُ فَقَتَلْتُهُ فَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَكُنْتُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلْأُبَايِعْكَ فَبَسَطَ يَمِينَهُ قَالَ فَقَبَضْتُ يَدِي قَالَ مَا لَكَ يَا عَمْرُو قَالَ قُلْتُ أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ قَالَ تَشْتَرِطُ بِمَاذَا قُلْتُ أَنْ يُغْفَرَ لِي قَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَمَا كَانَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَجَلَّ فِي عَيْنِي مِنْهُ وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ وَلَوْ مُتُّ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ لَرَجَوْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا ثُمَّ أَقِيمُوا حَوْلَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأْنِسَ بِكُمْ وَأَنْظُرَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي ) بَاب كَوْنِ الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ وَكَذَا الْهِجْرَةِ وَالْحَجِّ

وَ حَكَمَ عَلِي بْنُ أبِي طَالِب رَضِي اللهُ عَنْهُ بِالنَارِ عَلَى مَنْ مَاتَ مُشْرِكَا

قال ابن أبي حاتم (ذُكَرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُتْبَةَ الْكِنْدِيِّ، بِإِسْنَادِهِ أَعْلَاهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَلَا أُحَدِّثُكَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي مَنْ جَاءَ بِهَا أَكَبَّهُ اللَّهُ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ ،وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ مَعَهَا عَمَلٌ قُلْتُ: بَلَى، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: السَّيِّئَةُ بُغْضُنَا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَحْكِي حُكْمَ الصَحَابِةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ  عَلَى مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا بِأنَّهُ فِي النًّارِ خَالِدًا فِيهَا أبداً

قال البخاري (حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ يَوْمًا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: " طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَتَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  وَاللَّهِ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْتَ، وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْتَ، فَاسْتُغْضِبَ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ، مَا قَالَ إِلا خَيْرًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا يَحْمِلُ الرَّجُلُ عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مُحْضَرًا غَيَّبَهُ اللَّهُ عَنْهُ؟ لا يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْفَ يَكُونُ فِيهِ؟ وَاللَّهِ، لَقَدْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامٌ كَبَّهُمُ اللَّهُ عَلَى  مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ، لَمْ يُجِيبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ، أَوَلا تَحْمَدُونَ اللَّهَ عز وجل إِذْ أَخْرَجَكُمْ لا تَعْرِفُونَ إِلا رَبَّكُمْ، فَتُصَدِّقُونَ بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كُفِيتُمُ الْبَلاءَ بِغَيْرِكُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَدِّ حَالٍ بُعِثَ عَلَيْهَا نَبِيٌّ قَطُّ، فِي فَتْرَةٍ وَجَاهِلِيَّةٍ، مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفَرَّقَ بِهِ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ، حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَرَى وَالِدَهُ أَوْ وَلَدَهُ أَوْ أَخَاهُ كَافِرًا، وَقَدْ فَتْحَ اللَّهُ قُفْلَ قَلْبِهِ بِالإِيمَانِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّارَ، فَلا تَقَرُّ عَيْنُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ حَبِيبَهُ فِي النَّارِ، وَإِنَّهَا لِلَّتِي قَالَ اللَّهُ عز وجل : ( وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)  ) الأدب المنفرد و كذلك في المسند للإمام أحمد

 

 

 فَأجْمَعُوا عَلَى أنّ  مَنْ اَمَنَ بِمُسَيْلَمَة الكَذّاب يَكُونُ كَافِرٌ وَ أنّه فِي النَّارِ انْ مَاتَ عَلَى هَذَا

 جاء في مصنف ابن أبي شيبة (حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : لَمَّا ارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُجَاهِدَهُمْ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَتُقَاتِلُهُمْ وَقَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرُمَ مَالُهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّا لَنُقَاتِلُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَجْمَعَهُمَا قَالَ عُمَرُ : فَقَاتَلْنَا مَعَهُ فَكَانَ رُشْدًا ، فَلَمَّا ظَفِرَ بِمَنْ ظَفِرَ بِهِ مِنْهُمْ قَالَ : اخْتَارُوا مِنِّي خَصْلَتَيْنِ : إِمَّا حَرْبًا مُجَلِّيَةً وَإِمَّا الْحِطَّةَ الْمُخْزِيَةَ ، فَقَالُوا : هَذِهِ الْحَرْبُ الْمُجَلِّيَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا فَمَا الْحِطَّةُ الْمُخْزِيَةُ ؟ قَالَ : تَشْهَدُونَ عَلَى قَتْلَانَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ  وَعَلَى قَتْلَاكُمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ فَفَعَلُوا ) كتاب الجهاد - فِيمَا يُمْتَنَعُ بِهِ مِنَ الْقَتْلِ وَمَا هُوَ وَمَا يَحْقِنُ الدَّمَ

 

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ , قَالَ : وَقَالَ عُمَرُ : قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ ، أَحْيَاءٌ يُرْزَقُونَ , لا دِيَةَ لَهُمْ ،  وَقَتْلاهُمْ فِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ فَقَدْ شَهِدَ لَهُمْ وَنَحْنُ نَشْهَدُ لَهُمْ ) كتاب السنة 

 

فَهَذَا الصّدِيقُ وَ هَذَا الفَارُوقُ يَشْهَدَانِ لِقَتْلى الرِدَّةِ بِالنَّارِ بِأعْيَانِهِمْ وَ يَحْتَجُّ الإمَامُ أحْمَد بِذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ الشَهَادَةِ عَلَى مَا اسْتَفَاضَ

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ ، فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : " أَشْهَدُ أَنَّ فُلانَةَ امْرَأَةُ فُلانٍ ، وَأَنَا لَمْ أَشْهَدِ النِّكَاحَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِذَا كَانَ الشَّيْءُ مُسْتَفِيضًا فَاشْهَدْ بِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ دَارَ بَخْتَانَ هِيَ لِبَخْتَانَ وَلَمْ يُشْهِدْنِي ؟ قَالَ : هَذَا أَمْرٌ قَدِ اسْتَفَاضَ , اشْهَدْ بِهَا لَهُ " ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَأَظُنُّ أَنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : هَذَا كَمَنْ يَقُولُ : " إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا أَشْهَدُ إِنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَّا طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ يَقُولُ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ : إِنَّهُ قَالَ لَهُمْ : تَشْهَدُونَ أَنَّ قَتْلانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاكُمْ فِي النَّارِ ، وَمَا رَضِيَ , يَعْنِي أَبَا بَكْرِ حَتَّى

شَهِدُوا " . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : وَهَذَا أَثْبَتُ وَأَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي الشَّهَادَةِ ) كتاب السنة

وَ عَلَى هَذا كَانَ السَلَفُ رَحِمَهُم اللهُ تَعَالَى

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَّرِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدٍ الدَّقِيقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو الْعَنْبَرِ قِرَاءَةً مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ بِتِنِّيسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ :   أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : وَمَنْ لَقِيَهُ ( أي الله تعالى ) كَافِرًا عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ  و بلفظ اَخر : وَمَنْ لَقِيَهُ مُشْرِكًا عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ 

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامِ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ يَحْيَى بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِسْطَامٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَرَأَهَا عَلَى عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ، فَقَالَ لَهُ قُلْتَ أَعَزَّكَ اللَّهُ:  السُّنَّةُ اللازِمَةُ الَّتِي مَنْ تَرَكَ مِنْهَا خَصْلَةً لَمْ يَقُلْهَا أَوْ يُؤْمِنْ بِهَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا: وَمَنْ لَقِيَهُ مُشْرِكًا عَذَّبَهُ وَلَمْ يَغْفِرْ لَهُ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي  

 قال أبو بكر الخلال (  حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا غَالِبٌ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " لَوِ انْتَهَيْتُ إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ وَهُوَ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، مُفْعَمٌ مِنَ الرِّجَالِ، فَقِيلَ لِي: أَيُّ هَؤُلاءِ أَخْيَرُ؟ لَقُلْتُ لِسَائِلِي: أَتَعْرِفُ أَنْصَحَهُمْ لَهُمْ؟ فَإِنْ عَرَفَهُ، عَرَفْتُ أَنَّهُ خَيْرُهُمْ. وَلَوِ انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَهُوَ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، مُفْعَمٌ بِالرِّجَالِ، فَقِيلَ لِي: أَيُّ هَؤُلاءِ شَرٌّ؟ لَقُلْتُ لِسَائِلِي: أَتَعْرِفُ أَغَشَّهُمْ لَهُمْ؟ فَإِنْ عَرَفَهُ، عَرَفْتُ أَنَّهُ شَرُّهُمْ، وَمَا كُنْتُ أَشْهَدُ عَلَى خَيْرِهِمْ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلٌ الإِيمَانَ، وَلَوْ شَهِدْتُ شَهِدْتُ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَمَا كُنْتُ لأَشْهَدَ عَلَى شَرِّهِمْ أَنَّهُ مُنَافِقٌ بَرِيءٌ مِنَ الإِيمَانِ، وَلَوْ شَهِدْتُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، شَهِدْتُ أَنَّهُ فِي النَّارِ، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَى خَيْرِهِمْ، وَأَرْجُو لِشَرِّهِمْ، فَإِذَا أَنَا خِفْتُ عَلَى خَيْرِهِمْ، فَكَمْ عَسَى خَوْفِي عَلَى شَرِّهِمْ؟ وَإِذَا رَجَوْتُ لِشَرِّهِمْ، كَمْ رَجَائِي لِخَيْرِهِمْ؟ هَكَذَا السُّنَّةُ  ) كتاب السنة 

جاء في المعرفة والتاريخ ٦٧٢/٢ لأبي يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ ثنا سُفْيَانُ قَالَ قَالَ ابن السماك : أردت الحج فَقَالَ لِي زُرَارَةُ بْنُ أَعْيَنَ أَخُو عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَعْيَنَ: إِذَا لَقِيتَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَقُلْ لَهُ: أَخْبِرْنِي فِي الْجَنَّةِ أَنَا أَمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: فَلَقِيتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَتَعْرِفُ زُرَارَةَ بْنَ أَعْيَنَ؟ قَالَ: نَعَمْ رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ. قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهُ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ : أَخْبِرْنِي فِي الْجَنَّةِ أَنَا أَمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: فَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ فِي النَّارِ. ثُمَّ قَالَ : وَتَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ أَنَّهُ رَافِضِيٌّ إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنِّي أَعْلَمُ الْغَيْبَ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدًا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ كَافِرٌ، وَالْكَافِرُ فِي النَّارِ )

فَكَانَ السَلَفُ يَشْهَدُونَ لِمَنْ عَلِمُوا كُفْرَهُ بِالنَّارِ

 

وَ كُلّّ مَنْ فَعَلَ فِعْلَ الكُفَّارِ نَشْهَدُ لَهُ بِالنَّارِ وَ اِنْ لَمْ يَرِدْ اِسْمَهُ فِي القُرْاَنِ

قال أبو بكر الخلال (َأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَطَرٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ حَدَّثَهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:   وَأَشْهَدُ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ، فِي النَّارِ، هُمْ لا يَقُولُونَ أَبُو لَهَبٍ فِي النَّارِ، لَيْسَ فِي أَبِي لَهَبٍ حَدِيثٌ أَنَّهُ فِي النَّارِ، هُوَ فِي الْكِتَابِ، وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّ أَبَا لَهَبٍ وَأَبَا جَهْلٍ فِي النَّارِ

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، قَالَ: ثَنَا مُثَنَّى الأَنْبَارِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ تَرَى أَنْ تَشْهَدَ لِغَيْرِ هَؤُلاءِ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: نَعَمْ، كُلُّ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يُشْهَدُ لَهُ ) كتاب السنة

 

قال عبد الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، ثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَمَّادَ بْنَ سَلَمَةَ، يَقُولُ:  عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ هَذَا لَيَكُبَّنَّهُ اللَّهُ فِي النَّارِ ) السنة

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ الْخَطَبِيُّ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: ذُكِرَ لِي  أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ لَمَّا مَاتَ بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَجَّلَهُ إِلَى النَّارِ ) الابانة الكبرى

قال اللالكائي (أنا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ، أنا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: نا رَوْحُ بْنُ مُسَافِرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ:  لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ، قَالَ: وَاللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَفِي الْجَنَّةِ، وَاللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّ قَتَلَتَهُ لفِي النَّارِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

قال حرب الكرماني (هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أوعاب قائلها فهو مبتدع خارج من الجماعة زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبد الله بن الزبير الحميدي وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم فكان من قولهم: والقلم حق كتب الله به مقادير كل شيء وأحصاه في الذكر فتبارك ربنا وتعالى. والشفاعة يوم القيامة حق يُشَّفعُ قوم في قوم فلا يصيرون إلى النار ويخرج قوم من النار، بعدما دخلوها بشفاعة الشافعين، ويخرج قوم من النار برحمة الله بعد ما يلبثهم فيها ما شاء الله، وقوم يخلدون في النار أبدًا وهم أهل الشرك والتكذيب والجحود والكفر بالله ) كتاب السنة

قال الدارمي (أَوَمَا عَلِمْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ، أَنَّهُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّ اللَّهَ رَبُّهُ فِي حَيَاتِهِ، حَتَّى يَعْرِفَهُ بَعْدَ مَمَاتِهِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ كَافِرًا وَمَصِيرُهُ النَّارُ أَبَدًا ؟ ) نقض الامام أبي سعيد على المريسي العنيد ص 128

قال ابن بطة (وأما عذاب النار فدائم أبدا بدوام الله، وأهلها فيها خالدون مخلدون، من خرج من الدنيا غير معتقد للتوحيد ولا متمسك بالسنة ) الابانة الصغرى ص 140

وقال أبو عثمان الصابوني (باب من ختم له بشيء مات عليه  : من مات والعياذ بالله على الكفر فمرده إلى النار لا ينجو منها ولا يكون لمقامه فيها منتهى )  عقيدة السلف أصحاب الحديث   ص 76

 

قال ابن طاهر المقدسي  ( قرأت على أبي بكر السمسار بأصبهان، أخبركم جعفر الفقيه قال:  سألت أبا القاسم سليمان الطبراني: ما قولك -رحمك الله- فيمن يقول: إن أهل التوحيد يخرجون من النار إلا من يقول: القرآن مخلوق؟ فكتب في جوابه : من قال: القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم بلا اختلاف بين أهل العلم والسنة؛ لأنه زعم أن الله تعالى مخلوق؛ لأن القرآن كلام الله عز وجل تكلم به وكلم به جبريل الروح الأمين، وأنزله جبريل عليه السلام من عند الله هكذا. قال الله تبارك وتعالى: {نزل به الروح الأمين}، وأنزله جبريل على قلبك، من قال: إنه مخلوق، فهو شر من اليهود والنصارى وعبدة الأوثان، وليس من أهل التوحيد المخلصين الذين أدخلهم الله النار عقوبة منه لأعمال استوجبوا بها النار، فيخرجهم الله من النار برحمته وشفاعة نبيه محمد  صلى الله عليه وسلم وشفاعة الشافعين، ومن زعم أن من يقول:  'إن القرآن مخلوق' يخرج من النار فهو كافر كمن زعم أن اليهود والنصارى يخرجون من النار ) الحجة على تارك المحجة 2/484 

 

حَتّى الصِبْيَان كَانُوا يَشْهَدُونَ عَلَى مَنْ مَاتَ كَافِرًا بِالنَار

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَدَقَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمَيْمُونِيَّ، يَقُولُ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ:  يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، لَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَةُ ابْنِ طَرَّاحٍ، جَعَلُوا الصِّبْيَانَ يَصِيحُونَ: اكْتُبْ إِلَى مَالِكٍ: قَدْ جَاءَ حَطَبُ النَّارِ، قَالَ: فَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُسَتِّرُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَصِيحُونَ، يَصِيحُونَ ) كتاب السنة

 

 

وَ لاَ يُقَيَدُ  هَذَا الحُكْمُ أَوْ يُخَصَصُّ الاَّ بِدَلِيلٍ

قال الشافعي ( كُلُّ كَلَامٍ كَانَ عَامًّا ظَاهِرًا فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَظُهُورِهِ ، حَتَّى يُعْلَمَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِالْجُمْلَةِ الْعَامَّةِ فِي الظَّاهِرِ بَعْضَ الْجُمْلَةِ دُونَ بَعْضٍ ) الرسالة ص 341

جاء في مسائل الامام أحمد برواية ابنه عبد الله  (1544 - سَأَلت ابي عَن الْآيَة اذا جَاءَت عَامَّة مثل قَوْله  ( وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا ) فَقلت لَهُ ان قوما يَقُولُونَ لَو أنّه لم يَجِيء فِيهَا خبر عَن الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لوقفنا عِنْدهَا فَلم يقطعهَا حَتَّى بَين جلّ وَعز وتخير لنا فِيهَا وتخير الرَّسُول فِيهَا )

قال عبد العزيز غلام الخلال (  ت 336 هـ )  ( إذا ورد الخطاب من الله تعالى ، أو من الرسول –صلى الله عليه وسلم- بحكم عام أو خاص حكم بوروده على عمومه حتى ترد الدلالة على تخصيصه ، أو تخصيص بعضه ) أول كتاب التنبيه

 

ثُبُوتُ العَذَاب يَوْمَ القِيَامَةِ لِمَنْ مَاتَ كَافِراً وَ نَقضَ المِيثَاق وَ انْ لَمْ  تُقَمْ عَلَيْهِ الحُجَّّة وَ تَبْلُغْهُ الدَعْوَةُ فِي الدُنْيَا

 قال تعالى (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ   وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ  وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ   جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ   سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) الرعد

فِي هَذِهٍ الآيَة بَيَّنَ سٌبْحَانَه أنَّ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ لَهُمُ عُقْبَى الدَّارِ

و الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ لَهُمُ سُوءُ الدَّارِ

قال مسلم (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا لَوْ كَانَتْ  لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيَقُولُ قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ أَحْسِبُهُ قَالَ وَلَا أُدْخِلَكَ النَّارَ فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ )  بَاب طَلَبِ الْكَافِرِ الْفِدَاءَ بِمِلْءِ الْأَرْضِ ذَهَبًا

قال البخاري (حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّـارِ عَذَابًا لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ كُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ سَأَلْتُكَ مَا هُوَ أَهْوَنُ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي فَأَبَيْتَ إِلَّا الشِّرْكَ ) باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ) البقرة

قال ابن جرير الطبري (فَكَذَلِكَ صِفَةُ أَهْلِ النِّفَاقِ : مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بِمَعْصِيَتِهِمْ فِيهَا رَبَّهُمْ ، وَرُكُوبِهِمْ فِيهَا مَا نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبِهِ ، وَتَضْيِيعِهِمْ فَرَائِضَهُ ، وَشَكِّهِمْ فِي دِينِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ عَمَلًا إِلَّا بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَالْإِيقَانِ بِحَقِيقَتِهِ ، وَكَذِبِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ بِدَعْوَاهُمْ غَيْرَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مُقِيمُونَ مِنَ الشَّكِّ وَالرَيْبِ ، وَبِمُظَاهَرَتِهِمْ أَهْلَ التَّكْذِيبِ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ عَلَى أَوْلِيَاءِ اللَّهِ ، إِذَا وَجَدُوا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا . فَذَلِكَ إِفْسَادُ الْمُنَافِقِينَ فِي أَرْضِ اللَّهِ ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ بِفِعْلِهِمْ ذَلِكَ مُصْلِحُونَ فِيهَا . فَلَمْ يُسْقِطِ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ عُقُوبَتَهُ ، وَلَا خَفَّفَ عَنْهُمْ أَلِيمَ مَا أَعَدَّ مِنْ عِقَابِهِ لِأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ - بِحُسْبَانِهِمْ أَنَّهُمْ فِيمَا أَتَوْا مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ مُصْلِحُونَ - بَلْ أَوْجَبَ لَهُمُ الدَّرْكَ الْأَسْفَلَ مِنْ نَارِهِ ، وَالْأَلِيمَ مِنْ عَذَابِهِ ، وَالْعَارَ الْعَاجِلَ بِسَبِّ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَشَتْمِهِ لَهُمْ ، فَقَالَ تَعَالَى : ( أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ) . وَذَلِكَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِمْ ، أَدَلُّ الدَّلِيلِ عَلَى تَكْذِيبِهِ تَعَالَى قَوْلَ الْقَائِلِينَ : إِنْ عُقُوبَاتِ اللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا الْمُعَانِدُ رَبَّهُ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ حُقُوقِهِ وَفُرُوضِهِ ، بَعْدَ عِلْمِهِ وَثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِمَعْرِفَتِهِ بِلُزُومِ ذَلِكَ إِيَّاهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ ) البقرة

قال ابن جرير الطبري (وَالدَّلَالَةُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ خَطَأِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ مِنَ اللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا الْمُعَانِدُ رَبَّهُ ، بَعْدَ عِلْمِهِ بِصِحَّةِ مَا عَانَدَهُ فِيهِ - نَظِيرُ دَلَالَةِ الْآيَاتِ الْأُخَرِ الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا تَأْوِيلَهَا فِي قَوْلِهِ " وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ " وَنَظَائِرُ ذَلِكَ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في معاني القران للنحاس (قال تعالى الا انهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون أي لا يعلمون ان وبال ذلك يرجع عليهم ويقال إذا وصفوا بالسفه فلم لا يكون ذلك عذرا لهم فالجواب انه إنما لحقهم ذلك إذ عابوا الحق فأنزلوا أنفسهم تلك المنزلة كما قال تعالى ان هم الا كالأنعام لصدهم وإعراضهم إذ بعده بل هم أضل سبيلا لان الأنعام قد يصرفها راعيها كيف شاء وهؤلاء لا يهتدون بالانذار والعظة وايضا فإذا سفهوا المؤمنين فهم في تلك الحال مستحقون لهذا الاسم )

وَ مِمَّنْ ثَبَتَ عَذَابُهُ بِدُونِ قيِاَمٍ لِلحُجَّةِ عَلَيْهِ

قال البخاري رحمه الله تعالى (حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبَحِيرَةُ الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ وَلَا يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ وَالسَّائِبَةُ الَّتِي كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَالَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ ) باب قصة خزاعة

قال بن ماجة (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وَكَانَ وَكَانَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي النَّارِ قَالَ فَكَأَنَّهُ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ قَالَ فَأَسْلَمَ الْأَعْرَابِيُّ بَعْدُ وَقَالَ لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ )كتاب الجنائز - باب ما جاء في زيارة قبور المشركين

قال أبو داود (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ:   يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ فِي النَّارِ فَلَمَّا قَفَّى، قَالَ: إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ ) السنن

جاء في مصنف عبد الرزاق الصنعاني (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، إِنَّ أَبِي كَانَ يَكْفُلُ الْأَيْتَامَ ، وَيَصِلُ الْأَرْحَامَ ، وَيَفْعَلُ كَذَا ، فَأَيْنَ مَدخَلُهُ ؟ قَالَ : " هَلَكَ أَبُوكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؟ " قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : " فَمَدْخَلُهُ النَّارُ " ، قَالَ : فَغَضِبَ الْأَعْرَابِيُّ ، وَقَالَ : فَأَيْنَ مَدْخَلُ أَبِيكَ ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَيْثُ مَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ " فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : لَقَدْ كَلَّفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَبًا ، مَا مَرَرْتُ بِقَبْرِ كَافِرٍ إِلَّا بَشَّرْتُهُ بِالنَّارِ )

عَمْرَو بْنَ عَامِرِ بْنِ لُحَيٍّ الْخُزَاعِيَّ و عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ المطّلِب أبُو الرّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ أبْ الأعْرَابِي مَاتُوا فِي الجَاهِلِيَةِ وَ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمُ الحُجَّّةُ الرِسَالِيَةُ وَ هُمْ فِي النَّارِ

قال مسلم (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ أَمَّا مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ ) بَاب هَلْ يُؤَاخَذُ بِأَعْمَالِ الْجَاهِلِيَّةِ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا عَمِلْنَا فِي الشِّرْكِ، نُؤَاخَذُ بِهِ؟ قَالَ: مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الشِّرْكِ، وَمَنْ أَسَاءَ مِنْكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، أُخِذَ بِمَا عَمِلَ فِي الشِّرْكِ وَالْإِسْلَامِ ) المسند

و في رواية  البخاري (حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ ) كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

فَالشِرْكُ الذِي فَعَلَهُ فِي الجَاهِلِيَةِ  قََبْلَ بِعْثَةِ  رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَاسَبٌ عَلَيْهِ أي يُحَاسَبُ عَلَى شِرْكِهِ الأوَّلِ الذِي كَاَن فِي الجَاهِلِيَةِ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا نَخْلًا لِبَنِي النَّجَّارِ، فَسَمِعَ أَصْوَاتَ رِجَالٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مَاتُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا، " فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ) المسند

قال أبو بكر بن أبي شيبة ( ت : 235 هـ )  (نا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ ، وَنَحْنُ مَعَهُ ، فَحَادَتِ الْبَغْلَةُ بِهِ ، فَكَادَتْ تُلْقِيهِ ، فَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ ، فَقَالَ : " مَنْ يَعْرِفُ صَاحِبَ هَذِهِ الأَقْبُرِ ؟ " ، فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا ، قَالَ : " فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ " ، فَقَالَ : مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ ، فَقَالَ : " إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا ، فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا ، لَدَعَوْتُ اللَّهُ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ " ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ ، فَقَالَ : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ " ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، فَقَالَ : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ " ، فَقُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، قَالَ : " تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " ، قُلْنَا : نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، قَالَ :    تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ) المسند

وَفِي هَذَيْنِ الحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى اثْبَاتِ  عَذَابِ القَبْرِ لِهَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ الذِينَ مَاتُوا عَلَى الشِرْكِ فِي الجَاهِلِيَةِ قَبْلَ بِعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال الشافعي ( فكانوا قبل إنقاذه إياهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، أهل كفر في تفرقهم واجتماعهم، يجمعهم أعظم الأمور، الكفر بالله، وابتداع ما لم يأذن به اللَّه، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، لا إله غيره، وسبحانه وبحمده، رب كل شيء وخالقه . من حيَّ منهم فكما وصف حاله حياً: عاملاً قائلا بسخط ربه، مزداداً من معصيته، ومن مات فكما وصف قوله عمله: صار إلى عذابه ) الرسالة، مكتب دار التراث، ص 11 و 12.

 

مُشَابَهَةُ الذِي لاَ يُكَفِّر المُشْرِكِينَ وَ لاَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمُ بِالنَّارِ لِليَهُودِ

 

قال تعالى (وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ۖ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ۚ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) البقرة

فَوَصَفَ سُبْحَانَهُ مَنْ اتَّخَذَ العِجْلَ الَه بِالظَّالِمِ

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثَنَا أَبُو غَسَّانَ ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ، أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ثُمَّ أَنْبَأَهُمْ رَفْعَ الطُّورِ عَلَيْهِمْ وَاتِّخَاذَ الْعِجْلِ إِلَهًا دُونَ رَبِّهِمْ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال ابن جرير الطبري (أَمَّا قَوْلُهُ : ( وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ) ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّكُمْ فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لَكُمْ ، وَعَبَدْتُمْ غَيْرَ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَنْبَغِي لِغَيْرِ اللَّهِ . وَهَذَا تَوْبِيخٌ مِنَ اللَّهِ لِلْيَهُودِ ، وَتَعْيِيرٌ مِنْهُ لَهُمْ ، وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا فَعَلُوا مَا فَعَلُوا - مِنْ اتِّخَاذِ الْعِجْلِ إِلَهًا وَهُوَ لَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا ) جامع البيان في تأويل القران

ثَمَّ جَاءَ سَلَفُهُم فَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مَنَ عَبَدَ العِجْلَ بِالكُفْرِ وَ النَّارِ فَوَصَفَهُم اللهُ بِالمُفْتَرِين

قال تعالى (ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۖ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) ال عمران

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ " قَالُوا : لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ الَّتِي نَصَبْنَا فِيهَا الْعَجَلَ ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ الْقَسَمُ وَالْعَذَابُ عَنَّا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - : " وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " أَيْ قَالُوا : " نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ " ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّار إِلَّا أَيَّامًا معدودات} عدد الْأَيَّام الَّتِي عبدُوا فِيهَا الْعجل؛ يَعْنِي بِهِ أوائلهم، ثمَّ رَجَعَ الْكَلَام إِلَيْهِم؛ فَقَالَ: {وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يفترون} أَي: يختلقون من الْكَذِب عَلَى اللَّه ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

فَكَذَّبَهُم اللهُ وَ بَيَّنَ أنَّ مَنْ أشْرَكَ بِهِ فَهُوَ خَالِدٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ

قال تعالى (وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَّعْدُودَةً ۚ قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ ۖ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ  بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قَالُوا: أَيَّامًا مَعْدُودَةً بِمَا أَصَبْنَا فِي الْعِجْلِ.

وَقَوْلُهُ : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ) تَكْذِيبٌ مِنَ اللَّهِ الْقَائِلِينَ مِنَ الْيَهُودِ : ( لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ) وَإِخْبَارٌ مِنْهُ لَهُمْ أَنَّهُ مُعَذِّبٌ مَنْ أَشْرَكَ وَمَنْ كَفَرَ بِهِ وَبِرُسُلِهِ ، وَأَحَاطَتْ بِهِ ذُنُوبُهُ ، فَمُخَلِّدُهُ فِي النَّارِ ؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَسْكُنُهَا إِلَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، وَأَهَّلُ الطَّاعَةِ لَهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمٌ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ) ، قَالَ : الشِّرْكُ بِاللَّهِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ : ( بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً ) شِرْكًا) جامع البيان في تأويل القران

وَ لاَ فَرْقَ فِي العِقَابِ بَيْنَ   مَنْ  عَبَدَ العِجْلَ مِنَ اليَهُود وَ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللهِ مِن هَذِهِ الأمَّةِ

  قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَوْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً أَيْ مَنْ عَمِلَ بِمِثْلِ أَعْمَالِكُمْ وَكَفَرَ بِمِثْلِ مَا كَفَرْتُمْ بِهِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَ أَبُو غَسَّانَ ثَنَا سَلَمَةُ قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَوْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ أَيْ خَالِدًا أَبَدًا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

  

وَمِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ شَابَهَهُمُ المُرْجِئَةُ

قال تعالى  (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لَّا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الأعراف

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبِي ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْعَطَّارُ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَرَفَةَ، ثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، ثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، فِي قَوْلِهِ: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ قَالَ: هُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَأَشْبَاهُهُمْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْمُرْجِئَةُ

حَدَّثَنَا أُسَيْدُ بْنُ عَاصِمٍ ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حَفْصٍ ، ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ،  عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ قَالَا: الذُّنُوبُ يَقُولُونَ: سَيُغْفَرُ لَنَا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال اللالكائي (أنا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ ، قَالَ : نا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَ : نا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سمعت الْمُغِيرَةَ بْنَ عُتَيْبَةَ بْنِ النَّهَّاسِ ، يَقُولُ : عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : الْمُرْجِئَةُ يَهُودُ الْقِبْلَةِ 

أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ , إِجَازَةً , أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ : نا يعقوب بْن شَيْبَة ، قَالَ : نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّرَارِيُّ ، قَالَ : نا مُحَمَّدُ بْنُ سوار الرَّازِيُّ ، قَالَ : أنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ مُسْلِمٍ ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ :  مَا لَيْلٌ بِلَيْلٍ ، وَلا نَهَارٌ بِنَهَارٍ أشبه مِنَ الْمُرْجِئَةِ بِالْيَهُودِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 

والجماعة


بَيَانُ أنَّ الايِمَانَ وَ الكُفْرَ قَدَرُ اللهِ  وَ من عَذَرَ الكَافِرَ بِغَيْرِ مَا عَذَرَ اللهُ بِهِ خَلْقَهُ فَقَدْ طَعَنَ فِي القَدَرِ اللهِ وَ قَضَائِهِ فِي خَلْقِهِ

 

قال الاجري (الْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ: خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَاجِبٌ قَضَاءٌ وَقَدَرٌ، وَمَا قُدِّرَ يَكُنْ، وَمَا لَمْ يَقَدَّرْ لَمْ يَكُنْ، فَإِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلِمَ أَنَّهَا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ لَهُ فَيَشْكُرُهُ عَلَى ذَاكَ وَإِنْ عَمِلَ بِمَعْصِيَتِهِ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ، وَعَلِمَ أَنَّهَا بِمَقْدُورٍ جَرَى عَلَيْهِ، فَذَمَّ نَفْسَهُ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُجَّةٌ، بَلْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ عَلَى خَلْقِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ، فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ}... ثُمَّ بَعَثَ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ وَحْيَهُ، وَأَمَرَهُمْ بِالْبَلَاغِ لِخَلْقِهِ، فَبَلَّغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ، وَنَصَحُوا قَوْمَهُمْ، فَمَنْ جَرَى فِي مَقْدُورِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُؤْمِنَ آمَنَ، وَمَنْ جَرَى فِي مَقْدُورِهِ أَنْ يَكْفُرَ كَفَرَ) الشريعة

 

مَنْ هَدَاهُ اللهُ فَبِإرَادَتِهِ وَ عِلْمِهِ

قال تعالى (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) الانعام

قال تعالى (فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ) الزمر

قال تعالى (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ ۚ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ) النحل

قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ ) الحج

قال تعالى (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )النور

قال تعالى (لَّقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ ۚ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) النور

جاء في موطأ الامام مالك بن أنس (حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْهَادِي وَالْفَاتِنُ ) كتاب القدر  - النهي عن القول بالقدر

 

بَيَانُ أنَّ  مَنْ أضَلَّهُ اللهُ فَبِإرَادَتِهِ وَ عِلْمِهِ

قال تعالى (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) الانعام

قال تعالى (مَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ ۚ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) الاعراف

قال تعالى (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) الرعد

قال تعالى (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الرعد

قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ، فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ابراهيم

قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) النحل

قال تعالى (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ ۗ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ) الكهف

قال ابن بطة العكبري (فَفِي كُلِّ هَذِهِ الآيَاتِ يُعَلِّمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ هُوَ الْهَادِي الْمُضِلُّ ، أَنَّ الرُّسُلَ لا يَهْتَدِي بِهَا إِلا مَنْ هَدَاهُ اللَّهُ ، وَلا يَأْبَى الْهِدَايَةَ إِلا مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ ، وَلَوْ كَانَ مَنِ اهْتَدَى بِالرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ مُهْتَدِيًا بِغَيْرِ هِدَايَتِهِ ، لَكَانَ كُلُّ مَنْ جَاءَهُمُ الْمُرْسَلُونَ مُهْتَدِينَ لأَنَّ الرُّسُلَ بُعِثُوا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَنَصِيحَةً لِمَنْ أَطَاعَهُمْ مِنَ الْخَلِيقَةِ أَجْمَعِينَ ، فَلَوْ كَانَتِ الْهِدَايَةُ إِلَيْهِمْ ، لَمَا ضَلَّ أَحَدٌ جَاءُوهُ ) الابانة الكبرى

 

أفْعَالُ الخَلْقِ بِمَشِيئَةِ الله  وَ ارَادَتِهِ وَ اِنْ لَمْ يُرِدْهَا الخَلْقُ  

قال البخاري (حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرِّشْكُ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ يُحَدِّثُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُعْرَفُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَلِمَ يَعْمَلُ الْعَامِلُونَ قَالَ كُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَوْ لِمَا يُسِّرَ لَهُ ) بَاب جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ

و قال البخاري أيضا (حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ الْأَعْمَشِ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنَازَةٍ ، فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ ، فَقَالَ :   مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ   ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ ؟ قَالَ :   اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ ، ثُمَّ قَرَأَ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى  وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى سورة الليل - آية  ) سُورَةُ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى

جاء في موطأ الامام مالك بن أنس (حَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِك عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ الْيَمَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ أَدْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ قَالَ طَاوُسٌ وَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ أَوْ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ ) كتاب القدر - النهي عن القول بالقدر

 

لاَ يَحِقُّ الضَلاَلُ الاَّ عَلَى مَنْ أضَلَّهُ اللهُ بِإرَادَتِهِ

قال تعالى (فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا ۚ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ ۖ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) النساء

قال تعالى (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ) النساء

 

وَ لاَ يَدْخُلُ النَّارَ الاَّ مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَاخِلُهَا  

قال تعالى(وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) السجدة

قال تعالى (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ ) الزمر

قال ابن جرير الطبري (أَفَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ فِي سَابِقِ عِلْمِ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ بِكَفْرِهِ بِهِ  . وَقَوْلُهُ : ( أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ ) يَقُولُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ يَا مُحَمَّدُ مَنْ هُوَ فِي النَّارِ مَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ ، فَأَنْتَ تُنْقِذُهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ  مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ) الصافات

قال الفريابي (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (  مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ )  مُضِلِّينَ (  إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ )  إِلا مَنْ قُدِّرَ لَهُ أَنْ يَصْلَى الْجَحِيمَ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: ( مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ ) قَالَ:  إِلا مَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَالِ الْجَحِيمِ  ) القدر

 

لاَ يَحِقُّ الهُدَى الاَّ عَلَى مَنْ هَدَاهُ اللهُ بِإرَادَتِهِ

قال تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ حَمْزَةَ، ثنا شَبَابَةُ، ثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ:   ( وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )  بِمَنْ قُدِّرَ لَهُ الْهُدَى وَالضَّلالَةُ )  تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وســلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (وَلَا يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ ۚ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) هود

قال تعالى (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ ) سبا

قال أبو داود (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ غَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عُبَيْدٍ الصِّيدِ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِ اللَّهِ  عز وجل  " ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ )، قَالَ: بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ ) السنن

قال تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) الأنفال

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْمُنْهَالِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : ( يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) ، قَالَ : يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ، وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ

حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) ، يَقُولُ : يَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ ، وَيَحُولُ بَيْنَ الْكَافِرِ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ : ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) ، قَالَ : يَحُولُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَقَلْبِهِ ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُؤْمِنَ وَلَا يَكْفُرَ إِلَّا بِإِذْنِهِ  ) جامع البيان في تأويل القران

قال الاجري (اعْلَمُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أنَّ مَوْلَاكُمُ الْكَرِيمَ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ، فَيُوَصِّلُ إِلَى قَلْبِهِ مَحَبَّةَ الْإِيمَانِ ، فَيُؤْمِنُ وَيُصَدِّقُ ، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ، فَلَا يَقْدِرُ نَبِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ بَعْدَ أَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَنِ الْإِيمَانِ ) الشريعة

 

 

مَشِيئَةُ الخَلْقِ تَبَعٌ لِمَشِيئَةِ الخَالِقِ فَمَنْ شَاءَ اللهُ هِدَايَتَهُ اهْتَدَى وَ مَنْ شَاءَ اللهُ ضَلالَهُ ضَلَّ  وَلاَ يَهْتَدِي أبَداً

قال تعالى ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ۚ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۖ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ ۗ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) البقرة

قال تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ) البقرة

قال تعالى (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ  وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا ۗ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ) الأنعام

قال تعالى ( لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير

قال الفريابي (حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَاسِطِيُّ الْمَعْرُوفُ بِكُرْدُوسَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمٍ  قَالَ: " وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ  عز وجل  وَلا كَمَا قَالَتِ الْمَلائِكَةُ، وَلا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ، وَلا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ، وَلا كَمَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ، وَلا كَمَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ، قَالَ اللَّهُ  عز وجل : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ )، وَقَالَتِ الْمَلائِكَةُ: ( سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا )، وَقَالَ شُعَيْبٌ: ( وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا )، وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: ( وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ )، وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: ( رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا )، وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ: ( رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي ) ) القدر

قال الاجري (فَإِنَّ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمُوا أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِيَدِ اللَّهِ، يُزِيغُهَا إِذَا شَاءَ عَنِ الْحَقِّ، وَيَهْدِيهَا إِذَا شَاءَ إِلَى الْحَقِّ، مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهَذَا كَفَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا أَرْشَدَ أَنْبِيَاءَهُ إِلَيْهِ وَالْمُؤْمِنِينَ مِنَ الدُّعَاءِ، أَرْشَدَهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنْ يَقُولُوا: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} ) الشريعة

 

لاَ رَادَّ وَ  لاَ مُعَانِدَ لَمَشِيئَة اللهِ فِي خَلْقِهِ الاَّ قَدَرِيٌّ خَبِيثٌ

 قال تعالى (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) الانعام

قال ابن جرير الطبري (وَفِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى خَطَأِ مَا قَالَ أَهْلُ التَّفْوِيضِ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ الْمُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ اللَّهِ لِطَائِفُ لِمَنْ شَاءَ تَوْفِيقَهُ مِنْ خَلْقِهِ ، يَلْطُفُ بِهَا لَهُ حَتَّى يَهْتَدِيَ لِلْحَقِّ ، فَيَنْقَادَ لَهُ ، وَيُنِيبَ إِلَى الرَّشَادِ فَيُذْعِنَ بِهِ وَيُؤْثِرَهُ عَلَى الضَّلَالِ وَالْكُفْرِ بِاللَّهِ . وَذَلِكَ أَنَّهُ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَخْبَرَ أَنَّهُ لَوْ شَاءَ الْهِدَايَةَ لِجَمِيعِ مَنْ كَفَرَ بِهِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَى الْهُدَى فَعَلَ . وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ كَانُوا مُهْتَدِينَ لَا ضُلَّالًا . وَهُمْ لَوْ كَانُوا مُهْتَدِينَ كَانَ - لَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَهُمْ مُهْتَدِينَ كَانَ - خَيْرًا لَهُمْ . وَفِي تَرْكِهِ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى تَرْكٌ مِنْهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ فِي دِينِهِمْ بَعْضَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ فِيهِ ، مِمَّا هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهِ بِهِمْ ، وَقَدْ   تَرَكَ فِعْلَهُ بِهِمْ . وَفِي تَرْكِهِ فِعْلُ ذَلِكَ بِهِمْ أَوْضَحُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ كُلَّ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا يَصِلُونَ إِلَى الْهِدَايَةِ ، وَيَتَسَبَّبُونَ بِهَا إِلَى الْإِيمَانِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال اللالكائي (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَهْدِيٍّ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ : نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : إِنَّ هَاهُنَا رَجُلًا يَتَكَلَّمُ فِي الْمَشِيئَةِ . قَالَ : وَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ خَلَقَكَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِمَا شَاءَ أَوْ لِمَا شِئْتَ ؟ قَالَ : بَلْ لِمَا شَاءَ . قَالَ : فَيُمْرِضُكَ إِذَا شَاءَ أَوْ إِذَا شِئْتَ ؟ قَالَ : بَلْ إِذَا شَاءَ . قَالَ : فَيَشْفِيكَ إِذَا شَاءَ أَوْ إِذَا شِئْتَ ؟  قَالَ : إِذَا شَاءَ . قَالَ : فَيُمِيتُكَ إِذَا شَاءَ أَوْ إِذَا شِئْتَ ؟ قَالَ : إِذَا شَاءَ . قَالَ : فَيُدْخِلُكَ حَيْثُ شَاءَ أَوْ شِئْتَ ؟ قَالَ : حَيْثُ شَاءَ . قَالَ : وَاللَّهِ لَوْ قُلْتَ غَيْرَ هَذَا لَضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاكَ بِالسَّيْفِ قَالَ : ثُمَّ تَلَا : ( وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ )  

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ : ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ : ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ قَالَ : ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الْقَسْمَلِيِّ : عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : قَرَأْتُ نَيِّفًا وَتِسْعِينَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ مِنْهَا سَبْعُونَ ظَاهِرَةٌ فِي الْكَنَائِسِ ، وَنَيِّفٌ وَعِشْرُونَ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ ، وَوَجَدْتُ فِيهَا كَلِمَاتٍ : مَنْ وَكَلَ إِلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَشِيئَةِ فَقَدْ كَفَرَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

 

وَ كَذَلِكَ يُؤْمِنُ المَخْلُوقُ  وَ يَكْفُرُ وَ يَعْصِي بِمَشِيئَةِ اللهِ وَ ارَادَتِهِ  

قال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ۚ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) النحل

قال أبو المظفر السمعاني (مَعْنَاهُ: فَمنهمْ من هداه الله للْإيمَان، وَمِنْهُم من وَجَبت عَلَيْهِ الضَّلَالَة، وَتَركه فِي الْكفْر بِالْقضَاءِ السَّابِق، فَهَذِهِ الْآيَة تبين أَن من آمن بِمَشِيئَة الله، وَأَن من كفر، كفر بِمَشِيئَة الله ) تفسير السمعاني

قال الفريابي (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْجَابِيَةِ، وَالْجَاثَلِيقُ مَاثِلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالتُّرْجُمَانُ يُتَرْجِمُ، فَقَالَ عُمَرُ: " مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ "، فَقَالَ الْجَاثَلِيقُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُضِلُّ أَحَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: " مَا تَقُولُ؟ " فَقَالَ التُّرْجُمَانُ: لا شَيْءَ، ثُمَّ عَادَ فِي خُطْبَتِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، قَالَ الْجَاثَلِيقُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُضِلَّ أَحَدًا، فَقَالَ عُمَرُ: " مَا تَقُولُ؟ " فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَلَوْلا وَلْتُ عَهْدٍ لَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، بَلِ اللَّهُ خَلَقَكَ وَاللَّهُ أَضَلَّكَ، ثُمَّ يُمِيتُكَ، ثُمَّ يُدْخِلُكَ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ  عز وجل  لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ نَثَرَ ذُرِّيَّتَهُ، فَكَتَبَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، وَأَهْلَ النَّارِ وَمَا هُمْ عَامِلُونَ، ثُمَّ قَالَ: هَؤُلاءِ لِهَذِهِ، وَهَؤُلاءِ لِهَذِهِ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ تَذَاكَرُوا الْقَدَرَ فَافْتَرَقَ النَّاسُ وَمَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ

سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ، وَذَكَرَ قِصَّةَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ:   إِنْ كَانَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَمَا عَلَى أَبِي لَهَبٍ مِنْ لَوْمٍ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ: فَذَكَرْتُهُ لِوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ بِهَذَا يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ) القدر

قال حرب الكرماني (حدثنا أبو معن قال: ثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عمر بن محمد قال: كنت عند سالم بن عبد الله فقال له رجل: الرجل يزني كتبه الله عليه؟ قال: نعم. قال: ويعذبه عليه؟ قال: نعم

حدثنا كثير بن يحيى بن كثير قال: حدثني منصور بن زيد العدوي قال: حدثنا عمر بن محمد بن زيد قال: سأل رجل سالم بن عبد الله قال: الربا بقدر؟ قال: نعم، قال: قضاء قضاه الله عليه؟ قال: نعم على رغم أنفك ) كتاب السنة – باب ما جاء في القدر

قال ابن بطة العكبري ( فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ  عز وجل  شَاءَ لِعِبَادِهِ الَّذِينَ جَحَدُوهُ وَكَفَرُوا بِهِ وَعَصَوْهُ الْخَيْرَ وَالإِيمَانَ بِهِ وَالطَّاعَةَ لَهُ، وَأَنَّ الْعِبَادَ شَاءُوا لأَنْفُسِهِمُ الشَّرَّ وَالْكُفْرَ وَالْمَعْصِيَةَ، فَعَمِلُوا عَلَى مَشِيئَتِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ وَاخْتِيَارِهِمْ لَهَا خِلافًا لِمَشِيئَتِهِ فِيهِمْ فَكَانَ مَا شَاءُوا وَلَمْ يَكُنْ مَا شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مَشِيئَةَ الْعِبَادِ أَغْلَبُ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَأَنَّهُمْ أَقْدَرُ عَلَى مَا يُرِيدُونَ مِنْهُ عَلَى مَا يُرِيدُ، فَأَيُّ افْتِرَاءٍ عَلَى اللَّهِ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا؟ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْخَلْقِ صَائِرٌ إِلَى غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ وَعَلِمَهُ اللَّهُ مِنْهُ، فَقَدْ نَفَى قُدْرَةَ اللَّهِ  عز وجل  عَنْ خَلْقِهِ، وَجَعَلَ الْخَلْقَ يَقْدِرُونَ لأَنْفُسِهِمْ عَلَى مَا لا يَقْدِرُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ، وَهَذَا إِلْحَادٌ وَتَعْطِيلٌ وَإِفْكٌ عَلَى اللَّهِ  عز وجل  وَكَذِبٌ وَبُهْتَانٌ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الزِّنَا لَيْسَ بِقَدَرٍ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَمَلَتْ مِنَ الزِّنَا وَجَاءَتْ بِوَلَدِهَا، هَلْ شَاءَ   اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ هَذَا الْوَلَدَ، وَهَلْ مَضَى هَذَا فِي سَابِقِ عِلْمِ اللَّهِ، وَهَلْ كَانَ فِي الذُّرِّيَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا عز وجل  مِنْ ظَهْرِ آدَمَ؟ فَإِنْ قَالَ: لا، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ خَالِقًا غَيْرَهُ وَإِلَهًا آخَرَ، وَهَذَا قَوْلٌ يُضَارِعُ الشِّرْكَ، بَلْ هُوَ الشِّرْكُ الصَّارِحُ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا تَقُولُ الْمُلْحِدَةُ وَالْقَدَرِيَّةُ عُلُوًّا كَبِيرًا.  ) الابانة الكبرى  ج  1ص ص472

 

لا يُسْأَلُ اللهُ عَنْ فِعْلِهِ و قَضَائِهِ فِي خَلْقِهِ

قال تعالى (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الانبياء

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ : لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ عَصَى اللَّهَ ، وَلَكِنْ لِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى عِبَادِهِ . وَقَالَ :   فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ  ، قَالَ : لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال الاجري (الأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا بُعِثُوا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَحُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ، فَمَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الإِيمَانَ آمَنَ، وَمَنْ لَمْ يَشَأْ لَهُ الإِيمَانَ لَمْ يُؤْمِنْ، قَدْ فَرَغَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَدْ كَتَبَ الطَّاعَةَ لِقَوْمٍ، وَكَتَبَ الْمَعْصِيَةَ عَلَى قَوْمٍ، وَيَرْحَمُ أَقْوَامًا بَعْدَ مَعْصِيَتِهِمْ إِيَّاهُ، وَيَتُوبُ عَلَيْهِمْ، وَقَوْمٌ لا يَرْحَمُهُمُ، وَلا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ: لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ) الشريعة

 

رِفْعَةُ المُسْلِمِ عَلَى الكَافِرِ  وَ عَدَمُ اسْتِوَائِهِمَا

قال تعالى (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ  مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ   أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ  إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ  أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۙ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ   سَلْهُمْ أَيُّهُم بِذَٰلِكَ زَعِيمٌ   أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِن كَانُوا صَادِقِينَ   يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) القلم

قال ابن جرير الطبري ( قَوْلُهُ : ( مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) أَتَجْعَلُونَ الْمُطِيعَ لِلَّهِ مِنْ عَبِيدِهِ ، وَالْعَاصِيَ لَهُ مِنْهُمْ فِي كَرَامَتِهِ سَوَاءً . يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : لَا تُسَوُّوا بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ ، بَلِ الْمُطِيعُ لَهُ الْكَرَامَةُ الدَّائِمَةُ ، وَالْعَاصِي لَهُ الْهَوَانُ الْبَاقِي ) جامع البيان في تأويل القران

قال ابن أبي زمنين ({أفنجعل الْمُسلمين كالمجرمين} كالمشركين؛ أَي: لَا نَفْعل . ثُمَّ قَالَ لِلْمُشْرِكِينَ: {مَا لَكُمْ كَيفَ تحكمون} أَيْ: لَيْسَ حُكْمُنَا أَنْ نَجْعَلَ الْمُسلمين فِي الْآخِرَة كالمشركين ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال تعالى (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ  أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ ۖ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ) السجدة

قال الاجري (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الأَعْرَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَا أَبْسَطُ مِنْكَ لِسَانًا، وَأَحَدُ مِنْكَ سِنَانًا، وَأَجْلَى لِلْكَتِيبَةِ مِنْكَ، فَقَالَ: اسْكُتْ، فَإِنَّكَ فَاسِقٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ ) ) الشريعة

قال ابن جرير الطبري (أَفَهَذَا الْكَافِرُ الْمُكَذِّبُ بِوَعْدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ ، الْمُخَالِفُ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيِهِ ، كَهَذَا الْمُؤْمِنِ بِاللَّهِ ، وَالْمُصَدِّقِ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ، الْمُطِيعِ لَهُ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ، كَلَّا لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ يَقُولُ : لَا يَعْتَدِلُ الْكُفَّارُ بِاللَّهِ ، وَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ عِنْدَهُ ، فِيمَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلَهُ : ( أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ) قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا اسْتَوَوْا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلَا فِي الْآخِرَةِ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في تفسير يحيى بن سلام (قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا} [السجدة: 18] ، يَعْنِي: كَمَنْ كَانَ مُشْرِكًا{لا يَسْتَوُونَ} [السجدة: 18] وَهُوَ عَلَى الاسْتِفْهَامِ )

قال اللالكائي (سِيَاقُ مَا وَرَدَ مِنَ الآيَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنَّ اسم الْإِيمَان اسم مدح وأن المؤمنين فِي الجنّة وأنّه ضد النفاق والفسق قَالَ تعالى: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ )  ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة

 

قال تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ  أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ص

قال ابن جرير الطبري (وَقَوْلُهُ ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ ) يَقُولُ : أَنَجْعَلُ الَّذِينَ صَدَقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَعَمِلُوا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ ، وَانْتَهَوْا عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ ( كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ ) يَقُولُ : كَالَّذِينِ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ وَيَعْصُونَهُ وَيُخَالِفُونَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ ) جامع البيان في تأويل القران

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله تَعَالَى: {أم نجْعَل الَّذين آمنُوا} مَعْنَاهُ: أنجعل الَّذين آمنُوا (وَعمِلُوا الصَّالِحَات كالمفسدين فِي الأَرْض) أَي: لَا نجْعَل ) تفسير السمعاني

قال الاجري (قَالَ نَافِعٌ: قَدْ رَأَيْتُ فَهْدَانَ كَانَ رَجُلا لا يَصْحُو مِنَ الشَّرَابِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ قَالَ هَذَا فَلَقَدْ أَعْظَمَ الْفِرْيَةَ عَلَى اللَّهِ عز وجل  وَأَتَى بِضِدِّ الْحَقِّ، وَبِمَا يُنْكِرْهُ جَمِيعُ الْعُلَمَاءِ ؛ لأَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ يَزْعُمُ أَنَّ مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ: لَمْ تَضُرُّهُ الْكَبَائِرُ أَنْ يَعْمَلَهَا، وَلا الْفَوَاحِشُ أَنْ يَرْتَكِبَهَا، وَأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ الْبَارَّ التَّقِيَّ الَّذِي لا يُبَاشِرُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَالْفَاجِرَ يَكُونَانِ سَوَاءً، هَذَا مُنْكَرٌ ) كتاب الشريعة

 

قال تعلى (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة

قال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ  مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) هود

قال ابن أبي زمنين (أَي لَا يستويان مثل الْكَافِرُ مِثْلُ الأَعْمَى وَالأَصَمِّ؛ لأَنَّهُ أَعْمَى أَصَمُّ عَنِ الْهُدَى، وَالْبَصِيرُ وَالسَّمِيعُ مِثْلُ الْمُؤْمِنِ؛ لأَنَّهُ أَبْصَرَ الْهُدَى وَسَمِعَهُ؛ يَقُولُ: فَكَمَا لَا يَسْتَوِي عِنْدَكُمُ الأَعْمَى وَالأَصَمُ وَالْبَصِيرُ وَالسَّمِيعُ فِي الدُّنْيَا؛ فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ فِي الدِّينِ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال ابن جرير الطبري (( هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ) ، يَقُولُ : هَلْ يَسْتَوِي هَذَانَ الْفَرِيقَانِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَتَيْهِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا عِنْدَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ؟ فَإِنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَكُمْ ، فَكَذَلِكَ حَالُ الْكَافِرِ وَالْمُؤْمِنِ لَا يَسْتَوِيَانِ عِنْدَ اللَّهِ ( أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) ، يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ أَيُّهَا النَّاسُ وَتَتَفَكَّرُونَ ، فَتَعْلَمُوا حَقِيقَةَ اخْتِلَافِ أَمْرَيْهِمَا ، فَتَنْزَجِرُوا عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الضَّلَالِ إِلَى الْهُدَى ، وَمِنَ الْكُفْرِ إِلَى الْإِيمَانِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَنْسَابَكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِسِبَابٍ عَلَى أَحَدٍ وَإِنَّمَا أَنْتُمْ وَلَدُ آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِالدِّينِ أَوْ عَمَلٍ صَالِحٍ حَسْبُ الرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ فَاحِشًا بَذِيًّا بَخِيلًا جَبَانًا ) المسند – مسند الشاميين

و قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا الْمَسْعُودِيُّ وَأَبُو النَّضْرِ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ الْمَعْنَى عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ إِلَيْكُمْ وَقَدْ بُيِّنَتْ لِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ ومَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَكَانَ تَلَاحٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بِسُدَّةِ الْمَسْجِدِ فَأَتَيْتُهُمَا لِأَحْجِزَ بَيْنَهُمَا فَأُنْسِيتُهُمَا وَسَأَشْدُو لَكُمْ مِنْهُمَا شَدْوًا أَمَّا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وِتْرًا وَأَمَّا مَسِيحُ الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ أَجْلَى الْجَبْهَةِ عَرِيضُ النَّحْرِ فِيهِ دَفَأٌ كَأَنَّهُ قَطَنُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ يَضُرُّنِي شَبَهُهُ قَالَ لَا أَنْتَ امْرُؤٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ امْرُؤٌ كَافِرٌ 

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، وَحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُفُوفِنَا فِي الصَّلَاةِ، صَلَاةِ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، ثُمَّ تَأَخَّرَ فَتَأَخَّرَ النَّاسُ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ، قَالَ لَهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: شَيْئًا صَنَعْتَهُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ !، قَالَ: " عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ بِمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ وَالنَّضْرَةِ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ لِآتِيَكُمْ بِهِ، فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلَوْ أَتَيْتُكُمْ بِهِ لَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا يُنْقِصُونَهُ شَيْئًا، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ، فَلَمَّا وَجَدْتُ سَفْعَهَا تَأَخَّرْتُ عَنْهَا، وَأَكْثَرُ مَنْ رَأَيْتُ فِيهَا النِّسَاءُ اللَّاتِي: إِنْ اؤْتُمِنَّ أَفْشَيْنَ، وَإِنْ يُسْأَلْنَ بَخِلْنَ، وَإِنْ يَسْأَلْنَ أَلْحَفْنَ قَالَ حُسَيْنٌ: وَإِنْ أُعْطِينَ لَمْ يَشْكُرْنَ وَرَأَيْتُ فِيهَا لُحَيَّ بْنَ عَمْرٍو يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، وَأَشْبَهُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ مَعْبَدُ بْنُ أَكْثَمَ الْكَعْبِيُّ "، قَالَ مَعْبَدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُخْشَى عَلَيَّ مِنْ شَبَهِهِ وَهُوَ وَالِدٌ؟، فَقَالَ: لَا، أَنْتَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ كَافِرٌ "

 قَالَ حُسَيْنٌ: وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ حَمَلَ الْعَرَبَ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، قَالَ حُسَيْنٌ: " تَأَخَّرْتُ عَنْهَا، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَغَشِيَتْكُمْ ") مسند أبي هريرة رضي الله عنه و جابر رضي الله عنهما

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ ، فَرَأَيْتُ فِيهَا عَمْرُو بْنُ فُلَانِ بْنِ فُلَانِ بْنِ خِنْدِفَ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إِبْرَاهِيمَ ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ ، وَأَشْبَهُ مَنْ رَأَيْتُ بِهِ أَكْثَمُ بْنُ الْجَوْنِ ! فَقَالَ أَكْثَمُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيَضُرُّنِي شِبْهُهُ؟ قَالَ :   لَا لِأَنَّكَ مُسْلِمٌ ، وَإِنَّهُ كَافِرٌ ) جامع البيان في تأويل القران و كذلك في السيرة لابن هشام

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْآدَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَّامُ بْنُ مِسْكِينٍ , عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمَدَنِيِّ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَافَحَ أَبَا جَهْلٍ , فَقِيلَ لِأَبِي جَهْلٍ: تُصَافِحُ هَذَا الصَّابِئَ , فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ , وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا تَبَعًا لِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ: فَنَزَلَتْ {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33]

قال الشيخ ( ابن بطة ) : هَذَا أَبُو جَهْلٍ قَدْ عَرَفَ بِقَلْبِهِ , وَعَلِمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , فَيَلْزَمُ صَاحِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنْ يُلْحِقَهُ فِي الْإِيمَانِ بِأَهْلِ بَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَأَصْحَابِ الشَّجَرَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ! غَضِبَ اللَّهُ عَلَى صَاحِبِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ , وَأَصْلَاهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا , فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ , وَلَا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ , وَلَا بَيْنَ الصَّالِحِ وَالطَّالِحِ

حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَابِتٍ ، قَالَ : ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ ، قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ ، يَقُولُ : كَيْفَ بِكَ إِذَا بَقِيتَ إِلَى زَمَانٍ شَاهَدْتَ فِيهِ نَاسًا لا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، وَلا بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ ، وَلا بَيْنَ الأَمِينِ وَالْخَائِنِ ، وَلا بَيْنَ الْجَاهِلِ وَالْعَالِمِ ، وَلا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا ، وَلا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا

قَالَ الشَّيْخُ : فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، فَإِنَّا قَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ ، وَسَمِعْنَاهُ ، وَعَلِمْنَا أَكْثَرَهُ ، وَشَاهَدْنَاهُ ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلا مِمَّنْ وَهَبَ اللَّهُ لَهُ عَقْلا صَحِيحًا ، وَبَصَرًا نَافِذًا ، فَأَمْعَنَ نَظَرَهُ وَرَدَّدَ فِكْرَهُ ، وَتَأَمَّلَ أَمْرَ الإِسْلامِ وَأَهْلَهُ ، وَسَلَكَ بِأَهْلِهِ الطَّرِيقَ الأَقْصَدَ ، وَالسَّبِيلَ الأَرْشَدَ لَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الأَكْثَرَ وَالأَعَمَّ الأَشْهَرَ مِنَ النَّاسِ قَدْ نَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، وَارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ ، فَحَادُوا عَنِ الْمَحَجَّةِ ، وَانْقَلَبُوا عَنْ صَحِيحِ الْحُجَّةِ ، وَلَقَدْ أَضْحَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَسْتَحْسِنُونَ مَا كَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ ، وَيَسْتَحِلُّونَ مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَ ، وَيَعْرِفُونَ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ ، وَمَا هَذِهِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَخْلاقَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلا أَفْعَالَ مَنْ كَانُوا عَلَى بَصِيرَةٍ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَلا مِنْ أَهْلِ الإِيمَانِ بِهِ وَالْيَقِينِ) الابانة الكبرى  

 

اللهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى لاَ يَحْتَاجُ لِعِبَادَةِ وَ لاَ يَفْتَقِرُ لِطَاعَةِ خَلْقِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَضُرُّ الاَّ نَفْسَهُ

 

قال تعالى (قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل

قال ابن جرير الطبري (وَمِنْ كَفَرَ نِعَمَهُ وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِ وَفَضْلَهُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ ظَلَمَ ، وَحَظَّهَا بَخَسَ ، وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْ شُكْرِهِ ، لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ ، لَا يَضُرُّهُ كُفْرُ مَنْ كَفَرَ بِهِ مِنْ خَلْقِهِ ، كَرِيمٌ وَمِنْ كَرَمِهِ إِفْضَالُهُ عَلَى مَنْ يَكْفُرُ نِعَمَهُ ، وَيَجْعَلُهَا وَصْلَةً يَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَعَاصِيهِ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَقَالَ مُوسَىٰ إِن تَكْفُرُوا أَنتُمْ وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ) ابراهيم

قال ابن جرير الطبري (وَقَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ : إِنْ تَكْفُرُوا ، أَيُّهَا الْقَوْمُ ، فَتَجْحَدُوا نِعْمَةَ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ ، وَيَفْعَلْ فِي ذَلِكَ مِثْلَ فِعْلِكُمْ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ( فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ ) عَنْكُمْ وَعَنْهُمْ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ ، لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى شُكْرِكُمْ إِيَّاهُ عَلَى نِعَمِهِ عِنْدَ جَمِيعِكُمْ ( حَمِيدٌ ) ، ذُو حَمْدٍ إِلَى خَلْقِهِ بِمَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِمْ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ) النساء

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، ثَنَا عَمْرٌو الْعَنْقَزِيُّ عَنْ أَسْبَاطٍ ، عَنِ السُّدِّيِّ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا يَعْنِي قَالَ: عَنْ صَدَقَاتِكُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ  إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ ) فاطر

قال ابن جرير الطبري (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ أُولُو الْحَاجَةِ وَالْفَقْرِ إِلَى رَبِّكُمْ فَإِيَّاهُ فَاعْبُدُوا ، وَفِي رِضَاهُ فَسَارِعُوا ، يُغْنِكُمْ مِنْ فَقْرِكُمْ ، وَتَنْجَحْ لَدَيْهِ حَوَائِجُكُمْ ( وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ) عَنْ عِبَادَتِكُمْ إِيَّاهُ ، وَعَنْ خِدْمَتِكُمْ ، وَعَنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ ; مِنْكُمْ وَمِنْ غَيْرِكُمْ ( الْحَمِيدُ ) يَعْنِي : الْمَحْمُودُ عَلَى نِعَمِهِ ; فَإِنَّ كُلَّ نِعْمَةٍ بِكُمْ وَبِغَيْرِكُمْ فَمِنْهُ ، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ بِكُلِّ حَالٍ ) جامع البيان في تأويل القران

 

قال مسلم ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدِّمَشْقِيَّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْأَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلَّا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ قَالَ سَعِيدٌ كَانَ أَبُو إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ) بَاب تَحْرِيمِ الظُّلْمِ

 

تَحْرِيمُ المُجَادَلَةِ عَنِ العُصَاةِ وَ الكَافِرِينَ وَ المُشْرِكِينَ وَ انْ كَانُوا الجاهلين

 

قال تعالى (  وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا  ) النساء

و قال تعالى (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا ) النساء

قال ابن جرير الطبري ( إِنَّكُمْ أَيُّهَا الْمُدَافِعُونَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَائِنِينَ أَنْفُسَهُمْ ، وَإِنْ دَافَعْتُمْ عَنْهُمْ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّهُمْ سَيَصِيرُونَ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ إِلَى مَنْ لَا يُدَافِعُ عَنْهُمْ عِنْدَهُ أَحَدٌ فِيمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنْ أَلِيمِ الْعَذَابِ وَنَكَالِ الْعِقَابِ  ) جامع البيان في تأويل القران

 

 قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) النساء

قال ابن جرير الطبري (وَمَعْنَى الْكَلَامِ : أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ بِتَعْظِيمِهِمْ غَيْرَ اللَّهِ بِالْعِبَادَةِ وَالْإِذْعَانِ لَهُ بِالطَّاعَةِ فِي الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَعْصِيَتِهِمَا بِأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ أَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ ، وَأَنَّ دِينَ أَهْلِ التَّكْذِيبِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ أَعْدَلُ وَأَصْوَبُ مِنْ دِينِ أَهْلِ التَّصْدِيقِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ كَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَأَنَّهُ قَائِلُ ذَلِكَ  

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ أي : أُولَئِكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ أَنَّهُمْ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ وَهُمْ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ، هُمُ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ، يَقُولُ : أَخْزَاهُمُ اللَّهُ فَأَبْعَدَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ بِإِيمَانِهِمْ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ، وَكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ عِنَادًا مِنْهُمْ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ، وَبِقَوْلِهِمْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا : هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا) جامع البيان في تأويل القران

 

وَ قَدْ كَانَ الصَحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُ يٌنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يُجَادِلُ عَلَى أهْلِ البَاطِلِ  فِي حَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَ لاَ يُنْكِرُ عَلَيْهِمُ

 

قال البخاري (حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَالسِّيَاقُ حَدِيثُ مَعْمَرٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدٍ وَابْنِ رَافِعٍ قَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ جَمِيعًا عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوِهِ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَةِ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ قَدْ انْقَطَعَ فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِيَ الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ قَالَتْ وَكَانَتْ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنْ الطَّعَامِ فَلَمْ يَسْتَنْكِرْ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ فَبَعَثُوا الْجَمَلَ وَسَارُوا وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ   فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي وَقَدْ كَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ عَلَيَّ فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَ وَاللَّهِ مَا يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِيَ الرَّاحِلَةَ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ شَهْرًا وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ وَلَا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّمُ ثُمَّ يَقُولُ كَيْفَ تِيكُمْ فَذَاكَ يَرِيبُنِي  وَلَا أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍقِبَلَ الْمَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا وَلَا نَخْرُجُ إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْلٍ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الْأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ وَهِيَ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنُهَامِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ لَهَا بِئْسَ مَا قُلْتِ أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَتْ أَيْ هَنْتَاهْ أَوْ لَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ قُلْتُ وَمَاذَا قَالَ قَالَتْ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الْإِفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إِلَى مَرَضِي فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ كَيْفَ تِيكُمْ قُلْتُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لِأُمِّي يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ  فَقَالَتْ يَا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا قَالَتْ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا قَالَتْ فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ وَبِالَّذِي يَعْلَمُ فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنْ الْوُدِّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقْ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ وَإِنْ تَسْأَلْ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقَالَ أَيْ بَرِيرَةُ هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ مِنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ قَالَتْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِ   بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ قَالَتْ فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ اجْتَهَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ فَقَالَلِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْتُلُهُ وَلَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنْ الْمُنَافِقِينَ ... )  بَاب فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ 

 

قال عبد اللطيف بن عبد الرحمن  بعد أن ذكر قوله تعالى (ياأيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس) ( و زعيمهم الذي يناضل عنهم و يجادل دونهم هو أخبثهم على الإطلاق  )  مصباح الظلام في الرد على من كذب على الامام ص 309 

 

 

 

 

حُكْمُ مَنْ لَمْ يُكَفِّر المُشْرِكِينَ

بَيّنَ سُبْحَانَهُ أنّ  تَكْفِيرَ المُشْرِكِينَ وَ البَرَاءَةِ مِنْهُم دَاخِلٌ فِي رُكْنِ النَفْيِ مِنْ كَلِمَةِ التَوْحِيدِ

 

قال تعالى (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا) غافر

فَسَمُو أنْفُسَهُمُ بِالمُشْرِكِينَ مُقَابِلَ ايمَانَهُم بِاللهِ ثُمّ بَيَنَ سُبْحَانَهُ أنّ هَذَا الايِمَانَ لَمْ يُتَقَبَّلَ مِنْهُمُ فَسَمَّى دَعْوَاهُمُ الايمَانَ وَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى أنْفُسِهِمْ بِالشِرْكِ ايمَانًا

قال تعالى  (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنةَ

وَ يَتَمَثّلُ النَفْي  فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا

 وَ الاثْبَاتُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ

قال ابن جرير الطبري (قَوْلُهُ : ( إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) يَقُولُ : حِينَ قَالُوا لِقَوْمِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِاللَّهِ ، وَعَبَدُوا الطَّاغُوتَ : أَيُّهَا الْقَوْمُ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ ، وَمِنَ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَنْدَادِ ) جامع البيان في تأويل القران

جاء في  تفسير مقاتل بن سليمان (إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ سورة الممتحنة آية 4 من الآلهة ، كَفَرْنَا بِكُمْ يقول : تبرأنا منكم ، وَبَدَا يعني وظهر ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ سورة الممتحنة آية 4 يعني تصدقوا بالله وحده ، إِلا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ سورة الممتحنة آية 4 يقول الله : تبرموا من كفار قومكم فقد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه من المؤمنين في البراءة من قومهم ، وليس لكم أسوة حسنة في الاستغفار للمشركين )

قال ابن أبي زمنين (قَالَ: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله كفرنا بكم} أَي: بولايتكم فِي الدّين ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال بن جرير الطبري (حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله عزّ وجلّ: ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) قال: الذين معه : الأنبياء ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن

قال برهان الدين البقاعي ( فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ إِلَّا بِتَكْفِيرِ الْمُشْرِكِينَ - كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِقَوْلِهِ: "الْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عِلَّاتٍ؛ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى؛ وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ"؛ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ يَعْنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ شَرَائِعَهُمْ؛ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ فِي الْفُرُوعِ؛ فَهِيَ مُتَّفِقَةٌ فِي الْأَصْلِ؛ وَهُوَ التَّوْحِيدُ ) نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ج 6 ص 268

ثُمّ بَعَدَ هَذِهِ الآيَةِ حَثَّنَا عَلَى التَأَسِي بِهِمُ

قال تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) الممتحنة

قال ابن أبي زمنين (قَوْله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَة حَسَنَة} الْآيَة رَجَعَ إِلَى قَوْله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيم} فَأمر اللَّه نبيّه وَالْمُؤمنِينَ بِالْبَرَاءَةِ من قَومهمْ مَا داموا كفَّارًا؛ كَمَا برِئ إِبْرَاهِيم وَمن مَعَه من قَومهمْ؛ فَقطع الْمُؤْمِنُونَ ولايتهم من أهل مَكَّة، وأظهروا لَهُم الْعَدَاوَة ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال أبو المظفر السمعاني (قَوله: {فِي إِبْرَاهِيم وَالَّذين مَعَه إِذْ قَالُوا لقومهم إِنَّا بُرَآء مِنْكُم وَمِمَّا تَعْبدُونَ من دون الله كفرنا بكم وبدا بَيْننَا وَبَيْنكُم الْعَدَاوَة والبغضاء أبدا} الْمَعْنى فِي الْكل: أَنه أَمرهم بِأَن تأسوا بإبراهيم فِي التبرؤ من الْمُشْركين وَترك الْمُوَالَاة مَعَهم

قَوْله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فيهم أُسْوَة حَسَنَة} كرّر الْمَعْنى الأول على طَرِيق التَّأْكِيد ) تفسير السمعاني

 

وَ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنّ مَنْ لَمْ يَتَبَرَأ مِنْ المُشْرِكِينَ وَ يُكَفِّرُهُمْ وَ يُبْغِضْهُم فَهُوَ مُتَوَلٍ عَنْ التَوْحِيدِ كَاذِبٌ فِي شَهَادَةِ أنّ لاَ إلَهَ إلاّ اللهِ.

قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) ال عمران

قَوْلُه : (فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ) أي نَحْنُ  مُسْلِمُونَ دُونَهُم

جاء في تفسير البيضاوي (فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنِ التَّوْحِيدِ. فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ أَيْ لَزِمَتْكُمُ الْحُجَّةُ فَاعْتَرِفُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ دُونَكُمْ، أَوِ اعْتَرِفُوا بِأَنَّكُمْ كَافِرُونَ بِمَا نَطَقَتْ بِهِ الْكُتُبُ وَتَطَابَقَتْ عَلَيْهِ الرُّسُلُ   )

 

 قال عبدالرحمن بن حسن   (  وهذا يبين حال هذا الرجل: أنه لم يعرف لا إله إلا الله. ولو عرف معنى لا إله إلا الله؛ لعرف أن من شك، أو تردد في كفر من أشرك مع الله غيره؛ أنه لم يكفر بالطاغوت )   الدرر السنية في الأجوبة النجدية  ج 11 ص522 - 523

 

وَ لاَ يَنْفَعُ ادِعَاءُ الاسْلاَمِ مِنْ دُونِ البَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ المُسْلِمِينَ

قال الامام أحمد (حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اشْتَرِطْ عَلَيَّ، فَقَالَ:   تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُصَلِّي الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ، وَتُؤَدِّي الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَنْصَحُ لِلْمُسْلِمِ، وَتَبْرَأُ مِنَ الْكَافِرِ ( و في رواية  : وَتَبْرَأَ مِنَ الْمُشْرِكِ ) ) من حديث جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم

فَهَذَا جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ  رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اشْتَرِطَ  عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البَرَاءَةَ مِنْ كُلّ كَافِرٍ للدُّخُولِ فِي الاسْلاَمِ

 

البَرَاءَةُ مِنْ  الشِرْكِ وَ أهْلِهِ مِنْ مِلَّةِ ابْرَاهِيمَ

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ  إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) الزخرف

قال بن أبي زمنين ( قَوْله {برَاء} بِمَعْنى بريءٌ , وَالْعرب تَقول للْوَاحِد مِنْهَا: أَنا البراءُ مِنْك ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

جاء في الاسماء و الصفات للبيهقي (فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) فَقِيلَ: الْكَلِمَةُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَجَازَ قَوْلُهُ: ( إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ ) لا إِلَهَ، وَمَجَازُ قَوْلِهِ: ( إِلا الَّذِي فَطَرَنِي ) إِلا اللَّهُ )

قال تعالى (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُون  إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِين ) الانعام

قال ابن جرير الطبري ( " وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ " وَلَسْتُ مِنْكُمْ ، أَيْ : لَسْتُ مِمَّنْ يَدِينُ دِينَكُمْ ، وَيَتَّبِعُ مِلَّتَكُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى (قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُون أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُون فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِين ) الشعراء

جاء في تفسير يحيى بن سلام (يَقُولُ: أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ عَدُوٌّ لِي إِلا مَنْ عَبْدَ رَبَّ الْعَالَمِينَ مِنْ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِي بِعَدُوٍّ وَهَذَا تَفْسِيرُ الْحَسَنِ

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي: مَا خَلَطُوا بِعِبَادَتِهِمْ رَبَّ الْعَالَمِينَ، فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي )

فَتَبَرَأ  ابْرَاهِيم عَلَيْهِ السَلاَم مِنْ الاَلِهَةِ التِي عَبَدَهَا قَوْمَهُ

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً ۖ إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) الأنعام

فَتَبَرَأ مِنْ قَوْمِهِ وَ أبِيهِ لَمَّا عَبَدُوا غَيْرَ اللهِ

قال تعالى (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ال عمران

و قال تعالى  (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) النحل

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) و ( وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) يَعْنِي : أنّه لَيْسَ مِنْ المُشْرِكِينَ لأجْلِ شِرْكِهِم أيْ بَرَاءَةَُ مِنَ الفِعْلِ وَ الفَاعِلِ 

قال أبو المظفر السمعاني (قَوْله: {وَلم يَك من الْمُشْركين} أَي: مِمَّن يعبد الْأَصْنَام ) تفسير السمعاني

فمِنْ خَصَائصِ المِلَّةِ الإبراهيميَّةِ البراءةُ مِنَ المشْرِكِينَ وأعْمَـالِهِمْ المخالِفَةِ للتَّوحيد، واجتنابُها ونبْذُها

 

أمَرَ سُبْحَانَهُ رَسُولَهُ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِاتِبَاعِ مِلَّة ابْرَاهِيمَ

  فقال تعالى ( ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۖ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) النحل

قال الأصبهاني قوام السنة ( وَقَوله تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} فَأمر بِاتِّبَاع مِلَّة إِبْرَاهِيم، وَأمره عَلَى الْوُجُوب، لِأَن الحكم إِذا ثَبت فِي الشَّرْع لم يجز تَركه حَتَّى يرد دَلِيل نسخه، وَلَيْسَ فِي بَعثه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يُوجب نسخ الْأَحْكَام الَّتِي قبله فَإِن النّسخ إِنَّمَا يكون عِنْد التَّنَافِي، والبعثة إِنَّمَا تكون بِالتَّوْحِيدِ، وَلَيْسَ فِيهِ مُنَافَاة لتِلْك الْأَحْكَام، فوجوب التَّمَسُّك بِتِلْكَ الْأَحْكَام وَالْعَمَل بهَا حَتَّى يرد مَا ينافيها ويزيلها كَمَا وَجب ذَلِك قبل بَعثه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة 2

قال تعالى (وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين ) البقرة

أمَرَهُ بِالتَصْرِيحِ بِهَا

قال تعالى  ( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الانعام

و مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ  و مِلَّةَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةٌ

جاء في الوسيط في تفسير القران المجيد ( ( فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) وملة محمد عليه السلام داخلة في ملته، فمن اتبع ملة إبراهيم فقد اتبع ملة محمد عليه السلام )

ثُمَ أمَرَ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِاتِبَاعِ مِلَّةَ ابْرَاهِيمَ

قال تعالى  (قُلْ صَدَقَ اللَّهُ ۗ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ال عمران

وَ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ أنَّ المُخَالِفَ لِهَذِهِ المِلَّة سَفِيهٌ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ

قال تعالى (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) البقرة

لأنّ مِلَةُ ابْرَاهِيم أحْسَنُ مِلَة 

  قال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ) النساء

قال تعالى (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الانعام

قال ابن أبي شيبة (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشٍ قَالَ حَدَّثَنِي إيَاسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ : إنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ ، وَأَوْثَقَ الْعُرَى كَلِمَةُ التَّقْوَى ، وَخَيْرَ الْمِلَلِ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ  ) المصنف

التَلاَزُمُ بَيْنَ التَكْفِيرِ وَ البَرَاءَةِ

تَكْفِيرُ الفَرْدِ يَعْنِي البَرَاءَةُ مِنْهُ

قال تعالى (وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) العنكبوت

قال ابن أبي زمنين ({ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْض} أَيْ: يَتَبَرَّأُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

قال السمعاني (قَوله: {ثمَّ يَوْم الْقِيَامَة يكفر بَعضهم بِبَعْض ويلعن بَعْضكُم بَعْضًا} وَمعنى الْجمع: هُوَ وُقُوع التبرؤ بَين القادة والأتباع ) تفسير السمعاني

قال أبو زكريا يحيى بن سلام  (ت 200 هـ )  (تفسير الكفر على أربعة وجوه

الوجه الرابع: الكفر يعني البراءة

وذلك قوله في الممتحنة: {كَفَرْنَا بِكُمْ} يعني تبرّأنا مِنْكُمْ. وقال الحسن: كفرْنا بولايتكم في الدِّين. وفي العنكبوت {يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ} يعني تبرأ بعضكم من بعض. وقال إِبليس: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} يعني تبرّأت. ونحوه كثير ) التصاريف لتفسير القرآن مما اشتبهت أسمائه وتصرفت معانيه - تفسير الكفر على أربعة وجوه

وَ البَرَاءَةُ مُطْلَقَةٌ مِنَ الشَخْصِ تَعْنِي تَكْفِيرَه

قال تعالى (إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ۗ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ) هود

قال ابنُ أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ أَيْ: إِنِّي قَدْ كَفَّرْتُ بِآلِهَتِكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ أَنَّهَا أَصَابَتْنِي بِالْجُنُونِ، فَلْتُصِبْنِي بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، إِنِّي قَدْ كَفَرْتُ بِهَا ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

قال تعالى (وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) يونس

قال ابن جرير الطبري ( ( أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ ) ، لَا تُؤَاخَذُونَ بِجَرِيرَتِهِ ( وَأَنَا بَرِئٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) ، لَا أُوخَذُ بِجَرِيرَةِ عَمَلِكُمْ . وَهَذَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ )  ) جامع البيان في تأويل القران

قال مسلم (حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ كَهْمَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ . ح وحَدَّثَنَا وَهَذَا حَدِيثُهُ ، عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ، قَالَ : كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ : مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ، حَاجَّيْنِ أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ ، فَقُلْنَا : لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا ، وَصَاحِبِي ، أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَامَ إِلَيَّ ، فَقُلْتُ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَن ، إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ، وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْمَ ، وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ ، وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ ، وَأَنَّ الأَمْرَ أُنُفٌ ، قَالَ : فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ ، وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي ، وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ ، مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ، فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ ، حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) كتاب الايمان

قال اللالكائي (وَرُوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّه لَعَنَهُمْ وَتَبْرَ أَ مِنْهُمْ ( أي القدرية )  وَلَا يَجُوزُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّ يَتَبَرَّ أَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

فَاِحْتَجَ - رَحِمَهُ الله - بِبَرَاءَةِ ابْنُ عُمَر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - مِنْ القَدَرِيَةِ عَلَى تَكْفِيرِهِمُ

 

إن ّالذِي لا يُكَفِّرُ المُشْرِكَ وَلا يَتَبَرَّأ مِنْهُ، فَيَحْكُم بِإسْلاَمِهِ وَ يُوَالِيهِ، يَكُونُ مِثْلَهُ فِي الاسْمِ وَ الحُكْمِ و إنْ لَمْ يَتَلَبَّس بِعَيْنِ شِرْكِهِ و فِعْلِهِ

 

قال تعالى (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ ) البقرة

فَهَذَا الخِطَابُ كَانَ مُوَجَّهًا لليَهُودِ فِي المَدِينَةِ زَمَنَ النَبِيِ - صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ -،

 

قال الكرجي القصاب (قوله: (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) أي: اتخذه آباؤكم

وقوله: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ  ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) هم - لا محالة - آباؤهم ومن هم من نسله، إذ هم المصابون بالصاعقة، والمبعوثون بعد الموت، وما يحقق ذلك - وإن كان لا شك فيه - أنه قال بعد تمام الكلام وذكر المن ) النكت الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام

قال تعالى (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ال عمران

قال ابن أبي زمنين ({سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وقتلهم الْأَنْبِيَاء بِغَيْر حق} يَعْنِي: بِهَذَا: أوائلهم الَّذين قتلوا الْأَنْبِيَاء ) تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين

وَلْسَائِلٍ أنْ  يَسْألَ : كَيْفَ نَسَبَ اللهُ عِبَادَةَ العِجْلِ لَهُمُ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أفْعَالِ أسْلافِهِم مَعَ أنَّهُمُ لَمْ يَتَلَبَّسُوا بِهَا ؟

 نَقُولُ: لأنَّهُمُ لَمْ يَتَبَرَأوا مِنْهُمُ وَمِنْ كُفْرِهِم بَلْ تَوَلَّوهُم

قال تعالى (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ  ) النساء

قال تعالى (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الْكُوفِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَا: ثَنَا يُونُسُ، يَعْنِيَانِ: ابْنَ بُكَيْرٍ، ثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ   ابْنُ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ بَيْتَ الْمَدَارِسِ فَوَجَدَ مِنْ يَهُودَ أُنَاسًا كَثِيرًا قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: فَنْحَاصُ وَكَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ وَمَعَهُ حَبْرٌ يُقَالُ لَهُ أُشْيَعُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَيْحَكَ يَا فَنْحَاصُ، اتَّقِ اللَّهَ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِهِ تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فَقَالَ فَنْحَاصُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا بِنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ فَقْرٍ وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَفَقِيرٌ، وَمَا نَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّعُ إِلَيْنَا، وَإِنَّا عَنْهُ لَأَغْنِيَاءُ، وَلَوْ كَانَ عَنَّا غَنِيًّا مَا اسْتَقْرَضَ مِنَّا كَمَا يَزْعُمُ صَاحِبُكُمْ، يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعْطِينَا، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَنَّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ ، فَضَرَبَ وَجْهَ فَنْحَاصَ ضَرْبًا شَدِيدًا وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مِنَ الْعَهْدِ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ. فَأَكْذِبُونَا مَا اسْتَطَعْتُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. فَذَهَبَ فَنْحَاصُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَبْصِرْ مَا صَنَعَ بِي صَاحُبُكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ : مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا، يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَأَنَّهُمْ عَنْهُ أَغْنِيَاءُ، فَلَمَّا قَالَ ذَاكَ غَضِبْتُ لِلَّهِ مِمَّا قَالَ، فَضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَجَحَدَ ذَلِكَ فَنْحَاصُ وَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا قَالَ فَنْحَاصُ رَدًّا عَلَيْهِ وَتَصْدِيقًا لِأَبِي بَكْرٍ : لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ الْآيَةَ. ) تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين

فَأْنْطُر الى هَؤُلاءِ اليَهُود وَ مِنْهُم فَنْحَاص كُتِبُوا مَعَ  سَلَفِهم الذِينَ قَتَلُوا الأنْبِيَاءَ  وَ وَصَفَهُم بِأنَّهُمُ هُمُ الذِينَ قَتَلُوا أنْبِيَائَهُمُ  وَ مَا هَذَا الاَّّ لِمُوَالاَتِهِم وَ عَدَمُ تَكْفِيرِهِمُ  لِمَن قَتَلَ الأنْبِيَاءَ مِنَ قَوْمِهِمُ

 قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمُرَادِيِّ وَهُوَ النُّعْمَانُ بْنُ قَيْسٍ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ بَدْرٍ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ: " ( وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ )  وَهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا ذَلِكَ؟ قَالَ: بِمُوَالاتِهِمُ الَّذِي قَتَلَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ " ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال ابن جرير الطبري (فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ قِيلَ : "وَقَتَلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ" ، وَقَدْ ذَكَرْتَ فِي الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْتَ ، أَنَّ الَّذِينَ عُنُوا بِقَوْلِهِ : " لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ " بَعْضَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى عَهْدِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أُولَئِكَ أَحَدٌ قَتَلَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُدْرِكُوا نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَيَقْتُلُوهُ؟

قِيلَ : إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبْتَ إِلَيْهِ . وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ الَّذِينَ عَنَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهَذِهِ الْآيَةِ ، كَانُوا رَاضِينَ بِمَا فَعَلَ أَوَائِلُهُمْ مِنْ قَتْلِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَكَانُوا مِنْهُمْ وَعَلَى مِنْهَاجِهِمْ ، مِنَ اسْتِحْلَالِ ذَلِكَ وَاسْتِجَازَتِهِ . فَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِعْلَ مَا فَعَلَهُ مَنْ كَانُوا عَلَى مِنْهَاجِهِ وَطَرِيقَتِهِ ، إِلَى جَمِيعِهِمْ ، إِذْ كَانُوا أَهْلَ مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَنِحْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَبِالرِّضَى مِنْ جَمِيعِهِمْ فِعْلَ مَا فَعَلَ فَاعِلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ نَظَائِرِهِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ  ) جامع البيان في تأويل القران

وَ مَنْ لَمْ يُكَفِّر المُشْرِكَ فَهُوَ مُشْرِكٌ وَ اِنْ لَمْ يَتَلَبَّسِ بِنَفْسِ الشِرْكِ كَمَا  أنَّ مَنْ لَمْ يُكَفِّر قَاتِلَ الأنْبِيَاء فَهُوَ قَاتِلٌ لِلأنْبِيَاءِ وَ انْ لَمْ يَتَلَبَّسِ بَالقَتْلِ

 

وَ عَلَى هَذَا كَانَ الصَحَابَةُ رَضِي اللهُ عَنْهُمُ

قال محمد ابن سعد (أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو يَأْتِي الْجُمُعَةَ مِنَ الْمَغْمَسِ فَيُصَلِّي الصُّبْحَ، ثُمَّ يَرْتَفِعُ إِلَى الْحِجْرِ فَيُسَبِّحُ وَيُكَبِّرُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَقُومُ فِي جَوْفِ الْحِجْرِ، فَيَجْلِسُ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ يَوْمًا: " مَا أَفْرَقُ عَلَى نَفْسِي إِلا مِنْ ثَلاثِ مَوَاطِنَ: فِي دَمِ عُثْمَانَ "، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ: إِنْ كُنْتَ رَضِيتَ قَتْلَهُ، فَقَدْ شَرَكْتَ فِي دَمِهِ " ) الطبقات الكبرى

 

قال تعالى (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا ) الشمس

وَ كَانَ مَنْ عَقَرَ النَاقَةَ وَاحِدٌ

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ فَيَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ   ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنْ الضَّرْطَةِ وَقَالَ لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ ) كتاب تفسير القران - سورة والشمس وضحاها 

وَ لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ نَسَبَ الفِعْلَ وَ الجُرْمَ للقَوِْم كُلِّهِمُ بِرِضَاهُم  وَ عَدَمُ بَرَاءَتِهِمُ مِنَ الشَقِي

قال أحمد بن حنبل (حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْعَلائِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْكِلابِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ قَالَ : قُلْتُ لِلْحَسَنِ : يَا أَبَا سَعِيدٍ ، أَخْبِرْنِي عَنْ رَجُلٍ ، لَمْ يَشْهَدْ فِتْنَةَ ابْنِ الْمُهَلَّبِ إِلا أَنَّهُ سَكَتَ بِلِسَانِهِ وَرَضِيَ بِقَلْبِهِ قَالَ : يَا ابْنَ أَخِي كَمْ يَدًا عَقَرَتِ النَّاقَةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : يَدٌ وَاحِدَةٌ قَالَ : أَلَيْسَ قَدْ هَلَكَ الْقَوْمُ جَمِيعًا بِرِضَاهُمْ وَتَمَالِيهِمْ ) كتاب الزهد 1666

قال ابن جرير الطبري (وَأَنَّ قَوْلَهُ : ( فَعَقَرُوهَا ) جَوَابٌ لِقَوْلِهِ : ( إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا ) كَأَنَّهُ قِيلَ : إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَعَقَرَهَا ، فَقَالَ : وَكَيْفَ قِيلَ ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ) وَقَدْ كَانَ الْقَوْمُ قَبْلَ قَتْلِ النَّاقَةِ مُسَلِّمِينَ ، لَهَا شِرْبُ يَوْمٍ ، وَلَهُمْ شِرْبُ يَوْمٍ آخَرَ . قِيلَ : جَاءَ الْخَبَرُ أَنَّهُمْ بَعْدَ تَسْلِيمِهِمْ ذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِهَا الشُّرْبَ ، وَرَضُوا بِقَتْلِهَا ، وَعَنْ رِضَا جَمِيعِهِمْ قَتَلَهَا قَاتِلُهَا ، وَعَقَرَهَا مَنْ عَقَرَهَا وَلِذَلِكَ نُسِبَ التَّكْذِيبُ وَالْعَقْرُ إِلَى جَمِيعِهِمْ ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا )  ) جامع البيان في تأويل القران

 

وَ كَذَلِكَ كَانَتْ عَقِيدَةُ التَابِعِين فِي تَكْفِيرِ مَنْ تَلَبَّسَ بِالكُفْرِ وَ تَعْمِيمُ الحُكْمَ عَلَى مَنْ حَضَرَ وَ لَمْ يُنْكِر وَ  لمْ يُكَفِّرْ مَنْ تَلَبَّسَ بِهَذَا الكُفْرِ

جاء في كتاب موضع أوهام الجمع و التفريق للبغدادي (أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْمِصْرِيُّ الْجَوْهَرِيُّ، فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو رَبِيعَةَ زَيْدُ بْنُ عَوْفٍ، وَكَانَ يُلَقَّبُ أَيْضًا فَهْدَ بْنَ عَوْفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ " أَمَّا بَعْدُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ بِتُّ اللَّيْلَةَ وَمَا فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ حِشْنَةٌ، وَإِنِّي كُنْتُ اسْتَطْرَقْتُ رَجُلا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ لِفَرَسِي، وَإِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِفِلْسٍ وَإِنِّي أَتَيْتُهُ فَانْتَهَيْتُ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى مَسْجِدِ ابْنِ النَّوَّاحَةِ، فَسَمِعْتُ مُؤَذِّنَهُمْ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ رسول اللَّهِ، فَكَذَّبْتُ سَمْعِي وَكَفَفْتُ فَرَسِي، حَتَّى سَمِعْتُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ يَنْطَوُونَ عَلَى ذَلِكَ فَمَا كَذَبْتُ، قَالَ: مِنْ هَا هُنَا؟ فَوَثَبَ نَفَرٌ، قَالَ: عَلَيَّ بِابْنِ النَّوَّاحَةِ وَأَصْحَابِهِ، قَالَ: فَجِيءَ بِهِمْ، وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لابْنِ النَّوَّاحَةِ: أَيْنَ مَا كُنْتَ تَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: كُنْتُ أَتَّقِيكُمْ بِهِ، قَالَ: تُبْ، فَأَبَى فَأَمَرَ قُرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ الأَنْصَارِيَّ فَأَخْرَجَهُ إِلَى السُّوقِ فَضَرَبَ رَأْسَهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلا فِي السُّوقِ فَلْيَخْرُجْ فَلْيَنْظُرْ إَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ حَارِثَةُ: فَكُنْتُ فِيمَنْ خَرَجَ فَإِذَا هُوَ قَدْ حُرِزَ، وَإِذَا إِعَانَةٌ لَهُ، ثُمَّ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي أُولَئِكَ الرَّهْطِ، فَقَامَ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ الطَّائِيُّ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ ثُؤْلُولٌ مِنَ الْكُفْرِ قَطَعَ رَأْسَهُ فَأَحْسَمَهُ فَلا يَكُ بَعْدَهُ شَيْءٌ، فَقَالَ الأَشْعَثُ: اسْتَتْبَعَهُمْ وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ )

فَالتَّابِعِي سَمِعَ مُؤَذّنِهِم  يَشْهَدُ بِنُبُوَّةِ مُسَيْلَمَة الكَذَّابْ (فَسَمِعْتُ مُؤَذِّنَهُمْ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّ مُسَيْلِمَةَ رسول اللَّهِ )  وَ هَذَا كُفْرٌ  وَ لَكِنَّهُ عَمَّمَ الكُفْرَ عَلَى مَنْ حَضَرَ فِي ذَلِكَ المَجْلِس (فَسَمِعْتُهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ  )

قال الدارمي (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مُعَيْزٍ السَّعْدِيِّ، قَالَ: خَرَجْتُ أُسْفِرُ فَرَسًا لِي مِنَ السَّحَرِ فَمَرَرْتُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَسَمِعْتُهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَأَخْبَرْتُهُ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ الشُّرَطَ، فَأَخَذُوهُمْ، فَجِيءَ بِهِمْ، إِلَيْهِ فَتَابَ الْقَوْمُ وَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ، وَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النَّوَاحَةِ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَقَالُوا لَهُ: تَرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَتَلْتَ هَذَا؟، فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا إِذْ دَخَلَ هَذَا وَرَجُلٌ وَافِدَيْنِ مِنْ عِنْدِ مُسَيْلَمَةَ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ "، فَقَالَا لَهُ: تَشْهَدُ أَنْتَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: " آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا وَفْدًا، لَقَتَلْتُكُمَا ". فَلِذَلِكَ قَتَلْتُهُ. وَأَمَرَ بِمَسْجِدِهِمْ فَهُدِمَ ) السنن

وَ كَذَلِكَ وَالِي الكُوَفَةَ يَوْمَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اسْتَتَابَهُم جَمِيعًا وَ لَيْسَ المُؤَذِنُ فَقَطْ

و كذلك قال الطبراني  في المعجم الكبرى (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَسَمِعْتُهُمْ يَقْرَءُونَ شَيْئًا لَمْ يُنْزِلْهُ اللَّهُ: الطَّاحِنَاتُ طَحْنَا، الْعَاجِنَاتُ عَجْنًا، الْخَابِزَاتُ خَبْزًا، اللاقِمَاتُ لَقْمًا، قَالَ: فَقَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ ابْنَ النَّوَّاحَةَ إِمَامَهُمْ فَقَتَلَهُ، وَاسْتَكْثَرَ الْبَقِيَّةَ، وَقَالَ:  لا أَجْزُرُهُمُ الْيَوْمَ الشَّيْطَانَ، سَيِّرُوهُمْ إِلَى الشَّامِ حَتَّى يَرْزُقَهُمُ اللَّهُ تَوْبَةً أَوْ يُفْنِيهِمُ الطَّاعُونُ ) و كذلك عند بن أبي شيبة

فَهَذَا الرَجُلُ نَسَبَ القِرَاءَةَ الكُفْرِيَةِ لِجَمِيعِ مَنْ كَانَ فِي المَسْجِدِ (فَسَمِعْتُهُمْ يَقْرَءُونَ ) رُغْمَ أنَّ القِرَاءَةَ كَانَتْ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ إِمَامَهُمْ كَمَا فِي بَقِيَةِ الأثْرِ (فَقَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ ابْنَ النَّوَّاحَةَ إِمَامَهُمْ فَقَتَلَهُ  )

قال ابن أبي شيبة (حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكُونُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَمَا هُوَ فِيهَا ) المصنف

فَمَنْ لمْ يَتَبَرأ  مِنَ الكُفْرِ وَ فَاعِلِه فَهُو  وَ فَاعِلُه سَوَاءٌ

قال تعالى (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ۗ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، فِي قَوْلِهِ: الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ قَالَ: كَانَ بَيْنَ الَّذِينَ قَتَلُوا وَبَيْنَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا إِلَى آخِرِ الْآيَةِ - سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، فِي قَوْلِهِ: فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالَ: لِأَنَّهُمْ رَضُوا عَمَلَهُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

جاء في الدر المنشور (أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ يَشْتَرِكُ فِي دَمِ الرَّجُلِ، وَقَدْ قُتِلَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ، ثُمَّ قَرَأَ الشَّعْبِيُّ : قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ فَجَعَلَهُمْ هُمُ الَّذِينَ قَتَلُوهُمْ، وَلَقَدْ قُتِلُوا قَبْلَ أَنْ يُولَدُوا بِسَبْعِمِائَةِ عَامٍ، وَلَكِنْ قَالُوا : قُتِلُوا بِحَقٍّ وَسُنَّةٍ )

 

وَ قَدْ كَفَّرَ سُبْحَانَهُ مَنْ تَوَلّ الكُفَارَ حيث سُبْحَانَهُ الايمَانَ عَمَّنْ يُوَالِي الكُفَّارَ

قال تعالى ( لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) ال عمران

قال تعالى ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة

وَ جَعَلَ سُبْحَانَهُ المُوَالِي لِلكُفَّارَ ضَالٌ عَنْ سَوَاءِ السَبِيلِ

قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ) الممتحنة

قَدَّمَ سُبْحَانَهُ البَرَاءَةَ مِنْ المُشرِكِينَ عَلَى البَرَاءَةِ مِنْ مَعْبُودَاتِهِمْ

قال تعالى (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىٰ أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ) مريم

قال تعالى بعدها (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ) مريم

قال تعالى(وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ) الكهف

        

أقْوَالُ أهْلِ العِلْمِ فِي تَكْفِيرِ  مَنْ لَمْ يُكَفَّرِ المُشْرِكِينَ

 

قال النسائي في السنن الكبرى (أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، ثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِالْكُوفَةِ رِجَالًا يَنْعِشُونَ حَدِيثَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ يَدْعُونَ إِلَيْهِمْ ؛ فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَكَتَبَ عُثْمَانُ : أَنِ اعْرِضْ عَلَيْهِمْ دِينَ الْحَقِّ ، وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، فَمَنْ قَبِلَهَا وَبَــرِئَ مِنْ مُسَيْلِمَـةَ فَلَا تَقْتُلْهُ ، وَمَنْ لَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ فَاقْتُلْهُ ، فَقَبِلَهَا رِجَالٌ مِنْهُمْ فَتُرِكَوا ، وَلَزِمَ دِينَ مُسَيْلِمَةَ رِجَالٌ فَقُتِلُوا ) كتاب المرتد

فَلَمْ يَقْبَل الصَحَابَةُ رَضِي اللهُ عَنْهُم الاسْلامَ مِنْ أهْلِ الرِدّةِ الاّ بِالبَرَاءَةِ مِن مُسَيْلَمَة  وَ تَكْفِيرِه

 

قال الطبري (قال أبو مخنف : حدثني أبو علقمة الخثعمي : أن المصعب بعث إلى أم ثابت بنت سمرة بن جندب امرأة المختار ، وإلى عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري وهي امرأة المختار ، فقال لهما : ما تقولان في المختار ؟ فقالت أم ثابت : ما عسينا أن نقول ؟ ما نقول فيه إلا ما تقولون فيه أنتم ، فقالوا لها : اذهبي ، وأما عمرة ، فقالت : رحمة الله عليه ، إنه كان عبدا من عباد الله الصالحين ، فرفعها مصعب إلى السجن ، وكتب فيها إلى عبد الله بن الزبير : أنها تزعم أنه نبي ، فكتب إليه : أن أخرجها فاقتلها ، فأخرجها بين الحيرة والكوفة بعد العتمة ، فضربها مطر ثلاث ضربات بالسيف ) تاريخه 6/112

فَهَذَا جَزَاءُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ بِكُفْرِ الكَافِرِ

قال البغدادي (أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَرْقَانِيُّ قَالَ قَرَأْتُ عَلَى بشر بن أَحْمَد الإسفراييني قَالَ لكم أَبُو سُلَيْمَان داود بن الْحُسَيْن البيهقي: بلغني أن الحلواني الْحَسَن بن عَلِيّ قَالَ: إني لا أكفر من وقف فِي القرآن، فتركوا علمه قَالَ أَبُو سُلَيْمَان: سألت سَلَمَة بن شبيب عَنْ علم الحلواني، قَالَ: يرمى في الحش. ثم قَالَ سَلَمَة: من لم يشهد بكفر الكافر فهو كافر ) تاريخ بغداد ج 7 ص 377

قال ابن عبد الخلق (سألت عبد الوهاب عمن لا يكفر الجهمية قلت يا ابا الحسن يصلي خلفه قال لا يصلي خلفه هذا ضال مضل منهم على الاسلام ) زوائد الورع1/89

قال ابن عبد البر ( قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُحْنُونَ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ شَاتِمَ النَّبِيِّ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الْمُنْتَقِصَ لَهُ؛ كَافِرٌ، وَالْوَعِيدُ جَارٍ عَلَيْهِ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْقَتْلُ، وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ وَعَذَابِهِ؛ كَفَرَ) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

 

قال الإمام أبو الحسن الملطى (ت : 377 هـ) (وَجَمِيع أهل الْقبْلَة لَا اخْتِلَاف بَينهم أَن من شكّ فِي كَافِر فَهُوَ كَافِر لِأَن الشاك فِي الْكفْر لَا إِيمَان لَهُ لِأَنَّهُ لَا يعرف كفرا من إِيمَان فَلَيْسَ بَين الْأمة كلهَا الْمُعْتَزلَة وَمن دونهم خلاف أَن الشاك فِي الْكَافِر كَافِر ) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص 33

 

 

قال البرزلي في نوازله ج 6 ص 186 ( قال الفقيه القاضي عيسى بن سهل الأسدي الجياني : عندي أن البدع نوعان: فالواحد منهما كفر صراح لا خفاء به و ضلالة, كقول بعض الرافضة إن عليا إله من دون الله, تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا, و كقول صنف منهم يقال لهم الجمهورية إن عليا نبي مبعوث وإن جبريل غلط بُعث إليه فأتى محمدا. و القائل بهذا كعابد وثن وكافر مفتر على الله مخلد في النار, و لا يُبرح رائحة الجنة أبدا.  من قال غير هذا أو ارتاب فيه فهو كافر)  

 

قال القاضي عياض في ترتيب المدارك ج6 ص 252 ( كان أبو محمد شديد البغض لهم والتشهير عليهم ، قال بعض أصحابه : كنت معه يوما بالمنستير يوم عاشوراء وفيه تلك السنة من الناس عالم حزر فيهم سبعون ألفا ، فلما رآى جمعهم بكى ، فقيل له ما يبكيك ؟ فقال : والله ما أخشى عليهم من الذنوب لأن مولاهم كريم ، وإنما أخشى أن يشكوا في كفر بني عبيد فيدخلوا النار ... وكان كثيراً ما يقول: اللهم العنهم، ما أقام أمرهم، وما صرفه، وعلّق اللعنة عليهم، كتعليق القلائد في أعناق الولائد )

 

 

قال الفريابي (سَمِعْتُ أَبَا حَفْصٍ عَمْرَو بْنَ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاذَ بْنَ مُعَاذٍ، وَذَكَرَ قِصَّةَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ:   إِنْ كَانَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، فَمَا عَلَى أَبِي لَهَبٍ مِنْ لَوْمٍ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ: فَذَكَرْتُهُ لِوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ: مَنْ قَالَ بِهَذَا يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ ) القدر

 وَ كَذَلِكَ مَنْ يَقُولُ لاَ لَوْمَ عَلَى مَنْ فَعَلْ فِعْلَ أبِي لَهَب مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ  يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ

قال القاضي عياض (ولهذا نُكَفّر من لم يُكَفّر من دَان بِغَيْر ملّة الْمُسْلِمِين مِن المِلَل أَو وَقَف فِيهِم أَو شَكّ أَو صَحَّح مَذْهَبَهُم وإن أظْهَر مَع ذَلِك الْإِسْلَام وَاعْتَقَدَه وَاعْتَقَد إبْطَال كُلّ مذْهَب سِواه فَهُو كَافِر بإظْهَارِه مَا أظْهَر من خِلَاف ذَلِك وَكَذَلِك نَقْطَع بِتَكْفِير كُلّ قائِل قَال قَوْلًا يُتَوصّل بِه إلى تَضْلِيل الْأُمَّة وتكْفِير جميع الصَّحَابَة كَقَوْل الكُمَيْلِيّة مِن الرافِضَة بِتَكْفِير جَمِيع الْأُمَّة بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم إِذ لَم تُقَدّم عَليًّا وكفرت عليا إِذ لَم يَتَقَدّم وَيَطْلُب حَقّه فِي التّقْديم فهؤلاء قَد كفروا من وُجُوه) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج 2 ص 286

و قال أيضا (وَقَال نَحْو هَذَا القَوْل الجاحظ وثمامة فِي أَنّ كثيرًا مِن العامة والنساء والبُلْه ومُقَلّدَة النصارى واليهود وَغَيْرِهِم لَا حُجَّة لله عَلَيْهِم إِذ لَم تَكُن لَهُم طِباع يُمْكن معها الاسْتِدْلال وَقَد نحا الغزالي قريبًا من هَذَا المَنْحى فِي كِتَاب التَّفْرِقَة وقائِل هَذَا كُلُّه كافر بالإجْماع على كفر من لم يكفر أحدًا مِن النَّصَارَى واليَهُود وَكُلّ من فَارَق دِين الْمُسْلِمِين أَو وَقَف فِي تكفيرهم أوشك قَال الْقَاضِي أَبُو بَكْر: لِأَنّ التّوقِيف والإجْماع اتّفَقَا عَلَى كُفْرِهِم فَمَن وقف فِي ذَلِك فَقَد كذّب النَّصّ والتّوْقِيف أَو شَكّ فِيه والتكذيب أو الشك فِيه لَا يقع إلا من كافر ) الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج 2 ص 280

 

 

 

تَعَامُلُ المُسْلِمِ مَعَ أهْلِ الشِرْكِ

 

عَدَمُ مُوَالاةِ أهْلِ الشِرْكِ

نَهَانَا سُبْحَانَهُ عَنْ مُوَالاَةِ أهْلِ الكُفْرِ

قال تعالى (يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بالمودة ) الممتحنة

قال تعالى (يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الذين اتخذوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ والكفار أَوْلِيَاءَ واتقوا الله إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) المائدة

قال تعالى (يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا ) ال عمران

وَ نَفَى سُبْحَانَهُ الايمَان عَمَّنْ يُوَالِي أهْلَ الكُفْرِ

قال تعالى (لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ ) المجادلة

قال تعالى (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ، ثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ ، ثَنَا أَسْبَاطٌ ، عَنِ السُّدِّيِّ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ هَذَا فَهُوَ مُشْرِكٌ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

وَ جَعَلَ سُبْحَانَهُ الكُفْرَ حُكْمٌ لِمَنْ يُوَالِي أهْلَ الكُفْرِ

و قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ) المائدة

قال أبو بكر الخلال   (حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ: " لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا وَهُوَ لا يَشْعُرُ "، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَظَنَنْتُهُ أَنَّهُ أَخَذَهَا مِنْ هَذِهِ الآيَةِ: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ سورة المائدة ) كتاب السنة

قال حرب الكرماني (قلتُ لأحمدَ: امرأة أبوها نصراني، وأخوها مسلم، من يزوجها؟

قال: الأخ.

قلتُ: فهل للمشرك من الولاية شئ؟

قال: لا بتةً.

وسألتُ إسْحاقَ قلتُ: رجل مجوسي له بنت مسلمة، هل يزوجها الأب؟

قال: لا يزوجها الأب ولكن يزوجها بعض قرابتها من المسلمين ممن يخبروا النكاح  بنو العم وغيرهم

سألت إسحاق، عن مشرك أراد أن يزوَّج ابنته، فجلس رجل مسلم، فخطب لهم، وزوج؟

قال: لا ينبغي أن يُعَانُوا في شهادة، ولا في شئ )  كتاب السنة من مسائل حرب - باب: هل للمشرك من ولاية؟

 


عَدَمُ الزَوَاجِ مِنْ أهْلِ الشِرْكِ

قال تعالى ( وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) البقرة

قال الشافعي (فَنَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَنْ نِكَاحِ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ كَمَا نَهَى عَنْ إنْكَاحِ رِجَالِهِمْ ) الأم 5/169

قال ابن أبي حاتم (قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، قَوْلُهُ: " وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ نَزَلَتْ فِي أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيِّ ، اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَنَاقٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَهِيَ امْرَأَةٌ مِسْكِينَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَكَانَتْ ذَاتَ حَظٍّ مِنَ الْجَمَالِ، وَهِيَ مُشْرِكَةٌ، وَأَبُو مَرْثَدٍ يَوْمَئِذٍ مُسْلِمٌ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا تُعْجِبُنِي. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

 قال البخاري  (بَاب مَا يَحِلُّ مِنْ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ إِلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا   وَقَالَ أَنَسٌ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ الْحَرَائِرُ حَرَامٌ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَقَالَ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) كتاب النكاح

جاء في مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح 802 (حَدثنَا أبي قَالَ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن إِسْحَاق الطَّالقَانِي قَالَ حَدثنَا ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ قَالَ قَالَ الله { وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ) الْآيَة ثمَّ أحل نِكَاح الْمُحْصنَات من أهل الْكتاب فَلم ينْسَخ من هَذِه الْآيَة غير ذَلِك فنكاح كل مُشركَة سوى نسَاء أهل الْكتاب حرَام وَنِكَاح المسلمات من الْمُشْركين حرَام )

 

عَدَمُ الصَلاَةِ مَعَهُمُ أوْ وَرَائَهُمُ

قال تعالى (وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) البقرة

قال ابن أبي حاتم (حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قَالَ: الظَّالِمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْمُشْرِكُ لَا يَكُونُ إِمَامًا. ظَالِمًا يَقُولُ: لَا يَكُونُ إِمَامًا مُشْرِكًا ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين

قال تعالى  (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ) الاسراء

قال الشافعي (الْكَافِرَ لَا يَكُونُ إمَامًا فِي حَالٍ ، وَالْمُؤْمِنُ يَكُونُ إمَامًا فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا طَاهِرًا . وَهَكَذَا لَوْ كَانَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ ، فَارْتَدَّ ، ثُمَّ أَمَّ وَهُوَ مُرْتَدٌّ : لَمْ تَجْزِ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُ حَتَّى يُظْهِرَ التَّوْبَةَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ إمَامَتِهِمْ ، فَإِذَا أَظْهَرَ التَّوْبَةَ بِالْكَلَامِ قَبْلَ إمَامَتِهِمْ أَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ مَعَهُ ) الأم ج 1 ص 195

قال حرب الكرماني (حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: سمعت رَجلًا قال لسُفيان الثوري: رَجلٌ يُكَذِّب بِالقَدَر؛ أُصَلِّي وَراءه؟ قال:  لا تُقَدِّموه . قال: هو إمام القَريَة؛ لَيسَ لهم إمامٌ غَيرُه؟ قال:  لا تُقَدِّموه، لا تُقَدِّموه ) مسائله

قال الكوسج ( قلت لإسحاق: قوله: الصلاة خلف كل بر وفاجر، ما يعني به؟ قال: معناه: إن ملك الناس بخلافة عليهم، أو ولاية، فلا يتخلفن عن الجماعة أحد بحال جور، ما يبلغ ذلك كفراً عياناً، أو يؤخر الصلاة عن الوقت، وإذا ائتم به، إذا بلغ ما فيه الكفر، فكأنك لم تصل معه ) مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه

جاء في المدونة  (  قال : وَسَأَلْتُ مَالِكًا عن الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَدَرِيِّ ؟ قَالَ : إِنِ اسْتَيْقَنْتَ أَنَّهُ قَدَرِيٌّ فَلَا تُصَلِّ خَلْفَهُ , قَالَ : قُلْتُ : وَلَا الْجُمُعَةَ ؟ قَالَ : وَلَا الْجُمُعَةَ إِنِ اسْتَيْقَنْتَ , قَالَ : وَأَرَى إِنْ كُنْتَ تَتَّقِيهِ وَتَخَافَهُ عَلَى نَفْسِكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَهُ وَتُعِيدَهَا ظُهْرًا ) كِتَابُ الصَّلاةِ 

قال البربهاري (وَالصَّلَواتُ الْخَمْسُ جَائِزَةٌ خَلْفَ مَنْ صَلَّيْتَ خَلْفَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ جَهْمِيًّا؛ فَإِنَّهُ مُعَطِّلٌ؛ وَإِنْ صَلَّيْتَ خَلْفَهُ فَأَعِدْ صَلَاتَكَ، وَإِنْ كَانَ إِمَامُكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ جَهْمِيًّا وَهُوَ سُلْطَانٌ فَصِلِّ خَلْفَهُ وَأَعِدْ صَلَاتَكَ، وَإِنْ كَانَ إِمَامُكَ مِنَ السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ صَاحِبَ سُنَّةٍ، فَصَلِّ خَلْفَهُ، وَلَا تُعِدْ صَلَاتَكَ ) كتاب السنة

 

 

عَدَمُ اعْطَائهِم الزَكَاةِ

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ) باب وجوب الزكاة

الشاهد : فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، يَقُولُ : لا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الإِسْلامِ .

وقال مرة : وسأل رجل ابن عمر ، رضي الله عنهما : أعطي زكاة مالي أهل الذمة ؟ قَالَ : لا يعطى منها غير مسلم

أَخْبَرَنَا ابن حازم ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور ، قَالَ : قلت لأحمد : يعطى من الزكاة يهودي ، أو نصراني ؟ قَالَ : لا يعطى إلا المسلمون

أَخْبَرَنِي محمد بن علي ، قَالَ : حَدَّثَنَا صالح أنه قَالَ لأبيه : يعطى من الزكاة مشرك ، أو يهودي ، أو نصراني ؟ قَالَ : لا يعطى إلا المسلمون.

أَخْبَرَنِي محمد بن جعفر: حَدَّثَنَا أبو الحارث، قَالَ: سئل أبوعبد الله عن اليهودي والنصراني، يعطى من الزكاة؟ قَالَ: الناس فيها مختلفون، قَالَ: الحكم في رجل لا يجد مساكين مسلمين ويصيب يهوديا، أو نصرانيا، قَالَ: لا يجزئه.

 أَخْبَرَنِي عبد الله، قَالَ: سمعت أبي يقول: سمعت إسماعيل سئل: أيعطى العبد المحتاج من الزكاة؟ قَالَ: لا، إنما ذلك على مولاه.

قلت لإسماعيل: فالمشرك؟

قَالَ: لا

أَخْبَرَنِي حمزة ، قَالَ : حَدَّثَنَا حنبل ، قَالَ : حَدَّثَنَا قبيصة ، قَالَ : سمعت سفيان يقول : لا يعطى من الزكاة يهودي ، ولا نصراني ، ولا مجوسي.

قَالَ حنبل : سمعت أبا عبد الله ، وأنا أرى مثل ذلك

أَخْبَرَنِي حرب قَالَ : قلت لأحمد : يعطى اليهودي والنصراني من الزكاة ؟ قَالَ : لا) أهل الملل والردة من الجامع للخلال

 

 تَرْكُ الصَلاَةِ عَلى مَوْتَاهُمُ

قال تعالى (وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ۖ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) التوبة

قال البخاري (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِثَوْبِهِ فَقَالَ تُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَافِقٌ وَقَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ قَالَ إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ أَوْ أَخْبَرَنِي اللَّهُ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فَقَالَ سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ ) بَاب قَوْلِهِ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ

قال أبو بكر  الخلال   ( أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ , قَالَ : قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : رَجُلٌ صَلَّى عَلَى ابْنِ أَبِي دَاوُدَ , فَقَالَ هَذَا مُعْتَقِدٌ , هُوَ جَهْمِيٌّ ) كتاب السنة

 

 

 تَرْكُ الاسْتِغْفَارِ لِمَوتَاهُم 

قال تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ ) بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

 

 

 

وَ فِي المُقَابِلِ تَجُوزُ زِيَارَتُهُم وَ صِلَةُ الرَحِمِ مِنْهُمُ وَ عِيَادَةُ مَرْضَاهُمُ

قال تعالى ( لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة

و قال البخاري ( حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ  ) كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها

قال البخاري ( حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ وَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ )  باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام

 

وَ يَجُوزُ البَيْعُ لَهُمُ وَ الشِرَاءُ مِنْهُمُ

قال تعالى (قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ) الكهف

قال البخاري في صحيحه ( حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :  كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً ، أَوْ قَالَ أَمْ هِبَةً ، قَالَ : لَا ، بَلْ بَيْعٌ فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً  ) كتاب البيوع

 قال البخاري (حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ ذَكَرْنَا عِنْدَ إِبْرَاهِيمَ الرَّهْنَ فِي السَّلَمِ فَقَالَ حَدَّثَنِي الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ ) بَاب شِرَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّسِيئَةِ

 

و يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُمْ وَ العَمَلَ عِنْدَهُمُ

قال  البخاري في صحيحه ( حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:  كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا، بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ، وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ  قَالَ: لاَ أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلاَلٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ: لاَ نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ، فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا، خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا، وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا، فَلَمَّا أَدْرَكُونَا، قُلْتُ لَهُ:  ابْرُكْ  فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَخَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ:  سَمِعَ يُوسُفُ صَالِحًا، وَإِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ ) كِتَاب الوَكَالَةِ بَابُ إِذَا وَكَّلَ المُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الحَرْبِ، أَوْ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ جَازَ

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلَاثٍ فَارْتَحَلَا وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ ) بَاب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَعَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ

قال البخاري (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ ) بَاب رَعْيِ الْغَنَمِ عَلَى قَرَارِيطَ

قال البخاري  (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، قَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ:   لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ ، قَالَ: دَعْنِي حَتَّى أَمُوتَ وَأُبْعَثَ، فَسَأُوتَى مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ [ص:61] الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} ) باب ذكر القين والحداد و ذكره في بَاب هَلْ يُؤَاجِرُ الرَّجُلُ نَفْسَهُ مِنْ مُشْرِكٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ

 

 

 

مَشْرُوعِيَةُ البُغْضِ وَ الهَجْرِ لأَهْلِ البِدَعِ وَ الكُفْرِ

 

تَعْرِيفُ الهَجْرِ

قال ابن منظور (الهَجْرُ: ضد الوصل، هَجَره يَهْجُرُه هَجْراً وهِجْراناً: صَرَمَه، وهما يَهْتَجِرانِ ويَتَهاجَرانِ

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : التَّدَابُرُ الْمُصَارَمَةُ وَالْهِجْرَانُ ، مَأْخُوذٌ مِنْ أَنْ يُوَلِّيَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ دُبُرَهُ وَقَفَاهُ وَيُعْرِضَ عَنْهُ بِوَجْهِهِ) لسان العرب 5/ 250

قال المناوي ( الهجر والهجران: مفارقة الإنسان غيره، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، والهجرة والمهاجرة في الأصل: مفارقة الغير ومتاركته) التعاريف 1/ 738

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) قَالَ : الرُّجْزُ : آلِهَتُهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ ; أَمَرَهُ أَنْ يَهْجُرَهَا ، فَلَا يَأْتِيهَا ، وَلَا يَقْرَبُهَا ) جامع البيان في تأويل القرآن

 

الاسْلامُ قَائِمٌ عَلَى افْرَادِ الله تَعَالَى بِالعِبَادَةِ وَ افْرَادِ رَسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ بِِالمُّتَابَعَةِ وَ البَرَاءَة   مِمَّن خَالَفَ ذَلِكَ وَ اعْتِزَالُهُ

قال تعالى (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ  أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ   وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا   رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ  أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ   أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون ) المجادلة

قال ابن جرير الطبري  ( يَعْنِي - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِقَوْلِهِ : ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) لَا تَجِدُ يَا مُحَمَّدُ قَوْمًا يُصَدِّقُونَ اللَّهَ ، وَيُقِرُّونَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَشَاقَّهُمَا وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ ( وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) يَقُولُ : وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ حَادُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ آبَاءَهُمْ ( أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ )) جامع البيان في تأويل القرآن  

قال تعالى (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) هود

قال تعالى (  وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ  وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالمِينَ )الانعام

قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ  إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) الانفال

قال ابن كثير ( (إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ) أَيْ : إِنْ لَمْ تُجَانِبُوا الْمُشْرِكِينَ وَتُوَالُوا الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِلَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ فِي النَّاسِ ، وَهُوَ الْتِبَاسُ الْأَمْرِ ، وَاخْتِلَاطُ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ ، فَيَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ فَسَادٌ مُنْتَشِرٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ ) تفسير القران العظيم

 

وَ مَنِ ادَّعَى الحُبّ فِي اللهِ  وَهُو لاَ يُبْغِضُ فِي اللهِ فَدَعْوَاهُ فِي الحُبِّ كَاذِبَةُ  لأنّ كَلِمَة الاخْلاَص ( لاَ الَهَ الاَّ اللهُ ) قَائِمَةٌ عَلَى البَرَاءَةُ وَ البُغْضِ  للأَلِهَة البَاطِلَة وَمَنْ يَتَوَلاَّهَا وَ  الوَلاَءُ وَ الحُبّ للهِ وَأوْلِيَاءُه فَلاَ يَنْفَكُ الوَلاَءُ عَن البَرَاءِ وَ لاَ الحُبّ عَنِ البُغْضِ

قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) الممتحنة

قال أبو نعيم  ( حَدَّثَنَا محمد ، ثَنَا عبد الرحمن بن سانجور الرملي ، ثَنَا محمد بن إبراهيم بن حماد ، ثَنَا إسحاق بن إسماعيل ، ثَنَا وكيع ، عَنْ سفيان ، قَالَ : قَالَ عثمان بن أبي صفية :  إِذَا وَاخَيْتُ الرَّجُلَ فِي اللَّهِ فَأَحْدَثَ حَدَثًا فَلَمْ أُجَانِبْهُ لَمْ تَكُنْ مُؤَاخَاتِي فِي اللَّهِ

حَدَّثَنَا عبد المنعم بن عمر ، ثَنَا أبو أحمد بن محمد ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، ثَنَا ابن خبيق ، قَالَ : سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ ، يَقُولُ :   إِذَا أَحْبَبْتَ الرَّجُلَ فِي اللَّهِ ثُمَّ أَحْدَثَ حَدَثًا فِي الْإِسْلَامِ فَلَمْ تُبْغِضْهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تُحِبَّهُ فِي اللَّهِ

حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، بِهِ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : قَالَ عُمَرُ :  وَاللَّهِ لَقَدْ لانَ قَلْبِي فِي اللَّهِ حَتَّى لَهُوَ أَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ ، وَلَقَدِ اشْتَدَّ قَلْبِي فِي اللَّهِ حَتَّى لَهُوَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ ) حلية الأولياء

  قال ابن أبي عمر العدني في كتاب الايمان (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، ثنا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ:   يَا مُجَاهِدُ، أَحِبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغِضْ فِي اللَّهِ، وَوَالِ فِي اللَّهِ، وَعَادِ فِي اللَّهِ، فَإِنَّمَا تَنَالُ مَا عِنْدَ اللَّهِ بِذَلِكَ، وَلَنْ يَجِدَ عَبْدٌ حَلاوَةَ الإِيمَانِ، وَإِنْ كَثَّرَ صَلاتَهُ وَصِيَامَهُ، حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَارَتْ مُؤَاخَاةُ النَّاسِ الْيَوْمَ أَوْ عَامَّتِهِمْ فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ لا يُجْزِئُ عَنْ أَهْلِهِ شَيْئًا، ثُمَّ قَرَأَ (الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ ) و قَرَأَ (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ  )  ) و أ خرجه ابن أبي شيبة في مصنفه و اللالكائي في اعتقاد أهل السنّّة و المروزي في تعظيم قدر الصلاة

 قال ابن بطة ( أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَصَبَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحُبُلِيُّ , قَالَ : قِيلَ لِلأَوْزَاعِيِّ : إِنَّ رَجُلا يَقُولُ : أَنَا أُجَالِسُ أَهْلَ السُّنَّةِ , وَأُجَالِسُ أَهْلَ الْبِدَعِ , فَقَالَ الأَوْزَاعِيُّ : هَذَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يُسَاوِيَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ

قَالَ الشَّيْخُ : صَدَقَ الأَوْزَاعِيُّ , أَقُولُ : إِنَّ هَذَا رَجُلا لا يَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ , وَلا الْكُفْرَ مِنَ الإِيمَانِ , وَفِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ , وَوَرَدَتِ السُّنَّةُ عَنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ سورة البقرة ) الابانة الكبرى


وَمِنَ الادِلَّةِ وَ الوَقَائِعِ الدَّلَة عَلَى هَجْرِ أَهْلِ البِدَعِ سَوَاءٌ كََانَتْ مُكَفِّرَةُ أوْ غَيْرُ مُكَفِّرَة

 

قال تعالى (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ ۖ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ۖ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ ۖ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ ۖ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ۖ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ۖ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ) الشورى

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : ثَنَا عِيسَى ؛ وَالْحَارِثُ ،قَالَ : ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ) قَالَ : لَا خُصُومَةَ

حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ) لَا خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، وَقَرَأَ : ( وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ) جامع البيان في تأويل القران

قال تعالى  (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) القصص

قال تعالى (  وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ  وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالمِينَ ) الانعام

قال ابن بطة العكبري (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , قَالَ : حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ الْبَزَّارُ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ , عَنِ ابْنِ عَوْنٍ , قَالَ :   كَانَ مُحَمَّدٌ ( محمد بن سيرين ) يَرَى أَنَّ أَسْرَعَ النَّاسِ رِدَّةً أَهْلُ الأَهْوَاءِ , وَكَانَ يَرَى أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِيهِمْ : وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ سورة الأنعام

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ ، قَالَ : ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ النَّبِيلُ , قَالَ : ثنا عِيسَى بْنُ مَيْمُونٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ ، " يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا سورة الأنعام آية 68 ، يَسْتَهْزِئُونَ , نُهِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْعُدَ مَعَهُمْ إِلا أَنْ يَنْسَى , فَإِذَا ذَكَرَ فَلْيَقُمْ , وَذَلِكَ قَوْلُهُ : فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة الأنعام) الإِبَانَةُ الْكُبْرَى

قال تعالى (وقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا ويُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إنَّكُمْ إذًا مِّثْلُهُمْ ) النساء

قال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ ) المائدة

قال ابن بطة (حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعَسْكَرِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , عَنْ خُلَيْدِ بْنِ دَعْلَجٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " يَأَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ سورة المائدة آية 77 ، قَالَ : لا تَبْتَدِعُوا , وَلا تُجَالِسُوا مُبْتَدِعًا ) الإِبَانَةُ الْكُبْرَى

قال البخاري  (حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :   الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ) صحيح الجامع  

 

 

الكٌفْرُ وَ البِدَعُ مَمَّا نَهَى اللهُ تَعَالَى عَنْهَا و كَرَّهَها الى المُسْلِمِينَ

قال أبو داود (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) باب من يؤمر أن يجالس

قال البخاري (بَاب الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ قَالَ قَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا ) باب الأرواح جنود مجندة

وَ كَانَ السَّلَفُ يُلْحِقُونَ الفَرْدَ بِصَاحِبِهِ وَ خَلِيلِهِ

 قال ابن بطة العكبري (كَانَ الأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ : مَنْ سَتَرَ عَنَّا بِدْعَتَهُ لَمْ تَخْفَ عَلَيْنَا أُلْفَتُهُ أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ الْبَاهِلِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ الْقَطَّانَ , يَقُولُ : لَمَّا قَدِمَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ الْبَصْرَةَ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى أَمْرِ الرَّبِيعِ ، يَعْنِي ابْنَ صُبَيْحٍ , وَقَدْرِهُ عِنْدَ النَّاسِ , سَأَلَ : أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُهُ ؟ قَالُوا : مَا مَذْهَبُهُ إِلا السُّنَّةُ ؟ قَالَ : مَنْ بِطَانَتُهُ. قَالُوا : أَهْلُ الْقَدَرِ ؟ قَالَ : هُوَ قَدَرِيٌّ.

قَالَ الشَّيْخُ : رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , لَقَدْ نَطَقَ بِالْحِكْمَةِ , فَصَدَقَ , وَقَالَ بِعِلْمٍ فَوَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ , وَمَا تُوجِبُهُ الْحِكْمَةُ وَيُدْرِكُهُ الْعِيَانُ وَيَعْرِفُهُ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ وَالْبَيَانِ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ سورة آل عمران

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الدَّوْرَقِيِّ , قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ مِنْ رَجُلٍ قَدْ سَمَّاهُ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ هُبَيْرَةَ , قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ :   اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ , الْمُسْلِمُ يَتْبَعُ الْمُسْلِمَ , وَالْفَاجِرُ يَتْبَعُ الْفَاجِرَ

حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَنٍ الْهَاشِمِيُّ , قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ الْغَلابِيَّ , يَقُولُ : كَانَ يُقَالُ :  يَتَكَاتَمُ أَهْلُ الأَهْوَاءِ كُلَّ شَيْءٍ إِلا التَّآلُفَ وَالصُّحْبَةَ) الإِبَانَةُ الْكُبْرَى

قال البخاري  ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ قَالَ كَعْبٌ لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا كَانَ مِنْ خَبَرِي أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الْغَزَاةِ وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى بِغَيْرِهَا حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا وَعَدُوًّا كَثِيرًا فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرٌ  وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ يُرِيدُ الدِّيوَانَ قَالَ كَعْبٌ فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلَّا ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتْ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا فَأَقُولُ فِي نَفْسِي أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لِأَتَجَهَّزَ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا ثُمَّ غَدَوْتُ ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا فَلَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطُفْتُ فِيهِمْ أَحْزَنَنِي أَنِّي لَا أَرَى إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنْ الضُّعَفَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ مَا فَعَلَ كَعْبٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَنَظَرُهُ فِي عِطْفِهِ فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلًا حَضَرَنِي هَمِّي وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ وَأَقُولُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي فَلَمَّا قِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَادِمًا وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ   جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَ فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لِي مَا خَلَّفَكَ أَلَمْ تَكُنْ قَدْ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ فَقُلْتُ بَلَى إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ إِنِّي لَأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ لَا وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ فَقُمْتُ وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي فَقَالُوا لِي وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لَا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ قَالُوا نَعَمْ رَجُلَانِ قَالَا مِثْلَ مَا قُلْتَ فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ فَقُلْتُ مَنْ هُمَا قَالُوا مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيُّ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيُّ فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا أُسْوَةٌ فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الْأَرْضُ فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَأَطُوفُ فِي الْأَسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَآتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَأَقُولُ فِي نَفْسِي هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ  بِرَدِّ السَّلَامِ عَلَيَّ أَمْ لَا ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلَاتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ فَقُلْتُ يَا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَسَكَتَ فَعُدْتُ لَهُ فَنَشَدْتُهُ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ قَالَ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ الْمَدِينَةِ إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ يَقُولُ مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا جَاءَنِي دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ فَإِذَا فِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا وَهَذَا أَيْضًا مِنْ الْبَلَاءِ فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهُ بِهَا حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنْ الْخَمْسِينَ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينِي فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ فَقُلْتُ أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ قَالَ لَا بَلْ اعْتَزِلْهَا وَلَا تَقْرَبْهَا وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِي هَذَا الْأَمْرِ قَالَ كَعْبٌ فَجَاءَتْ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ قَالَ لَا وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ قَالَتْ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي لَوْ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لِامْرَأَةِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِينِي  مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَلَامِنَا فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلَاةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ قَالَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرِ فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ الْفَرَسِ فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ قَالَ كَعْبٌ حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ وَلَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ قَالَ كَعْبٌ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنْ السُّرُورِ أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قَالَ قُلْتُ أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قَالَ لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ قُلْتُ فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لَا أُحَدِّثَ إِلَّا صِدْقًا مَا بَقِيتُ فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ  الْمُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللَّهُ فِي صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلَانِي مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إِلَى قَوْلِهِ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْيَ شَرَّ مَا قَالَ لِأَحَدٍ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنْ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ  قَالَ كَعْبٌ وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنْ الْغَزْوِ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ ) بَاب حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هِجْرَانَ أَهْلِ الْبِدَعِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَافَ عَلَى كَعْبٍ وَأَصْحَابِهِ النِّفَاقَ حِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْخُرُوجِ مَعَهُ، فَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِمْ، إِلَى أَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُمْ، وَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَاءَتَهُمْ

قال أبو داود  (  حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ قَدِمْتُ عَلَى أَهْلِي وَقَدْ تَشَقَّقَتْ يَدَايَ فَخَلَّقُونِي بِزَعْفَرَانٍ فَغَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَقَالَ اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَعِيلَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ سُمَيَّةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍفَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ أَعْطِيهَا بَعِيرًا فَقَالَتْ أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ ) باب ترك السلام على أهل الأهواء

قال ابن ابي شيبة  ( حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ : لِمَ ؟ فَقَالَ : إنَّهُ ذُو وَجْهَيْنِ ) كتاب الأدب        

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ قَرِيبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ خَذَفَ قَالَ فَنَهَاهُ وَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْخَذْفِ وَقَالَ إِنَّهَا لَا تَصِيدُ صَيْدًا وَلَا تَنْكَأُ عَدُوًّا وَلَكِنَّهَا تَكْسِرُ السِّنَّ وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ قَالَ فَعَادَ فَقَالَ أُحَدِّثُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ ثُمَّ تَخْذِفُ لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا) باب إباحة ما يستعان به على الاصطياد والعدو وكراهة الخذف

 

قال مسلم في صحيحه (حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " لَا تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمُ الْمَسَاجِدَ ، إِذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إِلَيْهَا " ، قَالَ : فَقَالَ بِلَالُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ ، فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا ، مَا سَمِعْتُهُ سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ ، وَقَالَ : أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقُولُ : وَاللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ) كِتَاب الصَّلَاةِ

 قال الامام أحمد  (حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا رَبَاحٌ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلٌ أَهْلَهُ أَنْ يَأْتُوا الْمَسَاجِدَ فَقَالَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَإِنَّا نَمْنَعُهُنَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ هَذَا قَالَ فَمَا كَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ  ) مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما

قال ابن وضاح  (حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ سَحْنُونٍ , عَنِ ابْنِ وَهْبٍ , عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلانَ , عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ صَبِيغًا الْعِرَاقِيَّ جَعَلَ يَسْأَلُ عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قَدِمَ مِصْرَ , فَبَعَثَ بِهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُولُ بِالْكِتَابِ , فَقَرَأَهُ , قَالَ : أَيْنَ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : فِي الرَّحْلِ , قَالَ عُمَرُ : أَبْصِرْ أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ فَتُصِيبَكَ مِنِّي الْعُقُوبَةُ الْمُوجِعَةُ , فَأَتَاهُ بِهِ , فَقَالَ عُمَرُ : تَسُلُّ حَدَثَةً ؟ " فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى أَرْطَابٍ مِنَ الْجَرِيدِ فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى تَرَكَ ظَهْرَهُ خُبْزَةً ثُمَّ ترَكَهُ حَتَّى بَرِئَ , فَدَعَا بِهِ لِيَعُودَ لَهُ " , فَقَالَ لَهُ صَبِيغٌ : إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي فَاقْتُلْنِي قَتْلا جَمِيلا , وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ تُدَاوِينِي فَقَدْ وَاللَّهِ بَرِئْتُ , فَأَذِنَ لَهُ إِلَى أَرْضِهِ , وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أَلا يُجَالِسَهُ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ , فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنْ قَدْ حَسُنَتْ هَيْئَتُهُ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْ يَأْذَنَ لِلنَّاسِ يُجَالِسُونَهُ

نا أَسَدٌ , نا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ بْنِ عَزْوَانَ , عَنِ الْمُغِيرَةِ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِمُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ :  لا تَقْرَبْنَا مَا دُمْتَ عَلَى رَأْيِكَ هَذَا   , وَكَانَ مُرْجِئِيًّا ) البدع و النهي عنها

قال أبو بكر الخلال (وَلَيْسَ يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ أَنْ يَكُونُوا كُلَّمَا تَكَلَّمَ جَاهِلٌ بِجَهْلِهِ أَنْ يُجِيبُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيُنَاظِرُوهُ، فَيُشْرِكُوهُ فِي مَأْثَمِهِ، وَيَخُوضُوا مَعَهُ فِي بَحْرِ خَطَايَاهُ، وَلَوْ شَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُنَاظِرَ صَبِيغًا، وَيَجْمَعَ لَهُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُنَاظِرُوهُ، وَيُحَاجُّوهُ، وَيَبِينُوا عَلَيْهِ لَفَعَلَ، وَلَكِنَّهُ قَمَعَ جَهْلَهُ، وَأَوْجَعَ ضَرْبَهُ، وَنَفَاهُ فِي جِلْدِهِ، وَتَرَكَهُ يَتَغَصَّصُ بِرِيقِهِ، وَيَنْقَطِعُ قَلْبُهُ حَسْرَةً بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ مَطْرُودًا، مَنْفَيًّا، مُشَرَّدًا، لا يُكَلَّمُ وَلا يُجَالَسُ، وَلا يُشْفَى بِالْحُجَّةِ وَالنَّظَرِ، بَلْ تَرَكَهُ يَخْتَنِقُ عَلَى حِرَّتِهِ، وَلَمْ يُبَلِّعْهُ رِيقَهُ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنْ كَلامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَهَكَذَا حُكْمُ كُلِّ مَنْ شَرَعَ فِي دِينِ اللَّهِ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ، أَنْ يُخْبِرَ أَنَّهُ عَلَى بِدْعَةٍ وَضَلالَةٍ، فَيُحَذِّرُ مِنْهُ وَيَنْهَى عَنْ كَلامِهِ وَمُجَالَسَتِهِ، فَاسْتَرْشِدُوا الْعِلْمَ، وَاسْتَحِضُّوا الْعُلَمَاءَ، وَاقْبَلُوا نُصْحَهُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَزَالَ الْجَاهِلُ بِخَيْرٍ مَا وَجَدَ عَالِمًا يَقْمَعُ جَهْلَهُ، وَيَرُدُّهُ إِلَى صَوَابِ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ) كتاب السنة  

 

قال أبو نعيم (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَاصِمٍ ، أَنَّ زِيَادَ بْنَ جَرِيرٍ الأَسَدِيَّ ، قَالَ : " قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلَيَّ طَيْلَسَانُ وَشَارِبِي عَافٍ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَلَمْ يَرُدَّ السَّلامَ ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ ، فَأَتَيْتُ ابْنَهُ عَاصِمًا ، فَقُلْتُ لَهُ : لَقَدْ رَمَيْتَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الرَّأْسِ ، فَقَالَ : سَأَكْفِيكَ ذَلِكَ ، فَلَقِيَ أَبَاهُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَخُوكَ زِيَادُ بْنُ حدِيرٍ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ ، فَقَالَ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ عَلَيْهِ طَيْلَسَانًا ، وَرَأَيْتُ شَارِبَهُ عَافِيًا ، قَالَ : فَرَجَعَ إِلَيَّ فَأَخْبَرَنِي ، فَانْطَلَقْتُ فَقَصَصْتُ شَارِبِي ، وَكَانَ مَعِي بُرْدٌ شَقَقْتُهُ ، فَجَعَلْتُهُ إِزَارًا وَرِدَاءً ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى عُمَرَ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : وَعَلَيْكَ السَّلامُ ، هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا كُنْتَ فِيهِ يَا زِيَادُ ) حلية الأولياء

فعُمَر بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيّ اللهُ عَنْهُ قَدْ هَجَرَ زِيَّادُ بْنُ حَدِير عَلى إعْفَائِهِ لِشَارِبِهِ

قال ابن بطة (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ فَشَتَّانَ بَيْنَ هَؤُلاءِ الْعُقَلاءِ السَّادَةِ الأَبْرَارِ الأَخْيَارِ الَّذِينَ مُلِئَتْ قُلُوبُهُمْ بِالْغَيْرَةِ عَلَى إِيمَانِهِمْ، وَالشُّحِّ عَلَى أَدْيَانِهِمْ، وَبَيْنَ زَمَانٍ أَصْبَحْنَا فِيهِ، وَنَاسٌ نَحْنُ مِنْهُمْ، وَبَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  وَسَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِهِمْ يَقْطَعُ رَحِمَهُ، وَيَهْجُرُ حَمِيمَهُ حِينَ عَارَضَهُ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  وَحَلَفَ أَيْضًا عَلَى قَطِيعَتِهِ، وَهُجْرَانِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا فِي صِلَةِ الأَقْرَبِينَ، وَقَطِيعَةِ الأَهْلِينَ. وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ، سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  حَكِيمَ هَذِهِ الأُمَّةِ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَظْعَنُونَ عَنْ أَوْطَانِهِمْ، وَيَنْتَقِلُونَ عَنْ بُلْدَانِهِمْ، وَيُظْهِرُونَ الْهِجْرَةَ لإِخْوَانِهِمْ ؛ لأَجْلِ مَنْ عَارَضَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  وَتَوَقَّفَ عَنِ اسْتِمَاعِ سُنَّتِهِ، فَيَا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ حَالُنَا عِنْدَ اللَّهِ  تعالى  وَنَحْنُ نَلْقَى أَهْلَ الزَّيْغِ فِي صَبَاحِنَا وَالْمَسَاءِ، يَسْتَهْزِئُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ، وَيُعَانِدُونَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  حَائِدِينَ عَنْهَا، وَمُلْحِدِينَ فِيهَا، سَلَّمَنَا اللَّهَ وَإِيَّاكُمْ مِنَ الزَّيْغِ وَالزَّلَلِ) الابانة الكبرى

قال الدارمي في السنن (أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَ ابْنُ سِيرِينَ رَجُلًا بِحَدِيثٍ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : قَالَ فُلَانٌ : كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ : " أُحَدِّثُكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقُولُ : قَالَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ : كَذَا وَكذَا ، لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا  ) باب تعجيل عقوبة من بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث فلم يعظمه ولم يوقره

قال الطبراني في المعجم الكبير (حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، ثَنَا مُسَدَّدٌ ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنْ  عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَعْرَسْتُ فِي عَهْدِ أَبِي فَأَذِنَ أَبِي النَّاسَ ، وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ فِيمَنْ آذَنَّا وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي بِبِجَادٍ أَخْضَرَ ، فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ فَدَخَلَ فَرَآنِي قَائِمًا ، فَاطَّلَعَ فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِبِجَادٍ أَخْضَرَ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَسْتُرُونَ الْجُدُرَ ؟ قَالَ أَبِي واسْتَحْيَا : غَلَبْنَنَا النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ ، قَالَ : " مَنْ خَشِيَ أَنْ يَغْلِبَنَّهُ النِّسَاءُ فَلَمْ أَخْشَ أَنْ يَغْلِبَنَّكَ " ، ثُمَّ قَالَ : " لَا أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا وَلَا أَدْخَلُ لَكُمْ بَيْتًا " ثُمَّ خَرَجَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) باب من اسمه خالد

 

قال ابن بطة ( حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الأَصْبَغِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ ، يَقُولُ لِرَجُلٍ : أَتَسْمَعُنِي أُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :   لا تَبِيعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمِ إِلا مِثْلا بِمِثْلٍ ، وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا عَاجِلا بِآجِلٍ " ، ثُمَّ أَنْتَ تُفْتِي بِمَا تُفْتِي ، وَاللَّهِ , لا يُؤْوِينِي وَإِيَّاكَ مَا عِشْتُ إِلا الْمَسْجِدُ ) الإبانة الكبرى

قال الترمذي (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مهْرَانَ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بهدلة، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى زِرِّ بْنُ حُبَيْشٍ وَهُوَ يُؤَذِّنُ، فَقَالَ: يَا أَبَا مَرْيَمَ أَتُؤَذِّنُ؟ إِنِّي لأَرْغَبُ بِكً عَنِ الأَذَانِ، فَقَالَ زِرُّ: أَتَرْغَبُ عَنِ الأَذَانِ، وَاللهِ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا ) الجامع

قال  أحمد بن حنبل (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدٍ، سَمِعَهُ مِنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ، أَبْصَرَ عَبْدَ اللَّهِ: رَجُلا يَضْحَكُ فِي جِنَازَةٍ، فَقَالَ:   تَضْحَكُ فِي جِنَازَةٍ لا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا ) الزهد

قال أحمد بن حنبل  (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : أُخْبِرْتُ عَنْ سَيَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كَانَ يَقُولُ : مَنْ رَضِيَ بِالْفِسْقِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَمَنْ رَضِيَ أَنْ يُعْصَى اللَّهُ لَمْ يُرْفَعْ لَهُ عَمَلٌ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطٍ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : رَأْسُ مَالِ الْمُؤْمِنِ دِينُهُ حَيْثُمَا زَالَ زَالَ مَعَهُ ، لا يُخَلِّفُهُ فِي الرِّحَالِ ، وَلا يَأْمَنُ عَلَيْهِ الرِّجَالَ ) الزهد

قال أبو بكر الخلال (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَارُونَ، أَنَّ إِسْحَاقَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ: هَذَا الْأَعْمَشُ وَزُبَيْدٌ وَمَنْصُورٌ حَدَّثُونَا، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ  ، فَأَيُّهُمْ نَتَّهِمُ؟ أَنَتَّهِمُ الْأَعْمَشَ، أَنَتَّهِمُ مَنْصُورًا أَنَتَّهِمُ أَبَا وَائِلٍ؟ قَالَ إِسْحَاقُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: وَأَيْشِ أَتَّهِمُ مِنْ أَبِي وَائِلٍ؟ قَالَ: " اتَّهِمْ رَأْيَهُ الْخَبِيثَ، يَعْنِي حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَقَالَ لِي: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ:   كَانَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ: قَالَ: أَحْدَثَ الْإِرْجَاءَ ) السنة

قال اللالكائي (اعْتِقَادُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السُّكَّرِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدٍ الدَّقِيقِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو الْعَنْبَرِ قِرَاءَةً مِنْ كِتَابِهِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ بِتِنِّيسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، يَقُولُ : " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا : التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالاقْتِدَاءُ بِهِمْ , وَتَرْكُ الْبِدَعِ , وَكُلُّ بِدْعَةٍ فَهِيَ ضَلالَةٌ , وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ

اعْتِقَادُ أَبِي زُرْعَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، وَأَبِي حَاتِمٍ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ بْنِ الْمُنْذِرِ الرَّازِيَّيْنِ ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ مِمَّنْ نَقَلَ عَنْهُمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ الْمُقْرِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ  مُحَمَّدِ بْنِ حَبَشٍ الْمُقْرِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي أُصُولِ الدِّينِ ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ ، وَمَا يَعْتَقِدَانِ مِنْ ذَلِكَ ؟

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَسَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ يَأْمُرَانِ بِهُجْرَانِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَالْبِدَعِ يُغَلِّظَانِ فِي ذَلِكَ أَشَدَّ التَّغْلِيظِ ، وَيُنْكِرَانِ وَضْعَ الْكُتُبِ بِرَأْيٍ فِي غَيْرِ آثَارٍ ، وَيَنْهَيَانِ عَنْ مُجَالَسَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَيَقُولَانِ : لَا يُفْلِحُ صَاحِبُ كَلَامٍ أَبَدًا

وَتَرْكُ رَأْيِ الْمُلْبِسِينَ الْمُمَوِّهِينَ الْمُزَخْرِفِينَ الْمُمَخْرِقِينَ الْكَذَّابِينَ ، وَتَرْكُ النَّظَرِ فِي كُتِبِ الْكَرَابِيسِيِّ ، وَمُجَانَبَةُ مَنْ يُنَاضِلُ عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَشَاجَرَدِيهِ مِثْلِ دَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيِّ وَأَشْكَالِهِ وَمُتَّبِعِيهِ

 أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ , قَالَ : حَدَّثَنَا زَايِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ , عَنْ هِشَامٍ , قَالَ : كَانَ الْحَسَنُ ، يَقُولُ :   لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ , وَلا تُجَادِلُوهُمْ , وَلا تَسْمَعُوا مِنْهُمْ  ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

 قال ابن بطة (حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ الْوَلِيدِ الْعُكْبَرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : كَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ كِتَابًا يَسْتَأْذِنُهُ فِيهِ أَنْ يَضَعَ كِتَابًا يَشْرَحُ فِيهِ الرَّدَّ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ , وَأَنْ يَحْضُرَ مَعَ أَهْلِ الْكَلامِ فَيُنَاظِرَهُمْ وَيَحْتَجَّ عَلَيْهِمْ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , أَحْسَنَ اللَّهُ عَاقِبَتَكَ , وَدَفَعَ عَنْكَ كُلَّ مَكْرُوهٍ وَمَحْذُورٍ , الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ , وَأَدْرَكْنَا عَلَيْهِ مِنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْكَلامَ , وَالْجُلُوسَ مَعَ أَهْلِ الزَّيْغِ , وَإِنَّمَا الأُمُورُ فِي التَّسْلِيمِ , وَالانْتِهَاءِ إِلَى مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ , أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ لا فِي الْجُلُوسِ مَعَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالزَّيْغِ لِتَرُدَّ عَلَيْهِمْ , فَإِنَّهُمْ يُلَبِّسُونَ عَلَيْكَ , وَهُمْ لا يَرْجِعُونَ , فَالسَّلامَةُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي تَرْكِ مُجَالَسَتِهِمْ , وَالْخَوْضِ مَعَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ وَضَلالَتِهِمْ , فَلْيَتَّقِ اللَّهَ امْرُؤٌ , وَلْيَصِرْ إِلَى مَا يَعُودُ عَلَيْهِ نَفْعُهُ غَدًا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ يُقَدِّمُهُ لِنَفْسِهِ , وَلا يَكُنْ مِمَّنْ يُحْدِثُ أَمْرًا , فَإِذَا هُوَ خَرَجَ مِنْهُ أَرَادَ الْحُجَّةَ , فَيَحْمِلُ نَفْسَهُ عَلَى الْمُحَالِ فِيهِ , وَطَلَبِ الْحُجَّةِ لِمَا خَرَجَ مِنْهُ بِحَقٍّ أَوْ بِبَاطِلٍ لِيُزَيِّنَ بِهِ بِدْعَتَهُ وَمَا أَحْدَثَ , وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَضَعَهُ فِي كِتَابٍ قَدْ حُمِلَ عَنْهُ , فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُزَيِّنَ ذَلِكَ بِالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ , وَإِنْ وَضَحَ لَهُ الْحَقُّ فِي غَيْرِهِ , وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ لَنَا وَلَكَ , وَالسَّلامُ عَلَيْكَ

حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ عِصْمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , يَقُولُ :  أَهْلُ الْبِدَعِ مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُجَالِسَهُمْ , وَلا يُخَالِطَهُمْ , وَلا يَأْنَسَ بِهِمْ ) الابانة الكبرى 

قال ابن بطة  (أَخْبَرَنِي أَخْبَرَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَصَبَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو زِيَادٍ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ الْخَوْلانِيُّ الْحِمْصِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّالِمِيُّ الأَشْجَعِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ , فَإِنَّ الْمَرْءَ لا يُخَادِنُ إِلا مَنْ يُعْجِبُهُ

قال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر: لأن يَصْحَبَ اِبْنِي فَاسِقًا شَاطِرً ا سُنِّيًّا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَصْحَبَ عَابِدًا مُبْتَدِعًا

قَالَ حَمَّادُ بْن زَيْدٍ: قَالَ لِي يُونُس يَا حَمَّادُ إِنِّي لَأَرَى اَلشَّابَّ عَلَى كُلِّ حَالَةٍ مُنْكَرَةٍ فَلَا أُيَئِّسُ مِنْ خَيْرِهِ حَتَّى أَرَاهُ يُصَاحِبُ صَاحِب بِدْعَةٍ فَعِنْدَهَا أَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عَطِبَ

قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيّ ُ: قَالَ لِي أَبُو قِلابَةَ: يَا أَيُّوبُ اِحْفَظْ عَنِّي أَرْبَعًا: لا تَقُلْ فِي اَلْقُرْآنِ بِرَأْيِكَ وَإِيَّاكَ وَالْقَدَرَ وَإِذَا ذُكِرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ فَأَمْسِكْ وَلا تُمَكِّنْ أَصْحَابَ اَلْأَهْوَاءِ مِنْ سَمْعِكَ فَيُنْفِذُوا فِيهِ مَا شَاءُوا) الإِبَانَةُ الْكُبْرَى

 قال أبو عثمان إسماعيل الصابوني  (  واتَّفقوا مع ذلك على القول بقهر أهل البدع وإذلالهم وإخزائهم وإبعادهم وإقصائهم والتباعد منهم ومِن مصاحبتهم ومعاشرتهم، والتقرُّب إلى الله عزَّ وجلَّ بمجانبتهم ومهاجرتهم ) عقيدة أهل السلف ص123

قال ابن أبي زمنين  ( ولم يزل أهل السنَّة يعيبون أهل الأهواء المضلَّة وينهون عن مجالستهم ويخوِّفون فتنتهم ويخبرون بخَلاقهم، ولا يرون ذلك غِيبةً لهم ولا طعنًا عليهم  ) أصول السنَّة لابن أبي زمنين 425

 

 مِنَ السُنَّة مُوَالاَةُ وَ مُصَاحَبَةُ أهْلِ الاسْلاَمِ وَ هَجْرِ غَيْرِهِم

قال تعالى (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ) الكهف

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي حَجَّاجٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، فِي قَوْلِهِ : ( وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ) قَالَ : لَا تُجَاوِزْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال ابن بطة أيضا (حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ السَّكَنِ , قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ , قَالَ :قَالَ قَتَادَةُ :   إِنَّا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الرَّجُلَ يُصَاحِبُ مِنَ النَّاسِ إِلا مِثْلَهُ , وَشِكْلَهُ , فَصَاحِبُوا الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَكُونُوا مَعَهُمْ , أَوْ مِثْلَهُمْ ) الإبانة الكبرى 511

 جاء في  المروءة لابن المرزبان (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ زَنْجَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ ، أخبرنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ :  جَالِسُوا أَهْلَ الدِّينِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ، فَجَالِسُوا أَهْلَ الْمُرُوآتِ فِي الدُّنْيَا ، فَإِنَّهُمْ لَا يَرْفُثُونَ فِي مَجَالِسِهِمْ )

 

تَرْكَ جِدَالِهِم سُنَّة 

قال أبو عبد الله بن بطة في الابانة الكبرى  (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ , قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى: أَرَى الْمُعْتَزِلَةَ عِنْدَكُمْ كَثِيرًا , قُلْتُ: نَعَمْ , وَهُمْ   يَزْعُمُونَ أَنَّكَ مِنْهُمْ , قَالَ: أَفَلَا تَدْخُلُ مَعِي هَذَا الْحَانُوتَ حَتَّى أُكَلِّمَكَ , قُلْتُ: لَا قَالَ: لِمَ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ الْقَلْبَ ضَعِيفٌ , وَالدِّينُ لَيْسَ لِمَنْ غُلِبَ .

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ , قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْبُسْرِيِّ - وَكَانَ مِنَ الْخَاشِعِينَ - مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَخْشَعَ مِنْهُ:  لَيْسَ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ تَرُدَّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ , وَلَكِنَّ السُّنَّةَ عِنْدَنَا أَنْ لَا تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنْهُمْ ) بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ صُحْبَةِ قَوْمٍ يُمْرِضُونَ الْقُلُوبَ وَيُفْسِدُونَ الْإِيمَانَ

 

 

المَقْصُودُ باِلهَجْرِ

القِيَّام بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَ تَطْبِيقُ حُكْمِهِ

قال تعالى (يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ إِلَى قَوْلِهِ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) المدثر

قال تعالى (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) الانعام

و قال تعالى (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ) الزمر

 

وَ الحَذَرُ مِن عِقَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ

قال تعالى (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ) الاسراء

 قال الدرامي (أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْكُمَيْتِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: " مَرَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، فَقَالَ: هَلْ بِالْمَدِينَةِ أَحَدٌ أَدْرَكَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ  صلى الله عليه و سلم   فَقَالُوا لَهُ: أَبُو حَازِمٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَيُّ جَفَاءٍ رَأَيْتَ مِنِّي؟، قَالَ: أَتَانِي وُجُوهُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَمْ تَأْتِنِي، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ أَنْ تَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ، مَا عَرَفْتَنِي قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ، وَلَا أَنَا رَأَيْتُكَ .. قَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَازِمٍ، مَا لَنَا نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟، قَالَ: لِأَنَّكُمْ أَخْرَبْتُمْ الْآخِرَةَ، وَعَمَّرْتُمْ الدُّنْيَا، فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَنْتَقِلُوا مِنْ الْعُمْرَانِ إِلَى الْخَرَابِ، قَالَ: أَصَبْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، فَكَيْفَ الْقُدُومُ غَدًا عَلَى اللَّهِ؟، قَالَ: أَمَّا الْمُحْسِنُ، فَكَالْغَائِبِ يَقْدُمُ عَلَى أَهْلِهِ، وَأَمَّا الْمُسِيءُ، فَكَالْآبِقِ يَقْدُمُ عَلَى مَوْلَاهُ، فَبَكَى سُلَيْمَانُ، وَقَالَ: لَيْتَ شِعْرِي مَا لَنَا عِنْدَ اللَّهِ؟، قَالَ: اعْرِضْ عَمَلَكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: وَأَيُّ مَكَانٍ أَجِدُهُ؟، قَالَ (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ  وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) ... قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ:  فَمَا تَقُولُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ؟، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَوَ تُعْفِينِي؟، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: لَا، وَلَكِنْ نَصِيحَةٌ تُلْقِيهَا إِلَيَّ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ آبَاءَكَ قَهَرُوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ، وَأَخَذُوا هَذَا الْمُلْكَ عَنْوَةً عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا رِضًا لَهُمْ حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، فَقَدْ ارْتَحَلُوا عَنْهَا، فَلَوْ أُشْعِرْتَ مَا قَالُوا، وَمَا قِيلَ لَهُمْ؟، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: بِئْسَ مَا قُلْتَ يَا أَبَا حَازِمٍ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: كَذَبْتَ، إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ مِيثَاقَ الْعُلَمَاءِ لَيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُصْلِحَ؟، قَالَ: تَدَعُونَ الصَّلَفَ، وَتَمَسَّكُونَ بِالْمُرُوءَةِ، وَتَقْسِمُونَ بِالسَّوِيَّةِ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: كَيْفَ لَنَا بِالْمَأْخَذِ بِهِ؟، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: تَأْخُذُهُ مِنْ حِلِّهِ وَتَضَعُهُ فِي أَهْلِهِ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا حَازِمٍ أَنْ تَصْحَبَنَا فَتُصِيبَ مِنَّا وَنُصِيبَ مِنْكَ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: وَلِمَ ذَاكَ؟، قَالَ: أَخْشَى أَنْ أَرْكَنَ إِلَيْكُمْ شَيْئًا قَلِيلًا فَيُذِيقَنِي اللَّهُ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: ارْفَعْ إِلَيْنَا حَوَائِجَكَ؟، قَالَ: تُنْجِينِي مِنْ النَّارِ وَتُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، قَالَ سُلَيْمَانُ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَمَا لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ غَيْرُهَا، قَالَ: فَادْعُ لِي، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَلِيَّكَ، فَيَسِّرْهُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَدُوَّكَ، فَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى ) مُخْتَصَرٌ من سنن الدارمي

 

صِيَانَةُ النَّفْسِ  مِنَ الوُقُوعِ فِي البِدْعَةِ وَ حِمَايَتُهَا مِنَ الشُبُهَاتِ و النّفَاق

قال تعالى(   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ   قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ   إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) ال عمران

قال ابن أبي حاتم ( قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، قَوْلَهُ: وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ يَقُولُ: وَدَّ الْمُنَافِقُونَ مَا عَنِتَ الْمُؤْمِنُونَ فِي دِينَهُمْ ) تفسير القرآن العظيم مسنداً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعي

قال تعالى ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) القلم

قال ابن جرير الطبري ( حَدَّثَنَا بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) يَقُولُ : وَدُّوا يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَدْهَنْتَ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ ، فَأَدْهَنُوا مَعَكَ ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال تعالى (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ   قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ   وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ   مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) البقرة

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ ) بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

فَمِنْ أَسْبَابِ مَوْتِ أبِي طَالِبْ عَمّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الكُفْرِ وَالشِّرْكِ هُو مُجَالَسَةُ أهْلِ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ   وَ تَأمّل  قَوْلُ رَاوِ الحَدِيثِ: فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ

 

 قال ابن أبي شيبة (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ حَمِيدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الدَّهْمَانَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  : مَنْ سَمِعَ مِنْكُمْ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ ؛ فَلْيَنْأَ عَنْهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَمَا يَزَالُ بِهِ حَتَّى يَتْبَعَهُ مِمَّا يَرَى مِنَ الشُّبُهَاتِ ! ) المصنف

قال ابن بطة (هَذَا قَوْلُ الرَّسُولِ صلى الله عليه و سلم  وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ، فَاللَّهَ اللَّهَ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، لا يَحْمِلَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ حُسْنُ ظَنِّهِ بِنَفْسِهِ، وَمَا عَهِدَهُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِصِحَّةِ مَذْهَبِهِ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ بِدِينِهِ فِي مُجَالَسَةِ بَعْضِ أَهْلِ هَذِهِ الأَهْوَاءِ، فَيَقُولُ: أُدَاخِلُهُ لأُنَاظِرَهُ، أَوْ لأَسْتَخْرِجَ  مِنْهُ مَذْهَبَهُ، فَإِنَّهُمْ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنَ الدَّجَّالِ، وَكَلامُهُمْ أَلْصَقُ مِنَ الْجَرَبِ، وَأَحْرَقُ لِلْقُلُوبِ مِنَ اللَّهَبِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَمَاعَةً مِنَ النَّاسِ كَانُوا يَلْعَنُونَهُمْ، وَيَسُبُّونَهُمْ، فَجَالَسُوهُمْ عَلَى سَبِيلِ الإِنْكَارِ، وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ، فَمَا زَالَتْ بِهِمُ الْمُبَاسَطَةُ وَخَفْيُ الْمَكْرِ، وَدَقِيقُ الْكُفْرِ حَتَّى صَبَوْا إِلَيْهِمْ  

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ الْكَاذِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ , عَنْ أَبِي قِلابَةَ ، قَالَ : قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : " مِنْ فِقْهِ الْمَرْءِ مَمْشَاهُ , وَمَدْخَلُهُ , وَمَخْرَجُهُ , وَمَجْلِسُهُ " , ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلابَةَ : قَاتَلَ اللَّهُ الشَّاعِرَ حِينَ يَقُولُ : عَنِ الْمَرْءِ لا تَسْأَلْ وَأَبْصِرْ قَرِينَهُ  

حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْقَافْلائِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ , عَنِ الأَعْمَشِ ، قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ , فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمْ تَذْهَبُ بِنُورِ الإِيمَانِ مِنَ الْقُلُوبِ , وَتُسْلِبُ مَحَاسِنَ الْوُجُوهِ , وَتُورِثُ الْبِغْضَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ : أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو , قَالَ : أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ , قَالَ : سَمِعْتُ مُجَاهِدًا , يَقُولُ : لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ , فَإِنَّ لَهُمْ عُرَّةً كَعُرَّةِ الْجَرَبِ

حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَيَّاطُ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ يَزِيدَ الصَّائِغُ مَرْدَوَيْهِ ، قَالَ :سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ , يَقُولُ : الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ , فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ , وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ , وَلا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُ سُنَّةٍ يُمَالِي صَاحِبَ بِدْعَةٍ إِلا مِنَ النِّفَاقِ.

قَالَ الشَّيْخُ : صَدَقَ الْفُضَيْلُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ , فَإِنَّا نَرَى ذَلِكَ عِيَانًا) الابانة الكبرى

 

اِشْعَارٌ وَ تَنْبِيهٌ للوَاقِعِ فِي البِدْعَةِ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ وَ يَتُوبُ وَ اظْهَارُ أَمْرِهِ لِيَحْدَرَهُ النَّاسُ

قال عبد  الله بن الامام أحمد (حَدَّثَنِي بَعْضُ، أَصْحَابِنَا وَهُو مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِيَ يَقُولُ:  سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ الْحَارِثِ، يَقُولُ:   لا تُجَالِسُوهُمْ وَلا تُكَلِّمُوهُمْ وَإِنْ مَرِضُوا فَلا تَعُودُوهُمْ، وَإِنْ مَاتُوا فَلا تَشْهَدُوهُمْ، كَيْفَ يَرْجِعُونَ وَأَنْتُمْ تَفْعَلُونَ بِهِمْ هَذَا؟ قَالَ: يَعْنِي الْجَهْمِيَّةَ ) السنة

قال عبد الله الانصاري ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّرَّامُ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ، سَمِعَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، يَقُولُ :   لَا تُجَالِسُوا الْجَهْمِيَّةَ ، وَبَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَهُمْ ، كَيْ يَعْرِفُوهُمْ فَيَحْذَرُوهُمْ ) ذم الكلام وأهله

قال ابن بطة (حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَافْلائِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ , قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ مُبْتَدَعٍ دَاعِيَةٍ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ يُجَالِسُ , قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ :  لا يُجَالَسُ , وَلا يُكَلَّمُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ ) الابانة الكبرى

قال محمد بن مفلح بن محمد المقدسي (  قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ : إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَمْ يَأْثَمْ إنْ هُوَ جَفَاهُ حَتَّى يَرْجِعَ ، وَإِلَّا كَيْفَ يَتَبَيَّنُ لِلرَّجُلِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرَ مُنْكِرًا وَلَا جَفْوَةً مِنْ صَدِيقٍ ؟ ) الآداب الشرعية والمنح المرعية

 

فَضْلُ الهَجْرِ فِي الدُنْيَا وَ الاخِرَةِ

هَجْرُ أهْلِ الأهْوَاءِ سَبَبٌ لِرَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ

قال تعالى  (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ) الكهف

قال تعالى (وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا  ) مريم

هَجْرُ أهْلِ الأهْوَاءِ سَبَبٌ لِلدُرِيّةِ الصَالِحَةِ

قال تعالى (  فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا  وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ) مريم

 

خَطَرُ مُصَاحَبَةُ أَهْلِ الفُجُورِِ وَ عَدَم هَجْرِهِمْ وَ اعْتِزَالِهِم

قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا   يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا   لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا ) الفرقان

قال ابن جرير الطبري (حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ وَعُثْمَانَ الْجَزَرِيِّ ، عَنْ مِقْسَمٍ فِي قَوْلِهِ : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) قَالَ : اجْتَمَعَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَأُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ ، وَكَانَا خَلِيلَيْنِ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : بَلَغَنِي أَنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا فَاسْتَمَعْتَ مِنْهُ ، وَاللَّهِ لَا أَرْضَى عَنْكَ حَتَّى تَتْفُلَ فِي وَجْهِهِ وَتُكَذِّبَهُ ، فَلَمْ يُسَلِّطْهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ ، فَقُتِلَ عُقْبَةُ يَوْمَ بَدْرٍ صَبْرًا . وَأَمَّا أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْقِتَالِ ، وَهُمَا اللَّذَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمَا : ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا ) .

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ : ( لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) قَالَ : كَانَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ خَلِيلًا لِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، فَأَسْلَمَ عُقْبَةُ ، فَقَالَ أُمَيَّةُ : وَجْهِي مِنْ وَجْهِكَ حَرَامٌ إِنْ تَابَعْتَ مُحَمَّدًا فَكَفَرَ ; وَهُوَ الَّذِي قَالَ : ( لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ) ) جامع البيان في تأويل القرآن

قال البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالسَّوْءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ) باب المسك

قال البخاري أيضا (قَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِهَذَا ) باب الأرواح جنود مجندة

قال أبو داود (حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ ) باب من يؤمر أن يجالس

قال البخاري (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي طَالِبٍ يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ الْآيَةَ ) بَاب إِذَا قَالَ الْمُشْرِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

فَمِنْ أَسْبَابِ مَوْتِ أبِي طَالِبْ عَمّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الكُفْرِ وَالشِّرْكِ هُو مُجَالَسَةُ أهْلِ الكُفْرِ وَالشِّرْكِ   وَ تَأمّل  قَوْلُ رَاوِ الحَدِيثِ: فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ

قال مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ لَا فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ ) بَاب قَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَثُرَ قَتْلُهُ

فَانْظُرْ كَيْفَ أثَّرَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ البِيئَةُ الفَاسِدَةُ التِّي كَانَ يَعِيشُهَا، حَتى أرْتَكَبَ هَذِهِ الكَبِيرَة العَظِيمَة (قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ) فَكَانَ لابُد مِنَ الخُرُوجِ مِنْ هَذِهِ البِيئَة الفَاسِدَة إلى بِيئَةٍ صَالِحَه تُعِينُهُ عَلى ذِكْرِ اللهِ وَ عِبَادَتِهِ

جاء في موطأ الامام مالك بن أنس برواية محمد بن الحسن الشيباني (بَابُ: الْخُصُومَةِ فِي الدِّينِ، وَالرَّجُلُ يَشْهَدُ عَلَى الرَّجُلِ بِالْكُفْرِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا يَنْبَغِي الْخُصُومَاتُ فِي الدِّينِ  )

قال ابن بطة  (حَدَّثَنَا أبو محمد بن حيان ، ثَنَا أحمد بن علي ، ثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، ثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، قَالَ : كَانَ عمرو يَقُولُ : لَا تُجَالِسْ صَاحِبَ زَيْغٍ فَيَزِيغَ قَلْبَكَ

حَدَّثَنَا الْقَافْلائِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ , قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ دِينَارٍ التَّمَّارُ , قَالَ : سَمِعْتُ مُصْعَبَ بْنَ سَعْدٍ , يَقُولُ : لا تُجَالِسْ مَفْتُونًا , فَإِنَّهُ لَنْ يُخْطِئَكَ مِنْهُ إِحْدَى اثْنَتَيْنِ , إِمَّا أَنْ يَفْتِنَكَ فَتُتَابِعُهُ , وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِيَكَ قَبْلَ أَنْ تُفَارِقَهُ ) الابانة الكبرى

قال اللالكائي (  أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَيْلانَ الْخَزَّازُ , قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَخُو كَرْخَوَيْهِ , أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , أَخْبَرَنَا حَزْمٌ , عَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ , قَالَ : " رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ فِي النَّوْمِ وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مَقْعَدِهِ الَّذِي كَانَ يَقْعُدُ فِيهِ وَهُوَ يُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ ، وَيَقُولُ : " صِنْفَانِ مِنَ النَّاسِ لا تُجَالِسُوهُمَا , فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُمَا فَاسِدَةٌ لِقَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ : صَاحِبُ بِدْعَةٍ قَدْ غَلا فِيهَا , وَصَاحِبُ دُنْيَا مُتْرَفٌ فِيهَا ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة

 

قال ابن وضاح  ( نا أَسَدٌ , نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ , عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ سُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ الْحِمْصِيِّ , عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , قَالَ : لا تُجَالِسْ صَاحِبَ هَوًى ؛ فَيَقْذِفَ فِي قَلْبِكَ مَا تَتْبَعُهُ عَلَيْهِ فَتَهْلِكَ , أَوْ تُخَالِفَهُ فَيَمْرَضَ قَلْبُكَ

نا أَسَدٌ , قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ , عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , قَالَ : " مَنْ جَالَسَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ إِحْدَى ثَلاثٍ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِتْنَةً لِغَيْرِهِ , وَإِمَّا أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ فَيَزِلَّ بِهِ فَيُدْخِلَهُ اللَّهُ النَّارَ , وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ : وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مَا تَكَلَّمُوا , وَإِنِّي وَاثِقٌ بِنَفْسِي , فَمَنْ أَمِنَ اللَّهَ عَلَى دِينِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ سَلَبَهُ إِيَّاهُ

نا أَسَدٌ , نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ قَالَ : قَالَ أَبُو قِلابَةَ : " لا تُجَالِسُوا أَهْلَ الأَهْوَاءِ , وَلا تُجَادِلُوهُمْ ؛ فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ , أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ " , قَالَ أَيُّوبُ : وَكَانَ - وَاللَّهِ - مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَوِي الأَلْبَابِ

نا أَسَدٌ , نا زَيْدٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ , قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ : " لا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ الْبِدَعِ وَلا تُكَلِّمُوهُمْ ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَرْتَدَّ قُلُوبُكُمْ

نا أَسَدٌ , نا زَيْدٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ , قَالَ : أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ : " لا تُجَالِسْ أَصْحَابَ الأَهْوَاءِ ؛ فَتَسْمَعَ مِنْهُمْ كَلِمَةً فَتُرْدِيَكَ , فَتُضِلَّكَ , فَتُدْخِلَكَ النَّارَ ) البدع و النهي عنها

قال ابن بطة في الابانة الكبرى (حَدَّثَنَا الْمَتُّوثِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفُضَيْلِ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ , عَنِ  الْبَتِّيِّ , قَالَ: كَانَ  عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ , فَقَدِمَ غُلَامٌ مِنْ أَهْلِ عُمَانَ مِثْلُ الْبَغْلِ , فَقَلَبَهُ فِي مَقْعَدٍ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ , قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ , قَالَ: قَالَ مُغِيرَةُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ:  قُومُوا بِنَا إِلَى الْمُرْجِئَةِ نَسْمَعْ كَلَامَهُمْ قَالَ: فَمَا رَجَعَ حَتَّى عَلِقَهُ

حَدَّثَنَا الْمَتُّوثِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ، وَمَا كَانَ لَهُ هَوًى، فَقَالَ:  اذْهَبُوا بِنَا حَتَّى نَسْمَعَ قَوْلَهُمْ، فَمَا رَجَعَ، حَتَّى أَخَذَ بِهَا، وَعَلَقَتْ قَلْبَهُ

اعْلَمُوا إِخْوَانِي أَنِّي فَكَّرْتُ فِي السَّبَبِ الَّذِي أَخْرَجَ أَقْوَامًا مِنَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَاضْطَرَّهُمْ إِلَى الْبِدْعَةِ وَالشَّنَاعَةِ وَفَتَحَ بَابَ الْبَلِيَّةِ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ وَحَجَبَ نُورَ الْحَقِّ عَنْ بَصِيرَتِهِمْ فَوَجَدْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

 أَحَدُهُمَا: الْبَحْثُ وَالتَّنْقِيرُ وَكَثْرَةُ السُّؤَالُ عَمَّا لا يَعْنِي وَلا يَضُرُّ الْعَاقِلَ جَهْلُهُ وَلا يَنْفَعُ الْمُؤْمِنَ فَهْمُهُ

 وَالآخَرُ: مُجَالَسَةَ مَنْ لا تُؤْمَنُ فِتْنَتُهُ وَتُفْسِدُ الْقُلُوبَ صُحْبَتُهُ) بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ صُحْبَةِ قَوْمٍ يُمْرِضُونَ الْقُلُوبَ وَيُفْسِدُونَ الْإِيمَانَ

فَهَؤُلاءِ كَانُوا عَلَى السُنَّة فَزَاغُوا بِسَبَبِ سَمَاعِهِم كَلاَمَ أَهْلِ البِدَعِ وَ عَدَمْ تَطْْبِيقِهِم حُكْْمَ للهِ وَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَجْر هَؤُلاَءِ المُبْتَدِعَة

قال أبو القاسم اللالكائي  (فَمَا جُنِيَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جِنَايَةٌ أَعْظَمُ مِنْ مُنَاظَرَةِ الْمُبْتَدِعَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ قَهْرٌ وَلَا ذُلٌّ أَعْظَمَ مِمَّا تَرَكَهُمُ السَّلَفُ عَلَى تِلْكَ الْجُمْلَةِ يَمُوتُونَ مِنَ الْغَيْظِ كَمَدًا وَدَرَدًا ، وَلَا يَجِدُونَ إِلَى إِظْهَارِ بِدْعَتِهِمْ سَبِيلًا ، حَتَّى جَاءَ الْمَغْرُورُونَ فَفَتَحُوا لَهُمْ إِلَيْهَا طَرِيقًا ، وَصَارُوا لَهُمْ إِلَى هَلَاكِ الْإِسْلَامِ دَلِيلًا ، حَتَّى كَثُرَتْ بَيْنَهُمُ الْمُشَاجَرَةُ ، وَظَهَرَتْ دَعْوَتُهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ ، وَطَرَقَتْ أَسْمَاعَ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَرَفَهَا مِنَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ، حَتَّى تَقَابَلَتِ الشُّبَهُ فِي الْحُجَجِ ، وَبَلَغُوا مِنَ التَّدْقِيقِ فِي اللُّجَجِ ، فَصَارُوا أَقْرَانًا وَأَخْدَانًا ، وَعَلَى الْمُدَاهَنَةِ خِلَّانًا وَإِخْوَانًا ، بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي اللَّهِ أَعْدَاءً وَأَضْدَادًا ، وَفِي الْهِجْرَةِ فِي اللَّهِ أَعْوَانًا ، يُكَفِّرُونَهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ عِيَانًا ، وَيَلْعَنُونَهُمْ جِهَارًا ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ ، وَهَيْهَاتَ مَا بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ .

نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَحْفَظَنَا مِنَ الْفِتْنَةِ فِي أَدْيَانِنَا ، وَأَنْ يُمَسِّكَنَا بِالْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ ، وَيَعْصِمَنَا بِهِمَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ ) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ص 19 و 20

 

قال ابن أبي حاتم (حدثنا عبد الرحمن، نا إسماعيل بن إسرائيل السلال، نا الفريابي، قال: كتب سفيان بن سعيد، إلى عباد بن عباد، فقال: من سفيان بن سعيد، إلى عباد بن عباد: سلام عليك فإني أحمد  إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد : يوشك أن يأتى على الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم، فعليك بتقوى الله عز وجل  والزم العزلة واشتغل بنفسك، واستأنس بكتاب الله عز وجل  واحذر الأمراء، وعليك بالفقراء والمساكين والدنو منهم، فإن استطعت أن تأمر بخير في رفق فإن قبل منك حمدت الله عز وجل  وإن رد عليك أقبلت على نفسك، فإن لك فيها شغلا، واحذر المنزلة وحبها، فإن الزهد فيها أشد من الزهد في الدنيا، وبلغني أن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم  كانوا يتعوذون أن يدركوا هذا الزمان، وكان لهم من العلم ما ليس لنا، فكيف بنا حين أدركنا علي قلة علم وبصر، وقلة صبر وقلة أعوان على الخير مع كدر من الزمان، وفساد من الناس. وعليك بالأمر الأول والتمسك به، وعليك بالخمول فإن هذا زمان خمول، وعليك بالعزلة وقلة مخالطة   الناس، فإن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: " إياكم والطمع فإن الطمع فقر، واليأس غنى، وفي العزلة راحة من خلاط السوء "، وكان سعيد بن المسيب، يقول: العزلة عبادة، وكان الناس إذا التقوا انتفع بعضهم ببعض، فأما اليوم فقد ذهب ذلك، والنجاة في تركهم فيما نرى، وإياك والأمراء والدنو منهم، وأن تخالطهم في شيء من الأشياء، وإياك أن تخدع، فيقال لك: تشفع فترد عن مظلوم أو مظلمة، فإن تلك خدعة إبليس، وإنما اتخذها فجار القراء سلما، وكان يقال: اتقوا فتنة العابد الجاهل، وفتنة العالم الفاجر، فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون، وما كفيت المسألة والفتيا، فاغتنم ذلك ولا تنافسهم، وإياك أن تكون ممن يحب أن يعمل بقوله وينشر قوله أو يسمع منه، وإياك وحب الرياسة، فإن من الناس من تكون الرياسة أحب إليه من الذهب والفضة، وهو باب غامض لا يبصره إلا البصير من العلماء السماسرة ) كتاب الجرح و التعديل – من رسالة الثوري إلى عباد بن عباد

 

 

 

الخَاتِمَةُ

 

وَأخِيراً  يَتَعَيَّّنُ عَلَى مَنْ نَصَحَ نَفْسَهُ وَعَلِمَ أنَّهُ مَسْئُولٌ عَمَّا قَالَ وَفَعَلَ وَ اعْتَقَدَ : أنْ يُعِدَّ لِذَلِكَ جَوَاباً، وَيَخْلَعُ ثَوْبِي الجَهْلَ وَ التَّعَصُب، وَ يُخْلِصَ القَصْدَ فِي طَلَبِ الحَقِّ قَالَ اللهَ تعالى في سورة سبا ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا )  وَلْيَعَلَم : أنَّهُ لاَ يُخَلِّصُهُ إلاَّ اتِبَاعُ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِهِ قَالَ الله تعالى في سورة الأعراف ( اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) وَلَمَّا كَانَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللهِ وَقَضَائِهِ  أنَّهُ سَيَقَعُ الاخْتِلاَفُ بَيْنَ الأمَةِ أمَرَهُمُ وَأوْجَبَ عَلَيْهِمُ عِنَدَ التَنَازُعِ الرَدُّ إلى كِتَابِهِ وَسُنَّةِ نَبِيِهِ قال تعالى في سورة النساء (  فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ  ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ) قال ابن جرير الطبري فِي تَفْسِيرِهِ جامع البيان في تأويل القران (حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ : فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ، قَالَ : كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) وَلمَ يَأمُرْنَا اللهُ وَلاَ رَسُولَهً: بِالرَدّ عِنْدَ التَنَازُعِ وَالاخْتِلافِ إلى مَا عَلَيْه أكْثَرُ النَاسِ وَلمَ يَقُلْ اللهُ وَلاَ رَسُولِه : لِيَنْظُر أهْلُ كَلِّ زَمَانٍ إلَى مَا عَلَيْهِ أكْثَرُ أهْلِ زَمَانِهِمُ، فَيَتّبِعُونَهُمُ. وَلا إلى أهْلِ مِصْرٍ مُعَيَّنٍ، أوْ إِقْلِيمٍ  و إنَّمَا الوَاجِبُ عَلَى النَاسِ: الرَدُّ إلَى الوَحْيِ و الرَدُّ الَى غَيْرِهِ ضَلاَل قال تعالى في سورة سبا (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ۖ وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) فَيَجِبُ عَلَى الإنْسَانِ الالْتِفَاتُ إلى كِتَابِ اللهِ وَسُنّةِ نَبِيّهِ  و لا يَعْبَأُ بِكَثْرَةِ المُخَالِفِينَ بَعْدَهُمُ  قال البخاري في صحيحه - بَاب لَا يَأْتِي زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ  (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ فَقَالَ اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) و  جاء في مصنف ابن أبي شيبة في كِتَابُ الزُّهْدِ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ , عَنْ هَارُونَ بْنِ أَبِي وَكِيعٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ سورة المائدة آية 3 , قَالَ : يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ , قَالَ : فَبَكَى عُمَرُ , فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَبْكَانِي أَنَّا كُنَّا فِي زِيَادَةٍ مِنْ دِينِنَا , فَأَمَّا إِذَا كَمُلَ فَإِنَّهُ لَمْ يَكْمُلْ قَطُّ شَيْءٌ إِلَّا نَقَصَ , قَالَ : صَدَقْتَ ) و جاء في البدع و النهي عنها (قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: الْخَيْرُ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ يَنْقُصُ، وَالشَّرُّ يَزْدَادُ ) فَإذَا عَلِمَ اللهُ مِنْ العَبْدِ الصِدْقَ فِي طَلَبِ الحَقٍّ، وَتَرْكِ التَعَصُّبِ، وَرَغَبَ عَلَى اللهِ فِي سُؤالِهِ هِدَايَةِ الصِرَاطِ المُسْتَقِيم  فَهُوَ جَدِيرٌ بِالتَوْفِيقِ . فَإنَّ عَلَى الحَقِ نُوراً ، لاَ سِيَمَا التَوْحِيد الذِي هُوَ أصْلُ الأصُولِ الذِيِ دَعَت إلَيْهِ الرُسُلُ مِنْ أوَّلِهِمُ إلى آخِرِهِمُ  ؛ فَإنّ أدِلّتَهُ وَبَرَاهِينَهُ فِي القُرْآنِ ظَاهِرَةٌ وَعَامَةُ القُرْآنِ إنّمَا هُوَ فِي تَقْرِيرِ هَذَا الأصْلِ العَظِيمِ. وَلا يَسْتَوْحِشُ الإنْسَانُ لِقِلَّةِ المُوَافِقِينَ، وَكَثْرَةِ المُخَالِفِينَ فَإنّّ أهْلَ الحِق أقَلّ النَاسِ فِيمَا مَضَى    قال تعالى  في سورة سبا (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ  ) و قال في سورة ص (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ ، ) وَهُمْ أقَلَ النَاسِ فِيمَا بَقِي لاسِيَمَا فِي هَذِهِ الأزْمِنَةِ المُتَأَخّرَةِ، التِي قَدْ صَارَ الإسْلاَمُ فِيهَا غَرِيباً   وَ هَذَا وَعْدُ اللهِ وَ رَسُولِهِ  جاء في صحيح مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ َ جَمِيعًا، عَنْ مَرْوَانَ الْفَزَارِيِّ،   قَالَ ابْنُ عَبَّادٍ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ   صلى الله عليم و سلم : بَدَأَ الإِسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ )  حَتَّى يَصِيرُ المُوَحِدُ يُعَيَّرُ بِتَوْحِيدِهِ جاء في البدع و النهي عنها لابن وضاح الاندلسي (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نُعَيْمٍ، نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ: أَنَّهُ أَخَذَ حَصَاةً بَيْضَاءَ فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا الدِّينَ قَدِ اسْتَضَاءَ إِضَاءَةَ هَذِهِ، ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَجَعَلَ يَذَرُوهُ عَلَى الْحَصَاةِ حَتَّى وَارَاهَا، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ،  لَيَجِيئَنَّ أَقْوَامٌ يَدْفِنُونَ الدِّينَ كَمَا دُفِنَتْ هَذِهِ الْحَصَاةُ، وَلَتَسْلُكُنَّ طَرِيقَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، وَحَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ  ) وجاء في الفتن لنُعيْم بن حماد (حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ صَفْوَانَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: " لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُعَيَّرُ الْمُؤْمِنُ بِإِيمَانِهِ كَمَا يُعَيَّرُ الْيَوْمَ الْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ، حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ: إِنَّكَ مُؤْمِنٌ فَقِيهٌ ) و َلْيَحْذَرِ العَاقِلُ مِنْ مُشَابَهَةِ الذِينَ قَالَ اللهُ عَنْهُمُ في سورة الأحقاف (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ )   و قالَ عَنْ أمْثَالِهِمُ فِي الأنعام ( لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا )  .جاء في صحيح مسلم (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ عَنْ فُضَيْلٍ الْفُقَيْمِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ ) وَفَسَّرَ الكِبْرُ بِأنَّهُ: بَطَرُ الحَقِ، أيْ : رَدُّهُ وَغَمْطُ النَاسِ : وَهُو احْتِقَارُهُمُ وَازْدِرَاؤُهُمُ  فَالحَقُ أحَقُ أنْ يُتَّبَعُ  جاء في صحيح البخاري (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ) وقال اللالكائي في شرح أصوا اعتقاد أهل السنة  الجماعة (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ شَرِيكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ يَعْنِي ابْنَ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ  صلى الله عليه و سلم  فَوَقَعَ حُبُّهُ فِي قَلْبِي، فَلَزِمْتُهُ حَتَّى وَارَيْتُهُ فِي التُّرَابِ بِالشَّامِ، ثُمَّ لَزِمْتُ أَفْقَهَ النَّاسِ بَعْدَهُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذُكِرَ يَوْمًا عِنْدَهُ تَأْخِيرُ الصَّلاةِ عَنْ وَقْتِهَا، فَقَالَ: " صَلُّوهَا فِي بُيُوتِكُمْ، وَاجْعَلُوا صَلاتَكُمْ مَعَهُمْ سُبْحَةً ". قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: فَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وَكَيْفَ لَنَا بِالْجَمَاعَةِ؟. فَقَالَ لِي: " يَا عَمْرُو بْنَ مَيْمُونٍ، إِنَّ جُمْهُورَ الْجَمَاعَةِ هِيَ الَّتِي تُفَارِقُ الْجَمَاعَةَ، إِنَّمَا الْجَمَاعَةُ مَا وَافَقَ طَاعَةَ اللَّهِ، وَإِنْ كُنْتَ وَحْدَكَ )  . فَيَنْبَغِي لِمُرِيدِ الحَقِّ وَالهِدَايَةِ أنْ يُكْثِرَ الدُعَاءِ بما رواه أبو داود في سننه (حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: سُئِلْتُ عَائِشَةَ: بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم  يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: " كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ أَنْتَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ )

 

 


 

جَمْعُ : مُعَاذ الفَاتِح